النتائج 1 إلى 9 من 9

الموضوع: كيف تطور من مستواك في كتابة الروايات الفانتازية الراقية ؟

  1. #1 كيف تطور من مستواك في كتابة الروايات الفانتازية الراقية ؟ 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المشاركات
    8
    معدل تقييم المستوى
    0
    بسم الله الرحمن الرحيم



    كيف تطور من مستواك في كتابة الروايات الفانتازية الراقية ؟


    بقلم\ د.أحمد خشبة



    هناك ثلاث قواعد فقط لكتابة الرواية .. للأسف لا أحد يعرفها ..
    سومرسر موم somerser maugham



    السلام عليكم
    كيف حالكم جميعا ؟
    حقيقة كان عنوان الموضوع هو : كيف تكتب رواية فانتازية راقية ؟
    لكن حقيقة هذا العنوان خاطئ .. أنا و لا أحد غيري يقدر على أن يجعل مار بالشارع يكتب رواية .. بل و فانتازية من النوع الراقي كذلك .. هذا خطا بالتأكيد ..
    البداية ..
    يجب أن تكون موهوب .. يجب أن تمتلك هذه القدرة التي لا يمكن أن أصفها سوى بتلك اللعنة التي تجعلك تجلس ناظرا نحو زهرة الصبار التي يراها الجميع صبارا و أنت تراها أشياء أخرى ! .. يجب أن تمتلك تلك القدرة السحرية .. لن يمنحها لك أحد .. فلا تحزن إن لم تمتلكها !
    ثانيا .. الرغبة ..
    عليك أن تكون راغبا بكتابة الرواية بشدة .. الرواية حقل صعب .. من يريد فيها قيراطا عليه بالتعب فدانا .. فلا تزهد مبكرا و لا تمل .. فالرواية لا تحتاج إلا الصبر ..
    ثالثا .. الكتابة ..
    هذا هو أهم درس على الإطلاق .. و لن أذكره هنا .. ولن يذكره أي شخص آخر .. لكن هي القاعدة الأسمى .. الكتابة فالكتابة فالكتابة .. هي المعلم الأوحد على الجميع .. هي من علمتني أسرار المهنة و لا تزال تعلمني .. و لولاها لما عرفت جزء بسيط مما أعرفه حاليا ..
    رابعا .. الممارسة و التدريب ..
    حين تريد ممارسة لعبة معينة عليك أن تتعلم قوانينها .. ثم خطواتها .. ثم تبدأ بممارستها .. و هي اللعبة .. تلك الرياضة المسلية .. فما بالك بالكتابة ؟
    لا تعتقد أن الكتابة مجرد جلوس على ورقة بيضاء لتحويلها سوداء .. يكفي سكب قنينة حبر على الورقة لتسود .. يكفي أن أمنح قلما لطفلٍ يلعب في هذه الورقة لأجدها بعد دقائق سوداء .. ليس هذا دورك .. فلا تحط من قدرك !
    خامسا .. الكتابة ليست سهلة !
    فكرة خاطئة مأخوذة عن الكتابة .. الكتابة عمل سهل ! لو شعر الكاتب بتعقيد ما يفر هاربا منها .. للأسف الكتابة " الاحترافية " و أخص " الاحترافية " بالذكر كتابة معقدة و صعبة و شديدة المخاطر لمن يرغب فيها .. ولهذا تفكر مليا في أسماء الأدباء العرب .. كم أديب ظهر على مستوى القرن الماضي ؟ و كم أديب تسمع اسمه داخل رأسك و بين أصدقائك حين الحديث عن أعلام الأدب ؟ لا شيء يأتي بسهولة .. الكتابة ليست ما تتوقع ..


    هذه الأمور هي أمور مهمة حقيقة قبل التقدم خطوة .. فهذه النقاط لن أوضحها في ما هو تال .. أنا اعتمدت على كونك كاتب .. كاتب روائي حقيقي يرغب في تطوير مستواه .. في بداية الدراسة كنت قد قررت كونها دراسة من تجارب شخصية بحتة .. لكن بعد قليل صار هذا الأمر خاطئا .. لقد قرأت عدة كتب و استفدت كثيرا بل و ترجمت البعض كذلك .. لهذا فالدراسة هي دراسة أدبية بالمعنى الصحيح ..
    بالنسبة لنقطة الترجمة أحب أن أوضح أنني قرأت الكتاب و انتقيت من كل كتاب ما رأيته مناسبا للكتابة الروائية في نظري و مهم .. ثم صغت الأمور أغلبها بنبرتي و رأيي و أمثلتي عدا البعض القليل الذي لم أفهم مغزى الكاتب أو لم أجد أمثل من تعبيرات الكاتب حينها أقول : قال فلان كذا و كذا ..
    ما هو موجود هنا ليس كل الأسس .. و لا أعتقد بوجود كتاب يحوي على كافة الأسس .. ما هو موجود هنا هو ما أقوم به في الكتابة .. وما أعتقد أنه مهم .. و هذا ما يعني أنني لم أكتب شيئا إلا و أنا مؤمن به و بأهميته .. ما لم أجده مهما أو لم أرَ فيه ما هو مهم تجاهلته !


    الدراسة تلك هي نواة لدراسات تالية باذن الله .. لكن هذه هي الأساس .. لمدة أسبوع كامل تقريبا من البحث و الدراسة و التقصي و القراءة و الكتابة و العزلة عن الجميع خرجت بتلك الدراسة .. أتمنى أن تكون جيدة بقدر المستطاع ..
    كل فترة سأقرأ أكثر و سأطلع على كتب أفضل –لأن الكتب المتاحة لي ليست كلها جيدة للأسف و بانتظار حل في هذه المعضلة – ثم كل فترة سأنزل مجلدا تعديليا لما هو موجود هنا ..
    النقاشات .. النقاشات جزء هام للغاية في هذه الدراسة .. لن أستفيد و لن يستفيد غيري بالدراسة دون النقاشات .. فأرجو أن تكون ثرية حتى لو كانت كلها اعتراضية على النقاط الموجودة هنا ..


    أكرر .. لم أكتب نقطة إلا و أنا أراها مهمة .. ولم أكتب نقاطا لم أرها مهمة .. لو وجد أحدكم نقطة تشغل تفكيره و لم أذكرها فأتمنى أن يطرحها للنقاش فربما لم أعلم بها ولم أفكر في الكتابة عنها ..


    الفهرس :

    *أولا : الرواية :
    -اللغة العربية :
    -لماذا ندرس اللغة العربية؟
    -قواعد هامة للنحو
    -أخطاء إملائية شائعة للكتابة
    -أخطاء تعبيرية شائعة للكتابة
    -رؤية خاصة في بعض الكلمات ..
    -علامات الترقيم


    ونظرا لأني ضعيف في اللغة العربية .. و نظرا لأن مشاكل اللغة تظهر أكثر و أكثر بالكتابة .. فقد استعنت في هذا القسم بمواضيع من مناطق أخرى .. و نظرا لأن المنتدى يمنع وضع روابط لمواضيع أخرى خارجه فلن أستطيع وضع روابط للمواضيع و سأكتفي بذكر اسم الكاتب– و هذا حفاظا على مجهود أصحابها و كمصدر يوضح من أتيت بالمعلومات تلك – كنت أتمنى وجود البعض ممن يتقنون العربية أكثر من سيبويه نفسه لكن للأسف تلك الفترة فترة اختبارات .. لهذا سأعتمد على المناقشات حول تلك النقاط و توضيح الخطأ من الصواب في نظر القارئ ..

    -بنيان الرواية :
    -هل أحضر قبل الرواية أم لا ؟
    - الشخصيات
    -الحبكة
    -الصراع
    -الأفكار
    -الحوار
    -ضمائر السرد
    -أمور سردية مهمة
    -الفصل الافتتاحي
    -الوقت بالرواية
    -الدافع بالرواية


    بالطبع كنت قد وضعت قائمة أخرى لهذه المنطقة .. لكن بعد قراءة البعض من الكتب توجهت نحو إثراء بعض النقاط و حذفت نقاط أخرى .. على كلٍ أتمنى أن يكون ذلك للأفضل ..

    *ثانيا : الفانتازيا :
    -الفانتازيا و الخيال العلمي .. تعاريف مهمة .
    -مرحلة بناء العوالم
    -المعارك
    -ابتكار اللغات
    -السحر في الفانتازيا
    -الثيمات المعتادة بالفانتازيا
    -الرمزية في الفانتازيا



    هنا موطن الفانتازيا .. حتى هذه اللحظة فكل شيء هنا – عدا نقاط العوالم بالقطع – لم أجد ما يؤكد نظرتي في الأمر .. لهذا فكلها أمور ناجمة من خبرتي القليلة في الفانتازيا .. وحين تصلني الكتب التي أبحث عنها باذن الله و أقرؤها سأضع تعديلاتي لو وُجدت ..


    *رابعا : التراجم :
    في هذا القسم سأضع ترجمات لي أراها مهمة ..
    *غير متاح حاليا *


    ***********************************************
    رد مع اقتباس  
     

  2. #2 رد: كيف تطور من مستواك في كتابة الروايات الفانتازية الراقية ؟ 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المشاركات
    8
    معدل تقييم المستوى
    0
    *ثانيا : الرواية :
    -اللغة العربية :
    -لماذا ندرس اللغة العربية؟
    -قواعد هامة للنحو
    -أخطاء إملائية شائعة للكتابة
    -أخطاء تعبيرية شائعة للكتابة
    -رؤية خاصة في بعض الكلمات ..
    -علامات الترقيم

    ----------------------------------------------------------------------------
    ----------------------------------------------------------------------------

    1-لماذا ندرس اللغة العربية ؟
    سؤال مهم .. قد يكون غير مهم للبعض .. لكن هو مهم على كل حال ..
    لماذا أدرس اللغة العربية جيدا كي أكتب جيدا بها ؟ ألا يوجد مراجع لغوي في الدار التي ستنشر لي ؟
    نعم هناك .. و بالتاكيد سيتم مراجعة روايتك كثيرا .. لكن لماذا لا تكتبها من البدء صحيحة بقدر استطاعتك ؟
    حين نتحدث سويا بالعربية أنا و أنت قد يجيء رجل من اليابان و يحاول فهم ما نقوله .. لكنه يفشل ..
    حين تكتب رواية فأنت تحاول في الأساس نقل ما برأسك على الورق لقارئك .. حينها يصبح القارئ كالزائر الياباني .. شخصياتك و أنت تعرفان جيدا ما تريدان قوله .. لكن هل اللغة المكتوبة سيفهمها القارئ أم لا ؟
    اللغة العربية هي اللغة التي نكتب بها .. واللغة التي يقرأ بها القارئ .. فكيف تفكر في عدم إتقانها ؟
    نعم ربما تكون القواعد صعبة .. لكن مع التكرار و محاولتك الجادة لتجنب أخطائك .. صدقني .. ستصبح محاولة تجنب تلك الأخطاء عملية بسيطة للغاية و ربما تصبح تلقائية ..
    في بداياتي .. كنت أكتب غير مكترثا بالقارئ .. أكتب حتى ردودي دون مراجعة لغوية .. نظرا لأني أكتب ردودا طويلة نسبيا .. هكذا كنت أقول لنفسي .. لكن بعد فترة بسيطة أدركت كم الخطأ الذي أقع فيه .. حين أكتب كنت أخطئ إملائيا و نحويا .. فكانت كلماتي تُفهم خطأ .. هنا أنا وضعت حرف " ُ " لو لم أضعها لما فهمت الكلمة كما أريدها .. التشكيل مهم .. النحو مهم .. الإملاء مهم .. المعاني العربية الفصحى مهمة ..
    لن أفتتح مدرسة لتعليم العربية هنا .. فأنا سأفترض أنك على علم بالأساسيات .. لكني هنا سأقوم بعرض الأسئلة و المشاكل التي قد تواجه الكتاب .. و سأعرض الحلول المتاحة لها ..

    ----------------------------------------------------------------------------

    2.قواعد مهمة للنحو :
    لست متخصصا في النحو .. ربما أحدكم يتولى كتابة هذا القسم ..

    ----------------------------------------------------------------------------

    3.أخطاء إملائية شائعة بالكتابة :
    فلأبدأ بكيفية كتابة علامات التشكيل أولا لأن البعض لا يعرفها :
    1( َ ) : الفتحة .. shift + Q
    2( ً ) : التنوين بالفتحة .. shift + W
    3( ُ ) : الضمة .. shift + E
    4( ٌ ) التنوين بالضمة .. shift + R
    5( ِ ) : الكسرة .. shift + A
    6( ٍ ) : التنوين بالكسرة .. shift + S
    7( ّ ) : الشدة .. shift + ذ
    8( ْ ) السكون .. shift + X
    ----------------------------------------------------------------------------
    لاحظ :
    -هناك فرق بين ( ى ) و بين ( ي )
    -هناك فرق بين ( أ ) و ( إ ) و ( ا )
    -هناك فرق بين ( ء ) و ( ئ ) و ( ؤ )
    ----------------------------------------------------------------------------

    أوضاع الهمزة.. بقلم : strange
    اقتباس:
    الى جميع الاخوة الاعضاء في هذه المنتديات يمكنكم الاطلاع على هذا الدرس الهام جداً وذلك لاسباب وجيهة اهمها كثرة الاخطاء في اوضاع الهمزة ، لذا اطلب من جميع الاخوة الاطلاع على الدرس المبسط وارجو الفائدة لجميع القراء . اقتباس:
    الهمزة أول حروف الهجاء ، تقبل الحركات وهي إما: أول الكلمة أومتوسطة أومتطرفة. (أ) الهمزة أول الكلمة:تكتب الهمزة أول الكلمة ألفاً وهي:
    - همزة وصل: ألف زائدة للتخلص من النطق بالساكن في أول الكلمات، تقرأ أول الكلام وتسقط في وسطه.
    مواضعها:
    (1) في الأفعال: أمر الثلاثي المبدوء بهمزة: اضرب، ماضي وأمر ومصدر الخماسي: اندحَرَ،اندحِرْ،اندحار، ماضي وأمر ومصدر السداسي: استقبلَ، استقبلْ، استقبال.
    (2) في الأسماء: ابن، ابنة، ابنم، ابنان، ابنتان، اثنان، اثنتان، امرؤ، امرأة، اسم،است،امرآن، امرأتان، اسمان، ايمن.
    (3) في ال التعريف: القاضي.
    - همزة قطع: همزة تأتي أول الكلمة ووسطها، وهي تقرأ وتكتب ولا تسقط في درج الكلام. تقبل جميع الحركات.
    مواضعها:
    (1)في الأفعال: ماضي الثلاثي ومصدره: أكل، أكلا، ماضي الرباعي وأمره مصدره: أضربَ،أضرِبْ،إضراب.
    (2) في الأسماء: في جميع الأسماء عدا المذكورة في همزةالوصل.
    (3) في الحروف: جميعها عدا ال التعريف. (ب) الهمزة في وسط الكلمة:تكتب الهمزة في وسط الكلمة على حرف يناسب حركتها وحركة الحرف قبلها.
    الكسرُ أقوى الحركات وتناسبه النبرة، يليه الضم وتناسبه الواو،يليه الفتح وتناسبه الألف، ثم السكون أضعف الحركات، وتناسبه أن تكتب مفردة: فئات،خؤون،رأس.
    حالات أخرى خاصة:
    - الهمزة المفتوحة المسبوقة بألف ساكنة تكتب على السطر: قراءة.
    - الهمزة المفتوحة أو المضمومة المسبوقة بواو ساكنة تكتب على السطر: ضوءه.
    - الهمزة المفتوحة أو المضمومة أوالمكسورة المسبوقة بياء ساكنة تكتب على نبرة: فيْئهِ.
    (ج) الهمزة آخرالكلمة : تكتب الهمزة في آخر الكلمة على حرف يناسب حركة الحرف قبلها. الكسر تناسبه الياء، الضم يناسبه الواو، الفتح يناسبه الألف، السكون على السطر مفردة: مُبْطِىء، جَرُؤَ، يتباطأُ، عبء. وإذا نونت بالنصب بعد حرف ساكن يقبل الاتصال مع ماقبله كتبت على نبرة: شيئاً، وإلا كتبت مفردة: جزءا.



    ----------------------------------------------------------------------------

    4.أخطاء تعبيرية شائعة بالكتابة ( قل و لا تقل ) :

    -من فعل العزيز جهبذ :
    اقتباس:

    لا تقل: حماس محمد؛ فـ(الحماس): ضرب من الشجر.
    -قل: حماسة محمد.
    -الحماسة: الشجاعة، وهم أهل السماحة والحماسـة ومنه ديوان الحماسة لأبي تمام، وشعر الحماسة، وحماسة البحتري.
    ----------------------
    -لا تقل: ينبغي عليك.
    قل: ينبغي لك.
    يقول الله عز وجل: (وما علّمناه الشعر و ما ينبغي له، إن هو إلا ذكر وقرآن مبين).
    ----------------------
    -لا تقل: (جاء الكافة) أو (كافة الناس)؛ فكافة لا تستعمل إلا مجردة من (أل) و( منصوبة على الحال).
    -قل: جاء الناس كافة؛ فـ(كافة) منصوبة على الحال ومجردة من (أل).
    قال تعالى: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّة}.
    ---------------------

    -لا تقل: ما فعلته أبدًا.. فأبدًا ظرف زمان لاستغراق المستقبل يُنفي بها المستقبل ولا يُنفى بها الماضي.فنقل(لن أفعله أبدا)ً.
    -وقل: ما فعلته قط..فـ(قط) هي التي يُنفى الماضي بها.
    -------------
    -لا تقل: أثر عليه.
    -قل: أثر فيه أو به ؛لأن الفعل أثر لا يتعدى بـ(على).
    -------------
    -لا تقل: بكى من شدة التأثير.
    -قل: بكى من شدة التأثر؛ لأن التأثير مصدر الفعل أثّر لا تأثّر.
    ------------
    -لا تقل:كُسرت أحد أسنانه.
    -قل:كُسرت احدى أسنانه؛ لأن السن مؤنثة.
    ------------
    -لا تقل:سها الشيء عن بالي.
    -قل:سهوت عن الشيء؛ لأن الإنسان هو الذي يسهو وليس الشيء.
    ------------
    -لا تقل:هذا تلميذ شاطر.
    -قل:هذا تلميذ ذكي أو حاذق أو بارع.. فليس من معاني الشاطر: الذكي أو الحاذق، والابن الشاطر:هو الذي عصى أباه وعاش في الخلاعة بعيداً عنه ثم عاد إليه تائباً.
    -----------
    -لا تقل:هذه مستشفى حديثة .
    -قل:هذا مستشفى حديث؛لأن مستشفى مذكر.
    ----------
    -لا تقل:ضربه بالأرض.
    وقل:ضرب به الأرض؛ لأن الأرض ليست شيئاً يُحمل ويُضرب.
    ----------
    -لا تقل:عزمه على العشاء.
    وقل:دعاه إلى العشاء؛ فليس من معاني (عزم) الدعوة.
    ------------
    -لا تقل: كذب المنجمون ولو صدقوا؛ إذ كيف يكذب المنجم ولو صدق؟.
    -قل كذب المنجمون ولو صدفوا – بالفاء. ( سامع يا بوند)
    ------------
    -لا تقل: الراسل؛ لان الفعل (أرسل) وليس (رسل).
    -قل المُرسل.

    ----------------------------------------------------------------------------
    -أخطاء لغوية شائعة .. بقلم\ غدير العمري :
    اقتباس:
    أخطاء لغوية شائعة الاستخدام ،
    تنتشر في بعض وسائل الإعلام المختلفةمنها

    يقال : انسحب الفريق من المباراة
    والصواب : خرج الفريق من المباراةيقول ابن منظور في لسان العرب :
    السحب : جرّ الشيء على وجه الأرض كالثوب وغيره .... ورجل سحبان : أي جرّاف يجرف كلّ ما مر به . ا.هـ ولم يرد في المعجم الفعل انسحب بمعنى تقهقر أو نكص أو ترك ، وذكر صاحب معجم الخطأ والصواب : يخطِّئ أسعد داغر وزهدي جار الله من يقول : انسحب الجيش بحجة عدم ورود الفعل في كلام العرببمعنى تقهقر أو نكص في حيبن أنه أيد المعجم الوسيط في استعمال الكلمة بمعنى تقهقر
    ..............
    يقال : هذا الكتاب عديم الفائدة
    والصواب : هذا الكتاب معدوم الفائدة
    جاء في معجم مقاييس اللغة : العين والدال والميم من أصل واحد يدل على فقدان الشيء وذهابه ، وعدم فلان الشيء إذا فقده ، وأعدمه الله تعالى كذا ، أي أفاته ، والعديم الذي لا مال له أ.هـ . وجاء في اللسان ـ أي لسان العرب لابن منظور ـ رجل عديم : لا عقل لهفالعديم هو الذي لا يملك المال وهو الفقير من أعدم أي افتقر . وقد حمل معنى هذه اللفظة من المعنى المادي إلى المعنوي
    .............
    يقال : انكدر العيش
    والصواب : تكدَّر العيش
    جا في جمهرة اللغة : الكدر ضد الفصو ، كدر الماء يكدر كدرًا وكدورًا وكدرة ، والماء أكدر وكَدِر ، ومن أمثالهم : خذ ما صفا ودع ما كدِر انكدر النجم إذا هوى ، وكذلك انكدرت الخيل عليهم إذا لحقتهم ، وجاء في اللسان : كدر عيش فلان وتكدَّرت معيشته
    ...............
    يقال: أحنى رأسه خجلاً ، أي عطفه
    والصواب : حنى رأسه خجلاًلأن معنى أحنى الأب على ابنه ، أي غمره بعطفه وحبه واشفاقه ومن قبيل المجاز نقول حَنَتْ المرأة على أولادها حُنُوّاً
    .............
    يقال : حرمه من الإرث ، فيعدُّون الفعل ـ حرم ـ إلى المفعول الثاني بحرف الجر ـ من ـ
    والصواب : حرمه الإرث بنصب مفعولين
    أي الفعل ـ حرم ـ يتعدى إلى مفعولين تعدياً مباشراً ، وقد أجاز بعض اللغويين ( أحرمه الشيء ) أي حرمه إياه ، ومن ذلك ما ورد في قول ابن النحاس في قصيدته العينية المشهورة :ـ
    وأحرمني يوم الفراق وداعه ..... وآلي على أن لا أقيم بأرضه
    ..............
    يقال : تحرّى عن الأمر ، فيعدون الفعل ( تحرّى ) بحرف الجر ( عن ) ـ
    والصواب : ( تحرّى فلانٌ الأمرَ ) ، أي توخاه وطلبه ، ويقال : ( فلان حَرِيٌّ بكذا ) أي خليق وجدير وحقيق وَ ( أحْرِ به ) أي أجدر به )
    قال الشاعر :ـ
    فأحْرِ بمن رامنا أن يخيبا فإن كنتَ توعدنا بالهجاءوقد اشتق التحري من ( أحرِ به ) ، وهو يعني توخّي الأولى وقصد الأحق ، كما تدل على ذلك طائفة من النصوص اللغوية نذكر من بينها :ـ
    قال عز وجل (سورة الجن 14) : { فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرّواْ رَشَدًا } أي توخوا وعمدوا
    .............
    يقال : احْتَضَرَ فلان في المستشفى
    والصواب : فلانٌ يُحْتَضَرُ في المستشفى ،لأننا نقول : : ( احْتُضِرَ فلان ) إذا حضره الموت .
    قال تعالى ( سورة النساء 18 ) { حَتَّىَ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمْ المَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ }
    وقال الشاعر الشماخ :ـ
    فأوردها معا ماء رواء ...... عليه يُحْتَضَرُ احتضارًا
    ...............
    يقال : نسائم الصباح الجميلة
    والصواب : نسمات الصباح الجميلةنسائم على وزن فعائل ومفردة نسيمة على وزن فعيلة مثلها في ذلك مثل صحيفة وطريقة ووديعةوجمعها صحائف وطرائق وودائع ، أما جمع نسمة فهو نَسَمٌ أو نسمات ، يقول إبن منظور صاحب
    لسان العرب : ( ونسيم الريح أولها حين تقبل بلين قبل أن تشتد ) . ويقول في موضع آخر والنسمة
    الإنسان ، والجمع نَسَمٌ ونسمات
    قال الأعشى :ـ
    بأعظم منه تقى في الحساب .... إذا النسمات نفضن الغبارا
    وقد وردت نسائم عند بعض الشعراء المعاصرين مثل قول أحدهم :ـ
    من عطرها نسائم ..... سوف تظل دائمة
    ............
    يقال: إسهاما منها في تشجيع القدرات
    والصواب : مساهمة منها في تشجيع القدراتإسهاماً هو مصدر الفعل أسهم ، وهذه تعني كما يقول إبن فارس في مقاييس اللغة
    ( أسهم الرجلان إذا إقترعا) وذلك من السّهمة والنصيب . وهذه تختلف مساهمة المشتقة من الفعل ساهم الذي يعني شارك ، فالمساهمة هي المشاركة والإسهام يعني الإقتراع . ومن هنا نلاحظ أن أية زيادة في المبني تؤدي إلى تغيير المعنى
    ................
    يقال : البعض
    والصواب : بعض .
    كثيرا ما تردد هذه الكلمة في الاستعمال العام معرفة بأل التعريف ، والأصح أن هذه اللفظة ( بعض ) معرفة لأنها كما يقول أصحاب اللغة في نية الإضافة .وفي هذا الصدد يقول الجوهر في الصحاح
    ( وكل وبعض معرفتان ولم يجىء عن العرب بالألف واللام وهو جائز ، إلا أن فيهما معنى الإضافة أضفت أو لم تضف ) .
    فالجوهري يقر بأن بعض لم تجىء عن العرب بالألف واللام . وقد وردت كلمة ( بعض ) في القرآن الكريم في مواضع كثيرة وكلها جاءت مجردة من أل التعريف
    كقوله تعالى : { وَاللهُ فَضَّلَ بَعْضٌكٌمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ } . ( النحل :71 ) .
    ..................
    يقال : أعلنتُ الخُــطــبـَـة ويقصدون النكاح .
    الصواب : أعلنتُ الخِــطـبَةأو أعلنتُ خِطبَة فلان لأن الخِطبة هي طلب الزواج بفتاة فهي خِطبَة وهو خطيبها وهي خطيبته
    ................
    يقال هذا بئر عميق .
    والصواب : هذه بئر عميقةلأن كلمة بئر مؤنثة كما جاء في الآية 45 من سورة الحج { وَبِئْرٌ مُعَطَّلَةٌ وَقَصْرٌ مَشِيدٌ } وجمعبئر آبار وتُصَغَّر على بؤيرة .
    .............
    يقال : الفَرار ( بفتح الفاء )
    والصواب : الفِرار ( بكسر الفاء )
    تنطق هذه الكلمة ويقصد بها الهروب والصواب الفِرار ـ بكسر الفاء ـ وهذه تعني الهروب ، أما الفَرار بفتح الفاء فتعني الكشف عن أسنان الدابة لمعرفة كم بلغت من السنين . ومن الجدير ذكره أنَّ كل مصدر من المصادر التالية : ( المفَرّ ) ـ بفتح الميم والفاء وتشديد الراء ـ و ( المَفِر ) ـ بفتح الميم وكسر الفاء وتشديد الراء ـ يعني الهروب أيضًا .
    يقول الشاعر :
    فضحتم قريشًا بالفِرار وأنتم ... ممدّون سودان عظام المناكب
    ومن الشواهد التي أوردها سيبويه في كتابة :
    ضعيف النكاية أعداءه ... يخال الفِرار يراخي الأم
    مِمَا قَرأتُهُ فَأحبَّبْتُ نَقْلَّهُ للفائِدة
    ----------------------------------------------------------------------------
    ~*~ مجموعة هائلة من ( قل ولا تقل ) ~*~ بقلم : ROSAMARIA
    اقتباس:
    لا تقل الطقس وقل المناخ أو الجو .
    الطقس كلمة مولدة دينية لدى النصارى وتعني الطريقة .
    لا تقل استبيان وقل استبانة .
    لأن مصدر الفعل استبان هو استبانة مثل : استقام استقامة .
    لا تقل جاء لوحده وقل جاء وحده .
    كلمة وحده تأتي دائما منصوبة على الحالية وملازمة للإضافة .
    لا تقل فلان منبهر وقل فلان مبهور .
    لأن اسم المفعول من بهر مبهور .
    لا تقل البنك وقل المصرف .
    البنك كلمة أجنبية يقابلها بالعربية المصرف .
    لا تقل محسوسات وقل محسات .
    لأن الفعل احس رباعي .
    لا تقل أحد الشركات وقل إحدى الشركات .
    لأن العدد واحد يطابق المعدود في التذكير والتأنيث .
    لا تقل تمعن في الأمر وقل أمعن في الأمر .
    لأنه لم يسمع الفعل تمعن عن العرب بمعنى أمعن .
    لا تقل اشتقت لك وقل اشتقت إليك .
    لأن الفعل اشتاق يتعدى بإلى لا باللام .
    لا تقل احتار فلان في أمره وقل حار فلان في أمره او تحير .
    لأن الفعل احتار لم يسمع عن العرب .
    لا تقل أنت بمثابة أبي وقل أنت مثل أبي .
    لأن المثابة بمعنى : البيت والملجأ .
    لا تقل جوازات السفر وقل أجوزة السفر .
    لأن الجواز يجمع على أجوزة كما ورد في المعاجم .
    لا تقل أصيب فلان بدوخة وقل أصيب فلان بدوار .
    لأن من معاني داخ : ذل وخضع وداخ البلاد : قهرها .
    لا تقل اعتذر عن الحضور وقل اعتذر عن عدم الحضور .
    لأن الاعتذار لا يكون إلا عن خطأ .
    لا تقل حياة العزوب وقل حياة العزوبة أو العزبة .
    لأنها هكذا وردت في اللغة .
    لا تقل أنا متلهف لرؤيتك وقل أنا مشتاق لرؤيتك .
    لأن التلهف هو الحزن والحسرة لا الشوق والحنين .
    لا تقل نواياه حسنة وقل نياته حسنة .
    لأن نية تجمع على نيات كما في الحديث الشريف :
    " إنما الأعمال بالنيات " .
    - يقولون : عاطل عن العمل .
    - والصواب : عاطل من العمل .
    أي باق بلا عمل رغم انه قادر عليه .
    - يقولون : هذا الأمر مناط بفلان .
    - والصواب : هذا الأمر منوط بفلان .
    أي معلق به أو له صلة به .
    - يقولون : الوريث الوحيد .
    - والصواب : الوارث الوحيد .
    جمع وارث : وراث وورثة .
    - يقولون : كتبت بيراعي .
    - والصواب : كتبت بيراعتي .
    أي قلمي.
    - يقولون : تطير من الشىء .
    - والصواب : تطير بالشىء .
    أي تشاءم به .
    - يقولون : أصبحت الماشية في المَراح .
    - والصواب : أصبحت الماشية في المُراح .
    أي المكان الذي تأوي اليه .
    ----------------------------------------------------------------------------
    و أضافت Exodia :
    اقتباس:

    * قُل مِخيَط ولا تقل ماكينة خياطة ولا آلة خياطة أن مِخيَط على وزن مِفعل تدل على اسم الآلة مثل مِعصَر.
    * قُل: مِطبعة بكسر الميم بمعنى آلة الطباعة ولا تقل مَطبعة بفتح الميم (على وزن مَفعلة) لأنها تدل على اسم المكان الذي تطبع فيه الكتب .
    * قُل: دُهِشت ولا تقل اندهشت وقل مدهوش ولا تقل مندهش لأن فعل دهش من الأفعال المعنوية لا يدخل فيه المضارعة مثل فعل فهم وخبر وعلِم وهي على عكس الأفعال المادية مثل قسم- انقسم.
    * قُل: مِن كَثَب أي من قُرب ولا تقل عن كثب.
    * قُل: تشرين بفتح التاء ولا تقل تِشرين بكسر التاء وتَشرين هو اسم لشهر من شهور السنة السريانية (تشرين أول وتشرين ثاني) ووزن تشرين تفعيل وجمعه تشارين.
    * قل: استفسرته المسألة و استفسرت عن المسألة ولا تقل استفسرت منه أو سألت منه ذلك وإنما سألته.
    * قُل: كلّمني على كَره بفتح الكاف بمعنى أكرهني على ذلك ولا تقل على كُره (الحقد)
    * قُل: عِلاوة ولا تقل عَلاوة لأن العِلاوة هي للدلالة على ما يُزاد على الأصلي أو الترقية وجمعها عِلاوي.
    * قُل: عدد السكان مليون نَسَمة بفتح السين ولا تقل نسْمة بتسكين السين
    * قُل: فَصّ الخاتم ولا تقل فِصّ الخاتم أو فُصّ الخاتم والذي يركب الفصوص يسمى الفصّاص ويقال فَصّ العين أي حدقتها.
    * قُل: طلب إذن السفر ولا تقل طلب استمارة السفر أو العمل.
    * قُل: علامَ تكلمت ولا تقل على ماذا تكلمت
    * قُل: سأل الناس عنك وسأل الناس بك ولا تقل سأل الناس عليك كما جاء في القرآن الكريم (فاسأل به خبيرا) وقوله تعالى (لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم).
    * قُل: قِيد أُنملة (بمعنى صار كأن بعضهما لصق بعض) ولا تقل قَيْد أُنملة
    * قُل: أءنك مسافر ولا تقل هل أنك مسافر لأن هل لا تدخل على حرف التوكيد وتدخل الهمزة على إن (أءنك لأنت يوسف)
    * قُل: أزيدٌ في الدار ولا تقل هل زيد في الدار؟
    * قُل: يُعمَّر معمَّر ولا تقل مُعمِّر. يقال عمَّر الله فلاناً أي أطال عمره..
    * قُل: أكدّ رأسه ولا تقل أكدّ على رأسه لأن أكدّ يؤكد فعل يتعدى بنفسه (أكدّ الشيء تأكيداً وتوكيداً).
    * قُل: من ثَمَّ ولا تقل من ثُمّ .
    قُل: نِيء بكسر النون ولا تقل نَيء بفتح النون.
    قُل: أحتاج إليه ولا تقل أحتاجه لأن فعل أحتاج يتعدّى إلى مفعوله بحرف الجر إلى.
    قُل: عَرَض (لكل شيء زائل) ولا تقل عَرْض (الذي هو ضد الطول)
    قُل: ما استفاد من تجاربه قطّ ولا تقل ما استفاد من تجاربه أبدا لأن سياق أبداً للمستقبل.
    قُل: شُرْطي وشُرَطي جمعها شُرطة وشُرَط من الشَرَط أي العمامة والجمع أشراط لأنهم فعلوا لأنفسهم عمامة يُعرفون بها. قال تعالى (فقد جاء أشراطها) أي علامات الساعة.
    قُل: نذهب معاً ولا تقل نذهب سوية لأن سوية مؤنث سويّ وهو الاعتدال يُقال: كان ذا أعمال سويّة والسوية من العدل : قسّم الشيء يبنهم بالسويّة.
    قُل: خَضروات بفتح الخاء (ما خضر من البقول) ولا تقل خُضروات.(ليست الخَضروات صدقة) حديث شريف.
    قُل: فكّر في الأمر أو فكّر فيه ولا تقل فكّر به قُل: قِده بكسر القاف بمعن ضعه في القيد. وقُده بضم القاف بمعنى سِر به وكُن له دليلاً.
    قُل: أُحجيّة بمعنى لغز ولا تقل أُحجية لأن الأُحجيّة من الحجى أي العقل والخِفّة وهي على وزن أغنيّة.قُل: لا تزال هذه الأخبار تأتيكم من الإذاعة ولا تقل لا زالت الأخبار تأتيكم لأن (لا زال) دُعاء
    قُل: هو يهُزّ رأسه بضم الهاء بمعنى يحرّك ولا تقل يهِزّ بكسر الهاء يُقال أقبل يهِزّ يعني مرتاحاً.
    قُل: لقيته مصادفة وليس صدفة وقُل هذا من عجائب المصادفات وليس من عجائب الصُدف.
    قُل: تنبّه للغافل (تنبّه تنبيهاً) وقُل لمن يوقظ من النوم (انتبه) انتبه انتباهاً (ما بين غمضة عين وانتباهتها)
    قُل رسوم جمع رسم ولا تقل رسومات فالرسم هو الأثر والرسم هو الكتابة وهو التصوير فإذا عدّدت الرسم وجمعته فقُل رسوم لا رسومات.
    قُل: مُكحلة للوعاء الذي يوضع فيه الكُحل ولا تقُل مِكحلة على وزن مِفعلة
    قُل: تسلّمت الشيء ولا تقل استلمته وقُل التسلّم وليس الاستلام. (يُقال استلم الحاج الحجر الأسود أي لمسه باليد أو بالقُبلة)
    قُل: يُحتَضَر لمن هو في نزع الموت ولا يقل يَحتَضِر.
    قُل تعلّم الأمر تدريجاً ولا تقل تدريجياً. يقال درّجه إلى كذا تدريجاً واستدرجه.
    قُل: أوى إلى فراشه أو إلى منزله ولا تقل آوى. يقال أوى هو فآواه غيره.
    قُل تحيّات ولا تقل تحايا.
    قُل تجرِبة بكسر الراء ولا تقل تجرُبة بضم الراء. يقال جرّب يُجرِّب تجرِبة.
    قُل سلّم إليه الشيء ولا تقل سلّمه الشيء. يقال سلّم إليه الشيء وتسلّمه.
    قل للرجل والمرأة ما داما في عرسهما عروسان امرأة عروس ورجل عروس ولا تقل عرّيس أو عريس.
    قل بالرفاء والبنين ولا تقل بالرفاه والبنين. الرفاء من رأف الثوب.
    قُل عَزَبة ولا تقل عزباء. يقال هو عزَب وهي عَزَبة ولا تقل أعزب وعزباء والعزّاب هم الذين لا أزواج لهم. والاسم العزوبة. يالق تعزّب فلان ثم تأهّل.
    قُل ودِدت لو تفعل كذا (بكسر الدال) بمعنى تمنّيت ولا تقل ودَدت بفتح الدال.
    قُل كسفت الشمس ولا تقل انكسفت الشمس.
    قُل هو يحس بألم في العمود الفِقري بكسر القاف (منسوبة إلى فِقرة وهي العظم الصلب) ولا تقل في العمود الفَقري.
    قُل نفِذ إذا انتهى الشيء وفنى (نفِذت المؤونة) ولا تقل نفَذَ (نفَذ السهم أي مرّ ونفَذ الماء من الصنبور أي مرّ). والدليل من كتاب الله تعالى في نفِد (مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (96) النحل)(قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا (109) الكهف) (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (27) لقمان) (إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ (54) ص)
    ----------------------------------------------------------------------------
    -تصويبات لغوية .. بقلم : رابعة العدوية ..
    اقتباس:

    يقول بعضهم:
    قام فلان بتبرير عمله هذاكلمة التبرير هذه فيها مقال
    الناس حين يقولون: (برر عمله) يقصدون أنه التمس عذراً يجعل عمله مقبولاً
    ولكن المعنى الدقيق لهذه الكلمة: أن من برر عمله إنما جعل عمله من أعمال البِر
    فأقدم عليه راغباً في الأجر والثواب.
    علماً بأن هذا العمل ليس بالضرورة أن يكون من أعمال البر,
    فقد يقتل القاتل ثم يذكر عذراً جعله يقدم على القتل, فهل صار القتلُ عمل بر؟
    وقد يشرب إنسان الخمر ثم يقدم عذراً فهل صار شرب الخمر براً؟
    من هنا يبدو استخدام كلمة (برر) خطأ كبيراً
    والصواب أن يقال: سوّغَ عمله, أي التمس له ما يجعله سائغاً
    ومقبولاً على الأقل من وجهة نظر فاعله, لا بالمقياس الصحيح للمقبول والمردود.
    هذا الخطأ الذي يقع فيه كثير من الكاتبين والمتحدثين
    (سوّغ) لي أن أنبه عليهفي هذه الحلقة
    عسى أن يكون (سائغاً) مقبولاً لديكم

    لديَّ اليوم كلمة
    (رجع وأرجع)
    الفعل الماضي(رجع) يأتي لازماً ومتعدياً
    فنقول: رجع الرجل إلى بيته
    هذا فعل لازم لأنه لم يأخذ(مفعولاً به)
    ونقول: (رجعتُ الكتابَ إلى المكتبة)
    فهذا فعلٌ متعدٍ لأن (الكتاب) مفعول به.
    وإن قلت (أرجعتُ) فذلك جائز لغةً
    لكنني أفضّل أسلوب القرآن الكريم
    القرآن لم يستخدم (أرجع) أبداً
    واستخدمَ رجع لازماً ومتعدياً
    فمن استخدامه ل(رجع) اللازم قوله تعالى:
    (يعتذرون إليكم إذا رجعتم إليهم) سورة التوبة/94
    ومن استخدامه ل(رجع) المتعدي قوله تعالى:
    (فإن رجعك الله إلى طائفة منهم فاستأذنوك للخروج..) سورة التوبة/83
    وقوله تعالى: (أفلا يرون ألاّ يرجع إليهم قولاً..) سورة طه/89
    وعليه: أفضّل وأوثر
    أن نستخدم الفعل: رجع
    فنقول: رجعتُ إلى هذا الكتاب, ورجعتك إلى ذلك المصدر
    ورجعتني إلى فهم المسألة

    الوجود والتواجد
    وأخبرنا من سمع مدير المدرسة يقول:
    على جميع الطلبة التواجد في ساحة المدرسة.
    وهو يقصد أن يكونوا موجودين في ساحة المدرسة
    لكن خانه التعبير حين قال: (التواجد)
    فهذا المصدر من (الوجد) الذي له علاقة بالهيام والعشق, وأن يُظهر المرء ما يجده
    في قلبه من شوق تجاه شخصٍ أو معنى ..
    وإذا أردت معنى أن يكون الطلبة موجودين, فالصواب أن تقول:
    على جميع الطلبة الحضور إلى ساحة المدرسة, أو النزول إليها ..
    أما التواجد فيعني أن يصيبهم الوجد والعشق.
    والله أعلم

    اللا معقول
    واللاشيء ...
    خطأ لغوي كبير
    استصغره بعضهم
    فاستخدموا هذا التركيب
    ظناً منهم أن في الأمر سعة
    فآذوا سيبويه في قبره, وأزعجوا الجاحظ وابن جني وابن عصفور
    وابن خروف وسائر الأبناء والآباء من علماء النحو واللغة
    علماء اللغة يقولون إن (ال) التي للتعريف علامة من علامات الأسماء
    ولذلك فهي تدخل على الأسماء فقط
    ولا تدخل على الأفعال
    ولا على الحروف
    فإذا قلنا: (اللا معقول), نكون قد أدخلنا (ال) على (لا) أي أدخلناها على حرف
    فخالفنا اللغة.
    أقول لكم بصراحة: علينا أن نترك المخالفات اللغوية, ونبتعد عن ال (لا مقبول) وال (لا منطقي)
    وال(لا مرغوب فيه) حتى يكون كلامنا صحيحاً.

    (ومما يؤسف له)
    الصواب أن نقول: (ومما يؤسف عليه)
    ففي القرآن الكريم نجد قوله تعالى: [وتولى عنهم وقال يا أسفى على يوسف ..]
    وفي لغة العرب نجد الشعراء يستخدمون حرف (على) مع الفعل (أسف)
    كما في قول العباس بن الأحنف:
    غيرُ مأسوف على زمنِ *** ينقضي بالهمّ والحَزَنِ
    فهل تأسفون على ما مضى من استخدام اللام مع فعل الأسف؟
    أم ستستمرون في استخدام(يؤسف له)؟
    وبالمناسبة
    فإن مما يؤسف عليه
    أن كثيراً من هذه التصويبات التي أوردها هنا
    تظل كلاماً نظرياً قلما يطبقه الأدباء.

    يقولون : « يؤدي له حقه »، و « يؤدي لوطنه بعض حقوقه »، و « أدى للضيف الواجب »، و « أدى لصاحب البيت ما لحقه من الأجر ».
    والصواب - كما سيأتي (1) - : « يؤدي إليه حقه »، « يؤدي إلى وطنه بعض حقوقه »، و « أدى إلى الضيف الواجب »، و « أدى إلى صاحب البيت ما لحقه من الأجر »، أو : « أدى ما لحقه من الأجر إلى صاحب البيت »، قال تعالى { إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها } (النساء 58).
    المصدر :
    الأخطاء الشائعة في استعمالات حروف الجر، تأليف محمود إسماعيل عمار، دار عالم الكتب، الطبعة الأولى، 1419 هـ - 1998 م ، الرياض، المملكة العربية السعودية.
    رقم الصفحة : (52).
    الحواشي : (1) انظر : الفصل القادم (أدى)."

    يقولون : "استأذن رئيسه بالانصراف فأذن له بذلك"، و "استأذن بفتح محل تجاري فأذن له بفتحه"، و"أذن له بالسفر بعد أن استأذن بذلك".
    أصل هذا الفعل مأخوذ من اسم حاسة السمع ( الأذن) ولهذل يستعمل بمعنى استمع، فيقال : إذن، أو أذن له، أو أذن إليه، بمعنى استمع.
    قال قعنب بن أم صاحب (ت نحو 95هـ) في ذم أقاربه (1):
    إِنْ يَسْمَعُوا رِيْبَةً طَارُوُا بِهَا فَرَحًا * مِنِّي وما سَمِعُوا مِن صَالحٍ دَفَنُوا
    صُمٌّ إذا سَمِعُوا خَيرًا ذُكِرْتُ بِهِ * وإذا ذُكِرْتُ بِشَرٍّ عندَهمْ أَذِنُوا
    وفي الحديث : « ما أذن الله لشيء كإذنه لنبي يتغنى بالقرآن». قال أبو عبيدة : يعني : ما استمع الله لشيء كاستماعه لنبي يتغنى بالقرآن، أي يتلوه يجهر به. يقال : أذنت للشيء آذن له إذا استمعت له.
    وقوله تعالى { وأذنت لربها وحقت }-(الانشقاق 2) أي : استمعت وأطاعت، وأذن إليه : استمع إليه معجبًا.
    ولما كانت (الأذن) مصدرًا للعلم، فقد عدوا الفعل بالباء؛ ليكون بمعنى ( علم )، قال الراغب (2) : أَذِنَ : استمع ... ويستعمل ذلك في العلم الذي يتوصل إليه بالسماع نحو قوله تعالى { فأذنوا بحرب من الله ورسوله}-(البقرة 279). والأذن والأذان : لما يسمع، ويعبر بذلك عن العلم؛ إذ هو مبدأ كثير من العلم فينا، قال تعالى { إئذن لي ولا تفتني}-(التوبة 49)، وقال : { وإذ تأذن ربكم}-(إبراهيم 7).
    قال ابن منظور (3): إذن بالشيء علم. وقد آذنته بكذا : إذا أعلمته، وأذّنتُ : أكثرت الإعلام بالشيء، والأذان : الإعلام، وآذنتك بالشيء : أعلمتكه، وآذنته : أعلمته. قال الحارث بن حلزة (ت نحو 50 ق هـ) (4):
    آذَنَتْنَا بِبَيْنِهَا أَسْمَاءُ * رُبَّ ثَاوٍ يُمَلُّ مِنْهُ الثَّوَاءُ
    وأذن به إذنًا : علم به. وحكى أبو عبيد عن الأصمعي : كونوا على إذنه : أي على علم به. ويقال : أذن فلان يأذن به إذنًا : إذا علم.
    وإباحة الشيء من لوازم العلم به، ولهذا استعمل الفعل (إذن) بمعنى أباح له عند تعديته بالحرف (في) فيقال : استأذن في الانصراف وأذن له فيه، واستأذن في فتح محل فأذن له في فتحه، وأذن له في السفر بعد أن استأذن في ذلك.
    قال ابن منظور (5): وأذن في الشيء إذنًا : أباحه له. واستأذن : طلب منه الإذن. وأذن له عليه : أخذ له منه الإذن. والآذن : الحاجب؛ لأنه يأخذ الإذن.
    ويرى الدكتور / إميل يعقوب (6) : أن الفعل (أذن) متعديا بالباء يكون بمعنى (أباح) أيضًا مستدلا بالآية { أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله }-(الشورى 21).
    ووجدت في الأساس قول الزمخشري (7): أنشدني يعض الحجازيين :
    وَبَيتَنَا بِقرْواحيَةٍ لا ذُرَا لها * منَ الرّيح إلاّ أَنْ نَلوذَ بِكُورِ
    فلا الصُّبحُ يأْتينا ولا اللَّيلُ يَنْقَضِي * ولا الرِّيحُ مَأْذُونٌ لها بِسُكُورِ (8)
    لكن ذلك يمكن أن يحمل على التضمين، فتكون (إذن) بمعنى (أمر)، والمعنى يقتضي ذلك، فالريح تؤمر بالسكون والفتور. وكذا الآية؛ لأن الحديث عن الدين والشرع والتعبد زهي مما يؤمر به، فحسن تعدية (يأذن) بالباء للدلالة على هذا المعنى، ووما زاد ذلك حسنًا أن تقع هذه الباء في مقابل الباء التي في أول الحديث، كما جاء في الآية : { شرع لكم من الدين ما وصّى به نوحًا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى}-(الشورى 13).
    قال في الكشاف (9) : { ما لم يأذن به الله } تعالى الله عن الإذن فيه، والأمر به.
    **********************************
    الحواشي:
    (1) هذا وما يليه في اللسان (أذن). وانظر الأعلام للزركلي 6/49
    (2) مفردات ألفاظ القرآن الكريم للراغب الأصفهاني (اذن) ت/صفوان داوودي، دار القلم دمشق 1/1412
    (3) اللسان كالسابق.
    (4) المعلقات السبع ص 155
    (5) اللسان (أذن)
    (6) معجم الصواب والخطأ في اللغة ص 66 د/إميل يعقوب، دار العلم للملايين، بيروت بدون
    (7) الأساس (أذن).
    (8) أرض قرواح : واسعة مكشوفة. الكور : الرحل أو مجمرة الحداد. السكور : مصدر سكر أي سكن وهدأ.
    (9) الكشاف 3/466
    المصدر :
    الأخطاء الشائعة في استعمالات حروف الجر، تأليف محمود إسماعيل عمار، دار عالم الكتب، الطبعة الأولى، 1419 هـ - 1998 م ، الرياض، المملكة العربية السعودية.
    رقم الصفحة : (53-54).
    تنبيه : الخطأ باختصار هو تعدية الفعل بـ ( الباء ) والصواب أن يعدى بـ ( في ) فيقال : ( استأذن رئيسه في الانصراف ) ولا يقال : ( استأذن رئيسه بالانصراف )"
    ----------------------------------------------------------------------------
    5.رؤية خاصة لبعض الكلمات :
    -الفرق بين ( إني ) و ( إنني ) بقلم\ غدير العمري :
    اقتباس:

    { إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي } (14(
    ما الفرق بين إني و إنني؟
    إني : إنَّ حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل, والياء ضمير متصل في محل نصب اسم إنَّ.
    إنني : إنَّ, إنَّ حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل, والنون للوقاية لا محل لها من الإعراب, والياء ضمير متصل في محل نصب اسم إنَّ.
    توجد نون وقاية أخرى في الكلمة ( فاعبدني ), فهذه النون نون وقاية.
    ما المراد بنون الوقاية؟
    هي نون تفصل بين ياء المتكلم وما ينصب هذه الياء، فعلاً أو اسم فعل أو حرفًا.
    فائدة نون الوقاية أنها تتحمل الكسرة المناسبة للياء وتقي الفعل أو اسم الفعل من هذا الكسر, نحو المثال المتقدم في الآية الشريفة : اعبدني.
    يجوز زيادتها بعد الأَحرف المشبهة بالفعل, نحو : إنَّ, أنَّ, كأنَّ, لكنَّ, فنقول : إنني, أنني كأنني, لكنني.
    في هذه الحالة يجوز الأمران : الإتيان بنون الوقاية, كما في قوله { إنـني } , أو تركها, كما في قوله { إني }, وكلا الاستعمالين صحيح لغويا.
    فائدة بلاغية نحوية :
    جاء ذكر ضمير الفصل ( أنا ) في الآيتين الشريفتين, توكيد لضمير المتكلم في ( إني و إنني ), فتوسيط ضمير الفصل - أنا - لزيادة تقوية الخبر و توكيده.
    ما فائدة مجيء نون الوقاية في قوله { إنني }؟
    الجواب :
    إن نون الوقاية تفيد زيادة التوكيد, ففي قوله تعالى { إنني أَنَا اللَّهُ }, عدة مؤكدات هي : الحرف الناسخ إنَّ, و نون الوقاية, و ضمير الفصل ( أنا).
    عن : د. حجي إبراهيم الزويد
    ----------------------------------------------------------------------------
    -متى نكتب ( إذاً ) , إذن ؟ بقلم : محمد بن سعود ..

    اقتباس:

    || القاعدة ||
    تُكتب " إذَنْ " بالنون إذا نَصَبتِ الفعل المضارع بعدها .
    مثال : [ سأزورك - إذَنْ استقبلَك أحسن استقبال ]
    و تُكتبت بالألف " إذاً " إذا لم تَنصِب الفعل المضارع بعدها
    أو إذا لم يأتِ بعدها فعل مضارع .
    مثال : [ إنْ تُسْرِف في التسامح ، إذاً تُتّهم بالضّعف ]
    مثال آخر : [ أنتَ دَفَعْتني إلى هذا العمل ، فأنا إذاً غير مَلوم ]

    || حول القاعدة ||
    لم تُكتب " إذاً " في القرآن الكريم إلا بالألف .
    لا تنصب " إذَنْ " إلا بشروط أربعة مجتمعة و هي :
    1- أن تدل على جواب حقيقي بعدها أو ما هو بمنزلة الجواب .
    2- أن يكون زمن الفعل المضارع بعدها مستقبلاً محضاً - أي يدل على المستقبل -
    3- أن تتصل بالفعل المضارع بعدها ، و لا يجوز الفصل بينهما إلا بالقسم أو بـ ' لا ' النافية أو بهما معاً
    4- إن تقع في صدر جملتها فلا يرتبط ما بعدها بما قبلها في الإعراب بالرغم من إرتباطهما في المعنى

    || أمثلة فيها " إذِنْ " ناصبة للفعل المضارع بعدها ||

    + سأجتهد في دروسي - إذنْ تنجح .
    + أنا صادقٌ - إذنْ يحترمك الناس .
    + سأزورك نهار الأحد - إذنْ أنتظرك .
    + سأتحداك - إذنْ أنتظرَ تنفيذ وعدك .
    + أعملُ ليلَ نهارَ - إذنْ تَصِلَ إلى هدفك .
    + أسامحك بأخطائك - إذنْ أعدَك بعدم تكرارها .

    || أمثلة فيها " إذاً " غير ناصبة ||


    + الصادق إذاً محبوب .
    + إن يكثر كلامُك إذاً يسْأم سامعوك .
    + إذا أنصف الناس بعضهم بعضاً إذاً يسعدون .
    + لن أدرس اليوم - إذاً أنت تتكاسل .
    + أنا أحبُ الفلاش - إذاً أنتِ فلاشيّة
    || المصدر ||
    المرجع في الإملاء لراجي الأسمر


    ----------------------------------------------------------------------------
    -فروق بسيطة لكنها هامة .. بقلم : جهاد و كفى :
    اقتباس:

    " السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    لغتنا الحبيبة تتمتع بخصائص مميزة ومن ضمنها الترادف
    لكن هناك فروق لغوية بين هذه المترادفات
    إليكم بعضا من تلك المترادفات والفروق الجوهرية بينها
    وسأحاول أن أخفف في العطاء بعض الشيء عنها حتى يسهل
    استقرارها في الذهن
    نبدأ .. ومن يريد أن يعرض أي فرق لغوي بين مترادفين فليعرضها
    لأن الفائدة ستكون بالتأكيد أكبر
    كما أننا مستعدون لتوضيح الفرق اللغوي بين أي مترادفين صعُبا عليك "
    --------------------------------------------
    الفرق بين الكأس والقدح
    الكأس : لا تكون إلا مملوءة
    القدح : تكون مملوءة وغير مملوءة
    --------------------------------------------
    :: بضع ::
    يطلق على العدد مابين الثلاثة الى العشره ولايكون اقل من ثلاثة او أكثر من عشرة ..
    :: نيف ::
    تعني الزيادة وتدل بنصها على عدد مبهم..كما تدل على العدد من واحد الى تسع من غير تعيين ولاحصر ..
    :: ^ :: ^ :: ^ ::
    :: بضع ::
    يضاف اليها عقد من العقود ( بضع وثلاثون )...
    :: نيف ::
    تضاف الى عدد من العقود من عشرة الى تسعين ... (ثلاثون رجلا ونيف )...
    :: ^ :: ^ :: ^ ::
    :: بضع ::
    يلحقها تاء التانيث اذا كان معدودها مذكر ...
    :: نيف ::
    لايلحقها تاء تانيث مطلقا ..
    و هناك فرق بين الضُّعف ( بالضم ) والضَّعف ( بالفتح ) والضِّعف ( بالكسر)
    فالضُّعف بالضم لا يكون إلا في الجسد
    والضَّعف بالفتح يكون في الجسد والرأي والعقل
    ولذا قال سبحانه : خلقكم من ضَّعف بالفتح
    أما الضِّعف بالكسر فهو المِثْل
    نقول هذا ضِعفُ هذا
    --------------------------------------------
    الفرق بين الإكمال والإتمام
    سأنقل لك ما ورد في كتاب الفروق اللغوية لأبي هلال العسكري
    في حديثه عن الفرق بين الكمال والتمام
    وسيفهم منه مرادك
    (( قولنا كمال اسم لاجتماع أبعاض الموصوف به، ولهذا قال المتكلمون: العقل كمال علوم ضروريات به
    يميّز بها بين القبيح والحسن ، يريدون اجتماع علوم ولا يقال تمام علوم لأن التمام اسم للجزء ولهذا قال أصحاب
    النظم :القافية تمام البيت ولا يقال كمال البيت ويقولون البيت بكامله أي باجتماعه والبيت بتمامه أي بقافيته ويقال
    هذ تمام حقك للبعض الذي يتم به الحق ولا يقال كمال حقك... ))
    --------------------------------------------
    الفرق بين التأبين والتقريظ
    التأبين مدح الرجل ميتا
    التقريظ مدح الرجل حيًّا
    ----------------------------------------------------------------------------
    6.علامات الترقيم :

    هذا مقال كتبه محمد إبراهيم محروس ..
    اقتباس:

    علامات الترقيم في الكتابة.. د.(سلطان الحريري)
    نقلا عن موضوع قام فيه الدكتور الفاضل (سلطان الحريري) بتوضيح كيفية استخدام علامات الترقيم فى الكتابة..
    علامات الترقيم..
    هل علامات الترقيم ضرورية لفهم النص المكتوب على الوجه الأكمل؟، أم إنها مجرد عامل مساعد لزيادة النص المكتوب إيضاحا وتمكينا في ذهن القارئ؟، وهي تصبح بذلك رهن اختيار الكاتب في استخدامها، أو الإعراض عنها وتجاهلها.
    الحقيقة أن علامات الترقيم مهمة جدا في فهم النص المكتوب .
    علامات الترقيم وطرق استعمالها :
    1- ( . ) النقطة ، توضع في نهاية الجملة التامة المعنى، المستوفية كل مكملاتها اللفظية، وكذلك توضع عند انتهاء الكلام وانقضائه.
    مثال: رب سامع خبري، لم يسمع عذري. ورب ملوم لا ذنب له، ولعل له عذرا وأنت تلوم.

    2- ( ، ) الفاصلة، وتوضع بعد لفظ المنادى، وبين الجملتين المرتبطتين بالمعنى والإعراب، وهي علامة الوقف على الجملة القصيرة. وتدل على التمهل أو التفاوت في درجة الصوت. وبذلك تساعد على نقل المعنى بوضوح أكثر للسامع.
    ومثاله:
    أ- بين الجمل المعطوفة:
    ....للمسجد النبوي في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، صحن سوره من اللبن، وأساسه من الحجارة، ولم يكن لرحبته سقف..
    ومن استعمالاتها الشائعة:
    ب- بين المعطوفات من مفردات ( أسماء أو أشباه جمل تفيد التقسيم أو التنويع): ومثاله:
    ....الجهات الأصلية أربع ، هي: الشمال، والجنوب، والشرق، والغرب.
    ج- بين الجمل الصغرى: ومثاله:
    " ... نبأ الناظر، وجفا الحاجب، وذهبت العين، وفقدت الراحة، وصلد الزند..."
    د- بعد حرف الجواب في أول الجملة: ( نعم، لا، بلى، كلا ...):
    ومثاله:
    ....نعم ، إني أعرف طريقي إلى الجامعة.
    هـ- بعد المنادى المتصل: ومثاله:
    ....يا عمرو، إن موعد السفر قد حان.
    و- بين لفظ البدل والمبدل منه: ومثاله :
    ....دخل المأمون يوما بيت الديوان فرأى غلاما على أذنه قلم؛ فقال له: "من أنت يا غلام"؟ قال: أنا الناشئ في دولتك، والمؤمل نعمتك، الحسن بن رجاء".

    3- " " علامة التنصيص، يلزم استخدام علامة التنصيص في المواضع الآتية:
    أ?- عند اقتباس نص بلفظه ليس من كلام الكاتب حتى يميز القارئ بين كلام الكاتب وكلام غيره:
    ....اعترف العلماء والفلاسفة والمؤرخون في العالم بفضل العرب، ويقول ( جوستاف لوبون ):
    "كانت كتب العرب المرجع الوحيد لعلوم الطبيعة والكيمياء والفلك في أوربا مدة تزيد على خمسة قرون.."
    ب?- عند ذكر عناوين كتب أو مقالات أو أبحاث: مثال:
    ....يؤكد ( شتراوس ) في بحوثه " اضطراب التعليم عند الطفل المصاب في مخه " وجود معوقات في الإدراك الحسي واللغة والفهم والسلوك.
    ج?- عند الحديث عن لفظة ومناقشة معانيها واستخدامها، وليس في سياق الكلمة: مثال:
    ....انتهت هذه الدراسة إلى أن " إن " وردت في القرآن الكريم أكثر مما وردت " إذا " وذلك ما يفهم من قول الأقدمين..

    4- علامة الحصر : ( ) وهي قوسان هلالان ، وأحيانا معقوفان.
    ...فأما القوسان الهلالان فلهما استخدامات عدة يوضع بينهما كل عبارة يراد حصرها ، أو تحديد معنى عام سابق عليها، أو شرح لمعنى غامض ، أو تمثيل لمجمل، أو إشارة إلى موضع في وسط الكلام ولفت النظر إليه، أو عبارة يراد الاحتراس لها، أو إضافات، أو سقط في نص تحقيق، وإليك تفصيل هذا كله:
    أ?- حصر معنى عام سابق عليها أو تحديده: مثال:
    ....ربما يتبادر إلى الذهن في تعريف ( سابير ) للغة بأنها نبرات صوتية ( تصدرها أعضاء النطق )؛ أي أن هناك أعضاء خلقت بطبيعتها للنطق.
    ....الكاتب يبين أهمية لفظة، ولا يريد أن يجعلها محددة؛ لأنها عامة، ولا يريد أن يجعل هذه العبارة الزائدة جزءا أساسا في صياغة الفكرة وتسلسلها، بل يريد حصر انتباه القارئ في طبيعة النبرات الصوتية، وأنها غير غريزية ومكتسبة.

    ب?- شرح معنى غامض سابق عليها: ومثاله:
    " .... ولكن حدث في القرن الرابع الميلادي، أن حقق اليونانيون وحدة لغوية، اختاروا لها أفصح اللغات، وهي لغة أيونا ( الساحل الغربي لآسيا الصغرى) ".
    التعليق : بعض القراء قد لايعرفون لفظة ( أيونا ) فحددها الكاتب بوضع الهلالين حولها.
    ج?- تمثيل لمجمل سابق عليها، وقد ينسحب ذلك على الجملة المعترضة أيضا ، كما سيأتي:
    مثال:
    ....من المميزات العامة للغات السامية ( العربية والعبرية مثلا) وجود الجملة الاسمية؛ أي التي تقوم على مبتدأ وخبر دون رابطة بينهما.
    د?- الإشارة إلى مرجع في وسط الكلام، ولفت النظر إليه:
    مثال:
    ....سبق أن تحثنا عن مقومات الفقرة السليمة (ارجع إلى الفصل الرابع من هذا الكتاب).
    هـ- العبارة التي يراد الاحتراس لها:

    ولست بذاخر أبدا طعاما ........ ( حذار غد) لكل غد طعام

    التعليق:
    ....الشاعر ههنا يريد الاحتراس بعبارة ( حذار غد) فهو لا يريد أن يدخر طعاما خوفا لما يأتي به الغد ، إنما يريد أن يعيش يومه، أما غده فأمره إلى الله.
    وأما القوسان المعقوفان:
    ....فيستخدمان لاحتواء الإضافات والسقط في نص يحقق. وهنا يستخدم القوسان المعقوفان، كما تقتضي بذلك اصطلاحات اللغة العربية في تمييز الإضافات أو السقط.

    5- علامة الحذف(...):
    ....وهي ثلاث نقط متتالية على السطر ، ترسم هكذا(...) وتستخدم في الموضاعات الآتية:
    أ?- الاقتصار على ذكر المهم: ومثاله:
    ....ويقول الدكتور محمد مندور: " إنني لا أعدل بكتاب ( دلائل الإعجاز) كتابا آخر ... فالدلائل يشتمل على نظرية في اللغة وتطبيق النظرية...".
    التعليق:
    ....هذا اقتباس لرأي الأساتذة حول قيمة ( دلائل الإعجاز) للعلامة عبد القاهر الجرجاني.
    فكلام الدكتور محمد مندور الحقيقي: " إنني لا أعدل بكتاب ( دلائل الإعجاز كتابا آخر . وأما ( أسرار البلاغة ) فمرتبته في نظري دون ( الدلائل) بكثير ..."
    ....فلما كان موضوع الحديث الكتاب الأول فقد حذف الكاتب من المقتبس ما لا يدل عليه ووضع علامة الحذف.
    ب?- للدلالة على أن للمذكور بقية: ومثاله:
    معظم الأفعال في اللغة العربية تتكون من ثلاثة أحرف أصلية، مثل: ضرب ، شرب ، قرأ ...
    ج- دلالة على استقباح ذكر المحذوف:
    ....وأمثلته كثيرة في كتب التراث ، والأدب وغيرها ...
    د- للدلالة على نص لم يعثر الناقل عليه:
    ....ونجد ذلك في بعض الكتب المحققة ، أو دواوين الشعراء.


    6- الشرطة (-):
    وتوضع:
    أ?- للدلالة على حصر الجملة المعترضة:
    ومثاله:
    ....مقومات البناء الداخلي للفقرة -كما سبق أن ذكرنا- هي أن تكون محددة ومترابطة، ومتوازنة، ومتسلسلة.
    ب?- للدلالة على الشرح:
    ....ويقال فيها ما يقال في القوسين للدلالة على تمثيل لمجمل سابق.
    ج?- للدلالة على الإضافة:
    ومثاله:
    ....فلما سار عبد الملك إلى خراسان ، استخلف على مدينة ( واسط) -وكانت يومئذ عاصمة العراق- الجراح، وهذا دليل على كفايته المتميزة.
    د - للعوض عن تكرار أسماء المتحاورين:
    مثل:
    قال علي لوالده: أريد أن أذهب إلى الحج.
    - ألديك القدرة على ذلك من صحة ومال؟
    - نعم.
    - إذا، سر على بركة الله.
    هـ- بعد العدد الترتيبي: مثل: بدأت جامعة الملك سعود بأربع كليات هي:
    1- كلية الآداب، وفيها أقسام:
    - الأدب العربي.
    - الأدب الإنجليزي.
    - الأدب الفرنسي.

    7- علامة المتابعة (=):
    ....هي شرطتان متوازيتان توضعان في نهاية الجزء الأول من الحاشية ، وبداية الجزء الثاني منها في الصفحة المقابلة ، أو التي تليها. وترسم هكذا: =

    8- الفاصلة المنقوطة (؛):
    ....وتستخدم للشرح أو التفصيل. وتدل على وقفة قصيرة كافية كما يتضح من تسميتها؛ فهي ليست بالنقطة الكاملة، وليست بالفاصلة المهملة. وفي الأمثلة الآتية تفصيل لموضاعات استخدامها:
    أ?- بين جملتين بينهما علاقة في المعنى:
    مثال:
    ....استأذن رجل المأمون في تقبيل يده؛ فقال له: إن قبلة اليد من المسلم ذلة ، ومن الذمي خديعة؛ ولا حاجة بك أن تذل، ولا بنا أن نخدع".
    ومثال آخر:
    ....قال فتى سأله عمر بن عبد العزيز -رضي الله عنه- : ما بلغ بك ما أرى؟
    قال: " ذقت يوما حلاوة الدنيا فوجدتها مرة عواقبها ؛ فاستوى عندي حجرها وذهبها ".
    ب?- بين جملتين بينهما مشاركة في المعنى:
    مثال:
    ....كان الناس قديما يرتبطون ارتباطا وثيقا في قراهم؛ التي فيها ولدوا، وفيها عاشوا، وعلى أرضها ماتوا.

    ج- بين جملتين تربطهما علاقة سببية ؛ فتكون ما قبلها سببا لما بعدها: مثال:
    ....حفظ الولد درسه؛ فنجح.

    9-النقطتان المتوازيتان( : ):
    ويستخدمان في المواضع الآتية:
    أ?- يلفتان الانتباه إلى أن تفسيرا وتجزيئا سيأتي بعد أمر مجمل:
    مثال:
    ....لقد جعلنا هذا الكتاب في عشرة فصول : الأول يتناول العلاقة بين الفكر واللغة ، والثاني يتناول اللفظة ، والثالث يعالج الجملة ..."
    ب?- يلفتان الانتباه أيضا إلى الكلام المنقول بحرفه ، أو المحكي بمعناه، مثال ذلك بحرفه :• قال تعالى : { وجعلنا من الماء كل شيء حي }.
    • سأل الرجل الشرطي: أي الطرق يؤدي إلى مكة المكرمة؟
    ومثال المحكي بمعناه:
    • سمعت إمام المسجد يحث بما معناه:
    إن الناس مجزون بأعمالهم : إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر.
    التعليق : نلاحظ أن النقطتين المتوازيتين قد نبهتا القارئ للوهلة الأولى، أن ما بعدهما هو تفصيل لما يجيء مجملا قبلهلما. وبذلك وفرتا عليه الجهد الذهني الذي كان سيصرفه في متابعة الفكرة.

    10- علامة الاستفهام (؟):
    توضع للدلالة على السؤال والتساؤل: مثال:
    - كيف حالك؟
    - أنت خائف ؟
    - أنا ؟ ومم أخاف؟

    11- علامة التعجب ( ! ):
    تدل على التعجب من أمر أو شيء، وتأتي في الأحوال الآتية:
    أ- بعد صيغة التعجب القياسية في اللغة العربية ( ما أفعل ). كقولنا ك
    - ما أجمل الربيع !
    - ما أكثر ما استذكر محمد دروسه!
    ب- بعد صيغ التعجب السماعية :وهي كثيرة ، منها:
    - لله دره شاعرا!
    - إلهي، كم هذا رائع!
    - أي فرس أصيلة حرون!
    - ويحك!
    ....وتوضع في هذه المواضع لتؤكد شعور الكاتب بالتعجب والدهشة..
    ج- قد يتعجب الإنسان من فكرة دون أن يصوغها في صورة تعجب:
    وهنا يعمد الكاتب إليها لينقل تعجبه من الفكرة:
    مثال:
    ....تمكن العلماء من تصميم موقد يعمل بالأشعة السينية، إذا وضعت يدك عليه لا تشعر بالحرارة، وإذا وضعت عليه إناء يسخن!
    د- بعد مواقف الانفعال المؤثرة ؛ ومنها: الرهبة، والدهشة، والرغبة، والمدح، والذم.. مثال:
    - يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون!
    - حبذا الكريم! وبئس اللئيم!
    - ربنا وتقبل دعاء!
    - اللهم أغثناّ!
    - بلغ السيل الزبا!
    - أف لكما ولما تعبدون!
    - وتأتي بعد الاستفهام الاستنكاري: أغير الله تدعون!
    ....والآن لاشك أننا اقتنعنا بوظيفة علامات الترقيم في الكتابة؛ فهي ليست زينة ولا زخرفة، بل ضرورة في إيصال ما يريده الكاتب إلى قارئه دون لبس، ولا غموض ولا اضطراب، ويهمنا هنا أن نؤكدعلى مسألتين على جانب من الأهمية:
    الأولى : أن يتدرب الإنسان على استخدامها منذ فترة مبكرة في حياته العلمية حتى تصبح طبيعة مكتسبة لديه.
    الثانية : أن يكون الكاتب منسقا في استخدامها حسب القواعد التي تعلمها.
    لو أن الكاتب أهمل علامات الترقيم وتجاهلها، من الخاسر؟ أهو الكاتب أم القارئ؟
    والجواب، لاشك أنه الكاتب؛ ذلك لأن الكاتب يعنيه أن يكسب القارئ لا أن يصرفه عنه. والقارئ يريد أفكارا واضحة غير مضطربة. ولقد رأينا كيف تساعد علامات الترقيم على تحقيق هذا الهدف.



    ----------------------------------------------------------------------------
    وقد قام العزيز جهبذ بإضافة :
    اقتباس:

    - علامتي الجملة الحوارية: " "
    الحوار أو المقولة أو الاقتباس على لسان شخص في النَص، تكتب هكذا:
    قال (محمد عيد):
    "إن محرري دار ليلي لا يلتزمون بما أقول".
    الاسم العلم بين قوسين ( )، نهاية حديث القائل نضع :
    وفى بداية المقولة ونهايتها نضع " .... "
    وتكون الـــ " " ملاصقة للمقولة التي قيلت، سواء في البداية أو النهاية، فلا مسافات بين الجملة والـــ " من فضلك ركز في المسافات لتعرف متى نضع المسافات ومتي لا نضعها.
    -----------------------
    -القوسان علامتا الأسماء:

    أسماء العلم
    كـالأسماء الجغرافية (بلد، مدينة، مقاطعة، الخ)
    والأسماء السياسية (حزب، جماعة، الخ) .
    أو أي أسم علم نضعهُ بين قوسين.
    ولا نترك أي مسافات بين القوسين والكلمة سواء بعد القوس الأول أو قبل الثاني، لا مسافات مطلقًا.
    -------------------
    الفاصلة:
    توضع بعد الكلمة مباشرة ً (لا مسافات)، ومن ثم مسافة واحدة ثم نكتب الكلمة الى تليها.
    مثال: أنظر لردي هذا وتابع الفواصل، ستتعرف أكثر على ما اقصد.
    -----------------------------
    ملاحيظ:
    توخى الحذر فى المسافات؛ فهي لا توضع عشوائية، لا مسافات بين الفاصلة والجملة التي تسبقها، ومسافة واحدة بين الفاصلة والجملة التي تليها.
    لا مسافة بين النقطة فى أخر الجملة والجملة ذاتها.

    تلخيصًا:
    لا مسافة بين أي علامة ترقيم والجملة المُرقمة.. علامة الترقيم التي -من الجائز- نضع بينها وبين جملتها مسافة هي:
    - (علامة الحذف).
    فالصحيح أن نقول:
    زار محمد عيد العديد من المزارات السياحية كالأهرامات وحديثة الحيوان و...
    وجائز أن نقول:
    زار محمد عيد العديد من المزارات السياحية كالأهرامات وحديثة الحيوان و ...- العلامة التي توضع قبل بداية السطر للتنسيق من الممكن أن نترك بينها وبين السطر مسافة.
    -------------------
    من الخطأ أن نضع أكثر من أربع نقاط فى حالة الحذف.
    فالحذف بثلاث نقاط فى الأصل، ولكنه ورد فى بعض النصوص العربية أربع.
    أما ما نراه من كثير الكتاب بوضع نقاط كثيرة بعد جملهم، فهذا لم يرد قبلاً فى أصلٍ عربي قديم.
    قال له:
    - لاااا ......
    فرد عليه محمد:
    - بل سافعل ......
    عادة يقصد الكاتب التعجب فيضع النقاط الكثيرة. لماذا؟! علامة التعجب موجودة ضع منها ما تشاء.

    ----------------------------------------------------------------------------
    ----------------------------------------------------------------------------
    رد مع اقتباس  
     

  3. #3 رد: كيف تطور من مستواك في كتابة الروايات الفانتازية الراقية ؟ 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المشاركات
    8
    معدل تقييم المستوى
    0
    -بنيان الرواية :
    -هل أحضر قبل الرواية أم لا ؟
    -
    الشخصيات

    -الحبكة
    -الصراع
    -
    الأفكار

    -
    الحوار

    -
    ضمائر السرد

    -أمور سردية مهمة
    -الفصلالافتتاحي
    -
    الوقت
    بالرواية
    -الدافع بالرواية

    -هل أحضر قبل الرواية أم لا ؟
    يقول أرسون سكوت كارد في تعريفه للكاتب :
    إذا نظرنا إلى أوركسترا موسيقي سنجد طاقم عمل من العازفين يقودهم شخص ذو فكر و قيادة وهو المايسترو .. ولو نظرنا إلى الفيلم سنجد طاقم العمل من ممثلين و مصورين و مخرج .. خلف هذا كله يقف العمل الابداعي قائما بذاته .. حيث المؤلف الموسيقي الذي يؤلف الموسيقى التي ستعزفها الأوركسترا .. و المؤلف الخاص بنص الفيلم الذي سيتم تصويره .. لكن في الرواية لا يوجد طاقم عمل .. لا يوجد عازفين .. نحن من " نؤلف " و من " يؤدي " في الآن نفسه ! أي بعبارات أخرى نحن الكاتب و القاص في نفس الوقت .
    حقيقة كتابة الرواية مع ابتكار النص و اختيار الكلمات , الحوار , النمط و الأسلوب الكتابي , ضمائر السرد يقع تحت بند الأداء أي بند " القاص "
    و بالنسبة لخلق الشخصيات و المواقف و الأحداث مع بناء الحبكة و المشاهد و تعددية المواقف و التعقيدات و الخداع و التحضيرات و الخلفية التاريخية .. كل هذا يندرج تحت التأليف , أي الكتابة ..

    وهنا يظهر السؤال : من يسبق من ؟ هل يجب أن نحضر قبل أن نكتب ؟ نكتب قبل أم نؤدي ؟
    يقول سكوت أنه طوال حياته كان يقوم بالتخطيطات و التحضيرات و رسم الخرائط قبل أن يخط حرفا في الرواية , و حينما يشعر أنه مرتاح لما قال به حينها فقط يقوم بالكتابة .. كذلك هو لديه هذا الصديق الكاتب لاري نيفين و الذي يقوم بقص الرواية على أصدقائه و يستشف الأفكار وسط لحظة القص ذاتها .. هناك من يكتب على السجية حين لحظة الكتابة ذاتها و لا يحضر قبلها .. و هناك من يحضر قبل الكتابة كلها .. الأهم أن تكتب .. الأهم أن تقوم بالدورين على أكمل وجه ممكن توفره إمكانياتك ككاتب .. و لتعلم أن لكل إنسان إمكانياته المختلفة عن غيره .. و لكل كاتب طبيعته المميزة له عن غيره ..
    فأنت إن قمت بالتحضير جيدا و لم تكتب بصورة جيدة ستكون مثل الممثل السيء الذي يؤدي نصا جيدا .. في النهاية المشاهد لن يعجبه العمل ! و العكس صحيح كذلك .. حاول ألا تكون مميزا في شيء واحد فقط و تنسى بقية الأشياء .. كن موازنا بين كافة الأطراف و المهام الملقاة على عاتقك .. مستوى متوسط في كل شيء أفضل عندي من التميز في شيء و السوء في بقية الأشياء .. و أنا أتفق معه في ذلك !



    *الشخصيات :

    يمكننا القول بأن القصة هي عبارة عن سرد محاولة شخصية في حل مشكلة معينة .
    الخيال العلمي لا يجب أن تكون الشخصيات الرئيسية بشر ! فهناك أبطال من الفضاء البعيد , روبوتات , أو حتى نباتات .. لكن تكون الرواية ناجحة فقط حين تتصرف الشخصيات – كائن من كان – بالطريقة البشرية في التصرف .
    فالقارئ حين يتجه لقراءة الرواية يكون هذا بدافع التسلية , و ليس للرغبة في الملل , لهذا حين يقرأ عن أن البطل الغير بشري يقوم بأمور لا يعرفها كبشري – مثل تحريك السيقان في الهواء وسط الرياح أو أن يضع البيض قبل الخروج من المنزل – حينها سيضع القصة بجانبه و يفتح التلفاز ! يجب أن تضع للشخصيات مشكلة بشرية مثل مشكلة البقاء .

    نحن نطلب من القارئ أن يفهم ما قصدناه في لحظة الكتابة حين يمسك بالكتاب محاولا الغوص داخل الرموز المغموسة بالحبر على الأوراق التي بين يديه .. فنحن لن نكون بجواره نخبره شارحين ما استعصى عليه فهمه أو نقف ناصحين له بالقفز فوق المقاطع التالية لأنها لن تفيده في الرواية و ستسبب له الإرتباك لكننا نسينا حذفها من الرواية !

    من أسهل الطرق على الإطلاق لجعل القارئ يندمج مبكرا في الرواية هي تعريفه على شخصية يحبها للغاية ويتمنى أن يكون مثلها في الرواية .

    ما هي الشخصية ؟
    سؤال قد يبدو بسيط لكنه مهم .. الشخصية هي ما تقوم به الشخصية ..
    تخيل معي أنك في مكان عمل عام مثلا .. هناك مكتب يجلس عليه موظف ذو شكل معين يتحرك نحوه شخص غريب ثم يقف يمنحه ورقا فيضعه الموظف على قائمة الأوراق بجواره فيميل الغريب هذا على الموظف ليهمس له ببعض كلمات يهز الموظف رأسه موافقا بعدها و يد الغريب تندس في جيبه لتخرج ممسكة شيئا لا تراه جيدا لتختفي في ما وراء المكتب , حينها تكون قد استنتجت شيئا ما ..
    قد تسير في طريق على الكورنيش و تجد فتاة رائعة الجمال ترتدي ملابس ساخنة و خلفها شاب يصفر فتبتسم له و تركب في سيارته التي تنطلق في سرعة بعدها .. حينها تكون قد استنتجت أمرا ..
    هنا ترتبط الشخصية في ذاكرتك و تعلق بها بواسطة أفعالها .. هذا هو الواقع .. وهذا ما يجب أن يكون في روايتك .. مرحلة بناء الشخصية يجب أن تتم كما تتم في الحياة الواقعية تماما .. و هذا هو أبسط مبادئها ..
    إن قامت شخصيتك بأخذ شيء لا تمتلكه فهي إذن سارقة .. إن قامت شخصيتك بسرد قصة مرتين بأحداث مختلفة سنعرف أنها كاذبة .. إن قامت شخصيتك بالركض أمام الخطر سنعرف أنها جبانة .. و أغلبنا كذلك !
    هذا قد يكون كافيا في بعض الروايات
    لكنه لا يكون كافيا في الروايات العميقة .. تلك الطريقة سطحية جدا في التعامل .. كيف تحكم ؟ انظر للأمر في الحياة الواقعية و اجعله حكما على الرواية كذلك .. لو شاهدت شخصا يقوم بعمل شيئا أمامك فهل ستقول أنك تعرفه ؟ هل تطلق عليه حكما نهائيا ؟ بالقطع لا .. فأنت لا تعرف هذا الرجل .. لا تعرف الملابسات التي أدت به لوقوفه أمامك في تلك الساعة ليفعل ما فعل لتطلق عليه الحكم السطحي ذاك .. هذه سطحية في الحياة الواقعية .. و بالتالي هي سطحية في الرواية ..


    كيف تجد الشخصيات ؟
    سؤال مهم و جميل .. الشخصيات في الرواية – الرئيسية و الثانوية أعني – لابد أن تحتوي دون أن تشعر على جزء منك .. من شخصيتك .. من تفكيرك .. من مبادئك .. ربما المشاكل التي تمر بها الشخصية قد مررت ببعضها أنت في جزء من حياتك .. حين تبتسم الشخصية قد تكون قد ابتسمت في نفس الموقف في مكان شبيه بمكان الشخصية بالرواية .. ربما حين تموت الشخصية يكون هذا حلما لك يراودك منذ سنين .. حين يتم رفض الرواية فها يعني لك أنه قد تم رفضك .. شعور سيء للغاية لا يكفيك أي مواساة في الدنيا لتقليله .. بينما حين يتم قبول الرواية و حين يخبرك أحدهم أنها تعجبه للغاية و ربما تفوز بجائزة , صدقني حينها لا يمكن لأموال الأرض كلها أن تشتري لك شعورا يشبه و لو بقليل الشعور الذي سيجتاحك حينها .. الكتابة الروائية كتابة إبداعية تعبر عن الذات البشرية لكاتبها بصفة كبيرة .. فعلا الصلة بين الكاتب و روايته صلة خفية و قوية و سحرية .. لا يستخدم الكتاب الحبر على الورق .. بل يستخدمون دمائهم .. مشاعرهم .. آلامهم و أحزانهم و أفراحهم و تراثهم الحيواتي ينثرونه على الورق .. قد يتوقف البعض عن الكتابة دهرا .. و هذا لعدم وجود الذخيرة الكافية داخلهم التي تعينهم في مشوار الرواية الطويل .. و بعضهم قد يرهقه التعب من طول المشوار فيستسلم .. فقط قلة من يستمرون بنفس المستوى على أقل تقدير .. و هؤلاء هم الصفوة ..
    مجملا أي شخصية تقوم بالكتابة عنها يكون فيها مزيج من شخصيتك أنت مع خليط من شخصيات أناس مختلفة .. ربما يكون الشحاذ الذي اصطدمت به مرة منذ خمسة عشر عاما في طريقك للمدرسة و سقط على الأرض و نزف و حينها شعرت بالحزن نحوه فارتبط في ذاكرتك بالندم و الألم تلك الصورة دون أن تدري .. ربما يكون شخصا حادثك مرة على الهاتف خطأ و أغلق السماعة بوجهك فصارت نبرة صوته رمزا للعنف في التعامل مع الغرباء .. كل شيء تكتبه خليط من هذا و ذاك بنسب تتفاوت بالتأكيد من شخصية لأخرى ..
    عادة ما يتم نصح الكتاب المبتدئين بالكتابة عن الأمور التي تحيط بهم .. أن يأخذوا الشخصيات من أناس يعرفونهم .. أما المحترفين فلا حاجة لهم بتلك النصيحة على الإطلاق .. ذلك لأنهم في داخلهم أدركوا الحقيقة .. لا يمكن لأحد أن يكتب عن شيء لم يجربه ولو مرة واحدة في حياته .. لا يمكن !

    أخيرا يجب ملاحظة نقطة مهمة .. الشخصيات ليست ذاك الكيان الثابت الذي لا يتغير .. أنت حاليا لك فكر معين .. لو ناقشت شخصا ما غدا فكرك ربما سيتغير قليلا .. و ربما يتغير تماما .. اليوم لا ترغب بمساعدة الضعفاء .. لكن غدا حين تشاهد موقفا أمامك حيث سيدة ضعيفة تتعرض للهجوم عليها من قبل أفراد أقوياء ستجد حماسة داخلك تدفعك للتغيير .. ربما تنجح و ربما لا .. لا يهم .. الأهم أن الشخصية تغيرت .. و الأهم من هذا كله على الإطلاق في نظري هو سبب هذا التحول .. لا تقم بتغيير في مسار أي شيء طبيعي في الرواية دون أن يكون لديك سبب مقنعا .. كلما كان السبب سطحيا كلما كان تقبل القراء لفكرة التغيير أقل .. سأتحدث عن نقطة التغيير تلك في مرحلة الدافع بإذن الله ..


    ماضي الشخصية :
    حقا مسرحنا الذي نرتع فيه !
    لو قمت بمراجعة الجزء الخاص ببناء العالم الفانتازي سنجد أننا نهتم بالتاريخ .. هو لعبة مهمة و مسلية لنا .. فالقارئ مهما كان واسع الأفق لن يقدر على الإلمام بخيوط اللعبة في يده كاملة لأنه ببساطة لا يملك مفاتيحها .. و احد أهم و أكبر تلك المفاتيح الماضي ..
    تخيل معي مثالا .. أنت في مقهى تتعرف على شخصية عمل في غداء عمل .. تعرف أنه فلان و يعمل كذا .. حينها ستعامله على ما تعرفه ..
    لكن ماذا إن عرفت مثلا أنه طيلة السبعة سنوات الماضية كان سجين حرب سجنته بلد عدوة لبلدك و عذبوه لكنه استطاع الهروب بعدما قتل البعض و جرح الكثيرين في خطة نفذها بمفرده ؟
    ماذا إن عرفت أنه طيلة السبع سنوات السابقة يسرق و ينهب تحت ستار وظيفته التي هو فيها ؟
    ماذا إن عرفت أنه قبل السبع سنوات لم يكن شيء .. لكن حدث شيء ما غير حياته و جعله مكافحا و دخل عالم الأعمال حتى صار في المكانة التي تحترمه لأجلها ؟
    تخيل معي مئات التفسيرات لماضي شخص جديد لا تعرفه و تتعرف عليه لأول مرة .. كل ماضي يدفع في نفسك شعورا معينا .. و كل ماضي يدفع في الشخصية التي تتعرف عليها نمطا من الأسلوب في الحوار و التعامل .. كلما تعرفت على ماضي الشخصية كلما تعمق شعور داخلك نحوها و كلما صارت آلية فهمك لردود أفعاله و مواقفه أوضح ! و كلما شتت انتباه قارئك أكثر و أكثر نحو الحبكة المزيفة بصورة بسيطة و هادئة و دون أن يدرك حتى أنك تفعل ذلك !
    و لهذا يصبح تعريف الشخصية بأنه ما تعنيه بما تؤديه من أفعال و ما قد حدث لها في تاريخها السابق . هكذا نبني صورة أي شخصية نقابلها في الحياة الواقعية .. و هكذا ما نقوم به في الرواية ..

    الشهرة :
    ألم يحدث معك هذا الموقف ؟ حين تقابل شخصا لا تعرفه لأول مرة و تخبره عن اسمك .. ستجده يقول :
    نعم نعم .. سمعت عنك الكثير .
    البعض يحب ذلك و البعض لا .. فليس كل ما يُقال عنك بالأشياء السارة .. لكن دعنا من هذا كله .. هذه هي الشهرة .. موجودة في الواقع .. موجودة في الرواية ..
    حين تكتب رواية متعددة الشخصيات عادة سيكون هناك هذا البطل الغامض الذي يتم ذكر اسمه كل عدة فصول كرمز للقوة .. هذا الشرير الذي يتم ذكر اسمه بخوف و رهبة شديدة و يصبح رمزا للشر الشديد " و يجب تذكر ما فعلته رولنج حين أسمت فولدمورت من لا يجب ذكر اسمه .. مسمى معبر حقا و للغاية " ..
    عادة حين يكون هناك شخصية كتلك يجب أن تبرز وجهان للعملة الواحدة .. فليس كل ما يُقال عنك جيد .. كذلك عن شخصيتك .. لكن ربما تجعل من شخصيتك هذه رمزا حقيقيا للخير مثلا .. ولا تبرز الجانب الآخر ( الشر أقصد ) للقارئ .. نوع آخر من الخداع لقارئك .. كيف ؟
    عادة حين يجد القارئ مثل تلك الشخصية فهو يحاول أن يجمع أكبر قدر من المعلومات عنها .. عادة ما يحبها .. عادة ما يتوقعها بصورة معينة أنت تحددها سواء صريحة أو كناية .. ثم حين يأتي وقت ظهورها يكون عليك إما أن تؤكد هذه الاستنتاجات أو تنفيها على حسب رغبتك .. عن نفسي لا أحب التلاعب في هذه النقطة بالذات في الشخصية .. فربما يحنق القارئ و يكره الشخصية .. أحب أكثر اللعب في الدافع فهو مسلي و ممتع و شيق كذلك ..

    Stereotypes : و الحكم المبدئي على الشخصيات :
    ماذا تفعل حين تجد أمامك شخصية معينة لا تعرفها ؟
    دون وعي أو بوعي منك يقوم الفرد عادة بتقسيم هذا الغريب نحو أحد الفئات التي يعرفها الشخص ..سواء عن طريق ردود أفعاله .. طريقة الحديث .. أو حتى نظرات عينيه .. و من دون وعي نقوم بمقارنته بأنفسنا .. هل هو ذكر أم أنثى ؟ شاب أم عجوز ؟ طويل أو قصير ؟ رفيع أم سمين ؟ هل هو أغنى مني ؟ ينحدر من منطقة أراها في نظري محترمة ؟ أم غير محترمة ؟ يعمل في وظيفة طالما احترمت من فيها ؟ وظيفة طالما سعيت إليها ؟ وظيفة أحتقر من يعمل فيها ؟ منسق في ملابسه أكثر مني ؟ أم أقل مني ؟ أم مثلي ؟ و هكذا ..
    حينما ننتهي من تقسيم الغريب هذا لأحد المجموعات التي نعرفها فنقوم تلقائيا بلصق كافة الصفات المخزنة في الذاكرة لدينا عن تلك المجموعة عليه .. هذا يعتبر الحكم المبدئي على الشخص .. موجود في الواقع .. موجود بالرواية ..كيف ؟
    نسيت أن أوضح لكم ردود الفعل لدى البشر للغرباء .. إن قمت بكل هذا التصنيف دون أن تدري و أطلقت حكما مسبقا على الإنسان , عادة ما يحاول البشر المثقفين عدم التصرف تبعا لهذا الحكم لأنه في كثير من الأحيان يكون خاطئ , لكن فوق كل شيء هو منبع الراحة التي تنتابك حين تقابل شخصا لأول مرة و لا تعرفه , و كذلك منبع القلق و الخوف من شخصية لا تعرفها أيضا .. كيف يحدث ذلك ؟ ببساطة الشخصية المألوفة لدى الشخص يشعر معها بالألفة .. كلما كانت الشخصية أقرب للإنسان كلما كانت أكثر راحة له , و أقل إثارة للفضول , و كلما كانت أبعد ما تكون عنه كلما كانت أقل راحة وأكثر إثارة للفضول ..
    هذا هو الحال نفسه في الرواية ..
    فعلى الرغم من أضرار الشخصية التقليدية , تبقى فائدتها الكبيرة الممثلة في أن القارئ يشعر معها بالراحة شيئا لا يمكن تعويضه .. و على النقيض تماما نجد الشخصيات الجديدة على القارئ يشعر معها بالتوتر و القلق و الفضول لمعرفة المزيد و المزيد عنها .. صدقني المنطقة هذه مهمة حين تبني شخصيتك .. فأنت تبني ردود أفعال قارئك على الأغلب و تشكلها بنفسك .. فحاذر .. لا تجعل روايتك كلها تقليدية الشخصيات ولا جديدة .. اجعلها مزيج بين هذا و ذاك .. رأي شخصي ..
    هناك رؤية أخرى للشخصيات التقليدية .. وهي الشخصيات التقليدية في الروايات نفسها ..
    فمثلا في الروايات العربية تجد الإشارة لرجل الدين مصحوبا بتصويرات معينة .. رجل الحرية و التقدم مصاحب بتصور آخر تقريبا ثابت .. هذه الشخصيات حقيقة " كانت " موجودة أيام كاتبها بكثرة .. وهي موجودة ربما في أيامنا لكن بالتأكيد ليس بالكثرة تلك .. لهذا لا تعتمد عليها عادة .. كن من الواقع الذي أنت فيه ولا تعش واقع شخص غيرك !
    عن نفسي شخصية تقليدية كتلك لا أحبها .. لا أحب وجودها كثيرا في رواياتي أو في الروايات التي أقرؤها .. هناك فارق كبير بين الشخصيات التقليدية في الحياة .. تلك التي نراها كل يوم و لدينا في الذاكرة أمور خاصة عنها .. و بين الشخصية التقليدية البحتة في الرواية .. تلك التي نقرؤها كل فترة .. و تصبح لدينا صورة ثابتة عنها لا تتغير يؤكدها لنا كل كاتب تال في روايته بصورة مستفزة ..فأين إبداعك ككاتب ؟ لم لا تغير ولو جزء طفيف من شخصيتها ؟ لماذا لا تعتمد على استنتاجنا المبدئي و تفاجئنا بأمور لم نفكر فيها أو نتوقعها بل و ربما تنفي بعض الصفات عنها ؟
    قد يعتبر البعض أنه لا توجد في " الحياة الواقعية " ما يمكن أن نطلق عليه بالشخصية الجديدة تماما .. فالشخصية التي بعض من صفاتها لا نعرفها تكون معلومة لشخص آخر غيري .. و الصفات التي أعلمها فيها تكون غير معلومة ربما لنفس الشخص أو شخص آخر غيرنا تماما .. على كلٍ الحقيقة الوحيدة الثابتة أنه لا يمكن للكاتب أن يتحكم في ردود أفعال القراء نحو شخصياته بصورة كاملة .. ربما نضع صفات معينة ثابتة في شخصيات بعينها نعلم أنها صفات منتشرة .. و ربما نضع صفات نراها متضاربة و متعارضة و صعب أن نجدها في الحياة .. لكنها فوق هذا موجودة .. ولمن قابلها سيدرك من الوهلة الأولى أنها تلك هي بطلة الرواية .. وهذا أمر لا يمكن التحكم فيه .. بل نعتمد حقيقة على وجوده ..فمن ذا الذي سيقرأ و يستمتع برواية لا يستريح لها ؟
    كمثال عن الشخصية التقليدية و البناء المسبق للأحكام :
    في رواية هاري بوتر توجد شخصية تمثل الدور الكلاسيكي للغاية .. دور الساحر الطيب الأبيض – سواء في ملابسه أو ذقنه أو شعره المهم وجود شيء أبيض فيه – و الذي يرعى البطل و يحبه للغاية و يخاف عليه .. أتحدث هنا عن دمبلدور .. طوال السلسلة الجميع تخيل أنه الطيب .. أن حياته كلها طيبة و تفاني في الخير .. لكن جاءت رولنج بتعديل جميل في الشخصية بأن قامت بتوضيح تاريخه السيء في الجزء السابع .. نعم هي جاءت به لغرض في نفسها سدا لثغرة معينة داخل الجزء السابع , لكن يبقى الوضع أنها قامت بعمل هذا الأمر الجديد .. قبل الجزء السابع كانت الشخصية مجرد شخصية تقليدية بحتة .. نحبها نعم .. لكن لم نتأمل يوما في تاريخها ولم نتكبد عناء السؤال عن ماضيها .. ببساطة لم تثر شغفنا ولا فضولنا .. لكن بعد الجزء السابع و ما عرفناه .. صارت الشخصية غير تقليدية على الإطلاق .. على الرغم من أن ما تغير في الشخصية صفة واحدة فقط " أنها تفانت في الخير طوال حياتها " لكن هذا التغيير كان كفيلا بضرب كل شيء داخل نفس القارئ .. الأمر جيد نعم .. لكن الكثير من المعجبين لم يعجبهم الوضع .. وهنا خطورة الأمر .. بالأحرى شعروا بالخيانة من قبل رولنج !
    ما أريد قوله أن المقصود بالشخصية التقليدية هو أن بعض من الصفات يعرفها القارئ .. و أنت لا تكشف له كافة التفاصيل التي ربما تحتوي على صفة معينة جديدة لا يعرفها .. صفة تتعارض مع الذي يعرفه القارئ عن تلك الشخصية في ذاكرته .. وهنا يكون موطن الصدمة و الدهشة و التغيير في نظرة القارئ للشخصية ..
    لكن ..
    أن نجد في الرواية شخصية تقليدية تماما .. تقليدية تعرفها من روايات سابقة قرأتها .. تقليدية في كل شيء .. في الصفات .. في ردة الأفعال .. ربما حتى في الحوار الذي قد يتنبأ القارئ بكل تفاصيله قبل أن يفتحه .. هنا لا تكون تقليدية .. هنا تكون إكليشيهية مستفزة حقا !
    أتمنى أن أكون قد أوضحت وجهة نظري نوعا في تلك المنطقة المتداخلة و المهمة ..

    العادات :
    من المثير للحيرة أنني شاهدت قاعدة تقول : يجب أن تكون للشخصية عادة خاصة بها !
    هي قاعدة جيدة .. لكن كلمة " يجب " هي التي غير جيدة على الإطلاق ..
    لا يوجد ما هو واجب في الكتابة الروائية .. يوجد ما هو مناسب للرواية التي تكتبها حاليا ..
    على كلٍ العادات تنقسم لنوعين بصفة عامة لأي شخصية :
    -عادات سيئة :
    وهي عادات يراها الشخص أنها سيئة .. ربما تكون حقا كذلك .. وربما لا .. أمثلة لبعض تلك العادات :
    حين يقوم شخص بترك بصمة حبرية على أي كتاب يمسكه بيده خاصة لو كان ليس ملكا له ..
    مثل عادة شخص بالإيقاع بين أي شخصين يحبان بعضهما .. خلاف ذلك فلا يقوم بهذا الفعل أبدا مع أي شخص آخر ..
    مثل عادة من يحب أن يحطم القواعد .. أن يدخن في أماكن ممنوع فيها التدخين .. أن يضرب ببوق سيارته في أماكن ممنوع استخدام البوق فيها ..
    -عادات عادية :
    وهل التي يمكن أن نقول عليها متلازمة .. فمثلا حين نقول محمد بائع الجرائد نتذكر حركة يده التلقائية اليمنى كل فترة و فترة .. حين تتذكر صديقك إسماعيل في الكلية تتذكر عرقه الغزير حين يناقش أحد .. حين يتم ذكر اسم آلاء جارتك تتذكر على الفور تلك الحقيبة التي تختلف ألوانها لكنها لا تختلف في كونها صغيرة للغاية .. ربما تنسى اسم الشخص لكن ما إن تشاهده تتذكر العادة الخاصة به ..
    هذا هو الواقع .. وهذا هو الحال نفسه في الرواية ..
    ربما تكون العادة بابا لاستنتاجات شخصية للقارئ .. فحين تصف شخصية ما تحمل في يدها دوما زجاجة مياه فبالتأكيد هو يشعر بالعطش وربما يكون مريضا بالسكر مثلا .. حين تصف فتاة تحمل في حقيبتها بخاخا غريبا ليس بذاك الخاص بالروائح تستنتج أنها تشعر بالخوف من أن يهاجمها أحد و أن هذا البخاخ من النوع المخصص للدفاع عن النفس .. ربما حين ترى جارتك بتلك الحقيبة الصغيرة كل يوم تتخيل أنها لا تمتلك الكثير لتحمله في حقيبتها أو أنها ليست ممن يهتمون بمظهرهم كداء و هوس .. وهكذا .. شخصيتك تتلفت حولها كثيرا فهي تشعر بالقلق .. شخصيتك تنام كثيرا فهي تشعر بالتعب .. شخصيتك لا تظهر كثيرا فهي ليست اجتماعية .. شخصيتك تتلعثم بالكلام فهي انطوائية .. شخصيتك تمسك بكلتا يديها حين الجلوس وحيدة فهي تشعر بالخوف .. شخصيتك تنظر للأفق دوما و أبدا فهي حالمة .. و هكذا .. العادة باب واسع للاستنتاجات الشخصية .. ربما استنتاجاتي لبعض المواقف لا تتوافق مع استنتاجاتك .. فهنا الخبرة الشخصية لكل فرد تختلف و معها تختلف الرؤية ..

    لتعلم جيدا أن الوصف الجسدي للشخصية ليس هو فقط عملية بناء الشخصية .. لا تندفع في تحضير الوصف الجسدي و تقول : لقد أنهيت المهمة .. حقيقة أكثر ثلاثة نقاط مهمة على الإطلاق في بناء شخصية هي :
    -ما الذي تفعله الشخصية في الرواية ؟
    -ما الدافع وراء هذه التصرفات ؟
    -ما ماضي الشخصية ؟


    *اجعل شخصيتك حية :
    يجب أن تضع شيئين بالاعتبار :
    كل شخصية يجب أن يكون لها صراعها الخاص .
    الشخصية البطلة هي الشخصية التي يتم الحكي من خلالها .. و هي يجب أن تكون قوية .. اختار شخصيتك البطلة جيدا .. اجعلها قوية .. اجعلها ثرية .. و اجعل لها صراعها الخاص و القوي .. الصراع الخاص و القوي ذاك يجب أن يلعب على نقاط الضعف بالشخصية .. كما في هاملت .. الشخصية قوية للغاية .. لكن الصراع جاء في نقاط ضعفها .. لو أراد هاملت قيادة جيش , دخول الجامعة , لكان الأمر له يسيرا , لكن الصراع لم يعتمد على نقاط القوة .. بل على نقاط الضعف ..
    حين تنتهي من بناء شخصيتك .. قم بتحديد نقاط القوة و الضعف فيها .. حينها قم بالضرب و وبقسوة على نقاط ضعفها .. امنحها مشكلة – رغم قوة الشخصية و ربما صغر حجم المشكلة – تلعب على أوتار ضعفها .. مشكلها تعجز عن حلها .. ولا تقف عند مجرد عرض المشكلة فقط .. بل قم بتعجيز الشخصية و تضييق الخناق عليها .. كلما كانت الأمور أصعب كلما كانت الرواية أقوى ..
    يعرض (بن بوفا ) تقنية تعلمها من أستاذه في جامعة أوكلاهاما .. بروفيسور ويليام فوستر هاريس .. تلك الطريقة الخاصة في بناء الصراع بالشخصية تعتمد ببساطة على التفكير في المعادلة البسيطة التالية :
    المشاعر ( أ ) ضد المشاعر ( ب ) .
    مثلا كما في هاملت , يمكننا تطبيق المعادلة بجعلها :
    الانتقام ضد عدم الثقة بالنفس .
    فكر في كافة الشخصيات التي عشقتها على مدار الروايات التي قرأتها .. ستجد أنها كلها تشترك في شيء واحد مميز .. دوما و أبدا كانت تعاني .. تعاني من تضارب المشاعر داخلها .. تعاني من ترددها بين شيء و آخر .. هاري بوتر يعاني .. بين رغبته في الانتقام .. بين خوفه على اصدقائه .. بين شعوره بالضعف و العجز أمام فولدمورت .. بين تأنيبه لنفسه على كل ما يحدث للجميع من حوله .. فرودو بأمير الخواتم كان يعاني .. يعاني من بين رغبته في تحطيم الخاتم و بين شعوره بالضعف الشديد و عدم القدرة على أداء المهمة , و بين انهياره تحت وطأة المشاكل التي تعرض لها ..
    حين تفكر في بناء أي شخصية رئيسية كانت أم ثانوية حاول تلخيص الخصائص العامة لها في تلك المعادلة .. ولا تعتقد أن هذه المعادلة البسيطة سهلة و سخيفة .. فأنت حين تفكر فيها ستجد أنك امام اختبار حقيقي بالفعل .. تضع شخصيتك فيه على المقياس .. و حين لا تجد في داخلك إجابات كافية و مناسبة للمعادلة لتعلم أنك حينها لم تفكر في الشخصية بالعمق الكافي بعد .. و هذا ما يعني أنك لا يجب أن تتسرع بالكتابة عنها قبل أن تمنحها وقتها في التفكير ..
    من هذه النقطة يمكنني القول أن الصراع في الرواية يعتمد في الأساس على الصراع الموجود برأس الأبطال .. بالطبع بقية الصراعات تنبثق من هذا الصراع الأساسي لكن الأهم على الإطلاق و المحرك للجميع هو الصراع الموجود بعقل الشخصية ..
    فخ لا تقع فيه .. لا تجعل شخصيتك قادرة أو واثقة من نفسها لحل المشاكل .. اجعلها دوما مترددة .. خائفة .. لا تثق بمقدرتها على الحل .. امنح قارئك الشعور بالتشتت مع شخصيتك وسط الصراع لتزيد من قوته .. لكن لا تجعل من المشاكل مجرد عقبات سهلة و بسيطة تعبرها شخصيتك بدون أدنى تردد أو حتى شعور بالخوف .. فمن ذا الذي سيقلق على مصير العالم الذي على حافة الدمار و الأبطال الرئيسيين ليسوا مكترثين أو قلقين .. بالتأكيد كل شخص عدا القارئ !
    ولا تجعل النهاية سهلة للأبطال ! دوما الرواية الجيدة تجعل من البطل يضحي في النهاية بشيء غالي لديه في سبيل تحقيق المستحيل و الانتصار على المشاكل .. دوما اجعل قارئك في سعي محموم لاكتشاف ما هي تلك التضحيات و كيف سيضحي بها .. دوما اجعل قارئك على حافة جرف الإثارة و التشويق ..

    وهنا نأتي لمعضلة جديدة .. الشخصيات الواقعية ما علاقتها و الشخصيات في الروايات الفانتازي و الخيال علمية ؟
    خطأ ! واهم من يرى أن الخيال هو خيال في كل شيء !
    الروايات الفانتازية و الخيال علمية هي روايات خيالية المسرح .. العالم و الجو الموجود و المصطلحات فقط هي التي تجعل من الرواية خيالية .. لكن تبقى الأدوار هي هي نفسها أدوار مسرحية شكسبيرية .. أدوار رواية إجتماعية .. لا اختلاف على الإطلاق .. لا تنظر للشخصيات على أنها مسطحة لأنها تقع داخل إطار المسرح الخيالي .. لا .. الشخصيات يمكن أن تكون بعمق أكبر من عمق الروايات الإجتماعية الكبيرة .. و ربما تكون شخصيات بعض الروايات الإجتماعية أسطح من أكثر الشخصيات سطحية في الفانتازيا .. الأمر كله مقترن بالكاتب ليس أكثر ..

    يعتقد (بن) أنه يجب ألا تمر صفحة في الرواية دون أن يستخدم البطل أكبر عدد من حواسه الخمسة في النص السردي .. حقيقة لا أتفق معه هنا .. فعلى الرغم من أهمية استخدام الحواس الخمسة حقيقة في السرد يجب أن نعترف بالحقيقة الأعلى مرتبة هنا .. لا تجبر شيئا داخل روايتك ! سر تبع سير الرواية .. إن تطلب مشهد استخدام حاسة التذوق فاستخدمها .. و إن لم يتطلب استخدام أية حاسة سوى السمع فقط طوال مشاهد بأسرها فلا تستخدم سوى حاسة السمع فقط .. افعل ما تمليه عليه روايتك بأفضل صورة ممكنة .. هذا ما يمكنني قوله لك ..

    كيف تكتب شخصية روائية جيدة ؟
    بناء الشخصية شيء .. وكون الشخصية جيدة شيء آخر تماما ..
    دعني أوضح لك الأمر أكثر ..
    الشخصيات التي تحيط بك في الواقع .. قد تحب بعضها .. و قد تبغض الآخر .. أليس كذلك ؟
    لكن في الرواية الوضع مختلف .. الشخصيات موجودة لتقوم بأداء دور معين محدد لها .. إن لم تقم بهذا الدور فعلى الكاتب تقويمها و تعديلها حتى تقوم به . و إن فشلت فعلى الكاتب استحداث شخصيات جديدة تقوم بأداء هذا الدور .. قد يبدو الحديث مثل " تقوم بأداء دور – تفشل بأداء دور – استحداث شخصيات لأداء دور " يبدو غريبا .. لكني سأحاول توضيحه في هذا جزء الشخصيات الرئيسية و الفرعية و المارة باذن الله ..
    لو كانت الشخصية رئيسية فعليها أن تكون مقنعة .. مثيرة للحيرة و الإعجاب .. مبتعدة عن الشخصيات التقليدية ..
    لو كانت شخصية ثانوية فعليها أن تقوم بدورها في تطوير الخط الروائي , تقوم بعمل خداع للقارئ في مناطق معينة بالرواية , تخفيف الضغط في بعض المناطق , و أخيرا أن توصل بعض المعلومات للقارئ بصورة ليست مملة .. بعد أن تقوم الشخصية الثانوية بدورها عليها أن تخرج فورا ..
    لماذا أكترث ؟
    تكترث لأن القارئ ببساطة لن يقوم بقراءة رواية ضخمة و يكتشف في نهاية الأمر أنها مملة .. تكترث لأن القارئ يمنحك فرصة ذهبية لاقتناصه و أسره داخل أسوار روايتك .. تلك الفرصة تكون سانحة لك في أولى صفحتين بالرواية .. إن لم تمنح قارئك سببا قويا للاستمرار فتيقن أنه سيضع الرواية جانبه و يبحث عن غيرها!

    بعدما تنجح في أولى مهامك – والتي سأوضحها لاحقا في منطقة الفصل الافتتاحي و منطقة الإثارة – سيكون عليك أن تواجه الثلاثة أسئلة التي يتحدى بها أي قارئ أي كاتب بصورة غير مقصودة ودون أن يشعر القارئ بذلك .. لو نجحت في الإجابة عن أي سؤال سيزيد القارئ ثقة بك حتى ينتظر الإجابة عن المتبقيين .. و إن فشلت في الإجابة عن أحدهم يشعر القارئ بالريبة و الشك .. و الآن ما هي تلك الأسئلة ؟
    السؤال الأول :
    لماذا أكترث – كقارئ – بما يحدث في الرواية ؟ لماذا هو مهم ؟ لماذا لا أترك الرواية و أتجه لمشاهدة أفلام على الكمبيوتر أو التلفاز ؟ لقد قرأت آلاف القصص و الروايات التي تتحدث عما تريد الحديث عنه .. فما الجديد الذي ستقدمه لي كي أجلس و أتابع ؟
    السؤال الثاني :
    أوه ! لا أصدق ما تقول ! لا يوجد على الإطلاق من يكون قادرا على فعل كل هذا بمفرده .. كن واقعيا لو سمحت ! لا تحدث مثل تلك الأشياء بتلك الطريقة على الإطلاق .. هل كان هذا منطقيا ؟ ماذا يظنني هذا الكاتب الأحمق ؟! لقد انتهيت من هذا الهراء !
    السؤال الثالث :
    ما الذي يحدث ؟ لا يبدو هذا منطقيا ؟ من يتحدث إلى من ؟ و علام يتحدثون ؟ أين يحدث هذا ؟ لا أقدر على فهم الأمر .. ما هذه الكتلة الغير مفهومة من الكلمات ؟ إما أنني لا أفقه شيئا في القراءة أو هذا الكاتب لا يعرف كيف يكتب !

    بفرض أنك قمت بعملك ككاتب و كقاص بصورة جيدة فمن المفترض أن يتوقع قرائك الإجابة عن الثلاثة أسئلة السابقة .. حين تسأل نفسك لماذا على قرائك أن يقرؤوا روايتك فأنت ستفكر في السبب لذلك و بالتالي ستمنحه لهم .. ستجد المغزى و الهدف من وراء الرواية و تقدمه لهم ..
    حين يفاجأ القراء بأمر غير متوقع و غير منطقي فلا تقف متفرجا معهم ولا تتجاوز الموقف متعللا بأنه مطلوب للرواية .. فكر في التفسير .. قدم لهم التفسير .. اقنعهم بالتفسير .. حتى لا يغادروا مسرحك و تصبح المشاهد الوحيد هناك بمفردك ..
    و بالقطع لا تجعل هناك نقاط ضبابية في الجسد الروائي على الإطلاق إلا في حالات نادرة .. حالات تتطلب فيها الإثارة و حبكة الرواية أن يتم إخفاء بعض المعلومات و التفسيرات عن أعين القراء .. حينها أنت لا تترك الأمر كما هو عليه بعد حجب المعلومات .. أنت تقوم بالبحث عن تفسيرات مضللة للقارئ .. و في الوقت نفسه تفسيرات لا تتعارض مع التفسيرات الحقيقية .. معقد الأمر .. أليس كذلك ؟
    على الشخصيات التعامل مع تلك الأسئلة الثلاثة منذ البداية .. مع بعض الإستثناءات النادرة .. الروايات تدور حول البشر و حول ماذا يفعلون .. و مع بعض الإستثناءات النادرة ..الروايات يجب أن تركز على عدد محدود من الشخصيات .. و القاعدة الأصح هنا أنه كلما صارت الرواية أضخم و أطول كلما زاد عدد الشخصيات التي بها .. هذه الشخصيات الرئيسية على عاتقها مهمة الإجابة عن تلك الأسئلة الثلاثة ..
    نقطة أخيرة .. لا يكترث كل القراء بتلك الأسئلة الثلاثة .. لكن لا يخلو قارئ من البحث عن إجابة على الأقل سؤال واحد منهم .. و لتعلم أنك إن فعلت ما بوسعك فستجد بعض الناس قد رضوا بما فعلت .. و البعض لن يجدوا إجابة السؤال الأول منطقية .. و آخرون سيجدون إجابة الثاني ليست جيدة .. و آخرون سينتقدون الثالث .. لا أحد يأخذ الرضاء الكامل في الدنيا .. لا أحد .

    الشخصيات ووصف الأماكن ..
    أحيانا – بل ربما كثيرا – نجد في روايات الخيال العلمي و الفانتازيا مناطق معنية مخصصة للحديث عن العوالم التي تم بنائها .. بالطبع الوصف الضروري فقط هو الذي يجب أن يكون متاحا هنا .. لكن دعني أسرد لكم قصة صغيرة ..
    في الجزء الثاني لرانمارو قام هو ببناء قرية خاصة به .. و طبعا بعد إجراءات و شروط بناء القرية المرهقة للغاية تم بناء القرية بصورة سحرية تقليدية .. بعد ذلك قام رانمارو و معه النائب أكيهيرو بالدخول للقرية كأول الداخلين إليها .. و من هنا بدأ الموقف المهم ..
    الموقف هنا موقف وصفي بحت .. القارئ خلال فترة لا تقل عن ثلاثين فصل تقريبا ينتظر على أحر من الجمر القرية و بنائها .. كل المصاعب و التحديات و الظروف و التضحيات التي قامت بها الشخصيات تحملها القارئ معها في سبيل الهدف الأكبر .. بناء القرية .. تحقيق الحلم .. لهذا حين الدخول في القرية كان يجب أن أراعي تلك النقطة جيدا .. نقطة أن القارئ شغوف للغاية بمعرفة تفاصيل تفاصيل تفاصيل القرية .. ربما لو كنت قد كتبت عشرة فصول في وصف القرية فقط لما شعر القارئ بالملل بل و طالب بالمزيد ..
    لكن بالطبع الوصف الكثير لا فائدة منه .. لهذا قمت بالاكتفاء –على ما أذكر – بفصلين فقط للوصف .. ببساطة قمت بإدخال رانمارو و أكيهيرو من أحد أطراف القرية الدائرية و جعلتهما يسيران نحو المنتصف .. يصفان كل ما تقع عليه عيناهما .. لكني – و دون معرفة مني – قمت بتجنب شيء خطير للغاية .. تغليب الشخصية على المشهد !
    تحدثت و ثرثرت كثيرا عن الشخصية و عن مدى أهمية بنائها و ردود أفعالها و .. إلخ . لكن هنا و هنا بالذات لا يجب أن تظهر الشخصية مطلقا .. حقيقة كان دور رانمارو و أكيهيرو فقط مجرد الناظرين للقرية .. الناقلين بأعينهما كل ما يرونه هناك .. لا تعليقات أكثر من التعليقات التي يتوقعها القارئ : يا لها من تحفة .. ما هذا المكان ؟ ما اسم تلك المنطقة ؟
    بالطبع نسيت أنني كي أجعل رانمارو يسير كل تلك المسافة بسبب معقول هو أنه يجب عليه – كرئيس للقرية – أن يطلق مسميات على القرية و مناطقها .. و هذا كان سببا جيدا لجعله يزور أكبر قدر ممكن من القرية و يمكث بها أقل وقت ممكن حتى لا أسهب في الوصف .. هذا لا يهم الآن .. ما يهم هنا هو أن الشخصية اضمحلت تحت تأثير الموقف لتصبح شخصية باهتة للغاية .. شخصية وجودها فقط يقتصر على التعليقات السخيفة و السرد الإنبهاري لا أكثر .. هذه هي الطريقة الصحيحة هنا ..
    حين تأتي لموقف يجب سرد وصف كامل عن المكان لا تجعل القارئ يبتعد عن تركيز السرد بإدخال تعليقات سمجة فلسفية للشخصيات .. اضغط على الشخصيات و الأحداث و الصراع حينها و على كل شيء آخر و اجعل قارئك يعيش لحظة الذروة و الإمتاع .. لحظة سردك للوصف .. ولا تقلق من سطحية الشخصيات المفاجأة .. فالموقف يقتضي ذلك ..
    أحيانا يعتمد بعض الكتاب على حب القراء للعوالم المختلفة – بالطبع أعني الفانتازيا و الخيال العلمي – و لا يهتمون كثيرا بالشخصيات .. مثال لذلك أمير الخواتم لتولكين .. فعلى الرغم من وجود بعض الشخصيات الجيدة مثل سام .. مثل أراجون .. لكن نجد في المقابل شخصيات مثل بيبين و ميري حيث لا يمكننا التفريق بينهما .. فلو جاء مشهد دون ذكر اي اسم منهما لا يمكننا معرفة من صاحب الحديث .. كذلك شخصية القزم و الجني اللذين جاءا سطحيين بصورة كبيرة .. فالصراع بينهما يدور حول كراهية كل جنس للآخر ليس أكثر ..
    البعد العميق للشخصيات لم يأتي حقيقة في أمير الخواتم إلا في شخصيات معينة لأدوارها الخاصة .. حتى فرودو في رأيي لم يكن شخصية عميقة نوعا .. و جاندالف كان صورة مطابقة لميرلين في كثير من الأمور .. هذا كله جاء نتيجة اهتمام الكاتب – تولكين أقصد – بالجانب العميق من العالم على حساب الشخصية .. لا ألومه حقا .. ولا أقدر على لوم أي كاتب آخر .. فما لا يصلح معي قد يصلح لغيري و العكس .. بالنسبة لي نعم أهتم بالعالم و أوليه قدرا كبيرا من العناية و الرعاية .. لكن ليس على حساب الشخصيات .. فالأفكار و الأهداف و الرسائل التي أود توصيلها للقراء تكون عن طريقهم .. عندي هم يمتلكون المرتبة الأعلى عن العوالم حقيقة .. و كل شيخ و له طريقة ..

    قصص الشخصيات القصيرة :
    حسنا .. هذه تجربة شخصية بي سأسردها ها هنا ..
    حين بدأت الرواية بدأتها بعدد محدود من الشخصيات .. كل شخصية تزداد كانت تجلب معها المزيد و المزيد من الأحداث .. من العمق في الرواية .. كذلك كانت تزيد من معرفتي و معرفة القراء للشخصيات الأخرى عن طريق تفاعلاتهم معها .. ظللت هكذا أوازن بين العالم و الشخصيات و الأحداث في الجزء الأول و الثاني كذلك .. لكن فشلت أن أبقي على هذا الأمر في الثالث للأسف ..
    الثالث يتميز بكونه معقد .. فهو سيكون ثلاثية بمفرده .. و لهذا فقد أدخلت العديد من الشخصيات كي تثري هذه الملحمة الخاصة في السلسلة .. الأمر هذا جعلني أقسم الشخصيات لفرق .. كل فرقة عليها مهمة معينة و مغامرة منفصلة عن بقية المجموعات بصورة رئيسية .. لكن لا يمنع هذا من تداخل بعض الطرق و تفرع البعض الآخر منها على طول الرواية .. لكن الهدف الأسمى هو الوصول لنهاية واحدة .. كل فرقة عليها دور عليها أن تقوم به كترس في سلسلة تروس مسئولة عن إدارة عقرب الساعة .. متى انهار ترس واحد من السلسلة .. ينهار الجميع .. ببساطة الثالث هكذا .. كل فرقة مسئولة عن مهمة مصيرية .. لا يوجد تمييز بين مهمة و أخرى – فلست من هواة البطل الأوحد – لكن المشكلة هنا أن الرواية تحولت لرواية أحداث متصارعة .. جنبا إلى جنب مع إدخالي لشخصيات جديدة صار الوضع متأزما في جانب الشخصيات .. الشخصيات القديمة بدأت تطفو قليلا لظهور جديدة تقوم ببعض الأدوار الهامة .. و الجديدة لا يوجد لها مساحة كافية لإظهار كافة تفاصيلها .. ولا يمكنني توقيف مسار الأحداث الملتهب عمدا في سبيل سرد تفاصيل يوم ما لأعيد الحياة نوعا للشخصيات .. لهذا فكرت كثيرا في حل وسط لتلك المعضلة ووجدته .. القصص القصيرة للشخصيات ..
    أسميتها " مذكرات رانمارو اليومية " و هي عبارة عن قصص قصيرة يتم سردها على لسان الأبطال " ضمير السرد الأول " واصفين أحداث يوم كامل مر عليهم كأنهم يكتبون مذكراتهم اليومية بالفعل .. الطريقة تلك رائعة حقا .. فهي منحتني الحيوية في الرواية و التي كنت أفتقدها تحت وطأة الأحداث .. و في الوقت نفسه لم أملأ خط سير الرواية بإضافات لا فائدة منها في الجزء .. لكن كان هناك – ولازال – الخطر الذي لا أجد له حلا ..
    حين تنظر للأمر ستجد خط سير لأحداث لكل شخصية بعيدا عن مسار الرواية .. نعم هم يصفون أمور حدثت أثناء الصراعات الملتهبة .. لكن فوق هذا كله لم يتم ذكر هذه الأمور في الرواية الأصلية .. و بالنظر لأن تلك القصص ستكون عبارة عن مقاطع لحياة يومية للأبطال .. فببساطة سيتعرض الأبطال لتجارب خاصة لم يتم ذكرها في الرواية .. لعل أبسطها على الإطلاق تعرفهم على شخصيات جديدة لم يتم ذكرها في النص السردي الأصلي للرواية .. و أمر كهذا يجعلني في حيرة شديدة .. فماذا سيحدث إن جاء وقت و كنت في حاجة لمعونة شعب ما يعرف أحد الشخصيات فردا فيه من خلال قصة قصيرة في مذكراته ؟ هل سأعتمد على المذكرات ؟ أم سأقوم بسرد القصة القصيرة تلك ؟ ثم قد أكشف بعضا من الحبكات و الأمور الخفية من المذكرات قبل ذكرها في الرواية .. فهل هذا جيد أم سيء ؟
    بعد تفكير عميق حقيقة و البحث عن أي إجابة من تجارب سابقة – و قد فشلت للأسف – قررت أنني سأعتبر المذكرات مكملة للرواية الأصلية .. وهذا ما يعني أن ما يأتي بالمذكرات سأعتمد عليه في الرواية و ما يأتي في الرواية سأعتمد عليه في المذكرات .. و من هذا المنطلق قررت أنني سأسرد قصص كنت أخبئها لأوقات لا أعلم متى .. فمثلا التاريخ القديم بين سارة و جنتو .. التاريخ القديم لموري .. أحداث سابقة في التاريخ القديم للشخصيات الحالية لا يسع الخط الرئيسي للأحداث بسردها , وفي الوقت نفسه تأتي مواقف تستلزم مني الإشارة لتلك المواقف بل و جعل الشخصية تتصرف تبعا لتلك المواقف .. مما يجعل القارئ في موقف حيرة و عدم فهم ربما ..
    هذه التجربة الغريبة بالنسبة لي لا أعرف هل ستفيدكم أم لا .. ولازلت مبتدئ فيها حتى أسرد ملخصا للنقاط المهمة و الأخطاء الشائعة بها .. على كلٍ أتمنى أن تكون مفيدة لكم .. و لتعلموا أنكم – ككتاب – يجب ألا تدخروا أي طاقة لديكم إلا و تقدموها بأفضل صورة ممكنة للقارئ ..

    أنواع الشخصيات :
    بالتأكيد هناك أنواع للشخصيات .. و بالتأكيد لا توجد حدود فاصلة جيدة بين كل نوع و الآخر .. فقط هي رؤية لكل شخص ربما .. أحيانا نتفق على أن شخصية معينة شخصية محورية .. لكن نتخلف على كون شخصيتين أخرتين رئيسيتين أم ثانويتين .. هناك ثلاث أنواع عامة للشخصيات هي :
    -المارون بالرواية .
    -الشخصيات الثانوية
    -الشخصيات المحورية
    بالنسبة للكاتب .. لا يشكل الأمر عنده أكثر من متطلبات كل شخصية في الرواية وما الذي يجب عليه أن يكتبه عن كل شخصية و نوع في الرواية .. ولهذا سنتناقش سويا في هذه الأنواع :

    -شخصيات مارة بالرواية :
    كل رواية تحتوي على عدد لا بأس به من تلك الشخصيات .. تلك التي تمر في مشهد فقط لإضافة حياة للمشهد أو ربما لتقول معلومة تفيد الشخصيات ربما .. الأهم فوق هذا كله أن القارئ بعد صفحة واحدة ينسى وجودها تماما مثلك ككاتب .. فهي شخصية ذات بعد واحد و فترة صلاحية لا تتعى عدة ثوان .. موجودة لدور واحد وقتما انتهى هذا الدور تنتهي هي .. فلا تكلف نفسك عناء التفكير عن شيء فيها سوى ما تحتاجه منها ..
    هناك أمر يجب أن أوضحه لك جيدا ..
    الشخصيات بالرواية كالأشخاص الحقيقيين بالواقع .. تخيل نفسك أمام مسرحية .. هناك الشخصيات الرئيسية .. الشخصيات الثانوية .. ثم مشهد الأبطال فيه يجلسون بمقهى عام و البشر من حولهم يجيئون و يذهبون .. أنت لا تلتفت لهؤلاء الحشد من البشر لأنهم لا يفعلون شيئا يلفتون به اهتمامك .. أنت تركز جيدا على البطل و فقط .. لكن ماذا يحدث إن قام أحد هؤلاء البشر بحركة ذكية مثلا ؟ حينها ستلتفت له .. ستعتقد أنه قام بذلك لسبب داخل النص المسرحي نفسه .. ستبتعد عن البطل .. سيشتت تركيزك .. عادة ما يتم طرد هؤلاء الممثلين إلا .. إلا إن كان ممثلا موهوبا فعلا و ما قام به أعجب الجمهور للغاية .. حينها سيتم تثبيت دوره و سيرتقي ليصبح شخصية ثانوية .. هذا هو الواقع .. وهذا هو الحال في الرواية ..
    عادة – حتى لا يرهق الكاتب نفسه في انتقاء هذه النوعية من الشخصيات – يبحث عن الشخصيات التقليدية .. شائعة الوجود و الاستخدام .. كعامل القهوة الذي يشعر بالفضول من حديث عوني للاشيء و كأنه يحدث عباس في أن تكون عباس العبد .. كالجرسون في نفس الرواية كذلك ..
    قد تملأ روايتك بشخصيات لا أهمية لها سوى إضفاء جو من الحياة في المشهد .. إن فتحت الرواية ستجدها مليئة بعشرات الشخصيات التي لا تعرف عنها سوى اسمها .. شكلها الخارجي فقط .. لكن أحيانا يحدث أمر يغير من الشخصية تلك .. حين تجدها بدأت في التحرك من تلقاء نفسها و الحديث و الثرثرة .. حينها ربما تحذف مقطعها من الفصل و تبحث عن شخصية أخرى هادئة .. لكن ماذا يحدث إن كان ما كتبته على لسانها قد أعجبك ؟ ماذا يحدث إن رأيت فيها حلا لمعضلة في حبكتك موجودة بعد عشرات الفصول و مئات الصفحات من هذا الموقف ؟ حينها ستبدأ الشخصية بالتشكل تدريجيا .. سيخبرك بصورته التي يريد أن يكون عليها .. سيتحول في نظرك من شخصية عادية لشخصية مهمة .. ثانوية كانت .. ثم ربما تصبح رئيسية ..
    هل حدث هذا معي ؟
    نعم ..
    شخصية اسمها إيكويا .. كانت في الجزء الأول لرانمارو مجرد مساعدة لشخصية الثلجية الشريرة .. مجرد شخص يظهر مرة كل عشرات الفصول ليقول للثلجية أن فلانا قد جاء .. فلانا قد رحل .. تحضر لها الأخبار ربما .. المهم أنه في مشهد في الجزء الأول طلبت الثلجية منها أن تذهب إثر رانمارو .. كنت أخطط انها ستذهب .. أكتب مشهدا تكون في منطقة العراك الذي نجا منه رانمارو بإعجوبة .. ثم جاء المشهد .. و حين بدأت في الكتابة فوجئت بأن الشخصية ارتجلت نفسها و فعلت شيء غريب للغاية .. توقفت عن الكتابة و ظللت أحدق في الصفحة لفترة طويلة .. كنت مترددا بين اختيار حذف ما فعلته أم الاستمرار .. لكني – ولثقتي في ما أكتبه عادة – تركتها .. و بعد عدة أيام كنت قد أوكلت مهمة الجزء الثاني بأكمله لها .. تحولت في غضون مشهد واحد من شخصية لا وجود لها سوى اسمها لشخصية صار وجودها محورا من محاور الرواية .. بل صار لغزا يلهث القراء ورائه محاولين فك شفراته دون جدوى ..
    ما ينطبق علي قد لا ينطبق عليك .. و ما ينطبق عليك قد لا ينطبق علي .. تذكر هذا جيدا .. عن نفسي أثق في قدرتي الكتابية بلا حدود .. الثقة مهمة حقا .. فإن لم تملكها فلن تقدر على الكتابة بثبات .. و ستظل مهزوزا ..

    الشخصيات الثانوية :
    هي تلك الشخصيات التي تظهر ببساطة لتقول كلمة معينة .. لتساعد المشهد على التطور .. قد تتواجد طيلة أحداث الرواية .. وقد تظهر من فترة لفترة .. الأهم على الإطلاق أنها موجودة في الرواية و يتذكرها القارئ حين يعدد من شخصيات الرواية بعد الانتهاء منها ..
    لو أردت ضرب مثال على شخصيات ثانوية سيبدأ الاختلاف فيما بيننا ..
    البعض ربما يعتقد وجود شخصية عامل القهوة كشخصية ثانوية برواية أن تكون عباس العبد .. عن نفسي أفكر فيه قبل نظرتي لصفحة كشف الأحداث على أنه شخصية مارة .. لكن بعد قرائتي للصفحة و تدخله في أداء الحبكة كان لي شخصية ثانوية ..
    كما في روايتي .. إيكويا قبل ما فعلته كانت مجرد شخصية مارة .. بعد تدخلها بالأحداث صارت شخصية ثانوية .. في الجزء الثاني صارت محورية ..
    أعتقد أن الفرق الرئيسي بين الشخصية الثانوية و الشخصية المارة بالرواية هي تأثير الشخصية على سير الرواية .. و خاصة الحبكة و الأحداث الرئيسية فيها .. فلو كانت الشخصية طبيعية تماما .. تقليدية الطابع .. تتصرف في مشهدها القصير بنفس الطريقة التي سيتصرف فيها شخصية مماثلة لها في الواقع – كشخصية الجرسون في أن تكون عباس العبد " و اعذروني لأن الرواية أعجبتني و سأقتبس منها الكثير " تصرفت كأي شخصية جرسونية يمكن أن تتصرف في موقف كموقفها بالطبع – لهذا فهي لم تقدم الجديد .. لم تلفت الانتباه .. لم تطور الرواية .. فهي إذن ليست ثانوية و إنما شخصية مارة بالأحداث .. إنما حين يتدخل في الحبكة – حتى لو أدركنا هذا متأخرا كما في نهاية أن تكون عباس العبد – حينها ستكون ثانوية ..

    الشخصيات المحورية :
    حقيقة ببساطة هي تلك التي يهتم بها القارئ . حين يتنهي قارئ من أي رواية و تسأله : ما هي شخصيات رواية واحة الغروب الرئيسية ؟ سيخبرك بلا أي تفكير أنها محمود و كاثرين و ربما شيوخ الأجواد .. بعضهم سيفكر في أخت كاثرين و ذاك الشركسي و أخيرا تلك الطفلة من الواحة ( معذرة الرواية ليست معي حاليا مع أحد الأصدقاء فلا أتذكر الأسماء ) .. لكن لن يختلف أحد عن وجود كاثرين و محمود كشخصيات رئيسية بالرواية .. البعض – و أنا منهم – سيضع الأسكندر مع تلك الشخصيات .. فهو محوري للغاية كذلك ..
    حاولت قديما التفكير في تعريف جيد للشخصية الرئيسية .. فقلت أنها تلك التي تحرك الأحداث .. قرأت تعريف آخر بأنها التي يمضي عليها الكاتب وقتا طويلا في الرواية .. قد تظهر شخصيات تثرثر كثيرا .. لكنها لا تحرك الأحداث .. مجرد حدثين أو ثلاثة لا اكثر .. بالنسبة لي لا أراها محورية ..
    في أمير الخواتم – رواية ضخمة متعددة الشخصيات – سنجد أن فرودو , سميجل, جاندالف , أراجون , جيميلي , ليجولاس , سام , الإنتس , سارومان , سورون , مستشار جوندو .. كل هذه الشخصيات و ربما أكثر لا تسعفني ذاكرتي حاليا على تذكرها موجودة .. في رأيي كل شخصية تعتبر محورية .. فكل أثرت في مسار الرواية ككل أو في أحداث رئيسية فيها .. البعض منكم سيرى إقحام بعض الشخصيات ليس صحيحا و عدم ذكر شخصيات أخرى خاطئا .. على كلٍ لن نختلف على كون فرودو و أراجون و جيميلي و ليجولاس و سميجل و سام من الشخصيات الرئيسية حقا .. فهم أساس الرواية بحق .. أما البقية فربما نختلف عليهم ..
    ما أهمية أن ندرك أن الشخصية تلك شخصية رئيسية ككاتب ؟
    ببساطة الشخصية الرئيسية تحتاج لبناء شخصية متكامل في نظري الشخصي .. مهما كان نوع الرواية .. و مهما كانت متطلباتها .. لا أتخيل أن أتحرك في رحلة دون معرفة صديقي فيها جيدا .. فكيف أكتب رواية دون أن أعرف شخصياتها الرئيسية جيدا ؟
    بالنسبة لسورون فهو حالة خاصة أحببت الإشارة إليها .. قمت ببناء نظرتي للشخصية الرئيسية على شخصيات كسورون .. فسورون – كشخصية – لم يظهر سوى مرة واحدة فقط حين قابل أراجون و جيميلي و ليجولاس و جاندالف عند الأبواب السوداء .. حينها تجسد في صورة بشر و قابلهم .. وهي المرة الوحيدة التي ظهر فيها .. لكن لو لم يظهر هل كان يفرق ؟ أشك !
    طوال أحداث الرواية نسمع عن هذا الشرير .. حين يتم ذكر اسمه الذكريات المرعبة تتوالى على العقول .. الخوف تسرب من الشخصيات الموجودة فعلا لعقول القراء ليتجسد داخلهم شخصية سورون .. كلنا عرفنا سورون دون أن نراه .. و لهذا فهي شخصية محورية على الرغم من عدم ظهور شخصيته سوى بمشهد واحد فقط !
    في هاري بوتر نجد الحال نفسه في لورد فولدمورت .. نفس الخوف .. نفس الهمس .. نفس الحديث عنه .. الشخصية تشكلت قبل ظهور لورد فولدمورت بكثير .. وحتى ظهوره المتقطع في نهاية الأجزاء الأربعة الأولى لم يكن ليعبر عن شخصيته أو عن كونه شخصية محورية .. لكنه شخصية محورية في الأجزاء الأربعة الأولى .. فهو من يحرك الأحداث و يتلاعب بالشخصيات و يتسبب في انهيار النظام و الأمان .. أي أنه أثر في سير الرواية بالفعل ..
    البعض يقول : ربما تكون الشخصية محورية فور استخدامها كقاص في الرواية !
    فمثلا .. في واحة الغروب .. نجد الشيخ يحيى قد يصبح شخصية رئيسية لأنه قام بسرد فصل من الرواية ..

    المشاعر في الشخصيات و كيف تزيد من التأثير في نفس قارئك :
    حسنا .. هنا سأتحدث – ربما يظنني البعض قاسيا – عن المشاعر التي تربط الشخصيات بالقراء .. ككتاب نحن نبني الشخصية .. نحضرها .. نفكر في كافة جوانبها .. ثم نكتبها في الرواية .. و نضع كل تفكيرنا و آمالنا على أنها تعجب القراء .. يرتبطون بها .. هناك عدة طرق لذلك .. من بينها المشاعر ..
    ربما تجعل القراء يدمون من مجرد قراءة روايتك .. ذلك بالضغط على عنصر الألم ..
    الألم عنصر مهم و فعال و أداة جيدة من أدوات الكتاب حين يرغبون في التأثير على القراء ..
    متى انتهيت من تصميم شخصيتك .. فكر في الجوانب السلبية فيها و نقاط ضعفها و اضرب عليها بقوة .. اجعلها تتألم .. اجعلها تعاني .. الألم عنصر مهم للغاية .. لكن له محاذير ..
    ما زاد عن حده انقلب إلى ضده .. فلا تكرر المعاناة .. ولا تجعل شخصياتك دوما يعانون .. كما أقول .. افعل ما هو ضروري لروايتك . لا أكثر .. ولا أقل ..
    كي يتخيل شخص أي شيء يجب أن يكون هذا الشيء في حدود إمكانياته .. فلا تطلب من شخص لم يعاصر الموت أن يتخيل آلام الموت .. سيتخيلها نعم لكن ليس بمثل الكفاءة التي تتوقعها منه .. حينما يشعر القراء أن الآلام التي يعانيها شخص غير منطقية أو لا يمكن توقعها على الإطلاق في الحياة .. حينها لن يندمجوا معك في الرواية قط ..
    لا تخطئ الظن و تنظر للألم نظرة من جانب واحد .. الألم ليس ألم جسدي بحت .. بل الأعمق و الأكثر تأثيرا هو الألم المعنوي .. حتى و إن تعرضت شخصيتك لألم جسدي عليك أن تحاول تحويله لألم معنوي .. الآلام النفسية أكثر تأثيرا و عمقا من الجسدية ..
    فتأثير حادثة سيارة ضربت الشخصية في الرواية على القارئ لن يكون مثل تأثير فقدان الشخص لوظيفته و زوجته و شعوره بأنه مسئول عن تشتت أولاده و بيته و تدمير حياته لأنه لم ينتبه فقط لسيارة مسرعة تأتي في الطريق المخالف !
    أنت كقارئ حين تفتح رواية .. ما الذي يحرك مشاعرك حينها ؟ القراءة ليست عملية ساكنة و هادئة .. القراءة تصاحبها عملية ديناميكية في عقول القراء .. يتخيلون ما يقرؤونه .. ينفعلون مع الشخصيات .. وربما يبكون ! هذا لن يحدث بمجرد الوصف عن الآلام الجسدية .. تعمق و تعمق و تعمق .. انظر تحت الآلام و مستواها .. لا تفكر في آلام كسر الساق .. إنما فكر في تأثير ذلك على حياته .. التبعات .. ما نتيجة ذلك .. هل سيخسر شيء في حياته ؟ ما هو ؟ هل لديه نقطة ضعف ستبدو هنا ؟ ما هي ؟ اضرب عليها بقسوة ..
    في أحد الروايات التي تذهلني شخصيا رواية البؤساء .. كم أعشق جان فالجان .. كم شعرت بالتمزق وهو يتمزق .. بالضياع حين يضيع .. بالبكاء حين يحزن .. البؤساء رواية مأساوية تستحق عن جدارة أن أعشقها في رأيي رغم قرائتي لها منذ زمن بعيد لكنها لا تزال في الذاكرة .. ربما أكون سوداويا .. لكن الكتاب كذلك !

    التضحية :
    لا شيء في هذه الحياة يأتي مجانيا ! هذه حقيقة .. هذا هو الواقع .. وهكذا يحدث في الرواية ..
    حين يكون الأبطال مقدمين على شيء هام يتعرضون لتضحية .. التضحية كلمة لها معان متنوعة .. ربما يضحون بشيء غالي عليهم .. ربما يكون هذا هو التعريف الموجود في عقلك حين قرأت كلماتي .. لكني لم أعني ذلك .. ما عنيته هو تضحية الفرد بالتقوقع داخل الألم حتى يحمي غيره من ذاك الألم .. التضحية بالتعرض للخطر في سبيل الغير .. التضحية المصحوبة بالمشاعر الفياضة هي التي أتحدث عنها ..
    في روايتي حدث هذا الموقف .. ساكورا .. البطلة التي تحب رانمارو .. وجدت نفسها ببساطة عائقا أمام تقدمه.. كلما ساروا خطوة كانت تسبب له المشاكل .. كثيرا ما شاهدته يتألم .. كثيرا ما جرح أمام عينيها .. حتى جاء وقت و كاد يضحي بحياته جديا في سبيل إنقاذها .. تفكر .. تتأمل الموقف جيدا .. ثم تقرر الرحيل !
    ضحت بوجودها معه و اختارت الحياة وحيدة في ألم و معاناة في سبيل أن تحميه .. هو كذلك سيعاني .. في نظري كي تكون ماهرا عليك أن تتقن التعبير عن تلك المواقف الصعبة .. فعليك أن تفكر كيف ستبرز معاناة البطل .. وفي الوقت نفسه لا تبالغ فيها لأنك حين تبرز معاناة البطلة ستكون أكثر بكثير من معاناة البطل ..
    التضحية تلك هي التي أعنيها .. حين تجد الشخصية نفسها في موقف يهدد من يحبها بالضرر .. و لكي تريحه قليلا عليها أن تعاني هي .. حينها حين تختار أن تعاني .. حينها فقط ستكون التضحية ذات معنى و التأثير قوي للغاية ..
    منذ قليل انتهيت من الفصل الأربعمائة من مانجا ناروتو .. كم أعشق كيشي .. ليس لأنه قام – في نظري – بعمل ثاني أكثر عالم متكامل رأيته بعد تولكين .. و ليس لأنه عبقري في أمور كثيرة .. لكن لأنه يلعب على أوتار المشاعر الإنسانية بإحترافية بالغة .. في هذا الفصل يبرز لنا كيف ضحى إيتاتشي بنفسه في سبيل الدفاع عن قريته .. كيف وجد البطل نفسه محاصرا بين نارين و عليه أن يختار ما بينهما .. فاختار أشدهما لهيبا و حرارة .. ليس من حبه في العذاب .. لكن لحبه في أخيه .. و رغبته في حمايته من الأخطار .. حتى أنه وصل به الحال لتشويه صورته الشخصية في عيني أخيه حتى يصل إلى تلك المرتبة .. رائع كيشي .. يعرف أدواته جيدا .. و يعرف متى يضغط على القارئ و متى لا يفعل ..
    كذلك سنيب .. سنيب يعتبر في موقف المضحي في سبيل الحق .. ضحى بنظرة العالم السحري له ليكون عينا لدمبلدور .. بل ضحى بكل شيء و لم يخبر أحد بالحقيقة حتى مات .. حتى آخر لحظة ظل مضحيا بنفسه .. ظل بطلا مجهولا حتى و إن بدا غير ذلك طوال سبعة أجزاء كاملة تقريبا عدا عدة صفحات في نهاية السابع !
    في رأيي .. لا أحد يكتب العناصر تلك بصورة منفصلة .. كل شيء يتكاتف داخل نفس القارئ سواء لا إراديا أو إراديا .. لينتج لنا صورة نهائية .. عن نفسي أرى أن المزج بين الألم و التضحية شيء رئيسي في كل شخصية .. عن نفسي أجد أنه كلما كانت الشخصية سيئة ووجدنا لها تبريرا كالتضحية مثلا كلما كانت ذات تأثير أقوى و أعمق .. وليس كل ما يسري علي يسري على غيري بالتأكيد ..

    التعرض للخطر :
    ربما يعتبره البعض من سمات الشخصية .. و أنا لا أدري كيف – كما فعل أورسون – و ربما أعتبره أنا أحد الطرق المتاحة للكاتب كي يبرر .. يقوي .. يدفع القارئ نحو أعماق أعماق روايته من جهة و نحو أعماق الفكر و المشاعر من جهة أخرى ..
    أتفق أنه كلما كانت الشخصية ضعيفة و كلما كان الخطر أقوى كلما كان تفاعل القارئ أسرع و أعمق .. لهذا الأطفال أداة لا مثيل لها .. قد يضحي شعب بأكمله في سبيل حياة رغدة لأطفاله .. قد يتخلى قائد ماهر عن مكانته التي وصل إليها بشق الأنفس في سبيل حماية طفله .. و ربما تلعب على طفله و مشاعره التي نبتت لديه أن والده قد أخطأ و أن و أن و بعدها توضح كم كان هو مخطئ .. التعقيد هنا سيكون جيدا بالطبع .. بتضارب المشاعر التي كانت نتيجة تفكير سابق خاطئ مع المشاعر الموجودة نتيجة تفكير حالي صحيح بعد معرفة الطفل للحقيقة .. حينها سيكون الأمر جيدا في نظري ..
    وربما مشهد مقتل طفل البطلة أمام عينيها دون أن يساعدها أحد في حمايته من الواقفين حول المشهد متفرجين من أبناء المجتمع دافعا لا مثيل له لتعديل تفكير الشخصية اليوتوبية لتصبح كارهة للمجتمع و محبة للانتقام و الفساد ..
    الأكبر من الشعور بالتعرض للخطر هو التعرض للخطر دفاعا عن شخص أو شيء ما و لكن لا تنجح .. ربما لعدة أسباب تلعب عليها ككاتب فيما بعد .. لكن الأهم أن الشعور بالذنب حينها سيكون رائعا كأداة يجب استثمارها بلا أي تردد ..
    الدافع .. قوة لا يستهان بها حين الكتابة بجعل دافعك قوي .. سأتحدث عن الدافع فيما بعد ربما .. لكن ما أود قوله ها هنا أن فعل الخطأ في سبيل حماية ما نحب – تحت وطأة التهديد – هو موضع دوافع كثيرة و قوية .. كذلك موطن تفكير عميق من القارئ .. على كل حال أتمنى أن تفكر جيدا في هذه النقطة فهي مهمة للغاية ..
    لهذا أريدك أن تنتبه جيدا لهذه النقطة .. كي تكتب عن المعاناة يجب ان تعلم أنك يجب أن تضع القارئ تحت وطأة الضغط أولا .. سواء بناء الضغط بجعله يدرك ما أهمية الطفل مثلا لأبيه .. ما أهمية تلك القارورة التي تخرج منها جنية يتحدث معها الطفل .. يتحدث معها أي شخصية بالرواية .. أهمية السجادة التي كلما رأتها منى تذكرت والدها الرحيل الذي لا تذكره سوى بالذكريات الرائعة في حياتها و لا رائع في حياتها سواها .. هكذا أعتبره بناء لما سيأتي لاحقا .. أنت تعد قارئك نفسيا لمدى أهمية الشيء الذي ستفقده الشخصية فيما بعد .. و ربما تجعل الشخصية تدوخ بحثا عن الشيء الذي فقدته – كما في مثالي السابق زاك و بحثه عما ضاع منه – و حينها سيبحث القارئ مع الشخصية في نهم و قلق .. و خلال البحث تقوم بتوضيح مدى أهمية ما يبحث عنه الشخصية تدريجيا للقارئ .. حتى يدرك ما يعنيه هذا الفقيد .. بعدها و حين تشعر أنك قدمت لهذا الموقف جيدا عليك بصدمه .. الصدمة هي الموقف .. كلما وضحت أن الشخصية لا حول لها ولا قوة .. و كلما وضحت أن الشخصية تحاول بكل طاقة لها .. و كلما وضحت أن الشخصية تنجح حقا في الاقتراب مما فقدته قبل أن يموت أو يتحطم .. كلما وضعت قارئك على حافة آتون مشتعل .. لكن .. لا تجعل القارئ يصل لاستنتاج حتمي : لن تنجح الشخصية قط في إنقاذ ما تريد إنقاذه ! حينها ستفقد كل ما فعلته .. لا .. لا تجعله يدرك هذا إلا بعد فوات الأوان .. كلما شعرت أن القارئ سيقترب من تلك الحقيقة اجعل الشخصية تنجح في الافلات من فخ ما .. اجعل الرباط المعقود خلف ذراعيها و الذي تحكه في القضيب المعدني الحاد مصيبة نفسها بجروح عدة يقترب من الرحيل عن معصميها .. اجعل القارئ يعيش لحظات الأمل ثم اليأس ثم الأمل ثم اليأس بتوازن .. حتى يصل إلى لحظة الإنقاذ الأخيرة الذي تفقد فيه الشخصية ربما ما تملكه و ربما لا .. عن نفسي ربما يتطلب المشهد مني ان تفقد الشخصية ذلك .. و ربما لا .. لكن هل بعدما تصل إلى هنا تكون انتهيت ؟
    لا .. لديك أهم مرحلة على الإطلاق .. أنت بنيت مشهدا رائعا .. تسببت في تأثير عميق داخل شخصيتك .. لا تقف و تكمل الرواية فقط بتوضيح ما حدث للشخصية .. لا .. استنفذ بعض الوقت هنا في توضيح معاناة الشخصية .. مشاعرها .. وضح كل شيء هنا بصورة لم توضحها من قبل .. لا تترك المشهد و ترحل .. بل ظل في مكانك تصف قليلا من المشاعر و المواقف حتى تجعل قارئك ربما يبكي أو يصرخ فرحا على حسب ما توصلت إليه في نهاية المشهد ..
    و بالتأكيد لو كان تأثير هذا المشهد مرتبطا بشخصيات أكثر كلما كانت لديك المساحة لتؤثر أكثر و أكثر ..
    نقطة أخرى مهمة .. لا تجعل تعرض شخصياتك للخطر تطوعيا ..
    سأضرب لك مثالين .. أحدهما بتولكين و الآخر برانمارو ..
    في أمير الخواتم .. حرص تولكين ألا يجعل فرودو يتطوع لتحمل مشقة الخاتم .. في البداية على الإطلاق قد وصله الخاتم كإرث من الهوبيت بيلبو باجينز .. بعد ذلك جاءت مهمة إيصاله لريفنديل .. بعدها جاء الاجتماع و خلاله لم يتطوع أحد لينفذ المهمة بتدميره .. فصار واضحا أن فرودو عليه أن يقوم بذلك ..
    في روايتي الجزء الثالث .. على سارة و بينيتو و من معهما من الرفاق أن يبحثوا عن شيفرة المناطق الإسطورية .. الشيفرة موجودة مخبأة في مكان ما في بحر الكويو .. هذا البحر السري ذو الإشاعات المخيفة عنه .. من يعبره لا يعود مطلقا إن عاد و وطأت قدميه أرض البيتويو مجددا فسيتم تنشيط لعنة عليه ليموت فورا ! هنا مخاطرة .. هنا أمر مهم .. وسط هذا كله جاء قوم لمساعدتهما للبحث عن الشيفرة .. لكن القوم أولئك طلبوا مساعدة أخرى .. هنا صار الأمر إجباريا .. لأن الشيفرة مهمة .. ولأن المهمة مصيرية .. و لأن الأمر تبادلي .. فكان على سارة و بينيتو أن يساعدا قوم الرابستين في تحريرهم من عذابهم حتى و إن ضحوا ببعض أعضائهم في سبيل ذلك ..
    تخيل معي الموقف بالعكس .. ماذا ستشعر إن كان هذا كله تطوعيا ؟!
    ببساطة ستسأل نفسك : ولماذا يتكبدون عناء هذا كله إذن ؟!
    في لحظة تتحول الشفقة و الحزن داخلك لشعور بالدهشة .. ربما تتفاعل معهم و مع عذاباتهم فيما بعد لكن لن يكون في مستوى شعورك حين تعلم أن هذا كله كان إجباريا .. لن يختار أحد أن يتعذب حتى لو كان في سبيل الحق .. لماذا لا تجعل عذابه اجباريا و هو يدافع حتى عن الحق و المبادئ الجيدة ؟ لماذا تجعله يتطوع ؟ ربما تفكر في أمر أخلاقي من وراء ذلك .. فلماذا إذن لا تجعله أمام خيارين للدفاع عن الحق , و يختار أكثرهما خطرا لتحقيق أكثرهما عدالة فيكون أكثر تأثيرا على سبيل المثال بالطبع كما حدث مع إيتاتشي في ناروتو .. في النهاية هي مجرد آراء شخصية ..

    موت الشخصيات بالرواية :
    بالتأكيد من أحد المواضيع المهمة – و المعقدة كذلك – هي موت أي شخصية بالرواية
    لا توجد شخصية وُلدت من قبل الكاتب بغرض أنها تموت
    ولا توجد شخصية وُلدت من قبل الكاتب و لن تموت
    كل الشخصيات تموت بانتهاء الرواية .. سواء موت فعلي أمام أعين قرائك أم موت معنوي لك ككاتب حين تغلق صفحة الرواية للأبد ..
    دعنا من تأثير انتهاء الرواية عليك – و الذي ربما أتحدث عنه لاحقا – و لنتحدث عن تأثير مقتل الشخصيات على القراء ..
    ما رأيك بما تشعر به حيال موت شخص تحبه ؟ صديق لك مثلا ؟ شخص مقرب من العائلة مثلا ؟ شعور سيء .. أليس كذلك ؟!
    موت أحد الشخصيات المفضلة لدى القارئ كذلك .. حين تصبح الشخصية مفضلة لدى أي قاري فهي تصبح قريبة منه فعلا .. هو يقرأ الرواية محاولا تتبع مسار تلك الشخصية .. هل ظهرت ؟ هل اختفت ؟ لماذا لا تظهر في الأحداث ؟ حين تظهر يكون سعيدا بظهورها .. حين تتألم يتألم أكثر من أي قارئ آخر بألمها .. قد يغضب لغضبها .. قد يبتسم لسعادتها .. باختصار القارئ حين يُعجب بشخصية فهو يرى نفسه من خلالها .. فهو يجعلها شخص من العائلة !
    ماذا يحدث إن فقدت شخصا عزيز عليك ؟
    ستحزن و ستغضب ! لو وجدت سببا لتلقي عليه اللوم ستفعل حتى تقلل من حنقك ! هذا هو الواقع .. و هذا ما يحدث في الرواية ..
    حين يفاجأ قارئك بأنك قد قتلت شخصيته المفضلة .. صدمته لن تكون لها مثيل .. وله الحق و أعذره .. و إن كان في الحياة نبحث عن سبب لإلقاء الاتهام على ما حدث فنحن هنا سنجد السبب واضحا .. الكاتب و الرواية !
    ربما يبتعد القارئ عن روايتك .. وربما يزداد تعلقا بها .. فهل هناك ما يحدد ذلك ؟
    في نظري نعم !
    ببساطة شيء واحد يجعل قارئك يتابع الرواية و هو يشعر بنوع من الغبطة من موت شخصيته المفضلة .. أنك تقتله بصورة مشرفة !
    سأعطيك أمثلة على هذا كي تفهمني أكثر ..
    في هاري بوتر .. ما رأيك بمشهد موت سيرياس ؟ بمشهد موت دمبلدور ؟ وما رأيك إذن بمشهد موت تونكس و لوبين ماد آي ؟ بمن ماتوا جميعا في معركة النهاية بهوجوورتس ؟
    في ناروتو .. ما رأيك بموت الرابع ؟ بموت جيرايا ؟ بموت إيتاتشي ؟ وما رأيك بموت أوروتشيمارو ؟
    في رانمارو ما رأيك بموت دايسكي ؟
    ما أريد قوله ببساطة شديدة للغاية .. إن قتلت الشخصية في مشهد مؤثر و بطولي .. سيغلب التأثير قارئك و سيكون معجبا و بشدة من هذه الميتة البطولية و المؤثرة .. سيجد في هذا بعض العزاء من اختفاء شخصيته للأبد .. لكن إن شعر أنك قمت بقتل شخصيته كمن يقتل بعوضة وهو سائر في الطريق .. حينها و حينها فقط قد تخسره حقا !
    لن أحلل الأمثلة التي جئت بها لأنها كثيرة من جهة و من جهة أخرى معروفة للجميع معظم تلك المشاهد بالتأكيد ..
    لكن هل هذا كل شيء ؟
    ككاتب من السهل أن تبني مشهد .. لكن من الصعب أن تبني مشاهد تعتمد على نتائج هذا المشهد و توضحه ..
    في رأيي أكثر المناطق صعوبة هي تعاملك ككاتب باحترافية مع نتائج موت الشخصية .. فالشخصية تلك ليست مجرد اسما .. هي شخصية .. لنعد للواقع مجددا .. حين يموت شخصا .. استدر حولك و شاهد كم شخص يتألم ؟ لو تابعت حياة كل من تعلق بتلك الشخصية ستجد أن هناك من تأثر برحيلها و من لم يتأثر .. و من تأثر برحيلها هناك السعيد و الحزين .. و الحزين هناك من تمادى في دوامة اليأس و تخبط في طرق الحياة و هناك من تحولت حياته جذريا .. و من الحزين هناك من ذرف دموعا غزيرة حين رحل و هناك من تمالك نفسه أمام الجميع و انهار وهو بمفرده .. و الحزين الذي ذرف الدمع ينظر للذي لم تدمع عيناه نظرات لائمة .. قد تتغير علاقات .. تتهدم علاقات .. تُبنى علاقات جديدة .. قد يعرف الصديق صديقه الصدوق .. وقد ينصدم الفرد بأقرب الأقرباء من دمه .. هناك أحداث تحدث بعد رحيل شخص .. مثل البحث عن التركة .. مشاكل الورثة .. مثل زيارة الميت كل فترة .. مثل الصمت في المنزل .. غلق الحجرة التي كان يجلس فيها دوما .. عدم المساس بأشيائه الخاصة .. و هكذا .. ألا يحدث هذا في الواقع و أكثر ؟ هذا ما يحدث كذلك في الرواية و أكثر ..
    لو فكرت هكذا و تعمقت قليلا ستجد أمورا كثيرة صعب التعامل معها .. فحين تقرر موت شخصية ما .. حينها فقط ستجد أن الموت هذا له نتائج .. إن لن تجيد التعامل مع النتائج .. فلتجد مخرجا آخر من مأزقك هذا خلاف قتل الشخصية !
    حين يجد قارئك أن هناك من الشخصيات ما يشاطره الأحزان .. هناك ردود فعل من البعض نحو ما حدث .. حينها سيقل شعوره بالصدمة .. و سيمتص الأمر بصورة أسرع .. لكن لتعلم أن الشخصيات التي ستفرح لرحيل تلك الشخصية في روايتك سيغضب منها هذا القارئ و بشدة .. كم كان القراء يكرهون سنيب فيما مضى لما كان يفعله بهاري .. و لكن لا يقاس هذا بكم الكراهية التي تولدت فور مقتل دمبلدور على يده !
    كم كره القراء مساعدة فولدمورت الأثيرة بيلاتريكس .. لكن لا يقدر هذا بكم الكراهية التي انصبت عليها حين قتلت سيرياس ..
    مقتل سيرياس كان صدمة لي .. كان من الشخصيات التي أحببتها .. موته لم أتوقعه قط .. في وسط قمة العلاقة اختفى .. الصدمة كانت قوية للغاية .. لو نظرنا لتعامل رولنج في الجزء الخامس مع نتائج الموت أعتبره تعامل مثالي للغاية حقا .. حزن الثلاثة على رحيله .. صدمة هاري و طريقة نظرته للحياة .. تغير نظرته للبعض .. كرهه الذي زاد لسنيب .. حقا كانت رائعة هنا .. مع النظر لأن شخصية سيرياس لم تكن في حاجة للاختفاء .. سندرك أن رولنج قصدت هذا لشيء ما في داخلها .. ربما لتحقيق الأثر المطلوب .. أو ربما لتنهي الجزء نهاية قوية .. من يدري ..
    ولهذا أتسائل : لماذا نقتل الشخصيات من الأساس ؟
    أعتقد أن هناك أمورا لا أعلمها وراء ذلك .. لكن في نظري هناك من يعتقد أن قتل الشخصيات أمر واجب لأنه يحدث في الحياة .. و هناك من لا يحبون قتل الشخصيات .. عن نفسي كنت أعتقد أنني لن أقتل أحدا في روايتي .. سأمرر الشخصيات عبر الرواية بلا أي خسائر بقدر استطاعتي كما فعل تولكين .. لكني فشلت !
    حين تكتب حاول أن تجعل موقفك أكثر تأثيرا و منطقية وواقعية .. هكذا أتبع في الكتابة .. لهذا سيجيء مشهد كبير .. مصيري .. فيه شعبين يتصارعان في معركة ضخمة .. و على بطلي أن يوقف تلك المعركة .. صديقين حميمين – كما كان الشعبان قديما – يتصارعان .. لكن يحدث شيء و عليهما أن يتدخلا لوقف النزاع فورا لإدراكهما كل شيء .. الحقيقة الخفية .. لهذا فكرت فورا بضرورة مقتل شخصية منهما .. المنطق يقول ذلك .. لا يمكن فعل شيء ضخم هكذا دون تضحية .. دون خسائر .. هنا يجب قتل الشخصية .. ومن هنا فكرت في هذا السؤال الذي كتبت هذه المقالة تحته .. فكرت في كيفية تعاملي مع النتائج .. كيف يفكر القارئ نحو شخصيته المفضلة حين تموت ..
    أحيانا نقتل الشخصية لأن الحبكة تريد ذلك ..
    أحيانا نقتل الشخصية لأن الموقف يتطلب ذلك ..
    أحيانا نقتل الشخصية لأنها صارت مملة و مسببة للمتاعب !
    كيف ؟
    ببساطة تخيل أن لديك شخصية في قافلة الأبطال .. موجودة لأداء دور معين .. فجأة انتهى دورها .. انتهت المهمة الموكلة لها .. في الوقت نفسه عليك أن تقوم بمتابعة سير الأبطال في الرواية .. المشكلة أن الشخصية تلك معهم .. كيف تزيحها من الطريق ؟
    هناك عدة طرق منها قتلها .. مشهد صراع أو معركة تموت الشخصية فيها و انتهى الأمر !
    عن نفسي لا أحب ذلك .. لكن البعض من الكتاب يفكر هكذا و يكتب هكذا .. لهذا هي إحدى الأسباب لقتل شخصية برواية .

    تعددية الشخصيات أم الشخصية الواحدة ؟
    سؤال بسيط .. هل تحب أن تكون روايتك تدور حول شخصية واحدة فقط أم على شخصيات عدة ؟
    ما أعنيه بالقطع ليس أن تحتوي الرواية على شخصية واحدة .. ما أعنيه هو أن الذي يستجيب لما يحدث بالرواية هي شخصية واحدة .. بكل مشهد الشخصية (س) هي نفسها من تسمع .. من تستفسر .. من تطرح الأسئلة .. بل و تجيبها بعد فترة تفكير بسيطة .. من تتحرك لفعل المشاكل .. و من تتحرك أيضا لحلها .. الشخصية الكلية المحورية تلك هل تحب أن تكتب روايتك هكذا أم لا ؟
    هذا رأي شخصي .. عن نفسي أكره البطل المطلق ! الرواية كالحياة الواقعية .. لا يوجد وجود للبطل المطلق .. كذلك لا وجود للشخصية المطلقة .. كل شخصية لها عناصر قوة و عناصر ضعف .. لها مميزات و لها عيوب .. كل شخصية يجب أن يكون لها منطقتها الخاصة .. توزيع البطولة على شخصيات عديدة له من المميزات الكثير و الكثير .. لكن هذا لا يعني أن الكتابة بشخصية واحدة خاطئ .. فقط لا أرتاح لهذا النوع من الكتابة..

    الكتابة بشخصيات متعددة ..
    حسنا .. لصعوبة الأمر قررت الحديث عنه قليلا .. كيف يكون صعبا ؟
    حين تكتب رواية .. أنت عادة ما تحدد خيارات كل شخصية بصورة غير شعورية .. لكل شخصية منطقتها التي تتطور فيها .. لكن حين تسمح لشخصيات معينة بأن تكون القائدة .. البادرة بتطوير المواقف و المشاهد .. حينها يجب أن تعلم أن الشخصية تلك صارت ذات كيان خاص بها مستقل .. لها تفكيرها الذي يطورها يوميا .. بل لحظيا .. و عليك أن تتابع هذا التطور جيدا .. الشخصية التي تكون هكذا تصبح ذات ثقل على الكاتب .. بالطبع على عقله .. فحين تكتب و عقلك مقسم بين ثلاث شخصيات خلاف ما تكتب و أنت تركز في شخصية واحدة خلاف ما تكتب و عقلك موزع على عشر شخصيات .. الفكرة كلها تكمن في أن لكل شخصية نمطها في الحديث .. طريقة كلام معينة .. حتى طريقة تكوين العبارات ربما تكون مميزة .. لها طريقة في التعامل .. لها طريقة في التحرك بالمشهد .. حينها ستشعر أن الشخصية صارت حملا عليك .. المشكلة أنك من يصنع هذا الحمل بنفسك ..
    الحل بسيط .. اصنع لكل شخصية صفحتها الخاصة .. و بالطبع لكل شخصية صفحة كذلك .. لكن في تلك الصفحة لا تكتفي بذكر سمات الشخصية .. بل قم بكتابة كلمات عامة تصف فيها ردود أفعال الشخصية تجاه مواقف معينة .. اكتب قليلا حتى تشعر أن نمط الشخصية و طريقة تفكيرها موجود بالورقة أمامك .. حينها أنت لن تقلق مجددا من نسيان طريقة حديث شخصية .. أو طغيان شخصية على شخصية .. أو تنسى وجود شخصية ربما – كما حدث معي – في أحد المشاهد .. يكفي شعورك بالأمان مساندا لك هنا ..
    بالطبع تعددية الشخصيات تستلزم توزيع المعلومات على كل منها .. فكل شخصية لن تقف في المشهد بدون أن تقول شيئا .. تعليق .. توضيح .. استفسار .. هي هنا تلعب دور إضافة الحياة على المشهد .. و دمج القارئ في المشاهد بسرعة , و من ناحية أخرى في المشاهد التي تتطلب سرد معلومات ضخمة يصبح وجود هذه الشخصيات عاملا رائعا لتجنب الملل ..

    -أسماء الشخصيات :
    لماذا نفكر في أسماء الشخصيات ؟
    ربما يظن البعض أن الأمر مضحك ! الشخصية نفكر في اسمها قبل حتى أن نفكر بالشخصية .. حقيقة و عن نفسي لم أكون شخصية قط بداية من اسمها .. بل كان يأتي إما في المنتصف أو في نهاية التكوين .. لم أفهم حتى الآن لماذا أفعل ذلك .. لكن يبدو أنني لست بمفردي هنا .. عن أورسون أن صديق له لا يطلق الأسماء مطلقا على الشخصيات طوال كتابته للرواية حتى ينتهي منها .. و هو خلال ذلك يتعرف على الشخصيات و يتقرب منها .. حينها يسمي الشخصيات بمسميات رمزية مثل ( أأأ – ببب ) مثلا .. و حين ينتهي من الرواية أو حين يشعر أنه قد عرف الشخصية جيدا يحدد اسم الشخصية و يقوم باستبدال الرموز تلك .. الفكرة ليست في رأسي ولا أعرف حقيقة الهدف من وراء ذلك .. لكن هكذا أكتب .. وهكذا يكتب غيري .. و لهذا اختيار الأسماء مرحلة صعبة .. و مهمة ..
    لماذا مهمة ؟ ولماذا صعبة ؟
    مهمة لأننا و ببساطة نقرر اسم الشخصية .. الاسم الذي سيظل عالقا في عقل القارئ إلى الأبد .. هناك الكثير من النظريات في أسماء الشخصيات .. فالبعض يرى أن الأسماء السهلة لا تصلح للشر .. فمثلا آيوين في أمير الخواتم اسم رقيق و ملائكي يصلح لسيدة رقيقة و هادئة .. اسم كسورون قوي يصلح للشر و إن كنت لم أحب الاسم البسيط له .. في هاري بوتر نجد فولدمورت اسم صعب و قوي و له صوت رنان .. تلك الأسماء ليست بالسهولة بمكان .. لها طرق للحصول عليها .. و يجب أن يقرر الكاتب انتقائه للاسم بعد عدة تجارب طويلة .. حتى يكون قد منح الشخصية الفصة لإيجاد اسمها بنفسها .. ولهذا فالعملية صعبة ..
    سمعت أن البعض من الأصدقاء لي قد كرهوا عدة روايات لأن أسماء الشخصيات الرئيسية لم يعجبهم .. لا أعرف إن كنتم مثلهم أم لا .. عن نفسي لا أكترث كثيرا لاسم الشخصية .. لكن إن كان هناك قراء هكذا فيجب أن نحذرهم جيدا ..

    ما هي أحوال أسماء الشخصيات ؟
    أي اسم لأي شخص يتكون من الاسم الأول .. الاسم الأخير .. وهما ما نهتم به هنا ..
    قد يكون الاسم الأول من الأساس مخصصا لدول و مناطق معينة .. مثلا الأسماء العربية معروفة .. الأسماء اليابنية معروفة .. الأسماء الفرنسية لها نكهتها الخاصة .. الأسماء الإنجليزية – سواء كانت أوربية أو أمريكية – معروفة نوعا .. أسماء لاتينية لها رنينها الخاص .. وضعك لاسم معين لشخصيتك يجلب عليها في رأس قرائك كافة ما يحملونه من معلومات و مشاعر نحو المكان الذي يربطون اسم الشخصية به ..
    لو كان القارئ يكره اليابانيين فسيكره بطلك الياباني أو يحمل داخله شعورا بالضغينة وعدم الراحة .. ربما يكون اليايانيين محط إعجاب له فستصبح الشخصية مثالا للإعجاب و التقدير و محاولة القارئ لملاحظة كل حركة يقوم بها و ربما يحلل كل كلمة يقولها في محاولة لفهم الشخصية أكثر و أكثر ..
    ماذا عن الاسم الأخير ؟
    يقول أورسون عدة حالات .. مثلا حين تتزوج المرأة تأخذ اسم زوجها .. حين تطلق قد تبقي على الاسم و قد تعود لاسمها السابق .. لو احتفظت باسم زوجها فربما يضع هذا في عقول القراء أنها لا تزال تحبه أو تقدره .. الوضع يسير على الابن .. فلو تطلق الأبوان و تزوجت الوالدة و أخذت فترة حضانته .. هل سيحتفظ باسم والده الأصلي أم سيحمل اسم زوج والدته ؟ ام سيحمل اسم والدته ؟
    أتذكر أن الأمر هذا لعب عليه كيشي بصورة جميلة للغاية في مسلسل ناروتو .. فالبطل اسمه أوزوماكي ناروتو .. و والده هو الهوكيج الرابع .. لكنه لا يحمل اسمه .. طوال المسلسل الجميع يشك في أن الرابع والد ناروتو لكن لا يوجد دليل .. لأنه و ببساطة شديدة اسم الوالد يختلف عن اسم البطل ناروتو .. حينها تم وضع قائمة من النظريات و التفسيرات و التعارضات و النقاشات في المنتديات العاشقة لناروتو يحاولون بها تعليل هذا التحويل .. حتى أكده كيشي في فصل من المانجا بقوله صراحة أن ناروتو ابن الرابع و قد أخذ ناروتو اسم والدته لسبب غير معلوم حتى الآن .. و هذا فتح مجددا قائمة من النقاشات الجديدة .. و هكذا ..
    هل لاحظت مدى أهمية الاسم ؟
    في هاري بوتر .. استخدمت رولنج لعبة أخرى جيدة للغاية .. اسم لورد فولدمورت هو توم مارفولو ريدل .. قامت رولنج بتغيير حروف الاسم كاملا لينتج الاسم الجديد : لورد فولدمورت .. عن نفسي يمكنني تصور عشرات بل مئات و آلاف التجارب و المحاولات التي قامت بها رولنج في سبيل تغيير الحروف .. ثم قامت بمحاولات كثيرة لاستبعاد الغير مرغوب .. و ظلت تقلل من خياراتها حتى وصلت للنهاية .. لورد فولدمورت .. أو هكذا أعتقد أنها فعلت ذلك ..
    ربما يكون اسم الشخصية على اسم شخصية قديمة .. وهنا يتبادر لذهن القارئ : من هو ذاك الشخص ؟ وماذا قام به حتى يسمي والداك اسمك على اسمه ؟ هل سيؤثر ذلك في الأحداث ؟
    هذه الأسئلة – و ربما أكثر – يتناقلها العقل الباطن للقارئ .. لهذا يجب أن تكون – ككاتب – مستعدا لها .. لا تخبرني أنك فعلت ذلك للاشيء .. إذن لا تقم به رجاءا .. لا تفعل شيئا في روايتك لأنه – يفترض – به أن يتم فعله .. بل قم بما تتطلبه روايتك فقط ..
    قد يفكر البعض أنه يجب تشتيت تركيز القارئ عن الحبكة الأساسية عن طريق دفعه في حارات ضيقة جانبية تشتته مثل هذه الحارة .. فالقارئ حين يقرأ الاسم هكذا و يعلم أن هناك شخصية قديمة كانت هكذا فهو يندفع للتفكير المسبق أن الشخصية هذه لابد أن يكون لها دور في الأحداث .. يجب أن تكون مؤثرة .. هذا فهو يعطي انتباه أكبر لأي مقطع يتم ذك فيه اسم هذا الرجل .. أو أي مقطع يقول فيه : أوه .. يا له من اسم جميل حقا !
    حينها قد تضغط أكثر على قارئك بالقول : أتمنى أن تحقق مثل ما حققه اسمك من قبل !
    حينها سيتيقن قارئك بوجود شيء هام وراء ذلك .. هذه الأمور قد تكون مفيدة .. و في رأيي لا أحب استخدامها .. لأنني لا أحب لقارئي حين يعاود القراءة يقف عند تلك المنطقة و يقول : لقد خدعني مرة .. لكن ما فائدة تلك الحوارات إذن في الرواية ؟ ألم يجد طريقة أفضل من تلك لخداعي ؟ أبله !
    ومعه كل الحق في رأيي ..
    قد يكون الاسم مهم في بناء الشخصية .. تخيل معي طفل مولود باسم سيء .. كغبي مثلا ؟ أو طعمية مثلا ؟ أو جعران مثلا ؟ مع احترامي لصديق لي اسمه جعران بالطبع .. لكن اسم كهذا له تأثير على نفسية الشخصية .. التأثير قد يكون ناجم بالتأكيد عن سخرية الجميع من اسمه .. حينها ربما تبني الشخصية النفسية السيئة و العقدة النفسية تجاه المجتمع عامة و تجاه الأبوين خاصة – لأنهما من اختارا الاسم للشخصية بالتأكيد – و بالتالي قد يكون الاسم أكبر من مجرد اسم لشخصية .. بل صار جزءا من الحبكة و الدافع للأحداث .. أهمية أخرى للاسم ..

    كيف أختار الاسم ؟
    كما قلت من قبل .. كل شيء يعتمد على ذائقة الكاتب .. ربما تجلس محدقا للسماء لتجد اسما يهطل على ذاكرتك أمام عينيك .. ربما تقوم من نومك صباحا لتجد اسما بالتحديد يلتصق بالذاكرة ولا يرغب بالرحيل .. و حين تفكر قليلا ستجد أنه اسم مناسب للشخصية و أنه هناك – في ذاكرتك أعني – لهذا السبب .. بالطبع أتحدث عن تجربة شخصية لي هنا في روايتي رانمارو .. فاسم " رانمارو " ظل عالقا في رأسي طيلة سنة و يزيد دون أن أعرف ما فائدة وجوده هناك حتى جاءت الرواية و جاء وقت اختيار الاسم فبرز هذا العنيد ليحمل البطل اسم رانمارو ..
    هناك تقنية عدم جعل اسم الأبطال يبدؤون بنفس الحرف .. من المعروف أن محمد يشبه محمود .. لكن محمد لا يشبه قاسم .. الأسماء المختلفة سريعة الحفظ لدى القارئ و سهلة في جعله يفرق بين محمد و بين قاسم طوال أحداث الرواية ..
    عن نفسي اخترت أسماء روايتي اليابانية من موقع لأسماء الأطفال .. كنت أدخل على الموقع .. أدخل لقسم الذكور – لأبحث عن ذكر – ثم أقوم بانتقاء الحرف الذي يبدو رنينه مناسبا للشخصية .. تقريبا أغلب الشخصيات الكبرى لدي تحمل أسماءا لا تتشابه في بدايات أحرفها : رانمارو – ساكورا – تاكامي – ناجومي – هيكارو –جنتو – سارة – شاهيرو – هارونا ..
    نعم .. هناك هيكارو و هارونا .. وهناك شاهيرو الكبرى و الأخوات شاهيرو : شاهيروتا , شاهيرونا , شاهيروسا أبناء شاهيرو الأم .. هناك تشابهات جاءت فيما بعد في شخصياتي و السبب واضح .. لدي عدد مهول من الشخصيات حقا في الرواية !
    لكن أتحدث هنا عن الرواية العادية ذات العدد المحدود من الشخصيات .. بالمصري القارئ سيقول : يعني هي زنقت يعني تجيبلي اسمين قريبين من بعض ؟
    حقيقة لديه حق في اعتراضه .. رواية بعشرة شخصيات لا تجد في الدنيا كلها سوى عشرة أسماء متشابهة ؟ لماذا ؟ لا تقع في فخ الاستسهال في اختيار الأسماء رجاءا ..
    هناك طريقة أخرى و هي جعل اسم شخصية ذات مقطع واحد , و شخصية ذات عدة مقاطع .. لا أفهم في علم الصوتيات حتى أستطيع أن أخبركم بالأمر ها هنا .. لعل أحد ذو معرفة يساعدنا في هذا الأمر ..
    أخيرا اجعل لكل قاعدة شواذ .. لا توجد قاعدة مطلقة في الحياة .. لا تجعل كل الأبطال الخيرين باسم سهل النطق من مقطع أو مقطعين بحروف متحركة .. ولا تجعل دوما اسم الأشرار من مقاطع كثيرة و حروف غليظة و صعب النطق أحيانا .. اجعل هناك انحرافات دائمة في كافة اختياراتك .. تلك هي الحياة .. و هذا ما يحدث في الرواية كذلك ..
    هل تتذكر ماذا يكون حالك في بداية الرواية ؟ أنت و أي قارئ حين يمسكون أي رواية و يبدؤون في القراءة .. حينها سيجدون اسما لخصية و لتكن إسماعيل .. بعد عدة صفحات القارئ دوما حين يتم ذكر إسماعيل يتذكر ما قاله إسماعيل .. ما حدث له .. في البداية يكون الأمر ليس بمثل الكفاءة كما هو الوضع عليه في منتصف الرواية .. و ما يؤول إليه الوضع في نهاية الرواية .. ما أريد أن أقوله لك هنا أنه في بداية الرواية يكون القارئ جديد على الشخصية .. ليس مثلك .. لا يعرف أن إسماعيل هذا يناديه البعض باسم " نودي " لسبب لا يعلمه أحد , و في المنزل تناديه والدته باسم " طارق " لأنها أردات تسميته هكذا و لكن الوالد قرر تسميته إبراهيم .. وهكذا .. الأصدقاء يطلقون عليه لقبا .. زملاء المدرسة لقبا .. هو نفسه ينادي نفسه بلقب آخر .. حبيبته تنادية باسم مختلف – سواء لأنها لا تحب اسمه الأساسي أو تحب اسمه الجديد أو أنه رمز للحديث فيما بينهم دون أن يشعر أحد أن أمينة تحدث إبراهيم , و ليس ما أمامهم أن نانسي تحدث مودي ! – هذا كله و غير ذلك بكثير جيد .. لكن أن تواجه قارئك في أولى الصفحات للرواية بصدمات متتابعة .. حيث يدخل إبراهيم للمنزل فيسمع صوت والدته تقول : إنت جيت يا ولا يا طارق ! حينها ستجد عقل القارئ يدور و يدور .. من طارق ؟ هل هو إبراهيم ؟ الصدمة هنا ليست مهمة بقدر توابعها .. حيث يسير القارئ قليلا في الرواية حتى يجد مقطعا لإبراهيم\طارق مجددا حينها سيجد أن البيانات الموجودة بعقله التابعة لإبراهيم\طارق ليست محكمة .. مفككة .. بل ربما ينسى بعض التفاصيل .. هنا أنا بدأت تخسر قارئك .. فالقارئ لا يحب أن يقف عن القراءة و يعود عدة صفحات ليتذكر هل إبراهيم هذا صديقة قد جاءت في مشهد له حين كان باسم طارق ؟ وهل طارق هذا له جاكيته حمراء اشتراها منذ يومين طالبه البائع و هو في طريق عودته للمنزل بباقي النقود وهو على هيئة إبراهيم ؟
    ببساطة لا تظلم قارئك هكذا في البداية .. أعتقد أنك فيما بعد لك مطلق الحرية في تسمية البطل ما تريده .. فقط خفف الوطأ عن قارئك و عقله قليلا ..
    كذلك لا تتمادى كثيرا في منتصف الرواية حين تثبت أسماء الشخصيات في عقل قارئك .. احرص دوما و ابدا أنك حين تعرف القارئ على مسمى جديد للشخصية أن تجعله واثقا من معرفة أن هذا المسمى لشخصية معينة و ليس لغيرها .. فلا تجعل الأمور ضبابية ..
    فمثلا : في مثال الأم و إبراهيم\طارق .. يمكنك بعد جملة التحية تلك أن تجعل بطلك يتسائل داخله عن السبب وراء اختيار والدته لاسم طارق بدلا من إبراهيم مثلا .. هنا تكون قد صرحت للقارئ أن اسم طارق هو نفسه اسم لشخصية إبراهيم لكن الاسم خاص لوالدته فقط .. حينها تكون قد ساعدت قارئك .. فإنك إن فقدت الوضوح في روايتك ولو لجزء بسيط خارج نطاق الغموض المقصود و الحبكة .. فأنت مهدد بفقدان قارئك .

    كيف أكون الاسم ؟
    -ربما يكون الاسم من واقع الحياة حولك .. اسم عربي لشخصية عربية .. اسم فرعوني لشخصية فرعونية .. اسم ياباني لشخصية يابانية .. اسم أمريكي لشخصية أمريكية .. لا مشكلة هنا
    -ربما يكون الاسم ناجم من دمج اسمين سويا .. فمثلا دراجوسلاي جاء من دمج دراجون + سلاير و حذف الحرف الأخير ..
    -ربما عن طريق معرفة معنى الاسم في لغات أخرى و اعتماد ذلك المعنى هناك ..
    -في روايتي قمت بعمل تعاويذي عن طريق ترجمة معناها لليابانية ثم دمجها و حذف الحروف وإضافة بعضها حتى يتكون اسم رنانا ..
    -ربما تفترض عدة أحرف من لا مكان و تلعب بهم في عدة مواضع حتى يخرج لك اسم جيد نوعا ..
    -ربما تأتي باسم كلمة و تعيد قرائتها بالعكس لتنتج كلمة جديدة .. فمثلا اسم مأمون يكون نومأم .. و بتغيير حرف الألف لألف مد تصبح " نومام " اسم جيد نوعا و مختلف تماما عن أصله .. و هكذا ..
    -قد تمسك بورقة و تكتب عدة كلمات و تدمج و تحذف و تضيف و تعدل حتى تخرج بكلمات جديدة تماما و لا تعرف كيف وصلت لها من الأساس من كثرة التجارب !
    رد مع اقتباس  
     

  4. #4 رد: كيف تطور من مستواك في كتابة الروايات الفانتازية الراقية ؟ 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المشاركات
    8
    معدل تقييم المستوى
    0
    الحبكة :
    ما هي الحبكة ؟

    حقيقة بحثت في معنى الحبكة في الكتب القليلة التي لدي فلم أجد .. بحثت داخلي فوجدت نفسي أصفها بأمور قاصرة .. على كلٍ في رأيي حتى هذه اللحظة – وانا أدرك أنه قاصر فعلا – أن الحبكة هي الفكرة وراء الرواية ..
    قد تكون تلك الفكرة مجرد أحداث متتالية في سبيل التخلص من خطر يهدد عالم الرواية بأبطالها ..
    وقد تكون خطة محكمة و خدع داخلية معقدة ..
    وقد تكون فكرة بسيطة لكن تقديم الفكرة يكون مبتكرا .. مثل حبكة أن تكون عباس العبد مثلا ..
    على كلٍ هذه هي الأنماط التي اعرفها للحبكة .. و منها سأتحدث عن نمطين :
    الحبكة الكلية :
    حين بدأت كتابة روايتي لم تكن لدي أدنى فكرة عن فن الأدب على الإطلاق .. و بعد مرور سنة و نصف تقريبا أجد نفسي قطعت شوطا لا بأس به حقا .. لكن خلال ذلك كتبت جزئين من الرواية بنظام الحبكة الكلية دون أن أعرف أسسا لتلك الحبكة .. و سأكتب هذا المقطع دون أن أعرف أيضا ما هي تلك الأسس .. على كلٍ الحبكة الكلية هي أنك تجعل الأحداث تسير في مسار .. الشخصيات و الصراع .. ثم في نهاية الرواية تكشف ما كان يدور حقيقة خلف الكواليس .. تلك هي الحبكة الكلية ..
    هي أن تأتي في نهاية الرواية و تقول للقارئ : بخ ! خضيتك .. صح ؟!
    بالطبع كي تقوم بشيء كهذا هناك عدة تكتيكات معينة اتبعتها و سأخبرك بها .. لكن هناك تحذير واحد يجب أن تعلمه : الحبكة الكلية إن كشفها القارئ في أي لحظة قبل نهاية الرواية أو قبل منطقتها المطلوبة فاعلم أنك فشلت !
    الرواية منذ أول كلمة حتى آخر كلمة هي صراع عقلي بحت بين القارئ من جهة و الكاتب من جهة أخرى .. القارئ يشعر أنه مخضرم .. قرأ الكثير .. يمسك بروايتك و يقول بسخرية لاذعة : لن تقدمي لي الجديد .
    بالطبع يتحدث لروايته .. أعني روايتك التي اشتراها و صارت روايته .. بعيدا عن تلك الأمور التقنية نجد أن القارئ يضع الرواية دوما في محط التحدي .. هو يشعر أنك إن خدعته بحبكتك فقد خسر هو و كسبت أنت .. وحينها سيظل منبهرا بروايتك .. و إن خسرت أنت و كسب هو فسيلقيها من أقرب نافذة مفتوحة !
    لهذا عليك أن تفكر كثيرا .. تفكر بعمق .. و لهذا سأتحدث باستفاضة من خلال خبرتي المتواضعة في هذا المجال ..
    كبداية يجب أن تعلم أنه كلما كانت الرواية أقصر و أكثف .. كلما كانت الحبكة أعمق و أقوى ..
    فتعامل الكاتب مع الحبكة يمكنني تشبيه بالضبط بالذي يحرك عرائس الماريونيت بالحبال بيديه الاثنتين .. لو كان الشخص بيد واحدة لصعب عليه تحريك عدد كبير .. ولو كان بيدين لكن لديه عرائس قليلة سيقدر على تحريكها بجدارة .. في الرواية الوضع كذلك .. كل شيء يصبح أمام الكاتب حين يفكر من عين الحبكة كالعرائس .. كل شيء يحدث .. كل حدث .. كل شخصية .. كل حوار .. كل كلمة .. كل جملة سردية .. كل شيء و أي شيء هي عروسة ماريونيت تتلاعب بها أنت بحبل الحبكة الرئيسي .. لهذا كلما قلت عناصرك كلما زادت قوة تحكمك بالحبكة .. و مجددا الشيء إن زاد عن حده انقلب إلى ضده ..
    لكل شيء ركائز يعتمد عليها .. و للحبكة الكلية ركائز في الرواية تعتمد عليها .. أحب أن أصفها بالمناطق الحرجة .. فالقارئ طوال سير الرواية لن يكون أكثر قربا من كشف حبكتك مما يكون عليه حين يقرأ تلك المناطق الحرجة .. المناطق الحرجة هي باختصار ما أجمعه أحمد العايدي بإتقان في نهاية روايته حين كشف حبكته .. هي المناطق التي بها – حين تعيد القراءة – تدرك كم كانت الحبكة موجودة أمام عينيك دون أن تدركها .. هذه المناطق لو عدت لقرائتها ستفاجئ أنها موجودة وسط أحداث اخرى .. أو ربما موجودة بتفسيرات أخرى أنت فسرتها .. و هذا لأن التفسيرات جاءت ببساطة من سياق الأحداث التالية لها .. هذا المثال الجيد للحبكة الكلية المستترة عن أعين القراء يمثل المناطق الحرجة بوضوح رائع ..
    كيف تتكون المناطق الحرجة ؟
    باختصار شديد حين تفكر في الفكرة الخاصة للحبكة .. حينها ستفكر : كيف أقوم بها ؟ ستجد في عقلك مباشرة عدة مراحل للأحداث .. عدة مراحل يجب أن تمر بها الرواية .. كل مرحلة تمثل منعطفا في الرواية يجب أن تأخذه حتى ينتهي القارئ للنهاية المطلوبة .. لهذا حين تكتب تحاول الوصول لتلك المناطق تحديدا .. وحين تصل تحاول أن تخفيها بأكبر قدر ممكن من الذكاء .. و لا تزال خائفا من أن يكشفها قارئك ..
    لهذا فكرت في عدة أمور قد تساعدني على إخفاء تلك المناطق ..
    منها أنني أجعل هذه المنعطفات – والتي ربما تكون جملة حوارية – وسط حوار مهم .. مهم في أنه يدور حول نقطة تشغل الصراع في هذه المرحلة .. حينها لن يجد القارئ وقتا للتفكير فيها ..
    منها أنني أجعل للمنعطفات تلك تفسيرات و تبريرات أخرى .. هذا من خلال أفعال الشخصيات و أقوالهم بعد هذا المنعطف مباشرة حتى أوجه القراء نحو منطقة معينة أريدها بعيدا عن الحبكة ..
    أنني أكون حبكة أخرى تشغلهم .. و يكون هذا المنعطف جزءا منها .. حينها سيفكر القراء في المنطقة الحرجة بصورة مختلفة تماما عن الحبكة الكلية .. و كي يزيد الأمر صعوبة علي أن أجعل تلك الحبكة جزءا من الحبكة الكلية .. أمر معقد لا أعرف كي أشرحه حقا .. لكن هو كذلك .. حبكة داخل حبكة داخل حبكة داخل رواية !
    الحبكة لا حدود لها .. قد تكون حبكة في شخصية معينة .. حبكة في حدث معين .. قد تكون حبكة في سلسلة متصلة من الأحداث ..
    نسيت أمرا تذكرته لتوي .. من الطبيعي أن تكون هناك حبكة .. لكن هل هناك حبكة مضادة ؟
    في رانمارو و الملثم – الجزء الثاني – كانت الرواية تدور على مستويات عدة من الحبكات .. فهناك الحبكة التي يقوم بها الغريب و المثلم لتدمير القرية .. و حبكة الملثم ذاتها و شخصيته المخفية و التي يبحث عنها الجميع .. فوق هذا كله فقد علم رانمارو بما سيحدث فقام بعمل حبكة مضادة .. فصارت الرواية تتكون من ثلاث حبكات في آن واحد .. حبكتين سويا و حبكة ثالثة تعارضهما .. كان الأمر رائعا حقا ..
    هناك القصص المبنية على الصراع بين الشخصيات الشريرة و الشخصيات الطيبة .. الصراع في حد ذاته قد يكون حبكة .. لكن من الأفضل أن تتواجد حركة خفية أو سر في الأحداث يظهر في النهاية يكشف كل شيء و الغموض بالطبع ..
    ربما تبدأ روايتك بعدم التخطيط لكل الشخصيات .. ربما تبدأ روايتك بعدم التخطيط للعوالم كاملة .. ربما تبدأ روايتك و أنت لا تعلم ماذا ستكتبه غدا في الأحداث .. لكن لا يمكن أن تبدأ روايتك دون أن تعلم الهيكل العام لها و هو بمعنى آخر الحبكة العامة للرواية ..
    هناك نوع آخر من الحبكات .. لا يعتمد على الحبكة الخفية .. لكن هي عبارة عن سلسلة من الصراعات تنتهي الرواية بانتهاء الصراع الأكبر فيها .. كما في أمير الخواتم .. كما في الجزء الثالث من روايتي " رانمارو و المعارك الأسطورية الأربع " .. باختصار شديد هي الحبكة المناسبة للروايات الضخمة .. فأمير الخواتم و رانمارو الجزء الثالث كل منهما ثلاثية ..
    في هذه الطريقة نقوم بتوضيح ما سيحدث بصورة عامة على القارئ .. كأننا نشركه معنا في كتابة الرواية .. هنا نحن نتخلى عن الغموض كعنصر من عناصر التشويق المهمة .. لهذا يجب أن نتيقن أننا سنستبدله بأحداث مثيرة و صراعات قوية و أمور مدهشة تعوض هذا النقص الحاد في الرواية ..
    لكن كما نقول مجبر أخاك لا بطلُ .. الحقيقة أن محاولة الكتابة بالحبكة الكلية في رواية ضخمة على هيئة ثلاثية أو رباعية أعتبرها انتحار .. فكلما زاد طول النص الروائي كلما زادت فرص كشف القارئ للحبكة .. كلما قلت قوة الكاتب في التحكم بالرواية و الحبكة .. لهذا ففي رأيي هي الطريقة المثالية للروايات الضخمة ..
    بالقطع لا أخفي عليكم أنني لا أتخيل نفسي أكتب دون حبكة كلية .. فهناك حبكة تدور في الخبايا .. لكنها ليست كالحبكات الكلية في كونها كل شيء .. هي مجرد خط من الأحداث يسير بمفرده .. كما حدث في أمير الخواتم بخط أحداث سميجل حين تنبأ له جاندالف في الجزء الأول بأنه سيكون له مصير مهم في إنهاء هذا الصراع و بالفعل كان له هذا الدور في نهاية السلسلة .. بالقطع لم يقل تولكين هذا المقطع عبثا .. إنها حبكة بالطبع ..
    يضع بن خمسة نقاط لتخطيط حبكة جيدة منذ البداية :
    -من هم شخصيات الخير و الشر بالرواية ؟
    -أين تبدأ الرواية ؟
    -ما هي المشاكل التي سيواجهها الأبطال بصفة عامة ؟
    -ما هي المشكلة الأكبر ؟ العقدة الكبرى ؟
    -ما هو الحل الخاص بتلك المشكلة ؟ وما هي وجهة نظرك لكيفية أداء هذا الحل بالنظر لسلسلة الأحداث ؟
    بمناسبة الحديث عن الحبكات الكلية هناك حبكات أخرى تعرف باسم الحبكات الفرعية .. وهي عبارة عن حبكة كاملة موجودة داخل الرواية لكنها ليست بالحبكة الكلية و إن كانت تساهم في الوصول إليها ..
    في أمير الخواتم نجد حبكة صراع الإنتس مثلا مثال على ذلك .. حبكة ليجولاس و أراجون و جيملي .. لكن الحبكة الأساسية تستمر بوجود فرودو و سام في رحلتهم لتدمير الخاتم .. خلاف ذلك هي حبكات فرعية ..
    الحبكات الفرعية لا توجد إلا في الروايات الضخمة .. و هذا لسبب بسيط .. أنها تثري الرواية .. فالحبكة الفرعية تأتي و معها قافلة من الأحداث و الشخصيات و الخسائر و التضحيات و الآلام و المشاعر الأخرى .. خبرات و مواقف تمر بها شخصياتك سواء في طريق الحبكة الكلية أو في طرق أخرى خلافها .. فوق كل شيء هي وسيلة مثلى لتوضيح أمور لا يمكن توضيحها من خلال الحبكة الكلية .. و كذلك طريقة مثالية بتجنب الثرثرة بلا داع في مسار الحبكة الكلية .. كم أحب الحبكات الثانوية ..

    الصراع :
    يقول ماكسويل أندرسون : الرواية يجب أن تحتوي على صراع ... وبالأخص الصراع بين قوى الخير و الشر داخل إنسان واحد .
    ما هي القصة ؟
    القصة هي عملية سردية لمعاناة شخصية معينة في سبيل حل معضلة معينة تواجهه ..
    ومن هنا نجد أن الرواية لابد من أن تحتوي على الصراع .. تخيل معي أي رواية قرأتها دون وجود الصراعات فيها .. هل ستصبح رواية ؟ بالطبع لا .. رواية بلا صراع كوليمة بدون طعام !

    الصراع البسيط :
    يقول بن أن الصراع البسيط هو الصراع الأكثر وضوحا على الساحة في الرواية .. و عادة ما يكون صراعا " قتاليا " بين قوتين .. سواء كان القتال دمويا أو كان لفظيا أو عقليا كائن من كان ..

    تعريف الصراع :
    هو تصادم أو اختلاف في الآراء و الاهتمامات , معاناة عقلية أو أخلاقية تسببها رغبات و أهداف غير متفقة مع بعضها البعض ..
    هذا التعريف أشمل للصراع من التوقع الأول في الأذهان وقت ذكر الاسم .. فهو ليس الصراع بين الأخيار و الأشرار .. ربما يكون صراعا روحانيا داخليا طوال رواية .. ربما يكون صراعا بين الغرائز و الواقع طول الرواية .. ليس شرطا أن يكون الصراع بصورته المنتشرة فقط ..

    مستويات الصراع :
    هناك مستويات للصراع بالتأكيد .. الشهير هو مستوى الصراع بين الشخصيات و بعضها .. بين البطل و الشرير .. لن أتحدث عن هذا الصراع المعروف .. لكن هناك صراع آخر أكثر أهمية – في نظري – لأن الكثير لا يلقي له اهتمام .. الصراع الداخلي في نفس الشخصية ذاتها ..
    من السهل توضيح صراعا بين أشخاص .. لكن من الصعب توضيح صراع بين الشخص و نفسه .. هو يضفي العمق نعم .. التأثير نعم .. لكن كيف أوضح الصراع ؟
    يمكنك توضيحه عن طريق التصريح المباشر به في مناطق حوار داخلية .. طريقة جيدة نعم .. خاصة لو وضعتها في منطقة حساسة للغاية .. لكن الأفضل منها هي الحديث عنها بالأفعال .. شخصية تقدم الخير اليوم لكنها تمنعه غدا .. بالحديث عنها توضح أن هذه الشخصية تعاني نزاعا في داخلها .. هكذا .. عن نفسي استخدمت الطريقتين .. لكني أجد الأولى أكثر سهولة .. لكن الثانية أكثر إثارة ..
    ما رأيك بتعقيد الصراع ؟ فرض مستويات عدة للصراع ؟
    كمثال :
    قد تأتي في رواية بصراعين .. صراعك مع مدير مدرستك الذي يضطهدك لأنه يراك أفضل مما كان عليه وهو في عمرك .. و صراعك الداخلي مع نفسك بين اللعب و الدراسة و الكذب و الصراحة .. ثم ما رأيك بنفس الهيكل العام للقصة مع إضافة بعد جديد .. فمثلا كره مدرسك نضيف إليه بعدا آخر بأنه كان يحب والدتك لكنه فشل في الزواج منها .. حينها نضيف صراعا آخر داخلك بين الرغبة بتحطيم فكه و الرغبة في عدم خرق القوانين أكثر و اتاحة الفرصة له لمعاقبتك مجددا .. و ما رأيك لو أضفنا صراع آخر بحبك لفتاة يحبها ابن المدير مثلا .. أو شخص والده صديقا لمدير .. تخيل لو أن كل هذه الصراعات تم دمجها في لحظة النهاية لتكون لحظة أكون أو لا أكون .. تخيل مثلا هذا المشهد .. تخيل مدى تأثيره في نفوس قرائك .. بالنسبة لي أراه رائعا .. و سأضرب لك مثالا عمليا من أمير الخواتم ..
    في نهاية الجزء الثالث من الملحمة تتعقد جميع خيوط الصراع نحو هدف واحد .. تدمير الخاتم .. لقد انتهت حرب البشر ضد سورون بانتصار البشر في جوندور .. و تتبقى مرحلة أخيرة لحسم الصراع .. صراع فرودو نحو تدمير الخاتم .. لذكاء تولكين فقد قرر أن تكون النهاية أسطورية .. لهذا فقد جعلها تحتوي على هذه الصراعات :
    -صراع فرودو مع نفسه : حبه للخاتم ضد الرغبة في تدميره
    -صراع فرودو و سام مع سميجل لمنعه من الحصول على الخاتم
    -صراع فرودو و سام ضد الطبيعة و التعب و الارهاق ..
    -تضحية الأصدقاء بحياتهم في سبيل تشتيت الانتباه عن فرودو و سام ..
    في مشهد واحد تجسد كل شيء .. هذا صحيح .. في مشهد واحد تجسدت كل المتاعب .. كل التضحيات .. كل شيء تجسد بتحرك أراجون و جاندالف و ليجولاس و جيميلي و بيبين و ميري و ما تبقى من جيش البشر في سبيل تشتيت الانتباه .. و تم وضعهم في هذا الموقف .. لو لم ينتصر فرودو بتدمير الخاتم سيموتون .. لا .. بل وضع أمر آخر اكثر صعوبة .. لو لم يدمر فرودو الخاتم سريعا سيموتون !
    وسط هذا كله أظهر سميجل مجددا .. تجد نفسك كقارئ وسط صراع عنيف يجتاحك .. بين مشاهد المعركة الحامية الوطيس من جهة .. و بين صراع فرودو مع سميجل من جهة أخرى .. ثم بعد هذا كله صراع فرودو مع نفسه في مشهد كدت أصرخ في فرودو : يا أحمق أصدقائك يموتون .. كل تضحيات الجميع ستذهب سدى .. روعة المؤلف – تولكين – هنا أنه استطاع في مشهد واحد تجميع كل الشخصيات بالرواية التي قدمت تضحيات .. فحين ترى جاندالف تتذكر معركته مع باليجروث – أعتقد هذا اسمه على ما أذكر – و حين تشاهد بيبين و ميري تتذكر معركة الإنتس ضد سارومان .. و حين تشاهد الثلاثي أراجون و جيميلي و ليجولاس تتذكر معركتي حصن هيلمز ديب و جوندور .. في مشهد واحد تجد كل ما قرأته و خضت التجارب طوال ثلاثة أجزاء موضوع على حافة الانهيار .. صدقني صفقت كثيرا لأستاذي تولكين في هذه المنطقة ..
    ما أريد قوله باختصار .. كلما زاد عدد مستويات الصراع لديك .. كلما زادت الإثارة .. كلما جمعت خيوط الصراع في نهاية الرواية بإحكام .. كلما زادت الإثارة .. لكن لا تنسَ .. لا يوجد شيء بلا ثمن .. فالعميلة تلك صعبة للغاية ..

    *الفكرة :
    الرواية بلا فكرة لا هدف منها !
    تخيل أنك قرأت رواية – حتى المغامرات و التي تهدف في الأساس للإمتاع – و بعد أن انتهيت من التهام خمس مائة صفحة وجدت نفسك تتسائل : ماذا خرجت من الرواية خلاف الصراع بين الخير و الشر ؟
    مجددا .. الكاتب هو إنسان ذو فكر .. قلتها مرارا و سأعيد تكرارها كثيرا .. أنت ذو عقل مميز وهبه الله ميزة التعبير عما يفكر فيه .. حين تكتب فأنت تسكب ما بداخلك على الورق .. فلا تكتب شيئا بلا معنى .. لأنه يخبرني حينها أنك أيضا فارغ وبلا معنى !

    ماذا عنك ؟
    سمعت كثيرا أن الكاتب يجب أن يكتب ما يحب أن يقرؤه .. هذا ما يجعلك المشاهد و القارئ الأول لما تقوم به .. فإن لم ترضِ نفسك فكيف ترضي غيرك ؟ و كيف تعتني بشخصية أنت لا تكترث لها ؟ فاقد الشيء لا يعطيه .. أليس كذلك ؟
    للأسف هذا ليس شيء يمكنك تحديده في معظم الأحيان .. هو يأتي بتلقائية .. مثله مثلما تفكر في فكرة خاصة لشخصية ما أو للرواية .. حين تكون متحمسا لتلك الفكرة حينها إما أن تكون مدرك لما ستقوم به بالتفصيل فتشرع في كتابتها و تطبيقها و إما لا تعرف .. و حين لا تعرف قد يتسرب اليأس و الملل داخلك من عدم إيجادك لطريقة للتطبيق فتصبح الفكرة مزعجة لك .. حينها قد تنظر للفكرة على أنها سخيفة بعد فترة قصيرة من الحماس .. حينها لو أردت كتابة الفكرة حقا فلن تقدر .. إلا في حالة ظهور فكرة أخرى تلهب حماسك و تنشط الفكرة السخيفة تلك و تطورها لتصبح فكرة أكثر قوة و تعقيدا و ربما توضح لك الطريق لكيفية أدائها بصورة مثالية في نظرك ..
    ما هو موجود في هذا الكتاب قد تجده رائعا .. و قد تجده سخيفا .. لا يهم .. أنا لا أحاول الإجابة عن كل الأسئلة المتعلقة بالمصاعب التي قد تواجهك حين الكتابة .. هذه الدراسة مخصصة للإجابة عن الأسئلة التي واجهتها في طريقي الروائي منذ بداية الشخبطات على النموذج الأول لروايتي حتى اليوم .. سواء كانت مصاعب شخصية أو مصاعب لأصدقاء يكتبون الرواية ..
    إن جئنا بكاتبين فلن يكتبا نفس الرواية مع أنهما سيستخدمان نفس الفكرة .. و هذا لأنه لا يتواجد شخصيان يفكران مثل بعضهما البعض بصورة متطابقة .. لن تتطابق نظرتهما للأمور .. لن تتطابق اهتماماتهما .. هذا هو الواقع .. و هو ما يحدث كذلك بالرواية ..
    هذا بالطبع نابع من أن كل خطوة تخطيها في الرواية .. كل قرار تتخذه الشخصيات .. كل موقف تضع الشخصيات فيه .. لا ينبع من مكان آخر خلاف ذاتك .. لا يعبر عن شيء آخر خلاف نظرتك العميقة للأمور .. لهذا إن لم تكن لديك الرؤية الخاصة للأمور فكيف ستكتب إذن ؟! حينها ستصبح كمن يحاول أن يلفق كذبة كبيرة لا يصدقها هو نفسه و يطلب من القراء أن يصدقوه فيها !
    لا تكتب حتى تجد ضالتك .. لا تكتب حتى تجد رؤيتك .. هدفك .. مغزاك .. ما تريد قوله .. حينها ستشعر بصوت يرن داخلك .. ستجد الخيوط تتشكل بمفردها .. الشخصيات .. الحبكات .. الأحداث .. كل شيء يتجسد أمامك .. ستشعر بسعادة لا مثيل لها هنا .. و هنا عليك ألا تدخر أي قوة تملكها أو مهارة إلا و تقدمها .. حاول أن تقدم أفضل ما لديك .. طور نفسك دوما .. اقرأ و تعلم .. كتب الخبرات مهمة و مفيدة .. عالج أخطائك قدر المستطاع .. حتى تقدر أن تنقل الصورة المثالية داخلك للرواية إلى أذهان و حواس قرائك .. تجعلهم يخوضون تجربة القراءة . تجربة معاشرة الشخصيات داخل عقولهم .. تجربة مشاهدة الأحداث و الشعور بالاضطرابات بحواسهم .. اجعل الرواية حية داخل قرائك و ليس داخلك فقط .. حينها ستكون قد نجحت حقا .. و أتمنى أن تنجح كثيرا ..
    الذي أحب أن أؤكد عليه هو أن كتابة الرواية ليست عملية دراسية .. ليس عليك قبل البدء في الكتابة أن تحضر ورقة كبيرة فيها متطلبات الرواية ثم تقوم بإيفاء كل منها .. بالنسبة للمبتدئين فربما الكثير من التدريب و الكتابة يجعلهم يتقنون ذلك .. لكن عادة نحن – الكتاب – نكتب دون أن نشعر بما نكتبه .. فقط ضع في حسبانك أنك يجب أن تضع في روايتك ما هو مناسب لها فقط .. يجب أن تستخدم ما شئت من تقنيات كتابية شريطة أن تكون ملائمة لروايتك و روايتك تتطلب وجودها .. خلاف ذلك ستبدو كالأحمق الذي يريد جمع أفضل تقنية من هنا على أفضل طريقة من هناك لكتابة أفضل رواية .. للأسف الأمور لا تؤخذ هكذا قط ! افهم ذلك جيدا لأنه مهم للغاية .. فبدونه لا فائدة من هذه الدراسة !
    مهمتنا ككتاب ليس تجميع النقود , هناك طرق مضمونة و أسهل من تلك الطريقة الصعبة , مهمتنا أننا نرغب بتغيير مصائر الشعوب .. فرواية تنجح في توصيل فكرة داخل رأس القارئ تعتبر نجاحا للكاتب في مهمته .. و لن ينجح الكاتب في مهمته إلا إن كان يكتب روايته مستهدفا توصيل تلك الفكرة في عقل القارئ ..

    تطوير الفكرة ..
    حقيقة أوضح أورسون تلك النقطة بصورة رائعة للغاية أذهلني بها ..
    بصفة عامة الفكرة حين تأتي للكاتب فهي تأتي بصورة بسيطة .. سطحية .. ذات بعد واحد ..
    عادة ما يصبر الكاتب على الفكرة كي تتخمر داخله أكثر و أكثر .. فتتحول من البساطة للتعقيد .. من السطحية للعمق .. من البعد الواحد لثلاثية الأبعاد .. التطوير لا يتم فقط بترك الفكرة تتخمر .. لا .. نحن لا نترك الفكرة من البداية .. نحن فقط نعزف عن كتابتها على الورق حتى تتعقد بالصورة التي ترضينا ..
    أوجز أورسون تلك العملية في سلسلة التساؤلات : لماذا ؟ وما نتيجة ذلك ؟
    و ضرب لنا مثلا بسيطا لتجربة قام بها في فصل ابنه بمرحلة ابتدائية .. ماذا عن الحديث هنا عن فكرة أخرى محاولين التطبيق على الأمر ؟
    لنفترض أن لدينا فكرة بسيطة .. البطل سيذهب للمدينة الشريرة .. لماذا ؟
    ربما كي يجد البطل الشرير و يواجهه .. ربما كي يبحث عن شيء أخذه منه الشرير .. ربما كي يبحث عن سلاح موجود في أرض الشرير و الشرير لا يعرف عنه شيء .. ربما كي يجمع معلومات عن الشرير و المدينة .. ربما كي يحاول بث الثورة في نفوس أهل المدينة .. ربما لأنه يبحث عن إجابة شافية هناك .. ربما لأنه سمع بوجود مشعوذ يقطن الطريق للمدينة و كي يذهب إليه عليه بعبور المدينة أولا ثم العودة منها كي يجد المشعوذ المخفي هذا ..
    هل هذا جيد ؟ لا .. دعنا نكمل .. ما نتيجة كل فكرة مثلا ؟
    مواجهة البطل الشرير ربما تنتهي بالموت للبطل و ربما للشرير .. و لو حدث فالقصة قد انتهت .. وربما لا هذا ولا ذاك و يحدث أمر ما يكون حاجزا بين الاثنين .. حين يبحث عن الشيء سيجده .. حينها تنتهي القصة .. لا , حين يبحث عن الشيء سيكتشف أن الشرير قد أخفاه بعيدا عن المدينة .. حين يبحث عن السلاح سيجده .. و ربما يعلم الشرير بذلك فيعترض طريقه .. حين يقوم بالثورة قد يعارضه أهل المدينة .. وقد يعاونونه .. حين ذهب للمدينة وجد الإجابة الشافية .. فانتهت القصة .. حين ذهب للمدينة وجد أن الإجابة توجد لدى الشرير .. و ربما يدرك أن الإجابة عند شخص جوال كان يعمل لدى الشرير قديما ووالده و هو الآن يتجول في البلاد .. حين يذهب للمشعوذ قد يقتله المشعوذ فتنتهي القصة .. قد يوافق على معاونته بشرط أن يدفع الثمن .. قد لا يعرف كيف يصل إليه لأن الشرير قد قطع الطريق عليه بالعصابات مثلا ..
    لماذا ؟
    طبق لماذا على كل فكرة و ستجد الآتي :
    لماذا يتكون الحاجز ؟ ربما لعلاقة خفية بين البطل و الشرير .. ربما لأن البطل يمتلك قوى خفية لا يعلمها استثارتها قوى الشرير .. ربما لأن البطل يمتلك سلاحا لا يعرفه يقدر على مواجهة قوى الشرير .. ربما يكون الذي تدخل هو شخص .. فلماذا تدخل ؟ و ما نتيجة تدخله ؟ هل مات ؟ هل عاش ؟ ولماذا ؟ و.. الخ ..
    الشيء الذي أخفاه الشرير .. لماذا أخفاه ؟ هل يخاف منه ؟ هل فيه شيء لا يعرفه البطل ؟ وما نتيجة ذلك ؟ على البطل أن يبحث عن الشيء هذا .. فعليه أن يذهب خلف فلان و علان و للمنطقة الفلانية و العلانية .. لماذا ؟ لأنه يشعر أن الإجابات تكمن هناك .. لأن هناك يقطن أصدقاء والده الفقيد .. لأن .. الخ !
    وهكذا ..
    تابع .. في كل فكرة ستجد عشرات الأفكار .. في كل فكرة ستجد أنه كلما صبرت عليها .. كلما لم ترضَ بالإجابات التي لديك و بحثت بنهم عن مزيد و مزيد من الإجابات .. كلما صارت الفكرة أكثر تعقيدا و عمقا و قوة .. وهو المطلوب !
    كثير من الأفكار الرائعة بدأت من تسلسل فكري لفكرة بسيطة واحدة .. لا تقلل من شأن أي فكرة .. فالمحك يقع على عاتق العقل المفكر فقط ..

    قم بعمل التويست !
    حسنا .. في المثال السابق المليء بالسؤالين .. لماذا ؟ وما النتائج المترتبة على ذلك ؟ لو نظرنا للأمر هكذا سنجد أن التفكير المنطقي قد يوصل القارئ لنهاية الرواية إن قام بعمل تحدي عقلي بينك و بينه .. و عادة ما يتواجد مثل هذا التحدي .. و لمثل هذه الظروف يوجد التويست !
    التويست هي الخدعة .. هي الاحتمال الذي لا يتماشى مع سير العملية الاستفسارية المنطقية .. ففي وقت – لا يمكنني القول سوى أنه يختلف تبعا لكل كاتب – يتدخل الكاتب ليقوم بوضع إجابة مختلفة من عنده .. و هنا نجد تحوير كامل لاتجاه القصة بصورة مذهلة .. وغير متوقعة ..
    فمثلا .. في المثال السابق .. تخيل معي أن إجابة سؤال مثل : لماذا سيذهب البطل نحو الشرير ؟ تكون ببساطة : كي يتعاون معه !
    حينها تجد عشرات الأسئلة تتهاوى على عقلك .. أليس هو الطيب ؟ نعم .. إذن لماذا يقوم بذلك ؟ ستجد تحول كامل للأحداث .. و الإجابات السابقة التي كانت تبدو منطقية لأي إنسان صارت لا شيء مقارنة بالنتائج الجديدة .. لكن ..
    حاذر من المبالغة في استخدام التويست ذاك .. فالشيء إن زاد عن حده انقلب لضده .. و مجددا أقول أن العملية كتلك مثل أي عملية في الكتابة الروائية لا تخضع لشيء أكثر من شعور الكاتب بأنه الوقت المناسب للاتفاف .. و تبعا لما تتطلبه القصة ..
    بالمناسبة قبل أن أنسى .. التويستات كتلك تكون مسئولة دوما عن الحبكات .. فحين نفكر في إجابات لتصرف غير منطقي قد يحدث قد نجد عشرات الثغرات و المواقف التي تساعد على التفسير .. و كل منها يمكن تفسيره بصورة أو بأخرى .. و بالتالي يمكن نسج حبكة بصورة قوية من أمام أعين القارئ دون أن يدري ..
    لماذا أفعل هذا مجددا ؟
    سأعطيك إجابة جديدة هذه المرة .. ما رأيك في سبيل تجنب الأفكار التقليدية ؟
    فمثلا .. أن يذهب البطل لمواجهة الشرير كي يقاتله و ينهي الصراع إجابة تكررت عدد لا يُحصى من المرات .. كي يذهب بحثا عن شيء ما إجابة تكررت كثيرا .. عن سلاح ينهي الصراع تكررت بصورة مكثفة .. عن ساحر يقطن في مكان خفي يجب أن يتحرك البطل عبر المدينة و يعود أدراجه كي يجده تكررت نوعا .. كي يتحد معه لم تتكرر كثيرا .. و ربما الفكرة التالية للأفكار لم تتكرر كثيرا .. و هكذا .. كلما تعمقت .. كلما كنت أكثر قسوة على الفكرة .. كلما أخرجت ما في باطنها إرضاءا لك .. كلما ابتعدت عن فخ التقليدية المهلك ..

    من يقوم بأداء هذا المشهد ؟
    لو لاحظت أننا قمنا بتحديد المسار الخاص للفكرة و قمنا ببناء هيكل عام لفصل ربما , لفصلين , لعدة فصول , و ربما لرواية كاملة .. لديك عدة شخصيات .. من منها تختار للقيام بهذا الدور ؟
    ببساطة شديدة اسأل نفسك : من من الشخصيات سيعاني أكثر معاناة من بين الجميع و لن يموت أو يُصاب إصابة بالغة ؟
    لماذا لن يموت ؟ لأن الشخصية لم تنتهِ من أداء دورها الكبير في الحبكة الكلية بعد .. و نفس الأمر مع الإصابة البالغة .. لكن هناك أوقات معينة يكون هناك استثناءات خاصة .. سأشرحها في الجزء الخاص بموت الشخصية و كيفية التعامل معه ..
    عادة ما تؤدي تلك الطريقة لترقية شخصيات ثانوية لتصبح شخصيات رئيسية .. و تهميش – ربما – شخصيات رئيسية لتصبح ثانوية و قد ينتهي دورها و تختفي .. لا يهم .. الأهم أن الشخص المناسب في المكان المناسب في الوقت المناسب ليؤدي الدور بصورة أكثر من رائعة ..

    ما الذي يوضح الأفكار ؟
    هنا ابتعد عن التصريح و اتجه للعرض فعلا .. لديك فكرة .. تريد توضيحها .. لديك طريقان ..
    الطريق السهل : أن تجعل والد الشخصية يقف أمام الشخصية و ينصحها واعظا الشخصية و القراء .. هذا سخف شديد .. أقال لك أحدهم أننا في فصل ها هنا ؟!
    الطريق الصعب : أن تبتكر مواقف داخل حلقة صراع خاصة بحبكة فرعية خالصة .. الهدف منها يكون واضحا حين انتهاء الشخصيات منها ..
    مثلا .. تعاملت في روايتي مع أفكار فرعية كثيرة .. سأنتقي أفضل ما كتبت – في رأيي – و هي التعبير عن المشاكل الأسرية و تأثيرها على الأبناء سلبا ..
    انتقيت شخصية – لن أذكر اسمها – وجعلتها تبتعد عن الجميع .. شخصية تبدو لمن يراها أول مرة أنها النوع التقليدي للقوي المتكبر الوحيد .. لكن هي ليست كذلك .. بعد عدة فصول قررت استخدام حبكة فرعية بسيطة .. جعلت رانمارو يريد مساعدته مع فتاة تحبه .. وهي التي أخبرته أن والده قد توفى و تزوج أخيه ( أخ والده أعني ) والدته و أخيه هذا يرغب بإرث العائلة السحري و لأن الشخصية الوحيدة تلك هي حارسة أسرار العائلة فلن يمكن للعم هذا أن يقوم بما يريد .. فأخذ ينهال ضربا على الوالدة حتى يؤثر في الطفل وهو صغير .. و حين لم يجد بدا وُلد للعم ابنة من والدة الشخصية و استخدمها العم كورقة ضغط على الجميع .. هذا جعل الطفل يخاف من دعوة أحد لمنزله .. بل شعر بأنه وحيد .. الكل يتحدث عن أهله و هو بداخله نار موقدة .. لهذا آثر الصمت .. آثر الانعزال .. حولت الشخصية في لحظات من شخصية تقليدية معينة لشخصية أخرى مثيرة للعطف و الشفقة .. لكني لم اتوقف عند هذا الحد .. قمت بجعل رانمارو يتدخل بل و ينجح في تغيير موقف الشاب الوحيد .. فيعود لحياته الاجتماعية مجددا .. بالطبع كان يمكنني التوقف عند ذلك .. لكني – تطبيقا لمبدأ اضرب على نقاط ضعف الشخصية – قمت بعمل حبكة محكمة فرعية داخل ثلاثة فصول متتالية توضح فيها ما يفعله العم باستماتة في سبيل ما يريد تحقيقه حتى لو تعاون من الملثم في تدمير القرية .. و حتى لو قتل كل الشخصيات الأخرى الموجودة في أسرة أخيه الراحل .. بعد هذا الموقف الذي انتهى بسلام بصعوبة بالغة لو سألت أحد القراء ماذا استفدت من هذه القطعة ؟
    سيقول أنني استفدت الكثير .. استفادته تلك كانت مقصودة مني تماما .. فأنا أكره المشاكل الأسرية .. و معارض تماما لفكرة أن العم يتزوج زوجة أخيه بعد وفاته حتى لا تتشتت الأسرة .. لكني هل صرحت بهذا ؟ هل جئت بحكيم يتحدث كأنه فوق هضبة التبت خاصته ؟
    لا .. كل ما فعلته هو أنني سألت نفسي : ما أبرز مثال لهذه الفكرة ؟ ماذا يحدث إن ساءت الأمور ؟ ما نتائج الموقف السيء على الشخصيات ؟ ثم قمت بنسج موقف يتلائم مع ما توصلت له .. و هذا مثال بسيط على ما يجب أن تتبعه في التعبير عن الأفكار ..
    لو لاحظت هنا ستجد أنني قلت : بعد عدة فصول كتبت .. ثم ناقشت المشكلة في ثلاثة فصول بحبكة فرعية منفصلة .. هنا نقطة أخرى مهمة .. القارئ ذكي .. القارئ يشعر بأي تغييرات بالرواية ..دعني أوضح لك شيئا ..
    في الحياة الواقعية لو ركب أحدنا سيارة سيشعر بها في بداية تحركها أنها تتسارع .. ثم سيشعر أنها توقفت .. ثم حين تتوقف حقا سيشعر بتوقفها .. لكن في الطريق ستشعر أحيانا بأنها تزيد في السرعة أو تقل .. لماذا شعرت أساسا بالتوقف ؟ لأن السيارة تتبع نمطا ثابتا تقريبا في تزايد سرعتها.. ثم سرعتها تثبت .. حين تتغير تشعر بذلك .. لكن معدل تحركها ثابت تقريبا بعجلة واحدة .. فلا تشعر بالتحرك .. بالقطع من في كلية هندسة يمكنه الشرح أفضل مني بمراحل .. لكن ما أريد قوله ها هنا أنك لا تقطع السرد الروائي ذو الرتيبة الواحدة أو المتقاربة بسرد روائي سريع للغاية – كأنك تفبرك الموقف من أجل كتابته فقط – حينها سيشعر القارئ .. عن نفسي لأن روايتي سريعة و متلاحمة فكان الموقف ملائما لفصول سبعة تقريبا منذ بدايته حتى نهايته .. لكني لا أنصح بذلك .. يجب أن تعطي لكل شيء حقه .. و ربما تناقش قضية تلقي بأول خيوطها في أولى الصفحات ثم تنتهي منها في الصفحات الأخيرة .. الأهم أنك لا تحاول أن تظهر لقارئك أن تلك المنطقة مفتلعة و إلا ستفقده !
    باختصار القارئ إنسان مثلي و مثلك .. و الإنسان أكره ما لديه أن يقف أمام شخص يعظه و يعلمه .. فحاول أن تتجنب ذلك .. حاول ألا تجعل القارئ يدرك أنك تلقي عليه المواعظ و الدروس .. اجعله يدرك هذا متأخرا حتى لا يمل و يترك المكان ..
    لكن .. ما الأمر للحبكة ؟!
    الحبكة قد تكون لغرض التسلية .. أعترف .. لكن عن نفسي يجب أن تكون الحبكة فيها مثالا قويا يتعلم منه القارئ .. فمن الحبكة بالجزء الأول أردت أن أضرب للقارئ مثالا على أن الأمور قد لا تبدو كما هي عليه .. و أن هناك بعض الشخصيات في الحياة التي يجب أن نثق بنصائحها حتى ولو لم تبد لنا تلك النصائح واضحة .. و في الثاني أوضحت أن الإنسان مهما صغر يمكنه فعل المستحيل الذي يراه الأقوياء مستحيلا .. و أن الصبر و الصمت و تحمل المصاعب طريق لا بأس به لتحقيق الآمال .. و أمور غيرها ..
    لدي نقطة أخيرة أحب توضيحها .. وهي وجهة نظر بحتة في الأمور ..
    ما هدفك ككاتب ؟ هدفك ككاتب أن توضح للناس خبرات لم يجربوها من قبل .. هدفك أن توصل تلك الأفكار و الخبرات و المعارف لأكبر قدر ممكن من البشر ..
    تخيل معي أن هناك مشكلة لها طرفين متعارضين .. كل طرف ينظر للمشكلة بنظرة مختلفة عن الآخر .. أحدهما مصيب و الآخر مخطئ بالطبع .. تخيل أنك في طرف و تريد أن تخبر الآخر بما لديك .. فمثلا لديك أدلة و تبريرات قوية على أن الطرف الذي أنت فيه صحيح .. و أدلة و اتهامات و تعليلات على أن الطرف الآخر مخطئ .. لكن تريد أن توصل هذا للطرفين .. فكيف ؟
    ببساطة شديدة يمكنك فعل أكثر الأخطاء – في نظري – شيوعا بكتابة رواية صريحة تناقش فيها النزاع بين شخصين يمثل كل منهما طرفا ثم تجعل أحدهما يفوز على الآخر .. بالطبع أعني طرفك .. في رأيي هذا خطأ !
    تخيل نفسك و أنت لديك فكر و رأي في قضية ضد طائفة أخرى , و حين تمسك بالكتابة تجد أمامك مباشرة تمثيلا للواقع .. حينها و باختصار شديد ستتسائل عمن كتبها و لمن ينتمي ؟! لو كان تابعا لطائفتك ستقرأ الرواية و أنت منحاز له و ستعظم من قدره حتى ولو لم يقل شيئا ذو فائدة بالداخل .. و لو كنت من الطرف المعارض ستأخذ انطباع الكراهية والغضب و ستلقي بالرواية مفكرا أنها خدعة .. بل ربما تقرؤها كي تسخر من تلك الأمور التي يقولها بالداخل .. وحقيقة الموقفان كلاهما صواب في نظري .. هذا هو الواقع .. وهكذا يحدث في الرواية ..
    هل قرأت شيفرة دافنشي ؟! ما رأيك بها ؟!
    حقيقة أرى – في نظري – أن دان براون يضرب أروع الأمثلة في كيفية كتابة أمور نقاشية بين أطراف متنازعة في جو يخلو من تلك الانطباعات السيئة للغاية .. هنا دان يضع الفكرة خاصته أمام أكبر قدر ممكن من البشر عن طريق تجنب الشعور بالتأييد أم بالتنديد من أولى الصفحات بالرواية .. و هنا كذلك يضع الرواية أمام الحكم السليم نوعا من قبل القراء دون الانحيازات الداخلية .. و فوق هذا كله عبر عن فكرته بادلتها و استطاع أن يحقق ما أراده .. هذا ما أريد قوله ها هنا ..
    لا تصرح .. لو أردت مناقشة قضية ما لا تستخدم الشخصيات الشائعة عنها .. ابتعد .. طر .. حلق .. اخترع مكانك الخاص .. في ثلاثية فيليب بولمان يقوم فيها بالتعبير عن النزاع الذي كان متواجدا في العصور الوسطى بأوربا بين الدين و العلم .. الأمر كان واضحا رغم رمزيته .. لكن لم يكن بتلك الصورة الشنيعة حقا ..
    ما أريد قوله و أكرره .. لا تستخدم المشكلة بحذافيرها .. حين تفعل فالقارئ الموجود بالفئة الأخرى لن يستمع لكلماتك و سيأخذ موقفا عدائيا لك في لحظة .. ولا تخبرني رجاءا أنك ستكتب ولا يهمك من يقرأ .. فإن كنت ستكتب لطائفتك التي تنتمي إليها , ألا يعلمون بالنقاط التي تناقشها في روايتك ؟ و إن كنت تكتب لغير أبناء طائفتك فأنت هكذا خسرتهم .. فلماذا تكتب إذن ؟
    على كلٍ هي رؤية فلسفية .. من يرغب بالكتابة فالحقل أمامه واسع .. أنت فقط من يضيق المجال على نفسك ..

    *الحوار :
    حقيقة لم أكن أرغب بالحديث عن الحوار .. فبافتراض أنك تكتب رواية فلديك خبرة قليلة عن الحوار .. أهم جزء في الحوار هو ضمائر السرد و قد فرقتها لأنها مهمة و تستحق نقطة بمفردها .. لكني سأتحدث بصفة عامة عن الحوار ..
    ما هو الحوار ؟
    هو الحديث الذي يأتي على لسان الشخصيات وسط المشاهد ..
    ما فائدته ؟
    تطوير الحدث .. تقديم الأفكار .. إضافة الحيوية و الطبيعية على المشهد .. طرد الملل من المكان ..
    ما هي صوره ؟
    في رأسي عدة صور للحوار هي :
    1.-محمد : أنت سيء !
    -أحمد : لم ؟!
    -محمد : لا أدري .. لكنك سيء !
    2. – أنت سيء !
    -لم ؟!
    -لا أدري .. لكنك سيء !
    3. نظر محمد بعمق في عيني أحمد كأنه يفحصهما بآشعة غير مرئية ثم قال بنبرة جدية تماما :
    -أنت سيء !
    كانت جملة غريبة حقا , اتسعت عينا المسكين أمامه لتهتزا في صمت قطعه صوت أحمد متسائلا بارتعاش واضح في نبرته :
    -لم ؟!
    ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتي محمد متلذذا بعذاب من أمامه ثم قال بسعادة سادية :
    -لا أدري .. لكنك سيء !

    هذه هي الثلاثة أمثلة للحوار الذي أعرفه .. بالطبع يمكن دمج الثلاثة سويا .. لكن سأتحدث موضحا رأيي الشخصي في الثلاثة ..
    بالنسبة للنمط الأول فأعتبره مستوى متوسط من الحوار .. حين أريد الحديث بصورة رتيبة بين شخصين ( قال محمد .. قال أحمد .. قال محمد .. قال أحمد ... الخ ) فأستخدم تلك الطريقة توفيرا للوقت ..
    بالنسبة للنمط الثاني فأنا لا أحبه .. أراه ضعفا حقا في نظري .. ففي البداية قد أمسك بتلابيب المتحدثين قبل أن يفروا على طائراتهم الورقية من رأسي فأتسائل بعد عدة أسطر قليلة : من يتسائل ومن يجيب ؟ من يقول المعلومة – لأنه يعرفها – ومن يستقبلها – لأنه جاهل بها - ؟
    الارتباك هذا لا أراه جيدا .. فهو يخرج القارئ من جو النص و يصيبه بنظرة ضبابية حول المعلومات و من يقولها و من يستقبلها .. و لهذا لا أحبه ..
    النمط الثالث أحبه للغاية .. فهو المناسب – في رأيي – لوصف حوار جيد .. كي أكتب حوارا كهذا أنا أقترب به من حافة الواقع .. ففي الواقع كل كلمة في أي حوار بينك وبين أحد الأشخاص أو حوارا يحدث أمامك كل كلمة تُقال من أحد طرفي الحوار يصاحبه رد فعل تعبيرية كانت أو كلامية من الواقفين حوله .. هذا هو الواقع .. وهكذا هي الرواية ..
    لكن أحيانا أشعر بالثقل في الكتابة هكذا .. حين أشعر أن الأمر صار روتينا أتحول للنمط الأول فورا كي أنوع من الحوار و أبعد الملل الذي يدخل في نفسي .. ومتى أشعر بالملل داخلي فهو سيصيب القارئ بلا شك . و أما استخدامي للنمط الثاني ففي حدود ضيقة و في سبيل الإشارة لأن هذا المقطع من الحديث جاء بسرعة شديدة ككلمة و ردها ..
    النقطة الأخيرة هي قاعدة عامة في كل شيء .. لا تكتب شيئا لا فائدة منه ! كذلك هنا .. لا تكتب حوارا فقط بغرض تحريك الحدث .. حاول أن تجد فائدة أخرى له و إلا تجنبه بقفزة زمنية بسيطة كما سأوضح لاحقا ..

    ضمائر السرد :
    حسنا .. كان هناك نقاشا بيني و بين البعض حول هذه النقطة .. نقاشا مهم و جميل .. سألخصه في النقاط التالية مع القراءات التي انتهيت منها :

    نقطة أحب ذكرها بمفردها : ضمير السرد = الحوار و السرد خلاف الحوار .. و ضمير السرد ليس مجرد ضمير للكتابة و السرد .. لكل ضمير مميزات و عيوب و نقاط يجب الانتباه إليها .. لا يوجد شيء اسمه سهل في كتابة الرواية .. أخيرا سأتحدث عن الأول و الثالث و الثالث المحدود .. و للأسف لا أعرف الثاني كي أتحدث عنه أو الضمائر الأخرى التي سمعت عنها يوما .. فمن يمتلك المعرفة فليتحدث عنها كي تزيد المعرفة للجميع ..

    -ضمير السرد الأول :
    معروف باسم الأنا .. الضمير الثرثار " في رأيي "
    كم أكره هذا الضمير !
    عيوبه :
    1-أول العيوب على الإطلاق هي اختيار من سيتحدث ! ببساطة على الراوي أن يكون متواجدا في كافة المشاهد التي ستسردها .. فلا تسرد شيئا لن يحضره تلك الشخصية ..
    2-ثاني العيوب – في نظري – هي تضييق الخناق على الكاتب .. فعلى الكاتب – وعليه أن يدرك هذا جيدا – أنه سيتحدث فقط من منظور تلك الشخصية .. و لن يتحدث إلا من خلالها .. و من هنا تقع عدة أخطاء .. منها :
    لا يستقيم للراوي أن يعلم خبايا النفوس ! فلن يمكن أن يقول أن الشخصية تلك تضمر له شرا أو تفكر في كذا .. عليه أن يقول بدلا من ذلك أنه لا يستريح لها أو يشعر بأنها خطر , أو تعبيرات وجهها تقول شيئا و كلماتها تقول شيئا آخر .. وربما نظراتها .. فقط لا تصل لاستنتاجات الخبايا المشهورة في الشخص الثالث ..
    3-ثالث العيوب هي الملل و الثرثرة .. في رأيي من أخطر الأساليب للكاتب المبتدئ .. فإن لم ينتبه فستثرثر الشخصية على الدوام .. هذه المنطقة كريهة الرائحة .. هذه الفتاة شعرها سيء .. هذا الفستان رديء الذوق .. لو استمر الكاتب في ترك المجال لشخصيته بالثرثرة فلن ينتهي و لن يتوقف .. كذلك تقنيات الكاتب يتحدى الملل في رأيي الخاص لا يمكن تطبيقها هنا .. فالعرض و التصريح ليس بخيار .. فلن يمكن الكاتب أن يصرح بشيء إلا بالذي تفكر فيه الشخصية الراوية , أما بقية الأمور ستكون وصفا و استنتاجا .. كذلك لن يمكنني تنويع الحوار أو عمل تداخلات إلا القليل منها ..
    4-رابع العيوب هي تفكك الأحداث .. هي نظرة خاصة حين فكرت ماذا سأفعل حين أكتب رواية بضمير السرد الأول ؟ حقيقة وجدت أنني سأسرد موقفا فيه الشخصية .. ثم أقفز نحو موقف آخر تكون فيه الشخصية .. ربما تحدث مواقف في المنتصف .. لكني لا يمكنني سردها .. فقط يمكنني سرد نتائجها أو التعبير عنها اختصارا .. شعرت أنني هكذا أكتب رواية مفككة .. كل فترة أقفز لمكان دون الترابط بين ما يحدث وما حدث في الخفاء إلا رمزا أو اختصارا .. هذا الأمر يضايقني كقارئ .. و لهذا لا أشعر أنه صحيح !
    بالمناسبة مجددا .. أنا أكره هذا الضمير ..
    5-العيب الخامس في نظري هي فقدان التأثير على القارئ بصورة كبيرة .. فمثلا في مشهد ترى الشخصية طفلة تموت .. و والدة الطفلة تصارع كي تنقذها لكنها تفشل .. القارئ كأنه ينظر للمشهد عبر زجاج نافذة محكمة الغلق .. لكن ما الحال إن وصفت الأمر بضمير آخر – الثالث مثلا أو الثالث المحدود – و فيه وضحت الموقف المؤلم ؟! بالقطع سيكون الأمر مختلفا ..
    6-العيب السادس هو تضخيم الشخصية لذاتها .. فمن كثرة الحديث عن الذات ستتضائل كافة الشخصيات و تبرز الشخصية الراوية بمفردها في الصورة .. كل شيء من نظرها أنها هي الصحيحة والبقية خطأ .. هذا جيد في سبيل النقد الخاص للتفكير الذاتي .. فحين يتعارض المنطق مع ما يحكيه العقل السردي فحينها يبدأ القارئ بالتفكير .. لكن المبالغة في الأمر قد يجعل الشخصية كأنها سوبر مان لا تخترق ! بالطبع المبالغة ليست أمرا سهل تجنبه هنا بالوضع في الاعتبار أنك يجب ان تملاأ فراغات السرد الروائي هنا بحديث الشخصية و الشخصية فقط هي التي ستتحدث !
    7-العيب السابع .. عيب غريب .. لكني سأوضحه كما فهمته من أورسون .. باختصار تحدث عن أن الشخصية السردية هنا جزء من الحكاية .. أمر طبيعي بالقطع .. فهي التي تسرد .. حينها تسائل أورسون : لماذا تسرد الشخصية هذه الأحداث ؟ ولمن تسردها ؟
    بالنسبة لضمائر سرد أخرى – مثل الثاني و الثالث – يصبح السرد عملية عادية .. شخص يتحدث – المؤلف – على لسان العديد و العديد من الشخصيات .. كما وصفها أورسون .. بوجود حائط رابع بين المؤلف و القراء و الشخصيات و الرواي .. أما هنا فالحائط غير موجود في الأساس بين الرواي و بين القراء .. و بالتالي يجب الإجابة على هذين السؤالين ..
    يقول أورسون أن هناك ثمة طريقة متبعة لذلك .. شهيرة فعلا .. هي أن يتجمع عدة أشخاص سويا في جلسة و يطلبون من شخص أن يسرد قصة معينة .. فيبدأ الشخص بالسرد .. و قد يكون شيخا يحدث أبنائه عن الحقيقة الخفية .. قد يكون أي شخص يحدث أي شخص آخر .. الفكرة في وجود الهيكل الخارجي للقصة .. أي أن القصة ذاتها ما هي إلا جزء من عملية سردية في جلسة جماعية .. و أن الشخصية تسرد الأحداث لأنه طلب منها ذلك .. سواء طُلب من المستمعين أو من داخل الشخصية نفسها لشعورها بأي شعور ترغب في التفكير فيه ككاتب .. في الوقت نفسه من يستمع للقصة ليس القراء و إنما الذين مع الشخصية السردية في الهيكل العام للقصة .. بينما القراء مجرد متطفلين !
    ليس هذا الحل الوحيد بالطبع .. لكنه أحد أكثرها شيوعا .. من الحلول الأخرى هي الخطابات .. حيث تستقبل شخصية خطابا من شخصية أخرى تسرد فيها حكاية الثانية للأولى .. و قد تكون مذكرات شخصية يطلع عليها أحد فيما بعد .. كما فعلت في مذكرات رانمارو مثلا .. و قد تكون شرحا لأمور حدثت أمام قاضي في قضية .. لديك مطلق الحرية في التفكير بحلول تلائم قصتك .. فقط لا تنسَ .. لا تبدأ القصة مباشرة .. يجب أن تحدد لماذا و لمن تتحدث الشخصية السردية و إلا سيكون خطأ !
    8-العيب الثامن الذي يوضحه أورسون هو الخلل الزمني .. فضمير السرد الأول يسرد الأحداث بصورة ماضية .. مهما حاول المؤلف فتظل الرواية في صيغة ( ما حدث سابقا ) و ليس في صورة ( ما يحدث الآن ) .. و هذا ما يعني وجود فجوة زمنية بين الأحداث و بين الحاضر .. بالطبع هو عيب خطير .. و بالمثل فضمير السرد الثالث لديه خلل مكاني , فالذي يسرد الرواية له قدرة على الدخول لعقول الشخصيات أحيانا .. وهذا يسبب خللا و ارتباكا لدى بعض القراء كما يوضح أورسون على أساس أنهم لا يعرفون مكان الراوي من الشخصيات نفسها .. أحيانا يكون فوقهم و بعد لحظة يكون بينهم و تالية يكون في عقل أحدهم .. على كلٍ ضمير السرد الشخص الثالث المحدود هو من المحاولات الناجحة في كسر هذين الحاجزين .. في رأيي الشخصي لديه مستقبل باهر هذا الضمير .. (( بالمناسبة .. لم أفهم ما قاله أورسون ها هنا .. ربما لذوي الخبرة في هذا الضمير يخبرني عما يريد قوله ))
    9-العيب التاسع للضمير هو أن الشخصية التي تسرد الرواية تعرف جيدا النهاية .. لهذا فلو أخطأ الكاتب خطأ واحد و صرح على لسان الشخصية بالنهاية أو بعض منها فقد خسر الكثير ..
    10-العيب العاشر – وهو ليس عيبا بالمناسبة – هو تخصص بعض أنواع الروايات لهذا الضمير .. فمثلا من الصعب كتابة رواية مغامرات و فانتازيا بهذا الضمير نظرا لصعوبة الأمر .. كذلك من الصعب كتابة رواية أفكار – أعني روايات اللغز و الغموض – لكن من الأفضل كتابة الروايات الرومانسية و الإجتماعية بهذا الضمير .. بالطبع هذا من رأيي الشخصي المحض ..
    11-العيب الحادي عشر .. أنا قد لا أحب الشخصية .. فلم أقرأ الرواية ؟!
    بالطبع قلت أن هذا الضمير هو ضمير سردي من وجهة نظر واحدة .. شخصية واحدة تثرثر و تثرثر و تثرثر .. ما رأيك إن لم تحب الشخصية تلك ؟ أمر طبيعي و شائع أن يحدث .. لو أمسكت برواية ستجد أنك قد تحب الشرير و تكره البطل .. فما رأيك حين يتم سرد الرواية ذاتها من وجهة نظر البطل الطيب ؟ ستكرهه .. و بالتالي ستكره الرواية لأنه لا يوجد لك من بوابة لقرائتها سوى الاستماع لحديث الشخصية التي تكرهها ..
    العيب ببساطة أنه يضيق الخيارات أمامك لتحب شخصية من عدة اختيارات متاحة لك بأنماط مختلفة إلى خيار وحيد فقط أنت مجبر عليه سواء راضيا أم لم ترضَ .. عيب خطير في نظري ..

    أعتقد أن الوقت حان لأن أقول ميزة هذا الضمير ..
    مجددا .. كم أكره هذا الضمير !
    حسنا .. الميزة الوحيدة لهذا الضمير هو أنه يكسر الحاجز بين القارئ و الشخصية .. فهو يجعل القارئ أكثر قربا للشخصية بصورة لا مثيل لها .. ضاربا بذلك عيب ضمير السرد الثالث و الذي يجعل القارئ بعيدا قليلا عن الشخصيات في الرواية .. ولهذا فمن المنطقي أن الحديث بهذا الضمير يتطلب تحضير كامل وشامل للشخصية السردية .. و أعتبره بحق أكثر الحالات حاجة لبناء متكامل و عميق لتفاصيل الشخصية بدءا من أدق التفاصيل حتى أكثرها وضوحا ..
    لماذا أكره الضمير ؟
    أعتقد أن الصورة واضحة .. أنا لا أكرهه .. لكني أجده غير عادل .. ففي مقابل كم المخاطر التي تواجه من يكتب به فهذا كله في سبيل ميزة واحدة فقط .. لهذا ضمير السرد الثالث المحدود له قوة أكبر من هذا الضمير لقلة عيوبه و كثرة مميزاته عنه ..
    أود توضيح نقطة مهمة ..
    بالنسبة للكاتب المبتدئ سيجد أن أكثر الضمائر سهولة في نظره هو الأول .. و ربما يعتقدني مجنونا و معقدا بنقاطي التي تحدثت عنها .. لهذا سأقول الحقيقة .. لن يجد تلك النقاط أحد إلا من يكتب باحترافية بهذا الضمير .. أي أن الكاتب المحترف و المخضرم الذي يرغب بكتابة رواية رائعة سيجد نفسه في مواجهة تلك النقاط و ربما أكثر .. لكن الكاتب المبتدئ لن يدرك حجم المخاطر و المآسي التي يرتكبها في حق روايته حتى يوضح له أحد ذلك .. و للأسف نادرا ما يفعل أحد ذلك .. بل أشك إن وُجد من يفكر في أن يفعل ذلك ..

    ضمير السرد الثالث :
    يعرفه البعض باسم الراوي .. و أعرفه أنا باسم الرواي ( أمزح .. هو خطأ مطبعي شائع لدي وعيناي صارت لا تميز الفرق بينه و بين الصحيح ) .. هو الراوي العليم .. هو ضميري المفضل حقيقة ..
    حتى أكون عادلا – و إن كنت أشك – سأذكر عيوبه :
    1-العيب الأول : الفصل بين القارئ و الشخصيات ..
    من المعلوم انني لو ظللت أتحدث لك عن شخصية ستتقرب إليها أكثر مما لو حكيت له عن ثلاثة .. عن عشرة .. فما بالك بمجرد القفز فوق الشخصيات و توضيح بعض ردود أفعالها من حين لآخر ؟
    هذا هو العيب الأكبر لهذا الضمير .. في نظري لا يمكن تجنب هذا العيب لأنه باختصار مدموج في الطريقة السردية الخاصة به .. و يزداد هذا العيب بزيادة عدد الشخصيات – راجع تجربتي في مذكرات رانمارو حتى لا أكررها هنا –
    2-العيب الثاني .. وفقا لما قاله أورسون فالعيب الثاني هو الفصل في المكان .. ولم أفهم ما يعنيه حتى هذه اللحظة للأسف ..
    3-العيب الثالث : كما في الأول سيكون هنا كذلك أن بعض الأنماط في الرواية تكون أفضل لو حُكيت بالثالث .. كالمغامرات و الفانتازيا و الغموض .. و لكن إن شئت و قصصت قصة رومانسية أو واقعية فلن تكون بمثل التأثير الذي سيحصل عليه القارئ لو حكيت نفس الرواية بالأول ..
    أعتقد أن هذه هي العيوب ..
    ما هي المزايا إذن ؟
    1-الحرية في الحركة .. حقيقة أعترف أن هذه الميزة هنا هي التي تجعلني أعشق هذا الضمير .. أنا أحب التحرك من مكان لآخر .. أحب أن أبني و أنسج خيوط حبكتي كما أريد وأشتهي .. لا أريد أن أكون مقيدا بنظرة شخصية واحدة ..
    2-بقية المزايا هي عيوب الأول .. باختصار الثالث مرآة معكوسة للأول .. مميزات الثالث هي عيوب الأول .. عيوب الثالث هي مميزات الأول .. و العكس صحيح .. ( طبعا حتى لا أطيل عليكم )

    ضمير السرد الثالث المحدود :
    حسنا .. هذا الضمير أراه مهما و مميزا في وقت واحد .. بداية ما هو الضمير ؟
    هو إحدى المحاولات المستميتة لتجنب عيوب الأول .. جاءت ببساطة من دمج الأول مع الثالث في ضمير واحد ..
    لو نظرنا للأول على أنه نظرة شخصية واحدة للأمور طوال الرواية .. و الثالث هو نظرة كافة الشخصيات في الحدث طوال الرواية بصورة فوقية كأنك تراقبهم .. حينها لو قلنا الثالث المحدود فهو نظرة شخصية معينة للأمور في مشاهد معينة .. مع التبديل في الشخصيات السردية للأحداث تباعا كما يرغب الكاتب ..
    لو قلنا أن الرواية بضمير السرد الأول تحتوي على شخصية سردية واحدة فقط .. و الرواية بضمير السرد الثالث تحتوي على شخصيات عدة في السرد .. فالثالث يحتوي على أكثر من شخصية في الرواية تسرد الأحداث ..
    لهذا فهو يأخذ من الأول كون المشهد السردي يتم سرده من منظور شخصية واحدة فقط .. شخصية واحدة تسرد الأحداث و لا أحد غيرها .. و تأخذ من الثالث تنوع شخصيات السرد في الرواية .. لهذا فاسمه ضمير السرد الثالث المحدود ..
    محدود لأنك تحد الرؤية السردية من مجموعة أشخاص لشخصية واحدة فقط .. تلتزم فيها بكافة بنود اتفاق الأنا .. ولا تخالفها قط ..إلا في شيء واحد فقط .. أكثر من شخصية – عبر الرواية بأسرها – تسرد الموقف الروائي ..
    أبرز مثال في رأيي هي واحة الغروب ..
    لماذا الثالث المحدود ؟
    باختصار هو زاد من مميزات الأنا و قلل من عيوب الرواي العليم ..
    فمميزاته هي :
    1-يجعل القارئ يتقرب كثيرا من الشخصيات الموجودة بالرواية .. ( نفس ميزة الأول و عيب من عيوب الثالث )
    2-يجعل القارئ أمام أكثر من نمط للشخصية فتزداد خياراته للتعلق بأحدها .. ( نفس ميزة الثالث )
    3-نسج الحبكة جيدا .. فأنت هنا تعرض أكثر من وجهة نظر لأكثر من شخصية لنفس الحدث ربما .. كما حدث في بعض أحداث واحة الغروب .. ( ميزة من الشخص الثالث )
    4-إتاحة الفرصة للكاتب للتعبير بحرية أكثر عن الرواية .. ( ميزة من الشخص الثالث )
    5- يزيد من الألوان الأدبية المتاحة للكتابة بهذا النمط .. و في رأيي أكثر الأنماط استفادة من هذا الضمير هو الثالث المحدود .. فحين تقص الرواية من وجهة نظر البطل مرة و البطلة مرة أخرى ستكون رائعة في رأيي ..
    لكن ليس كل شيء جميلا هكذا .. فالعيوب خاصته قاتلة للغاية ..
    أحد أهم العيوب على الإطلاق هي عدم تعود الكاتب على هذا النمط .. الكتاب معتادون على الأول .. الثالث .. الثاني .. لكن خلط بين الأول و الثالث هذا نمط جديد .. هو – مثل أي طريقة كتابة في العالم – تحتاج لتدريب و تعود عليها و قراءة في عيوبها و مميزاتها و خبرات السابقين .. لكن المشكلة أن الكتاب يندفعون في الكتابة معتمدين على أنهم يعرفون الأول و الثالث إذن فالكتابة بهذا الضمير لن تكون صعبة .. و هذا خطأ كبير ..
    العيب الثاني و الهام هو إن لم ينتبه الكاتب إلى أن الرواية يجب أن تكون في نطاق قوي للحبكة فستصبح مجرد خيوط طويلة متفرقة تجمعها نهاية واحدة .. فكما قلت في رأيي بواحة الغروب الخطأ الذي وقع فيه الكاتب الكبير بهاء طاهر كان واضحا .. لقد تمددت الرواية و الأحداث منه بصورة لم يفكر في دمجها بالحبكة إلا متأخرا .. لهذا جاءت النهاية باهتة في رأيي .. و لكي يحدث هذا الاندماج على الكاتب أن يفهم أنه لم يختار هذا الضمير عبثا .. لم يختار هذا الضمير ليسرد موقف بشخصية و موقف آخر بشخصية أخرى .. بل اختاره ليسرد نفس الموقف بشخصيتين مختلفتين على الأقل .. وهنا المحك الرئيسي بالفعل ..
    في واحة الغروب فصول مبنية على تلك النظرة .. لكنها قليلة .. لو عدت للقراءة و تابعت تلك الفصول تحديدا ستجد أنك حين تنتهي من قراءة نظرات الشخصيات الموجودة لموقف واحد أنك تفكر في أكثر من اتجاه .. مشغول بالتفكير في أيها صحيح و أيها خاطئ ؟ وماذا حدث تحديدا ؟ كما في حادثة مليكة الرائعة في نظري بالرواية .. خلاف ذلك فالرواية تصبح مجرد حواديت سردية لشخصيات منفصلة عن بعضها البعض .. على كلٍ العيب هذا خفي و لا يدركه الكاتب إلا متأخرا للأسف .. فاحذر منه ..
    يقول أورسون تشبيه جميل عنه " نحن نبادل الوقت بالمكان " .. فلكي نتعمق أكثر في مشهد واحد نستغرق وقتا أطول فيه بسرده من وجهتي نظر مختلفتين بصورة منفصلة و بصورة تامة كأن كل شخصية تسرد الرواية من منظورها الخاص فعلا .. نعطي وقتا أطول في سبيل إحداث تأثير و تفكير أعمق .. هذا هو الثالث المحدود فعلا ..

    * أمور سردية خاصة :

    الروايات أربعة أنواع :
    -رواية حول فكرة
    -رواية حول شخصية
    -رواية حول أحداث
    -رواية حول العوالم ..
    كل نوع يحتوي على كافة عناصر الرواية .. لكن يبقى العنصر المميز لها هو المسيطر على بقية الأنواع .. ففي الفكرة يصبح الهدف كله الفكرة .. من أوضح أمثلتها روايات الغموض .. روايات الجرائم .. الروايات التي تبدأ بفكرة وهي لغز .. سواء الرغبة في سرقة بنك .. البحث عن كنز مفقود .. التفكير في هوية القاتل .. بينما الروايات التي تدور حول الشخصيات هي روايات إجتماعية .. تدور حول المشاكل الإجتماعية .. حول الأمور الخاصة بالحياة الشخصية للبشر العاديين و بالتالي لشخصيات الرواية .. أما رواية الأحداث فهي التي تطغى سلسلة الأحداث بها على بقية العناصر .. بينما رواية العوالم تلك الخاصة ببناء العوالم الخيالية و فيها يصبح الهدف هو استكشاف العالم من خلال المغامرات .. و ثلاثية الخاتم مثالا على ذلك ..
    لكل نوع من الأنواع السابقة أهمية حين النظر له نظرة حاكمة عادلة .. فلا يمكن مثلا الحكم على رواية الفكرة من جهة أن الشخصيات الموجودة بها سطحية .. فهي عادة ما تكون كذلك .. لكن حينها نبحث عن الفكرة و عن الأداء و التعبير عنها و حينها نطلق الحكم عليها حقا بحيادية .. و هكذا ..

    كتابة الفلاش باك :
    كتابة منتشرة بالطبع .. الشخصية تجلس و تسرح بخيالها في الماضي ..
    عن نفسي – ولا أدري لم – لم أحب تلك الطريقة .. المشهد الوحيد الذي قمت بفلاش باك فيه بروايتي كان جزء من فصل فقط .. مجرد مشهد .. ولم يكن فلاش باك بالمعنى المعروف .. مجرد سرد لما حدث في الماضي مع الأم و ياكو و رانمارو مع توضيح لردود الأفعال بين اللحظة و اللحظة للمستمعين .. أي جعلته في منتصف الأحداث .. و تبعا لما قرأت حتى الآن فقد كنت موفق في هذا .
    ببساطة النمط التقليدي للفلاش باك هو أن يبدأ الفصل بمشهد الفلاش باك للشخصية وهي غاضبة أو حزين .. تسرح في الطريق مثلا خلال إشارة مرور .. تسرح في سيرها أو جلوسها في شرفة منزلها .. المشكلة كلها في تلك الطريقة – و التي انتقدها أورسون – أن الغالبية من المبتدئين يشرعون في كتابة فلاش باك دون تقديم حاضرا للشخصيات .. و هذا غير صحيح ..
    يجب أن يتم كتابة بعض من الحاضر معبرا عن حاضر الشخصية التي تقوم بالفلاش باك حتى يكون للقراء انطباعات عنها قبل أن يأخذوا معلوماتهم من الفلاش باك , النقطة المهمة الأخرى هي ألا يحتوي الفلاش باك على مجرد سرد لأحداث دون أي شيء آخر .. يجب أن يحتوي على أمور مهمة .. و إلا فما فائدته ؟
    تستحضرني طريقة جميلة استخدمها أحمد العايدي في أن تكون عباس العبد .. تقسيم الفلاش باك على عدة مراحل .. حين تذكر القاص طفولته مع عوني – والغريب أنه عوني ذاته لكنه متقمص شخصية عبدالله الذي كان يعذبه – و قام بسرد ما حدث في طفولته لكن بصورة متقطعة و في أثناء الفصول .. و بصورة جيدة كذلك .. الأمر لم يكن مملا لي كقارئ .. بل كان مثير .. وهذه خطوة ذكية من العايدي بالطبع ..
    هناك من يحب بدأ روايته بفلاش باك مباشرة .. و هنا يمكن إثارة الفضول من أول كلمة في الرواية .. لكن مجددا لا تسرد شيء بدون أن تستفيد منه .. لا تفعل شيء في الرواية دون أن تستفيد منه .. هذه قاعدة مهمة للغاية ..
    القاعدة الأهم من هذا كله – بالاعتبار أن لكل كاتب نظرته الخاصة في الكتابة – أن الفلاش باك مهما كان و أين كان يتم كتابته بضمير السرد الشخص الأول " الأنا " و ليس بأي ضمير آخر .. نقطة أحببت توضيحها صراحة.

    كيف أعرض المعلومات دون التسبب في ملل القارئ ؟
    سؤال هام .. أنت تكتب نعم .. لكن ما فائدة كتابتك لقراء يملون منك ؟
    الملل .. أحد المخاطر الشديدة لمهنة الكتابة حقيقة .. خاصة في الفانتازيا .. حيث مطلوب منك الدفع بعشرات الصفحات من المعلومات و الوصف عن العوالم و التقنيات و السحر و خلافه من معلومات و أسس و شروحات دون تخطي المنطقة الحمراء .. الملل .
    لكي أقوم بذلك هذه هي تقنياتي التي أستخدمها :

    -تعددية الشخصيات :
    وهو نابع من أن عرض فكرة على شخص تختلف عن عرضها على عشرة . الفكرة تكمن في أنه كلما كان العدد أقل كلما كان فرصتي للتدخل في الحوار و قطعه أقل .. و لو حاولت أن أكثر من القطع في الحوار سيمل القارئ مني نوعا لأنني أستخدم نفس القطع دوما .. لكن حين يكون العدد كبير ففي خلال عشرة صفحات من الشرح المتواصل ربما لا يسمع اسم شخصية إلا مرة أو مرتين فقط ..

    -الحوار التفاعلي :
    الحوار التفاعلي فكرته بسيطة .. يمكنني في مشهد أن أجعل الشخصية صاحبة المعرفة تتحدث و تثرثر بصورة متصلة لعدة صفحات .. و هنا تصبح بقية الشخصيات ذات أدوار مستمعة صامتة .. بالضبط كما يحدث في الفصول التعليمية المصرية .
    ويمكنني في الوقت نفسه .. و بنفس الشخصية المتحدثة .. و بنفس القدر من المعلومات التي أريد أن أوصلها للقراء .. أقوم بجعل الحوار تفاعلي .. بمعنى أن الشخصية تتحدث و تقول مقطعا منتهية من جزء من المعلومات و أقطع الحديث و أجعل شخصية أخرى تتدخل في الحوار بجملة اعتراضية .. قد تكون جملة تعجبية .. فتهز الشخصية العارفة رأسها و تتابع مؤكدة كلمات من تدخل و توضح أكثر و أكثر من المعلومات .. و ربما تكون الجملة استفهامية .. و حينها يكون الجزء التالي إجابة عن السؤال .. و ربما تكون استنكارية .. كمن يقول معلومات تختلف عما لدى الشخصيات أو إحداها فتتدخل بالإعتراض و توضيح وجهة النظر التي لديها مثلا أو تكتفي بالنفي فتتابع الشخصية العارفة الشرح مستعينة بالأدلة .. و قد أعترض الشرح ذاته بجمل فقط تعبر عن حالة المستمعين و تأثير الكلمات عليهم من تعبيرات الإنسان المختلفة .. وقد أقطع الشرح بجعل الشخصية العارفة تتحرك في المكان .. إن كانت جالسة تقوم .. إن كانت واقفة تسير نحو المدفأة أو النافذة .. وربما تجلس على مقعد .. ربما تجلس محتضنة الشخصية التي تحدثها و تتابع لو كان المشهد مؤلما .. ربما أقطع المشهد لتدخن سيجارة .. لتتنهد .. لأي شيء آخر قد يشتت التركيز قليلا عن الملل .. فالإنسان بطبعه ملول ..
    لتعلم أن تركيز القارئ يزداد شغفا ليتحول من كونه مستقبل سلبي للمعلومة معرض لخطر شديد للملل إلى شخص يرغب أكثر من الشخصيات أنفسهم لمعرفة المعلومات كاملة حين يتم عرض سؤال منطقي بحت أو استنكار منطقي بحت من قبل الشخصيات التي أمام الشخصية العارفة بالأمور .. حينها تضمن جيدا أن القارئ يزداد شغفا ..
    لكن لتحاذر .. حاذر دوما و أبدا من التكرار .. لا تكرر نمطك .. لا تكرر طريقتك .. لا تبالغ في أي شيء .. بمعنى لا تجعل الاعتراض دوما أو غالبا من قبل جمل استفهامية .. حينها سيشعر القارئ أنه في مدرسة .. ولا تجعل الاعتراض دوما و أبدا بجمل تعبيرية .. ربما يمل القارئ منك حقا .. نوع .. دوما ما أفكر أنني حين أكتب أمتلك نفس الأدوات بلا تغيير .. نفس التي يملكها زميلي الكاتب الذي لا أعرفه .. فكيف سأؤثر في القارئ إذن و أكون مختلفا و مميزا دون ملل ودون تقليد لما جاء سابقا ؟ علي بالابتكار و بعدم التكرار و التغيير الدائم و التنوع في استخدام الأسلوب و النمط ..

    Show , don't tell :
    ببساطة شديدة .. مبدأ يقول : صف و لا تصرح ..
    المبدأ هذا في مواضع يكون صحيحا للغاية .. في مواضع أخرى يكون خاطئا للغاية .. باختصار مجددا .. قم بم تحتاجه روايتك .. لو أردت رواية وصف فقط فستحصل على آلاف الصفحات كتابة .. ولو أردت رواية تصريحية فقط فستحصل على عدة صفحات فقط .. عليك أن توازن .. وازن بين الطريقتين .. و على هذا الأساس يصبح نمط أسلوبك .. و لكن ماذا نفعل نحن هنا ؟
    نحن هنا كي نخبرك بكيف تعبر جيدا .. و متى تصف .. ولماذا تصف من الأساس ..
    في البداية يجب أن تدرك جيدا أن التعبير عن الفكرة أو المعلومة أحد طرق التنويع في العرض .. ففي خلال مقطع واحد يمكنك التصريح و العرض في نفس الوقت .. كمثال على ذلك :
    ودخل الرجل ذو الخطوات الثقيلة المكان مسببا في ترددات صوتية عالية تتردد في الأنحاء كافة ..
    من خلال هذه الجملة عرفت أنه رجل بالتصريح .. و أنه داخل مكان .. و عرفت أن وزنه ثقيل ربما .. يحمل أشياء ربما بالتعبير .. و عرفت أن المكان خاوٍ بالتعبير .. هنا القارئ يتعرض لموجات من التصريح و التعبير للمعلومات .. و بالتالي لن يشعر بالملل ..
    لا تستخف بذكاء قارئك و لا ترهقه .. هذه من قواعدي الخاصة .. أحترم دوما ذكاء قارئي في الكتابة .. فأخفي بعض الأمور التي يمكن التوصل إليها بالتفكير .. لكن المشكلة دوما ما تكمن أنه حين التفكير تخرج عدة احتمالات و ليس احتمالا واحدا .. كما في حالة الرجل بالمثال بالأعلى .. لهذا يجب أن تحدد لقارئك فيما بعد أي الخيارات هي أصوبها .. وقد تستخدم تلك الفكرة في الحبكة .. فتطرح عدة أمور للتخمين تصاحبها عدة احتمالات تتشعب و تتداخل في النهاية أنت الوحيد الذي يعلم جيدا أي الاحتمالات صواب و أيها خطأ ..
    لكن لا تبالغ !
    لا تجعل روايتك كلها عرض .. عن نفسي لا أحب العرض الكامل .. بل أكاد أمل منه .. وصف وصف وصف .. لابد من التصريح .. لابد من تحديد الأمور دوما .. على كلٍ يقولون أنك تكتب ما تحب أن تقرؤه .. ولهذا كل كاتب مختلف عن الآخر ..
    من أحد عيوب استخدام طريقة الوصف في التعبير هي التطويل ! تخيل معي أنك كي تكتب عبارة :
    دخل رجلا سمينا المكان الخالي .. عليك أن تكتب هذه العبارة : دخل أحد الأشخاص بشاربه الكث يتأرجح مسببا ضجة عالية بخطواته الثقيلة في هذا الحيز الضيق , زاد عليها ترديد المكان للأصوات عدة مرات ..
    هنا أنت للتعبير عن خمسة كلمات فقط كتبت اثنين و عشرين كلمة .. لو حسبت الأمر ستجد أن الوضع مخيف .. وهو حقا كذلك .. وهذا فهو يُضاف لعيوب تلك الطريقة .. التطويل !
    نقطة أخرى ..
    لا أدري إن كنت ما سأقوله يقع تحت عنوان الوصف و عدم التصريح أم لا .. لكن سأقوله على أي حال ..
    يمكنني – ككاتب – أن أقوم بكتابة ما أريد قوله في صورة سردية بحتة .. وهذا مثلا حين أقدم شخصية :
    جاء عمر إلى المكان الذي تربى فيه , لا أحد يعلم متى جاء عمر للمكان لكن الحقيقة أنه يرتبط به , فوالده – رحمة الله عليه – لم يكن من المنطقة .. و لم يشاهد أحد أي شخص يحمل اسم نائل في نهاية اسمه في المنطقة من قبل , لكن وجود عمر ارتبط بالمكان لأنه فعل .. كذا و كذا .. الخ ..
    الاستطراد في وصف المعلومات هكذا لا أحبها .. لماذا لا يتم عرض تلك المعلومات بصورة حوارية ؟ يكفي مشهدا لشخصين يتحدثان عنه قبل مجيئه و أسرد فيه هذا كله .. وربما بعضه .. و ربما أكتفي بمقولة : لم يوجد أي من عائلة نائل من قبل هنا سوى عمر !
    هذه هي طريقتي .. لا أحب السرد المستمر .. لكني أحب الحوار المستمر المتخلل ببعض من السرد .. لأن الحياة أغلبها حوار .. حين تجلس بمكان لا تجلس تشاهد كل صغيرة و كبيرة .. بل تجلس مع أصدقائك تتحدثون عن كل صغيرة و كبيرة !
    على كلٍ حتى أعرف ماذا تعني تلك الطريقة في الكتابة فسأكتفي بوضعها هنا لحين إشعار أخر ..
    وهي طريقتي في الكتابة .. و مجددا .. ما يسري علي قد لا يسري عليك .. و ما يسري عليك قد لا يسري علي ..

    القفز بالأحداث زمنيا :
    منطقة مهمة فعلا .. تخيل أنك في روايتك و تريد القفز زمنيا بالأحداث .. لأنه و ببساطة شديدة لا مجال للحديث عما سيفعله البطل في رحلته التي ستستغرق سبع ساعات مثلا في الطريق .. أنت تريد أن تدخر الوصف لهذا الطريق لرحلة العودة مثلا حيث أحداث مهمة ستحدث فيها أو في رحلة أخرى أو فوق هذا كله لا تريد أن تملأ روايتك بكثير من الوصف الممل و الحشو الذي لا فائدة منه ..
    حينها يكون الحل البسيط أمامك هو القفز زمنيا .. ربما تجعل الانتقال بسيطا للغاية بكتابة جملة واحدة تعبر عن ذلك قبل بداية المشهد التالي أو الفصل الجديد .. و قد تريد أن تجعل الموقف أكثر تماسكا فتصف مشهدا يحضر فيه البطل سيارته ثم تتبعه بمشهد آخر يصل فيه لنهاية رحلته بعد رحلة متعبة من القيادة .. و ربما تقف في منتصف الطريق في إحدى كافتيريهات الراحة لتصف ما يحدث باختصار و إقتضاب معبرا عن انتهاء جزء من الرحلة وقتيا و بعدها يركب سيارته ليرحل ..
    بالنسبة لي قمت بالقفز زمنيا كثيرا .. لعل أكثر ما أحنق القراء هي قفزة زمنية استمرت شهرين كاملين .. فيها أخفيت تفاصيل معركتين مصيريتين و اكتفيت بوضع اسم واحد لهما : معركة باكوشو ..
    ولم أذكر تفاصيل تلك المعركة إلا في بداية الجزء الثالث كفلاش باك منفصل عن أحداث الرواية .. أفكر في ضمه لمذكرات رانمارو ربما .. على كلٍ هي تجربة مجنونة لكنها ليست ما قصدته هنا ..

    الغموض و الإثارة و الشغف :
    حقيقة أحد الأمور الهامة في أي رواية .. مقدار الإثارة فيها .. ما المدى الذي نجح الكاتب في إثارة الفضول و الشغف داخل نفس قارئه ؟
    مهلا .. ليست تلك المهمة بتلك السهولة على الإطلاق ..
    يقول الروائي مانويل كومروف عن وسيلة جميلة أستخدمها عادة في إثارة شغف القارئ طريقة " السلسلة المتداخلة من المشاكل و الوعود "
    الأمر ببساطة شديدة يكمن في أنك إن لم تمنح قارئك سؤالا يجعله يفكر في الإجابة عليه في أي مرحلة من مراحل الرواية فأنت تفقده ! القارئ إن لم يكن مصحوبا بعامل الإثارة سيتحول لديه العامل الضد و هو الملل .. و حذار من ملل قارئك ..
    نعود .. بالنسبة لتلك الطريقة فببساطة نتصور أن لدينا رواية بها سؤالا .. و إن كان بسيطا .. مثل : أين زاك ؟ تجعل بطلك يهبط من فراشه باحثا عن زاك حتى و إن لم تكن قد أخبرت القارئ من قبل عن ماهية زاك , طبيعي أن يتخيل القارئ أن زاك هذا هو شخص , حينها يمكنك صدمه بجعله كائن أسطوري مثلا صديق للبطل .. أو شيء آخر حسب ما تحب .. بعدما يبحث القارئ مع بطلك عن زاك في المنزل و لا يجده حينها تكون قد قدمت الإجابة على السؤال : أين زاك ؟ . زاك ليس بالمنزل !
    لا تجعل قارئك يلتقط أنفاسه .. كما نقول فلتضرب على الحديد وهو مشتعل .. لا تقدم لقارئك سؤالا .. لا .. قدم له سؤالين .. ثلاثة .. و يا حبذا لو قدمت مع كل سؤال احتمالية خطر معينة .. فمثلا على لسان بطلك :
    -هل يمكن أن يكون قد ذهب لدان ؟ إن ذهب لدان فربما يقتله ! .. لا .. ربما يكون قد ذهب لسارة .. حينها ستأخذه و تسبح في مركبتها نحو كوكبها ولن أقدر على الحصول عليه مجددا .. لكن ماذا إن لم يكن هناك ؟ هل يكون قد ضل طريقه ؟ أم سرقه أحدهم ؟
    هنا تضع قارئك على عتبة الانفجار ! بداية هو لا يعرف من هو زاك .. فقط هو أدرك مدى أهمية زاك .. و أدرك عدة أمور منها أن ذهابه لدان خطر .. و ذهابه لسارة خطر .. دان يكرهه و سارة تحبه .. ربما لا يكون هنا أو هناك .. حينها سيكون من المنطقي أن تنطلق الشخصيتين دان و سارة في طريق البحث عن زاك مع بطلك .. و هنا تجعل من بطلك على حافة مقعده من فرط الإثارة .. هل وجده أحد منهما ؟ ولو وجده كيف سيعرف ؟ وماذا سيفعل البطل ؟ .. سيرغب بمعرفة ما هو تال .. ولا تقدم له الإجابات عن الأسئلة إلا بعدما تكون قد مهدت لأسئلة أخرى .. و هكذا ..
    هذه الطريقة لو حللتها ستجد أن إجابة كل سؤال تمنحك بوابة لسؤال جديد أو أكثر .. و لو نظرت للأمر بصورة أوسع و أشمل ستشعر كأنك تبني هرما .. قمته هو أول سؤال طرحته على الإطلاق .. و قاعدته العريضة تلك هي قمة الإثارة و التشويق و التي عادة تكون ذروة الأحداث .. و بعدها تكشف كل شيء و انتهاء الرواية ربما .. وربما تكشف بعض من الأحداث لتظهر مغامرات جديدة و هكذا دواليك ..

    علاقة الكاتب بالقارئ .. العقود الخفية :
    -العقد الأول : لن تنتهي الرواية قبل نهاية الصراع الرئيسي فيها ..
    -العقد الثاني : أي شيء يستغرق وقتا في السرد الروائي يجب أن يكون ذو مغزى للرواية .. فالتفرعات الخارجة عن نطاق سير الحبكة و الأحداث الرئيسية و التي تصب في مصلحة التشتت و الرغبة في الثرثرة و كتابة صفحات كثيرة لا داعي لها هي مجرد خطأ كبير .
    قد يتسائل البعض بأنه يشعر بأنه يجب كتابة أمور خارج نطاق الحبكة الرئيسية .. حينها أنت لديك مطلق الحرية في جعلها تابعة للحبكات الفرعية أو للمضاعفات و المشاكل .. لكن ضع في حسبانك أنك يجب أن تنهي الصراع الأساسي بالرواية .. و حين ينتهي عليك بنهاية الرواية كلها ..
    مثال : في أمير الخواتم نجدها مليئة بالصراعات و النزاعات .. قصص ثانوية كاملة تأخذ منحنى خط سير واحد بالثلاثية .. قصص أراجون و مغامراته دفاعا عن أراضي البشر و استعادة ملكه الضائع .. و قصص الإنت و الشجر المقهور تحت المعاملة الظالمة له .. نزاعات سارومان و طموحاته التي تجعله ينقلب للشر .. كل هذا جيد .. لكن القصة الأساسية .. محور القصة كله يكمن في فرودو و رحلته لتدمير الخاتم .. القصة بدأت بذلك .. القصة تتحرك نحو ذلك .. و القصة انتهت مع تدمير فرودو للخاتم .. مع ذلك انتهت كل القصص الأخرى قبل هذه النهاية .. كل القصص ساهمت –بشكل أو بآخر – في مساعدة بعضها البعض حتى يساعدوا فرودو في مهمته .. أي أن كل الحبكات الفرعية ساهمت في تدعيم الحبكة الرئيسية و الوصول بها لبر النهاية .. و لم تقم بالتشتيت و الابتعاد عن النهاية .. وهذا هو دستور الحبكات الفرعية العام .. فقصة أراجون و كفاحه كانت من الأهمية بمكان حتى تصد جحافل سارون و توصل الجميع للوقفة أمام البوابات السوداء مساعدة منهم لفرودو كي يمر عبر أرض سارون دون أن يلاحظه أحد .. و قصة الإنتس كانت مهمة لدحر قوى سارومان .. لا توجد قصة لم تسهم في دفع عجلة قصة أخرى او الحبكة الكلية .. و هنا يكمن موطن قوة بالرواية ..

    التأثير في مشاعر القراء :
    حسنا .. نقطة أعتقد أنك قد توصلت لفكرة عنها بصورة كبيرة من خلال قراءة ما سبق .. فقط أحببت أن أضعها كنقطة في النهاية كي تدرك حقا وجود شيء كهذا .. و لن أتحدث عما تحتها .. فأنت أعلم بما هو تحتها ..
    فقط اعلم أنك لا تتلاعب بمشاعر قرائك إلا في سبيل إحداث تأثير أعمق و توصيل فكرتك .. أي لهدف أسمى .. لو تلاعبت بغرض التلاعب فقط فلن تكون كاتبا .. فقط ستكون متصنعا .. و لن تحدث شيء سوى كراهية القراء لك و احتقارهم لك و لديهم حق في هذا بالطبع ! أعتقد أنك يمكنك اعتباره أحد قوانين الكتابة الغير مكتوبة .. و كافة القوانين كذلك ..

    *الفصل الافتتاحي :
    لأهميته فضلت أن أفرد له جزء بمفرده ..
    أتذكر أمرا .. كدت ألقي بهاري بوتر الجزء الأول و ألا أكملها نظرا لسخافة و تقليدية الفصل الأول بها !
    الفصل الأول .. بوابتك نحو قارئك .. باختصار قارئك زائر جديد على عالمك الخاص .. فكيف تجعله يبقى ؟!
    ببساطة فلتجعله يشاهد التنانين الطائرة .. اجعله يشاهد الأبطال يركضون وراء شيء أو خوفا من شيء .. اجعل قارئك يندمج في الرواية بقوة .. و لا تقف خارجا و تقول : سأجعلك تدخل الرواية تدريجيا .. القارئ لا يريد هذا !
    في نظري الفصل الافتتاحي هو بوابة الدخول للقارئ .. في بداية الرواية سيكون القارئ متحمسا لك .. يقول في نفسه أنه لم ينفق نقوده هباءا منثورا .. فلتثبت له ذلك ! لا تجعله ينقب عن كنوزك .. لتضع له الكنوز ظاهرة بعدها لتخبئ منها ما تشاء !
    الإثارة .. فالإثارة .. فالإثارة .. لن يجذب قارئك شي بقدر ما ستفعل إثارة في الفصل الأول .. في رانمارو بدأت الرواية بحادثة تعرض لها رانمارو .. حادثة غيرت مجرى حياته .. لم أبدأ بشيء تقليدي .. بل فضلت الإثارة .. وقد كان اختيار موفقا ..
    هذا ما يمكنني قوله .. حاول أن تجعل قارئك يتمسك بضفتي كتابك ولا تجعله يتمسك بحافتي فراشه مستعدا للنوم !

    *الوقت بالرواية :
    أعترف .. أحد المشاكل الكبرى التي تواجهني في الكتابة .. حقيقة لم أجد مشكلة أكثر منها صعوبة و أشد منها عنادا في التعامل .. الوقت .. هذا السيف الصارم .. مشكلة كبيرة
    هناك عدة أمور يمكن التعبير عن الوقت بها في الرواية كمشكلة :
    -الوقت الخاص بالمغامرات .. وهذا ما أعني أن المغامرات قد تدور في وقت زمني قصير قد تشعر معه أن الأبطال قد مكثوا شهورا و شهور .. لقد وقعت في هذا الخطأ في بداياتي حين وصفت في أحد ردودي على القراء أن الجزء الأول لرانمارو استغق قرابة شهر .. وحقيقة لم يستغرق سوى تسعة أيام بالضبط !
    -الوقت بين المغامرات .. قد تحدث مغامرة .. ثم تريد أن تكتب مغامرة تليها مباشرة .. فتنسى أن على الأبطال التحرك من مكانهم للمكان الذي يليه في وقت زمني طويل نسبيا .. فتخطئ و تصف المشهد في الزمن التالي مباشرة للصراع الأول .. يتضح هذا الخطأ حين يكون الصراع الأول و الشمس في كبد السماء و الثاني و الشمس في اتجاهها للنوم مثلا .. ربما تخرج من هذا المأزق بالقول أن مدة التحرك جعلتهم يصلون للصراع الثاني و الشمس كانت هكذا .. لكن في داخلك حاول تجنب مثل تلك الأمور التي ينتبه إليها القارئ بسهولة ..
    -الوقت بين المناطق المختلفة في عالمك :
    هذه المشكلة تحديدا سببت لي أرقا ولا زالت لأنها لم تُحل بعد .. تخيل أنك تتحدث عن مغامرات في كوكب ضعف حجم كوكب الأرض .. أحد المغامرات في منطقة و مغامرة أخرى في نفس التوقيت في منطقة أخرى تماما .. إن كانت الشمس في أحدها مشرقة فهل ستكون في الآخر غاربة ؟ هذا بالطبع مثال بسيط .. لكن يمكن أن يكون معقدا بجعل الشخصيات تتحرك من مكانها قبل شروق الشمس عدة ساعات ثم تحدث مواجهة و هنا يكون السؤال : هل ستكون الشمس في مكانها العادي بعد مرور تلك الساعات ؟ أم أن تحركهم سيجعل الشمس تتحرك لليمين أكثر " للشروق يعني " أم للغروب أكثر " لليسار أعني " ؟
    ببساطة ما أعنيه هو أن الآن في مصر لا يساوي الآن في أمريكا لا يساوي الآن في روسيا .. خطوط الطول تفرق .. هذا ما توصلت له بعد تفكير بسيط .. لكن كيف أصنع خطوط الطول تلك ؟ يقولون أن الفانتازيا تتيح لك مرونة لا مثيل لها في التعامل مع القوانين .. فوضعت قوانين خاصة بي في خطوط الطول .. و حاليا أنكب على خريطة ضخمة للعالم أقوم فيها برسم خطوط الطول بقوانين معينة .. جعلت الخط المنتصف – خط جرينتش لدينا – يمر بمصر .. و الفارق بين الخطوط أفكر في جعله عشر دقائق حتى يسهل علي حساب الوقت .. لكن فوق كل شيء الأمر مؤرق و مرهق بشدة ..
    -هناك مشكلة إضافية وهي تسبب عدم الثبات الداخلي للعوالم في الرواية .. مثلا التعارض في الأعمار .. التعارض في أمور حسابية معينة .. هذه الأمور ينتبه لها القراء و هي مهمة للغاية .. لكن طريقة تجنبها سأوضحها في مرحلة بناء العوالم باذن الله ..
    -هناك مستوى لن أتحدث عنه – لأنه متقدم في نظري – في التعامل مع الوقت .. وهو المقارنة بين الوقت على الأرض و الوقت على الكوكب الفانتازي .. و هذا الأمر انتهيت من وضع أسسه و سأطبقه و حين أنتهي منه بسلام ربما أعود للحديث عنه هنا و إن كنت أشك في وجود من سيهتم بكل تلك التعقيدات ..

    *الدافع :
    آهٍ ثم آهِ من تلك النقطة !
    صعبة .. صعبة حقا .. لكنها مهمة .. بل مصيرية .. لم تعجبني واحة الغروب بسببها .. الدافع .. دعني أتحدث قليلا عن الدافع ..
    يقولون في الطب أن لدينا نوعين من الأمراض .. الأمراض المزمنة .. و الأمراض الحرجة ..
    هكذا الوضع تماما في الرواية ..
    أنت طوال الرواية تصف أحداث تحدث للبطل .. كل هذه الأحداث تحدد نوعيتها من خلال ردة فعل البطل نحوها .. فإن جعلته يثور و يثور عليها و يحاول معلاجتها فهي إذن مشاكل حرجة .. لو جعلت البطل يصمت و يتنهد و يمصمص شفتيه ضيقا فأنت جعلتها مشكلة مزمنة ..
    في الطب أخبروني أن المريض ذو المشكلة المزمنة عادة ما يكون متأقلم عليها .. و ربما يعيش حياة عادية بمتابعة الدواء و الطبيب جيدا .. علموني أن المريض لن يتحرك من منزله ليأتي للمستشفى عندي إلا في حالة واحدة .. إما مرض حرج .. و إما مرض حرج جاء في وجود المرض المزمن ..
    هذا ما يحدث أيضا بالرواية ..
    حين تكون الرواية من النمط المزمن .. حين يكون البطل مجرد متقبل للمشاكل .. حينها يكون من غير المنطقي أن يثور فجأة بدون مقدمات ..لو ثار فهذا يعني وجود مشكلة حرجة جاءت فوق تل المشاكل الذي لديه .. لكن لابد من وجود تلك المشكلة الحرجة ..
    الفكرة تكمن في أن الشخصية تصير كراكب السيارة تماما .. اعتادت على وجود المشاكل .. لكنها اعتادت على المشاكل بوتيرة معينة .. حين تزداد سرعة وتيرة المشكلة حينها يكون الوضع حرجا له .. و هذا ما يعني كون المشكلة حرجة ..
    في الطب تعلمت أنني يجب ألا أكترث لتل الأمراض الذي يخبرني به المريض .. فقد أؤكد و أؤكد على سؤاله : ما الذي جعلك تحضر من بيتك الآن و تأتي إلي ؟
    سيخبرني بشيء واحد .. هذا هو المرض الحرج .. و هذا ما ينبغي علي علاجه أولا و بسرعة ..
    في الرواية كذلك ..
    حين تثور الشخصية على الأوضاع التي هي فيها حينها يجب أن أتسائل : ما الذي دفعه لهذا ؟ ما الدافع ؟ ما الحافز النفسي الذي جعله يثور على وضعه الرتيب ؟!
    حينها يبرز الدافع من أسفل الرواية برأسه التي يخاف منها الجميع .. وأنا منهم ..
    على الرغم من أنني أعرف الدافع جيدا .. لكني وجدت نفسي غير قادر في عدة مناطق بروايتي على وضع الدافع لكل تغير و تطور .. لكن الأهم على الإطلاق هو دافع الحبكة الكلية .. فهو من أسس الرواية بنظري ..

    كيف أكتب دافعا جيدا ؟
    سأعدد النقاط التي أراها مفيدة في نظري :
    -عليك بإيجاد دافع جيد و قوي .. و يا حبذا لو كان منطقي للغاية .. و يا حبذا أكثر لو كان أكثر من دافع سويا يؤديان للحدث نفسه !
    -عليك أن تجعل الدافع أكبر من مرحلة التغيير نفسها .. فمثلا في روايتي بالجزء الثالث كان هناك قرصانا تغير من عمله ليترك القرصنة مدافعا عن ثلاثة أطفال سقطوا أسرى في سفينته التي رفض طاقمها اتباع أوامره بالابتعاد عنهم و عدم التحرش بهم و قتلهم و قاموا بعصيان عليه .. لهذا جعلت الدافع في هذا الموقف متعددا .. فمن جهة هو يحب الأطفال و يشفق عليهم – ومن منا لا يفعل - , و من جهة أخرى هو قرصان نعم لكن ذو مبادئ , و من جهة ثالثة العند مع الطاقم – فهو عنيد و قوي ذو كبرياء – و من جهة أخرى جعلته يرغب بالتحول للخير نظرا لاعجابه بالرمز الجديد رانمارو .. و من جهة خامسة – و أكبر الجهات بالطبع – هي أنه دخل القرصنة بدافع وجده يتحطم أمامه حين تعرض الأطفال للهجوم عليهم .. اهتزاز المبادئ كثيرا ما يكون دافعا قويا .. لكن هنا لم يكن كافيا في نظري لموازنة عملية التحول تلك ..
    -الوقت ! مجددا الوقت ! هذا الدرس تعلمته في المثال السابق في الرواية .. حيث قررت في داخلي أنني سأجعل القرصان يتحول في غضون فصل .. لكني وجدت الفترة قصيرة للغاية .. أمر كهذا يحتاج لتفكير عميق .. و لو بيدي لجعلته يحدث في فترة عشرة فصول تقريبا .. لكني جعلته يحدث في فترة أربعة فصول تقريبا .. و عوضت هذا النقص في الزمن بضغط الطاقم عليه و شعوره بأن عليه أن يأخذ قرار مصيري ..
    الوقت مهم .. حين تقدم على عمل مهم أنت تأخذ وقتك في التفكير .. حين تشعر بصدمة نفسية تأخذ وقتك في التأقلم .. حين تريد العمل في مكان جديد تأخذ وقتا في التفكير العميق و الدراسة .. حين تكون مترددا بين أمرين لا تحسم أمرك مباشرة بل تجلس عدة أيام في القلق و التوتر و التفكير و التشتت .. هذا هو الواقع .. و هكذا هي الرواية ..

    هذا عن الدافع بالأحداث .. فماذا عن الدافع في الشخصيات ؟... هل يفرق ؟
    بالقطع يفرق !
    تخيل معي هذا الموقف ..
    أنت في أحد المقاهي وتجد أمامك رجل يتحدث بفظاظة و عنف للنادل .. فما رأيك فيه ؟
    وما رأيك حين تعلم انه كان يفعل هذا فقط لتشتيت الانتباه عن شيء كان يحدث في المقهى و قد نجح في ذلك ؟
    وما رأيك حين تعلم أنه منذ لحظات قد تعرض لتوبيخ من نفس النادل و أن هذه طريقته لرد الصاع للنادل ؟
    موقف آخر ..
    أنت تملك سر يؤرقك و قررت البوح به لصديقتك .. لكن بعد عدة ساعات اكتشفت ثلاثة من أصدقائك يحدثونك كأنهم يعرفون بالسر .. فما موقفك من تلك الصديقة ؟
    وماذا تفعل حين تعلم أنها ما فعلت ذلك إلا لشعورها بمدى خطورة المشكلة التي أنت فيها و طلبت مساعدة أصدقائك الآخرين لتخرج من تلك المشكلة بسلام ؟ ألن تختلف نظرتك تماما لها ؟
    الدافع الخاص لشخصية كي تقوم بأداء فعل معين مهم للغاية .. بل و وتر حساس نلعب عليه – نحن الكتاب – بمهارة في نسج خيوط حبكتنا .. فنحن نعرف جيدا الانطباع العام لدى القارئ حين يقرأ ما فعلته الشخصية .. لكن نحتفظ بالتبرير لدينا و لا نظهره .. نحتفظ بتفسير الفعل نفسه لدينا ولا نكتبه .. فيكون لدينا الغرض الرئيسي من الفعل – و هو المختلف تماما عما يعتقده القارئ – و لدينا الدافع الذي جعله يقوم بذلك .. حينها نكون قد امتكلنا سلاحا قويا لنسج حبكة قوية لن يدركها القارئ إلا إذا شعر أن الحبكة المنسوجة أمامه ببساطة غير منطقية أو أن اللعبة لا تدخل على عقله .. حينها و حينها فقط سيحاول التفكير في أبعاد أخرى للمواقف المصيرية .. و حينها و إن صحت تخميناته قد يهدد الحبكة بالكشف !
    لا يتوقف الانطباع عن الشخصيات عند حد " القيام " بالفعل .. بل مجرد "محاولة القيام " بالفعل لوحدها تكفي .. مثلا لدينا رجل على سطح بناية كبيرة يوجه بندقية نحو رأس الرئيس لكنها لا تطلق الطلقة رغم ضغطه على الزناد .. سيدة تقفز في حمام السباحة محاولة إنقاذ رجلا يغرق لكنه كان ثقيل الوزن فتركته حتى لا تغرق .. الأول قاتل و الثانية بطلة على الرغم من كلا منهما لم يقم بالدور المنوط به لكنه أخذ اللقب رغم ذلك .. ملحوظة مهمة و لا تغفل عنها .. لماذا مهمة ؟ لأن حقيقة أن الشخصية لم تقم بالدور الخاص بها , فهذا يفتح الباب أكثر للشك في الانطباع المأخوذ عنها .. نفس الحيلة السابقة .. لكن هنا يكون التفسير أكثر سهولة نوعا .. فهو مثل دور القاتل لكنه لم يقتل حقا .. هي مثلت دور البطلة لكنها لم تنقذه فعلا .. هنا حين نتجه نحو " تبرير " الأفعال سنجد أن العملية ستكون أيسر مما لو كانت شخصيات قامت بالفعل نفسه .. القاتل قد أدى دوره و قتل الرئيس .. و السيدة قامت بدورها و أنقذت الرجل ..
    هل هذا فقط ؟
    ربما لو تفكرت بعمق أكثر ستجد أن من المنطقي أن تقوم بنسج خيوط حبكة في روايتك .. و من المنطقي أن يحاول القارئ كشف الحبكة تلك .. فما رأيك لو نصبنا حبكة خلف حبكة ؟
    بمعنى آخر .. أنت تضع لقارئك خط سير للأحداث يختلف عن خط السير الذي بعقلك و الخاص بالحبكة الحقيقية للرواية .. حينها سيندفع القارئ في الطريق الخطأ لينصدم في الوقت المناسب بالحقيقة .. أمر كهذا يتم فقط من خلال فجوات في المشهد السردي للرواية و هي فجوات المواقف و الدوافع تحديدا .. و بالطبع هي الحيلة التي ذكرتها بالأعلى .. لكن ماذا إن لم أكن بالمهارة الكافية أو كان القارئ بالخبرة الكافية لكشف أن الأمر غير مطمئن له ؟ حينها سيعيد القارئ قراءة الأحداث و إعادة التفكير و التفسير في المواقف المهمة و ربما يصل لحبكتك بسهولة .. لهذا توجد الحبكة الخادعة .. وهو مستوى ثالث من الحبكات .. فحين يتجه القارئ لتكير عميق مثل محاولته لإعادة تفسير المواقف , فلتعلم أنه حينها يفكر بعمق أكبر .. فلماذا لا تخدعه إذن ؟
    عن طريق الفجوات الموجودة في المواقف التي لم تتم لشخصيات الرواية قم بنسج حبكة عميقة – و ربما تكتب بعض مشاهد متناثرة طوال الرواية هدفها توجيه القارئ نحو هذا الفخ المحكم في حين أن المشاهد تلك تقع تحت التفسير البسيط للحبكة الكلية و لا تحتاج لهذا التعقيد كله – حينها يبتعد القارئ عن حبكتك و تستمر أنت في الحبكة بسلام حتى يتفاجأ في نهاية الرواية بالحبكة الجديدة خاصتك و حينها سيكون في حيرة شديدة و انبهار تام .. وهذا هو المطلوب ..
    لهذا تعريف الشخصية بأنها ما تقوم به من أفعال تعريف سطحي تماما .. بل التعريف الأدق هو أنها ما تعنيه مما تؤديه من أفعال .. أي الدافع الذي وراء كل فعل من أفعال الشخصية ..
    رد مع اقتباس  
     

  5. #5 رد: كيف تطور من مستواك في كتابة الروايات الفانتازية الراقية ؟ 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المشاركات
    8
    معدل تقييم المستوى
    0
    *ثالثا : الفانتازيا :-الفانتازيا و الخيال العلمي .. تعاريف مهمة .
    -مرحلة بناء العوالم-المعارك-ابتكاراللغات-الوحوش و الكائنات الأسطورية-السحر فيالفانتازيا-حدود القوة فيالفانتازيا-الثيمات المعتادةبالفانتازيا-الرمزية فيالفانتازيا

    1-الفانتازيا و الخيال العلمي .. تعاريف مهمة :
    شيء لم أفهمه حتى الآن .. يضعون ثلاث أنواع من الروايات تحت عنوان واحد : speculative fiction وهذه الأنواع هي :
    -روايات الخيال العلمي
    -روايات الفانتازيا
    -روايات الرعب
    وحتى الآن لا أعرف ما علاقة الاثنين الأولين بالنوع الأخير .. صديق لي أخبرني أن الرعب يجب أن يحتوي على خيال .. لكني لأني لم أقرأ رعب .. و أكره أفلام الرعب .. و لم أكتب رعب .. فلا أعرف ما مصداقية تلك العبارات حقا .. ربما محبي الرعب يخبرونا بصورة مفصلة قليلا بالعلاقة بينه و بين النوعين الباقيين ..

    تعريف الخيال العلمي :
    هو أي رواية تحتوي على أي وجه من أوجه التقدم العلمي أو التكنولوجي في المستقبل مع شرط واحد فقط و هو حين يتم إزالة هذا العلم أو هذه التكنولوجيا من البنيان الروائي تنهار الرواية .

    تدور قصص الخيال العلمي في أي زمان و مكان . فالكتاب يمتلكون العالم الواسع من مجرات و نجوم , يمكنهم الكتابة عن الآن , الماضي أو المستقبل , هناك السفر ما بين النجوم , السفر عبر الزمن , الخلود , الهندسة الوراثية , نانوتكنولوجي , التحكم بالسلوك , التليباثي و غيره من القدرات الحواسية الخارقة , مستعمرات في الفضاء , تكنولوجيا حديثة و استكشاف الكون الشاسع ..

    في الخيال العلمي يجب على الكاتب أن يقوم بعمل عالم جديد مختلف تماما عن العالم الذي نعيش فيه . يمكنني أن أضمن لك عدم وجود سماء زرقاء أو كراسيء بأربع سيقان في أي رواية خيال علمي محترمة , وهذا تحدي كبير آخر يضاف لمجموعة التحديات التي يجب على الكاتب مواجهتها .

    الخيال العلمي ربما ينظر له البعض ممن لا يكتبونه على أنه مكرر ! حيث أنه يحتوي على نفس الفكرة العامة – العوالم الجديدة و الغريبة – بالطبع العيب الآخر هو تهميش دور الشخصيات و الحبكة و الصراعات لتكون في المرتبة الثانية بعد الأفكار العلمية و التقنيات الجديدة و الأفكار التي يتم استخدامها في بناء العالم – مرحلة بناء العوالم تكون بالمرتبة الأولى هنا مثلها مثل الفانتازيا بالضبط – لكن المهارة و التحدي الثاني أمام الكاتب هو أن يجعل من الرواية نغما متناسقا بين جزئياتها المختلفة دون أن يشعر القارئ بأنه قد همش أي جزئية من الجزئيات أو أن اهتمامه بإحداها قد أثر على الأخرى .

    الفانتازيا :
    هي الكتابة الخيالية بعيدا عن قواعد الحياة الواقعية .. لخلق قوانين جديدة نبني عليها كتابة منطقية .
    لا أجد حقا تعريف غير ذلك يكون شاملا لكل شيء في الفانتازيا ..
    للفانتازيا أنواع عدة لم أنتهِ بعد من التيقن منهم .. لكن هناك أنواع مهمة يجب الإشارة إليها بالتأكيد :
    1-dark fantasy فانتازيا الظلام :
    باختصار شديد هي فانتازيا ممزوجة بالرعب . لست من هواة الرعب فلن أعرف الحديث جيدا عن هذه الفانتازيا .. فقط ما أعرفه أنه متى ذُكرت ذُكر اسم هذا الكاتب : lovercroft H.P. .. فهو من رواد هذا الفن بالطبع ..

    2-high fantasy الفانتازيا الراقية :
    قد يختلف البعض معي في هذه التسمية لهذا كتبتها بالإنجليزية حتى يجدوا تعريفا آخر للترجمة ..
    هي باختصار فانتازيا معقدة .. يعتبرها البعض من أحد أرقى الألوان الروائية على الإطلاق نظرا لتعقيدها ..
    قد يطلق عليها البعض –حينما تكون في هيئة سلاسل – اسم epic fantasy و هي الفانتازيا الملحمية .. و قد يجعلون الاسم الأخير نوعا منفصلا ..
    مهما كانت التسمية فهناك ثلاث قواعد مميزة لهذا النوع :
    -شدة تعقيد للعالم الخيالي فيه
    -احتوائه على حبكات فرعية كثيرة
    -تعقد الشخصيات و عمقها .
    من أحد رواد هذا الفن هو تولكين الذي طور من فكر الفانتازيا الراقية بصورة كبيرة ..

    3-sword and sworcery fantasy فانتازيا السحر و السيف :
    هي فانتازيا تشبه لحد كبير الفانتازيا الراقية .. لولا أن المهمة هنا تكون معاناة شخصية واحدة و ليس العالم بأكمله على محك التدمير كما في الراقية .. كذلك تكون المهمة إنقاذ أميرة أو فتاة مهمة للشخصية من خلال السحر و مهارة استخدام السيف فقط .. لهذا جاء اسمها هكذا ..

    4-contempory fantasy الفانتازيا الواقعية :
    حقيقة بحثت كثيرا في هذا النوع حتى أجد جوابا لسؤال واحد .. كيف تكون فانتازيا و كيف تكون واقعية ؟
    حقيقة وجدت من تحليلي لهاري بوتر أن الفانتازيا ليست واقعية , إنما فانتازيا إجتماعية .. و نظرا لأن الرواية الإجتماعية دوما ما يُنظر إليها على أنها واقعية .. فقد كان الاسم هكذا ..
    هي فانتازيا مخصصة لنقاش أمور إجتماعية خالصة داخل نظام فانتازي بحت ..
    من أشهر أمثلتها سباعية هاري بوتر لرولنج ..

    2-مرحلة بناء العوالم :
    تعاريف هامة :
    • العوالم الخيالية imaginary worlds :
    العوالم الخيالية هي عبارة عن عوالم مختلفة تماما عن عالمنا الحالي . تتميز العوالم الخيالية بأنها موطن أحداث الرواية و هي تكون عادة في كواكب مختلفة عن كوكبنا و في زمن مختلف عن زماننا .. ومن أشهر الأمثلة على تلك النوعية عوالم أمير الخواتم الأرض الوسطى .

    *العوالم الموازية parallel worlds :
    العوالم الموازية عبارة عن عوالم خيالية تتواجد جنبا إلى جنب مع عالمنا الواقعي . و من أشهر الأمثلة على ذلك هي عوالم رولنج في سلسلتها هاري بوتر .

    *العوالم البديلة alternate worlds :
    تعتبر العوالم البديلة هي نفس العالم الذي نعيش فيه لكن مع اختلاف جوهري للغاية .. تغيير في نتيجة إحدى الأحداث الهامة و التي تؤدي بالتالي لتشكيل العالم بصورة مختلفة عما نحن عليه الآن . فعلى سبيل المثال لو جئنا بنتيجة الحرب العالمية الثانية و هزيمة ألمانيا على يد الحلفاء , و ما نتج عنه من تشكيل لقوى العالم و تنازعها فيما بينها لينتهي الوضع على ما هو عليه الآن , فلو افترضنا أنه في العالم البديل تم انتصار الألمان على الحلفاء .. فماذا يمكن أن يحدث ؟
    هنا يتحول الأمر لكون العالم البديل كأنه نظير لعالمنا الواقعي لكنه يقع في مكان آخر , الأحداث التي تحدث لدينا يمكنها أن تحدث في العوالم البديلة بصورة أخرى بنتائج مختلفة مما يغير من تشكيل مصير العالم بالتأكيد .

    ماذا تعني مرحلة بناء العوالم ؟
    بداية يجب أن أوضح أن مرحلة بناء العوالم ليست بالشيء الجديد على الأدب الروائي , بل هي موجودة في كل جنس روائي خلاف الفانتازيا و الخيال العلمي , هي موجودة ضمن مرحلة أكبر تُعرف في تلك الأجناس الأخرى بمرحلة " التحضير لما قبل الرواية " .. و لكن بالنظر لمدى أهمية تلك المرحلة في الأدب الفانتازي و الخيال العلمي و مدى تطورها نجد أن كونها مرحلة خاصة بها أمر يستحق فعلا ..
    لماذا أذكر هذا ؟
    أقول هذا حتى أوضح أن بناء العوالم مرحلة يمكن أن تبدأ من أبسط الأشياء تحضيرا إلى أعقد الأشياء تحضيرا .. قد تحتوي رواية على تحضيرات بسيطة للغاية و بدائية في عالمها الخيالي .. لكنها لا تزال تحمل نفس المسمى بالطبع .. و ربما تصبح مرحلة بناء العوالم عملا مجهِدا للغاية للكاتب و معقدا بصورة كبيرة , لكن فوق كل شيء لا يزال يحمل نفس الاسم .. التنوع بين هذا و ذاك أمر هام للغاية لفهم الأمور القادمة ..

    هل بناء العوالم شيء مخصص للفانتازيا فقط ؟
    لاحظت من ردود العزيز مهند أنه ينظر لبناء العوالم على أنها مرحلة فانتازية بحتة ! الأمر ليس هكذا على الإطلاق . هناك بناء عوالم مخصص للفانتازيا و بناء عوالم آخر لا يختلف في أسسه كثيرا مخصصا للخيال العلمي .. و لهذا يجب توضيح الفارق بين وجهتي النظر المختلفتين ..

    بناء العوالم في فن الخيال العلمي :
    كما قلت سابقا فمرحلة بناء العوالم تعتبر مرحلة تطويرية لما كان ضمنيا في الماضي مرحلة التحضير ما قبل الرواية , و نظرا لأن المرحلة تلك تهتم بالرواية و تتبع أسسها , فمن المنطقي ان تكون مرحلة بناء العوالم في الخيال العلمي حاملة لبصمات الخيال العلمي ..
    باختصار بسيط بناء العوالم في الخيال العلمي تعتمد على الأفكار ..
    ماذا يعني ذلك ؟
    دعونا نتحدث بصورة عملية قليلا ..
    لنتصور أن لدينا رواية تدور أحداثها في مستعمرة خاصة في الفضاء .. و لتكن تلك المستعمرة على سطح القمر .. كيف أقوم ببناء عالم تلك المستعمرة و بالتالي روايتي ؟
    أولا يجب أن أتسائل :
    -متى تم بنائها ؟ وكيف ؟ ومن قام ببنائها ؟ و أين مكانها بالتحديد ؟ و لماذا هذا المكان ؟ و كم تبعد عن الأرض ؟ كم من الوقت يلزم لسفينة فضائية السفر من المستعمرة للأرض و العكس ؟ و هل توجد مستعمرات أخرى في القمر ؟ و ما هي علاقات المستعمرات ببعضها البعض ؟ وما المسافات بينها و بين أقرب المستعمرات إليها ؟
    أود توضيح نقطة هامة قبل المتابعة ..
    هنا حين نتحدث عن الوقت اللازم للسفر بين المستعمرة و الأرض يجب أن نضع في الحسبان أننا سنتحدث علميا .. و هذا ما يعني أننا سنحدد أولا سرعة مركبة الفضاء تلك , ثم نحدد المسافة واقعيا بين القمر و الأرض , ثم نقوم بحساب الوقت اللازم الذي تستغرقه المركبة .. أمر كهذا مهم بالطبع .. بل يجب أن نضع في الحسبان دوما أننا في الخيال العلمي نعتمد على العلم الأرضي الموجود بيننا .. لهذا أي شيء يجب أن يتم حسابه بدقة شديدة .. فلنتابع ..
    بعد هذه الأسئلة البسيطة نتجه نحو أسئلة خاصة بالمستعمرة ذاتها :
    ما مساحة المستعمرة ؟ كم عدد سكانها ؟ هل توجد جاذبية كالتي على القمر أم تم تعديلها ؟ و كيف تم تعديلها ( لاحظ أن السؤال هذا يجب الإجابة عليه بفرضيات علمية ) ؟ وكم أصبحت الجاذبية الجديدة ( ويجب أن نعلم أن الجاذبية تؤثر في أوزان الأجساد على الكوكب ) ؟ من أين يأكل الناس هناك ؟ ومن أين يشربون ؟ و كيف يأتي الهواء الذي يتنفسوه ؟
    الأسئلة الثلاثة الأخيرة من الممكن أن يكون لدينا خيارات للإجابة عليها أبسطها أنه يتم إحضار الأشياء تلك من الأرض أو يتم تصنيعها من القمر .. لو كان من الأرض يجب تحديد الكمية التي يتم نقلها من الأرض للقمر في كل مرة و الزمن المستغرق لكل رحلة و كم رحلة تكون يوميا بين الاثنين .. و بالطبع التكلفة و من يمولها و كيف ؟ و لو كانت الإجابة هي الثانية فيجب أن نحدد طريقة تصنيعها من القمر .. و يجب ان تكون الفكرة منطقية و مقبولة و يا حبذا لو اعتمدت على فرضية علمية معينة ..
    فلنتابع ..
    ما سمك القبة الزجاجية التي تحمي المستعمرة ( يوجب حساب هذا أيضا لمعرفة أقل سمك ممكن لقبة زجاجية إن تم بناء مستعمرة في الفضاء ) ؟ وما هي المادة المصنوعة منها ؟ هل توجد روبوتات أو كائنات فضائية على سطح المستعمرة ؟ ما هو نظام الحكم فيها ؟ نظام الحياة الاجتماعية ؟ للسفر من و إلى المستعمرة هل يجب على الإنسان النوم لفترة معينة حتى تعتاد أجهزته البيولوجية على التغيرات ؟ ما هي الحالة الدفاعية للمستعمرة ؟ ومن أين يأتي الجنود ؟ وهل هناك ولاء للسكان للمستعمرة ؟ وهل تتبع المستعمرة كيانا سياسيا في الأرض ؟ ولم تم بناء المستعمرة في الأساس ؟ هل هناك ثورات داخلية في المستعمرة ؟

    أعتقد أن هذا يكفي نوعا ما لتحضير عالم خاص بالخيال العلمي .. و كذلك لتوضيح مرحلة بناء العوالم هنا .. هل أدركت ما أرمي إليه ؟ كل هذه الأسئلة تحتاج عادة لإجابات مقنعة لها ترتيب تسلسلي منطقي نابع من فرضيات علمية أو حقائق علمية أو حتى توقعات علمية ( كالتكنولوجيا المتقدمة ) .. كل هذه الأسئلة تحتاج " لأفكار " للإجابة عليها و تحضير العالم في الخيال العلمي .. لهذا مرحلة البناء هنا مرحلة أفكار ..
    بالقطع لست من عشاق الخيال العلمي و لم أكتبه أو أقرؤه يوما لهذا هناك من بينكم من هو أقدر مني على التوضيح و النقاش ..

    نقطة أخيرة أحب توضيحها هنا ..
    لو نظرنا للأمر على صورة روائية ضخمة .. سنجد أن بناء العوالم رغما عن الكاتب ينحصر في مكان معين بصورة مكثفة , و هذا لأن كل شيء في الرواية هنا يجب ان يكون خاضعا لتفسير منطقي نوعا وهو أمر مجهد بكل تأكيد .. لهذا أحب تشبيه بناء العوالم هنا بأنه برج ضخم على مساحة ضيقة من الأرض ..

    ماذا عن بناء العوالم في الفانتازيا ؟
    بناء العوالم في الفانتازيا له أسسه المختلفة نوعا عن تلك الموجودة في الخيال العلمي .. لكنه يشترك معه في الكثير و الكثير حقا ..
    باختصار شديد بناء العوالم في الفانتازيا يعتمد على الخيال !
    فبدءا من أبسط الأمور في التحضير العام للرواية نهاية بالتعقيدات الموجودة في بناء العوالم للفانتازيا الراقية نجد أن الجميع يشترك في أمر هام .. لا يوجد أساس علمي واقعي من عالمنا لكل هذا كله !
    فأين الأساس لوجود جنس التنانين مثلا ؟ لوجود جزيرة تظهر نهارا و تختفي ليلا عن الأنظار ؟ لوجود سماء حمراء كالشفق نهارا و بيضاء ليلا ؟
    بالقطع هذا لا يوجد أساس له على الإطلاق .. و هنا نجد الفارق الكبير بين بناء العوالم فانتازيا و بناءه خيال علميا .. هنا لا نهتم بالبحث وراء أسباب ظهور جنس التنانين في الأرض تلك .. و ما تسلسل الأحداث منذ ظهوره حتى الآن .. لا نكترث بالسبب الذي جعل الجزيرة تظهر نهارا و تختفي ليلا مع كونها جزيرة واحدة .. ولا نتكبد عناء التفسير للقارئ بوجود السماء الحمراء لأسباب كونية أو بيضاء لأسباب خداعية بصرية !
    باختصار يكفينا أن نقول أن هذا هو قانون عالمنا الذي نحن فيه ! هذا هو عالم الرواية الفانتازي الذي يجب أن تتقبله !
    ومن هنا يمكنني القول أن تقبل القارئ للفن الفانتازي يعتمد عادة على ثقته بوجود تلك الأمور الخارقة للواقع .. فإن لم يكن واثقا في الخيال فكيف يثق بما نكتبه ؟!

    هذا عن الحديث إجمالا .. لكن ماذا عن الحديث تفصيلا ؟!
    قلت أنه يتواجد عدة أنواع من العوالم في الرواية الفانتازية , و لا أعرف إن كانت موجودة أم لا في الروايات الخيالية علمية .. لكن أتمنى لمن لديه معرفة كبيرة بالأمر أن يناقشني فيه ..
    فهل يختلف بناء العالم لكل نوع عن الآخر ؟ نعم بكل تأكيد ..
    فبناء العوالم لعالم فانتازي خيالي مستقل تماما بذاته يختلف جذريا عن بناء العوالم لعالم موازي يتواجد جنبا إلى جنب مع عالمنا الواقعي , و كذلك الحال نفسه في بناء العوالم البديلة و أخيرا المركبة ..
    لهذا سأتحدث عن بناء العوالم لكل نوع بالتفصيل ..

    -بناء العوالم لعوالم خيالية مستقلة :
    وهي أصعب الانواع و أكثرها تعقيدا .. ببساطة الرواية تدور أحداثها في عالم مختلف عن عالمنا .. بل لا يوجد في الأساس عالمنا ! و من هنا يمكننا التفكير في مرحلة بناء العوالم سويا من هذا المنظور ..

    -الخرائط :
    تعتبر الخرائط مرحلة أولية أساسية في العالم الفانتازي الجديد .. فعلى سبيل المثال كيف يمكن الحديث عن بناء عالم لا نعرف تضاريسه ولا حدوده ولا ملامحه جيدا ؟
    رسم الخرائط مرحلة تتراوح من البساطة للتعقيد .. فمن بين الخرائط الموضحة بشكل عام لمكونات المناطق المختلفة في العالم إلى الخرائط المعقدة التي توضح نوعية التضاريس بالتفصيل في كل منطقة من مناطق العالم الجديد ..
    عن نفسي قمت برسم خرائط بسيطة و متوسطة التعقيد .. لكن الخرائط المعقدة تلك لم أستطع القيام بها للأسف .. و هذا لأنه يتطلب مني دراسة قوية لعلم الجيولوجي و هذا لمعرفة نماذج مختلفة لتضاريس الطبيعة المتعددة ..
    كيف أرسم خريطة ؟
    سؤال بسيط لكن إجابته صعبة حقا .. كيف ترسم خريطة ؟ كن منظما في التفكير .. فأولا يجب أن تفكر في العالم الجديد ككل .. كيف يبدو ؟ لهذا من المنطقي أن ترسم خريطة عامة للعالم تحدد فيها تكويناته المختلفة .. بعدها تقوم برسم خرائط تفصيلية تدريجيا لكل منطقة من مناطق العالم الجديد ..
    كيف أرسم الخريطة ؟
    احضر ورقة رسم بيضاء .. قلم رصاص .. ألوان خشب ..
    قم بتحديد نقاط عامة للعالم خاصتك .. و هذا بالإجابة على السؤال : هل سيكون العالم مسطحا أم كرويا ؟
    بعد ذلك قم بالنظر نحو الورقة و تخيل أحداث روايتك و انثر بعدها نقاطا سوداء في الصفحة قم بتوصيلها لتخرج برسمة للخريطة ..
    ربما تكون هناك فكرة عامة لشكل العالم في رأسك مع فكرة الرواية
    وربما لا ..
    لكن من المهم أن تعرف أن الكوكب – و أي كوكب – يحتوي على يابسة و ماء .. و اليابسة تتكون من قارات – جزر ضخمة – و جزء صغيرة .. و الماء يحيط باليابسة من كل الجهات ..
    يجب أن تعرف أن عليك تسمية كل قارة باسم معين .. كل مجموعة جزء باسم خاص بها .. الجزء من الماء الواقع بين قارتين اسم خاص به .. و هنا أعتقد أن مرحلة الرسمة الأولى لعالمك قد انتهت ..
    نتجه صوب التفصيل قليلا ..
    بعد هذه الرسمة المبدئية تتجه صوب المناطق المختلفة للعالم .. ربما ترسم كل قارة على حدة .. ربما تقسم عالمك لأربعة مربعات و ترسم لكل مربع رسمة منفصلة .. و ربما يكون لك وجهة نظرك الخاصة ..
    هذا كله لا يهم .. الأهم أنك يجب ان تعرف أن القارة شيء ضخم للغاية .. و كل قارة تتكون من مناطق .. كل منطقة تعتبر دولة خاضعة لاحد الأجناس المختلفة .. يجب ان تدرك أن كل قارة تحتوي على تضاريس مثل جبال و تلال و هضاب و أنهار و بحيرات و سهول و منخفضات و وديان و صحاري و غابات .. و يجب أن تدرك جيدا أن كل شيء ستضعه في الخريطة سيؤثر في الرواية .. لهذا لو كانت هناك صلة بين الحبكة الرئيسية لروايتك و بين الخريطة يجب أن تقوم بجعل الخريطة تتبع الحبكة هنا و ليس العكس ..
    فمثلا ..
    لو الحبكة الرئيسية معتمدة على وجود منطقة خفية في كل قارة يجب على الأبطال أن يحرروها .. و هذه المنطقة هي منطقة كانت موجودة في الاصل في القارة لكن تم إخفائها بقدرات سحرية شريرة ..
    هذه إحدى حبكات روايتي بالمناسبة ..
    لو فكرنا عميقا في الأمر سنجد ببساطة أننا لو جئنا على رسمة قارة بكل تفاصيلها و اقتطعنا جزءا من الأرض بعيدا و حاولنا رسم القارة مجددا بدون هذا الجزء سنلاحظ وجود سلسلة جبلية تنتهي بسهل فجأة ! أو نهر يصطدم بمنخفض مثلا ! و الملاحظ بصورة أكبر هو عدم وجود ظاهرة طبيعية واحدة ممتدة عبر القارة .. و هذا أمر طبيعي بالقطع .. لكن تخيل لو أنك لم تنتبه لهذا في أثناء عملية رسم الخرائط ؟ سيؤدي هذا لكارثة حتما .. هذا ما وددت توضيحه هنا ..
    التفكير العميق يؤدي لأفكار جديدة .. هذا صحيح .. و هذا صحيح هنا أن الخرائط تعتبر منبعا لأفكار و حبكات ثانوية تثري من عمق الرواية .. لهذا حين ترسم الخرائط لتدون جانبا البيانات التي تنهال على رأسك حتى تحضرها في بناء العوالم فيما بعد ..

    هل انتهينا من مرحلة الخرائط ؟
    لا يتبقى لنا سوى مرحلة اختيار الأسماء .. وتم التحدث عنها في قسم الأسماء باذن الله ..
    سأضع في نهاية الدراسة باذن الله صورا لخرائط قمت بها توضح تلك المراحل ..

    -الأجناس المختلفة :
    من النقاط المهمة في الفانتازيا تعدد الأجناس الموجودة فيها . فمن بين الأجناس تلك نجد الأجناس التقليدية مثل : التنانين – الأورك- الجن – الحوريات – الأقزام – السحرة – مصاصي الدماء – المستذئبين – العمالقة – الأشباح .. هذا ما برأسي حاليا ..
    وهناك الأجناس الجديدة ..
    ماذا عن الأجناس ؟
    كما قلت أنه حين نقوم بعمل مرحلة الخرائط الهامة نجد أنه لدينا أفكار أو بيانات يجب أن نقوم بالتحضير لها .. ومن أبسطها هي ما يقطن كل قطعة من الأرض من الأجناس .. وهنا يأتي دور مرحلة الأجناس و توزيعها ..
    بالطبع الأجناس و اختيارها يعتمد بصفة كبيرة على الحبكة الكلية و النظرة العامة للكاتب لروايته .. فهناك البعض ممن يقررون وجود الجنس البشري إضافة للسحرة و التنانين فقط في الرواية .. آخرين يختارون الأورك و الجن و الأقزام و السحرة .. البعض يختار الأجناس الجديدة و البشر و السحرة مثلا .. آخرين يمزجون هذا و ذاك بصور مختلفة .. هذا كله تنوع لا يهم .. ما يهم هنا أن الأجناس تتحدد بمعايير خاصة بالرواية بصفة أساسية ..
    بعد هذا التحديد يقوم الكاتب بتحديد كل منطقة وما تحتويه من أجناس .. و من هنا يتجه نحو تحديد العلاقات الاجتماعية و السياسية و العسكرية بين الأجناس في كل منطقة و أخرى .. و منها يتجه صوب تطوير جديد وهو تحديد كيفية الحياة في تلك المناطق ؟ هل في مدن ؟ هل في قرى ؟ هل في الجبال ؟ هل يتم التحرك بالسفر كل يوم خوفا من تهديد ما ؟ وما هذا التهديد ؟
    الأجناس مرحلة مهمة فعلا .. فحين تكون الورقة ممتلئة فقط برسومات و شخبطات توضح الأماكن الكبيرة بالعالم , نجد أنه للحديث عن جنس الأورك مثلا يتطلب وجود مدينة ضخمة خاصة بهم , و هنا نتسائل عن موقع تلك المدينة و نبحث عن مكان مناسب و نضع علامة خاصة بها , ثم نتجه صوب البحث عن اسم خاص لها , و ما أهم مميزاتها و .. إلخ .

    قبل أن أنتهي من هنا أحب توضيح أن الأجناس القديمة قد يعتبرها البعض عملة مستهلكة للغاية .. لكن الأجناس الجديدة يخاطر الكاتب بعدم تقبل القارئ لها .. لهذا أنصح بالمزج بين الاثنين و عدم الخوف من التكرار .. فاستخدام جنس لا يعني بالضرورة أنك تتبع طريقة كاتب معين عدا جنسين فقط أحببت التنويه عنهما لأني لاحظت الحساسية الخاصة لهما :
    -الأورك - الهوبيت
    الاثنين خاصيين تماما لعالم تولكين .. و هذا لأنهما كانا من الأجناس الجديدة حينها و لاقا نجاحا كبيرا في الكتابات الروائية خاصته .. لهذا فالجنسين يعتبرهما الكثير مخاطرة لأي كاتب يستخدمهما .. فقط أحببت توضيح هذا الأمر ليس أكثر ..
    ماذا عن نفسي ؟
    عني أحب استخدام الأفكار الجديدة .. لهذا شرعت لتكوين و تطوير أجناس جديدة تماما أستخدمها في روايتي و بالطبع استخدمت اجناس قديمة مثل التنانين و السحرة و مصاصي الدماء و المستذئبين ..

    -مرحلة المدن و القرى و الأنظمة الإجتماعية في العالم الفانتازي :
    كما هو واضح من العنوان .. سنتحدث عن كيفية بناء مدينة في العالم الفانتازي ..
    بصفة عامة المدن التي تحتاج لبناء هي المدن التي ستظهر في الرواية .. قد يبدو الأمر هذا منطقي تماما لكن في الأمور الإضافية سأتحدث عن أمور هامة قد لا تعرفها ..
    مثلا :
    على الأبطال الخروج من مدينة سيتوراس للذهاب لمدينة دوتفاير ثم منها لمدينة الرينتاروريين ..
    هذا أيضا في روايتي .. لكن هل فهمت ما أريد قوله هنا ؟ في الحبكة الأساسية أو الحبكات الثانوية توجد مسميات لمدن مهمة يجب أن أفكر في تخطيطها و التحضير لها .. و هذا لأنها ستكون مهمة للغاية في سير أحداث روايتي ..
    كيف أبني مدينة ؟
    كما فعلت في بناء العوالم للخيال العلمي مع حذف مصطلح العلم هنا .. كل شيء يحدث لأنه يحدث هكذا .. كل شيء موجود لأنه موجود هكذا .. لا تفسير لأي شيء على الاطلاق ..
    بالطبع ستبدأ بمرحلة الخرائط وهذا عن طريق رسم خريطة عامة و تفصيلية للمدينة .. ثم ستتجه نحو تحديد الأجناس التي بها .. ستحدد العلاقات بين الأجناس و بعضها داخل المدينة و بين من بالمدينة من وحولها .. ستحدد أمور مهمة مثل حاكم المدينة أين يسكن ؟ و المدينة هل لها سور أم لا ؟ وكيف يتم الدفاع عن المدينة ؟ صناعية هي أم زراعية ؟ وماذا تنتج ؟ نمط الحياة الأسرية و التربوية و الزواج بالمدينة .. التعليم .. هل هناك مدرسة لتعليم السحر ؟ مكان لتعليم ركوب التنانين ؟ من أين يأتي التنانين ؟ هل أهل المدينة ودودين ؟ هل ؟ هل ؟ هل ؟
    فكر في أي سؤال قد يخطر على بالك .. انزل في شوارع مدينتك .. تفقد الأحوال الموجودة بها و كلما شاهدت شيئا تسائل في داخلك هل ستجد نفس الشيء في مدينة عالمك الفانتازي أم لا ؟
    هل ستجد شحاذين ؟ هل ستجد مواسير صرف صحي ؟ هل ستجد حفائر خاصة بالآثار ؟ هل ستجد .. هل ستجد .. ؟ و هكذا ..
    أي مدينة تتكون من أحياء و مناطق لها مسميات خاصة .. فلا تنسَ ملحوظة كتلك بالطبع ..

    -مرحلة البناء التاريخي للعالم :
    في رأيي هذا أهم ما يميز بناء العوالم الفانتازي عن الخيال العلمي .. البناء التاريخي للعالم ..
    في الخيال العلمي أنت تقوم بالكتابة عن أحداث حدثت منذ عصرنا الحالي حتى بدء الرواية بصورة تخص فقط العالم الذي تدو فيه الرواية و الذي عادة ما يكون مستعمرة فضائية مثلا .. أعني أنه مكان محدود ..
    لكن في الفانتازيا الأمر مختلف ..
    في الفانتازيا أنت مطالب بوضع خط زمني لتاريخ طويل قد يمتد لآلاف السنين .. كما في أمير الخواتم و الذي استمر لأكثر من ثلاثة آلاف عام , و في روايتي لاكثر من عشرة آلاف عام , التاريخ لا يكون بتلك البساطة :
    في عام كذا قامت حرب بين البشر و السحرة .. في عام كذا كان السلام ..
    لا .. الأمر أكثر تعقيدا .. فالتاريخ يجب أن يتم وضعه كالتاريخ الطبيعي بالضبط .. و هذا ما يعني أنك يجب أن تتجه نحو الأجناس المختلفة .. بعدما تكون قد انتهيت من توزيع الأجناس على العالم .. ثم تقوم بوضع تصور لشكل العالم قبل فترة زمنية طويلة , لنقل ألفي عام , تقوم برسم خرائط مماثلة للخرائط التي قمت برسمها سابقا مع توضيح الفارق في الزمن .. فمثلا من ألفي عام لم تكن مدينة سيتوراس موجودة في حين كانت مدينة دوتفاير موجودة , منذ ألفي عام كان البشر يعيشون جنبا إلى جنب مع السحرة لكن الآن الوضع مختلف .. بعد ذلك عليك بكتابة تاريخ كامل عن كل جنس و عن كل مدينة و عن كل حدث هام قد وقع في التاريخ الخاص بهذا العالم .. وتاريخ تسلسلي للأحداث التي حدثت في العالم و التطورات الهامة في الفترة الزمنية الكبيرة تلك .
    ما أهمية ذلك ؟
    الأهمية عميقة .. تخيل معي أنك تتحدث عن شخصية في الرواية من جنس معين .. بدلا من النظر لتلك الشخصية بصورة مسطحة على أنها الشخصية صاحبة الأفكار الخاصة بها .. ستنظر لها على أنها سليلة جنس معين .. جنس تعرض لكذا و كذا و كذا .. وهنا يصبح عمق الشخصية لدى الكاتب محسوسا للغاية و بالتالي سيشعر به القارئ و يتلمسه .. هل أتكبد كل هذه المعاناة من أجل هدف كهذا ؟ نعم !
    بل المفاجأة .. ربما تقوم بعمل مجهود ضخم في سبيل .. لا شيء !
    ببساطة .. مرحلة البناء التاريخي للعالم الفانتازي مرحلة تختص ببناء العوالم الضخمة و المعقدة و التي تكون عادة في الفانتازيا الراقية ..

    -بعض الأمور الإضافية في بناء العوالم :
    *في البداية قلت أن مرحلة بناء العوالم تترواح بين البساطة و التعقيد .. فما العامل المحدد لذلك ؟
    ببساطة الكاتب ..
    حين يقرر الكاتب أن يكتب رواية بسيطة سريعة بعالم سطحي فهو يقرر في داخله أنه لن يقوم إلا بما يتطلبه منه الرواية و فقط ..
    لكن هل هذا هو بناء العوالم الذي يتناقش حوله الكثيرين وحول مدى جدواه ؟
    حقيقة لا .. النقاش حول مدى جدوى بناء العوالم مصطلح ارتبط عادة بالفانتازيا الراقية .. و المصطلح حين تم ربطه بها تم وضع كلمة " المعقد " بجواره .. نعم .. مرحلة بناء العوالم الفانتازية بصورة معقدة و مكثفة مرحلة مميزة للغاية للفانتازيا الراقية .. فما الفرق؟
    هل يمكنك كتابة شيء خارج نطاق الرواية ولا تضعه داخلها ؟
    صعب .. صعب أن تكتب شيئا ككاتب و تمنع نفسك من وضعه داخل الرواية ..
    هنا أنت تفعل هذا الأمر ..
    ببساطة أنت لا تفعل كل ما سبق في المناطق التي ستظهر في روايتك .. أنت تفعل كل ما سبق في كل شيء خاص بالعالم الفانتازي .. تحضر خرائط تفصيلية لمنطقة من العالم لن تظهر على الإطلاق أو ربما تظهر مرة واحدة كاسم فقط في الرواية .. تقوم بتحضير دليل كامل بأسماء جميع سكان كل مدينة و صفاتهم العامة و ألوان شعورهم و ما يميزهم و أوزانهم و أحجامهم .. تقوم بوصف تفصيلي لتاريخ كل جنس و مدينة و معركة في العالم الفانتازي ..
    تفعل هذا كله .. وفي النهاية لا يظهر لقارئك سوى أمور بسيطة مقارنة بالمجهود الذي بذلته في البناء ..
    بناء العوالم كالجبل الجليدي .. قمته الصغيرة تبرز من فوق سطح المياه في حين يبقى جسده الضخم مغمورا تحت سطح الماء .. هنا كذلك ..
    كثير من الكتاب يجدون مرحلة بناء العوالم المكثفة و المعقدة تلك أمر معقد و غير مجدي .. لكن حين تنتهي من كتابة ملحمتك الفانتازية و تقوم بنشر كتاب مفصل أو سلسلة كتب خاصة بالعوالم الموجودة في ملحمتك .. حينها ستجد أن قارئك قد انغمس في عوالم روايتك بصورة لا مثيل لها .. هكذا علمنا تولكين .. و هكذا نتبع خطواته ..

    * نقطة مهمة يجب أن أوضحها بصورة منفصلة و بصورة صريحة ..
    مما سبق يتضح لك أن بناء العوالم في الفانتازيا مرحلة خيالية تامة .. لا وجود للعقل و المنطق فيها ..
    هذه العبارة خاطئة تماما ..
    الفانتازيا مثلها مثل الخيال العلمي مثلها مثل أي فن روائي آخر يجب أن يحتوي على التفكير المنطقي و العقلاني ..
    إذن ما الوضع هنا ؟
    ببساطة شديدة الفانتازيا لا تتبع الأسس العلمية الموجودة في عالمنا المعاصر .. ببساطة هي تخترع لنفسها أسسا علميا خاصة بها في العالم الفانتازي .. لكن كما في العالم الواقعي .. الأسس العلمية يتم تفسير الأحداث بها .. و في الخيال العلمي يجب اتباع تلك القواعد بصرامة .. ففي الفانتازيا يجب اتباع تلك القواعد و القوانين الجديدة بصرامة أيضا !
    فمثلا ..
    لو قلنا أنه في عالم ريبارتول الفانتازي توجد المياه ذو خاصية غريبة , حيث بها نوعا من السحر يمكنها من اتخاذ أي شكل من الأشكال و البقاء عليه و بالتالي يمكن لأي شخص السير عليها و هذا لمن يقوم بتشكيلها بعصاته السحرية ..
    هنا أنت وضعت قانونا جديدا غير قوانين الطبيعة العادية للمياه في عالمنا .. لكن عليك هنا أن تسير وفق هذا القانون بالتأكيد ..
    و كتطبيق عملي على هذا حين نجد في أحد مشاهد الرواية البطل يقف في مأزق حيث محبوبته المخطوفة بواسطة الأشرار موجودة على الطرف الآخر من البحيرة وهو يقف على شط تلك البحيرة و لا يوجد أي قارب هناك و في الوقت نفسه خلفه مجموعة من الأقزام المتحالفين مع الأعداء يقتربون منه , حينها يجب ألا أجعل البطل يخوض قتال مثلا معهم أو أنه يركض بعيدا عن المكان و أتجه لتكوين حبكة ثانوية خاصة لإنقاذ المحبوبة .. بل ببساطة شديدة كل ما على البطل هو تحريك عصاته لتتكون مرتفع بسيط من المياه يصلح للقفز فوقه ثم يقفز فوق آخر في سرعة و رشاقة حتى يصل إلى الشط الآخر ..
    كمثال آخر من روايتي ..
    لا يمكن أداء أي تعويذة سحرية عدا التعاويذ الأسطورية – تحضير السيف الأسطوري و الفرس الأسطوري و الترس الأسطوري و الدرع الأسطوري – فقط في أرض الكويو .. لهذا حين يجب على أبطالي السفر في أرض الكويو الشاسعة نحو أهداف خاصة .. لهذا لا يمكن لهم أن يستخدموا المكانس الطائرة للتنقل السريع بعيدا عن مخاطر الطريق و تجنبا لمشاكل عديدة ..
    هكذا هو الحال في أي موضع من الرواية الفانتازية .. ما إن تضع قانون في الرواية حتى تلتزم به كأنه قانون حقيقي خاص في الواقع لديك .. لهذا نظرا لكثرة القواعد و القوانين أنصحك بفتح مجلد خاص بالقوانين تلك تكتب فيها القانون و نصه و أين يطبق وماذا يفعل و نظرتك عن دوره في الرواية حتى لا تنسى أحد القوانين في زخم القوانين الكثيرة التي ستمتلئ بها الرواية في مراحل متقدمة منها ..

    لا أدري إن كنت قد أوفيت كافة النقاط حقها أو قد أغفلت نقطة من النقاط .. لكني أعتقد أنني قد أوضحت النقاط الأساسية في بناء العوالم الفانتازية المستقلة بذاتها ..

    بناء العوالم في العوالم الموازية :
    بصفة عامة الأسس الخاصة ببناء العوالم الفانتازية هي نفسها ما هو موجود بالأعلى .. لكن سيتم التحدث بنظرةأخرى في كل نقطة من النقاط السابقة ..
    قبل الخوض في تلك التفاصيل يجب أن ندرك أن وجود عوالم موازية يعني بالضرورة وجود عالمنا الواقعي جنبا إلى جنب مع عالم آخر مختلف لا نعرفه و مجهول عنا .. عالم واحد على الأقل من العوالم الخيالية .. و ربما أكثر ..
    لو نظرنا مثلا لعالم هاري بوتر سنجد أن عالمنا الواقعي متواجد بالرواية كما نعلمه دون تغيير .. لكن في الوقت نفسه يتواجد العالم السحري جنبا إلى جنب مع عالمنا الواقعي دون أن نشعر بوجوده ..
    في سلسلة أفلام underworld نجد أن عالمنا الواقعي متواجد جنبا إلى جنب مع عالم مصاصي الدماء و عالم المستذئبين و هنا عالمين خياليين جنبا إلى جنب مع عالمنا الواقعي دون أن ندري شيئا ..
    بالنسبة لي ككاتب فانتازي أرى أن الاتجاه صوب الكتابة بتلك الطريقة لها مميزاتها و عيوبها ..
    فمن المميزات أن الكاتب يتيقن من تجاوزه لمشكلة عدم تقبل القارئ لواقع الخيال البحت في كل شيء بالعالم في الرواية .. فالقارئ على الرغم من أنه يبحث دوما عن الجديد يبحث أيضا عن الذي اعتاده و ألفه .. فإن لم يجد ما هو يعرفه ربما لن تعجبه الرواية .. و هذا أمر يجعل من الأفكار التقليدية أمرا حتميا لاستخدامها في نسيج أي رواية مهما كانت ..
    فبالمزج بين عالمنا الواقعي و بين العالم السحري الجديد يصبح لدى الكاتب مرونة في إقناع قارئه بوجود هذه العوالم .. بل و ربما يجعل القارئ يؤمن بوجود هذه العوالم من الأساس إن أتقن الكاتب حبك قصته .. وهذه ميزة أخرى قد لاحظتها بين عشاق هاري بوتر الذين ذهب بعضهم لوضع نظريات فرضية لإمكانية وجود العالم السحري و التاريخ السحري الذي نسجته رولنج .. وحاولوا إثباتها !
    الميزة التالية هي أن الكاتب ليس مضطرا للخوض في تفاصيل بناء العوالم المعقدة في العوالم الخيالية المستقلة بذاتها .. و هنا تكون ميزة لأن الكاتب سيستريح نفسيا من الضغط الهائل الذي تمثله تلك المرحلة في الكتابة .. و في الوقت نفسه تعتبر عيبا لأن الكاتب يفقد العمق القوي في قصته و القدرة على الكتابة بثقة شديدة و فوق هذا كله عدم مقدرة الكاتب لجعل قارئه يغوص أكثر و أكثر في أعماق روايته ..
    بالمناسبة .. مرحلة بناء العوالم حين تكون معقدة للغاية هي حلم لأي كاتب فانتازي في رأيي الشخصي , أو حلم لي على الأقل أحاول تحقيقه , لكن السبب وراء الاندفاع خلف تلك الطريقة المرهقة غير معلوم لي بعد .. لكنه شغف داخل نفسي ككاتب يدفعني دفعا لمحاولة الكتابة بتلك الطريقة الأسطورية .. لكن ربما البعض لا يجد فيها أي متعة على الإطلاق .. و أخيرا القارئ يشارك الكاتب الشغف في قراءة تفاصيل معقدة عن العوالم التي عاشها داخل رحاب رواياته ..
    العيب التالي هو أنه إن لم يتقنع القارئ بتعليل الكاتب لوجود العالمين سويا جنبا إلى جنب دون أن يعرف – وهو ينتمي للعالم الواقعي – بوجود مثل هذا العالم الخيالي , فهذا يعني ببساطة تدمير الرواية ! وهي نقطة سأتحدث عنها بالتفصيل حالا ..

    بالنسبة لبناء العوالم الموازية يمكنني الحديث عن تلك النقاط توضيحا لتلك المرحلة :
    -توضيح العلاقة بين العالمين و أثر ذلك على العالم الفانتازي و إعداده :
    حقيقة هذه أهم نقطة على الإطلاق في بناء العوالم الموازية في رأيي .. ولو فشلت فالكاتب قد فشل بجدارة .. و لو نجحت فالكاتب قد ينجح في روايته ..
    ماذا تعني تلك المرحلة ؟
    إن افترضنا أننا سنتحدث عن عالم فانتازي متواجد جنبا إلى جنب مع عالمنا الواقعي ..
    السؤال البديهي هو : هل نعرف نحن بوجود هذا العالم ؟ بالطبع لا لأنك كقارئ لا تعلم بوجود عالم يعيش به السحرة مثلا أو المستذئبين .. و إن كانت تلك الأساطير تضفي بعض من المصادقية حين نتحدث عن تلك الأجناس نوعا لكن في النهاية هي ليست موجودة !
    هنا نجد أن السؤال التالي الذي يدور في نفس القارئ هو : كيف يتواجد عالم آخر خلاف عالمي الواقعي دون أن أدري شيئا ؟!
    هنا مكمن الصعوبة في العوالم الموازية .. على الكاتب أن يفكر جديا و مليا في التفسيرات " و ليس مجرد تفسير " لعدم معرفته بوجود عالم فانتازي جنبا إلى جنب مع عالمه الواقعي .. على الكاتب أن يفكر بعمق شديد .. أن يفكر بعدة مراحل في التفسير و ألا يجعل التفسير مجرد : العالم موجود جنب عالمك بسبب كذا فقط !
    يجب ألا تستخف بقدرة قارئك على التفكير .. بل القارئ – كما سأوضح لاحقا – قد يكون ذكيا جدا خاصة لو أعجبته روايتك .. حينها ستكون في مأزق كبير لو شعر قارئك أنك قد خدعته بصورة سخيفة بمبررات ليست قوية على الإطلاق ..
    دعونا نتحدث عمليا أكثر ..
    ماذا عن عالم هاري بوتر الموازي ؟
    قدمت رولنج التفسير في عدة مستويات لوجود عالم موزاي تماما للعالم الواقعي ..
    -أولا : على مستوى الأفراد .. قامت بتوضيح أن الكثيرين يعتبرون وجود ساحر في عائلتهم عارا يجب ألا يتحدثوا عنه .. و يجب ألا يعرف أحد شيئا .. و هذا ظهر في شخصية عائلة درسلي التي تعتني بهاري بوتر ..
    أما عن الأفراد الذين يعتبرون وجود ساحر في العائلة أمرا يجب أن يفتخرون به , فأوضحت أن الأمر يكون سرا بينهم فقط .. في حين يكون الأهل سعداء بتلك الهبة الجديدة في عائلتهم قد يكون الأخوات كذلك سعداء و قد لا .. و كانت ليلى بوتر و بتونيا درسلي مثالا عمليا على النمط الأخير ..
    هنا استطاعت رولنج أن تضرب أمثلة و نماذج عملية للأفراد و تعاملاتهم بمنطقية واضحة للغاية .. و حقا أحسدها على مقدرة كتلك !
    -ثانيا : على مستوى العالم السحري نفسه .. أوضحت رولنج أن العالم السحري يعتمد على تعاويذ تخفيه عن أعين العامة – أفراد العالم الواقعي – كذلك أوضحت وجود قسم خاص في الوزارة لمسح ذاكرة العامة الذين يرون أحداثا سحرية .. وهنا مزجت رولنج بين الواقعية و المنطقية في التفكير و بين الأسباب .. فمن المنطقي وجود أخطاء في أي نظام مهما كان محكما .. ووجود نظام لمعالجة ذلك الخلل من أحد أفضل الحلول في نظري و أبسطها لمواجهة تلك الأعطال ..
    -ثالثا : على مستوى الانتقال لمدرسة هوجوورتس – وهي من الأماكن الرئيسية بالسلسلة لمن لم يطلع عليها بعد – جعلت رولنج وسيلة الانتقال هي القطار – حتى لا تخوض في تفاصيل وسائل انتقالية معقدة – و وضعت حيلة بسيطة للدخول نحو هذا الرصيف الخفي تماما عن الأعين .. بالطبع الوسيلة كانت جيدة .. و المدرسة نفسها تم إخفائها بعدد من التعاويذ المعقدة التي تجعل من يقترب منها يتذكر أنه قد نسى أمرا هاما و عليه بالرحيل .. اختيارها لهذه الحجة أمر ذكي لأن هناك أمور تجعل الإنسان يغير من خططه و من أحدها ذلك العذر .. بل تعمقت أكثر لتوضح فيما بعد أن المدارس السحرية مخفية عن أفراد العالم السحري ذاته .. فلا يعرف أحد أين تقع هوجوورتس ولا أين تقع دارمسترانج مثلا ..
    هنا وضعت رولنج مستوى معقد نوعا للتعليل بإخفاء العالم السحري .. لكن كان أعلى المستويات – في نظري – حبكة هو جعلها رئيس وزراء العامة عارفا بوجود العالم السحري .. بل و جعلت العالم السحري يدافع عنه .. و أوضحت ببساطة لماذا لن يخبر رئيس الوزراء هذا أحدا كما لم يخبر من سبقه أحد أنه ببساطة لن يصدقه أحد ! تعليل بسيط للدرجة التي تجعله معقدا في نظري .. ووجود مثل هذا التعاون قد يفسر الكثير و الكثير من الأخطاء في محاولة إخفاء العالم السحري عن العالم الواقعي بالطبع ..
    و أخيرا التفسير الأهم فوق هذا كله .. لماذا في الأساس العالم السحري مخفي عن العالم الواقعي ؟
    استخدمت رولنج حوادث محارق الساحرات لتضفي على الرواية صفة الواقعية و المنطقية من جهة , و تجيب على هذا السؤال من جهة أخرى .. حركة ذكية و جيدة بالطبع .. و أشك في وجود سبب آخر قالته لكني لا أتذكر هل موجود في السلسلة أم قرأته في أحد سلاسل المعجبين ..

    ما أود قوله هنا هو أن تلك المرحلة مرحلة حساسة للغاية .. يجب أن يفكر الكاتب مليا في التفسيرات .. يجب أن يضع عدة مستويات للتفسيرات تناسب مستويات مختلفة للتفكير .. يجب كذلك أن تكون أمينا مع نفسك .. أنت تفكر كما يفكر القراء في الغالب .. حاول أن تعرف نقاط ضعفك بكل أمانة و فكر كيف تسدها .. لا تقنع نفسك أنها غير مهمة أو أنك قد سددتها جيدا و أنت تدرك في داخلك العكس .. فإن لم تفعل و الرواية بين يديك سيفعلها قرائك و الرواية بين أيديهم .. و هذا موقف لا أحب كاتب أن يقع فيه على الإطلاق ..

    -الخرائط :
    نفس ما سبق لكن مع ملاحظة هامة للغاية :
    الرواية تدور على أرض الواقع .. لهذا يجب أن تكون لديك خرائط خاصة بالمنطقة التي تدور فيها الأحداث في أرض الواقع .. و تفسير كذلك لكيفية تواجد الأماكن في الواقع – كما حدث في منزل جريمولد بليس مثلا -

    -الأجناس :
    بالطبع سيكون في ذهنك الجنس الذي ستتحدث عنه .. هنا يجب أن تفكر في أبعاد إجتماعية و أخلاقية للجنس ذاك بصورة عميقة بالطبع ..

    -التاريخ :
    حقيقة الجزء التاريخي هنا مهم .. و أهميته تعود لأنه سيكون جزءا من التعليل بإخفاء العالم الخيالي عن العالم الواقعي بالطبع .. فعلى سبيل المثال حوادث محارق الساحرات حوادث جعلت العالم السحري يختفي عن أعين العالم الواقعي .. كذلك يجب التفكير في تداخلات عديدة بين العالمين الجديدين .. فهي ستفيد الرواية بلا شك ..

    بناء العوالم في العوالم البديلة :
    لا أملك الكثير من المعلومات هنا .. فقط ما أتصوره هو ضرورة وجود تتابع زمني دقيق لما يحدث منذ الانحراف في نتائج حادثة تاريخية حتى يوم بدء الرواية ..

    لا يتبقى في نظري سوى أمر مهم للغاية فضلت تركه حتى النهاية ..

    -التماسك الداخلي للعوالم :
    كلما زاد تعقيد العالم كلما زادت أخطاؤك ..
    ماذا يعني التماسك الداخلي للعالم ؟
    ببساطة هو عدم مخالفة شيء تقوله لأحد أسس عالمك .. أو معارضة نفسك بقول شيء يخالف شيء قلته من قبل ..
    قد يبدو للوهلة الأولى الأمر بسيطا .. لكن الأمر ليس بتلك البساطة ..
    طوال فترة الكتابة و التحضيرات المعقدة للعوالم يبقى في ذهن الكاتب خطر التعارض و التضاد .. لهذا يقوم دوما بمراجعة كل شيء يجده في طريقه , كل شيء يحاول كتابته .. عن نفسي أكره مرحلة التحضير دون كتابة .. لكن كثيرا ما أفتح عشر صفحات من الفصول و الصفحات التحضيرية و صفحات الشخصيات أمامي بجوار صفحة الفصل الجديد أو صفحة التحضير و أقوم بمراجعة كل شيء في هذه الفصول متعلق بما سأقوم بكتابته أو التحضير له .. هذا فقط كي لا يحدث تعارض بين الأمور الواضحة في العالم ..
    لكن هذه ليست بمشكلة ..
    المشكلة كلها تكمن حين يحب القارئ الرواية و العالم الجديد .. يحبها للدرجة التي تجعله يغوص في أعماق أعماق الرواية .. فيعيد قراءة الرواية مرة بعد مرة .. و يفكر في هذا و هذه و كيف حدث هذا و كيف حدثت هذه .. هنا يصبح الخطر الأعظم أن القارئ يقوم بالدمج بين التفاصيل الدقيقة و التفسيرات الكثيرة داخله ليخرج برؤى خاصة و نظريات جديدة .. قد يكتشف القارئ عيبا لم تكتشفه أنت .. قد يجد تضاربا بين تفاصيل دقيقة للغاية لم تفكر فيها من قبل .. لم تضع في حسبانك أنه سيفكر أحد بمثل تلك الدقة و العمق .. و قبل أن يندفع أحدهم للصراخ بضرورة أن يراعي الكاتب كل شيء .. يجب أن يعلم هذا المتحدث جيدا أن كاتب الرواية عليه مسئوليات جسيمة .. هو يقوم بعمل كل شيء كما يقدر عليه و في حدود إمكانياته .. لكنه بشر .. مهما وصل تعقيدات فكره و عقله هناك خلل و ثغرات لن يمكنه الوصول إليها .. بالطبع إن كانت هذه الثغرات في الهيكل الرئيسي للعالم يصبح الأمر عيبا و قصورا من الكاتب بالتأكيد .. لكن إن كانت الثغرات خلل في الأمور الداخلية و الدقيقة فالأمر ليس بيد الكاتب بالطبع ..
    بالنسبة للأخطاء الشائعة التي كثيرا ما يقع فيها الكتاب هي هفوات الزمن .. صفات الشخصيات البسيطة .. القدرات البسيطة للشخصيات .. بعض الصفات الخاصة بمناطق معينة من العالم .. بعض التفاصيل الصغيرة في حوادث تاريخية قديمة ( لهذا يجب كتابة التاريخ جيدا قبل الحديث عنه ) .. تعارض في تفاصيل أماكن معينة يزورها الأبطال ( كذكر تفاصيل مكان على لسان أحد الشخصيات ثم حين يذهب البعض من الأبطال لهذا المكان يجد القراء اختلافا بسيطا في تفاصيله .. أو ربما كان على أحدهم مهمة إزالة شيء ما من هناك فحين يذهب الأبطال ينسى الكاتب تلك التفصيلة الصغيرة و يذكر هذا الشيء من تفاصيل المكان ) .. و هكذا ..
    تلك الأمور عادة ما تأتي نتيجة التركيز الشديد في التفاصيل و الحبكات و الأحداث و إدارة الحوار و الألغاز .. لكن مع التركيز المتأني يمكن العثور عليها ..

    عدم التماسك الداخلي للعالم شبح خطير يخاف منه الجميع خاصة من يكتب فانتازيا راقية ..

    عن كيفية التعامل مع عدم الثبات الداخلي للعوالم :
    يضرب لنا أورسون مثالا أعجبني حقا في توضيح كيف يخطئ الكتاب بالتفاصيل الصغيرة .. فمثلا إن افترضنا أنك تكتب رواية ما , و شخصيتك جاءت في الصباح في منطقة من الرواية و ارتدت ملابسها ووضعت رباطة عنق مخططة .. أنت وضعتها ليس لأي غرض سوى لإضفاء عامل الحيوية و الواقعية على الموقف .. بعد ذلك انشغلت بأمور خاصة سواء بحياتك أو بالرواية و عدت بعد عدة أيام لتتابع كتابة الفصل .. ثم بعد عدة صفحات و بعد عدة أيام أخرى وصلت لمنطقة غضب فيها شخصيتك بالعمل و قرر أن يخلع قميصه و يهبط إلى حمام السباحة مثلا ليسبح قليلا منفسا عن غضب- طريقة معروفة لديه مثلا و لها أهمية لديك – أنت وصفت أنه ألقى بجاكيت البدلة على مقعد بالمسبح و خلع قميصه بعنف و بنطاله ثم ارتدى ملابسا لسباحة و هبط يسبح قليلا ..
    هل عرفت أين الخطأ ؟!
    لقد نسيت –ككاتب – ذكر خلعه لرابطة العنق .. ربما تذكر أنه كان مرتديا رابطة عنق لكنك تبحث وراء الصفحات محاولا تذكر هل وصفت شكلها أم لا لكنك لا تجد المقطع –لأنه عادة ما يكون جملة أو اثنين فقط – فتكتب وصفا من عندك .. فيمكن أن تصفها مجددا بالمخططة و حينها لا مشكلة .. و ربما تصفها بلون واحد فقط فيها و حينها تصير مشكلة .. المشكلة أن أخطاء كتلك واردة بصورة كبيرة .. نحن – الكتاب – بشر .. نخطئ .. كذلك نحن – الكتاب – نكتب الرواية على مدار فترة زمنية طويلة .. لكن القارئ – وهو بشر كذلك – يقرأ الرواية على مدار عدة ساعات على دفعة واحدة .. و إن أعجبته الرواية سيعيد قرائتها مرات و مرات .. مدققا في كل كلمة تقولها .. ربما لا ينتبه لخطأ رابطة العنق تلك في البداية .. ربما ينتبه إليه في إعادة القراءة .. وربما ينتبه إليها في البداية .. لأن الفارق بين الصفحة التي تم ذكر فيها شكل رابطة العنق و صفحة الخطأ استغرقت منك – ككاتب – ما يزيد عن أسبوع للكتابة في حين لم تستغرق للقارئ أكثر من عدة دقائق بسيطة ..
    كيف أتجنب هذه الأخطاء قدر المستطاع ؟
    عن نفسي تعرضت لمثل هذه الأخطاء و كما نقول جُرحت منها كثيرا .. أنا أنشر تباعا ما أكتبه على الشبكة فورا .. طبعا هذا فيه مخاطرة و تحدي لكنه يمنحني فرصة كبيرة لمعرفة آراء القراء .. لكن حينما كنت أخطئ كانوا ينتبهون للأخطاء تلك على الفور .. لهذا مرة بعد مرة وجدت أن أسلم طريقة هي الطريقة التالية :
    صفحة الشخصيات .
    ربما نسيت أن أخبركم أننا – ككتاب – نقوم بعمل صفحات خاصة أو ملفات لكل شخصية .. نقوم فيها بكتابة تفاصيل الشخصية و أهم النقاط عنها .. و بعض الإضافات الأخرى .. فمثلا لدي ملف لشخصية رانمارو فيه كافة المعلومات المتعلقة به .. و ملف آخر لنفس الشخصية فيه معلومات أخرى .. ما هو الملف الثاني ؟
    وجدت أن أفضل طريقة على الإطلاق كي لا أنسى مجددا أي شيء هو أنني حين أكتب شيء متعلق بوصف معين .. متعلق بأمر على البطل ان يقوم به قاله وسط حوار عادي لم يكن يمثل أهمية – المهمة تلك – حينها لكن كان هناك هدف آخر من وراء الحوار .. أمثلة كثيرة قد أنسى – ككاتب – أنني قد تحدثت عنها من قبل .. لهذا أقوم ببساطة بعمل نسخة لهذه المقاطع .. مثلا مقطع خاص برانمارو في روايتي اقتبسته كالتالي :

    اقتباس:

    جيد , فلتبحث إذا في كتب التعاويذ القديمة , تلك المكتوبة بلغة أهل الكويو أنفسهم , ابحث و ابحث , حينما يأتيك الطائر الرمادي في حلمك الأزرق , ما ستسمعه هو تعويذتك , فاحفظها ولا تخبرها لأحد حتى تأتيني و تفعلها معي ..

    كان هذا المقطع ببساطة في أخر لحظات أحد اللقاءات الخاصة بين رانمارو ووحشه .. حينها نسيت هذا المقطع و أخذت أبحث و أبحث عنه حتى وجدته بصعوبة .. و لهذا حفظته عندي كي لا أنسى أن الطريقة الخاصة لمعرفة التعويذة المهمة في منطقة معينة تالية من الرواية قد ذكرتها سابقا في هذا المقطع .. و مثلا لشخصية أخرى اسمها هارونا في أحد لقاءاتها مع وحشها أثناء التدريب :

    اقتباس:

    , أما هارونا , فقد سارت نحو وحشها , ثم قالت له :-أريدمنك سيدي أن تخبرني عن تعويذتي الخاصة بفارسي الأسطوري !ابتسم الدب , ثم قال :-أنتِ تعرفين أنكِ مميزة عن الجميع !ضيقت هارونا من عينيها و قالت :-وماذا تعني بذلك سيدي ؟!ظل الدب مبتسما وهو يجيبها قائلا :-لا عليكي , ستعرفين كل شيء في وقته , لكن عن التعويذة فسأخبرك إياها , وهي (أومني كيشي )

    هذا المقطع كذلك كان وسط أحداث مهمة للغاية طغت على الحديث .. لكن يجب أن أضع في حسباني أن هناك تعويذة يجب التحضير لها و جعلها مميزة ..
    أشياء كهذه و أكثر ستقابلنا – ككتاب – كثيرا في مرحلة الكتابة .. إن قمنا بكتابتها في ملف الشخصية الرئيسي فصدقني سيكون لديك ملف مكون من عشرات الصفحات للشخصية و لكنك لا تعرف أي الأمور هي من سمات الشخصية و أيها من الأمور التي تم ذكرها من قبل و عليك أن تراعيها , كذلك أنا لا أقوم باقتباس المقاطع فقط بل أقوم بالثرثرة حولها و عم أنتوي الفعل بها و فيها .. و في كل فترة أراجع تلك المقاطع و أزيد و أحذف و أعدل فيها ما يتناسب و رؤيتي للرواية في تلك اللحظة .. لهذا من الأفضل فتح ملفين لكل شخصية .. بالنسبة لي هذا الأمر قد نجح معي .. و لا أدري هل سينجح معكم أم لا .. لكني أتمنى أن ينجح ..
    بالطبع الأخطاء ليست بمثل بساطة لون رابطة العنق .. ربما تجعل شخصية يتيمة في فصل و بعدها بعدة فصول تجعلها تتصل بوالدتها .. ربما تجعل شخصا أصلع في فصل و تجعله في فصل آخر يهذب شعره أمام المرآة حين يحادث شخصية أخرى حول حوار مهم لك .. قد تكون الأخطاء قاتلة .. أكثر وضوحا .. لكنك ببساطة لا تركز فيها لوجود أمور أكثر أهمية تشغلك حين ذكرتها و حين تعيد ذكرها بصورة خاطئة فيما بعد ..
    ربما تأخذ الملاحظات تلك أثناء عملية الكتابة .. ربما بعدما تفرغ منها .. ربما حين تراجع الفصل ثاني يوم قبل كتابة فصل جديد .. ربما حين تراجع الرواية كل فترة – وهذا أمر مهم بالطبع لمعرفة نمط سيرك و مستواك في الرواية ككل .. نظرة كلية أقصد – و ربما تجعل من يقرؤون لك ينبهوك للأخطاء الصغيرة التي تفلت من بين أصابعك .. فقط لا تتكاسل عن اتباع أي طريقة ممكنة لتجنب الوقوع في هذه الأخطاء الدقيقة .. فهي مهمة .. مهمة للغاية ..
    ماذا تفعل حين تجد مثل تلك الأخطاء ؟
    تخيل نفسك أمام مثال رابطة العنق .. هل ستجعلها ذات لون واحد أم مخططة ؟ هل ستمضي على فكرك الأول أم على تفكيرك الثاني ؟ خيار كهذا هنا غير مهم .. لكن في مناطق أخرى تجد نفسك أمام خيارات يجب حسمها فورا .. لكل نقطة مميزاتها و عيوبها .. و من هذا المنطلق عليك أن تختار الأنسب من بين الاثنين لروايتك .. و أي ما كان قرارك يجب أن تثق فيه و تتحمل نتائجه مهما كان .. لا تجعل شعور التردد يحرقك و يشغلك بأمور أقل من أمور أخرى كثيرة و أكثر أهمية ..
    لكن هل هذا كل شيء ؟
    بالطبع لا ..
    تخيل معي أنك توقفت قليلا .. أنت تناقش رواية إجتماعية في شخصية بطلك مثلا .. هذا اللعوب الذي لا يريد أن يعترف بحبه لمعشوقته .. فتريد مثلا أن تجعلها تبتعد عنه .. كيف ؟
    ماذا إن قلت أنك فكرت و قررت أن تبقي على هذا الخطأ .. ربما اختفاء رابطة العنق أو ربما تبديلها .. حينها بعد فترة بسيطة سيحضر زوج العشيقة لمكتبك و يهاجمك لأنه وجد ببساطة رابطة عنقك – والتي يعرفها طبعا لأنه جارك او صديق لك – و يتيقن من هذا حين يجد رابطة عنقه على رقبتك .. مشاكل فمشاكل فصراع فتأزم .. أرأيت .. كيف يمكن تحويل خطأ بسيط لعامل إيجابي بالرواية ؟ " بالطبع هذا مثال صغير بالتأكيد "
    كذلك التأثير الآخر هو تحول القراء لنظرة إعجاب .. حيث منذ قليل موطن الضعف الذي رأوه و أخذوه عليك وجدوه مقصودا .. بل و موطن قوة للأحداث و مهم للغاية .. حينها سيعرفون أنه ربما حتى الأخطاء التي قد تبدو لهم ليست مجرد أخطاء .. إنما هي أمور مقصودة منك ..

    جاء في عقلي خاطر هام للغاية ..
    ماذا يحدث إن لم يتقبل قارئك العالم ؟
    ببساطة تفشل الرواية ! يضيع مجهودك و تعبك ! تصبح بلا فائدة في عالم الأدب الروائي ..
    وكيف لا يتقبل القارئ عالمي ؟
    الأمر ليس ببساطة القول : العالم الفانتازي عالم مغاير تماما عن العالم الواقعي .. فبالنظر لصورة أعمق قليلا سنجد أن القارئ من السهل عليه تقبل النماذج التقليدية للأمور الخاصة بالفانتازيا و كذلك الخيال العلمي .. فمثلا يكفي أن تقول " ظهر تنين " ليتخيل القارئ تنين يظهر فعلا .. لكن حين تقول " ظهر رينتارورا " حينها سيقول القارئ " مهلا .. ما هو الرينتارور ؟ " .. فماذا إن لم تشرحه لقارئك جيدا ؟ لن يتقبله القارئ ببساطة لأنك لم تقدر على إيصال الفكرة له ..
    مجددا .. نحن – الكتاب – مهمتنا هي توصيل ما نتخيله و نراه في عقولنا إلى قارئنا .. هذا يتم عبر رحلة طويلة من الكلمات المنثورة على الصفحات البيضاء .. لن تكون بجوار قارئك لتفهمه ما لم يفهمه .. لهذا ضع تفصيلات جيدة لكل شيء خاصة الجديد من الأشياء في عالمك أمام قارئك كي يقتنع و يفهم و يتخيل .. بالطبع الحديث عن كيفية عرض المعلومات ذكرته سابقا و لن أعيده هنا منعا لملل .. وهي مهمة أخرى صعبة بالمناسبة ..
    الأمر لا يقف عند حاجز بناء العوالم فقط .. بل يتعداها نحو الأمور التي صارت محط اهتمام بالغ هذه الأيام .. فمثلا إن ابتكرت لعبة جديدة – كالتي ابتكرتها رولنج و التي ابتكرتها أنا – دون أن تعطي التفاصيل الخاصة باللعبة جيدا لقارئك فلا فائدة من وجودها من الأساس .. ولكي تعطي تلك التفاصيل يجب أن تكون أنت نفسك على علم بتفاصيل أكبر منها و أعمق .. كلما فكرت و خططت أعمق كلما صارت روايتك أفضل ..
    الملحوظة الأخيرة هي ألا تسهب في الوصف .. وألا تصف شيئا مرة واحدة .. و ألا تصف شيئا قد تم وصفه من قبل في روايات سابقة " كالتنانين مثلا " .. احتفظ بصبر قارئك للأماكن المهمة و لا تستهلكه في أماكن سخيفة ..

    3-المعارك :
    المعارك .. كيفيتم تنفيذها في الفانتازيا ؟على حسب معرفتي القليلة بكتابفانتازيون عرب هواة , و كتاب فانتازيون أجانب هواة كذلك , أستطيع القول أن الأمريمثل معضلة للطرفين .. المعارك مشكلة عويصة و تعتبر حجر عثرة يفكر فيها الكاتب قبلو أثناء و بعد كتابة المعركة ..
    في سلسلتي الروائية قمت بأداء كثير
    من المعارك , أعترف أنني واجهت صعوبة في البداية و اتجهت للبحث عن أي شيء يساعدني , لكن حين يئست قمت بالكتابة من ذاتي و بطبيعتي , فوجدت نفسي جيدا نوعا ما في هذاالمجال ..
    هنا يطرح السؤال نفسه .. ما أهمية
    المعارك في الفانتازيا و الخيال العلمي ؟!
    الأمر لا أعرف له تفسير , لكن هو من
    الأمور المغرية لنا كتاب الفانتازيا أن نقوم به , و شيء ممتع لقراء الفانتازيا كييقرؤونه , الأمر مترسخ في قواعد الفانتازيا و الخيال العلمي بكل تأكيد , لكنالمشكلة أن المعارك تختلف بصورة كبيرة و بالتالي تتنوع أساليبها و طرق كتابتها ..

    هل كتابة المعارك شيء صعب
    ؟!
    كما يقول الطب لدي
    , it depends , و هذا يعني أنه يختلف من حالةلأخرى , لكني سأحاول أن أجمل المعارك في هذه النقاط الثلاث ..

    بالنسبة لي , كي أقوم بتخطيط معركة كبيرة , لابد أن أستوفي الثلاث نقاط
    التالية :
    -تخطيط المعركة .. إستراتيجيا-تحديد الأبطال والقواد و من سيموت .. -تخطيط المعاركالفردية ..بالنسبة لو كانت المعارك معارك بينأشخاص فسيتم تطبيق النقطة الثالثة على الأمر فقط , لو كانت معارك بين جيشين ضخمينيتم تطبيق الثلاثة نقاط على الأمر , لهذا سأشرح الثلاثة نقاط و أتمنى أن أفيدكم ولوقليلا ..

    -تخطيط المعاركإستراتيجيا :حقيقة أراها أهم عنصر من عناصرالمعركة ..
    القتال يدور على أرض , الأرض تتكون
    من تضاريس , من أماكن للجيشين , من مسافة بين الجيشين ..
    أولا أقوم بإحضار ورقة رسم , ثم أرسم أرض المعركة كروكيا , حيث التضاريس
    العامة , من طبيعة الأرض و المناخ حينها , هل يوجد جبال , أنهار , بحار , رمال , تلال , هضاب , منخفضات , ثم أقوم بتحديد مركز كل جيش في المكان , و أقوم بعدهابتحديد المسافة بين الجيشين و ما يكون فيها من تضاريس بصورة أكثر تحديدا , فوجودمثلا جبل في منطقة أمام جيش يعتبر نقطة قوة إن تسلق لرماة هذا الجبل , و نقطة قوةحيث يحمي من ورائه من السهام , لكن نقطة ضعف لو غفل عنه الجيش و تسلقه أفراد الجيشالآخر و استغلوه بالطريقة التي لم يستغله بها الجيش الثاني .. و هكذا ..
    بعد ذلك يتم تحديد خطة كل جيش , و من سينتصر , و كيف
    ..
    يجب أن نضع في الحسبان أن الحرب بين جيشين النصر فيها يكون بالإستفادة من
    أخطاء جيش من قبل الآخر , و كذلك بقوة و تماسك الخطوط ..
    الأخطاء يجب أن يتم تحديدها
    .. زمنيا و مكانيا.. و تحديد الطريقةالتي يمكن للجيش المنافس الإستفادة منها ..
    يجب أن نعلم جيدا أن الخطط العسكرية
    التي يتم وضعها قبل القتال يتم تغييرهابتلقائية و مرونةفي الحرب , و هذهالقرارات تكون عادة من القائد الأعلى أو قواد المناطق في الجيش , و إن تدخلتخبرة بعض الجنود و الأبطاللحسم الصراعات الفردية ..
    الخطط العسكرية كثيرة , يجب أن تقرأ و تطلع على خطط القتال , تشاهد أفلام
    قتالية كثيرة و تستفيد من الخطط الموجودة هناك , من الخطط تقسيم الجيش حسب فئاته , النبالة أين مراكزهم ؟ و المشاة أين مواقعهم ؟ و الفرسان أين يتمركزون ؟ و من الخططخطط الهجوم , و كيف يتم إدارة القتال , فلا تحصر نفسك داخل بوتقة واحدة ..

    -تحديد الأبطال والقواد ومن سيموت :من البديهي أن يتم تقسيم كل جيش إلىفرق , كل فرقة لها قائد , ثم يتم تجميع كل مجموعة فرق ليكون عليها قائد واحد و تلقبباسم حسب منطقتها , حيث منطقة القلب , منطقة الجناح , مؤخرة الجيش .. و غيرها ..
    عادة ما يكون أبطال روايتك في أحد الجيشين , لهذا لا يهمك معرفة أبطال
    الجيش الثاني إلا اسما و شكلا فقط , فأنت لن تصف شيئا في المعركة إلا من منظورأبطالك ..
    عليك أن تفكر في القتال كالتالي
    :
    الجيش الكبير يتكون من مجموعات , كل مجموعة تقاتل في مشهد خاص بها , أي
    قتال يؤثر على قتال المجموعات الأخرى , و هذا ما يعني أن الإنهزام في مجموعة قتاليةسيؤثر حتما على بقية أفراد الجيش بكل تأكيد ..
    المجموعات تتكون من جنود و بطلك الذي سيصف الأحداث , كل بطل اعتبر أن له
    مشهد خاص به في المعركة , تخيل مشاهد أبطالك جميعها وفق سيناريو القتال , ثم اكتبهذه المشاهد على الورقة إن لم تستطع التحكم فيها بعقلك جيدا ..
    ثم بتقسيم مشاهد كل بطل إلى أقسام , مثلا خمسة أقسام , حدد مناطق الفصل
    فيما بينهم , ثم قم بخلط الأوراق ..
    فعلى سبيل المثال قم بكتابة المشهد
    الأول للبطل ( أ ) أولا في المعركة , ثم اتبعه بالمشهد الأول للبطل ( ج ) , و الأولللبطل ( ه ) , ثم المشهد الثاني للبطل ( أ ) مرة أخرى , ثم المشهد الثاني للبطل ( ه ) , ثم المشهد الأول للبطل ( ب ) , و هكذا ..

    ما أريد إيصاله لك
    هنا أمرين :
    -
    لا تكن متسلسلا بوقع ثابت , حتى لا
    يمل قارؤك
    -
    المعركة تدور أحداثها في نفس الوقت
    , لهذا فحركات أبطالك ستكون في أوقات مختلفة , ففي الوقت الذي تريد وصف المشهدالثاني لبطل معين يكون بطل آخر لم يتحرك بعد , أو منغمس في مشهد قتالي خاص به وصفتهأنت أو وصفت جزء منه سابقا , لهذا لماذا تقوم بوصف مشهد هذا البطل إذا ؟ قم بوصفمشهد كل بطل في حينه ..-تخطيط المعاركالفردية :حسنا .. أعترف أن أغلبكم يفكر فيتلك النقطة مباشرة دون التفكير في النقطتين السابقتين ..
    المعارك الفردية هي أساس كل شيء .. لكنها أصعب المعارك بكل تأكيد
    ..
    سواء كنت تستخدم أسلحة العصور الوسطى , أو تستخدم التعاويذ و اللعنات و
    الأمور السحرية , أو تستخدم السفن الفضائية , كل هذا لا يهم , الأهم هو تفكيرك فيكل معركة كيف يكون ؟! وكيف تصف المعارك ؟كنت قديما أستخدم طريقة جميلة فيوصف المعارك , كنت أشبهها بطريقة القفز فوق الشخصيات , و هذا يعني أنني كنت أصفمشهدا لقتال أحد الأبطال ثم أنتقل منه لمشهد آخر لقتال زميل له .. هنا الأمر مختلفتماما عن وجود الأبطال في الحرب , فالمعارك الفردية أو الجماعية القليلة العدد تكونكافة الشخصيات موجودة في نفسالحيز الضيقمن المكان , و هذا ما يضع المؤلففي موقف صعب , لأنه من المفترض أن يدير المشهد باحترافية , و أن يصل بكافة الشخصياتلبر النهاية دون أن يخل بدور أي شخصية عن أخرى ..

    كانت المشكلة تكمن في نقطتين على ما أتذكر من حواري من أحد الكتاب الهواة
    : مشكلة منطقة الإنتقال , و مشكلةالوصفبالنسبةللوصففالمشكلة تكمن في وصف كل شيء تفصيليا أم وصف البعض منه؟أي أن الكاتب عليه أن يصف تفاصيل معركة كل فرد كاملة أم يصف تفاصيل ويخبئ تفاصيل ؟حقيقة لو أراد أحدكم أن يصف كل شيءلأتى بآلاف الصفحات و كتبها عبثا .. معذرة نحن نكتب ولكن لا نصيب القائ بالملل .. المعارك يجب أن تكون فيها أحداث قتالية مختفية و هذا أمر خارج عن إرادة أي منا بكلتأكيد ..

    بالنسبة لمشكلة
    الإنتقال , وهي مشكلة شائعة بين الكتاب عامة , بالنسبة لي أستخدم الحواسالخمسة و خاصة البصر في القتال , حيث يبصر البطل الذي أصف مشهده بطل مجاور له يقاتلفأنتقل تلقائيا لمشهد قتال هذا البطل , تساعدني تلك الطريقة في الإنتقال السلس بلاأية مشاكل على الإطلاق , و أحيانا أستخدم صوت صليل السيوف أو تصدي ترس لضربة سيفبجوار البطل لأنتقل لمشهد آخر , لكن البعض لا يحبذ تلك الطريقة ..


    بعضهم يحب الكتابة على هيئةبلوكات منفصلة , كما الحال في المعاركالقتالية الضخمة , حيث يصف جزء من مشهد بطل , ثم يتركه و يتحرك نحو بطل آخر , استخدمت تلك الطريقة أيضا و هي جيدة في حالة المعارك المتفرقة لكن المتداخلة لاأحبها حقيقة ..
    أحيانا نجد أنفسنا في
    مشهد قتالي مشترك , أي أن أكثر من بطل يتعاونون لقتال مجموعةسويا , مثال على ذلك ثلاثة أبطال يتجمعون ظهورهم في ظهور بعضهم لمواجهة مجموعة منالأوركس المتوحشة مثلا , حينها لا يمكن التوقف عند بطل و الإنتقال لبطل آخر , هناسنجد أنفسنا نصف مشهد قتال بطل , و في أحد الضربات يجد سيفا يكاد يهوي على عنقهوترسه مشغول بتلقي ضربة أخرى , فنجد ظهور شخصية الزميل تظهر في الكادر و تقومبإنقاذه , حينها لا أحبذ كثيرا الإنتقال في الوصف لمنظور الشخص الجديد في الكادر , لكن أكتفي عادة بتعليق من هذا الوافد الجديد و رد بطلي على كلماته التي عادة ماتكون سخرية , ثم بعدها أقفز بالكاميرا فوق الثلاثة أبطال و أنتقل حينها لبطل آخرمختلف عن بطلي السابق , ما أريد إيصاله هنا أن موطنالانتقالمهم , خطأ واحد في التقدير قد يدمر مشهدك تماما .. فاحذر ..
    تعلمت اليوم طريقة جيدة في الوصف
    , اسمهاطريقة الثلاثة , و هي تعتمد على كتابة حركة قتاليةمن البطل تتبعها جملتين من الوصف , ثم حركة قتالية تتبعها جملتين من الوصف , عادةما تكون الجملتين وصفا لحالة البطلبعد الضربة .. مثال :
    رفع ناروتو سيفه لأعلى و هوى به على
    عنق عدوه في سرعة . انطلقت قطرات من الدماء تغرق ملابسه و وجهه الصارم . أخذ يلهثمن فرط إثارته و يحدق نحو عدوه . اندفع قافزا لأعلى ليهوي بترسه على عنق العدو , لكنه يقفز في سرعة متجنبا الضربة , فيشعر ناروتو بالسخط داخله لأنه ترك عدوه يعيشلحظات أخرى ..
    هكذا مثلا
    ..
    بالنسبة لي لا أرى تلك الطريقة رائعة , لأنني أولا لا أحب التقيد بأي شيء
    بقدر استطاعتي , ثانيا أرى أن تلك الطريقة تحجم أحيانا الوصف في جملتين فقط , لكنهاجيدة للمبتدئين أو لمن يرغب بتنظيم فكره القتالي بصورة منظمة ..
    أخيرا النصيحة المعتادة .. شاهد
    أفلام قتالية كثيرة .. اقرأ الروايات و حلل المواقف القتالية جيدا .. لا تقف عند حدالانبهار و تجاوزه و اتجه صوب التحليل البناء .. لا تكرر نفس التكتيكات القتالية كلمرة و نوع في كل مرة ..
    وفوق كل شيء هذا مجرد رأيي الشخصي
    البحت من تجربتي المحدودة .. أتمنى أن اكون قد أفدتكم ولو بالفتات ..

    -ابتكاراللغات
    احدى النقاط التي لا أعلم لماذا نتبكد عناء الخوض فيها .. لكنها مسلية و جميلة فعلا .. و متعبة ..
    في أمير الخواتم اخترع تولكين لغة خاصة به .. لغة الجن ..
    في رانمارو اخترعت لغة بسيطة خاصة لشعب الحوريات ..
    الفكرة وراء ذلك ؟ لا أدري .. هي مجرد وجه من الوجوه المثيرة للفضول و الشغف داخلي ككاتب فانتازي و لم أسترح حتى خضت فيها ..
    كيف نقوم بها ؟
    الفكرة كلها تكمن في أنك تتعامل معها كأنها لغة جديدة تتعلمها .. أي لغة جديدة لها أبجدية .. وهي أحد أهم الخطوات و أصعبها .. فأنت مطلوب منك أولا تحديد عدد الأحرف .. ثم بعد ذلك عليك تحديد كيف يتم رسم كل حرف .. ثم تحديد الصوت الخاص لكل حرف ..
    تولكين لغته رائعة .. لدي تسجيل صغير يقوم فيها بقول شعر مكتوب بلغة الجن .. كم كانت الحروف رقيقة و جميلة فيها .. لقد انتقى الحروف السلسلة و السهلة النطق , الموسيقية الطابع .. و جمعها في هذه الأبجدية كما يبدو ..
    بعد هذه المشكلة الكبيرة عليك بالتفكير في أشياء سويا : ما هي القواعد العامة للغة كتلك ؟ هل ستكون كقواعد اللغة العربية ؟ أم ستخترع لها قواعد جديدة ؟
    ثم بعد ذلك ستبدأ في التفكير في مسميات الأشياء .. لا تكن سطيحا و تفكر أن : باب = الحرف الذي يصدر صوت الباب + حرف يصدر صوت الألف + حرف يصدر صوت الباء .. هذا خطأ !
    كل كلمة عليك أن تفكر في معنى خاص بها .. ثم بعد ذلك تقوم بكتابة قاموس خاص بتلك اللغة .. بالطبع الأمر مرهق .. ممل .. متعب كثيرا .. لكن متى قرأت شيئا يسيرا منذ بداية كتابتي في هذه الدراسة ؟ لا أعتقد !
    لكن هذه الطريقة ادخرتها للغة أهل الإفلرز .. فكوكب كامل يستحق لغة ضخمة فعلا .. بالنسبة للحوريات قمت بعمل قوانين بسيطة باستبدال كل حرف في اللغة العربية بحرف آخر .. ثم سرت على نفس القواعد و اللغة .. بمعنى آخر هي لهجة جديدة و ليست لغة مستقلة ..

    -السحر فيالفانتازيا
    ما هو السحر ؟
    فكرت طويلا في تعريف السحر .. لكني لم أستقر على رأي بعد .. لأن السحر في الفانتازيا ليس إلا الحل الأمثل لأي مأزق في الرواية .. البطل أمام سلسلة جبلية .. لماذا يسير عبرها و هو يمكنه أن يطير فوقها ؟
    لماذا من الأساس يذهب إليها و هو يمكن الانتقال سحريا من مكانه لمكان آخر ؟
    على كلٍ لست هنا للحديث عن السحر .. أنواعه .. صفاته .. أنا هنا لأتحدث عن أمر مختلف تماما ..
    ما هي حدود السحر بالرواية ؟
    نعم يمكنك استخدام السحر .. لكن لا يمكنك المبالغة في استخدامه .. القارئ يتوقع حلول منطقية صعبة معقدة للصراع .. لا تقدم له حلولا سهلة جاهزة تحت مبرر : السحر !
    لهذا عليك قبل أي شيء تحديد قدرات السحر في روايتك.. و لتحديد تلك القدرات عليك بوضع قوانين للسحر .. مثل :
    هل السحر متاحا للجميع ؟ أم لشخصيات معينة ؟ ومن يصبح قادرا على أداء السحر ؟ هل لشيء في جسده يولد به ؟ أم لقدرة يقوم بها ؟ أم بقتله لساحر سابق ؟
    هل السحر له محاذير ؟ مخاطر استخدام ؟ ما الحدود التي تحدد إمكانية استخدام السحر للفرد الواحد ؟
    هل هناك وحدة لقياس السحر ؟ وكم وحدة تلزم لأداء تعويذة ؟ و هل توجد تعاويذ قد تقتل الإنسان من شدتها ؟ أم السحر عندك مستمر لا منتهي ؟
    هل تؤثر الحالة الجسدية على الطاقة السحرية ؟ وهل شخص مصاب في جسده مثل شخص عادي ؟
    هل هناك مقياس لقوة المرء بالسحر ؟ مثلا طول عصاه ؟
    ثم عليك بالتفكير في هذه الأمور :
    هل هناك سن معين لظهور السحر ؟ في هاري بوتر عشر سنوات .. في روايتي منذ الطفولة ..
    هل هناك أمور تتغير بالساحر حين تظهر تلك القوى ؟
    هل توجد مدارس لتعليم السحر ؟ لتعليم كيف تتحكم بالسحر ؟
    لو كانت .. فما هي قواعدها ؟ وما هي دروسها ؟ كتبت في روايتي مدرسة سحرية و تفاصيلها يمكنني – لمن يرغب لأني أراها متقدمة قليلا – أن أشرحها بالتفصيل ..
    هل هناك رتب للساحر نفسه ؟ كيف يرتقي ؟ وما هي القدرات المتاحة لكل منطقة معينة أو رتبة ؟
    هل هناك خصائص معينة لكل ساحر ؟ مثلا تعاويذ خاصة به ؟ أم كافة التعاويذ متاحة ؟
    من أين يتعلم الطالب السحر ؟ من كتاب ؟ من معلم ؟ أم بالتجربة ؟

    أسئلة كتلك أعتبرها – شخصيا – قواعد يجب وضعها قبل السير في عملية السحر .. و يجب توضيحها – في أوقاتها - وهذه القواعد يجب ألا يتم تخرقها تحت أي ظرف كان إلا بسبب وجيه للغاية .. لأنها تعتبر دستور السحر في روايتك ..
    لا تستهن بالسحر على أنه القدرة للتخلص من المآزق .. قد يكون هو نفسه مأزقا في حد ذاته لا تقدر على التخلص منه ..
    -الثيمات المعتادةبالفانتازيا
    تلك هي الأمور – التي أراها – تقليدية للغاية :
    -الرحلة لإنقاذ العالم من الهلاك
    -الساحر المظلم له تجربة سابقة مع الساحر الطيب
    -الساحر المظلم له القوة العليا في العالم على الخير
    -القروي الساذج يخرج من قريته لا يعرف شيئا سوى أن لديه طاقة خاصة ليتحول في غضون فصول قليلة لبطل خارق
    -البطل لا يعرف أنه ساحر فيعرف بعد ذلك أنه كذلك ..
    -وجود التنانين .. الجن .. السحرة .. عادة من عادات الفانتازيا ..
    -الساحر الأبيض و متقن السيف البارع مصاحبين للبطل في رحلته
    -البطل لا يحب الرحلة لكنه مرغم عليها ..
    -لابد من وجود رفيق للبطل سواء كائن خرافي أو صديق من الطفولة ..
    هذا ما برأسي حاليا ..
    الثيمات هي مجرد تكرار معين لنمط معين من حبكة – شخصية – صراع .. يمكنك بالتأكيد استخدام أي منها .. بل يمكنك كتابة رواية تقليدية تماما .. لكن الأفضل أن تكون جديدا .. فادمج القديم بالجديد و نوع و ابتكر من أسلوبك ..
    -الرمزية فيالفانتازيا
    من النقاط المهمة والتي آثرت تركها للنهاية ..
    الفانتازيا = الكتابة الرمزية !
    كثير من يرى الفانتازيا على أنها مجرد كتابة طفولية بحتة .. كثير من يظن أن الفانتازيا عمل لا فائدة منه سوى تسلية بعد يوم عمل طويل و شاق .. كثير مخطئ في نظرته !
    الفانتازيا علم واسع .. ضخم .. ليس عذرا لك أنك قرأت أعمال سيئة قليلة أن تحكم هكذا .. نعم هو بعض العذر لكنه ليس العذر كله .. الفانتازيا أعتبرها – في نظري – أكثر الأعمال الأدبية رمزية !
    يمكنني في الفانتازيا الإشارة إلى أي قضية و معالجتها دون أن تدري إلا حين تفكر : ماذا استفدت في الرواية ؟ راجع قسم الفكرة و كيفية التعبير عنها ..
    في الفانتازيا يمكنني عمل مقارنة بين وضع معين في فترة زمنية معينة و بين الرواية .. و قد أتدخل – حينها تكون تاريخية معدلة – وقد لا أتدخل – و حينها تكون تاريخية فقط - ..
    يمكنني الترميز إلى واقعنا المعاصر – كما فعلت في رانمارو – يمكني ترميز المشاكل .. يمكنني ترميز حتى القيم و المبادئ .. يمكنني ترميز أي شيء .. و كيف لا .. و أنا من يصنع عالم الرواية بنفسي كاملا بدءا من أقل حشرة فيها حتى أضخم شجرة بالمكان !
    فقط عليك أن تدرك من أنت ! وماذا تفعل ! وما هي الفانتازيا تلك ! فبدون أن تدرك أهمية ما تحمله بين يديك فلن تكترث بالتقاطه حين يسقط منك ..
    رد مع اقتباس  
     

  6. #6 رد: كيف تطور من مستواك في كتابة الروايات الفانتازية الراقية ؟ 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المشاركات
    8
    معدل تقييم المستوى
    0
    لقد انتهى كل شيء ..
    لقد تعبت !

    على كل حال هذه الدراسة مجرد حجر أساس في الفانتازيا الروائية ..
    لو كنت تريد كتابة رواية فانتازية و حين انتهيت من هذه الثرثرة و شعرت بالتعقيد فاعلم أنني سعيد بذلك .. فقد نجحت ووُفقت في مهمتي حقا ..
    لدي نصيحة أخيرة لك ..
    استمع لصوت من بداخلك و ثق في قدراتك ككاتب .. لو شككت في قدراتك فلا أعرف كيف ستكتب من الأساس .. لم أكتب رواية و أنا واثق منها .. لكني كنت أكتب الرواية و أنا واثق أنني سأنتهي منها مهما كان و بأفضل شكل ممكن .. الثقة مهمة للغاية ..

    تحياتي
    معذرة للإطالة ..
    تنبيه : كان هناك قسم خاص بترجمة الأخطاء الموجودة بالكتابة لكني الآن مجهد حقا .. لي عودة بترجمات لاحقة باذن الله تعالى .. وكذلك الحال نفسه مع الخرائط باذن الله تعالى ..

    الساحر ..
    رد مع اقتباس  
     

  7. #7 رد: كيف تطور من مستواك في كتابة الروايات الفانتازية الراقية ؟ 
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,619
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د.أحمد خشبة مشاهدة المشاركة
    لقد انتهى كل شيء ..
    لقد تعبت !

    على كل حال هذه الدراسة مجرد حجر أساس في الفانتازيا الروائية ..
    لو كنت تريد كتابة رواية فانتازية و حين انتهيت من هذه الثرثرة و شعرت بالتعقيد فاعلم أنني سعيد بذلك .. فقد نجحت ووُفقت في مهمتي حقا ..
    لدي نصيحة أخيرة لك ..
    استمع لصوت من بداخلك و ثق في قدراتك ككاتب .. لو شككت في قدراتك فلا أعرف كيف ستكتب من الأساس .. لم أكتب رواية و أنا واثق منها .. لكني كنت أكتب الرواية و أنا واثق أنني سأنتهي منها مهما كان و بأفضل شكل ممكن .. الثقة مهمة للغاية ..

    تحياتي
    معذرة للإطالة ..
    تنبيه : كان هناك قسم خاص بترجمة الأخطاء الموجودة بالكتابة لكني الآن مجهد حقا .. لي عودة بترجمات لاحقة باذن الله تعالى .. وكذلك الحال نفسه مع الخرائط باذن الله تعالى ..

    الساحر ..
    سلام الله عليك د أحمد خشبة

    وأهلا بك في المربد

    جهد مشكور واستهلال مثير

    بالطبع مادة بهذا الحجم لن يفيها رد بهذا القصر
    نرحب بك مرة أخرى في المربد
    رد مع اقتباس  
     

  8. #8 رد: كيف تطور من مستواك في كتابة الروايات الفانتازية الراقية ؟ 
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,619
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    ننتظر دائماً جديدك وجميلك د أحمد خشبة

    حياك الله
    رد مع اقتباس  
     

  9. #9 رد: كيف تطور من مستواك في كتابة الروايات الفانتازية الراقية ؟ 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المشاركات
    8
    معدل تقييم المستوى
    0
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طارق شفيق حقي مشاهدة المشاركة
    سلام الله عليك د أحمد خشبة


    وأهلا بك في المربد

    جهد مشكور واستهلال مثير

    بالطبع مادة بهذا الحجم لن يفيها رد بهذا القصر
    نرحب بك مرة أخرى في المربد
    وعليكم السلام سيدي
    كيف حالك ؟

    شاكر جدا ترحيبك بي ..
    و أتمنى أن مجهودي يُكلل بإفادة الجميع هنا ..
    وبانتظار عودتك ..

    شكر لك مجددا
    تحياتي

    الساحر ..
    رد مع اقتباس  
     

المواضيع المتشابهه

  1. سم ويقولون تطور
    بواسطة محسن العافي في المنتدى القصة القصيرة
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 02/07/2010, 10:18 AM
  2. كيف تطور الغرب ( 1 )
    بواسطة سالم سليم في المنتدى قبة المربد
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 23/10/2005, 06:06 PM
  3. كيف تطور الغرب ادبيا (2)
    بواسطة سالم سليم في المنتدى قبة المربد
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 23/10/2005, 06:03 PM
  4. التشّبه بالغرب تشوه أم تطور
    بواسطة الزنبق الحزين في المنتدى قبة المربد
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 13/02/2005, 07:59 PM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •