لقاء حواري مع الأخ الكريم عبد المنعم جبر

[أبو شامة المغربي]

لقاء حواري مع الأخ الكريم
عبد المنعم جبر عيسى

سلام الله عليك في البدء أخي الكريم
عبد المنعم جبر عيسى
ورحمته جل وعلا وبركاته
أما قبل ...
فعيد فطر مبارك سعيد
وبعد ...
أحييك وأرحب بك ثانية أخا كريما في رحاب المربد المزهرة بكل حرف عربي أصيل ازدان بتحية الإسلام الخالدة ...
بحروف من مسك وطيب أجدد لك التحية، وبكلمات من أريج وشذى أهدي إليك هذا اللقاء الحواري، وقبل أن أبسط هذا الجسر الثقافي التواصلي على هذه الصفحة المربدية المشرقة، أرى في ما أرى أن أستهل هذا المقام المعرفي بتمهيد تأملي، وبباقة تليه من ورودك النثرية ...
***
يستطيع المرء أن يلاحظ في غير عناء ودون مشقة إقبالا، مثيرا للفضول العلمي، على كتابة الأقصوصة والقصة القصيرة، وهذا يبعث المرء على المبادرة إلى السؤال حول هذا المنحى التعبيري الجلي البارز:
ترى هل الدافع الحقيقي إلى كتابة الأقصوصة والقصة القصيرة، يكمن في ما يسم هذه الكتابة القصصية من قصر الحجم، مما يوفر على القاص الإطالة والإسهاب وشديد العناء؟
أم أن الاقصوصة والقصة القصيرة أدب ليس من اليسير أو الهين طرق بابه، وأن القليل القليل مما يتلقاه القارئ من هذا اللون الأدبي التعبيري، هو الذي يصل أدب القص والحكي بسبب من الأسباب، في حين أن أكثر ما تتم كتابته ليس من هذا الأدب في قليل أو كثير؟

محكمة .. !
... وما تزال الضحكات تجلجل في المكان .. لتحيل حياته إلى سجن رهيب داخل سجنه .. يقرر أن يهرب من جديد ..
يتأمل جدرانا خرسانية تحيط به .. يقرر أن يحطمها .. يتذكر كلمات كانت أمه تقولها له .. كانت تصف رأسه فيها بالصلابة .. يتأمل تلك الوجوه التي تحيط به .. لم يشعر في هذه اللحظات، أن ضحكاتهم قد توقفت تماما .. وأن عيون أصحابها معلقة به الآن .. بانتظار خطوته التالية ..!
عبد المنعم جبر عيسى
***
سؤال قبل الأسئلة
من يكون عبد المنعم جبر عيسى جملة وتفصيلا؟
سؤالي الأول
ترى ما الموضوعات التي تشد اهتمامك في القصة العربية المعاصرة تحديدا، وفي باقي الأجناس الأدبية عموما؟
سؤالي الثاني
هل ما زالت لفعل القص العربي المعاصر ذات المكانة التي كانت له قديما؟ ثم ما عساها تكون تجلياته ومميزاته في نظرك؟
سؤالي الثالث
ما هي في رأيك رسالة القاص ووظيفته الحقيقية؟
سؤالي الرابع
هل لجمالية الصورة القصصية اعتبارا لدى كتاب القصة العرب المحدثين؟
سؤالي الخامس
كيف يا ترى ينتقي القاص العربي عنوان قصته أو عنوان مجموعته القصصية؟
سؤالي السادس
ما الذي تراه في شأن ما يجمع الرواية والقصة القصيرة العربيتين من علاقات، وصلات، وروابط؟
سؤالي السابع
هل ثمة سمة شكلية أو جوهرية غالبة على القص العربي المعاصر؟
سؤالي الثامن
كيف ترى مسألة الرمز في القصة العربية قديمها وحديثها؟
سؤالي التاسع
هل ثمة من إضافات نوعية مستجدة في الكتابة القصصية العربية المعاصرة؟
سؤالي العاشر
ما حقيقة الصلة بين القاص العربي والقصص التي يكتبها؟
سؤالي الحادي عشر
هل بالإمكان الحديث عن أغراض قصصية عربية مستحدثة؟
سؤالي الثاني عشر
ترى هل سبق أن قرأت بعض السير الذاتية القصصية العربية؟
سؤالي الثالث عشر
ما حظ الصبي عبد المنعم جبر عيسى من كتاباتك؟ وما عساها تكون آثاره وتجلياته في قصصك؟
سؤالي الرابع عشر
ما الذي يعنيه فعل القص بالنسبة إليك؟ وما الذي يدل عليه في رأيك؟
سؤالي الأخير
هل ثمة من سؤال أو أسئلة ترقبت مني طرحها عليك، فلم أبسطها على هذه الصفحة؟ ما عساها تكون؟ وما هي إجاباتك عليها؟
***
هذه جملة من الحروف الحوارية، عسى أن تبعث القارئ والقارئة الكريمين، وتحث كل باحث مهتم ودارس كريم على إعمال التفكير وتجديد التأمل في جملة من فضاءات الأدب القصصي، وحسبها أن تكون دافعا إلى طرق بعض الأبواب في رحاب تلقي ما ينبض به الحرف العربي من نبض حكائي، وعساها أخيرا تفضي بالمتلقين الأفاضل إلى إضاءات وإضافات تغني ثقافة أدب القصة.
في انتظار إجاباتك مسهبة ومقتضبة
حياك الله

