وَعْدٌ
... ثم قطع لهم على نفسه وعداً غير مكذوب، ولم يزد فوق قوله: ليكن لقائي بكم غداً إن شاء الله تعالى في هذا المكان، وعند حلول مثل هذا الوقت ...
كان يعلم جيداً أن ما وعدهم به ليس بالأمر السهل، ولم يكن يجهل حقيقة الذي سيثيره في نفوسهم من ألم وندم، ولم تكن خلاصة ما سيخلفه من نزيف في أفئدتهم لتخفى عليه، إلا أنهم على الرغم مما بصر به وعمي عليهم، استصغروا شأنه، وتحدوه أجمعين بما بدا له من جهلهم وظهر من عنادهم أن يأتيهم بالذي يزعم إن كان من الصادقين ...
أعمل النظر في ما هو مقبل عليه، وقلب سريعاً كل فكرة خطرت له لبلوغ ضالته وإدراك غايته، فلم يعر للمشقة التي سيتجشمها في سبيل الوفاء بوعده لهم أي اهتمام، ولم يدع للشك في فلاحه منفذا يتسرب منه إلى نفسه ...
جاء إليهم بما وعدهم في الغد، فما إن وقعت عليه أعينهم، حتى أطرقوا برءوسهم منكسرين نادمين، وألجمت رؤيتهم له ألسنتهم، فشرد ذهن كل منهم في ما تعمد من إساءة، ثم ساد المجلسَ صمتٌ لم ينعم بمثله من قبل ...

د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي

aghanime@hotmail.com