صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 1 2
النتائج 13 إلى 14 من 14

الموضوع: "مصطفى النجار".. رؤيتي للشعر ليست محدودة

  1. #13 رد: "مصطفى النجار".. رؤيتي للشعر ليست محدودة 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    قراءة في ديوان «من سرق القمر؟» لمصطفى النجّار(*)

    بقلم: د. حسين علي محمد
    ...........................

    (1)
    مصطفى النجار الشاعر السوري الشاب ، واحد من الجيل الذي أفرخته النكسة المريرة التي واجهتها أمتنا ذات المئة مليون أمام مليوني إسرائيلي عام 1967م.
    صحيحٌ أنه نشر ديواناً من الشعر المنثور عام 1962 بعنوان "شحارير بيضاء" كان يُغرِّد فيه كالطيور، ولكنه في الفترة السابقة على النكسة كان يبحث عن طريقه وعن ذاته. وهوى سكين الهزيمة والنكسة على الأعناق الغضَّة فأسال دماءً كثيرة، البعض هوى قتيلاً، والبعض أخذ يُضمِّدُ جراحه النازفة، ويستعدُّ للمقاومة.
    وكان شاعرنا مصطفى النجار واحداً من الذين ضمدوا جراحهم وقاوموا، وكانت "أسئلة سفر ما" التي كتبها عام 1967م واحدةً من قصائد المقاومة والإصرار على الصمود:
    أقف الغروب مُشيِّعاً
    زمناً تضرَّجَ بالسَّوادْ
    وبداخلي صرخ الحدادْ
    فلِمَ الظَّما ؟
    حرقتْْ حرارتُهُ اللهاةْ ؟
    ولِمَ الحُواةْ ؟
    هل تكونُ النكسةُ نهاية المطاف؟ وهل يفقد شعبنا العريق حضارته ذات الآلاف السبعة من الأعوام وتراثه الحضاري العظيم بهُداته ومصلحيه وقادته؟ وإلى أين ينتهي المطاف؟
    أتموتُ في الشَّجنِ الحياةْ ؟
    وتضيعُ أسئلةُ الهُداةْ ؟
    كانت الهزيمة مروِّعة، ولكنها لم تقتُل فينا الأمل، فـ ..
    الخُبزُ في زماننا القتالْ
    الحبُّ في زماننا مُحالْ
    (2)
    لم تذبل الزهور أبداً في أرضنا الطيبة المعطاء، وظل الشاعر واحداً من هذه الكتيبة المجاهدة التي ترفض اليأس لأنها مؤمنة بربها ، وتثق في قُدرة وطنها على النهوض ، وقدرتها الذاتية على الحركة ومُجابهة أسراب اليأس ووساوس النفس..لأن الغاية شريفة:
    لأنني أُريدُها الأشياءْ
    نقيَّةً بيضاءْ
    بسيطةً كالحب
    كزُرقةِ السَّماءْ !
    لأنني أُريدْ أنْ أسيرْ
    أُريدُ أنْ أكونْ
    وتستمرُّ الرحلةُ المباركة حتى يُعيدَ الإنسان العربي المسلم في تشرين(أكتوبر) وجهه المشرق، وينزع القناع، وتتحقَّق نبوءةُ الشاعر التي أطلقها عام 1972م في قصيدة "الزرافة والإنسان الآتي"، في قوله:
    فلسْتُ لسْتُ طًحلُباً جبانْ
    ولاعِناً مسيرةَ الإنسانْ
    فغايتي:
    المجْدُ للإنسانْ
    والموْتُ للغيلانْ
    وهاأنا مُزوَّدٌ بالوعْدِ والإشارهْ
    وهاأنا في رحلةِ الحضارهْ !
    ويكون نصر تشرين ، ويكون "الخروج من كهف الرماد" حيث أوقعتنا الهزيمة السوداء ! وتعود الأشياء إلى ناموسها وكل في فلكه يدور ، فهل ذهب خوف الشاعر الذي سطَّرهُ في مرحلة الهزيمة ؟
    أخافُ أنْ تضيع
    وتلعنُ الخطوطُ منْ كَتَبْ
    وتلعنُ الدروبُ منْ خطاها
    ويُنكرُ الجنينُ والديْهْ
    ويُنكرُ الآتي الذي ذَهَبْ
    ومن أجل ألاَّ يحدث هذا حارب الجندي العربي، وانتصر، ورأينا شاعرنا يحب وطنه حباً خالصاً، ويظل عاشقاً لوطنه الحبيب مُغنيا.
    (3)
    ثمة سؤال يدور في ذهني :
    إلى أين يسير الشاعر بعد تشرين؟ وما هي الرؤيا التي يطرحها هذا الديوان ؟
    إن الشاعر في قصائده التي كتبها بعد تشرين ما يزال أسير دمعه وحزنه وخوفه "يُكفكفُ دمع الغزال " ـ وهذا تعبيره ـ ولكن على أي شيء يخاف؟ ومِمَّ؟
    إنه يخاف على الإنسان، فشاعرنا إنسان بسيط، ويكتب الشعر حتى يحقق إنسانية الإنسان، وياله من هدف عالٍ للشعر حاول طوال مسيرته الإنسانية الحضارية أن يُحققه!
    إن جفَّ تيَّارُ المُحيط
    وتاه رُوَّادُ القمرْ
    وعُطِّلتْ عن المسيرْ
    كُلُّ قطارات السَّفرْ
    أهْوَنُ عندي بكثيرْ
    منْ جرحِ إنسانِ بسيطْ
    ويخافُ شاعرنا من الحضارة الأخطبوطية ، التي تلاشى فيها الإنسان وأصبحَ كمًّـا مهملا، وهو الذي صنعها، يخاف من قوى الشر في العالم التي يرمُزُ لها بـ "ميدوزا" ، ( و"ميدوزا" في الأسطورةِ مخلوقةٌ كريهةُ المنظر،من ينظر في وجهها يتحوَّلُ إلى حجر بفعل السحر). يخاطب الشاعر قوى الشر أو هذه الحضارة المجرمة في شخص "ميدوزا":
    تلعنين السَّنا
    تشربين الندى من عيونِ النَّهارْ
    تأكلين الثمارْ
    وكلَّ الجنى
    وخُبز الفقير ،حليبَ الصغارْ
    تذبحينَ الأغاني كذبْحِ الحمامْ !
    إن هذه الحضارة الأنيقة ـ كما يُسميها الشاعر ـ هي التي سرقت القمر من زماننا وجعلتنا لا نشعر به.
    وتنتهي صفحات الديوان على مصرع الباحث عن الحب والصفاء والطهر في زماننا.
    (4)
    بقي شيء نقوله في فنية هذا الديوان، وهي لجوء الشاعر إلى الصور البكر التي لم يفترسها شاعر من قبل، يقول:
    حاملاً من جراحي سلاحاً جديدا
    لمْ نر من قبل شاعراً يحملُ جراحه سلاحاً، يجاهد ويقاوم به الأعداء.
    ويقول:
    وها أنا في رحلة الحضارهْ
    مخزَّنٌ بالحبِّ والمرارهْ !
    كان يمكنه أن يقول " محمَّلٌ بالحب والمرارة"، ولكن كلمة "محمل" تفيد الحمل الطارئ، بينما كلمة " مُخزَّن" تعني أن المرارة قديمة في النفس، وكذلك الحب.
    وبالإضافة إلى التعبيرات البكر نرى بساطة الصور ، وتلقائيتها حتى إننا لنُحس أننا أمام كلام منثور، وليس شعراً؛ يقول في قصيدة "من سرق القمر":
    تصارخوا: أتسألُ الجموعُ منْ رأى القمرْ ؟
    لأنتَ أرنبٌ يدورْ
    لأنتَ ثعلبٌ خطيرْ
    أنت سارقُ القمرْ
    وفي قصيدة "الفراشة والسور":
    وكيف أقولُ كلاماً يُقالُ حزينْ ؟
    أهرولُ مثلَ صغارِ الأوزِّ النحيلْ
    وأزرعُ بالوردِ قبر الأحبة
    شيءُ واحدٌ آخذه على مصطفى النجار هو "التكرار"؛ الذي يلجأ إليه في بعض قصائده، ولعل هذه الخاصية قد تسربت إلى شعره من عمله مدرساً بالمرحلة الأولى؛ عليه أن يكرر الكلمة أحياناً أكثر من مرة حتى يفهم تلاميذُه الصغار.
    وبعد ؛
    فمصطفى النجار شاعر من أفضل شعراء جيلنا، وضع قدمه على الدرب ، وأمسك بجمرة الشعر، وكتب لنا شعرً جميلاً مؤثراً معبراً عن أزمة الإنسان المعاصر، وما أندر الشعراء في زماننا البخيل!
    .......................
    (*) نشر في صحيفة "الوطن" العُمانية ، في29/9/1980. وفي مجلة "الثقافة" ، العدد(106)، يوليو 1982م.
    رد مع اقتباس  
     

  2. #14 رد: "مصطفى النجار".. رؤيتي للشعر ليست محدودة 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    الحداثة الشعرية

    بقلم: مصطفي النجار
    .....................

    يمكن لكل ذي بصيرة ان يميز بين حداثات الشعر العربي المعاصر - وللحداثة مستويات وهي ليست حداثة واحدة كما يشاع - وسوف لا تخفى عليه سمات هذه الحداثات من خلال تتبعه لما نشر وينشر من الشعر، هنا وهناك ومنذ اربعين عاما ونيف وما يطلق عليه اسماء كثيرة منها: الشعر الحر، شعر التفعيلة، الشعر الحديث، الشعر الجديد، الشعر الطلق، الشعر المنثور او قصيدة النثر او نص او كتابة مضادة، او ابداع الخ، الا انه سوف يقف امام حداثة لا ترتبط بزمن ولا بمكان وادامت القصيدة من خلالها دائمة التأثير ونضرة التعبير، لا تشيخ مع الزمن مهما اوغلت في الزمن، وهذه الحداثة تعتبر القصيدة العمودية العربية - مثلا - ضمن دائرتها وقابلة لاحتضانها معنية بتطلعاتها اذا ما توافر لها شاعر كبير مبدع مقتدر، كما تعتبر قصائد تنتمي الى آداب مختلفة ومن عصور غابرة برزت فيها خصائص انسانية وفنية عالية المستوى هي حديثة بالمعنى الفني اذا كانت لصيقة بالوجدان الانساني عبر اداء يتصف بالعمق والبساطة اضافة الى نضارة التعبير وقوة التأثير اذا ماقورنت بحداثات حديثة العهد، ينتمي كتابها الى العصر الذي نعيش، ولكنها مختلفة ولا اثر لها لركاكتها، ولافتعال الشكل والمضمون - اذا وجد هذا المضمون - في معظمها رغم انها تلبس لبوس الحداثة الفاقع اللون.
    الا يوجد في الشعر العربي نماذج حية لمثل هذه الحداثة القديمة، الجديدة على مستوى ابيات او قصائد أو اضاءات شعرية او مطولات؟
    اما في الشعر المعاصر فنقع على نوعين هما:
    الاول: حديث يتصف بافادته من الكنز الايقاعي الذي استنبطه وقعده الخليل بن احمد الفراهيدي وبتجديده الواعي المرتبط بالجذور والمعبر عن شعور الفرد والجماعة والبيئة والوطن، وبسعيه الحثيث على تأكيد الهوية العربية والاسلامية الحضارية والالتفات الى قضايا المادة والروح معا، وبأشكال تتجاوز وتفيد من معطيات العصر وينطبق على هذا النمط ذي الجذور الاصيلة مقولة الشاعرة نازك الملائكة بانه الابن الشرعي للشعر العربي القديم، والامثلة كثيرة في نتاج عدد من الشعراء المعاصرين ومن جميع الاجيال ولن يتحرج القارىء المبصر، القارىء الذواقة، في تقديم امثلة تتسم بالمغامرة الواعية، والتجديد الاصيل بارتياد مواقع بكر ونفض الغبار عن اسماء ومواقع ووقائع من التراث العربي والاسلامي اضافة الى التغلغل في العصر الراهن والتعبير عن هذا وذاك باسلوب فيه الجدة والاضافة والابداع والرؤية الخلاقة وبأسلوب يعنى اول ما يعنى بالهوية الحضارية والبحث عن الذات في زحمة التحديات والصراعات والمخاضات، والشعر مهما قيل انه يهتم بذات الشاعر من خلال رؤيا او هواجس، او تجريب حداثي او طقوس غامضة خاصة به، فانه اولا واخيرا يستمد نسغ استمراره من تربة الواقع والتراث والانسانية.
    وتتراوح قصائد هذه الكوكبة من الشعراء المعاصرين فنيا تبعا لموهبة كل شاعر منهم، ولفهمه لما هية الشعر، ولدوره وغائيته.
    اما النوع الثاني من الحداثة وهو على النقيض من الاول:
    ينتمي الى حداثة تجد جذورها في تربة الغرب، اذ تمعن في هذا الطريق الى حد التطرف، وترفض ما عداها من حداثات, لا ريب ان النموذج الغربي الشعري له خصائصه وظروفه الموضوعية الخاصة به إذ جاءت السوريالية - مثلا - بعد مذاهب أدبية عديدة افرزت العديد من المعطيات وعلى مدى سنوات وسنوات ولا ريب ان هذا النموذج فيه معطيات ايجابية من الممكن الافادة منها إما ان يتبناها نفر من حداثيي العرب ذوي الاهواء المتعاطفة معها، والاوضح بالتعبير ان يتخذها هؤلاء وثنا جديدا لا محيد عنه، فتغدو حداثة الغرب هي الحداثة الاولى ولا حداثة سواها، وان تعتبر قصيدة النثر ذات الاجواء الاجنبية المكتوبة بحروف عربية، هي البديل ولا بديل سواها فهنا التغريب والغربة المقصودة والاستلاب الحضاري الذي يحتاج الى اكثر من وقفة للنظر واعادة النظر وللمراجعة.
    وهذا الاقتفاء واسبابه كثيرة، اشكالية عانى ويعاني منها الشعر الحديث في الوطن العربي منذ الاربعينيات ومايزال والاقتفاء هنا ابعد من التأثر او المثاقفة والافادة من الشعر العالمي.
    ويسأل سائل: لماذا لا يكون التأثر - لا الاقتفاء - بالشعر الآخر الذي تتصف به آداب الشعوب الاسلامية فيقف الادب الشرقي موقف الند امام الادب الغربي وغيره ممن يعزم تعميم ثقافته لتستلب ثقافة الشعوب النامية ومنها الشعب العربي.
    ان من يطلع على آراء اعلام الشعر العربي المعاصر فيما آل اليه هذا الشعر، هذا النمط منه، سوف يتلمس مدى التململ والضيق من مغبة الامعان في شيء اسمه الحداثة المتطرفة والا بماذا نفسر اقوال بعض من هم رواد الحداثة وصناعها على مدى عدة عقود من السنين من هذه الاقوال ما قالته نازك الملائكة: يعاني شعرنا المعاصر الحديث من مجموعة اشكالات منها: التعمية، والتقليد واخطاء الوزن، وضعف اللغة، واستعمال اللغة العامية.
    وما اشار اليه د, عبدالعزيز مقالح بربط ازمة الشعر الجديد بأزمة الثقافة العربية عامة.
    وما اطلقه محمود درويش حيث قال: ان هذا الذي يسمونه شعرا حديثا ليس شعرا,, وذهب أبعد من ذلك فقال: الى حد يجعل واحدا مثلي متورطا في الشعر منذ ربع قرن ونيف، مضطرا لاعلان ضيقه بالشعر واكثر من ذلك يمقته، يزدريه، لا يفهمه.
    ولا يبرىء جبرا ابراهيم جبرا نفسه فيقول: إنني متخوف من انني - انا وجيلي - مهدنا لهذا النوع من الشعر.
    ويشير احمد عبدالمعطي حجازي الى الدائرة الايقاعية التي حصر معظم الشعر الحديث نفسه فيها فيقول: تستطيع ان تقول الان وانت مطمئن، ان تسعين في المائة من الشعر العربي خلال العشر سنوات التي مضت تكتب على بحر واحد هو المتدارك.
    اما نزار قباني يتلمس ما هو فيه هذا الشعر الحديث فيقول: الشعر العربي واقع في ازمة ثقة مع الناس.
    كل هذا وغيره يضعنا - قراء ومبدعين - امام حقائق كانت - ولا ريب - نتائج فهم خاطىء لما هية الحداثة، واستفحال النوع الثاني من حداثة التغريب، ويحثنا على ابداع اصله ثابت وفرعه في السماء.
    رد مع اقتباس  
     

المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 31/05/2012, 01:09 PM
  2. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 29/11/2011, 08:27 PM
  3. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04/05/2011, 10:38 PM
  4. أحسب العفو عنه حلما " ابنة الشهباء "
    بواسطة بنت الشهباء في المنتدى القصة القصيرة
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 30/03/2009, 08:09 PM
  5. أحسب العفو عنه حلما " ابنة الشهباء "
    بواسطة بنت الشهباء في المنتدى الرسائل الأدبية
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 09/02/2008, 08:20 PM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •