رسالة إلى مندوب إسرائيل الدائم في مصرأنيس منصور

السيد أنيس منصور:
تحية إكبار لكل مصري ، تأبى عـليه كرامته أن يستسلم ذليلاً لإسرائيل عدو بلده وأمته العربية.
تحية إكبارلكل عربي يرفض التطبيع مع الكيان المغتصب، ويقاوم العدو المحتل أينما كان في كل أرض عربية سليبة.
تحية إكبار إلى المدافعين عـن حرية أوطا نهم في كل أنحاء العالم، وبعد:
قرأت مقالك في عمودك (مواقف) الذي يكشف مواقفك بجلاء في صحيفة الأهرام القاهرية(1/7/2008)، وترى فيه أنّ الوزير الفنان فاروق حسني تدحرج إلى عش الد با بير في حديثه عن التطبيع الثقافي بين مصر وإسرائيل حين قال:(إنّـه سوف يحرق الكتب العبرية)، وفجّر هذا القول نفورك لأنّ الحريق بزعمك ليس له عند اليهود إلاّ معنى واحد، هو(الهولوكوست)، أي حرق (هتلر) اليهودفي معسكرات الاعـتقال في (داخاو)و(بوخنفلد)، وأشرت في مقالك إلى أنك رأيت هذه المحارق، ووصفـتها بـ (الشنيعة)، وأضفت تقول:(فأنت عندما تدخل متحف هذه المحارق، فإنّ الأرض تميد بك تحت قدميك من الهباب المتخلف عـن المحروقات، وأنت تخوض فيها حتى تدخل إلى أماكن الأفران..)، ثم أشرت إلى صورة لمحرقة (الهولوكوست) حين تشرفت بزيارة إسرائيل في متحف(فادفاشم).. البطولة، ونبهت الوزيرالفنان فاروق حسني إلى خطورة استخدامه لفظة(الحرق) في عـبارته:(حرق الكتب العبرية) التي اشمأزت منها نفسك، فإحراق عـود كبريت عندك كإحراق مدينة، فما بالك إذا كان الحريق يطال الكتب العبرية المنوي عرضها في القاهرة؟ وذكرت في مقالك أنّ لك تجربة فيما يغيظ إسرائيل، فقلت: إنّ الرئيس السادات قال عن مستعمرة(ياميت) الواقعة في شمال سيناء، ونشرت قوله مجلة(أكتوبر):لا أريدها..(فليحرثوها)، وقلت: إنّ كلمة الرئيس ظهرت في جريدة الأهرام:(فليحرقوها)، وتابعت تقول: وقامت الدنيا، وهاج (مناحم بيغن)، وثارت من ورائه الشعوب اليهودية، وطلب منك السا دات، أن توضح لليهود قصده، وتعتذر، فاعـتذرت، وبدورك تطلب من فاروق حسني أن يعـتذر أيضاً.
ويبدو أنّ حرصك على احترام مشاعر الكيان الصهيوني المغتصب، وعدم قبولك ما يؤذي هذه المشاعـر فاق حرص بعض المعتدلين من الصهاينة واليهود على هذه المشاعر، فأنت لا يهمك من الحريق إلاّ المعنى الذي يفهمه اليهود، لأن لفظة(الحريق) تذكرهم بـ (الهيلوكوست)، ولذلك صرت كأ ي صهيوني متطرف لا يقبل حتى سماع هذه اللفظة، وأنت قد رأيت المحارق بنفسك، وتأثرت بما حل بأصحابك اليهود، وعـددتها محارق بشعة، وكنت في مقالك بوقاً صهيونياً، تؤكد محرقة، أنكرها النقاد والباحثون والمؤرخون المنصفون، وكم يبدو الفرق كبيراً بينك وبين المفكرالفرنسي روجيه جارودي الذي أصدر كتاباً عن الهيلوكوست كشف فيه بطلان الدعاية الصهيونية العالمية لهذه المحرقةالتي تروّج لها بغية تحقيق أهداف سياسية ومكاسب مادية، و تعرض هذا المفكر الحر الجريء لضغوطات اللوبي الصهيوني في فرنسا وأوربا، وحوكم، وصودركتابه، وحملوه على الاعتذار، فصمد في موقفه ليقينه أنّه يكشف حقائق، ويعـرّي أكا ذيب، وأنت لا تروج للأكاذيب الصهيونية فحسب، وإنما تمارس دور اللوبي الصهيوني بمصر، فتضغط على الوزيرفاروق حسني داعياً إياه إلى التراجع عن موقفه والاعتذارلإسرائيل عنه كما اعتـذرلهم سيدك أنورالسادات من قبل، ومفتتحاً في الوقت نفسه با ب حملة إسرائيلية عليه. مشاعر الصهاينة عـندك مثل سيدك أنورالسادات أهم وأغلى من مشاعر العرب، وما يهمك من الحريق هو معناه عند اليهود، وليس معناه عند العرب، فالحرائق التي تشعلها إسرائيل في حقول الفلسطينيين ومنازلهم وممتلكاتهم لاتعنيك في شيء، والمجازر التي يرتكبها العدو الصهيوني في دير ياسين وكفر قاسم وقانا لا تعنيك في شيء، وإعـدام إسرائيل عشرات الجنود الأسرى المصريين في حرب السويس، اختراقاً فاضحاً للقوانين الدولية التي تحمي أسرى الحرب،وارتكابها مجزرة في بحر البقر المصرية وإرسالها شبكات التجسس والدعارة الموبوءة بالإيدز إلى مصروإغراقها بالمخدرات لا يعنيك في شيء. والمجازرالتي تعرض لها الشعب العراقي بنيران القوات الأمريكية المحتلة وقبوره الجماعية، واغتصاب حرائر العراق، لاتعنيك في شيء، ولم يخطرببالك، وأنت تزور صورة المحرقة في متحف(فادفاشم)داخل كيان العدو الإسرائيلي المحتل أن تزوردير ياسين وكفرقاسم وغيرهما، وتطلع ميدانياًعلى مأساة شعب فلسطين . هذه المجازر الحقيقية والإبادات الجماعية التي تعرض لها الشعب الفسطيني والمصري والعراقي التي هزت بشاعتها ضمير العالم، لم توقظ فيك حساً أوتثر فيك ضميراً، ولم تجرد قلمك، ولو من باب مسا يرة شعب مصر الذي تحسب عليه وأمته العربية مندداً بهذه المجازر والإبادات الجماعية أو طالباً في الأقل من أصدقائك الصهاينة والأمريكان تقديم الاعتذار عن مجازرهم بحق الشعب العربي. لم تفعل، يا أنيس ذلك، لأنّ ضحايا هذه المجازر والإبادات الجماعية عرب، وما تعرضوا له لا يرتقى عندك إلى مستوى محرقة مزعومة أنكر وجودها المنصفون، مفهوم العرب والعالم للحرائق والمجازر والإبادات الجماعية، لا يهمك، أما مفهوم الصهاينة للحريق هوالذي يهمك، لأنه مفهوم مقدس لديك، لا يأتيه بنظرك الباطل، لقدهانت عليك الدماء المصرية والعربية، فلا تستحق عندك الكتابة عنها أو الإلتفا تة إليها.وأنا قرأت مواقـفك التي تعلنها في عمودك اليومي بصحيفة الأهرام القاهرية، وتابعت مواقفك خلال مسيرة حياتك الطويلة، فلم أجد لك موقفاً وطنياً مشرّ فاً يحسب لك: رأيتك تقف في الصف المعادي لمصلحة شعبك وبلدك مصر، ولم أقرأ أنك تصديت يوماً في شبابك للاحتلال البريطاني لمصر، أودعوت إلى استقلال بلدك لا في مقال لك مكتوب، ولا في مظاهرات شعبية صاخبة اشتركت فيها، ولا أقول قدتها لأن قيادة الشعب لأبنائه الشرفاء الشجعان الأباة، قرأت عنك أنك تقف حيث تدعوك مصلحتك الشخصية أن تقف، وليس ما تدعوك إليه مصلحة بلدك أوشعبك، تميل مع النعماء حيث تميل، نجدك مرة قبل الثورة مع الإخوان المسلمين ونجدك مرة أخرى وجودياً ثم يسارياً .. وهكذا(1 ) كنت دائماً تركب موجة المرحلة السائدة. ليس لك مبدأ واضح تؤمن به، أونهج ثابت تسير عليه إلاّ التذبذب والتقلب والانتهازوالشذوذ. أشدت في المرحلة الناصرية بإ نجازات عبد الناصر، ومجدت عبد الناصر، فلما رحل انقلبت على من أكرمك، ووقفت مع أعدائه، وتقوّ لت على منجزاته، وقفت مع الذين استغلوا الناس البسطاء الفقراء، ودمروا اقتصاد البلد، وكانت لك علاقة بشركات توظيف الأموال التي نهبت أموال مئات بل ألوف الناس المساكين، وهد مت بيوت الكثيرين على علم الدولة، وكانت لك علاقة مع اثنين من أصحاب تلك الشركات(بلدياتي) ينتمون إلى بلدتك(المنصورة)( 2 )، دعوت في الخمسينات يوم كنت رئيس تحريرمجلة (الجيل)إلى صحافة العري والإباحية والعهر والشذوذ الجنسي والبخت والفنجان( 3 ) وتجرع عبد الناصرالصبرعلى شذوذك ، ولما رأى كيلك في إفساد أخلاق الأجيال الصاعدة قد طفح، وأنك تماديت في تهتكك وغيك ردعك، إنّ دعوتك إلى الفساد والإفساد تنسجم مع تربيتك التي نشأت عليها، ألم تعترف بنفسك، أن يدك يوم كنت طفلاً كانت طويلة؟، فكنت تتسلل في جنح الظلام إلى أقنان الدجاج في قريتك(طلخا)، و تمد يدك إليها، فتسرق بيض الدجاج؟( 4 ) وتعترف بسلوكك الوضيع المهين، وأنت شاب، تكتب المقالات، وتؤلف الكتب في موقف لك كتبت عنه في عمودك بصحيفة الأهرام يوم سافرت أنت وطائفة من أصحابك المصريين رجالاً ونساء على ظهر الباخرة(أسبيريا ) سنة 1951 وكنت أصدرت قبل ذلك بعام أول كتاب لك بالعربية عن الوجود ية، تروي فيه أنكم كنتم تنامون على ظهر االسفينة، وأحياناً في إحدى الخيام وسط مخلفا ت الركاب، وتستيقظون جميعاً قبل الفجرلأن البحارة الإيطا ليين يريدون تنظيف السفينة من مخلفا ت الركاب، ومن خلال حالتك المزرية المبتذلة كنت تمد يدك إلى ركاب الدرجة الأولى متسولاً المكرونة والآيس كريم والخبز والشاي والسكر والنبيذ، ثم تقيم مسابقة في جمال السيقا ن، ثم تغني للركاب، وتقوم بدور المهرج لركاب الدرجة الأولى، فتضحكهم مقابل أن تحصل منهم على الطعام والنبيذ حتى إذا ما صحوت أنت وأصحابك، وهم على مثالك، وخطرت لكم الصلاة كنت إمامهم إمعاناً منك في التهتك والاستخفاف. ( 5 )إنّ من يسخر قلمه لإفساد قيم مجتمعه الأصيلة النبيلة، ويقف مع المستغلين الذين دمروا اقتصاد بلده، ويصف شعب مصرالعظيم، شعب البطولات والتضحيات بأنّه سفيه(6) أو(حمار)(7) من الطبيعي أنّ يحتقر شعبه، وينفصل عن بلده، و يؤثر عليه عدوه، ولاغرابة في ذلك عليك، فأنت، كما اعترفت في محاضرة لك بدار الأوبرا المصرية على المسرح الصغيرأنّ حب اليهود ملك عليك قلبك منذ صغرك يوم كنت تذهب إلى كنيسهم، وتؤدي معهم صلاواتهم( 8 )، وإذا كنت، يا أنيس نشأت هذه النشأة المنحرفة الشاذة، فلا يستغربن أحد منك نفورك من لفظة( الحريق) التي تشمئز منها نفسك، كما تشمئز منها نفوس أصدقائك الصهاينة والأمريكان، لأنها تذكرهم جميعاً بأكذوبة( الهولوكست) التي صدقتها، وكنت بوقاً إعلامياً، تروّج لها، وتحرض إسرائيل على من يدعوإلى حرق كتبها، الحريق الصغير يعادل بنظرك الحريق الكبير، فإحراق عود الكبريت عندك كإحراق مدينة، تريد أن تقول للوزير فاروق حسني: إنّ من يحرق الكتب اليهودية في القاهرة كمن يرتكب محرقة(هيلوكوست) جديدة، ونقيس زعمك في الحريق على ميدان السرقا ت، فنقول: إنّ سرقاتك البيض في صباك، ثم سرقتك قصة:( معجزات شاب مصري بالنمسا) للكاتب المصري المغترب (أحمدلاشين) في قصة لك اخترت:(من الذي لا يحب فا طمة؟) عنواناً لها، وأنت في أوج شهرتك( 9 ) كأنما سرقت أموال مصر، كما نستطيع قياسه في ميدان الديون، فنقول: إنً تركك مجلة(أكتوبر) التي كنت ترأس تحريرها تئن تحت وطأة الديون الثقيلة المتراكمة كأنك أغرقت مصر في ديون أرهقت ميزانيتها، وأصابتها بالشلل !!( 10) من الذي ينتظر منك أن تتخذ موقفاً وطنياً مشرفاً، وملف سيرتك، يا أنيس غير مشرف؟ ملف سيرة حياتك الذي يحكم فصوله الانتهاز والتلون والنفاق والشذوذ وعدم الانتماء إلى الوطن والشعب والأمة هوخير ماترحب به الصهيونية وإسرائيل وأمريكا، وتعمل على كسب صاحبه بوقاً لمشروعها، ونصيراً لسياساتها وعبداً مطيعاً لها، والفرق بينك وبين فاروق حسني أن الوزير حين يدعو إلى إحراق الكتب العبرية التي تدعو إلى التطبيع، وتهدف إلى غسل العقل العربي من قيمه وتراثه وثقافته الرافضة للاحتلال يعكس نبض الشارع المصري الرافض للتطبيع ، أما أنت فتعكس بقلمك نبض الكيان المغتصب الدخيل. إنّ الشعب المصري العظيم الذي أسأت إليه، لا يلتفت إلى أكاذيب إسرائيل التي يروّج لها قلمك ، هويعرف عدوه على حقيقته مثلما يعرفك على حقيقتك،، و سيمضي برفضه التطبيع إلى أن تتحقق أهدافه، ولن يكتفي بإحراق الكتب العبرية التي تريد غرسها في عقل شعب مصر، وإنّما سيحرق علم إسرائيل الذي دنّس سماء القاهرة، وجرح كبرياء شعب مصر العظيم الذي اكتوى بمجازر وحرائق لاتريد أن تفهم ماذا تعني عند المصريين والعرب، وسيحرر بلده من اتفاقية(كامب ديفيد) ويحتقر كل مصري ، تخلى عن وطنه وأمته، وارتضى أن يكون بوقاً لعدو بلده وأمته. الوزير فاروق حسني ما تدحرج إلى عش الدبابيرفي دعوته إلى إحراق الكتب العبرية كما زعمت متوهماً، وإنما عبر عن ضمير بلده وأمته، فارتقى إلى أسمى منزلة في قلوب جماهير أمته.
تحية فخرواعتزاز للوزير فاروق حسني مابقى على موقفه الداعي إلى إحراق الكتب العبرية المنوي عرضها في القاهرة، أمّا اللوبي الصهيوني ، تيار النطبيع، الذي تقوده أنت خائباً مندوباً دائماً لإسرائيل في القاهرة ، وأنت رائد كتاب التطبيع وعميد ثقافة الاستسلام. فينقلب أمام صمود شعبنا المصري العظيم وبالاً ونا راً تحرق أصحابه. لا جدوى من سعيك المحموم ، فمشروع أسيادك يا أنيس مقهور مدحور.

الحسكة / سورية حسين حمدان العسّـا ف

الإحالات:
1ـ (سنوات وأيام مع جمال عبد الناصر) ـ الكتاب الثاني ـ الباب الثاني عشر(عبد الناصروالصحافة ... الثقافة...الفنون)ـ سا مي شرف.
2ـ جريدة السياسي المصري ـ محاكمة أنيس منصورـ الحلقة(2)محاورة بين أنيس منصوروسليمان الحكيم ـ تأريخ 10/7/1994
3ـ (سنوات وأيام مع جمال عبد الناصر) ـ الكتاب الثاني ـ الفصل الثاني عشرـ سا مي شرف.
4ـ (مواقف) صحيفة الأهرام القاهرية ـ (مواقف) بقلم أنيس منصورـ 30يونيو2008
5ـ صحيفة الأهرام القاهرية ـ (مواقف) بقلم أنيس منصورـ 8 نوفمبرـ تشرين ثان 1995
6ـ صحيفة الأهرام القاهرية ـ (مواقف) بقلم أنيس منصورـ 19أكتوبرـ تشرين أول 1995
7ـ جريدة السياسي المصري ــ محاكمة أنيس منصورـ 19أكتوبرـ تشرين أول 1995
8ـ ألقى أنيس منصور محاضرته يوم الأربعاء ـ الساعة السابعة مساء20أكتوبرتشرين الثاني 1993ـ مقال(أنيس مهزوم) بقلم إبراهيم الدمشقي ـ جريدة العربي المصرية ـ 23أكتوبر1995
9ـ رفع أحمد لاشين دعوى سرقة على أنيس منصوريتهمه بسرقة عمله الأدبي(معجزات شاب مصري بالنمسا)منذ بداية الأسبوع الأول، العام 1977 ، الدعوى مسجلة بدار الكتب برقم 8640 تأريخ 1993ــ صحيفة العربي المصرية ـ 13ـ ينايرـ كانون ثان 1977
10ـ صحيفة السياسي المصري ـ محاكمة أنيس منصورـ الحلقة(2) ـ محاورة بين أنيس منصور وسليمان الحكيم ـ تأريخ 10/7/ 1994
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــ