مفكرون سوريون: الفارس المترجل خسارة لكل الأمة العربية ونتاجه ومسيرته الحافلة يحملانا مسؤولية الارتقاء بلغتنا العربية ومواصلة مسيرته الابداعية


دمشق - محمد احمد طيارة:
نعت رئاسة مجلس الوزراء ووزارات التعليم العالي والتربية والخارجية والثقافة ومجمع اللغة العربية وجامعة دمشق وهيئة الموسوعة العربية وأسرة الثقافة والتربية والتعليم في سورية بمزيد من الأسى والحزن العلامة الكبير الأستاذ الدكتور شاكر الفحام رئيس مجمع اللغة العربية بدمشق الذي وافته المنية بعد ظهر اول امس عن عمر يناهز 87عاما.وسيشيع جثمان الفقيد الطاهر اليوم الاثنين من مشفى الشامي بدمشق ويصلى عليه بعد صلاة الظهر في جامع الروضة حيث يوارى الثرى في مقبرة الدحداح.
وفي اتصال مع ثقافة اليوم ثمن عدد من المفكرين والمثقفين السوريين مسيرة الراحل المليئة بالعطاءات معتبرين أنهم فقدوا برحيله علما موسوعيا كبيرا عاش حياته مدافعا عن هوية الامة:

ورأى المفكر والباحث د. نبيل طعمه أن د. الفحام غادر علما مجمعا به جمع بعد ان شمخ بنا كثيرا حتى كدنا ان نلامسه فكان حلمه بنا حلمه، وأضاف أن د. الفحام علم علمي خاف علينا ولم نخف عليه بكون ما وصل إليه في مسيرته حلم لكل واحد منا الى أن يصل إليه، خاف على لغتنا وخاف على ثقافتنا وخاف على قضية امتنا في شكلها ومضمونها، نعم اثق به ومعنى ثقتي به ينبع من حجته الدامغة أمام أي حدث علمي معرفي ثقافي، نفتقده اليوم جسدا ونتمسك به قيمة علما، نسعى الى إبداعاته التي تشكل أمانات ضمن رسالته الأمينة والتي اعتقد جازما انه يثق باننا سنؤديها كما عهده بنا، وإننا إذ نرثيه اليوم لا لأنه غادرنا بل لنتمسك أكثر بنتاجه المؤثر والمتأثر بكل ما طرحناه حوله والذي سجله تدويننا في الإنسان وخوفا على الإنسان، وأؤكد في رثائه بأنه سيبقى علما بيننا واننا على العهد نواصل لنرتقي الى ما وصل إليه.

أما الباحث محمد مروان مراد فقد رأى بان رحيل د. الفحام سيكون خسارة كبيرة للحياة الثقافية العربية فهو منذ اكثر من نصف قرن يمثل وجهاً متألقا من وجوه الفكر القومي العربي، أولا بوصفه رئيسا لمجمع اللغة العربية حيث كان دوما وأبدا حارسا للغة العربية وجندياً مخلصا في الدفاع عنها باعتبارها الهوية الأصلية للأمة العربية وهو ثانيا محقق وأديب بارع ترك مؤلفات كثيرة حقق فيها لأئمة اللغة العربية وبقي حتى آخر لحظة من حياته يجند فكره وقلمه لخدمة هذه القضية وأضاف مراد مهما قلنا عن الراحل نبقى مقصرين بحقه وان الامة العربية خسرت علما بارزا من اهم اعلامها الفكرية.. رحم الله الراحل.

وقال د. محمود الربداوي رئيس تحرير مجلة التراث العربي إن شاكر الفحام علم من اعلام سوريا في الفكر والأدب والإدارة إضافة الى انه شغل عدة مناصب هامة في الدولة وفي عهده جمع المفكرين والأدباء والباحثين واللغويين واقام لهم المؤتمرات، وعندما كان سفيرا لسوريا في الجزائر لعب دورا كبيرا في حركة تعريب الجزائر التي رانت تحت الاستعمار الفرنسي قرنا وثلث القرن،وأضاف ان مهامه الوزارية والإدارية شغلته عن ان يجمع مؤلفاته وأفكاره التي جسد فيها تجارب حياته، ولكن صديقا من الأدباء جمعها في خمسة مجلدات سماها " القطوف الدانية " رحم الله الفقيد وتغمده بعفوه وغفرانه ولا نقول الا كما قال المتنبي:

نبكي على الدنيا وما من معشر

جمعتهم الدنيا فلم يتفرقوا

والموت آت، والنفوس نفيسة

والمستعز بما لديه الاحمق

اما وزير الثقافة السوري د. رياض نعسان آغا فاعتبر في تصريحات صحفية أن الراحل من اهم الباحثين الموسوعيين الذين بذلوا حياتهم كلها في خدمة اللغة العربية وآدابها وجمع في عمله الثقافة والسياسة معا مشيرا إلى أن العلامة الفحام باحث وناقد كبير قدم عددا من الدراسات الأدبية والفكرية وكان من اهمها وابرزها دراساته عن شعراء العصر العباسي مثل الفرزدق وبشار بن برد وابن الرومي والمتنبي وابي نواس وابي الفتح البستي اضافة الى دراساته عن الشعر الاندلسي. وأوضح الدكتور نعسان آغا أن عددا كبيرا من طلاب الدراسات العليا درسوا على يدي الراحل كما أشرف على عدد كبير من أطروحات الماجستير والدكتوراه وتخرج على يديه كبار الادباء والمثقفين العرب لافتا الى ان الفحام كرم مرات عدة ومنح جائزة الملك فيصل العالمية للأدب العربي عام 1989ونشرت له وزارة الثقافة في العام الماضي كتابه القطوف الدانية وفيه عدد من أبحاثه المهمة كما اصدرت دار الفكر كتابا خاصا عن الفحام ضمن سلسلة بعنوان ادباء مكرمون. وأشار نعسان آغا إلى أن الأديب والناقد الراحل عرف بثقافته الأكاديمية الموسوعية وبأخلاقه العالية وتمسكه بالقيم النبيلة السامية وبإخلاصه لمبادئ أمته والدفاع عن قضاياها.من اهم مؤلفاته الادبية الفرزدق وبشار بن برد وكتاب مختارات من شعر الاندلس وحقق العديد من دواوين الشعر القديم بالاضافة الى مئات الابحاث والدراسات الادبية والفكرية.

الدكتور الفحام من مواليد مدينة حمص 1921وحصل على الدكتوراه من جامعة القاهرة عام 1963وفي ذات العام تولى منصب وزير التربية في سورية ثم عمل سفيرا لسورية في الجزائر 1964الى 1968ثم رئيسا لجامعة دمشق من 1968الى 1970ثم وزيرا للتعليم العالي حتى عام 1973وكان في ذات الفترة عضوا في مجلس الشعب ثم عاد وزيرا للتربية من 1973الى 1978ثم وزيرا للتعليم العالي 1980ثم رئيسا لمجمع اللغة العربية من 1993وحتى تاريخه وهو عضو في هيئة الموسوعة العربية وعضو في العديد من المجالس واللجان الاستشارية والمنظمات العاملة في مجالات اللغة العربية وبحوث الحضارة والتاريخ والمخطوطات.يعد العلامة المرحوم الدكتور شاكر الفحام من كبار العلماء العرب الذين نذروا عمرهم لخدمة اللغة العربية وعلومها منذ مطلع حياته العملية وحتى وفاته في دمشق. واشتغل الفحام على التأسيس المنهجي والمعرفي للنقد الوصفي والتحليلي والتأصيل والتحديث وتمثلات اللغة العربية للهوية القومية في صلب الممارسة النقدية ضمن مسعى توظيف التراث النقدي في مسارات النقد الأدبي الحديث.
المصدر