النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: رسائل تهديد

  1. #1 رسائل تهديد 
    كاتب مسجل الصورة الرمزية أحمد غانم عبد الجليل
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    الدولة
    الأردن
    العمر
    51
    المشاركات
    31
    معدل تقييم المستوى
    0
    رسـائـل تـهـديـد
    ـ قصة قصيرة ـ

    (( سوف أقتلك, عاجلا أم آجلا, لن تفلت مني, أينما اختبأت و سافرت, سأتعقبك من بلد إلى بلد, لأننا بفضلك و بفضل أمثالك من الجلادين جبنا مطارات الدنيا, و خبرنا كل طرق التسلل عبر الحدود, فنحن لم نحصل على حق اللجوء السياسي مثلك, رغم كل ما فعلته في ماضيك من جرائم في حق ضحاياك و عوائلهم المنكوبة .. صورٌ تتكرر أمامي كل يوم و كل ساعة, و لن يمحوها من ذاكرتي سوى تخضيب يدي بدمك .. لقد صدر بحقك الحكم منذ زمن, و لن ينفذه غيري, بأقرب وقت, فما عليك سوى انتظاري )) ..
    تلك هي الرسالة الثالثة التي تصله خلال فترة قصيرة, بذات الخط , و ذات الأسلوب التهديدي, يذكره بماضٍ يحاول تناسيه منذ استقراره في تلك البلاد البعيدة, يكاد ينعزل عن كل شيء, يأوي أكثر الأحيان إلى شقته الصغيرة مع حلول المساء, بعد تناوله العشاء و عدة كؤوس من النبيذ الأحمر في المطعم الملاصق للعمارة, فلا يغادرها سوى في اليوم التالي, نحو المنتزه القريب, يتمشى في أرجائه ساعة أو أكثر, حيث تحلو له مشاهدة البط في البحيرة, و أيضا عدو الفتيات الجميلات, رشيقات القدود .. علاقاته محدودة إلى أقصى درجة, و كذلك أصحابه الذين يلتقي بهم عادةً في إحدى الكافتريات العامة وسط المدينة, متجنبا التطرق إلى الأمور السياسية, مهما حاولوا سؤاله عن أحوال بلادهم و توقعاته لما يمكن أن يخبئه المستقبل من تغيرات, فهو الأن لا يهتم سوى بحضور معارض الرسم, و الذهاب إلى عروض الأوبرا و الحفلات الموسيقية التي تقدم أروع السمفونيات التي تعرف كيف تتغلغل إلى روحه, فتهبها بعض ما تبحث عنه من صفاء..
    فكر أن يحدثهم عن تلك الرسائل المسمومة, غير أن التردد منعه من الكشف عن توتره أمام أيا منهم, ثم إن خبرته الطويلة عودته ألا يثق بأيٍ كان, و أن يتوقع الغدر من أقرب المقربين إليه, كما أنه لم يلاحظ على تصرفاتهم أو تعابير وجوههم أي تغير مهما كان بسيطا, و لم يشأ إبلاغ السلطات عن تلك التهديدات, لئلا يثير حوله ضجة هو في غنى عنها, ثم إنهم سوف يحدون من حريته حتى داخل شقته, بالإضافة إلى أنه الأدرى بإمكانية اختراق أي حراسة, لن تدوم على أيه حال أكثر من عدة أشهر ..
    لم يعد يجيب على أي مكالمة, أو يفتح الباب لأحد, سوى لبواب العمارة الذي صار يكلفه بشراء الأغراض له, بعد التأكد أن ليس برفقته أحد, كما قطع علاقته بصديقته الحسناء, متوجسا من فكرة مفاجأة القاتل له, بمساعدتها ربما, و هما في الفراش, دون أن يمهله الوقت للوصول إلى مسدسه, الذي بات لا يفارقه أبدا ..
    صار يفزع من أقل صوت يسمعه و أقل حركة يحس بها في الطرقة, فيهرع إلى الباب, ينظر من خلال الخرم الصغير الذي يتخلله, دون أن يرى أحدا في الخارج .. يتشنج, يصرخ بأنه لا يخشى أحدا, يتوعد الشخص المجهول بالقتل إن امتلك الشجاعة لمواجهته, رجلا لرجل, بدلا عن تلك الوسائل الصبيانية التي لا تجدي نفعا سوى مع الجبناء ..
    شرب كثيرا, حتى راح يتقيأ, حاول مغالبة النوم ليالٍ طوال, و عيناه مصوبتان نحو عقب باب الشقة .. في النهاية يضنيه السهر, فيستسلم للنوم و الكوابيس, ثم لا يلبث أن يستيقظ مفزوعا, يتفحص المكان من حوله, يعمل من جديد على حصر تفكيره في خصومه السياسيين منذ بواكيرشبابه, جميع من حاربهم, من ملأت تفاصيل حياتهم تقاريره لرؤسائه, أعضاء الخلايا السرية الذين وقعوا تحت يده و شارك بتصفيتهم, من فشل في اغتيالهم, في الداخل أو في أيٍ من بقاع العالم, فلا يعثر سوى على طرف رسالة جديدة ملقاة تحت عقب الباب, تصف كيف كان يسوم مسجونيه شتى أنواع العذاب بطرقٍ كان يتفنن في ابتكارها بمتعةٍ شيطانية ..
    جلس على كرسيه الوثير, أشعث الشعر, بوجهٍ غير حليق, و ثياب لم يغيرها منذ أيام, يدهمه احساس قوي بأنها الليلة الموعودة, و ما عليه سوى انتظار ذلك المجهول ليتخلص من هول العذاب, فترك باب الشقة مفتوحا .. ارتعشت يده على المسدس لما رآه مقبلا نحوه, بجسدٍ هزيل و ملامح تمتقع غضبا من الحياة, حاول السيطرة على كل خلجة في جسده, محاولا التظاهر بالسخرية منه و من تهديداته, بل أنه وجد نفسه يضحك, مع كل خطوة يدنوها منه, فيما راح إصبعه يضغط على الزناد أكثر .. يضحك عاليا, و الآخر يشاركه قهقهاته التي بدت كزمجرةٍ مخيفة, أمدتهما بقوةٍ غريبة لم يدركا مثلها يوما, و رغبة جامحة بالخلاص ..
    هرع جميع القاطنين في البناية نحو شقته لدى سماعهم صوت الطلق الناري, فوجدوه مكفيا على وجهه أمام المرآة الكبيرة في الصالة, غارقا في دمائه, و إلى جانبه مسدسه .. على مقربةٍ من طاولة تتكوم عليها الرسائل المكتوبة بخط يده ..
    رد مع اقتباس  
     