د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي

aghanime@hotmail.com

[عبد المنعم جبر عيسي]

الحمد لله وكفي .. وسلام علي عباده الذين اصطفي .
الأخ الفاضل والصديق المبدع / د عبد الفتاح أفكوح
( أبو شامة المغربي )
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكر مبادرتكم الكريمة ، للتعرف علي ، والتواصل معي .. وأسأل الله العظيم رب العرش العظيم ؛ أن يوفقي في الإجابة علي أسئلتكم ، التي أراها عسيرة .. صعبة .. وتحتاج تاريخا أدبيا طويلا ، وخبرة لا أجد أنها تتوافر في شخصي المتواضع .. لكني سأجتهد قدر الإستطاعة .. فما كان من تقصير فمن نفسي ومن الشيطان ، وما كان من توفيق وسداد فمن الله وهو - سبحانه وتعالي - الهادي إلي سواء السبيل .
( سؤال قبل الأسئلة من هو عبد المنعم جبر عيسى جملة وتفصيلا ؟ )
ليس أشق علي النفس من الحديث عنها ، ذلك لأنك لا تستطيع أن تري نفسك كما يراها الأخرون .. كما لا تستطيع أن تقيم خطواتك ، بنفس القدر من الموضوعية التي يقوم بها غيرك ، لكني سأحاول .. اسمي كاملا : عبد المنعم جبر عبد الغفار عيسي ، عربي من مصر .. من مواليد 7 فبراير 1968 م ، مقيم بقرية ( دمشلي ) مركز ( كوم حمادة ) محافظة ( البحيرة ) أعمل مدرسا ل ( القرآن الكريم ) بالأزهر الشريف ، تحديدا بمدرسة دمشلي الإبتدائية الأزهرية ، كاتب أطفال .. عضو بإتحاد كتاب مصر ، وكاتب معتمد بالإذاعة المصرية منذ 30 أغسطس 1998 م .. وأشرف بأنني تتلمذت علي يدي اثنين من كبار كتاب قصة الطفل في مصر والوطن العربي هما الأستاذان : ( أحمد نجيب ) - رحمه الله - وهو أول من شجعني علي الكتابه الأدبية ، و ( عبد التواب يوسف ) - أطال الله في عمره - وهو أول من قدمني للساحة الأدبية ، من خلال كتابي الثاني ( الزلزال ) ، الذي صدر عن ( الهيئة المصرية العامة للكتاب ) عام 1992 م ، وكتبت أحداثه قبل الزلزال المشهور .. ولي حوالي 33 عملا منشورا للأطفال ومسرحية واحدة بعنوان ( علي أطلال غرناطة ) فازت بجائزة ( مؤسسة إقرأ الثقافية ) للشباب عام 1992 م ( المزكز الأول ) - وروايتان للأطفال .. ومسلسل إذاعي طويل بعنوان ( غدا يبتسم الربيع ) وسهرة درامية مدتها نصف ساعة بعنوان ( الخوف والخريف ) .. لم أخلص لقلمي خلال السنوات الخمس الماضية ، فهجرته لظروف قهرية أجبرتني علي ذلك .. لكني أثق في عودتي إليه - بإذن الله تعالي - قريبا ؛ علي صفحات المربد .. كل ما أحتاجه هو بعض الوقت .
( ترى هل الدافع الحقيقي إلى كتابة الأقصوصة والقصة القصيرة ، يكمن في ما يسم هذه الكتابة القصصية من قصر الحجم ، مما يوفر على القاص الإطالة والإسهاب وشديد العناء؟ )
أعتقد أنه لا يمكن أن تقاس الامور هكذا - بالطول أو القصر - فالقصة بكل ألوانها فن قائم له أدواته وقواعده ، التي لا يتمكن منها كل الناس .. ولكن يمكننا تقييم عمل أدبي ما ، لنقول في النهاية هذا عمل جيد أو غير جيد .. تكتمل فيه عناصر البناء الفني أو تنقصه .. وهل الهدف من كتابتها قد وصل إلي المتلقي أم لا ؟ كما يمكننا القول بأن هناك عوامل خارجية تضطر الأديب إلي صياغة تجربته الإنسانية في شكل قصة قصيرة أو قصيرة جدا ؛ لكي يصل برسالته إلي متلقيه ، ومن هذه العوامل بكل تأكيد : ما يتسم به عصرنا من سرعة ، وانصراف الناس عن قراءة الأعمال الأدبية الطويلة ، ووجود وسائل ثقافية أخري أقل تكلفة وأيسر تصفحا .. وأكثر إغراء وجذبا .
( .. أم أن الاقصوصة والقصة القصيرة أدب ليس من اليسير أو الهين طرق بابه ، وأن القليل القليل مما يتلقاه القارئ من هذا اللون الأدبي التعبيري ، هو الذي يصل أدب القص والحكي بسبب من الأسباب، في حين أن أكثر ما تتم كتابته ليس من هذا الأدب في قليل أو كثير... ؟ )
( الأقصوصة ) هي لون أدبي يصور جانبا من الحياة : كالحدث أو الشخصية ، وقد لا يعني فيها كاتبها بالتفاصيل ، ولا يلتزم فيها ببداية أو نهاية ، وقد تدور حول ( مشهد ) أو ( حالة نفسية ) أو ( لمحة محددة ) .. بينما ( القصة القصيرة ) علي العكس من هذا .. وأنا أتفق معك تماما فيما تقول .. وأضيف : بل إن سبب ذلك هو تصور بعض الكتاب أن مجرد كتابة سطرين أو ثلاثة أسطر يلفها بعض الغموض ، هو قصة قصيرة ( جدا ) ، متناسين أن لهذا اللون الأدبي ( الأقصوصة ) أيضا قواعده وشروطه ، التي تجعل منها فنا صعب المنال .. تتعدد فيه الصور الجمالية ولا تنتفي ، وتتكثف فيه الأبعاد الفنية الأدبية لفن القص ولا تختزل .. ولا تنعدم فيه المتعة .. ولا ينقصها التشويق .. ولا يغيب عنها الإبداع ..
( يتبع )

[عبد المنعم جبر عيسي]

سؤالي الأول :
( ترى ما الموضوعات التي تشد اهتمامك في القصة العربية المعاصرة تحديدا ، وفي باقي الأجناس الأدبية عموما؟ )
هي موضوعات تلمس وترا حساسا لدي جمهور المتلقين ، وتستحوذ علي اهتماماتهم ، ولها ارتباط بواقعهم اليومي المعاش .. وتتناول أحد جوانب حياتهم في نواحي : اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية أو سلوكية أو دينية أو تاريخية .. ويتوقف نجاح كاتب القصة ككاتب علي حرفيتة في اختيار موضوعاته وقدرته علي عرضها في شكل شائق واسلوب جذاب .. مع التمكن من تناوله وتنبيهه لما لها من مخاطر إن لم يتمكن من وضع حلول واضحة لمشكلاتها .. واقناع القارئ بفكرة العمل الرئيسية .. وكذلك الحال في كافة الأجناس الأدبية الأخري - كما أعتقد - فلا يمكن للكاتب - كفرد من أفراد مجتمعه - أن يعيش منفصلا عن واقعه وبيئته ومجتمعه وأمته .
سؤالي الثاني :
( هل ما زالت لفعل القص العربي المعاصر ذات المكانة التي كانت له قديما ؟ ثم ما عساها تكون تجلياته ومميزاته في نظرك؟ )
يتمير عصرنا الحديث بالسرعة الفائقة ، والتغير المتلاحق بين الفينة والفينة ، والتطور الذي شمل كافة مجالات الحياة .. ومع كل هذه المتغيرات تنوعت مشاغل الناس اليومية وتعددت همومهم وتوزعت اهتماماتهم ، لتشمل مستجدات عصرية لم تكن موجودة تمثلت في تطور وسائل الإتصال والتأثير الثقافي التي زادت من طرق جذبها لجمهورها بأساليب يصعب مقاومتها واغراءات تشد هذا الجمهور .. لذلك بات من الصعب علي الأدب بكافة ألوانه وأجناسه منافسة هذه الوسائل بالطرق التقليدية .. وبكل تأكيد أصبح من الضروري العمل علي تطوير الفن الحكائي والأدب بشكل عام ليشمل أساليب جديدة لها القدرة علي جذب الجمهور إلي العمل الأدبي والمنافسة في ظل هذه المتغيرات .. وعن مميزات العمل الأدبي - القادر علي المنافسة - نجاحه كنص تعبيري وتصويري في التأثير في وجدان المتلقين ، المحافظة علي القيم الجمالية والسلوكية الأصيلة ، والتلقائية في طرح الحدث ، وما يترتب عليه من تداعيات ، والبعد عن التكلف لكي يصل بسرعة إلي قلب القارئ .. وترك الغموض .. والإبتعاد عن الرمز .. يقول الأديب الكبير ( محمود البدوي ) : " الإغراق في الرمز .. ضحالة .. كالإغراق في الغموض .. والقصة نور وإشراق .. وحياة طبيعية تجري .. وليست فلسفة ولا سياسة .. والذي يريد أن يتفلسف ويشتغل بالسياسة أمامه هذه المجالات .. لأن السياسة تفسد الفن وتقتله .. كما تفسد الفلسة القصة .. " ، والبساطة غير المبتذلة .. لتخاطب البسطاء من جمهور المتلقين ، وتعايش واقعهم بكل ما فيه ، وتطرح مشكلاتهم وتضع إن أمكن لها حلولا ، ولا تقتصر علي النخبة من مجتماعاتهم .
سؤالي الثالث
( ما هي في رأيك رسالة القاص ووظيفته الحقيقية ؟ )
تأكيد القيم الدينية الإيمانية والأخلاقية الإسلامية الثابتة والمثل العليا المتراكمة في التراث البشري وبيان ما يناقضها ، واحترام المقدسات الدينية الإسلامية والدعوة للحفاظ عليها ، نصرة قيم العدل والحق والخير والجمال ومحاربة الظلم والباطل والشر والقبح ، التزام الحقيقة والموضوعية في تناوله لما يعرض له وما يكتبه وما يقترحه من حلول ، مناصرة قضايا وطنه وامته وترسيخ الإيمان بالقيم الجمالية الموروثه وتنمية حس قرائه تجاهها ، المحافظة علي التراث الثقافي العربي الإسلامي والعمل علي بقائه نقيا خاليا من كل ما يضر به أو يسيئ إليه ، العمل علي تقوية ثقافتنا العربية في مواجهة الثقافات الأخري المعادية والتصدي لكافة صور الغزو الثقافي ، والتصدي لهجمات الثقافة السلبية التي تنتشر بفضل تطور وسائل الإتصال والتي تضر مجتمعاتنا ولا تنفعها وتهدمها ولا تبنيها ، التعامل مع قارئه كإنسان واحترامه لعقله وإعطائه نفس القدر من الحقوق والحريات التي له ، تجنب الإساءة والسب للمجتمعات والأفراد والجماعات والمعتقدات والأفكار والأقليات حتي لو كانت معادية ، الإرتقاء بالحس الإنساني لقارئه وتنمية فكره الجمالي .
سؤالي الرابع :
( هل لجمالية الصورة القصصية اعتبارا لدى كتاب القصة العرب المحدثين ؟ )
جمال الصورة القصصية من أهم مقومات جودة النص القصصي ، ونجاح القصة في بلوغ الهدف السامي الذي من أجله كتبت ، فتأخذ بلب القارئ وتنقله إلي عالم سحري خلاب ، جميل بكل ما فيه ، يشبه عالم الأساطير .. دنيا الحواديت .. لكن يجب أن لا تفصله عن واقعه الحياتي ، تلمس فيه إحساسا وتفجر فيه طاقة وقدرة علي التعامل مع معطيات العمل الأدبي ، تخاطب فيه الروح وتثري منه الوجدان .. لذلك فإن عبقرية كاتب القصة الناجح تتلخص في قدرته علي توظيف ( الصورة القصصية ) في خدمة نصه .
سؤالي الخامس
( كيف يا ترى ينتقي القاص العربي عنوان قصته أو عنوان مجموعته القصصية؟ )
العنوان ؛ هو أول ما تقع عليه عين المتلقي .. لذلك فهو من الأهمية بمكان ، وينبغي أن يلقي عناية كبيرة واهتماما من القاص .. كما ينبغي أن يكون العنوان مشوقا .. معبرا عن العمل الأدبي ، يجذب القارئ ويشد انتباهه ، يدل علي النص القصصي ولا يكشف فكرته .. يوحي بأهميته ولا يبين مضمونه .
‏(‏ يتبع )

[عبد المنعم جبر عيسي]

سؤالي السادس :
( ما الذي تراه في شأن ما يجمع الرواية والقصة القصيرة العربيتين من علاقات، وصلات، وروابط؟ )
الرواية عمل قصصي طويل يروي الأحداث التي تقع في حياة أناس واقعيين أو متخيلين ، وتعكس منظور الكاتب ازاء الحياة .. أما القصة القصيرة فهي تركز علي جزئية مفردة ، ونظرا لقصرها فإن الشخصيات والمواقف أقل عددا مما في الرواية وهي تعبر عن وجهة نظر الكاتب في الحياة ومشكلاتها يستخلصها القارئ في النهاية وقد يتشابهان في ضرورة وجود : الحدث والحبكة والبيئتين الزمانية والمكانية والشخصيات والصراع ( العقدة والحل ) والأسلوب في نقل الأحداث من الصورة المتخيلة إلي لغوية .
سؤالي السابع :
.
( هل ثمة سمة شكلية أو جوهرية غالبة على القص العربي المعاصر؟ )
أعتقد أن أهم سمة شكلية تغلب أدب القص العربي حاليا هو الإغراق في الغموض والإبهام ؛ في تقليد أعمي وغير مدروس للأدب الغربي .. وأنا أعتبرها ظاهرة سلبية ، لأنها تفقد أدبنا العربي أصالته ورونقه .. كما ساهمت بشكل فعال في صرف جمهور القراء عن هذا الجنس الأدبي ، واتجاه جزء عريض من شبابنا إلي قراءة أصناف مستحدثة من القصص تضر ولا تنفع وتهدم ولا تبني ..
نطمح أن تعود البساطة والرومانسية إلي قصصنا قريبا .. أيضا تتشابه الموضوعات والنهايات في كثير من الإعمال : لتصور الإحباط واليأس والقهر والواقع السياسي المرير والمهين الغالب علي شكل حياتنا اليومي
سؤالي الثامن :
(كيف ترى مسألة الرمز في القصة العربية قديمها وحديثها؟ )
كان الرمز موجودا في أدبنا العربي قديما ، خاصة في الجانب القصصي منه ، وتجلي في كثير من الأعمال أذكر منها ( كليلة ودمنة ) الذي جسده مؤلفه وصاغ أحداثه علي لسان الحيوان ، ليوصل رسالة ما لمن كتبت له ، لم يستطع مواجهته بها حقيقة ، ثم تبعته أعمال أخري فسارت علي نفس المنوال .. لكن الرمز حاليا يبدو مثيرا للجدل والدهشة في آن واحد .. ولا أعتبره ظاهرة صحية ، إذا زاد عن الحاجة .. التي تخدم العمل القصصي .. وتؤدي إلي عدم وصول الفكرة والرسالة إلي السواد الأعظم من البسطاء .
سؤالي التاسع :
( هل ثمة من إضافات نوعية مستجدة في الكتابة القصصية العربية المعاصرة؟ )
علي المستوي الأدبي لست متابعا جيدا لهذا الجانب .. لكن هناك إضافات .. ليست نوعية ؛ أفرزها وساعد على انتشارها تطور وسائل الإتصال تمثلت في ظاهرة مرصودة حاليا .. وهي سلبية بلا شك ، تتلخص في قيام المواقع الإباحية علي الشبكة العنكبوتية منذ سنوات بتخصيص أجزاء من صفحاتها لنوع من القصص الجنسية ، تنتشر بسرعة وتستهوي جمهورا عريضا من الشباب ، لبساطتها وسهولة لغتها وخوضها في كل التفاصيل .. كتبها - كما أعتقد - أنصاف كتاب ، لكن تطور اسلوبهم بفضل الممارسة والتشجيع المستمر من القراء ورواد تلك المواقع .. الذين تخاطبهم هذه النوعية من القصص بلغتها السهلة وبعدها عن التعقيد والغموض .. يخفي كتابها بين سطورها دعواهم الفجة إلي الفجور ، وهي ظاهرة ينبغي للأدباء أن يكون لهم معها وقفة .. ولا بد للأدب العربي ؛ أن يعود لإجتذاب جمهوره من الشباب .. قبل أن يضيع كل شئ .
سؤالي العاشر :
( ما حقيقة الصلة بين القاص العربي والقصص التي يكتبها؟ )
كما قلت مسبقا ، ينبغي للقاص العربي أن لا ينفصل عن واقعه وأمته .. كما ينبغي لكتاباته أن تأتي معبرة عن هموم وأحزان وآمال وطموحات مواطنيه .. وبقدر صلة الكاتب بواقعه المعاش واقترابه منه يأتي إرتباطه بما يكتب .. ويكون لكتاباته الأثر الفاعل في خدمة قضايا وطنه وأمته .
سؤالي الحادي عشر :
( هل بالإمكان الحديث عن أغراض قصصية عربية مستحدثة؟ )
أتمني أن يقترب كتاب القصة أكثر من الناس ، وأن تأتي كتاباتهم معبرة عنهم .. تطرح مشكلاتهم .. وتعايش واقعهم وهمومهم .. لا أن تكون مجرد صدي لما يكتب في الغرب .. يجب أن يكون لأدبنا العربي شكله العربي وما يميزه .
سؤالي الثاني عشر :
( ترى هل سبق أن قرأت بعض السير الذاتية القصصية العربية؟ )
نعم .. ( الأيام ) لطه حسين .. ( يوميات نائب في الأرياف ) لتوفيق الحكيم .. ( أصداء السيرة الذاتية ) لنجيب محفوظ .. وغيرها .. لا أذكرها .
سؤالي الثالث عشر :
( ما حظ الصبي عبد المنعم جبر عيسى من كتاباتك؟ وما عساها تكون آثاره وتجلياته في قصصك ؟ )
لا يمكن لكاتب ما أن ينفصل عن ذاته .. خاصة وأن ما يسطره من إبداعات إنما تكون خلاصة تجاربه في الحياة .. وأنا مازلت أعيش إحساس الطفولة برغم بلوغي الأربعين .. من خلال مشاركتي لتلاميذي اللعب .. وكم هو إحساس جميل ، لكنه لا يطول .
سؤالي الرابع عشر :
( ما الذي يعنيه فعل القص بالنسبة إليك؟ وما الذي يدل عليه في رأيك؟ )
عمل جميل تؤجر عليه لو أخلصت النية لله .. وعالم جميل جدا وخاص جدا .. ينقلك إلي عوالم اسطورية .. سحرية .. تحاول من خلاله ( الهرب ) من جحيم الواقع ؛ إلي عالم آخر .. تصنعه بنفسك .. وتتفنن في ضبط محاسنه .
سؤالي الأخير :
( هل ثمة من سؤال أو أسئلة ترقبت مني طرحها عليك، فلم أبسطها على هذه الصفحة؟ ما عساها تكون ؟ وما هي إجاباتك عليها ؟ )
لا دكتور / عبد الفتاح .. سألت فأجدت .. وأحسنت وما أسأت .. والله أسأل أن يجعلها في ميزان حسناتك .. وأن يتقبل منا ومنكم صالح العمل .
تحياتي .

[د.ألق الماضي]

أيها الفاضل...
مع كل إشراقة ليوم جديد نكتشف جانب من جوانب شخصيتك...
لقاء ماتع ...
سعدت به كثيرا...
بوركت أيها الماجد...
شكرا أبا شامة أن عرفتنا به عن قرب...

[الجمانة]

قلم أرقبه بصمت؛ فلا عجب فهو يستحق المتابعة ...


دمت ودام فكرك ..


لقاء ماتع ومفيد ..

[أبو شامة المغربي]

[أبو شامة المغربي]

سلام الله عليك من جديد أخي الكريم
عبد المنعم جبر عيسي
ورحمته جل جلاله وبركاته
وبعد ...
أحييك في البدء بتحية الإسلام الخالدة، وإنها لكلمات طيبات زكيات، أصلها ثابت وفرعها في السماء، تؤتي أكلها كل حين، لا تظلم منه شيئا يسيرا أو كثيرا ...
ثم لك مسك الشكر وعطر التقدير على كرم إجابة الدعوة إلى مد هذا الجسر الحواري التواصلي بين أهل المربد الأزهار، وعلى ما جدت به من بهاء حروفك السنية، وسناء كلماتك البهية، والحق أنك أثنيت على كل سؤال بما هو أهل له من الإجابة، فسرت سيرة زهير بن أبي سلمى، الذي كان لا يمدح المرء إلا بما هو أهل له ...
لا ريب أن الرحلة كانت شيقة مفيدة آسرة، ومن المؤكد أن الإبحار في فضاء هذا اللقاء الحواري كان مشوقاً ممتعاً ساحراً، وعسى أن يكون القراء الكرام والقارئات الكريمات قد عثروا وعثرن في ما تم بسطه في هذا المقام على إضاءة مفيدة أو إضافة جديدة ...
وإلى لقاء حواري جديد قادم بإذن الله عز وجل
حياك الله


د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي

aghanime@hotmail.com

[أبو شامة المغربي]