رسالة إلى الحلاج لمْ تُقرأْ بعدْ
اسحق قومي



ممالكُ صمتكِ اقفرتْ نواديها
وأزهرَ غيثُكِ سرَّاً بما فيها
نفوسٌ تتلو في الليلِ معاصيها
وترتاحُ إذا فُرجتْ مآسيها
يحنُّ في رُباكِ العشقُ من زمنٍ
وأبقى للهوى عهداً أُناجيها
لأنتِ من جمالِ الكونِ أَنجمُهُ
وقدْ فاحَ الشذى بالكأسِ صافيها
رحلتُ في مساماتِ الهوى عَمِداً
وعُشقاً كانَ في التكوينِ يُعطيها
جبلتُ الروحَ من وجدٍ ومن سهرٍ
وصرَّعتُ بيوتَ الشعرِ أُقفيها
أميسُ الأرضُ في الأوطانِ قدْ زَهُدتْ
وبالعُشاقِ قدْ جبُلتْ أمانيها
تهيئ في مداراتِ الهوى وطناً
وتسكُنني إذا جئتُ منافيها
أنا بحارُها في عُشْقها دمثٌ
خمورٌ من بقايا الفجرِ أَسقيها
سقتني العِشقَ من كأسٍ مُدلهةٍ
ورحتُ ذلكَ(الحلاج) أرويها
أنا في الكونِ والكونُ بيَّ ابتدأَ
إذا غبتُ فمنْ يُعشبْ بواديها
تصوَّفتُ وصلصالي يُنازعُني
وأُبدي العشقَ في جلِّ معانيها
خُرافةُ نفسي في نفسي أُحطمُها
وأُبدعُ وحيَّها أَسقي فيافيها
سقى اللهُ هدوءاً كانَ يَسكُنني
وأرويهِ بقايا الروحِ أَشقيها
عواصفُ من بناتِ الروحِ تغمرُني
وأركبُ موجها أسفنْ أَعاليها
تصدَّرتُ قواميسَ الهوى وطناً
وسافرتُ إلى شُطآنِ عينيها
جمعتُ ذاتي من بعضي أُلملِمُها
وحطمتُ قيودَ السجنْ أُعاديها
وأسكرُ مع جفونٍ لمْ تنمْ أبداً
وأشربُ خمرةً ملّتْ خوابيها
وأزهرتُ جدائلَ عُشقِ قافيتي
وناصيتُ فحولَ الشعرْ أُلاقيها
أنا منْ زلزلتْ أحلامُهُُ مُدُناً
وهزَّ اليمَّ فانداحتْ شواطيها
أنا من يَعْشقِ الصمتَ بمعبدهِ
وقدْ قالَ الهوى ما كُنتُ أَعنيها
صلبتُ الحُبَّ في عينيها أُغنيتي
ورحتُ دمعةً تهجرْ مآقيها
على كفيَّ نيرانٍ أُؤججهُا
فتحملُني كطفلٍ من بواكيها
رأيتُ فيها ما يُشقي الغِوى سبباً
ورحتُ في بحارِ العُشقِ أفنيها
تعلمتُ المواويلَ المُهجنةَ
تجرعتُ سموماً منْ أفاعيها
وشرعتُ بحّاَر العُشقِ أزمنةً ً
تعبدتُ بها وحياً وراعيها
صلبني الشوقُ في فجرِ صبابتها
على أعوادِ ناقوسٍ بواديها
وحنتْ روحيَّ الولهى لمقدمها
متى يا أيُّها الوهابُ تُعطيها
ستنبجسُ مياهُ العهدِ من قِممٍ
ونشربُها كخمرٍ من معانيها
نرتِلُها زماناً كُنَّا أطفالاً
عجيناً فوقهُ الصُلبانُ نبكيها
لعقنا دمنَّا ،الشُهداءُ مابرحوا
وقافلةً تتابعُ سيرها ليها
وكمْ من قهرنا المجبولِ بالدمعِ
سقينا تُربةَ الأجدادِ نرويها
بنصفِ ذراعنا المبتورِ كُنَّا
إذْ نُصارعُ ثُلةَ الحيتانِ نرميها
تلوحُ من سنا الستينْ مُعجزةٌ
وأبقى أنشدُّ عُشقاً تلاقيها
فنونُ الروضِ ماهبتْ نسائمهُ
ولا عُرسُ الهوى إلاَّ لِنُهديها
حلمتُ أنها العشرونَ تلبَسُني
فرحتُ الصبَّ تأسرني مغانيها
سئمتُ الكذبَ في نفسي مصارعةً ً
وكمْ أشقتني في الفجرِ شواديها؟
سئمتُ الشاعرَ طلسمْ وأحجيةً ً
فلا فُكتْ ولا سُمِعتْ أغانيها
هي في عُمريَّ آلافُ أزمنةٍ
وحسناءٌ لعوبٌ في تثنيها
سأحرقُ كلَّ أكداسي لعودتها
وأُشْعِلُ شمعةَ الروحِ ِ وأفديها
سأبقى في دفاترِعُشقِها صباً
وأعبرُ جسرها حبواً أُلاقيها
ستأتي عندَ أبوابي تُسائِلُني
وأَزعمُ أني بالحُبِّ سأرُضيها
بحبِ الواحدِ الفادي أُرتِلُها
عسى أنْ يغفرَ الرحمنُ عاصيها
هي عشتارُ في نفسي تُصالِحُني
وجلجامشْ إذا بالعِشبِ يُغريها
هي الشُهداءُ للحقِ إذا انتقلوا
وأرجعوا شمعةَ الروح ِ لباريها
هي الآياتُ في الأجيالِ قدْ حُفِرتْ
متى يافجر ُتُشرقْ في دياجيها
***
اسحق قومي
شاعر وأديب سوري مقيم في ألمانيا
Sam11@hotmail.de