ماذا تعرف عن المربد ؟
المربد مأخوذ من المادة اللغوية ( ر . ب . د ) وهي تدل على أصلين في اللغة : الأول : لون من الألوان . والثاني : معنى الإقامة ، ومن هذا الأصل جاء معنى سوق المربد ؛ فأربد في المكان : أقام فيه . والرَّبْد : الحبس . والمِربد : الموضع الذي تحبس فيه الإبل . قال الأصمعي : المِرْبد كل شيء حبست به الإبل والغنم ؛ ولهذا قيل
مِرْبد النعم الذي بالمدينة ، وبه سمي مِرْبَد البصرة الذي كان موضع سوق الإبل ، وكذلك كل ما كان من غير هذه المواضع أيضا إذا حُبست به الإبل يسمى مِرْبَد.
ومِرْبَد البصرة : من أشهر محالّها وكان سوق الإبل به قديما ثم صار محلة عظيمة سكنها الناس ، وبه كانت مفاخرات الشعراء و مجالس الخطباء .
وقد ابتني مع البصرة في سنة 16 هـ ، وسرعان ما تحولت هذه المحلة في العصر الأموي إلى سوق أدبية كبيرة يتناشد فيها الشعراء أشعارهم ، ولكل شاعر حلقته . ويمكننا تصور تلك النهضة إذا عرفنا القبائل العربية التي توزعت البصرة بينها وهي : تميم و عبدالقيس وبكر والأزد . إلى جانب من يفد على البصرة من الأعراب وسكان المناطق الأخرى .
بقي هذا السوق مزدهرا فترة من الزمن ولكن الأمر لم يبق على حاله ؛ إذ نجد ياقوت الحموي ( ت 626 هـ ) يذكر أن ذلك السوق الذي كان يبعد عن البصرة ثلاثة أميال وكان ما بينه وبين البصرة عامرا ؛ قد أصبح في عصره ـ وقد يكون قبل ذلك ـ خرابا ، فصار المربد كالبلدة المفردة في وسط البرية .
تعرض هذا السوق لحرائق عدة ، ويذكر أن أبا القاسم نصر بن أحمد الحميري دخل على أبي الحسين بن المثنى في آخر حريق كان في سوق المربد فقال له أبو الحسين ابن المثنى : يا أبا القاسم ما قلت في حريق المربد ؟ قال : ما قلت شيئا ، فقال له : وهل يحسن بك وأنت شاعر البصرة والمربد من أجل شوارعها وسوقه من أجل أسواقها ولا تقل فيه شيئا ؟ فقال : ما قلت ولكني أقول ، وارتجل هذه الأبيات :
اتتكم شهود الهوى تشهــــــد فما تستطيعون أن تجحدوا
فيا مربديون ناشدتكـــــــــــم على أنني منكم مجهـــــــــد
جرى نفسي صعدا نحوكـــم فمن أجله احترق المربـــــد
وهاجت رياح حنيني لكـــــم وظلت به ناركم توقـــــــــد
ولولا دموعي جرت لم يكن حريقكم أبدا يخمـــــــــــــــد
ولعل أبرز مفرز شعري لهذا السوق هو شعر النقائض الذي كان أشبه بمناظرات شعرية حولت سوق المربد مسرحا لها ؛ فالشعراء يذهبون هناك ويذهب إليهم الناس ويتحلقون من حولهم ؛ ليروا من تكون له الغلبة على زميله أو زملائه . وأهم من وقفوا حياتهم على تنمية تلك النقائض القبلية مستلهمين فيها ظروف العصر الأموي وأحداثه السياسية جرير والفرزدق التميميان . وقد ظلا يتناظران نحو 45 عاما في عشيرتيهما من جهة وفي قيس وتميم من جهة ثانية . وكان هناك قطب ثالث هو الأخطل الذي استعرت نار الهجاء بينه وبين جرير واستمرت نحو 19 عاما . وبين هؤلاء شعراء كثر من أبرزهم الراعي النميري .
هذه أبرز الخطوط عن هذا السوق التاريخي الشهير الذي خرج أكبر شعراء العربية وكذلك علماءها ، وجاء هذا المنتدى يحمل اسمه مذكرا لنا بعبق الماضي ، ومشجعا لنا لإحياء ما اندثر .
أعزائي أرجو إضافة ما لديكم حول هذا السوق .