"الدين لله والوطن للجميع " شعار اخترعه عميل الانجليز "فيصل " !
"مذكرات اكرم الحوراني" اربعة مجلدات كبيرة وفي حوالي 3500 صفحة طبعتها مكتبة مدبولي قبل ثلاث سنوات مع كمية جيدة من الصور والوثائق التي تهم من يرغب متابعة احداث مرحلة تاريخية هامة (بلسان : اكرم الحوراني الثلعب السياسي صانع الزعماء (العملاء) فيها في مرحلة الخمسينات والستينات ) عاشتها الشام منذ قدوم الفرنسيين وحتى سقوط باريس بيد الالمان ثم احتلال الشام مجددا من قبل الانجليز اثناء الحرب الكونية الثانية 1941 لتحل محل قوات فيشي .فيها ....ومنح العملاء فيها بعد ان حطت الحرب اوزارها وانتصر الحلفاء ورقة الاستقلال المزعوم 46 الى مرحلى الانقلابات التي بدأها لاول مرة في العالم الثالث حسني الزعيم
اليكم هنا ما ورد حرفيا في مذكراته .... المجلد الاول صفحة 54 _55 :
________________
مرحبا يا ابن الحسين :
افتتح معهد دار العلم والتربية باربعة صفوف ابتدائية في كانون الثاني عام 1919 واستاجرت الهيئة التاسيسية للمعهد بناية حقي العظم التي كانت معروفة باسم" اوتيل حقي" قرب جامع المدفن على ساحة العاصي .كان يحيط بالمدرسة بستان كبير يتصل بتل الدباغة الذي يعرف تاريخيا بتل صفرون وكانت هذه المدرسة تضم ابناء الاغنياء والموسرين وكان فيها قسم ليلي وقد ادخلني اهلي في هذا القسم مع اخي واصل بعد ان ارسلوا اخي محي الدين الى الكلية الامريكية في بيروت والتي كانت تعرف باسم الكلية السورية الانجيلية .
اذكر انه في احد ايام عام 1919 خرجنا نحن التلاميذ الى محطة القطار في ظاهر المدينة لنستقبل مليكنا فيصل ونحن نردد بحماسة وابتهاج
مرحبا يابن الحسين === فيصل العرب الكرام
يا حماة الحرمين === والعراق والشآم
وكان كل منا على صغر سنه يرتدي حلة بيضاء وعقالا فيصليا مذهبا بالقصب , وكان الفرح يملاء نفوسنا .
زار ساطع الحصري مدير المعارف انذاك مدرستنا كما زارها الخوري اسطفان وهو لبناني من كبار الخطباء المفوهين ومن ابرز الدعاة لفيصل وللاستقلال , وقد وقع اختيار الخوري اسطفان علي فاستدعاني وسالني عن عاصمة سورية , ولم اكن افهم معنى كلمة عاصمة , فقدرت بشكل عفوي انه يسالني عن اكبر مدينة فاجبته : الشام .... وقال : لماذا نحن نحارب الفرنسيين ؟
فاجبته : لأنهم نصارى كفار . *(1)
إنني ما ازال اشعر بالخجل لهذا الجواب الذي اربك الخوري اسطفان بينما اراد ان يعلمني بلغة الكبار معاني الوطنية والعروبة والاستقلال .
ودعت المدينة الملك فيصل بمثل ما استقبلته من حفاوة , بينما كنا نردد منشدين :
نحن لا نرضى الحماية
لا ولا نرضى الوصاية
نحن اولى بالرعاية
لبني العرب الكرام .
طائرات ترمي منشورات :
كنت في كل يوم اقف مع رفاقي فؤاد الاسود واكرم العاشق وغيرهما منتظرين خروج جنود الجيش الوطني من خان الشعبة القريب من مدرستنا , للتدريب والتمرين وكان يحزننا ان نرى بعض هؤلاء الجنود غير مسلحين , فنشعر بالم وانكسار .
لم نكن نعي ما كان يمر على البلاد من احداث , ولكني شاهدت ذات يوم طائرة تحلق في سماء المدينة وتنشر اوراقا من الجو وكنت قد شاهدت قبل ذلك طائرات الالمان وطائرات الحلفاء التي قصفت محطة القطار بحماة . وكانت الاوراق تتناثر في الجو كاسراب الحمام . وقد تمكنت من التقاط واحدة منها فحملتها واسرعت الى البيت حيث وجدت اخي الاكبر محي الدين وعمي مصطفى وصديقهما محسن البرازي , فاعطيتهم المنشور فقرأوه باهتمام مع سب فرنسا وتمها وكان منشورا يعد السوريين بنوايا الفرنسيين الطيبة .
في ذلك الجو الذي كانت تعيشه البلاد , صدمت حين وجدت اعمامي واخي الكبير واصدقاؤهم يهاجمون الملك فيصل لان برقية وردت الى حماة تأمر بحل الجيش * (2) وصعب علي ان اقتنع بان فيصل قد يكون مخطئا وكنت اقول في نفسي منزعجا من اتهامه : لابد ان يكو تقدير هؤلاء الكبار خاطئا , وقد ضحكوا عندما اعترضت على اتهاماتهم . ولم تمض ايام حتى عم الهياج والغليان المدينة باسرها وخرج الناس بالبنادق والسيوف والرماح متجهين نحو طريق حمص لملاقاة الفرنسيين , وكانت المدينة باطفالها ونسائها وشبابها وشيبها كالبركان الثائر وراء هؤلاء المتطوعين لمحاربة الكفار اعداء الدين وكان الجميع يرددون " الله يرحم احمد الجزار " فظننت رجلا من جيراننا ال الجزار قد توفي . ثم ادركت فيما بعد انهم يطلبون الرحمة لاحمد باشا الجزار والي عكا الذي انكسرت وراء حصونه حملة نابليون الفرنسي .
__________
شرح : بقلم صاحب المذكرات : اكرم الحوراني .
*(1) حارب فيصل التعصب الديني منذ وطئت اقدامه سورية وهو صاحب شعار : الدين لله والوطن للجميع . الذي ظل شعار الحركة الوطنية في سورية فيما بعد . ومن اقواله في خطاب القاه بحلب 11/11/1918 : ان العرب هم عرب قبل عيسى وموسى ومحمد , وعليه فان من يسعى لإلقاء الشقاق بين المسلم والمسيحي والموسوي فما هو عربي.
ساطع الحصري, يوم ميسلون _ طبعة دار الاتحاد _بيروت ص 242
*(2) قبل الملك فيصل بانذار الجنرال غورو والقاضي بوضع سكة حديد رياق حلب تحت تصرف الجيش الفرنسي واحتلال حلب , والغاء التجنيد الاجباري , وتسريح المجندين وقبول الانتداب الفرنسي , وقبول العملة الورقية التي اصدرها البنك السوري والقضاء على الثوار غير النظاميين ... وقد انتهى هذا الانذار بمعركة ميسلون في 24 تموز 1920 وكانت فرنسا قد عينت جور بيكو مفوضا عاما ساميا في سورية ولبنان اعتبارا من 9/نيسان 1917 , لعدم اعترافها بملكية فيصل في سورية ثم اصبح الجنرال غورو مفوضا ساميا اعتبارا من 8 تشرين الاول 1919 وفي 9/6/1923 اصبح الجنرال ويغان مفوضا ساميا في سورية بدلا من غورو , وفي 2/1/1925 خلفه في هذا المنصب الجنرال سراي الى 2/11/1925 . وقيام الثورة السورية الكبرى .