  2. #2 رد: رسائل تهديد 
    قاص مربدي الصورة الرمزية خليد خريبش
    تاريخ التسجيل
    Oct 2006
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    1,114
    مقالات المدونة
    2
    معدل تقييم المستوى
    20
    نص لم يأخذ حقه من القراءة،أدركت مغزى النص أخي ،المتخيل في النص،*لا راحة لجان*.واقع الحال أن أمتنا عاشت أشياء فظيعة وأعتقد أن المسلسل مازال مستمرا.نسأل الله اللطف في المقادر.
    رد مع اقتباس  
     

  3. #3 رد: رسائل تهديد 
    كاتب مسجل الصورة الرمزية أحمد غانم عبد الجليل
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    الدولة
    الأردن
    العمر
    51
    المشاركات
    31
    معدل تقييم المستوى
    0
    الأخ العزيز خليد خريبش ...
    هناك نصوص كثيرة لا تأخذ حقها في القراءة, لسبب أو لآخر, لا مجال للتطرق إليها هنا, و لا شك إن ذلك ينال من حماس أي كاتب و يؤثر على مشاركته في المنتدى ... و لكن يكفيني أن يستحوذ نصي المتواضع على اهتمام كاتب مميز مثل حضرتك, يتعمق في قراءة النصوص, و ما ينتثر بين السطور بذائقة أديب مرهف الحس ...
    كل جبار متغطرس داخله إنسان يعاني من مرض نفسي رهيب قد يجعله يصدق كل أكاذيبه حتى و هو في مواجهته الموت, و أعتقد أن واقعنا حافل بمثل هذه النماذج ...
    مع كل الود
    رد مع اقتباس  
     

المواضيع المتشابهه

  1. تنديد بالتضييق على حقوقيين بالإمارات
    بواسطة طارق شفيق حقي في المنتدى قبة المربد
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 24/04/2011, 03:45 PM
  2. بالفولاذ !! هل يُخنق الفلسطينيون بأيدي مصرية؟
    بواسطة طارق شفيق حقي في المنتدى مجلة المربد
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 24/12/2009, 08:03 PM
  3. تمديد فترة قبول مشاركات المسابقة
    بواسطة طارق شفيق حقي في المنتدى مسابقة المربد الأدبية الرابعة
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 12/12/2008, 09:39 PM
  4. تهديد الهيمنة والابداع الفكري
    بواسطة د. تيسير الناشف في المنتدى فسيفساء المربد
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 06/05/2007, 12:44 PM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •