صفحة 1 من 4 1 2 3 4 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 12 من 48

الموضوع: وَجْهٌ عَزِيزٌ

  1. #1 وَجْهٌ عَزِيزٌ 
    السندباد الصورة الرمزية أبو شامة المغربي
    تاريخ التسجيل
    Feb 2006
    الدولة
    المملكة المغربية
    المشاركات
    16,955
    معدل تقييم المستوى
    36




    وَجْهٌ عَزِيزٌ
    ... حتى إذا حقق مبتغاه، وأدرك الغاية التي سعى من أجلها حثيثاً، ولقي في سبيلها نصباً شديداً، وكله رغبة أكيدة في معرفتها تامة غير منقوصة، لم يظفر بالسكينة التي انتظر حلول هدوئها في قلبه منذ يوم بعيد، ولم يهنأ براحة البال التي اشتاق إلى إشراقة شمسها في ذهنه من جديد، وكل ما أسفرت عنه رحلته المضنية الطويلة لم يكن سوى شعوراً حاداً بالندم، وإحساساً عميقاً بالألم...
    كم أرقه التفكير في شأنها، وكثيرا ما انتابه الشرود وتملكته الحيرة، وكم سهر الليالي الطوال من أجلها، فلم يذق لصفاء الذهن وطمأنينة الفؤاد طعماً، ولا استطاع إلى شفاء ما ألم به من داء سبيلاً، ثم كم أجال حولها من الأسئلة في ذهنه، فكان يبدو له الدنو من المرام في كل مرة نأياً مضاعفاً وسراباً عزيز المنال، وهو الذي ظل يلح على إزالة النقاب عن الجواب بقدر ما حرص على طرح السؤال...
    وجد نفسه معها ذات يوم وجها لوجه، وبعد أن أمعن النظر فيها، أوجس منها خيفة، وشق عليه أن يحرك لسانه بكلمة واحدة، فجثم ثقل اللقاء المفاجئ على صدره، وغشيت الرهبة ما تبقى لديه من رباطة جأش، ثم ما إن استجمع بالجهد فضل جهده حتى أغمض عينيه، وأشاح عنها بوجهه...

    د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي

    aghanime@hotmail.com

    رد مع اقتباس  
     

  2. #2 نِهَايَةٌ 
    السندباد الصورة الرمزية أبو شامة المغربي
    تاريخ التسجيل
    Feb 2006
    الدولة
    المملكة المغربية
    المشاركات
    16,955
    معدل تقييم المستوى
    36




    نِهَايَةٌ
    ... وأخيرا أحاطوا به من كل جانب في أوج منامه مقطبين، وفي جوف عينيه أشعلوا وجوههم الصغيرة الدامية نارا حامية مندفعين، فحاصروه بزفراتهم الملتهبة اللافحة غير مقصرين، ولم يتركوا له بسياج حريتهم منفذا للهروب حازمين، ثم بشدة آلامهم صاحوا عليه صيحة واحدة واثبين، فصموا سمعه غير مقصرين، وأمسكوه بأيديهم الصغيرة المبتورة النازفة أجمعين، فطرحوه ببراءتهم المقهورة أرضاً غير مشفقين، وصار ممددا تحت أقدامهم الحافية الدامية من الصاغرين، وقد كان معدوداً لديهم مذ خبروه من السافلين، ثم في لمح البصر شلوا حركته بنظراتهم الحادة النافذة متمكنين، وبثقل عزتهم جثموا على صدره وبجبل حزنهم الدفين، فزادوا عليه بعد ذلك ثقلاً على ثقلٍ بجلمود صخر كرامتهم وبشديد كرههم المتين، وبأعينهم المطفأة الساكبة دمعاً والفائضة دماً قيدوه موثقين، ورموه بحجارة جراحهم العنيدة الحارقة موجعين، فرجموه رجماً لا يليق إلا بإبليس اللعين، ثم انهالوا عليه ضربا بعصي صراخهم القوية الصلبة غير آبهين، فحطموا بشموخهم أركانه صارمين، وبتحديهم دقوا عظامه متنافسين، فتناوبوا عليه بسياط أناتهم الخافتة المديدة متهافتين، وبأساهُم المرُّ جلدوه دون عد غير مبطئين، وبغير حساب اخرجوا سهام غصتهم الحادة من كناناتها فرشقوه بها ناقمين، وسحبوا سيوف كربهم المسنونة من أغمادها فطعنوه متسابقين، ثم أرسلوا عليه لهيب نيران غضبهم المشتعل فأحرقوه حانقين، وما تبقى منه أغرقوه في دماء مصابهم المسفوحة الغزيرة مقتصين...
    لم يكن يقيم لهم وزنا في ميزان جبروته، وكان يعدهم صفرا في حسابه وقفرا في طاغوته، وفضلا متطفلاً على مائدته، واسماً مجهولاً غير مثبت في معجمه المعتم بسيئاته، ولا مذكوراً حتى في خزي يومياته، وليس مخطوطاً على أي صفحة مشينة من مذكراته، ورآهم سراباً ونفياً منفياً في مناماته، وعدما ونسيا منسياً في يقظاته...
    ثم إنهم في مخيلته القطران وفي ناظريه الفحم الأسود، وهو الشمس الساطعة لوحده والفرقد، وغيره فراغ ممل وظلام موحش وهباء أجردُ، وهم في ظنه أهل الشقاء وعلى أديم الأرض زوائدُ، ولا أحق بالوجود سواه وهو الحي الوحيد الأسعدُ، فتوهم أنه المصطفى بين بني جنسه وأن خلقه أوحد، ثم سعى في الأرض فسادا وظن واهماً أنه كريم غير شحيح بالإصلاح جوادٌ أفيدُ، بل هو من صناع الإحسان عمادٌ مفردُ، وأن لا رأي يعلو على رأيه وجنس حكمته علَمٌ أوحدُ، فادعى الاستقامة بما أباح لنفسه من آثام حسبها ظلما بخير الزاد له تشهدُ، وزعم ساخرا متكبراً أن فعله أرشدُ، فسولت له نفسه أن يرى الأحياء من حوله عبيداً ووحده نعم السيدُ، وأنه فريد العصر ويتيم الدهر في النعيم لا ريب مخلدُ، وأن الشقاء يقيناً على من سواه سرمدُ، وهم أجدر بالذل المقيم والهوان الجاثم والعذاب الدائم وأنكدُ، والفناء بهم لا به أليق واللعنة عليهم أوكدُ...

    د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي

    aghanime@hotmail.com
    التعديل الأخير تم بواسطة أبو شامة المغربي ; 12/02/2009 الساعة 11:26 PM

    رد مع اقتباس  
     

  3. #3 رد: نِهَايَةٌ 
    قاص مربدي الصورة الرمزية خليد خريبش
    تاريخ التسجيل
    Oct 2006
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    1,114
    مقالات المدونة
    2
    معدل تقييم المستوى
    20
    أخي أبو شامة،في هذا النص تجاوز الانزياح ماعهدته في أسلوبك.دمت أخا كريما.
    رد مع اقتباس  
     

  4. #4 رد: وَجْهٌ عَزِيزٌ 
    قاص مربدي الصورة الرمزية خليد خريبش
    تاريخ التسجيل
    Oct 2006
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    1,114
    مقالات المدونة
    2
    معدل تقييم المستوى
    20
    أخي هذا النص أدبيته دافقة..دمت أخا كريما.
    رد مع اقتباس  
     

  5. #5 رد: نِهَايَةٌ 
    السندباد الصورة الرمزية أبو شامة المغربي
    تاريخ التسجيل
    Feb 2006
    الدولة
    المملكة المغربية
    المشاركات
    16,955
    معدل تقييم المستوى
    36

    رد مع اقتباس  
     

  6. #6 رد: وَجْهٌ عَزِيزٌ 
    السندباد الصورة الرمزية أبو شامة المغربي
    تاريخ التسجيل
    Feb 2006
    الدولة
    المملكة المغربية
    المشاركات
    16,955
    معدل تقييم المستوى
    36

    رد مع اقتباس  
     

  7. #7 نَكِرَةٌ 
    السندباد الصورة الرمزية أبو شامة المغربي
    تاريخ التسجيل
    Feb 2006
    الدولة
    المملكة المغربية
    المشاركات
    16,955
    معدل تقييم المستوى
    36



    نَكِرَةٌ
    ... ثم ظلَّ بينهم يتداولونه بالصفع ويتناوبون عليه باللكم حتى أردوه قتيلاً، فنظر كل منهم إلى صاحبه شارداً، وكأنهم أفاقوا من سبات عميق، ثم سرعان ما غرسوا أعينهم جاحظة في جثة من جادوا عليه غير مقصرين بأسباب قتل انتقوها له بعناية شديدة ...
    أقبل بعضهم على بعض يتلاومون في شأن ما اقترفته أيديهم الغليظة، وضاقت صدورهم العريضة بما لم يحسبوا له حساباً على الإطلاق، فأشعل كل منهم سيجارة، وشبت في ما بينهم نار غضبهم، ودقوا في أجسادهم سواد عنفهم، فلعن بعضهم بعضاً، وأطبق على أنفاسهم ثقل هذه الجريمة وما سلف من أمثالها، ثم إنهم تدافعوا وتلاطموا، وتجاذبوا وتشاتموا، وفي غمرة سُعارهم داسوا بأقدامهم جثة القتيل وسط تلك الغرفة الضيقة المعتمة إلا من مصباح صغير يتيم خافت الضوء، والذي لا يكاد يبين عن وجوههم الكريهة ...
    ظفر كل منهم من أصحابه بنصيب وافر من الضرب وبحظ غير قليل من السبِّ، وبعدما ارتوت قبضات أيديهم من دماء وجوههم، ومكنوها من إطفاء ظمئها، وشبعت أحذية أرجلهم الحادة السوداء من تكسير ضلوعهم، ولم يحرموها من إخماد جوعها، لم يعد يسمع منهم إلا شهيق متقطع وزفير منقبض، وعبثاً حاولوا تمالك أنفسهم المنهارة، وإقامة أجسادهم المحطمة، إلا أنهم نظروا في الآن ذاته إلى القتيل، ولسان أعينهم يقول: ما عساه يكون سوى نكرة ...

    د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي

    aghanime@hotmail.com
    التعديل الأخير تم بواسطة أبو شامة المغربي ; 05/03/2009 الساعة 03:14 PM

    رد مع اقتباس  
     

  8. #8 جَشَعٌ 
    السندباد الصورة الرمزية أبو شامة المغربي
    تاريخ التسجيل
    Feb 2006
    الدولة
    المملكة المغربية
    المشاركات
    16,955
    معدل تقييم المستوى
    36



    جَشَعٌ
    ... ثم أراد بغير حقٍّ أن يخلو له ويصفو وجه التي لم يرثها وحده عن أبيه دون أشقائه وشقيقاته، فحشد ما تراكم لديه من مكر وخداع ليظفر منفرداً بالتي حسب أن عينيه ستقران بها، وبتلك التي ظن واهماً أن باله سيخلد إلى الراحة بعد الاستحواذ عليها، وكذلك راهن عبثاً على أن قلبه سيخفق بالطمأنينة فور وضع يده عليها ...
    لم يدخر جهداً من أجل أن تصير خالصة له، وأجهد نفسه كثيراً ليُري بني وبنات أبيه وأمه ما يرى في شأنها، وليقروا له بأنه الأحق بها دونهم، فجادلهم وأكثر جدالهم بمنطق يزعم بينه وبين نفسه سحره ونفاذه، وألح عليهم بنصْبه واحتياله شديدَ الإلحاح طمعاً منه في أن يجيبوا دعوته، ويشاطروه رأيه في الطي السريع للذي بينهم وبينه من أمر حول التي وعد نفسها بها ...
    عز عليهم أن تتعالى أصواتهم مستنكرة أذيته لهم في كل مرة يلقاهم فرادى أو يصادفهم مجتمعين، وضاقوا ذرعاً بكل ما يلفظ من كلمات جوفاء تفشي كذبه ونفاقه، وانقبضت قلوبهم ممَّا يواريه من خبث، واشمأزت نفوسهم ممَّا يخفيه من وجه قبيح، ثم ما إن أصابهم منه نصبٌ شديد، وما إن صم أذنيه عن سماع نصحهم، وطمس بصيرته بسوء سيرته بينهم رغبة عن تذكيرهم له بخشية الله، وباتقائه في نفسه وفيهم، حتى صاروا مكتفين بإلقاء نظرة شفقة عليه كلما عرض لهم من قريبٍ أو لاَح لهم من بعيدٍ ...

    د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي

    aghanime@hotmail.com

    رد مع اقتباس  
     

  9. #9 ذَاتُ مَقَامٍ 
    السندباد الصورة الرمزية أبو شامة المغربي
    تاريخ التسجيل
    Feb 2006
    الدولة
    المملكة المغربية
    المشاركات
    16,955
    معدل تقييم المستوى
    36



    ذَاتُ مَقَامٍ
    ... فما كان الناس الذين وجدهم فيها مقيمين بأولئك الذين عرفهم، ولا الديار التي عاينها بعد غياب طويل بتلك التي عهدها من قبل، ثم إنه تابع السير شارداً، وقد اتقدت في قلبه شجون لاهبة، وفاضت من عينيه على خديه عبرات دافئة، سرعان ما جمدها برد ذلك الصباح اللاَّسع ...
    زادت في ذلك المكان غربته، وتضاعفت فيه وحشته، وما إن سار في طرقاته، واستكشف أرجاءه، وتفحص وجوه القاطنين فيه، حتى ارتد إلى نفسه كسير الخاطر منقبض الصدر، فشلت المشاهد التي التقطتها عيناه الدامعتان تفكيره، وصمت الأصوات المنكرة الجامحة سمعه، فبدا له وكأنه في أرض لم يعرفها في ما مضى من الأيام، وهو الذي يحل بها اليوم كهلاً، بعد أن قضى فيها بالأمس صباه وفتوته، وأنفق فيها زهرة عمره ...
    خيل إليه كل ما يتحرك حوله وكأنه يتربص به، وأن ثمة ما هوعلى وشك الانقضاض عليه والبطش به، ورأى نفسه فريسة بين فكي وحش كاسر، وطريدة في ساحة جرداء تتخطفها الطيور الجوارح ...
    لم يصدق ناظريه عندما رآها منتصبة شامخة على الجانب الأيمن من أحد المسالك، فخفق فؤاده لحسنها الآسر، وأقبل عليها مشتاقاً يحث خطواته كما كان حاله معها في أيام نائية، وهي ترفل حيثُ ألفَ رؤيتها في حلتها الخضراء، إذ لم يأنس قلبُه إزاءها في ما خلا من الزمن إلا بذات النبض، وبصره لم يكن ليرتوي إلا من قوامها الرشيق، وأغصانها المورقة، وظلالها الوارفة، مثلما ظل يروي ظمأ سمعه من همس حفيفها، ويجني الحكمة من وقارها ...
    طاف حولها مبتسماً منشرحاً مرة ومرتين وثلاث، ثم وقف يملأ صدره بعبقها وبالنسيم المنساب بين أوراقها، فأطلق العنان للطفل الذي يسكن أعماقه، وانبجست ذكرياته معها نبع ماء رقراق، ثم انبعث جمال اللقاء بها شلالاً دافقاً، وما كان منه إلاَّ أن ارتمى في حضنها وأجهش بالبكاء ...

    د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي

    aghanime@hotmail.com

    رد مع اقتباس  
     

  10. #10 قِرَاءَةٌ 
    السندباد الصورة الرمزية أبو شامة المغربي
    تاريخ التسجيل
    Feb 2006
    الدولة
    المملكة المغربية
    المشاركات
    16,955
    معدل تقييم المستوى
    36



    قِرَاءَةٌ
    ... حتى دخل عليه في يوم شاتٍ، فوجده جالساً يقرأ في كتاب، ثم أعاد النظر إليه ثانية، فأبصر يديه ترتعشان، وداهمته عينا صاحبه وقد أثقلهما دمع جاثم، وقذفت جِلستهُ الرهبة في قلبه، فلما هم بالسلام عليه والتحدث إليه في الذي جاء من أجله، لاح له عنوان الكتاب الذي كان يضطرب بين يديه، فما إن قرأ حروفه حتى انعقد لسانه في فمه، وجمدت قدماه حيث وقف ينظر ...
    على مقربة منه جلس صامتاً لا يحرك ساكناً، وأخذ يترقب الذي سيكون من شأن صاحبه عندما يفرغ من القراءة، لكن انتظاره طال وصبره نفد، وما إن فتح عينيه بعد أن أغمضهما هنيهة لإراحتهما من تعب الانتباه، حتى رأى صاحبه قد وضع الكتاب جانباً، وأمسك برأسه مطرقاً، وهو يميل به ذات اليمين وذات الشمال ...

    د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي

    aghanime@hotmail.com
    التعديل الأخير تم بواسطة أبو شامة المغربي ; 05/03/2009 الساعة 02:11 PM

    رد مع اقتباس  
     

  11. #11 وَعْدٌ 
    السندباد الصورة الرمزية أبو شامة المغربي
    تاريخ التسجيل
    Feb 2006
    الدولة
    المملكة المغربية
    المشاركات
    16,955
    معدل تقييم المستوى
    36





    وَعْدٌ
    ... ثم قطع لهم على نفسه وعداً غير مكذوب، ولم يزد فوق قوله: ليكن لقائي بكم غداً إن شاء الله تعالى في هذا المكان، وعند حلول مثل هذا الوقت ...
    كان يعلم جيداً أن ما وعدهم به ليس بالأمر السهل، ولم يكن يجهل حقيقة الذي سيثيره في نفوسهم من ألم وندم، ولم تكن خلاصة ما سيخلفه من نزيف في أفئدتهم لتخفى عليه، إلا أنهم على الرغم مما بصر به وعمي عليهم، استصغروا شأنه، وتحدوه أجمعين بما بدا له من جهلهم وظهر من عنادهم أن يأتيهم بالذي يزعم إن كان من الصادقين ...
    أعمل النظر في ما هو مقبل عليه، وقلب سريعاً كل فكرة خطرت له لبلوغ ضالته وإدراك غايته، فلم يعر للمشقة التي سيتجشمها في سبيل الوفاء بوعده لهم أي اهتمام، ولم يدع للشك في فلاحه منفذا يتسرب منه إلى نفسه ...
    جاء إليهم بما وعدهم في الغد، فما إن وقعت عليه أعينهم، حتى أطرقوا برءوسهم منكسرين نادمين، وألجمت رؤيتهم له ألسنتهم، فشرد ذهن كل منهم في ما تعمد من إساءة، ثم ساد المجلسَ صمتٌ لم ينعم بمثله من قبل ...

    د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي

    aghanime@hotmail.com

    رد مع اقتباس  
     

  12. #12 عَبَثٌ 
    السندباد الصورة الرمزية أبو شامة المغربي
    تاريخ التسجيل
    Feb 2006
    الدولة
    المملكة المغربية
    المشاركات
    16,955
    معدل تقييم المستوى
    36




    عَبَثٌ
    ... فلما حلَّ اليوم الموالي، جاءهم يسعى بطارئ جديد، وحذرهم كعادته من مغبة التقليل من شأن الذي أتاهم به هذه المرة على جناح السرعة، أو صرف عقولهم وقلوبهم عن النظر السديد في ما يعنيه ويدل عليه، ثم أشعرهم بأن الأمر بالغ الخطورة، بقدر ما أن الخطب القادم جلل، وختم الكلام الذي ديل به بلاغه المبين مذكراً إياهم بالسوء الذي آل إليه حالهم في ظرف شبيه مضى، وبالوبال الذي ذاقوا طعمه في موقف مماثل قد سلف، عندما صموا آذانهم، وعموا بصرهم وبصيرتهم، ثم نبههم إلى أنه بريء مما يلاقون به تحذيره عابثين ...
    رشقوه بنظراتهم عابسين، ولم يكلفوا أنفسهم تحري حقيقة ما خلص به إليهم، ولا تقصوا الصواب في ما نثره أمامهم، فاكتفوا بثلاث كلمات ردَّ بها عليه أحدهم قائلاً: هون عليك يا صاح، ثم عادوا وزجوا بأنفسهم في عقم ما كانوا يتجاذبونه ويتنافسون فيه من حديث ...

    د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي

    aghanime@hotmail.com

    رد مع اقتباس  
     

ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •