مشاهدة نتائج الإستطلاع: مسابقة المربد الأدبية

المصوتون
15. هذا الإستطلاع مغلق
  • ممتازة

    12 80.00%
  • جيدة

    1 6.67%
  • لا بأس

    2 13.33%
إستطلاع متعدد الإختيارات.
صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 1 2
النتائج 13 إلى 18 من 18

الموضوع: مشاركات قسم القصة

  1. #13 رد: مشاركات قسم القصة 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    3
    معدل تقييم المستوى
    0
    صاحبة الحروف الملكية الاربعة

    كانت هي نائمةُ بين فراديس الالهة تُشبع رغباتِها بخيانتِها لعشيقيها ڤلكان مع مارس رب
    الحروب
    تلك هي ڤينوس ..........


    ايا ربة الجمالِ .... من حملَ اسفاركِ وحط بها على رحالي
    ايتها الحالمة
    عودي ادراجكِ واسرعي الخطى, واحملي رسالتي لكلِ من عاثَ بكِ
    لن تسقط اوراق عمري في خريفِ حبٍ اخر
    حاولت
    جاهدت
    توسلت
    ثم رحلت


    أطفأتُ كل الاضواء, اوصدتُ كل الابواب
    مساحات تملؤها الفراغات ........ الصدى في كلِ مكان عم اجزائي........ ضجيجُ يخرجُ من السكوت والرفضُ ينطقُ من جثثِ الامواتِ بداخلي
    ايها القلبُ استجمع قواكَ, لا تطلق له العنان ودع الفينيق في رمادهِ غافيا
    محاولاتُ يائسة
    لن ينفع الندم
    كان قلبي قد خفق
    وزاد من حدة النبض
    وانتشر الدم في عروقي كأنتشار الدعوةِ الاولى


    فقد اجتاحت حروفها الملكية الاربعة كل ما املكُ في مملكتي
    عيناها العسليتان وشعرها البني المسترسلُ الى اكتافها, بحار اللؤلؤ المرسومة بين شفتيها ولونها الجامع لمشارقِ الارضِ ومغاربها


    ايها القلبُ استميحُكَ عذرا فأني................ عدتُ الى عصورِ ما قبل صحوتي
    فنبيذُ الجاهليةِ مازالَ يسري في عروقي
    وتأوهات هندٍ على فراش البغي مازالت ترنو في مسامعي
    ماعدتُ احملُ تعقلي ........ عدتُ الى طيشي
    حاولَ جاهدا منعي
    اما جنيتَ من اسفاركَ مع العشقِ درسا ؟
    اما تعلمت كيف تقوى امامَ حُبٍ ؟
    فجدرانَ مكةَ مازالت ملطخةُ بفجورِها
    كيف تهواها ؟
    ولكن كيف ارفضُ حبا طرق بابي ؟
    لم اطق به ذرعا...... اشتقت الى طيشي
    كم وددتٌ تقبيلها .... وهمزها وشدها وجذبها
    رغم تحريمها في اياتِ قرآني


    حملتُ نفسي
    نظمتُ شعرا كتبتُ نثرا
    ارسلتُ صوتا خافتا يهمسُ في مسامعها
    ايتها المبشرة
    الحاملةُ لآثامِ الاولينَ والاخرين
    ابشري ...........
    فقوافي الحبُ عندي لاتنتهي
    لكِ عمري
    فضعي الفواصلَ بين سنينه حيثُ تشائين
    وحركي كلماته كما تشائين


    كانت هي حين وصلتها رسالتي قد صفحَ عنها ڤلكان


    لم تنفع معي كلُ نصائح مينرڤا ربة الحكمة, كلُ ما ارادته مني هو اظهار نفسها امامه لتنال رضاه


    تدفعني نحو الحماقةِ اشياءُ كثيرة, فتارة الانتقام واخرى الانتحار واشدها السكوت
    نفحات من الجاهلية تضرب على اوتاري.......
    لكن دون جدوى


    فأرقصي وهللي بنصركِ على ارضي المدمرة, واتركي الدمع لعين امي


    ارقصي وهللي وعودي ارشفي الخمر من رِضاب الالهة
    ولتنتشي منكِ الالهة




    اما انا
    فكما انا
    عدتُ حيثُ انا


    الرمق الاخير

    في وسط الزحام وسط تراكمات مزعجة من الالام والجراح في ظل عصف فكري ما انفك يبحث ويبحث في تفاصيل الممرات ويقلب في اورقة النوادي.

    كانت هي واقفة امام المرآه تداعب حسنها بأطرفها الناعمة وتمرر المرود السحري على رمشها الحاد الذي يقف في استعداد تام وكأنه يعلم ان لديه موعد مع ضحاياه.

    لم اكن اعرفه, لم يكن يعرفني, لم نكن نعرفها, لم نكن نعرفه.....
    اجتاحت كياني وكيانه في وقت واحد ولربما في وقتين مختلفين. كل منا عزف على الته من كان يعشق العود عزف على عوده ومن كان يعشق الناي طرب بنايه
    شعرت بأنها مملكتي وبأنها ضمن احداثياتي الخاصة وبأني الطوق الذي كانت تنتظره لتضعه على خصلات شعرها الممتده الى اكتافها الرائعه
    اما هو فمثلي تماما فقد استباحت نظراتها قلبه ايضا واحس بأنه حصنها العتيد وراح يبحث في سوق النفائس عن الصلاة الفريدة التي يصليها في حدائقها المعلقة لفك اسوارها المنيعه
    ليلة اسطوريه حمل كل منا جراح سنينه الطوال ليلقي بها في طريق اللاعوده, لم انم تلك الليلة قضيتها وانا اخرج اخر زفير حزن وانتظر ذلك الصباح
    اما هو فمسكين هو كان على موعد حسب جدول اعماله اليومي على وجبة افطار فرنسي مع صاحبة الحروف الملكية الثلاثه
    وكان الصباح ....................
    شعور فوضوي تراكمات مزعجة حالة استنفار مبهمه الكل في ترقب لما سيحدث
    فكان الصباح......... وكان هو ................ وكانت هي
    اما انا وصديقي الذي التقت المنا لتصب في بحر واحد ....................... لم نفهم شيئا

    لحظات حتى اطلقت اليد اليمنى صرختها المدوية وهي تحمل الخاتم وتلوح في الافق كنعي غراب بسقوط غرناطه وبمقتل اشعار البردوني على نهر دجله وانتحار الاوذيسه على مشارف عينيها
    وكأن الاقدار كلها قد اجتمعت في هذا اليوم
    فكنتي اول واخر كأس خمر اضاف الى جسدي نشوة حزن اخرى واكوام ذنب
    وكنتِ اخر ماتبقى من شهقات الحب......... قضى بها نحبي.


    حبيبتي



    يا لوحتي ألمجنونة * * * يا عبرتي ألمدفونة * * * يا معزوفتي ألحزينة



    حبيبتي.................. يا معركتي ألخاسرة


    غدا سأرحل....سأجمع شتات هزيمتي وأحمل فاجعتي على كاهلي وأرحل عن أراضيكم


    لا تتبعي أثري لن أعد الجيوش وأهزم ثانية فما تركته خلفي كان نهايتي ألأخيرة





    حبيبتي....... يا جوهرتي المفقودة


    قضيت دهرا وانأ ابحث في الأرحام عن مستودع لي , اذكر لقائنا الأول بكل ما يحمله من دهشة واستغرب ، لم اعرف حينها كيف أرد جميل القدر


    اذكر جيدا فستانك الأبيض واذكر أيضا ضحكتك بكل تفاصيلها اذكر تعابير وجهك العفوية وتصرفاتك المغرورة واذكر أيضا لقائنا الثاني والثالث والرابع اذكرها جيدا مثلما اذكر نهايتي




    حبيبتي...... يا دميتي الجميلة


    ها هي نظراتنا تحتضر ، لن نتلاعب بعقارب الساعة ها هي أيامنا زهقت قبل إن تنطق الشهادة


    لن تريني غدا ولن اعرف لك طريقا أو عنوانا وستكون لك عائلتك الجميلة وستكون لي عائلتي وستظل همساتنا نبض قلبنا ومصدر عطائنا


    سأموت وتموتين وستصبح حكايتنا كوطن لا يعرف النهاية


    إن كان يومك قبلي فسأجعل مثواك مزارا وان ارتعدت عظامك البالية فلا تعجبي فقد نثرت عمري قصيدة فوق رماد قبرك


    وان مت قبلك فلا تفزي من نومك واعلمي إن الأيام قد طوت صفحتي واسمعي وصيتي


    مسيرتي صفحة بيضاء بصمت في أخيرها ومضمونها سطرته يديك




    وحيث إني لا اشك لحظة واحدة.... إن مماتنا سيكون في لحظة واحدة ..... تزفنا إلى السماء يد واحدة




    حبيبتي....... ياقوتتي الثمينة


    إن شاءت الأقدار إن تسلبنا عرسنا الشرعي في هذه الدنيا فسأنتظرك في الحياة الثانية هناك في العالم الخالي من الشياطين وسأبحث عنك في أزقة الجنان وسأجدك ....... نعم سأجدك وهناك يا حبيبتي لن تكوني لغيري


    فعدي أيامك وامرحي بها ولا تقلقي ........................ فبيننا لقاء ثاني
     

  2. #14 رد: مشاركات قسم القصة 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    44
    معدل تقييم المستوى
    0
    الأستاذ الفاضل د.شفيق
    تحية وسلام ..
    كانت لهذه المبادرة الطيبة صدا في نفسي ومهرجانا لكل هواة الأدب وعشاق الثقافة .
    أشترك في قصة ( تداعيات حصار ) الموجودة في الموقع مع الحب والأعتزاز
    ابو محمد
    ابو محمد السوداني
    العراق
    له مجموعة قصصية بعنوان ( كرة الصوف ) / 2005 / عن رابطة البديل الثقافي وله الكثير من القصص التي نشرت في الصحف المحلية.
    ----------

    تداعيات حصار

    من أجل حور عينيه طردت ألوساوس التي كانت تحوم فوق رأسي وكتبت بأقلام متنوعة أنغاما على أوتار اللوعة ورسمت حواجز بفرشاة الهموم لحجب ألعيون المتطفلة التي تتابعني كلما مررت وكأنها دبابيس تغرس في جسدي 0
    وبكل جرأة حطمت ألصخرة ألماسية على عتبة بيتي وخرجت لأرى ثلمة الشمس ألمستحية لعلي أتمتع بدفء بقايا أشعتها 00 سرت في طرقات ألشبهة على حافات مائلة كدت أن أنزلق منها لولا هبات الصدفة التي انتشلتني من أدران السقوط في هاويتها المريرة 00 وفي كل مرة أعود أليه وحقيبتي فارغة فأجده لا يزال ينظر إلى الباب الذي ودعته عنده فأحنو عليه وأضع رأسي بين ركبتيه ألجاثيتين في عربة احتوته من جراء شظية طائشة أرسلها أليه هواة الدمار 00 أحس بأنامله تداعب خصلات شعري وبقايا دموع تتساقط بصمت , ثم أفيق فأرى حور عينيه ، فأذوب في بحر الحزن وأتمرغ برمال الأسى 0

