صفحة 3 من 3 الأولىالأولى 1 2 3
النتائج 25 إلى 31 من 31

الموضوع: قراءة جديدة لسرداب التاجوري

  1. #25 تجليات المكان في سرداب التاجوري 
    كاتب مسجل الصورة الرمزية يوسف أبوسالم
    تاريخ التسجيل
    May 2008
    المشاركات
    1,531
    معدل تقييم المستوى
    19
    تجليات المكان في مجموعة الضاني سرداب التاجوري

    رغم أن المكان يبرز في الرواية ، أكثر بكثير من بروزه في القصة القصيرة ، لكنه إذا وظف توظيفا ماهرا ..فإنه يتحول إلى الشخصية المحورية للقصة كلها ..وفي كل الأحوال ..فإن تأثيرات المكان تضفي أبعادا وعمقا جديدا للشخصية القصصية من جهة ..وللحدث وفكرة القصة من جهة أخرى.
    على أن قصص مجموعة مريم برزت فيها..أماكن محورية ...شكلت الفضاء الأساس لكثير من القصص ، وأماكن ثانوية ..متفرعة من الأماكن المحورية ..وذلك على النحو التالي ...
    برزت في قصص المجموعة ..الأماكن التالية كأماكن محورية
    المنزل وهو محور هام على مدار قصص المجموعة ..واتخذ مساحات كبيرة منها .
    والمدينة المنورة بأسواقها ومختلف مفرداتها المعمارية ألأخرى
    مع إشارات لافتة للقرية الفلسطينية وهي الوطن الأم ..ولمدينتي بغداد وغزة بما تعانيانه من عذابات
    المدرسة ( التي لم تأخذ دورها ولا حقها كمكان من أهم الأماكن في حياة المبدعة ذاتها .

    ورغم ذلك وما يبدو من تعدد الأماكن في قصصها ...فلم تظهر المدينة بتركيبتها الديموغرافية ، وتعقيدات الحياة فيها ..والإحساس بالعزلة لكثير من ساكنيها ...، وطحن المدينة في العادة لسكانها وتذويبهم بشكل أو بآخر ،..ولم نلحظ تأثيرات روحانية للمدينة المنورة على بعض القصص ، ولا حيوية الحركة الدائمة فيها خصوصا في مواسم العمرة والحج . وظل المكان محدودا ..إلى حد كبير في عالم مريم القصصي ..فهو في حقيقته لم يبرح المدينة المنورة والمنزل وبعض الأماكن العادية فيها .
    ولأن المنزل شكّل لأبطال المجموعة عالما قائما بذاته ، وكان هو المعادل الموضوعي للوطن ، والمستقر والأمان ، فسأبدأ بتجلياته في قصص المجموعة .

    المنزل ...
    وهو الشقة أحيانا ..والبيت أحيانا أخرى وكلها تسميات لتكوين مكاني واحد
    يمتد المنزل كمكان ..محوري عند مريم ..في مساحات كبيرة من القصص ، بل اعتبر في أعماق أبطالها هو المأوى والأمان ....كما تقول في قصة أخرج يا سعيد ( لعل البيت في الرؤيا يرمز إلى المأوى والأمان ما رأيك..؟فيرد عليها سعيد ردا مقتضبا مليئا بالغموض ...ربما ربما
    وهو رد ذكي جدا ..من الكاتبة ..ارتبط بالحدث الرئيس في القصة وهو نهايتها ( بل خرجت امرأة )
    ومن أين ..من البيت الذي هو المأوى والأمان ...ولكنه لم يكن كذلك أبدا بالنسبة لسعيد ...!!
    وإذا كان البيت هنا قد فقد رمزيته ، بفعل الخيانة الزوجية ، لكنه عاد يشكل مكانا لعدم الإستقرار النفسي وللعذابات التي تعانيها بطلة قصة أسبرين كلما عاد زوجها ورن جرس التلفون الذي يذكرها ( بسحر )
    الزوجة الأخرى ...
    وكذلك في ( ثلاث على الطريق )
    لنقرأ كيف تصف علاقتها بالمنزل ( أكاد أسمع زفيف الرياح عبر شقوق حجرتي تنتظرني فوق السطح ، لعل الغبار الآن يغطي سريري وأرفف الكتب ) .
    والإشارة إلى أرفف الكتب لم تأت عبثا .ولكنها إشارة بشكل أو بآخر مستمدة من الكاتبة نفسها ، والتي أسقطت الإهتمام بالكتب على بطلة القصة .
    وفي طرب وحرب وبرتقال ...لنقرأ كيف تحول المنزل هنا إلى صراع أجيال ...فهاهو الأب يعود إلى بيته وهو مهموم بأنباء الغارات على غزة فيجد أولاده مشغولين تماما عنه وعما يعتمل في داخله ببرنامجهم المفضل السوبر ستار ، بينما تمزقه فكرة أن ضررا أحاق بأهله وقريته .
    و( كم أحب النوافذ ...! ) ...كما تقول في ( ثلاث على الطريق )
    تتوقف بطلات وأبطال قصصها طويلا أمام النوافذ ..في لحظات تأمل ...ومناجاة للنفس
    فمن النافذة ترى زوجها وهي حزينة في أسبرين ، ومن النافذة تطل لتتأمل أوضاعها من خلال شرودها عبر تأملها هذا في ( ثلاث على الطريق ) ومن النافذة تنز الوحدة ويصرخ الفراغ ، وتصيح الغربة ، في تألق بارز لدور المنزل في قصص المجموعة كما تجلى في ( عصفور على النافذة )
    وهذه القصة تدور كلها في المنزل الذي من خلاله ومن نوافذه تطالعنا البطلة بهمومها ووحدتها ومعايشتها للحزن وإحساسها الشديد بالغربة وتفاؤلها رغم هذا كله ..في سرد شاعري حزين بالغ الشجو ..!!
    ( فالصمت يسكن أوصال شقتها الصغيرة ) ( وأطفو في فراغ الحجرة ) ( وحين تناهى إلى سمعي تغريدك قرب النافذة ) ( وصفحات من مناجاتها لعصفور النافذة التي عبرت بها عن كل دواخلها النفسية )
    لدرجة أنها رغبت في البكاء لكنها( تشاغلت عن رغبتها بالبكاء بمراقبة حركة العنكبوت جيئة وذهابا )
    ثم تشرع أبواب الأمل ومن النافذة أيضا ( حدقت مليا بستارة نافذتي ، وسحبت الستارة فوجدتك على حافة النافذة .......)
    لكن تألق المنزل كمكان ( في سرداب التاجوري ) أمر آخر
    فالمنزل هنا هو الوطن والمأوى والملجأ كما ترسب في أعماقها .....لطول معايشتها لكل عناصره المعمارية والبيئية والأسرية ( فهي تغسل مع أمها درج البيت المتآكل ، وتسترخي على بسطة الدرج ، وتضع خدها على الأرض الرطبة الندية ، وتشم رائحتها التي تدغدغ مشاعرها ، وتجلس مع عرائسها على الدكة القريبة من الباب ، وتحب القاعة والديوان والمقعد وكل الحجرات الأخرى ) إلا مكانا واحدا معتما مجهولا هو السرداب ....!!!! ذلك الحبل السري الذي يربط البيت بالمدينة الوطن... !
    فأي توحد وتماهي وتمازج بين الشخصية القصصية والبيت هنا ..إنك لا تكاد تميز بينهما أبدا ، إن الطفلة هنا تكاد تصبح عنصرا من عناصر البيت ذاته ، ويكاد البيت يتحول إلى جزء من تكوينها النفسي وهو كذلك فعلا ولعلي أظن أن الطفلة هنا تحديدا هي مريم نفسها ..لشدة صدق الوصف والإنتماء إلى ذلك البيت )..!!
    أما المدينة
    فقد برزت بشكل واضح ذو دلالة في قصة ( بائع الشراريب ) وشكلت أرضية وفضاء المسرح الذي دارت فيه القصة ..بل وانعكست دلالاتها وتناقض مستوياتها الإجتماعية الطبقية من خلال التناقض الحاد بين بائع الشراريب شبه المتسول والعجوز التي تشتري دراجة لطفلها بسهولة بالغة ..ومن خلال رفض بعض المتسوقين الموسرين لشراء شراريب مسعود وهي المعادل لثمن دواء أمه المريضة
    وأكثر من ذلك لم تكتف المدينة هنا بعذابات مسعود بل وطحنته بصخب وتهور السيارات العمياء التي خرجت من بعض الأحياء الضيقة لتقضي على كل أمل له في إيصال الدواء لأمه ..
    هل نقول هنا أن المدينة بتناقضاتها تطحن الفقراء ...وتزيدهم فقرا وتدلل الأغنياء لتزيدهم غنى ورفاهية ..
    إن أشد ما يلفت النظر هنا أننا نتحدث عن المدينة المنورة بظلالها الروحية العطرة وعن بلد نفطي بظلاله المادية الخانقة...!!!!

    وفيما عدا ذلك فقد تناثرت مفردات المدينة بشكل متوتر أحيانا وهادىء أحيانا أخرى في فضاءات القصص الأخرى ، فمن الشارع وهو الآهة الطويلة في ( ضوء ) بما تعنيه هذه التسمية للشارع من انعكاس على البنية النفسية للشخصية القصصية والبيوت الطينية القديمة حول المدرسة والدروب الضيقة الوعرة ( في ثلاث على الطريق ) إلى السوبر ماركت والمسجد ( في طرب وحرب وبرتقال ) إلى العيادة الطبية التي كانت مسرحا آخر لمأساة إنسانية في ( خطوات ميتة ) إلى المستشفى التي صرخت احتجاجا على عقوق الإبنة المتبرمة من بقائها مع أمها المريضة والتناقض الحاد مع الأخرى التي امرأة غريبة عنها وتعتبرها أمها
    وإلى دار الرعاية الإجتماعية في ( صناديق البكاء ) وهي المكان الذي يكاد يكون شاهدا على التحولات الإجتماعية في المدينة الكبيرة ...وشاهدا على ما تخفيه المدينة من أسرار ...وأكثر من ذلك شاهدا على التناقض الحاد بين الإيمان الظاهري المقنع وبين الواقع الفعلي المتفسخ .
    ويؤكد ذلك أيضا البنك الذي عصف بنفسية عجوز تتلقى راتب الإعانة بعد أن تم قطع الإعانة عنها دون تفهم لظروفها الشاهدة تماما على عقوق الأبناء وعلى التحولات الإجتماعية السلبية في ( على بابه )
    وهكذا نجد أن مفردات المدينة شكلت فضاءات دلالية صارخة ، وشواهد على تحولات إجتماعية متجددة
    ولكنني لن أنسى الإشارات اللافتة والتي لم تعطها الكاتبة حقها كما يجب وهي وضع العراق وغزة وفلسطين المحتلة ...
    ففيما عدا إشارة دارت حولها قصة حرب وطرب وبرتقال عن غارات على غزة ....وإشارة عن غارات على بغداد في نفس القصة لا نلمس التأثيرات المكانية للعراق وفلسطين في قصص المجموعة إلا في الوصف الشجي للقرية الفلسطينية وهو وصف أخاذ في سرداب التاجوري .
    بقي أن ألفت النظر إلى مكان شكل دلالة هامة للغاية وهو ( المقبرة ) في ( خارج المفكرة ) وما استدعته من تداعيات عميقة في نفس الكاتبة والشخصية القصصية والقارىء على حد سواء
    فالمقبرة لم تعد إلا مكانا توارى فيه الأجساد بصورة آلية ، ثم لا يلبث الذين دفنوا المتوفى أنفسهم إلى الإنشغال في متطلبات الحياة الأخرى كبناء المنزل وشراء السيارة وغيرها وكأن هذه المقبرة والمتوفى وحالة الموت ذاتها خارج مفكرات حياتهم .

    على أنني أستطيع التأكيد أن المحور المكاني ذو الدلالة في كل المجموعة هو المنزل بمختلف أشكاله الدلالية والمدينة بمفرداتها المعمارية المتنوعة التي حضنت الأفكار القصصية في المجموعة .
    ودارت فيها شخوص القصص وأضاء فيها بمستويات مختلفة فضاء دلاليا حادا وساطعا أحيانا وباهتا خافتا أحيانا أخرى .



    يوسـف أبوسالم - الأردن
    الموسيقى هي الجمال المسموع


    مدونة الشاعر م.يوسف أبوسالم
    رد مع اقتباس  
     

  2. #26 تداعيات الزمن في سرداب التاجوري 
    كاتب مسجل الصورة الرمزية يوسف أبوسالم
    تاريخ التسجيل
    May 2008
    المشاركات
    1,531
    معدل تقييم المستوى
    19
    تداعيات الزمن في مجموعة الضاني ( سرداب التاجوري )

    ( أما الزمن...... فهو الذي يضبط إيقاع المواقف ، ويرسم تسلسل الأحداث في الرواية .....فالزمن عنصر جوهري في الأعمال الروائية حتى وإن بدا في الروايات الحديثة عرضة للتشظي والتهشيم) ( 1)
    وينطبق هذا التعريف بشكل أو بآخر على القصة القصيرة وخصوصا الكلاسيكية الشكل منها ، كقصص مجموعة الضاني ، والتي لم تعمد إلى اختزال كل عناصر القص في سطر واحد برقي كما هو في قصص الحداثة .
    ولعلنا نلحظ وقع الزمن على مدار قصص المجموعة بما يشبه الثنائيات بين سرعة لاهثة وبطء قاتل ..ومرور خاطف وحركة ثقيلة وماض بهيج وحاضر قلق ...!
    ففي طرب وحرب وبرتقال ..
    نلاحظ السرعة المتلاحقة والتتابع الزمني الواضح في الزمن الخارجي وبطء وثقل مرور الزمن في الزمن النفسي والذي يبدو عند محاولة الأب سماع الأنباء للإطمئنان على والديه وقريته إثر سماعه نبأ الغارة العدوانية على غزة ...وعدم اهتمام أبنائه وعدم انتباههم له وهو يحاول سماع الأخبار ولا يفلح
    واسترخاء زمن ابنائه وتناقضه الحاد مع زمنه ( رغم أنهما في حاضر واحد ) وهم يصوتون لبطلهم في سوبر ستار .
    وكذلك البطء والظلال الكثيفة التي تخيم بها الساعات على بطلة عصفور على النافذة...
    وهي تتأمل بثقل واضح وحدتها وغربتها وشعورها بأنها ريشة في مهب الريح.وبالمقابل الإضاءة اللافتة للزمن الآتي وهي تحس بابتسامة العصفور .
    وفي ضوء
    نلحظ بوضوح الوقع الثقيل لتحولات الزمن على بطل القصة وهو يسمع التهكم على الرسول الكريم ...وثقل هذا الوقع عليه بدلالة أنه لم يطق سماع المحاضرة عن أبي حنيفة ...وبالمقابل هدوء وقع الزمن على نفسه حين هدأت حالته وهو يتأمل زمنا مضيئا يشع من ابتسامة طفل وإشراقة عينيه
    أما في سرداب التاجوري
    فينقسم الزمن إلى صراع الماضي المتحرك الملون الذي يحيط بالطفولة ومباهج الحياة فيها والحاضرالقاتم الأسود والأبيض الموحي بإعادة ترتيب الأشياء والأماكن . .
    والحاضر الدامي الذي يعج بالمتناقضات في
    ( صباح الدم )
    من حيث العادات والتقاليد والنظرة للمرأة ، وهو نفس الوضع بصيغة أخرى
    ( في علاقة )
    والمستقبل المنشود ( غير البارز مباشرة ) ولكنه هو البديل المسكوت عنه بتغير الأوضاع
    وفي مثل ما أحب أمي
    والزمن الثقيل الوطء ذو الظلال الكثيفة على الإبنة لاضطرارها مكرهة لمرافقة والدتها المريضة ..ونفس الزمن الضاحك الملىء بنشوة العطاء عند بطلة القصة المعطاءة التي ترعى امرأة تعتبرها أمها
    والساعات الثقيلة الرنين على بطلة
    أخرج يا سعيد
    والساعات الحذرة الخائفة المريبة عند الزوج
    وانتهاء الزمن عند بعض الأفراد بالموت وبدءه واستمراره بصورة أخرى عند آخرين شغلتهم الحياة بمتطلباتها وأنستهم زمن الموت القادم ..والسرعة اللاهثة في التكالب على الحياة ونسيان الموت في ( خارج المفكرة )
    وتحولات الزمن وتغيراته في صراع الأجيال بين الأب وأبنائه في طرب وحرب وبرتقال وتحولاته وتأثيره على التحولات الإجتماعية في ( صناديق البكاء )
    والوقع العادي لدقات الزمن في مستهل قصة
    على بابه
    وروتينيته الشهرية على العجوز في على بابه وثقله الضاغط وكثافة الأسى في كل ساعة ودقيقة وثانية منه في نهاية القصة نفسها
    والمرور البطيء والثقيل والضاغط للساعات على
    بائع الشراريب.....
    وهو لم يبع بعد الشراريب
    وتلاشي الزمن تماما عند ما أعطته العجوز مائة ريال ...وتلاحق الثواني بسرعة شديدة لشراء الدواء لأمه في فرحة غامرة وترافق ذلك مع وقع حركة الزمن المتسارعة في قلب السوق واختلاف وقعه مع اختلاف الوضع الإقتصادي لساكني المدينة
    والشعور ببطء الزمن وطول ساعاته بعد التقاعد على الزوجة ثم تحول الزمن إلى وحش كاسر ينهش بأنيابه نفسيتها حين تتذكر الزوجة الأخرى ...
    في أسبرين

    ولعل أبرز استخدام ومعالجة لطغيان الزمن وتشكيله للأحداث وتحكمه في سرعاتها المتنوعة كان في
    سرداب التاجوري
    من حيث ارتداد البطلة للطفولة وتذكرها في حركة ( فلاش باك شجية لطفولتها مع منزل من منازل حرة التاجوري ) بالمدينة المنورة .
    ثم قرارها بفتح السرداب حين اقترب زمن تحرير الأرض والعودة للقرية الفلسطينية الأم بفلسطين بما يعني هروبها من وقع الزمن الحاضر أو لنقل القادم ..وهو فكرة العودة وثقل تخيلها مجرد تخيل تحول الزمن ليجعلها تغادر المنزل الذي ألفته والمدينة التي أحبتها .
    وفي عصفور على النافذة
    ووقع الزمن الثقيل بدقائقه وساعاته على بطلة قصة ( وكيف خيم عليها شعور الوحدة والغربة ) وكيف أضاء الزمن برهة وهي تتخيل زمنا قادما يبتسم فيه العصفور .
    وفي بائع الشراريب
    و ثقل الزمن والمرور البطىء للغاية على مسعود قبل بيع شراريبه وتسارعه حد التلاشي بعد حصوله على المائة ريال .
    وبذلك نلاحظ ارتباط الزمن بصورة جوهرية مع تنامي الحدث من جهة ....والحالة النفسية المتقلبة صعودا وهبوطا للشخصيات الدرامية على مدار المجموعة..وضبطه لحركة الحدث وجزئياته والمواقف وتنوعها ومرافقته لتسلسل المشاهد وتنامي درامية الحدث فيها .

    __________________________________________________ _



    [1] _ عبد العزيز المقالح في كتابه ( مدارات في الثقافة والأدب ) الصادر مع العدد 43 من مجلة دبي الثقافية شهر 12 - 2008



    يوسـف أبوسالم - الأردن
    الموسيقى هي الجمال المسموع


    مدونة الشاعر م.يوسف أبوسالم
    رد مع اقتباس  
     

  3. #27 رد: قراءة جديدة لسرداب التاجوري 
    كاتب مسجل الصورة الرمزية مريم خليل الضاني
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المشاركات
    183
    معدل تقييم المستوى
    16
    أخي الكريم يوسف :
    لئن كانت أجزاء قراءتك لمجموعتي كلها عميقة ووقوية إلا أن قراءتك لجانب المكان جعلتني أعتقد بأنك متخصص في علم النفس . نعم والله بدون مبالغة ! . لقد سبرت قراءتك للمكان أعماقي . عندما قرأت عبارتك وتعليقك حول جملة ( كم أحب النوافذ ) قلت في نفسي هذه هي مريم .
    قرأت ذات مرة يا أستاذ يوسف بأن الصدق العاطفي في الكتابة يخرج إلى القراء نصوصا حية وقرأت أن من الأفضل للكاتب أن يكتب عن خبرات وتجارب عاشها هو أو عاشها الآخرون ولكنها تركت آثارا خاصة عميقة في نفسه بدلا من أن يتصنع أو يتكلف الكتابة عن خبرات لا تحرك في نفسه ساكنا . مثلا الشخص الذي يعيش في صحراء لن يكتب بصدق قصة تدور أحداثها في القطب المتجمد مهما كانت مهارته الكتابية .
    نعم أنا أحب النوافذ كثيرا وأحب عندما أكون في الشارع في سيارة أو على قدميّ أن أتأمل النوافذ من بعيد فأكاد أسمع حكايات الناس وضحكهم وبكاءهم وأحب حين أكون في البيت أن أنظر من النافذة إلى الشارع والبيوت والسماء . بالطبع النوافذ لها دلالات نفسية لست أخصائية نفسيةحتى أفسرها لكنني أعتقد بأنها بالنسبة لي تعني الدفء الأسري و الترابط العائلي والعاطفي . وحين قلت أن أبرز مكان لاحظته في المجموعة هو المنزل فقد صدقت أيضا فمنزلي هو أحب مكان إلي وهو بالنسبة لي الاستقرار العاطفي والأسري الذي أنعم الله علي به فله الحمد والشكر .
    أما قصة سرداب التاجوري فهي القصة ( الجرح ) نعم عشت طفولتي في بيت شعبي ولكن ليس في حارة التاجوري بل في شارع العينية ولم يكن في بيتنا سرداب ولكن أغلب بيوت المدينة كان فيها سراديب تثير في نفسي ما لا يمكن وصفه بالكلمات من الخوف والفضول كما أن أسرتي لم تحزم أمتعتها لتعود إلى فاسطين . القصة مزجت فيها الخيال بالواقع واستخدمت السرداب كما قالت الأم في القصة ( أنه نفق طويل يمتد كالعروق في جسد المدينة ويؤدي إلى قلب المدينة ) فالطفلة هربت إلى السرداب الذي يؤدي إلى قلب المدينة والقلب هو الحنان والعطف والاطمئنان الذي يحسه ساكنو المدينة النبوية والبعد التاريخي الديني الذي يمنح ساكنيها آفاقا روحانية قد لا يدركها من يعيش خارج المدينة تلك الآفاق الروحانية التي تعوض المغترب عن فقد وطنه وعن الظلم الذي يتعرض له المغتربين .

    أخي يوسف سأعود مرة أخرى بإذن الله لأعلق على بعض نقاط قراءتك للمكان .
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    لاحظت يا أستاذ يوسف أنك لم تعلق بتاتا على قصة (صديقتي التي ) فما السبب يا ترى ؟.
    مدونتي ( يوميات الطاحونة )
    http://mariamaldani.maktoobblog.com/
    مدونتي في أسواق المربد
    http://mariam.merbad.com/
    رد مع اقتباس  
     

  4. #28 رد: قراءة جديدة لسرداب التاجوري 
    كاتب مسجل الصورة الرمزية يوسف أبوسالم
    تاريخ التسجيل
    May 2008
    المشاركات
    1,531
    معدل تقييم المستوى
    19
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مريم خليل الضاني مشاهدة المشاركة
    أخي الكريم يوسف :
    لئن كانت أجزاء قراءتك لمجموعتي كلها عميقة ووقوية إلا أن قراءتك لجانب المكان جعلتني أعتقد بأنك متخصص في علم النفس . نعم والله بدون مبالغة ! . لقد سبرت قراءتك للمكان أعماقي . عندما قرأت عبارتك وتعليقك حول جملة ( كم أحب النوافذ ) قلت في نفسي هذه هي مريم .
    قرأت ذات مرة يا أستاذ يوسف بأن الصدق العاطفي في الكتابة يخرج إلى القراء نصوصا حية وقرأت أن من الأفضل للكاتب أن يكتب عن خبرات وتجارب عاشها هو أو عاشها الآخرون ولكنها تركت آثارا خاصة عميقة في نفسه بدلا من أن يتصنع أو يتكلف الكتابة عن خبرات لا تحرك في نفسه ساكنا . مثلا الشخص الذي يعيش في صحراء لن يكتب بصدق قصة تدور أحداثها في القطب المتجمد مهما كانت مهارته الكتابية .
    نعم أنا أحب النوافذ كثيرا وأحب عندما أكون في الشارع في سيارة أو على قدميّ أن أتأمل النوافذ من بعيد فأكاد أسمع حكايات الناس وضحكهم وبكاءهم وأحب حين أكون في البيت أن أنظر من النافذة إلى الشارع والبيوت والسماء . بالطبع النوافذ لها دلالات نفسية لست أخصائية نفسيةحتى أفسرها لكنني أعتقد بأنها بالنسبة لي تعني الدفء الأسري و الترابط العائلي والعاطفي . وحين قلت أن أبرز مكان لاحظته في المجموعة هو المنزل فقد صدقت أيضا فمنزلي هو أحب مكان إلي وهو بالنسبة لي الاستقرار العاطفي والأسري الذي أنعم الله علي به فله الحمد والشكر .
    أما قصة سرداب التاجوري فهي القصة ( الجرح ) نعم عشت طفولتي في بيت شعبي ولكن ليس في حارة التاجوري بل في شارع العينية ولم يكن في بيتنا سرداب ولكن أغلب بيوت المدينة كان فيها سراديب تثير في نفسي ما لا يمكن وصفه بالكلمات من الخوف والفضول كما أن أسرتي لم تحزم أمتعتها لتعود إلى فاسطين . القصة مزجت فيها الخيال بالواقع واستخدمت السرداب كما قالت الأم في القصة ( أنه نفق طويل يمتد كالعروق في جسد المدينة ويؤدي إلى قلب المدينة ) فالطفلة هربت إلى السرداب الذي يؤدي إلى قلب المدينة والقلب هو الحنان والعطف والاطمئنان الذي يحسه ساكنو المدينة النبوية والبعد التاريخي الديني الذي يمنح ساكنيها آفاقا روحانية قد لا يدركها من يعيش خارج المدينة تلك الآفاق الروحانية التي تعوض المغترب عن فقد وطنه وعن الظلم الذي يتعرض له المغتربين .

    أخي يوسف سأعود مرة أخرى بإذن الله لأعلق على بعض نقاط قراءتك للمكان .
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    لاحظت يا أستاذ يوسف أنك لم تعلق بتاتا على قصة (صديقتي التي ) فما السبب يا ترى ؟.

    أخت مريم

    أشكرك على متابعتك واهتمامك بقراءتي
    بالطبع يمكن أن نفرد صفحات لكل عنصر من العناصر
    ولكن ضيق الوقت وخوفا من إطالة الموضوع نختصر ما أمكن
    أما عدم قراءة قصة ما فربما جاء الأمر صدفة
    ولا أتعمد التعليق على كل القصص
    بل على ما أراه مناسبا حسب الموضوع المطروح
    وإذا كانت نسبة تناولي للقصص نسبة عالية جدا كما أرى
    فهذا يكفي لإعطاء صورة معقولة تؤدي دورها في القراءة المعنية
    وربما آتي على القصة التي ذكرت في قراءتي لأفكار االقصص والعناوين
    وربما تقنية القص أو الحدث ...
    أما أنني دارس لعلم النفس فالأمر أنني أشعر أحيانا كلما أعدت قراءة قصة ما من المجموعة أن عبارات صدرت من أعماق القلب
    وأنها شديدة التأثير ومنها ( كم أحب النوافذ )
    ولعلني شدتني بصورة خاصة قصة ( عصفور على النافذة )
    لما فيها من لغة شاعرية وبوح شجي شعرت بصدقه من بطلة القصة سواء كانت هي مريم أو شخصية درامية من نسج خيالها
    على أنني مؤمن أن مريم موجودة في الكثير من قصص المجموعة في جانب من جوانبها كما وضحت أنت سابقا
    المهم في الأمر أن يلتفت أدباء المربد بجدية إلى هذه القراءات ويضيئون لنا بعضا
    من جوانب التقصير لتداركها لا حقا
    شكرا لك وتحياتي




    يوسـف أبوسالم - الأردن
    الموسيقى هي الجمال المسموع


    مدونة الشاعر م.يوسف أبوسالم
    رد مع اقتباس  
     

  5. #29 رد: قراءة جديدة لسرداب التاجوري 
    كاتب مسجل الصورة الرمزية مريم خليل الضاني
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المشاركات
    183
    معدل تقييم المستوى
    16
    عذرا أستاذ يوسف لم أقصد إزعاجك . فقط تساءلت عن قصة صديقتي التي لأني ظننت بأنك وجدتها أضعف قصص المجموعة .
    جزاك الله عني خيرا وجعل هذه القراءة النيّرة في ميزان حسناتك .
    مدونتي ( يوميات الطاحونة )
    http://mariamaldani.maktoobblog.com/
    مدونتي في أسواق المربد
    http://mariam.merbad.com/
    رد مع اقتباس  
     

  6. #30 رد: قراءة جديدة لسرداب التاجوري 
    كاتب مسجل الصورة الرمزية يوسف أبوسالم
    تاريخ التسجيل
    May 2008
    المشاركات
    1,531
    معدل تقييم المستوى
    19
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مريم خليل الضاني مشاهدة المشاركة
    عذرا أستاذ يوسف لم أقصد إزعاجك . فقط تساءلت عن قصة صديقتي التي لأني ظننت بأنك وجدتها أضعف قصص المجموعة .
    جزاك الله عني خيرا وجعل هذه القراءة النيّرة في ميزان حسناتك .
    أخت مريم
    لم أقيم القصص من حيث الضعف والقوة
    ولا أعتقد أن هناك قصة قوية بالمطلق أو ضعيفة بالمطلق
    فلكل قصة جوانبها الجميلة والضعيفة
    وربما أقوم بإجراء تقييم حسب وجهة نظري
    إذا توفر لدي وقت وإذا كان ذلك ضروريا
    شكرا لك



    يوسـف أبوسالم - الأردن
    الموسيقى هي الجمال المسموع


    مدونة الشاعر م.يوسف أبوسالم
    رد مع اقتباس  
     

  7. #31 تنامي الحدث في سرداب التاجوري 
    كاتب مسجل الصورة الرمزية يوسف أبوسالم
    تاريخ التسجيل
    May 2008
    المشاركات
    1,531
    معدل تقييم المستوى
    19
    تنامي الحدث وتنوعه في مجموعة الضاني


    اللحظة التي تتفجرفيها فكرة القصة ويسطع فيها الزمن ...ويتجلى المكان ...هي الحدث
    وهي اللحظة التي تشد انتباه القارىء ...وتتمحور القصة كلها في تداعياتها .
    وفي مجموعة الضاني
    تنوعت الأحداث بين صادم ومفاجىء ..ومفرح وحزين ...ومتوقع وغيرمتوقع ...وتلونت الشخصيات وحالاتها النفسية ..تبعا لحركة الحدث في القصة .

    فبينما كان الحدث الرئيسي في
    (أسبرين) (هو اليوم الأول من أيام تقاعد البطلة )
    وهي الحالة التي يشعر الفرد فيها بالفراغ الشديد ..وعدم الحاجة إليه وكأنه أصبح باتظار الموت ، في تلك اللحظة ترتد بطلة القصة إلى نفسها وتعود لتشريح علاقتها الزوجية التي صرخ بها حدث سابق وهو زواج الزوج من زوجة أخرى ..
    وبين تنهدات الأآآآآآآه الطويلة الحزينة يتنامى الحدث في نفس البطلة موجعا حزينا .
    ولعل أحداثا صغيرة هنا لها تأثيرها الحاسم فلحظة شعورها بنظرة الود لتلفون سحر أسدلت الستارة و انتابها إحساس ثقيل بالضيق ،فاستندت للجدار وتنهدت تنهداتها الحزينة .
    ألا ترون كيف يسلسل الحدث المشاهد ويحدد المواقف تبعا لعمقه وتأثيره ...!!
    (وعدم الإنجاب)
    هو الحدث الرئيسي في ( ثلاث على طريق ) وهو الذي جعلها تتأمل مشاهد متعددة من النافذة
    وجعلها تتابع الطفلات اللواتي فوجئن بها بين حين وآخر تقترب منهن فيجفلن ويبتعدن ..وتظل صورتهن في أعماقها .
    ( واحتلال فلسطين)
    هو الحدث البعيد بينما الحدث الآني القريب ..
    ( هو سماع الرجل نبأ الغارة على غزة) ...
    وهذا الحدث شكل حركة الزمن وتناميه ..وسلسل المشاهد في القصة ومحوَرها حول رغبته في الإطمئنان على قريته وأهله .ولا تخلو القصة من أحداث جانبية ( مثل اكتشافة لعدم شحن التلفون ، وأحداث صاخبة وغريبة لعدم انتباه أولاده له
    كما ( في قصة طرب وحرب وبرتقال ) .
    أما في
    (مارد)
    فظل الحدث الرئيسي فيها ينطبع على مشاهد القصة
    (وهو خلع زوجها السابق لعدم إنجابه ..رغم حبها له ..)
    وتزوجها بعده ..لكن علاقتهما السابقة وشعورها بالندم ظل جدارا سميكا بينها وبين زوجها الحالي ، وظلت صورة الزوج السابق تتراءى لها حتى في لحظات حميمية مع زوجها الثاني .
    وفي
    (ضوء)
    اختلف نوع الحدث من خاص وذاتي إلى عام وروحاني
    (وهو التهكم على الرسول الكريم )
    وما شكل ذلك من تداعيات وإحساس بالعجز عند بطل القصة..عن فعل شيء مؤثر مما دفعه ليترقب الفرج والأمل في ضوء تراءى له في عيني طفل صغير .
    وفي سرداب التاجوري ....
    سيطر الحدث على كل مشاعر البطلة وهز كيانها تماما وشكل كل تحركاتها وتصرفاتها اللاحقة ..فلحظة تنبهت إلى صوت أبيها ا( لذي عزم على العودة إلى قريته الأم في فلسطين)
    ( وهو الحدث الإفتراضي )
    القابع في لاوعي البطلة ، هربت إلى طفولتها وتنامت عندها فكرة الإنتماء وعانت صراعا نفسيا مريرا بين العودة والبقاء في مدينة تعتبرها وطنها الحقيقي .
    ونعود للحدث العام الذي يتحول إلى حدث ذاتي عند كل فتاة وهو ( ليلة عرسها )
    وخوفها الشديد من تقاليد تتعلق بإثبات عذريتها .في
    (صباح الدم)
    (لكن وجود الأم ذاته بعد زواج ابنتها ومرضها )
    هو الحدث العام فيما زواجها هو الحدث الأهم الذي شكل لها تناقضا حادا بين رفض البقاء مع أمها في المستشفى ..وبقائها مكرهة ..في
    ( مثل ما أحب أمي)
    (واكتشاف عصفور )
    على نافذة بطلة
    ( عصفور على النافذة )
    هو الحدث المحور الذي دارت حوله القصة فأسقطت عليه بمناجاته ..شعورها بالوحدة والروتين والإحساس العارم بالغربة .ولم تخلُ هذه القصة على حزنها من فسحة أمل في النهاية .
    أما ( الخيانة الزوجية)
    فشكلت محور الحدث في
    ( أخرج يا سعيد )
    والذي تصورته الزوجة على صيغة رؤيا تحققت في الواقع وهذا هاجس كان يتمدد في نفسيتها على الدوام .
    أما في
    ( مفكرة )
    فاختلف الحدث تماما
    فقد تشابه الحدث من حيث كونه
    ( موتا في البداية والنهاية )
    ، لكنه كان عاديا لا يتذكره الآخرون وتلهيهم الدنيا وشواغلها عن الإعداد له والإتعاظ به ، أما في الموت الثاني فقد كان
    حدثا مفاجئا صاعقا ..
    كأنما هو من
    صتع البطلة
    لتجعل الناس يتذكرون ....ولعلي أقول
    أن الحدث الأول طبيعي والثاني مصنوع بمهارة .
    وتخيم لحظات التحول الإجتماعي السلبي وتأثيرات الحضارة واتساع المدينة والكبت وسقف الحرية المتدني ومجمل عادات وتقاليد تضيق الخناق على المرأة ..تسيطر على فكرة الحدث في صناديق البكاء ..
    الذي اشتعل الحدث القريب بها عند
    ( تقاعد حارس الدار )
    الذي أمضى ثلثي عمره بها .
    ودعك من أحداث فرعية لكن الإشارة اللافتة على التحول الإجتماعي السلبي هي استقبال طفل في البداية ثم تكاثر الأطفال في الصناديق في النهاية وهو الحدث العام الذي دارت حوله القصة .
    وبينما شكل
    (انقطاع راتب المعونة الحدث الصاعق على نفسية العجوز) ...وأشار إلى طبقات اجتماعية فقيرة في بلد نفطي ...أشار الصاعق التالي في بائع الشراريب إلى نفس الحالة من تناقض الوضع الإقتصادي ووجود أطفال متسولين بالشوارع في بلد نفطي أيضا وهذه مفارقات حادة
    وشكل
    موت الطفل
    وهو
    حدث مأساوي ..
    إشارة لافتة جدا على مسؤولية الدولة هروبه السريع إثر حصوله على ممائة ريال من محسنة عجوز ، كان بفعل ملاحقة سيارة البلدية له ولأمثاله من باعة الشوارع المتجولين
    وهنا اٌقول أن معظم بلدياتنا في الوطن العربي تقوم بنفس الإجراء وهو ملاحقة أصحاب البسطات والباعة المتجولين في الشوارع وعلى إشارات المرور ولعل الحل الأمثل بدلا من ملاحقتهم وهم المحتاجون أن تفكر البلديات بإيجاد الحلول لهم ودراسة أسباب لجوئهم إلى تلك الممارسات كإيجاد فرص عمل أو أسواق ثابتة تحتويهم ...إلخ
    لكننا نلاحق
    حدثا نفسيا
    من نوع عميق يغور في سراديب النفس ويشكل بعد ذلك ردود الأفعال المتنوعة بل ويحدد
    عبارات الفضفضة والبوح
    بما تراكم في النفس من تأثيراته
    ( كما هو الحدث في صديقتي التي )
    الذي تفجر في نفس الصديقة لحظة سماعها تعليقا يوم زفافها ( عريس أعمى القلب ..ألم يرها قبل أن يخطبها ...قصيرة وعرجاء ........!!!
    إذن قصيرة وعرجاء هو الحدث الدائم المستقر
    في أعماق النفس والتعليق الذي نبشه وأشار إليه هو
    الحدث الآني المباشر
    وما بين تأثيرات الحدثين في أغوار النفس دار البوح من جديد ولكنه مختنقا بعبرات كادت تسيل من عين الصديقة وهي تقول عن صديقتها
    ( أن زوجها لا يبالي بمشاعرها )
    وهي لا تدري أنها فجّرت في نفس صديقتها التي اختلقت شخصيات عديدة لتتوارى خلفهن وخصوصا عندما قالت لها
    ( أن زوجها لا يبالي بمشاعرها على الإطلاق )
    وبذلك
    ( فتحت أبواب السراديب المعتمة المغلقة في نفس محدثتها ( والتي تضج بالألم)
    وتبقى الإشارة إلى ظاهرة الفقر لافتة في اضطرار طفل لبيع الشراريب لشراء الدواء لأمه المريضة
    في تناقض هذا الإطار الإجتماعي دارت أحداث قصة
    بائع الشراريب ..
    وتنوعت من
    حدث عام جدا
    وهو التحول الإجتماعي وبروز الفقر في بلد نفطي ..إلى فرحة الطفل وصاعقة الحدث على نفسيته إثر
    حصوله على مائة ريال ...
    وصخب المدينة وتهور سائقيها إثر
    بروز سيارة
    ( مسرعة ) في قلب السوق التجاري الرئيسي لتنهي حياة الطفل وتقضي على آمال أمه بالشفاء .




    يوسـف أبوسالم - الأردن
    الموسيقى هي الجمال المسموع


    مدونة الشاعر م.يوسف أبوسالم
    رد مع اقتباس  
     

المواضيع المتشابهه

  1. قراءة نقدية لمجموعة ( سرداب التاجوري )
    بواسطة مريم خليل الضاني في المنتدى قضايا أدبية
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 20/01/2009, 09:45 PM
  2. قراءة الأديب أحمد مكاوي لسرداب التاجوري
    بواسطة مريم خليل الضاني في المنتدى قضايا أدبية
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 17/12/2008, 10:44 PM
  3. قراءة في مجموعة مريم خليل الضاني ( سرداب التاجوري)
    بواسطة د.ألق الماضي في المنتدى قضايا أدبية
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 05/12/2008, 09:20 PM
  4. قراءة السعيد موفقي لسرداب التاجوري
    بواسطة مريم خليل الضاني في المنتدى قضايا أدبية
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 31/08/2008, 10:48 PM
  5. مقدمة قراءة جديدة للسرد القصصي في الخطاب القرآني
    بواسطة المساوي في المنتدى إسلام
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 18/05/2007, 01:30 PM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •