الأم تحدث نفسها : إلى متى ؟ إلى متى ؟ سنظل نعاني وحدنا بلا سند و لا عونٍ .. كل شيء ضاع و صار سراباً حتى الأحلام ذابت بين طيات واقعنا المر .
و تعود بشرى من المدرسة ، فتطل على أمها بوجهها البريء المتشح بذلك الحزن السرمدي المعتاد .. وقد لطخت خديها بسيل من العبرات حتى أصبحت عيناها أشبه بأرجوحتين تعصف بهما ريح من الألم الشديد ، و تقول : هو لن يعود ؟
فترد الأم و هي موقنة- في قرارة نفسها- بعدم عودته : لا سيعود قريبا يا حبيبتي ..
فترد بشرى و الدموع تنفجر من مقلتيها : و لكنّ زملائي في المدرسة أخبروني بأنّه لا يريدنا .. و لا يحبنا .. لهذا رحل .. لهذا رحل (أبي) ..يا أمي .. ، و فجأة تصرخ بشرى بصوت عالٍ : أمي .. أبي يكرهنا ..
فيخيم الصمت عليهما ، فتحتضن الأم ابنتها الصغيرة و تربت عليها بكل حنانٍ و دعةٍ علّ ذلك ينسيها أوجاعها الكبيرة جدا و هي الطفلة الصغيرة جداً.