    أسقطت كل شيء من مفردات بيتي ما كان ثمين ونادر إبتداءا من مجوهراتي الغالية و انتهاء بعفش البيت المحبب ولم يبق لي سوى الفراغ والهم وجسدي الممشوق الذي كان وبالا علي في أزمتي الخانقة وهاتفي ألنقال الذي أهداه لي في عيد ميلادي عندما كان شعلة أستضئ به 0
    كل ذلك بسبب ما يسمونه – الحصار – الذي صدره لنا القابعون خلف أكوام ألخراف ألمفلطحة و الحمام المحشي0000
    تجولت كثيرا وبحثت كثيرا وجربت أنواعا من الحرف المتواضعة التي لا تناسبني00 شاهدت ألأجسام المسندة والشخوص المتحذلقة والكل يقدم لي أوراقه ألصفراء ألمخادعة 0
    قصدت أسواق الثقافة ومكاتب الدعاية وعشرات ألمؤسسات وشركات النشر علني أحظى بومضة نور أو أهتدي إلى ظل خفيف احتمي به , أخيرا فشلت وقصدت أصحاب ألجيوب ألمنتفخة الذين يهمسون لي بضمير ألغائب بالفردوس عن لحظة لقاء0
    وفي أول تجربة لي بدأت أخلع عفتي مستسلمة لمخالب الجوع التي تمزق أحشائي وألقيتها في أدران ألحضيض من اجل فتاة ألطعام ألرخيص الذي يملأ قمامة ألمدينة والذي توارى عنا بحجب ظلامية لا يمكن الاهتداء إليه إلا بالتضحية بالنادر 00 وفي أللحظات ألأخيرة أدركني رنين ألهاتف ألنقال 00 كان على ألطرف ألآخر مدير دار ألنشر : يستحثني بالقدوم لتوقيع العقود على نشر مجموعاتي ألقصصية ألتي كتبتها بألوان مختلفة 0
    عمدت إلى أخفاء الأزرار في بيوتها الآمنة خوفا عليها من الأنامل المتلهفة التي تغريها رياح المجون الفاسدة وتدغدغ أفكارها الغريزية نحو مكامن الحمام ، وأعدت ترتيب هيأتي وهرعت إلى بيتي مسرعة00كان في وسط البيت ينتظر وعيناه معلقتان في فضائه يعرف عودتي 0وقفت أمامه أنظر إلى حور عينيه 000
    أبتسم لي 000
    ابتسمت له بعد أن أدركت نفسي ، قبل فوات ألأوان0






    زارني طائف في الليل ملتحف عباءة ، يرتجز شعرا وتعاويذ وآيات قصار ، هد لي مضجعي وأرقني قدومه 00
    قلت من ذا الطارق من غير موعد ؟

    قال : هل نكرتني ؟
    قلت : بلا 00 أختلط الأمر عليا 00
    قال : لا تتعب حالك ، فأنا توأم روحك ، وأنا اللغز الذي خبأته في اللاشعور 0
    قلت : ما تبغي ؟ لقد أفزعتني 0
    قال : أحببت أن تشهد ( تتويجي نبيا ) 0
    قلت : أي نبي ؟!
    قال : نبي للموتى !!
    راح مني الروع وارتحت هنيهة
    قلت : أين الحفل ، في أي مكان ؟
    قال : في المغرب ، في الوادي المقدس ، في وادي السلام ، في الغري
    قلت : هيا00
    لفني في عباءته البيضاء وارتقى فوق السحاب00 سار حثيثا
    لم أكد أسمع سوى خرير الشهب ، وشجيج الريح ، وحـــــفيف
    السحب 00 ثم في لمح البصر قد تهاوى ووصل 00 فوق قبر مرتفع، ظل فوق القبر شاخص وأنا خلفه جالس 00 ساد في الموضع صمت وسكون غير لغط وصفير ونعيب البوم 0
    بعد حين نهض الموتى من الأجداث حفاة فرحين 00 أحاطوا به من كل جانب، وضعوا الحناء وأشعلوا الشموع وأعواد البخور ، نثروا ماء الورود 0
    كان فيهم واحد من عهد عاد أو ثمود ، أكل الدهر عليه وشرب 00 سار نحوه يتهادى 00 حاملا طوق من ألآس وورد الياسمين 00 أنحنى بين يديه ، قرأ الحمد والإخلاص والمعوذتين ثم باركه حضوره ، وألبسه تاج النبوة ! ، صفق الموتى بحب وحماس 00 هتفوا فيه هتافا لا يقاس 00 أشار لهم بالجلوس ، جلسوا فوق الرمال خطب فيهم خطبة عصماء ، كلها ترهيب وتخويف وترغيب ومواعظ وحكم 00 حتى انتهى حمد الله وجلس 00 وقف الشيخ أمامه في خشوع واحترام ، بايعه ومضى ، ثم قام الآخرون بايعوه بالولاء والحبور واختفوا بين القبور 0ثم عاد الصمت في كل مكان وارتأى لي الفرق في الشفق يلوح وأفقت على صوت المنادي ( الله أكبر ) ، لم أرى شيء مما سلف سوى عطر يفوح ، وشمعة تتوقد ، وكأس لا
    ينضب 0

    --------------
    ولد00 ولد00 ولد , وصفق مع كل كلمة , ثم قال :
    دمدم000 دام

    دمدم 00 دام 00 ويضرب مؤخرته بكلتا يديه ويقول :
    دمدم , دمدم , دمدم 00 دام
    وجه الجليل العلام
    وجه الكريم المنان
    ولد00 ولد 00 ولد 0
    في ضحى يوم ربيع ضاحك وبين بساتين النخيل الباسقة وأشجار الزينة الفارهة وأعشاب الحشائش النظرة 00 رقد أحد أولياء الله في مبنى من الطين لطخت جدرانه بالحناء , تعلوه قبة خضراء , فرشت أرضه بألحصران والبسط الصوفية , تفوح رائحة البخور في أجوائه , يتجمع الناس حوله للتبرك ونيل (المراد ) , يطوفون حوله ويصلون ويستريحون في فنائه , وفي محيطه الخارجي يجلسون هنا وهناك للاستجمام والراحة والأطفال بين ألأشجار يلعبون ويمرحون 0
    ضرب على الطبل 00
    تجمعوا حوله 0
    ضرب ثانية 00 سكت الجميع 00
    صفق وصفقوا معه 00 هزّ بدنه وتلوى كالأفعى المذعورة وهو واقف 00 كسا جسمه بكل لون من رأسه حتى أخمص قدميه 00 على رأسه طربوش مخطط بألوان لامعة وعلى وجهه لطخات من ألوان غامقة , ونثر قميصه ببقع زاهية وخيط ثوبه القصير من عدة طبقات شفافة كل طبقة بلون مغاير , توسط ساقيه خيط يتدلى غرزت فيه( بكرات الخياطة)
    ينفخ أوداجه ويزفر أنفاسه ثم يخرج لسانه ويصك أسنانه 00 يقفز في الهواء عاليا ويعود إلى ألأرض على ركبتيه ويهز كتفيه بعنف وينهض تدريجيا و هـو لا يزال يهتز على إيقاع (الصلاجغ ) التي ثبتت على أنامله , ثم يضرب ألأرض برجليه بقوة ويركض – ركضه الفرس الجامح – 00 يدور دورة وأخرى ثم يقف وينظر إليهم ويختار إحداهن 00 يتقدم نحوها ويضغط على خيط البكر فينتصب كعضو الذكر 00 يفرون من حوله وهم يصرخون 00 يرخي الخيط فيعود (البكر) يتدلى بين ساقيه 00 يتجمعون حوله من جديد 00 يصفق وهم يصفقون يلاعب ( ألصلاجغ ) ويضرب على
    الطبل الذي شدّ في وسطه ويقول :
    ولد00ولد00ولد 0
    وهكذا يعيد المشهد عدة مرات وهم يصفقون ويضحكون 0
    نصحه الكثيرون بالتوسل إلى صاحب القبة الخضراء فإن مراده موثوق وشارته لا تخطئ , إلا أنه لم يكترث بأفكارهم وعقائدهم 00 أثنا عشر عاما مضت على زواجه ولم ينجب 00 عرض نفسه وزوجه على كثير من حكماء المدينة والعاصمة , ثم سافر معها خارج البلاد للفحص والعلاج إلا أنه فشل بكل محاولاته وعاد خائبا 00 أخيرا اضطر إلى إن يقصد ضريح الولي صاحب القبة الخضراء ويتضرع إليه وينذر له إذ ما استجاب طلبه سيرقص في حضرته ويؤنس زواره 0
    التعديل الأخير تم بواسطة طارق شفيق حقي ; 12/12/2008 الساعة 11:09 PM
     

  3. #15 رد: مشاركات قسم القصة 
    (ريشة المطر) الصورة الرمزية نهي رجب محمد
    تاريخ التسجيل
    Jul 2007
    الدولة
    صعيد مصر-مغتربة في الإمارات - العين
    المشاركات
    237
    معدل تقييم المستوى
    17
    سأشارك بثلاث قصص:
    1-شرفة الدار
    2-حصاني المكسور
    3-الخادمة

    وأختار القصة الأولي للمشاركة.


    (أولاً) شرفة الدار
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

    ابتسامته تضيء شرفة الدار، نكاته الطريفة تملأ أجواء الجلسة بروح مرحة، يتوسط الحديث كنورس قائد، تنجذب إليه نجمات السماء فتسهر تطارحنه النقاش.كان قريبا في الشبه من والدي، ولكن حداثة سنه ومشاركته لنا السمر الليلي والمذاكرة والطقوس البيتية الصغيرة جعلته بمثابة أخ كبير.

    أذكره طويل القامة مثل شجرة سرو سامقة، أرى صورته الآن مثل ظل أخضر في جدول ماء. يجلس القرفصاء يرتب باحتراس أكواز الذرة الخضراء فوق اللهب، ثم يقوم ليلوح بمروحة الريش، وبين فرقعة الشي وصوت غنائه العذب تتهلل في أيدينا لكنة التصفيق.

    اعتاد لبس الجلباب الأزرق ذي الأكمام الواسعة في الدار، وأحب أكل الجبن (القريش) والجرجير والفول الأخضر والفطير الساخن صباحًا. وعندما يسافر عائدا للعاصمة مساء يهفهف على جسده القميص الأبيض المخطط والبنطال الأنيق.

    لكل مقام مقال عنده حتى اللغة لها وجهان:
    وجه صعيدي يتحدثه عندما يكون بصحبتنا في الدار.
    ووجه قاهري ينطقه بين أصدقائه في الجامعة.
    أعجبني طموحه وفرحت بحصوله على عمل مرموق في العاصمة، وزواجه بجامعية جميلة، سمعت أخبارا قلائل عن إنجابه صغارا تمنيت أن أراهم.

    طواه الزمن في صفحاته بعيدا عن ذاكرتي وانغمست في يومياتي بين أبنائي ومن حين لآخر أسأل عنه فيردون: هو بخير (وليس من رأى كمن سمع). والآن عندما علمت أنه مريض وربما موشك على الرحيل (لا يوجد من يقول الحقيقة لحبيب غائب) لم أدرك ماذا أفعل غير أن أنظر من شرفة الدار وأعد نجمات السماء وأظن أن إحداهن نجمتي التي تنتظرني أن أصعد إليها وأمسك بها مثلما كان يحكي لي وأنا صغيرة.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    7/6/2008
    نهى رجب محمد
    (ريشة المطر)

    ************************************************** *****

    (ثانيًا) حصاني المكسور
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    كانت منيتي الوحيدة أن أصير جنديا في صفوف المشاة، فارسا ممشوق القد، تتيه علي كتفي نجوم البطولات وتزين صدري أرفع الأوسمة.

    أسكرني الحلم للثمالة فتماديت فيه حتى جاء يوم خرجت فيه بصحبة والدي للتسوق، حين اقتربت من زجاج المعروضات شعرت بأنفاسه دافئة تلفح وجهي، عرف والدي أنني أريد الحصان فاشتراه لي، حملته بين ذراعيّ كانتصار جديد.

    عدت، خصّصت له فراشا ووقتا محدّدا أداعبه فيه، تعلّقت به كثيرا، انغرست في الحلم للثمالة:
    جلست على ظهره وأمسكت لجامه كقائد محنّك وبدأت في الجري ثم القفز ببراعة فارس مجيد، كانت حركتي سريعة وقفزاتي وثّابة وناجحة، وكان التصفيق يصل إلي أذنيّ مدويًّا.

    عندما هممت بعبور آخر الحواجز الثلاثية انكفأ الحصان وانهارت الأعمدة تباعا وانسحقت على الأرض، وارتطم وجهي بعشب الساحة الطري، قاومت رغبتي في البقاء على الأرض ساكنا لحين استجماع قوتي، ورفعت رأسي، تلفتّ على الحصان... كان رابضا علي أرضية الممر متكوّرا على نفسه ولهجة الدهشة متعلّقة في عيون الجماهير الواقفة.

    قال الطبيب ـ بعد أن انتهى من تفقد ركبته اليمنى المصابة ـ: هذا آخر عهده؛ بالسباق ابحث له عن مهمة أخرى.

    رفض حصاني الأبيض حمل السماد إلى حقل الذرة، وسكَب الأكياس الزرقاء علي الأرض، وعندما رُبط بعربة الفاكهة تمادى في التململ من الحبال حتى مالت العربة بالسائق وانسكبت أقفاص البرتقال والليمون في ماء الجدول المجاور.

    فككتُ الحبال واشتريت له صابونا معطّرا، وجلست أنظّفه وأدلّله وأغني له، وعندما غفا في دهاليز النوم حملته بين ذراعيّ خلسة ووضعته في صندوقه الكرتوني المفضّض، كان ذيله ناعما وكنت فوقه في كامل أناقتي، تتيه فوق كتفي نجوم البطولات وتزين صدرري أرفع الأوسمة.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
    10/5/2008
    نهى رجب محمد
    (ريشة المطر)


    ************************************************** *****

    (ثالثًا) الخـادمـة
    ـــــــــــــــــــــــــــــــ

    ماذا ينقصني لتصبح هي سيّدة الدار وأتحوّل أنا إلى تنظيف الأرضيّات؟ أراقبها طيلة الوقت: تستيقظ في العاشرة، تغيب في الحمام وقتًا طويلًا، لا أعرف ماذا تفعل، لكنني أشمّ رائحة العطر الفاخر، أتسمّع رغوة الصابون الكثيفة، ثم يأتي دوري لأقوم بمهامّ النظافة.

    تجلس على الأريكة، أحضِّر لها الفطور، أناولها كأس العصير كأنها تنتظر مني أن أطعمها في فمها، ثم تطلب مني أن أذهب لغسل الأواني.
    وجهها ناصع البياض، كلامها معي قليل لكنها لا تمنع عني شيئًا، اشترت لي ثوبًا في العيد الماضي وأعطتني زجاجة عطر.

    لا أعرف لماذا أنشغل بمتابعتها؟ لا أقصد التلصّص عليها. كل يوم ترتدي ثوبًا مغايرًا، لا يمرّ أسبوع إلاَّ رافقتها إلى صالون التجميل، تعود عروسًا، شعرها الأسود الهفهاف في قصّته الجديدة يجعلها أشبه بالأميرات، وتخطو على السجّادة الوثيرة بدلال فألمح نقش الحنّاء على كعب رجلها الناعم. تمنّيت لو سألتُها مرة واحدة هل جرّبتْ يومًا أن تغسل طبقًا متّسخًا؟ أو هل اضطرت أحيانًا إلى تنظيف الحمام؟!

    أنا لا أحقد عليها، أتقاضي راتبًا محترمًا من هذا المنزل الفخم، أحظى بمنزلة مميزة بين أفراده: تستأمنني سيدة الدار على ابنتها الرضيعة ولكنها تصرّ كثيرًا على إطعامها بنفسها، تترك لي مهامّ التنظيف والنزهة.

    لست ضجرة بكل هذه المسئوليات؛ فهو عملي الذي أتقاضى عليه الأجر، وفي آخر النهار أنزوي في غرفتي الصغيرة لأنام. ميعاد نومي واستيقاظي محدّد، وطعامي فوق طاولة المطبخ، لا أطمح أن أشارك الأسرة الطعام، الحقّ أنهم يعاملونني بلطف.

    ثلاثة أطفال في المدرسة، نظيفون لكنهم مشاغبون، أتعب في إرضائهم وأملُّ من دلالهم الزائد (ماذا أفعل حتى تبقى الدار هادئة وينهي سيدي كتابته على الحاسوب، غرفة المكتب قريبة وصوت الأطفال عالٍ؟).

    الحلول المقترحة من سيدتي كثيرة: اذهبي إلى غرفة الألعاب (نُمضِّي ساعات طوال في الرسم وبناء البيوت الصغيرة بالمكعبات)، في بعض الأحيان تسمح لي سيدتي باصطحابهم إلى الشارع الجانبي الهادئ للعب فوق مربع الخضرة في الميدان الفسيح.

    الحياة على هذا النحو مُرهقة، فكّرت في أن أترك المنزل لكنني لا أجد مبررًا للمغادرة، أحتاج هذا الراتب وزوجي لا يمانع في هذا العمل، ماذا أصنع؟ سيدتي تنادي عليَّ!
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    10/2/2006م
    نهى رجب محمد
    (ريشة المطر)

    *****************************************
    كلنا على شجرة السرو نتعلم من نهر الكلمات.
    نهى رجب محمد
    تحيا جمهورية الأدب
     

  4. #16 رد: مشاركات قسم القصة 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    4
    معدل تقييم المستوى
    0
    قصّة الطائر المجروح

    في يوم من الأيام، عندما كنت صغيرة تعوّدت اللعب مع صديقاتي في حديقة منزلي. وفجأةً، عندما كنت أركض معهم، سمعت صوت عميق يئن، يأتي من تحت الشجرة، حيث رأيتُ طائراً مجروحاً ملقىَ على الأرض. مباشرةَ قلت في نفسي: أنَّه من الضروري مساعدة ذلك الطائر، ثمَّ أخذته بعيداً لأعتني به وأضمّد جناحه المجروح.
    وبسرعة أحضرتُ له بعض الحبوب والقليل من الماء.
    بعد فترة ليست بطويلة عدتُ لأراه واطمئن عليه، حقاً رأيته مستغرقاً في النوم.
    وبعد أيام، في الصباح الباكر، ولحسن الحظ كان يطير ويزغرد ويملأ السماء تهليلاً وتغريداً فرحاً ومرحاً هو وأصدقاؤه.
    نعم كنت سعيدة جداً بهذا المنظر الرائع الجمال، وقد تمنيت لهم السعادة الدائمة. وأخيراً من خلال قصة ذلك الطائر ضرورة الحرية له ولكافة الطيور الجميلة.

    كاتبة القصة: رشا منذر السمكري
    rasha1983_s@yahoo.com



    حنين
    في يوم من الأيام، وبينما كنَّا نلهو ونلعب ونمرح في أرجاء الحديقة أنا و صديقاتي، سمعت صوت طفلة صغيرة تصرخ وتبكي، ركضتُ مسرعة وراء الصوت فوجدتُ طفلة صغيرة لا تتجاوز الأشهر من عمرها، موضوعة في مهدها، رائعة الجمال كبياض الثلج، سوداء الشعر، ذات عينان سوداوان مكحلتان وكبيرتان، فأخذتها إلى منزل عمتي الكبيرة في السن والتي لم ترزق بطفلٍ حتى الآن، ففرحت بها كثيراً وقلت لها: أن تعتني بها وتطعمها وتعاملها منذ هذه اللحظة كابنة وطفلة لها. وأثناء وضعها في السرير كان في جيبها ورقة وكان مكتوب عليها فقط عبارة (( هذه الطفلة أمانة في أعناقكم)) حتى أنَّه لم يُذكر أي شيء عنها وعن اسمها ونسبها. وبعد أيام ذهبت عمتي وقامت بتسجيلها باسم لونا وأنسبتها لكنية زوجها.
    يوماً بعد يوم بدأت هذه الطفلة الصغيرة تكبر والسعادة والفرحة تملآن أجواء المنزل فرحاً ومرحاً بها. وحين دخولها المدرسة بدأت وعمتي في مساعدتها في دراستها، وقد كنت مدرسة في ذات المدرسة، فكان همَّنا الوحيد هو رسم الابتسامة والسعادة على وجه هذه الطفلة، فكانت أيضاً الفرحة تملأ وجوه أصدقاؤها والتعاون والإخاء والمودة والمحبة تكبر بينهم يوماً بعد يوم. و كان من بين أصدقائها فتاة بدأت أولاً بالتقرب من صديقات حنين المقربين والمتعاونين معها لتتعرَّف عليهم عن كثب، فكانت الطفلة حنين من المتفوقات في صفها فبدأت صديقتها لونا تزورها في منزلها بشكل مستمر وقد كانت صديقة كسولة جداً لها حيث كان هدفها الوحيد هو التقرّب منها لمعرفة طرقها في دراستها واتباع أسلوبها المماثل لها أيضاً في كل شيء، وبدأت تراقبها بكل خطواتها وتصرّفاتها ومحادثة صديقتها المقرَّبة لها لمعرفة كل شيء عنها بالتفصيل واستدراجها حول الأحاديث التي تدور بينهما، ولعفوية حنين كانت تبوح عن كل ما بداخلها إلى لونا وقد كانت تجلس لونا بجانبها في كل حصة درسية إلى حين بدء الامتحانات ولونا التي بجوارها بدأت تلهيها بالحديث معها بصوتٍ خافت و حنين المسكينة كانت تجيبها على بعض أسئلتها، والوقت يمرّ بسرعة دون أن تشعر حنين بذلك وصديقتها مستمرة بالكتابة. فعجباً لأمر حنين أريدها فقط أن تهتم بالكتابة وملء ورقة امتحانها دون اللهو مع صديقتها لونا، ومضت على هذا المنوال لحين انتهاء الامتحان بأكمله. وبعد فترة فوجئت حنين بنتائج الامتحان وتدني علاماتها وأنَّ صديقتها الكسولة قد تفوقت عليها.
    أقبلت حنين تخبرني بنتائج الامتحان وتقول لي: أتذكرين صديقتي التي كانت تأتي وتطالع معي، فأجبتها: نعم، وما بها؟ فقالت لي: لقد نجحت بعلامات أعلى منّي. فقلت لها: أروي لي بالتفصيل ما الذي حدث معك بالامتحان يا حنين. ولماذا علاماتك متدنية بهذا الشكل؟ فقالت لي: إنًّني أثناء الامتحان كانت أساعد صديقتي بحل الأسئلة، ونسيت نفسي وأنَّ الوقت قد مرَّ ولم أستطع اجتياز الامتحان كما يجب.
    ومنذ ذلك اليوم نصحتها بالا تصغي لها وإن أرادت أي شيء منك قولي لها: أن تسأل معلمتها وإنَّك لست المسؤولة عنها ويتوجب عليك الاهتمام بدراستك أكثر.
    وفعلاً قد أصغت إلى هذه النصيحة لكي تبقى متفوقة كما عهدتها من قبل، بشرط ألا ترافقها. فعجباً لذكاء صديقتها هذه رغم أنَّها كسولة. رغم كل ذلك لم تتوانى هذه الصديقة عن جلب المشاكل والمتاعب لحنين. حيث بدأت تلهيها عن دراستها كثيراً وحتى عن أصدقائها. ولله الحمد فقد كانت حنين تخبرني بكل شيء وأنا بدوري أقوم بنصحها بشكل مستمر ريثما عادت حنين التي أعرفها، لانا المتفوقة في دروسها وفي صفٌّها أثناء حلها لأسئلة الامتحانات دون مضيعة وقتها في أشياء غير مجدية ومفيدة لها، وحرصها الدائم على انتقاء واختيار الأصدقاء الطيبين الصدوقين والمتفوقين والإبتعاد عن الأصدقاء السوء والكسولين والمسببين مضيعة للوقت وأذىً لبعضهم البعض.
    وبقيت على هذا المنوال إلى أن وصلت إلى أعلى المراتب وإختيارها لمهنة المحاماة لمحبتها بما يسمى بتحقيق مبدأ العدالة والإنسانية ونصرة المظلوم بحق وصدق وأمانة وإخلاص.
    ورغم ذلك كلّه أشعر بها دائمة التفكير والشرود وأنَّه يوجد شيء ما يشعره بنقص ما بداخلها لا تريد الإفصاح عنه أبداً، فلعلّ مشاغلها كثرت، وقد حاولتُ سؤالها مراراً وتكراراً عما يشغل تفكيرها، ولكن بدون أي إجابة من قبلها، إلى أن جاء يوم من الأيام وجلست تحادثني وعمتي، ونحن نشرب القهوة سويةً وهي تقول لي: إنّني الآن وفي متناول يدي قضية تشغل بالي كثيراً قد استلمتها من قبل سيدة تشغل بالها كثيراً، وتريد استشارتي فيها، وهذه السيدة وزوجها قد قاما بوضع طفلتهما منذ صغرها بالقرب من حديقة، ولم تترك بحوزة هذه الطفلة سوى ورقة صغيرة مكتوب عليها عبارة هذه الطفلة أمانة في أعناقكم، وذلك نظراً لظروف الزوجين والخلافات القائمة بينهما، حسب قول هذه السيدة. وسرعان ما عمتي رجفت واندلق فنجان القهوة من يدها، وهي تقول لحنين: بسرعة بسرعة هيا بنا إلى هذه السيدة، وفعلاً تم الاتصال بها لتحديد موعد لمقابلتها مع عمّتي في مكتب حنين. فاستغربت حنين من كل هذا وتقول لعمتي: لمَ تريدين مقابلتها؟ فقط أقوم باستشارتكم في هذه القضية لأنني ولأول مرة استلم مثل هذه قضية، فكيف لي أن أساعدها في إيجاد هذه الطفلة التي ضاعت منهم منذ الصغر. فأجابت عمتي: أرجوكِ يا حنين دعيني أراها وأحادثها وسأروي لكِ كل شيء بالتفصيل ولكن فيما بعد. فعلاً اجتمعت عمتي والسيدة، وعندما سمعت عمتي قصة هذه السيدة، أجابتها: إنَّ حنين هي الطفلة نفسها التي تبحثين عنها، وهي الآن التي تستلم قضيتك في البحث عن هذه الطفلة وفعلاً هي أمانة في أعناقنا منذ وضعها في الحديقة.
    وفجأةً حين سمعت بذلك دخلت مسرعة إليهم والدموع والبكاء تنهمر على وجوههم. حقاً كان ذلك الموقف صعب جداً لحنين وهي واقفة مندهشة ومستغربة عمَّا يدور حولها وهي تبكي وتلومهم على فعلتهم هذه وعدم افصاحهم بحقيقتها. وحينها لم تتمالك حنين أعصابها أثناء ذلك الموقف، فماذا ستفعل؟ هل تترك العائلة التي عاشت وترعرعت معها أم تذهب لتلك السيدة التي هي أمها والتي تركتها بلا عناية واهتمام بها منذ صغرها، لمجرد إثبات هويتها عن طريق ورقة صغيرة ما تزال بحوزة هذه العائلة. ولكنها سرعان ما حكَّمت عقلها وعادت لرشدها وصوابها، وقد كان جوابها: إنَّ الأم ليست التي ولدت وأنجبت فقط، بل الأم التي ربت وتعبت وسهرت على راحة أطفالها.
    ومنذ ذلك الوقت، قررت حنين ألا تترك هذه العائلة مع تواصلها وبقاءها المستمر مع السيدة أمها أيضاً. ولم تلومها نظراً لظروفها الصعبة التي قد مرَّت بها، والأهم من ذلك كلّه أنَّه بالتأكيد لم تشعر بالنقص الذي كان ينتابها كثيراً من ذي قبل، ولنجاحها وتفوقها أيضاً في عملها هو معرفة حقيقة نفسها ما يحفّزها ويساعدها على معرفة وحل قضايا ومشاكل الآخرين.
    أرجوا أن تنال قصتي البسيطة هذه إعجابكم.

