وَجْهٌ عَزِيزٌ
... حتى إذا حقق مبتغاه، وأدرك الغاية التي سعى من أجلها حثيثاً، ولقي في سبيلها نصباً شديداً، وكله رغبة أكيدة في معرفتها تامة غير منقوصة، لم يظفر بالسكينة التي انتظر حلول هدوئها في قلبه منذ يوم بعيد، ولم يهنأ براحة البال التي اشتاق إلى إشراقة شمسها في ذهنه من جديد، وكل ما أسفرت عنه رحلته المضنية الطويلة لم يكن سوى شعوراً حاداً بالندم، وإحساساً عميقاً بالألم...
كم أرقه التفكير في شأنها، وكثيرا ما انتابه الشرود وتملكته الحيرة، وكم سهر الليالي الطوال من أجلها، فلم يذق لصفاء الذهن وطمأنينة الفؤاد طعماً، ولا استطاع إلى شفاء ما ألم به من داء سبيلاً، ثم كم أجال حولها من الأسئلة في ذهنه، فكان يبدو له الدنو من المرام في كل مرة نأياً مضاعفاً وسراباً عزيز المنال، وهو الذي ظل يلح على إزالة النقاب عن الجواب بقدر ما حرص على طرح السؤال...
وجد نفسه معها ذات يوم وجها لوجه، وبعد أن أمعن النظر فيها، أوجس منها خيفة، وشق عليه أن يحرك لسانه بكلمة واحدة، فجثم ثقل اللقاء المفاجئ على صدره، وغشيت الرهبة ما تبقى لديه من رباطة جأش، ثم ما إن استجمع بالجهد فضل جهده حتى أغمض عينيه، وأشاح عنها بوجهه...
د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
aghanime@hotmail.com