سوق المِرْبَد: وهي من الأسواق التي برزت بعد الإسلام وقد احتفظت هذه بكثير من خصائص أسواق الجاهلية وزادت عليها بخصائص أسبغتها الحضارة الجديدة، وغدت السوق مرآة تصور حياة العرب في الجاهلية والإسلام.
تقع سوق المِرْبد على الجهة الغربية من البصرة وأقرب إلى البادية، وكانت في الأصل سوقاً للإبل، وفي عهد الأمويين صارت سوقاً عامة تتخذ فيها المجالس ويخرج إليها الناس كل يوم، حتى غدت معرضاً لكل قبيلة تعرض فيها شعرها ومفاخرها وتجارتها وعُروضها.
وكان العرب الأوائل قد أنشؤوا السوق على غرار سوق عكاظ ليقضي فيها النازحون من البادية شؤونهم قبل أن يدخلوا الحضر أو يخرجوا منه، ثم أصبحت السوق مركزاً سياسياً وأدبياً منذ عام 64هـ، وبدأت أهميتها تزداد بعد موقعة الجمل التي جرت أكثر وقائعها في السوق. وقد ازدهرت هذه السوق بالشعراء والأدباء والعلماء ووجوه القبائل في العهد الأموي، وكان شعراء النقائض كثيراً ما ينشدون أشعارهم فيها، وكان لكل شاعر رواة ينقلون إليه ما قاله خصمه ويذيعون رد شاعرهم عليه وقد تفرد المِربد بمن كان يقصده من فصحاء الأعراب الذين رفدوا النحاة باللغة الصحيحة.
وكما كانت عكاظ يؤمها كل من أراد أن يفتخر أو يعلن أمراً تفرد به أو يشيع مأثرة أو خبراً في الناس كانت سوق المربد منبراً لذلك، وكانت مسرحاً لدعوات سياسية ودينية واستغاثات، ومسرحاً برزت فيه الأهواء المتباينة والنزعات المتضاربة بما كان يجري فيها من حوار علمي وفلسفي ونقاش فني ساعد على تقدم العرب الحضاري.