    كاتبة القصة: رشا السمكري
    rasha1983_s@yahoo.com



    السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهيسرّني أن أشارك بمسابقة المربد الأدبية لقسم القصص، وأقدّم لكم ثلاثة قصص على التوالي: ---------- قصّة الطائر المجروح ---------- في يوم من الأيام، عندما كنت صغيرة تعوّدت اللعب مع صديقاتي في حديقة منزلي. وفجأةً، عندما كنت أركض معهم، سمعت صوت عميق يئن، يأتي من تحت الشجرة، حيث رأيتُ طائراً مجروحاً ملقىَ على الأرض. مباشرةَ قلت في نفسي: أنَّه من الضروري مساعدة ذلك الطائر، ثمَّ أخذته بعيداً لأعتني به وأضمّد جناحه المجروح.وبسرعة أحضرتُ له بعض الحبوب والقليل من الماء.بعد فترة ليست بطويلة عدتُ لأراه واطمئن عليه، حقاً رأيته مستغرقاً في النوم.وبعد أيام، في الصباح الباكر، ولحسن الحظ كان يطير ويزغرد ويملأ السماء تهليلاً وتغريداً فرحاً ومرحاً هو وأصدقاؤه.نعم كنت سعيدة جداً بهذا المنظر الرائع الجمال، وقد تمنيت لهم السعادة الدائمة. وأخيراً من خلال قصة ذلك الطائر ضرورة الحرية له ولكافة الطيور الجميلة. ---------- قصّة القط الغيور----------في يوم من الأيام عندما كنت في زيارة عند جدَّتي، وقع نظري على قطة جميلة، بيضاء وسوداء اللون في حديقة المنزل، فقمت وذهبت إلى هذه القطة ووجدت الحزن يملأ عينيها، حيث كانت وحيدة لا أحد يعتني بها أو يطعمها. فأشفقت عليها وذهبت مسرعة لشراء بعض الحليب لإطعام هذه القطة المسكينة. ومباشرةً بعد انتهائها من تناول طعامها قمت بمداعبتها واللعب معها والركض وراءها، ومن محبتي الشديدة لها قد سميتها القطَّة ((سي سي)) و بينما هي جالسة تتأمل ما يدور حولها. فجأةً ظهر قطّ من بعيد يحدّق بها، وكان رمادي اللون، عيناه كبيرتان، مشتعلتان غيظاً،. بدا وكأنه يرغب بالشجار معها، ولكنه عندما دنا منها شيئاً فشيئاً وجدته يحدِّق بطعامها أيضاً فأيقنت في هذه اللحظة أنَّه جائع جداً. فقمت بجلب بعض الطعام له. وفعلاً بعد انتهائه هو أيضاً من تناول طعامه أخذ يلعب معها يرتمي إلى الأرض يميناً ويساراً فقد فرحت لرؤيتهما يلعبان فرحاً كثيراً لرؤية ذلك وظننت أنَّهم أصبحوا صديقين فالفرحة حقاً ملأت قلبي وقد أطلقت عليه اسم القط ((لوتشي))، وبعد فترة نظرت إليهما فلاحظت أنَّ القط لوتشي قد عاود النظر إلى طعامها، فهرع منقضاً على طعامها وركلها بعيدا ًعنه وبدأ شجاراً عنيفاً دار بينهما وكل منهما ينقض ويهجم على الآخر والحقد يملأ عينا هذا القط الشرير فعجبت من أمره، فما به؟ وماذا يريد؟ ولماذا يفعل ذلك كلّه؟ علماً أنَّه تناول طعامه وبدأ اللعب معها، فبدأت حينها أفسَر حركاتهما هذه. إذ تبين لي أنَّ القط لوتشي يريدني أن ألاعبه وأكثر من إطعامه وأبعدُ هذه القطة عنه وعن الحديقة التي تقيم فيها. لكي يسرح ويمرح كما يشاء. فكأنَّه يريد أن يقتلها ويحلّ محلها في كل شيء. فغيرته منها ملأت قلبه فماذا أفعل بهما؟ فقد أحببت هذه القطة الصغيرة ((سي سي)) وشفقت عليها كثيراً فيجب على هذا القط الماكر المخادع أن يبتعد عنها. ولكن كيف لي أن أساعدها في فعل ذلك؟ وخاصةً أنني أراها وكأنها تطلب المساعدة، ففجاةً تبدَّل هذا القط وأصبح يلعب معها كأنَّ شيئاً لم يحصل وعادت الفرحة لمقلتي هذه القطة. فتركتهما وذهبت للنوم أفكّر في تصرفات هذا القط الغريب. فما عالم القطط هذا؟وفي اليوم التالي عندما استيقظت من النوم أردت أن أتناول الفطور في الحديقة. فرأيت القطط هرعة نحوي مسرعة فوضعت بعض الطعام لكليهما فنظرت إليهما ووجدت القط يلتهم بشدة الطعام كلّه ولم يبقى شيء لهذه القطة فعاد الشجار بينهما من جديد، وبقي على هذا المنوال لعدة ساعات، كلما أضع بعض الطعام يلتهمه لوحده دون أن يترك أي شيء منه. يا إلهي على هذا القط فبدأت بالتفكير بطريقة ما لإبعاده نهائياً عنها بأي وسيلة ممكنة، أعيدها كما كانت قطتي الصغيرة التي ألاعبها واعتني بها كل يوم. ولحسن حظي دنا من الحديقة قطتان كبيرتان، القطة الأولى تشبه تماماً القط لوتشي، بينما القطة الثانية تشبه كثيراً القطة سي سي، مباشرةً تراود في ذهني وأيقنت بأنَّ كلا القطتين والدة للآخر، ولكنني انتظرت قليلاً لأرى ماذا ستفعلان هذه القطط الكبيرة، رأيتهما تحدّقان بعمق شديد بالهررة الصغيرة فاقتربت القطة الكبيرة شبيهة القط لوتشي بأخذه بعيداً عن البقية، وجلبت القليل من الماء للقطة سي سي ووالدتها، فارتشقا القليل منه وذهبتا بعيداً عن الحديقة حزينتين.وبقيت وحيدة من دون وجود أي قطة في الحديقة. وبعد فترة ليست بطويلة وجدت القطة سي سي قد عادت تلعب وتمرح في الحديقة كما كانت عليه في بداية الأمر. والحركة والنشاط ملأ جو الحديقة بأكملها، والفرحة ملأت قلبي أيضاً.فالمغزى من هذه القصة أنًّ غيرة القط لوتشي أشدّ عنفاً وغيرةً وكرهاً لهذه القطة الصغيرة ليس محبةً بها، ولكنَّه يريد أن يقضي عليها ويحل مكانها، فغيرته أعمته ولم ينل أي شيء مما كان يفكر ويخطط له حيال هذه القطة، فكم حزنت حزناً شديداً عليها إذ أنها لا تستحق أن يحدث كل هذا بها فقط لمجرد غيرته الشديدة منها.فيا أصدقائي وصديقاتي الصغار: فعلأ أنَّ عالم الحيوان وخاصةً "عالم القطط" هذا من خلال هذه الحادثة التي شاهدتها والتي رغبت جداً بنقلها إليكم بطريقة مبسطة أنّه عالم أيضاً مليء بالشجار والعنف وأيضاً مليء بالألفة والتعاطف التي تكنّه هذه القطة اللطيفة لهذا القط الغيور رغم كلّ محاولاته التي باءت بالفشل لسبب وحيد هو طيبة هذه القطة في هذه القصة، ولذكائها بالرجوع إلى الحديقة التي كانت تعيش فيها.وأخيراً السؤال الذي يطرح نفسه هل في يوم من الأيام ستتبدل هذه القطة الطيبة إلى قطة سيئة.ستترك حرية وإبداء الرأي للقارئ.أرجو أن تنال هذه القصة إعجابكم. ---------- قصة حنين----------في يوم من الأيام، وبينما كنَّا نلهو ونلعب ونمرح في أرجاء الحديقة أنا و صديقاتي، سمعت صوت طفلة صغيرة تصرخ وتبكي، ركضتُ مسرعة وراء الصوت فوجدتُ طفلة صغيرة لا تتجاوز الأشهر من عمرها، موضوعة في مهدها، رائعة الجمال كبياض الثلج، سوداء الشعر، ذات عينان سوداوان مكحلتان وكبيرتان، فأخذتها إلى منزل عمتي الكبيرة في السن والتي لم ترزق بطفلٍ حتى الآن، ففرحت بها كثيراً وقلت لها: أن تعتني بها وتطعمها وتعاملها منذ هذه اللحظة كابنة وطفلة لها. وأثناء وضعها في السرير كان في جيبها ورقة وكان مكتوب عليها فقط عبارة (( هذه الطفلة أمانة في أعناقكم)) حتى أنَّه لم يُذكر أي شيء عنها وعن اسمها ونسبها. وبعد أيام ذهبت عمتي وقامت بتسجيلها باسم لونا وأنسبتها لكنية زوجها.يوماً بعد يوم بدأت هذه الطفلة الصغيرة تكبر والسعادة والفرحة تملآن أجواء المنزل فرحاً ومرحاً بها. وحين دخولها المدرسة بدأت وعمتي في مساعدتها في دراستها، وقد كنت مدرسة في ذات المدرسة، فكان همَّنا الوحيد هو رسم الابتسامة والسعادة على وجه هذه الطفلة، فكانت أيضاً الفرحة تملأ وجوه أصدقاؤها والتعاون والإخاء والمودة والمحبة تكبر بينهم يوماً بعد يوم. و كان من بين أصدقائها فتاة بدأت أولاً بالتقرب من صديقات حنين المقربين والمتعاونين معها لتتعرَّف عليهم عن كثب، فكانت الطفلة حنين من المتفوقات في صفها فبدأت صديقتها لونا تزورها في منزلها بشكل مستمر وقد كانت صديقة كسولة جداً لها حيث كان هدفها الوحيد هو التقرّب منها لمعرفة طرقها في دراستها واتباع أسلوبها المماثل لها أيضاً في كل شيء، وبدأت تراقبها بكل خطواتها وتصرّفاتها ومحادثة صديقتها المقرَّبة لها لمعرفة كل شيء عنها بالتفصيل واستدراجها حول الأحاديث التي تدور بينهما، ولعفوية حنين كانت تبوح عن كل ما بداخلها إلى لونا وقد كانت تجلس لونا بجانبها في كل حصة درسية إلى حين بدء الامتحانات ولونا التي بجوارها بدأت تلهيها بالحديث معها بصوتٍ خافت و حنين المسكينة كانت تجيبها على بعض أسئلتها، والوقت يمرّ بسرعة دون أن تشعر حنين بذلك وصديقتها مستمرة بالكتابة. فعجباً لأمر حنين أريدها فقط أن تهتم بالكتابة وملء ورقة امتحانها دون اللهو مع صديقتها لونا، ومضت على هذا المنوال لحين انتهاء الامتحان بأكمله. وبعد فترة فوجئت حنين بنتائج الامتحان وتدني علاماتها وأنَّ صديقتها الكسولة قد تفوقت عليها.أقبلت حنين تخبرني بنتائج الامتحان وتقول لي: أتذكرين صديقتي التي كانت تأتي وتطالع معي، فأجبتها: نعم، وما بها؟ فقالت لي: لقد نجحت بعلامات أعلى منّي. فقلت لها: أروي لي بالتفصيل ما الذي حدث معك بالامتحان يا حنين. ولماذا علاماتك متدنية بهذا الشكل؟ فقالت لي: إنًّني أثناء الامتحان كانت أساعد صديقتي بحل الأسئلة، ونسيت نفسي وأنَّ الوقت قد مرَّ ولم أستطع اجتياز الامتحان كما يجب.ومنذ ذلك اليوم نصحتها بالا تصغي لها وإن أرادت أي شيء منك قولي لها: أن تسأل معلمتها وإنَّك لست المسؤولة عنها ويتوجب عليك الاهتمام بدراستك أكثر. وفعلاً قد أصغت إلى هذه النصيحة لكي تبقى متفوقة كما عهدتها من قبل، بشرط ألا ترافقها. فعجباً لذكاء صديقتها هذه رغم أنَّها كسولة. رغم كل ذلك لم تتوانى هذه الصديقة عن جلب المشاكل والمتاعب لحنين. حيث بدأت تلهيها عن دراستها كثيراً وحتى عن أصدقائها. ولله الحمد فقد كانت حنين تخبرني بكل شيء وأنا بدوري أقوم بنصحها بشكل مستمر ريثما عادت حنين التي أعرفها، لانا المتفوقة في دروسها وفي صفٌّها أثناء حلها لأسئلة الامتحانات دون مضيعة وقتها في أشياء غير مجدية ومفيدة لها، وحرصها الدائم على انتقاء واختيار الأصدقاء الطيبين الصدوقين والمتفوقين والإبتعاد عن الأصدقاء السوء والكسولين والمسببين مضيعة للوقت وأذىً لبعضهم البعض.وبقيت على هذا المنوال إلى أن وصلت إلى أعلى المراتب وإختيارها لمهنة المحاماة لمحبتها بما يسمى بتحقيق مبدأ العدالة والإنسانية ونصرة المظلوم بحق وصدق وأمانة وإخلاص.ورغم ذلك كلّه أشعر بها دائمة التفكير والشرود وأنَّه يوجد شيء ما يشعره بنقص ما بداخلها لا تريد الإفصاح عنه أبداً، فلعلّ مشاغلها كثرت، وقد حاولتُ سؤالها مراراً وتكراراً عما يشغل تفكيرها، ولكن بدون أي إجابة من قبلها، إلى أن جاء يوم من الأيام وجلست تحادثني وعمتي، ونحن نشرب القهوة سويةً وهي تقول لي: إنّني الآن وفي متناول يدي قضية تشغل بالي كثيراً قد استلمتها من قبل سيدة تشغل بالها كثيراً، وتريد استشارتي فيها، وهذه السيدة وزوجها قد قاما بوضع طفلتهما منذ صغرها بالقرب من حديقة، ولم تترك بحوزة هذه الطفلة سوى ورقة صغيرة مكتوب عليها عبارة هذه الطفلة أمانة في أعناقكم، وذلك نظراً لظروف الزوجين والخلافات القائمة بينهما، حسب قول هذه السيدة. وسرعان ما عمتي رجفت واندلق فنجان القهوة من يدها، وهي تقول لحنين: بسرعة بسرعة هيا بنا إلى هذه السيدة، وفعلاً تم الاتصال بها لتحديد موعد لمقابلتها مع عمّتي في مكتب حنين. فاستغربت حنين من كل هذا وتقول لعمتي: لمَ تريدين مقابلتها؟ فقط أقوم باستشارتكم في هذه القضية لأنني ولأول مرة استلم مثل هذه قضية، فكيف لي أن أساعدها في إيجاد هذه الطفلة التي ضاعت منهم منذ الصغر. فأجابت عمتي: أرجوكِ يا حنين دعيني أراها وأحادثها وسأروي لكِ كل شيء بالتفصيل ولكن فيما بعد. فعلاً اجتمعت عمتي والسيدة، وعندما سمعت عمتي قصة هذه السيدة، أجابتها: إنَّ حنين هي الطفلة نفسها التي تبحثين عنها، وهي الآن التي تستلم قضيتك في البحث عن هذه الطفلة وفعلاً هي أمانة في أعناقنا منذ وضعها في الحديقة.وفجأةً حين سمعت بذلك دخلت مسرعة إليهم والدموع والبكاء تنهمر على وجوههم. حقاً كان ذلك الموقف صعب جداً لحنين وهي واقفة مندهشة ومستغربة عمَّا يدور حولها وهي تبكي وتلومهم على فعلتهم هذه وعدم افصاحهم بحقيقتها. وحينها لم تتمالك حنين أعصابها أثناء ذلك الموقف، فماذا ستفعل؟ هل تترك العائلة التي عاشت وترعرعت معها أم تذهب لتلك السيدة التي هي أمها والتي تركتها بلا عناية واهتمام بها منذ صغرها، لمجرد إثبات هويتها عن طريق ورقة صغيرة ما تزال بحوزة هذه العائلة. ولكنها سرعان ما حكَّمت عقلها وعادت لرشدها وصوابها، وقد كان جوابها: إنَّ الأم ليست التي ولدت وأنجبت فقط، بل الأم التي ربت وتعبت وسهرت على راحة أطفالها.ومنذ ذلك الوقت، قررت حنين ألا تترك هذه العائلة مع تواصلها وبقاءها المستمر مع السيدة أمها أيضاً. ولم تلومها نظراً لظروفها الصعبة التي قد مرَّت بها، والأهم من ذلك كلّه أنَّه بالتأكيد لم تشعر بالنقص الذي كان ينتابها كثيراً من ذي قبل، ولنجاحها وتفوقها أيضاً في عملها هو معرفة حقيقة نفسها ما يحفّزها ويساعدها على معرفة وحل قضايا ومشاكل الآخرين.أرجوا أن تنال قصتي البسيطة هذه إعجابكم. الكاتبة: رشا السمكريمواليد: دمشق 18-04-1983عنوان الإيميل: rasha1983_s@yahoo.com************************************





    التعديل الأخير تم بواسطة طارق شفيق حقي ; 28/11/2008 الساعة 12:10 AM
     

  5. #17 رد: مشاركات قسم القصة 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المشاركات
    70
    معدل تقييم المستوى
    17
    الدرس الأخير
    ضوء الشمس يتسلل ببطء يعلن قدوم النهار وانحسار الظلام لتبدأ معركة البحث عن الرزق وهو متدثر في فراشه غارق في نوم عميق فاقد الإحساس بما حوله، شخيره يتردد في الغرفة بلا انقطاع معزوفة على وتيرة واحدة لا تتغير لا يستمتع بها سوى من ولج إلى تلك الغرفة المظلمة التي تفتقر إلى النظام والترتيب فخزانة الملابس ذات الأبواب الخمسة كان اثنان منها مشرعين تصدران صريرا عند إغلاقهما وفي إحدى الزوايا طاولة مسندة إلى الجدار هجم عليها الغبار فأود بريقها ولمعانها يعلوها مرآة ذات برواز خشبي أصابها شرخ في طرفها فغدت كحال الأرض التي أصابها الجدب، كانت تلك الطاولة تحوي أدواته فهذه صبغة شعر وزجاجتان من العطر إحداهما فارغة والأخرى لا يوجد بها إلا القليل بالقرب منهما نظارته ومشط بلاستيكي مكسور من منتصفه..
    جاءت دقات الساعة التي كانت بجانب سريره لتخبره بقرب حلول موعد العمل استيقظ ورفع الغطاء عن وجهه وفتح عينيه ثم أغمضهما وعركهما بعدها نهض بتثاقل وكاد أن يترنح، فالنوم مازال يسيطر عليه والكسل غامر جسده قاوم قليلا وجمع قواه ونهض بسرعة انطلق إلى عمله لكن هذه المرة لم يغلب عليه الحماس والجد بل كان مترددا خطواته بطيئة لا تعرف الجدية في السير زاد عليها عمره الذي زحف نحو الكبر حادا من طاقته التي بدأت في النضوب يدلف إلى المدرسة ويحدث نفسه لقد جاء التقاعد انه اليوم الأخير سوف يغادر المدرسة من غير رجعة يجول ببصره وترسم الذكريات سنوات العمر التي أمضاها فيها ليخرجه من حالته صوت التلميذ الذي أشار إليه من عند باب الفصل يا أستاذ.. يا أستاذ انك عندنا فنحن في انتظارك ادخل إلى الفصل وراح يتفحص وجوه طلبته في صمت كانت نظراته تحمل الوداع سعل وكح وامسك الطباشير ورفعها بالقرب من عينه فقال في نفسه لن أمسكك ولن أكون في حاجة إليك بعد اليوم لقد قضيت معك عمري وأنا كل يوم أداعبك بين أناملي خط درسه على السبورة وشرع في شرحه حتى قرع جرس الحصة معلنا نهايتها.

    ************************************************** ***************
    تمثال الوالي
    احتدم النقاش وتعالت الأصوات .. أقول لك انه يشير بيده الى الشمال حيث موطن رأسه .. بل انه يرفع يده في تحدى للريح التي عادة ما تهب من الشمال .. انك لا تعرف الحقيقة .. لقد كنت منذ الطفولة وأنا أمر من تحته في صحبة أبي وعادة ما يذكر الوالي و مأثرة العظيمة .. بالنسبة لي فأنني لم أشاهده إلا مرتين فقط مرة لوحدي ومرة أخرى بصحبة أخي الأكبر الذي كان يدرس في الخارج حيث توقف عنده وراح يمعن النظر في الشكل ثم نظر إلي وقال لي لقد تأكل هذا التمثال وتشوهه .. فقلت له ان عوامل الطبيعة هي التي صنعت به ذلك فأنت تعرف ان الجو حار هنا , فسألني إلا يوجد له عناية واهتمام .. بلى بل لا يمر سنه الا ويكون له ترميم وصيانة من قبل إدارة المدينة التي تجمع الضرائب من المحلات ألقريبه منه والتي تبلغ الملايين .. وهل يدفع الجميع ؟... طبعا يا أخي وبلا استثناء فالتمثال لمن ! انه للوالي أطال عمره
    على فكره , هل مازال في كامل صحته ؟ اقترب مني سوف أخبرك .. منذ ثلاث سنوات وهو مثل تمثاله الذي تشاهده إمامك الآن لم يعد يتحدث .. او يتحرك انه على الفراش .. كيف عرفت هذا سر .. لقد زرناه مره في وفد وكان جالسا على كرسي فقدمنا له التحية .. فأشار من بعيد بيده بحركة تشبه صورة طبق الأصل من تمثاله .. ولا فلا ادري هل كان يحيينا ام يطلب منا المغادرة .. بقي الأمر لغز محير .

    ************************************************** ***************
    رحلة الى بغداد

    ركب على عجل في شوقاً إلى دار الرشيد
    التي غاب عنها طويلاً ,
    وهو خارج من المطار ساق الهواء إليه رائحة البارود والنار
    وفي الطريق الى وسط المدينة شاهد لوحة إعلانية كبيرة كتب عليها
    علاء الدين يفضل ( الهمبرجر, والهوت دوق )
    وعندما انعطف الى طريقا آخر
    يفأ جاء بلوحة إعلانية أخرى مكتوب عليها
    سيبويه يشرب الكوكاكولا ,
    ترجل من السيارة وسار بخطوات بطيئة يشوبها الحذر
    احترس أنت في منطقة عسكرية خطرة نرجوا الانتباه
    أسرع بالخطى لكي يبتعد عن المكان لكن كان
    على موعد مع نقطة التفتيش
    بطاقتك , ارجوا ان تعطيها الجندي الذي يقف هناك
    لكنه لن يستطيع قراءتها , اذهب إليه
    ادخل البطاقة في جهازه الصغير , ثم انصرف
    وشعور الخوف بدا يطوقه ,
    ساقته قدماه الى ساحة أبو جعفر المنصور فوقع بصره
    على تلك للوحة الكبيرة التي انتصبت في وسط الساحة
    كتب عليها بخط عريض تعالى
    الى رياضة القوة الى رياضة الغرب الأمريكي
    اقفل عائداً وهو يردد وداعاً بغداد وداعاً ....
    فقد ضاع أمنك واستبيحت شوارعك وفقدت معالمك
    وطمست هويتك ولم يتبقى منك سوى اسمك .

    ************************************************** ***************

    وتقبلوا احترامي وتقديري على مجهودكم
     

  6. #18 الجدران 
    كاتب الصورة الرمزية عبد المنعم جبر عيسي
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    833
    معدل تقييم المستوى
    17
    الجدران
    محكمة .. !
    كلمة واحدة ، هتف بها حاجب المحكمة ، يقف الحضور ، يعلو الصمت كل الوجوه ، وكأن علي رؤسهم الطير ، يدخل رئيس المحكمة ، ومن خلفه باقي أعضاء هيئتها الموقرة ، يجلسون في أماكنهم ، فيجلس جميع من في القاعة ، يبدأ القاضي نظر القضايا التي يعج بها ( الرول ) .
    إنه في يوم .... / .... / 2003 م المبارك ، وبمقر محكمة ( كوم حمادة ) الجزئية ، برئاسة السيد المستشار / ..... وعضوية كل من السيد المستشار / ...... والسيد المستشار / ....... وسكرتارية السيد / ....... للنظر في القضايا الوارد ذكرها بجدول الجلسة .
    وكان يجلس وسط الحضور ، يضايقه الزحام ، يقتله همس المحامين .. الذين لم يعد يثق فيهم ، حتي ضاق ذرعا بصوت انفاسهم .. روائح تبغهم .. يسمع أحاديثهم عن قسوة قاضي ( الأثنين ) وشدته ، لاحظ ارتباك البعض منهم أمامه .. تشفي فيهم .. وأحس بالشماتة تملأ نفسه تجاههم ، حمد الله أنه لم يوكل واحدا منهم للدفاع عنه ، كان يشعر بأن لديه القدرة علي الدفاع عن نفسه ، وتوضيح وحهة نظره .
    تأمل ملامح القاضي ، كانت تنم عن قسوة وشراسة ، تساءل بينه وبين نفسه :
    - هل سيتمكن فعلا من ذلك ؛ أم أنه .. و..
    ثم بتر خواطره ، دق قلبه بقوة وعنف ، وقد أحس أن اللحظة قد اقتربت ، وأن الحاجب سوف يهتف باسمه فورا .. أحس أن قدميه ستخزلانه .. دهش من نفسه : لم لم يهرب هذه المرة كعادته ؟
    تذكر والدته الحبيبة ، تذكر أنه خرج صباحا دون أن يخبرها بحقيقة وجهته .. ربما خوفا علي مشاعرها ؛ أوثقة في قدرته علي اقناع عدالة المحكمة بسلامة موقفه ، وبراءة ساحته .. للمرة الثانية تساءل بينه وبين نفسه :
    - هل أحسن بتصرفه هذا ، أم أخطأ ؟ أم كان من الأفضل له أن يصارحها لكي تكون علي بينة من الأمر ؟ كان يشعر أنها نقطة ضعفه الوحيدة ، وتمني لو انتهي من هذا الكابوس قبل أن تعرف به !
    تذكرها .. وهي تودعه صباحا ، كانت تنظر إليه بخوف ، لعلها كانت تشعر بمعاناته ، وأنها تراه للمرة الأخيرة .. أتراها أحست بما يدور داخله ؟ هل كانت تحس بخوفه وإحساسه بالضياع ؟
    يشعر بخوف هائل يغمر كيانه ، وكانت الحياة - علي اتساعها - ضيقة مظلمة أمام ناظريه ، يحس بانقباض قلبه يحيل حياته إلي جحيم .. يحس بنفسه تتكسر علي جدران المحكمة الرخامية ؛ وهو يسمع صوت الحاجب يشق صمت القاعة هاتفا بإسمه ، يقف .. يتحرك مترنحا بإتجاه المنصة ، يوقفه شرطي غليظ الجثة والملامح :
    - أنت ......؟
    يومئ برأسه أن نعم ، يجره الشرطي نحو المنصة ، يشير إلي القاضي هاتفا :
    - المتهم يا سيدي !
    * * *
    ربما غاب عن الوجود لحظتها ، ارتسم الماضي أمامه بكل أحزانه ، تداخلت أمام عينيه كل الحقائق .. اختلفت معالم الأشياء .. تدافعت في مخيلته المعاني .. تمني لو لم تلده أمه ، يشعر أنه أشد الناس شقاء في هذا الوجود .. أيمكن أن يكون بريئا ؟ أم أنه مدان من قمة رأسه وحتي أخمص قدميه ؟ يكاد يشعر بابتسامات المحامين وشماتتهم ، تؤلمه سخرياتهم .. يري القاضي في شكل جلاد يقتص منه ، يعاقبه علي جريمة لم يقترفها ..
    لكن ..
    هل وجد بنفسه القدرة علي التحدث للقاضي ؟ هل قال شيئا ؟ هل دافع عن نفسه ؟ أم خانته شجاعته وفصاحته ، فانهار وخارت قوته ؟
    ربما لم يلحظ تلك النظرات التي شيعته ، تلك الآهة المكبوتة في العيون ، وقد اقتادوه بغلظة إلي قفص الإتهام ، ليجد نفسه أخيرا بين المشبوهين ومعتادي الإجرام ، يتأكد أن للحياة وجه آخر قبيحا ، يشعر بالحزن يتغلغل داخله ، يسري تحت جلده .. يبحث عن بقايا نفسه .. ذاته .. رغبته السابقة في المقاومة ، يرغب في الصراخ .. بل .. يرغب في البكاء .. يحس بمرارة الهزيمة تملأ حلقه .. تدمر بقاياه ..
    * * *
    أيعقل كل هذا ؟!
    أم أنه يعيش حلما كئيبا وكابوسا رهيبا ، يتمني الخلاص منه ؟ يتأمل وجوها تحيط به ، تغمره بنظراتها التي يراها بشعة .. يعجب لضحكاتهم .. سخرياتهم من كل شئ .. أراد أن يصرخ فيهم .. أراد أن يقول شيئا .. خانته شجاعته للمرة الألف .. لم يدر من أين جاءه كل هذا الجبن ؟
    يسترجع ذكريات الماضي ، يستعرض كل ما مر به ، يحاول تذكر شئ معين كان يشعر أنه بحاجة لتذكره ، هل فقد ذاكرته أيضا ؟ أم فقد احساسه بوجوده ؟ أم رغبته في ال .... ؟ يتوقف فجأة .. وقد مزق صوت الضحكات هدوء نفسه ، سمعهم يقولون :
    - ألا يقول شيئا ؟ ألا يتحدث ...؟
    يذوب داخل نفسه ، يشتد التصاقه بها والتفافه حولها .. يدرك أنه لم يكن حاسما في يوم ما ، كان يهرب من كل الناس .. في كل اللحظات .. بل في أشد اللحظات حاجة للمواجهة ..
    هل كان يوما هو .. نفسه .. أم أن كل ما حوله يجبره علي حماقاته ؟ هل عاش ما مر من عمره ، أم أنه سرق منه ؟ أرغم علي أن يكون غير ذاته .. والضحكات ماتزال تملأ رأسه .. تضغط أحاسيسه .. تحتل أركانه . . كان يتمني أن يحسم أمرا .. أو يقرر شأنا ..
    كان يرغب في أن يعلو صوته بقاعة المحكمة .. ليقول إنه برئ .. وأنه أجبر علي التواجد في هذا المكان .. لكنه لم يستطع .. لعلها طبيعته .. أو عادته ..
    أخيرا قرر أمرا ..
    وما تزال الضحكات تجلجل في المكان .. لتحيل حياته إلي سجن رهيب داخل سجنه ..
    يقرر أن يهرب من جديد .. !
    يتأمل جدرانا خرسانية تحيط به ..
    يقرر أن يحطمها .. !
    يتذكر كلمات كانت أمه تقولها له .. كانت تصف رأسه فيها بالصلابة .. والعناد .. يتأمل تلك الوجوه التي تحيط به .. لم يشعر في هذه اللحظات ، أن ضحكاتهم قد توقفت تماما .. وأن عيون أصحابها معلقة به الآن ..
    بإنتظار خطوته التالية..!
    س ت ا ر
    لا يختلف الرواة فى أن أمه زارته ظهر اليوم التالى ، بسجن مركز ( كوم حمادة ) ، حيث لاحدود لامتهان الانسان ... وابتسمت له ، لتخفف عنه وترفع من روحه المعنوية .. ثم بدا بعد ذلك أنها كانت أشد حاجة لمن يسرى عنها ويخفف ، ويرفع من روحها المعنوية ... فقد عادت الى بيتها مساء نفس اليوم ، وماتت .. مخلفة فى قلبه جرحا قد لا يندمل !
    -------

    أفراح القمة .. !
    يوم جديد .. أشرقت شمسه في قوة وعنفوان ، لتجدد أملا عانقه طيلة سنوات حياته ، طالما حلم به وعاش له .. وانتظر اللحظة التي يتحقق فيها ، لتكون بدايته الحقيقية ، ومنطلقه إلي دنيا الراحة والأمان ، ويبدو أنه آن لحلمه الكبير أن يتحقق .
    فقد عاني كثيرا لكي يقنع عائلته الكبيرة بضرورة الجلوس لمناقشة تسوية الخلافات فيما بينهم ، وبحث سبل لم شمل العائلة ، في منعطف جديد وخطير يتطلب التوحد .. بعد طول خلاف وشقاق وقطيعة .. أي هدف نبيل يسعي الآن لتحقيقه ؟ تنامي إلي أذنيه صوت التلفاز في صالة البيت ، وهو يذيع أخبارا عن لقاء القمة ، الذي تتزين له سماء القاهرة ، بين القادة والزعماء العرب ، لمناقشة التطورات الجارية في المنطقة ، واعتداءات العدو الإسرائيلي المتواصلة ؛ في أكثر من صعيد علي أرضنا العربية المحتلة ، وسبل احتواء الخلافات العربية العربية .. استبشر خيرا بهذا الخبر الذي يدعو للتفاؤل ، في صباح جميل يعيشه .. وحلم كبير يسكن جوارحه .
    وخرج متعجلا في طريقه لهذا اللقاء ، كان يبدو غريبا وسط زحام الشارع ، يمضي بخطواته المتثاقلة المترنحة ، وكأنه يحمل فوق كتفيه أحزان العالم أجمع ، في طريقه للقاء أمضي العمر في انتظاره ، ليس فقط لإحساسه الذي لا يفارقه بالوحدة .. بل لرغبته الملحة في التوحد مع آله وذويه .. خاصة أنه لا يري سببا لهذه القطيعة ، ولا ما يدعو لكل هذه الفرقة والخلاف .
    يتذكر طفولته التي عاشها معذبا .. هل غابت عنه ذكري والده لحظة ؟ كان شبه معاق ، يملك أرضا ككل الفلاحين في قريته ، باعها قيراطا وراء قيراط ليعيش ، فلم يكن قادرا علي الكسب ، باع جزءا منها في شبابه ليتزوج من أمه ، كان يرغب في أن يعيش حياته ككل البشر .. يحلم بمستقبل أفضل .. يتذكر أعمامه .. كانوا دائما في خلاف مع والده ، وشجار لا يكاد ينتهي ، ولأتفه الأسباب .. لم يتصور أن هناك أخوة يمكن أن يختلفوا إلي هذا الحد ، أو يصل العداء بينهم كما وصل بين أبيه وأعمامه .
    لقد علمه أبوه مكارم الأخلاق ، غرس فيه الكثير من القيم ، التي يحس بها الآن قيدا يكبل حركته ، وتمنعه من أن يكون مثلهم .. وأنها كانت سببا في شقائه .. كان - رحمه الله - رجلا طيبا .. ينادونه الناس بالشيخ ، وأبدا لا تغيب عنه ذكري أمه .. الطيبة الصابرة .. بملامحها القروية المغرقة في البساطة ، عانت كثيرا مع والده سنوات الحصار ، خاصة بعد أن باع آخر سهم من أرضه .. كافحت .. تاجرت .. فعلت المستحيل لتنهض بأسرتها .. وتؤدي دورها في الحياة .. كانت تجأر بالشكوي - أحيانا - عندما تضيق بها السبل .. وكان الوالد يبكي عجزا .. وهو يحلق في سماء دنياه وحيدا .. كطائر جريح !
    وتوفي الوالد في ساعة ما .. ويوم لا يكاد يذكر تفاصيله .. ما تزال كآبته ترتسم علي ملامحه .. حتي لحظات الكارثة لم تحرك مشاعر الأخوة الأعداء ، ولم تزدهم إلا بعدا .. كانوا يتنصلون من أي مسؤلية تجاهه حتي لو كانت أدبية معنوية لن تكلفهم شيئا .. كيتيم وقاصر لا يملك من حطام الحياة أي شئ .. ورغم ذلك قامت الأم بدورها .. وأدت رسالتها ما وسعها الجهد .. حتي أفضت إلي ربها .
    كانت الحياة أقسي وأصعب من أن تواجهها الأم وحدها .. بضعفها وكينونتها .. لعل الأب استراح من حياة الشقاء ، لتبدأ رحلة الأم .. فتحملتها صابرة محتسبة وراضية .
    يدهش لهذه القرابة .. الجيرة .. التي تبدو خالية من أية حقوق ولا تلتزم بأية واجبات .. وقد خلت القلوب من الرحمة ، لم يكن للحزن طعم محدد أو شكل مميز في الحياة ، تذوقته الأم وحدها - بل تجرعته - حتي النخاع .. عاني مثلا منتشرا بين العامة ، يرفضه من داخله : ( الأقارب عقارب ) .. سأل عنه عمته ( نفيسة ) في إحدي زياراتها :
    - هل تطير العقارب يا عمتي ؟
    صحكت الأم بقوة لأول مرة .. وهي تقول :
    - كانت تبقي مصيبة !
    كانت العمة ( نفيسه ) سيدة فاضلة .. تزورهم خلسة متسللة ، حتي لا يراها أو يغضب منها باقي الأعمام .
    ولم يدر ساعتها أن للعقارب ذلك الخطر الرهيب ، ولا البغض الكامن في النفوس .. ومن المؤكد أن خطرها سيتضاعف عشرات المرات ، وربما مئات أو آلاف عندما تطير .
    وما زال يواصل خطواته وسط الزحام ، محلقا بسلطان خياله في سماء طفولته الزاخر بالأحداث .. المتفجر حزنا وألما .. لم يدركه بكل هذه التفاصيل إلا عندما شب عن الطوق ، وبدأ في فهم الأمور علي حقيقتها ، لم يحسه إلا بعد إحساسه الكبير باليتم .. بفقده للأم .. التي كانت تملأ عليه حياته .. وبرغم كل ما حدث ، كان علي استعداد واضح للتسامح والصفح .. التجاوز عن كل إسائة .. تناسي كل الآلام .. إصلاحا لذات البين .
    وفي طريق العودة كان محبطا ، بعد أن بلغته أخبار فشل قمة أولاد العمومة .. أحس بكراهيته الشديدة لكل العقارب .. بكل أشكالها وألوانها .. وأقنعتها .. وزيفها .. شرها الغير مبرر .. وقرر في فورة غضبه وانفعاله قتالها ، والعمل بكل قوته علي منعها من الطيران ، بل وسلبها حياتها إن أمكن .. ثم اجتاحت المظاهرات الشعبية الغاضبة الشوارع في كل العواصم العمومية ، منددة بوحشية العدو ومطالبة بقتاله .. ورافضة ما توصلت إليه القمة من قرارات ، لا تتجاوز حد الشجب والإستنكار ، أحس بنفسه رغبة تجددت لرفض قراره الأخير .. وتبقي أحزان القلب كما هي .. هم الإنسان علي عاتقه .. ووجدها أيضا فرصة للإلتحام - من جانبه - بكل تلك ( الأقارب ) .. الثائرة .. المصممة علي القتال .. والمطالبة بالإنتصار .. !



    ( حكايا مبتورة - مرشحة للمسابقة )
    " أعود في المساء ؛ مفعما بالحكايا .. أعانق ملامح تشقي ، زرعت بداخلي الأمل ، أحبها .. "
    { غلاف }
    تلك هي قريتي ، تقبع ها هنا في أحضان النيل ؛ الذي يحيطها من جهتي الشرق والشمال ، ويتجاوز الرياح البحيري حدها الغربي ، ليعزف الماء في حياة الجميع أنشودة من الجمال .. يتكرر رتم الحياة فيها بشكل يومي لا نمله أبدا .. فها هي السماء تظلنا بصفائها وزرقتها الخلابة ، وتلك الأرض تقلنا ولا تبخل علينا من خيراتها ، وما زالت الشمس تسطع كل صباح ؛ لتذكرنا بمن وهبنا الحياة ، وأسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة ، والناس كما هم منذ آلاف السنين ، يعملون بكل جد واجتهاد ، ويعودون في المساء ، حيث تمتد بهم جلسات السمر إلي وقت متأخر ، حتي حكايا السمر هي هي لم تتغير ، قد تعانق الخرافة بعض أحداثها ، لكننا نصدقها أحيانا ، وقد تؤثر في وجداننا وحياتنا ، والشوارع ما تزال تعج بالحركة ؛ تنبض بالحياة .
    { سقطة }
    الحياة في ظل الحقول الخضراء الممتدة ؛ لها مذاق مختلف .. حيث الطبيعة الريفية البديعة ، والهواء العذب النقي ، والوجوه البسيطة ذات الملامح السمراء ، التي صبغتها الشمس بلون الكد والعمل ؛ يبدأ بعد صلاة فجر كل يوم وينتهي عند المغيب .
    وكنت قد بدأت في التنقل بين الحقول ، لاستكشاف المكان .. أحسست بجمالها الفريد ، أسرتني الأشجار بلونها الأخضر .. بجمال فروعها وتشابكها الأخاذ .. أسكرني هواؤها العذب ونسيمها العليل .. سحرني جمال الطيور الملونة والفراشات ..
    مزقت هدوء المكان أصوات شجار وتعارك .. دهشت لها .. بينما جاء صوت عمي ( عبد البر ) ضاحكا :
    - إنه الشجار اليومي المعتاد .. والصداع الدائم .. !
    ورأيت ابتسامات الجميع ونحن نعدو وسط الحقول بإتجاه مصدر الصوت .. ورأيت شابين يتشاجران ، عرفت أنهما ( نبيل سيد أحمد ) و ( رمضان المتولي ) .. وكان ( نبيل ) صخما طويلا ، بينما ( رمضان ) علي العكس تماما من هذا ، كانا متشابكين .. تعثر ( رمضان ) وسقط أرضا ، وسط صرخات غريمه :
    - أنت ميت .. ميت .. سوف أقتلك .. !
    لكن المفاجأة حدثت أسرع من البرق ، فقد نجح ( رمضان ) في الإفلات من قبضة غريمه ، وانقلب الأمر رأسا علي عقب ، حيث نجح في اعتلائه وبدأ يسدد له اللكمات ، التي بدت وكأنها لا تؤثر في عدوه اللدود ضخم الجثة .. كانت مفاجأة مذهلة ومفارقة مضحكة .. وانتهي الشجار وسط ضحكات الفلاحين ، في روتين يتكرر كل يوم .
    { تعارف }
    كان ( أحمد ) ابن عمي قد قرر أن يصطحبني معه إلي الحقل ، لكي يعلمني أصول الفلاحة والعمل بالفأس ، ويدربني علي فنون الزراعة وأساليب الري .. حتي أتمكن في مستقبل أيامي من العمل كفلاح ابن فلاح ابن فلاحين ، ( ولم أدر ساعتها إن كنت سأفلح في هذا العمل ، فلم يكن لفشلي في هذا العالم نظير ) .
    بداخل عشة من القش ربط ( أحمد ) البهائم .. وقدم لها بعضا من حزم الحطب الجافة لتأكل .. كانت الحقول خالية وقتها من الزراعات الخضراء ، بعد أن انتهي موسم الحصاد ، وبدأ الفلاحون استعداداتهم لموسم جديد من الزراعة .
    افترش ( أحمد ) حصيرا قديما مرتقا أمام العشة ، ثم جلس وأخرج خبزا وقطعا من الجبن من لفافة كانت معه .. وجلسنا نأكل .. ثم أمرني بجمع بعض أعواد الشجر الجافة وجلس ليعمل الشاي .. وسرعان ما تجمع عدد من الجيران حول النار ، انتظارا لشرب الشاي وتبادل أطراف الحديث .. في طقس يومي يتكرر كل صباح .
    وكان ( أحمد ) ابن عمي مرحا ، جذاب الحديث وكنت أحبه .. وسرعان ما تعرفت علي بعض جيرانه في الحقل ، عمي ( عبد البر ) صاحب الساقية الوحيدة ، لم يكن يملك غيرها وكان يؤجرها لمن يريد ري أرضه ، مع جاموسة تديرها .. والعم ( السطوحي ) .. والعم ( حسنين مدبولي ) ، وكانا من أصحاب الأراضي .. وغيرهم تعرفت عليهم تباعا ..
    { ف ش ل }
    وسرعان ما انتهت دقائق الفطور وشرب الشاي بسرعة لم أعتدها ، وكنت مستمتعا بما أري وأسمع ؛ من وجوه أحببتها وحكايا تجذبني ، ونوادر لا مثيل لجمالها ، ليبدأ العمل الشاق ، تحت لهيب الشمس الحارقة .. وبدأت معه بالإحساس بفشلي يطاردني ، ( وكان هذا الإحساس قد بدأ - حقيقة - في أول زياراتي للحقل ، كنت أيامها طفلا صغيرا .. عندما خرج ( أحمد ) بصحبة مواشيه صباحا ، وحاول أن يركبني علي حمارته ، لم أتمكن من حفظ توازني عليها ، وسقطت من الناحية الأخري .. غضب مني ( أحمد ) وكشر في وجهي ، وأمرني بركوب الحمارة وحدي .. واضطررت تحت وطأة الخوف منه أن أحاول .. وكان فشلي ذريعا .. فركب ( أحمد ) الحمارة في قفزة واحدة ، ثم مد يده وأركبني خلفه ، وهو يضحك من خيبتي ) .
    أذكر أيضا أن حياتي السابقة لم تكن حافلة بالأحداث ، حتي أنني عشت محنتي وحيدا .. ووجدتني أعود مضطرا إلي هنا ، تساؤل كبير بدا لي في العيون ؛ عن سر هذا الرجوع ، لم أكن لأجرؤ علي الإجابة عليه ، لطالما أحزنني أن تمضي حياتي علي وتيرة واحدة ، أعيشها مترنحا بين ذكريات الصبا ؛ وأحزان المشيب .. أنا من جعل منها حكايا ألم لا تكتمل .. لم أتعلم أن أقف بعد كل سقطة ، حتي صباح يومي الأخير ..
    ثم سمعت الصوت مدويا ، لأفيق من خواطري مرغما :
    - العم ( السطوحي ) سقط في ساقية ( عبد البر ) .. !
    كانت الكلمات مروعة ، تعني بكل بساطة أن حياة الرجل في خطر ..
    { المفاجأة }
    وأسرعت بكل قوتي بإتجاه الصرخة ، وعندما وصلت إلي هناك كان الجميع قد سبقوني : ( أحمد ) .. عم ( حسنين ) .. والعم ( عبد البر ) .. الذي كان خائفا جزعا .. لا يدري ماذا يفعل أو كيف يتصرف ..؟ بدا منهارا ، وقد أمسك بخطام الجاموسة بكل قوته لمنعها من أي حركة .. وكان العم ( السطوحي ) يرقد علي الأرض مستسلما للمصير ، وقد علقت ثيابه بين تروس الساقية ، وبدا لي للوهلة الأولي أن ثمة دورة أخري للجاموسة قد تودي بحياته ، وتدفع برأس المسكين بين التروس الحديدية الكبيرة للساقية ، لتحطمه بكل سهولة .. وبدا الأمر أيضا محزنا .. حيث كانت الجاموسة في موقف صعب لا تحسد عليه ، ترمق صاحبها بتوسل .. فلم يكن هناك من سبيل إلا فك ارتباطها بالساقية ، وهو ما يودي بحياتها أيضا ويدفع بها إلي بئر الساقية ..
    { عبد البر }
    وبدا للجميع لحظتها أنه ليس هناك من سبيل لإنقاذ العم ( السطوحي ) إلا بالتضحية بالجاموسة أو الساقية !
    وارتسمت المحنة بكل أبعادها علي ملامح ( عبد البر ) ، عندما أحس بالخطر الذي يتهدد أسرته‎ ‎‏ بكاملها .. وبدا وكأنه يستعد للنزال .. فثار وانتفخت أوداجه غضبا .. ( أذكر أنه لم يكن بحياتي الكثير من الخيارات ، ولطالما أحسست برغبة كبيرة في الثورة .. القتال .. لكن نفسي كانت دائما تهرب مني .. تعاندني ، كنت أفتقد دائما روح ( عبد البر ) وقدرته القتالية ،
    ‏(‏ للقصة بقية )

    لم أنس لحظة أنني تركت ساحة نزالي بالقاهرة ، بعد أن عشت مثل هذه المحنة ، وعدت إلي قريتي لا ألوي علي شئ ، لكم تمنيت أن أكون يوما ( عبد البر ) .. وليس صاحبته ... ) .. وجاء صوته معبرا عن شدة حنقه :
    - من قال أنه ليس هناك من خيار ثالث ؟!
    ثم أفلت الخطام ، ودفع بيده بين ثيابه ، أخرج مديته الحادة .. وسط ذهول وصمت الجميع !
    التعديل الأخير تم بواسطة طارق شفيق حقي ; 12/12/2008 الساعة 10:50 PM
    moneim
     

المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات قسم القصة
    بواسطة طارق شفيق حقي في المنتدى مسابقة المربد الأدبية الرابعة
    مشاركات: 37
    آخر مشاركة: 15/03/2010, 05:15 AM
  2. مشاركات قسم الشعر
    بواسطة طارق شفيق حقي في المنتدى مسابقة المربد الأدبية الرابعة
    مشاركات: 29
    آخر مشاركة: 14/03/2010, 05:26 PM
  3. مشاركات قسم الشعر
    بواسطة طارق شفيق حقي في المنتدى مسابقة المربد الأدبية الرابعة
    مشاركات: 18
    آخر مشاركة: 05/12/2008, 12:18 PM
  4. نقد مشاركات المسابقة
    بواسطة طارق شفيق حقي في المنتدى مسابقة المربد الأدبية الرابعة
    مشاركات: 16
    آخر مشاركة: 22/12/2007, 01:05 AM
  5. مشاركات مسابقة المربد (( قسم القصة))
    بواسطة طارق شفيق حقي في المنتدى مسابقة المربد الأدبية الرابعة
    مشاركات: 19
    آخر مشاركة: 01/12/2007, 05:11 PM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •