في حوار أجريته مع كل من الدكتورين : عبد العزيز التويجري أمين عام منظمة الإيسيسكو بالمغرب , والدكتور عباس الجراري مستشار جلالة الملك محمد السادس في موضوع الإرهاب و الأحداث الجارية في المنطقة العربية والإسلامية , فكان نص هذا الحوار التالي :

حوار مع الدكتور عبد العزيز التويجري :


سؤال : تشكل البطالة نسبة كبيرة في العالم العربي بحيث أن الشباب العربي لم يعد يثق بالأحزاب السياسية , فما رأيكم في استغلال الجماعات الإسلامية المتطرفة هذا الوضع في استقطاب هؤلاء الشباب , وجعلهم في مقدمة المواجهة أي تنفيذ العمليات الإرهابية الإنتحارية ؟

الدكتور عبد العزيز التويجري : الإرهاب والعنف ظاهرتان ينبذهما الإسلام ويجرم من يقوم بها , لذلك فإن أي جهة تستغل حاجيات الشباب وبطالتهم , والضغوطات التي تتعرض لها المجتمعات الإسلامية لتحقيق أهاف شريرة تتعارض مع تعاليم الإسلام ومقاصده السمحة فهو بلا شك سلوك مشين وعمل يضر بالأمن والسلوك في أي مجتمع من المجتمعات الإسلامية , والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة التي هي الضمير الثقافي للعالم الإسلامي تقوم بنشر الفكر الإسلامي الصحيح المبني على صريح القرآن , وصحيح السنة , وما أبدعوه العلماء المستنرون والمقتدرون من تاريخ الأمة من علم نافع , لكي يوجه الشباب الوجهة الصحيحة التي تمكنهم من الإسهام في بناء مجتمعات الدول التي ينتمون إليها وتطويرها وتقويمها في جميع المجالات , أما الذين يستغلون حاجات الشباب لتحقيق مآرب آنية وأهداف سياسية ومصالح ذاتية فهؤلاء يحيدون عن الطريق الصحيح .

سؤال : حث الإسلام على معاملة الآخرين بالمثل , كما أنه حث على التسامح والعفو اللذين يعبران عن سمو النفس مصداقا لقوله تعالى : * وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفى فأجره على الله * , فهناك من يعتبر أن هذا التسامح هو ضعف ومهانة وعدم القدرة على مواجهة الظلم , ومثال ذلك الحرب الاستفزازية التي قامت بها مؤخرا لبنان وذهب ضحيتها العشرات من كلا الجانبين , ما تعليقكم على هذا القول ؟

الدكتور عبد العزيز التويجري : أولا التسامح في الإسلام صفة نبيلة نابعة من تعاليمه وهدي القرآن والسنة النبوية الشريفة , وذلك هي من أخلاق المسلمين التي يجب أن يتصف بها المسلم , كما أنها ليست دليل ضعف أو عجز في شخصية المسلمين ولا تتعارض مع إعداد وبناء القدرات الذاتية في كافة مجالات الحياة , فالمسلم يجب أن يكون قويا ويعيش في مجتمع متماسك وقوي اقتصاديا واجتماعيا وعسكريا , ليردع الآخرين ويمنعهم من الاعتداء عليهم , فعندما يعتدى على بلد مسلم أو تنتهك حرماته وحقوقه , فلا بد من الدفاع عنه ورد العدوان , والله سبحانه وتعالى أكد ذلك في القرآن الكريم قال تعالى : * وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لايحب المعتدين .* ,فهنا أمر صريح برد العدوان ومنع الغعتداء على الآخرين .

سؤال : إذا رجعنا إلى مبادرة الملك عبد اله بن عبد العزيز سنة 2002 , وعلى إقامة الدول العربية علاقات تطبيعية مع إسرائيل مقابل الانسحاب من أراضي 1967 , واعتراف بدولة فلسطين , هل يمكن اعتبار هذه الخطوة يمكن تنفيذها وتفعيلها في ظل الأجواء العالمية الراهنة التي نعيشها ؟

الدكتور عبد العزيز التويجري : إسرائيل لا تريد السلام , وقد أعلن ذلك صراحة قادة إسرائيل في مناسبات عديدة , وقد ورد على لسان رئيس الوزراء يهود أولمرت في واشنطن عندما التقى الرئيس الأمريكي جورج بوش فقد أعلن رفضه لعقد مؤتمر دولي لمناقشة القضية الفلسطينية وإيجاد حل عادل لها , وطالب بأن تكون هناك مفاوضات مباشرة بين إسرائيل وفلسطين وهذا بالطبع هروب من الواقع ومن المواجهة الحقيقية , وأن المفاوضات استمرت سنين ولم تؤد إلى أية نتيجة ورفضت إسرائيل كل الاتفاقات وتنكرت لها ولذلك فإن مبادرة الملك عبد الله بن عبد العزيز التي اعتمدها في بيروت سنة 2002 هي الطريق الصحيح والقويم لإيجاد حل عادل وشامل لهذه المأساة لكن إسرائيل لا ترغب في حل هذه القضية , لأنها تعيش في تخويف الناس والعالم , من أخطار مزعومة ومفتعلة لا وجود لها .

حوار مع الدكتور عباس الجراري مستشار جلالة الملك محمد السادس :


سؤال : تشكل البطالةنسبة كبيرة في العالم العربي بحيث أن الشباب العربي لم يعد يثق بالأحزاب السياسية , فما رأيكم في استغلال الجماعات الإسلامية المتطرفة هذا الوضع في استقطاب هؤلاء الشباب , وجعلهم في مقدمة المواجهة أي تنفيذ العمليات الإرهابية الإنتحارية ؟

الدكتور عباس الجراري : ظاهرة الإرهاب أصبحت شيئا واضحا وملموسا ومزعجا في نفس الوقت , والشباب المتعلم الحامل لشهادات عليا يجد نفسه بعد سنين طويلة من الدراسة والبحث في طلب العلم , في الساحات العمومية يعلن عن نفسه بحثا عن العمل ويحتج ويعتصم إلخ ... ولهذا ليس كل الشباب العاطل قادرا على الصبر ومواصلة المسير وعلى متابعة الحوار مع الجهات المسؤولة لإيجاد عمل , لأنه بعد فترة ستجد الحكومة عملا لهؤلاء , ولكن بعد سنوات يقضيها الخريج , في مقابله هناك فئة لا تستطيع مواصلة هذا الحوار مع الحكومة , فيرتمي في أحضان أية جهة تسعفه سواء بالمال أو بأي شيء يخرجه من أزمته وهذا هو الذي يفسر يه هذا الواقع وهذه الظاهرة * الإرهاب * .

سؤال : مثلا قضية استقطاب مؤخرا أنصار المهدي في المغرب لرجال الأمن بحيث لم تقتصر ولم تنحصر في الشباب العاطل ولكن تعدت إلى ذهابهم للأجهزة الأمنية , كيف تفسرون ذلك ؟

الدكتور عباس الجراري : تفشي هذه الظاهرة بجميع جوانبها ( وأنا لاأريد أن أدخل في التفاصيل ) , هي ظاهرة اجتماعية , فالمجتمع المغربي فيه بعض الأشياء التي تدعو إلى الانحراف هناك مثلا الفقر , الأمية , وهناك الفراغ الروحي الذي يعانيه الشباب وهذه كلها أشياء ينبغي أن يعاد النظر فيها , فتعليمنا لا يهيء ولا يؤهل لما هو مطلوب اليوم في سوق العمل ... تعليمنا مازال تقليديا , ويخرج من جامعاته أناس لهم إجازة ( ليسانس ) , أو دكتوراه ويسيرون في خط واحد , في حين اليوم مجالات العمل كثيرة تحتاج إلى تعليم متوسط أو إلى تعليم تقني أو إلى تخصصات جديدة غير موجودة في نظامنا التعليمي .

سؤال : حاليا في المغرب هناك إصلاح تعليمي جديد , فما رأيكم فيه ؟

الدكتور عباس الجراري : كل هذه الخطوات التي قام بها المغرب هي خطوات جيدة , نأمل أن تعطي ثمارها , وقضية إصلاح التعليم هاته لا يمكن أن نرى ونجني ثمارها الآن , بل لابد من وقت طويل .