ملاحظات متأخرة عن معرض:
أدونيس ..شاعر في عالم اليوم، 1950ـ 2000
بقلم / خالد المعالي
أقام معهد العالم العربي بباريس معرضاً شاملاً عن الشاعر السوري أدونيس وذلك بمساهمة أساسية من جامعة برنستون الأمريكية، وقد أقيم المعرض للمدة ما بين 11ديسمبر وحتى 18شباط ـ فبراير 2001م وقد صدر بهذا الخصوص كاتلوغ خاص وقيِّم ضم عشرات المقالات والتعقيبات والصور التي تؤرخ سيرة هذا الشاعر السوري المعروف.
وبمناسبة هذا المعرض الشامل والأول من نوعه ربما، والذي يقيمه معهد العالم العربي عن شخصية ثقافية عربية، يتمنى المرء لو أن المعهد قد أقام معارض أخرى قبل هذا المعرض، وذلك عن حياة مثقفين عرب لا يقلون أهمية إن لم يكونوا أهم من المحتفى به حالياً، أمثال: طه حسين، نجيب محفوظ، بدر شاكر السياب، يوسف الخال، كاتب ياسين، توفيق صايغ وغيرهم، هذا من جانب، ومن جانب آخر، فنحن نجد من المناسب والمفيد لو أن مؤسسة فرنسية محضة، كمركز جورج بومبيدو مثلاً، قد أقامت هذا المعرض، وذلك لأسباب عديدة، أولها الشهرة الواسعة التي يتمتع بها أدونيس في فرنسا حالياً، والتي تفوق بالتأكيد شهرته الاهتمام به في العالم العربي اليوم. وذلك لأن المعرض هناك سيجلب أضعاف ما يجلبه معرض المعهد من زوار ومشاهدين، ولكونه سيكون غير مخصص للمهتمين بالعالم العربي فقط وببعض السياح الذين تحملهم الصدفة والفضول على زيادة معرض المعهد.
الملاحظة الأخرى، فيبدو أن اندونيس قد تدخل بنفسه في كل شيء بالمعرض، وفي الكاتلوغ، فهو قد استبعد مثلاً كل الشخصيات التي علاقته بها غير جيدة اليوم، ولم يستبق إلا بعض الصور في حدود ضيقة، والتي تجلب له فائضاً من الشهرة، وحاول أن يضم بكل ثمن صور ومقالات (شهادات) من هب ودب، أغلبها سطحي، واستبعد كل الاشارات النقدية الجادة، وأضحت كل هذه الاضمامة من المقالات والشهادات وكأنها جوق يلهج بالمديح الطويل الذي لا ينتهي، وكل هذا لا معنى له ولا طعم ولا رائحة.
والشيء الأغرب أيضاً، أنه لم تُنشر في الكاتلوغ أي مساهمة لأي شاعر أو مثقف عراقي، إلا إذا استثنينا قصيدة شوقي عبدالأمير والتي ترجمها فرانسوا زبال إلى الفرنسية، والكل يعرف علاقة أدونيس وتأثره وتأثيره مع الشعر في العراق، وهي علاقة مثيرة للارباك، بالنسبة لأدونيس كما يبدوا.
ولا يسع المراقب المطلع هنا إلا أن يعتبر أن هذا المعرض الذي أقامه معهد العالم العربي بباريس لهذا المثقف العربي المشهور، بأنه معرض حسب مزاج أدونيس، أي معرض يريد أن يرينا كيف يود أدونيس أن يرى نفسه في التاريخ وهذا شيء مؤسف، لأن هذا يعني الاضطرار إلى التزوير والإلغاء لهذا كان حرياً بالمعهد أن يعرض لحياة أدونيس ونشاطه الواسع كما كان، لا كما يريد أدونيس أن يُعرض، لا أن يلجأ المعهد إلى التاريخ الافتراضي الذي حاوله أدونيس من خلال هذا المعرض.