النتائج 1 إلى 12 من 12

الموضوع: البائع الصغير

  1. #1 البائع الصغير 
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,619
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    البائع الصغير


    وسط المنطقة الراقية كان يضع بسطته يبيع أغراضه القليلة .. في البرد القارس ، في الحر ، في مختلف الأنواء الجوية .. يشعل ناراً.. يدخل يديه في جيبيه ..يراوح مكانه ..


    ينام منهكاً من التعب وقد لف نفسه بسترة بالية وقد تقوقع على بعضه .. كنت أراقبه مع سكان حينا الراقي ونشتري منه شيئاً أو شيئين وهو دائم التبسم . قررنا مرة نحن سكان الحي بعد أن تناقشنا بأمره أن نقدم له النصح والإرشاد فهو بالتأكيد يفتقد أصول التربية الحديثة كما رأينا ، كنت أقول لهم : إني رأيته يشرب مرة سيكارة . جاري صاحب المعمل قال: كنت أراه يشتم ويسب ، جاري الفاحش الثراء وأردف وأنا رأيته يعاكس

    فتاة ... واتفقنا أن نوجه له النصح فهو بعمر أولادنا . وبعد أن اجتمعنا في مكتبي وقد مثل أمامنا كان كل منا يسأله سؤالاً أو سؤالين ويتكلم طويلاً عن أحوال البيع والشراء وأن السب عيب والكفر حرام وتحدثنا عن الأخلاق والدين والحكمة وأشياء أخرى.


    وبكثير من التكلف والتصنع حاولوا الاهتمام به متناقلين النصح بكثير من التأنق وهو واقف بجانب الباب يخفض رأسه .. ينظر نظرات خجلى .. يراقب أحياناً الأثاث في المكتب مبهوراً به ولوهلة شعر الصغير بحنانهم وبدفء هذه الغرفة إذ كان واقفاً
    بجانب المدفأة الفارهة.....و هو غير المعتاد على هذه الأجواء فأغلب يومه يمضيه في العراء ... مد جاري يده إلى نقوده وقلب أوراقا كثيرة ثم انتزع ورقة مهترئة من فئة الخمسين ليرة ودسها في يده وقد تظاهر بكثير من الخشوع وبعد أن انتهوا فتح الصغير الباب يريد الخروج وهم يردفون بنصيحة عجلى أو إرشاد متكلف وقد غمرهم الرضا وحين أصبح نصف جسد الصغير خارج المكتب شعر بالفرق بين الجوين خرج وكان يتوقع أن يلسعه البرد بعد دفء الغرفة لكنه شعر فجأة بأن الجو الخارجي قد احتضنه فقال في سره إن الدفء هنا أكبر ، وظل هائماً على وجهه ناسياً بسطته وسط هذا الجو القارس .. في آخر الليل عاد إلى بيته كانت أمه تنتظره على باب البيت حزينة حزناً غير اعتيادي وقد تذكرت زوجها المتوفى ترفع صوتها تسكت صغارها الجائعين وقالت له حين أصبح أمامها : ما بالك يا ولدي ترتجف وضمته إلى صدرها وهو ما زال يردد : دفء ربي أكبر ... دفء ربي اكبر كان يشعر بالدفء بالرغم من أن جسده قد تثلج وكأن هالة أحيطت به وهو يمشي لا جسده الخارجي إنما بروحه.... وأصابته ليلتها حمى شديدة


    وظل يردد طيلة الليل دفء ربي أكبر دفء ربي أكبر وأمه محتارة ماذا تفعل بشأنه
    في الصباح عرفنا نحن سكان الحي الراقي أمر البائع الصغير فذهبنا إلى بيته كانت أمه تبكي دخلنا إليه كان قد فارق الحياة وقد ترك بسمة على شفتيه الصغيرتين ورنت صدى كلماته في المكان : دفء ربي أكبر بعد أن أنهينا مراسم الدفن عدنا إلى مكتبي لنتناقش بأمره فشاهدنا على باب المكتب ورقة الخمسين ليرة المهترئة.
    حلب 15/12/2002
    التعديل الأخير تم بواسطة طارق شفيق حقي ; 07/01/2006 الساعة 11:48 PM
    رد مع اقتباس  
     

  2. #2  
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Oct 2005
    الدولة
    سوريا
    المشاركات
    7
    معدل تقييم المستوى
    0
    أتعرف طارق

    قد بكيت لهذه القصة

    حقا في الدنيا اناس فقراء القلب

    ذلك الطفل الصغير رحمه الله

    سلمت أبدأ
    رد مع اقتباس  
     

  3. #3 الصغير الكبير 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Aug 2005
    الدولة
    سوريا
    المشاركات
    3
    معدل تقييم المستوى
    0
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    بصراحه قصتك جميله اخي طارق وشعرت بشيء من الكبرياء لروح هذا الطفل الصغير ولان في عالمنا هتاك اناس كثر يعيشون بمثل هذا الطفل الكبير بكبريائه برفض النقود من الجار غير المبالي بأنسانيت هذا الطفل اما وفاته فكانت صدمه لي لان مثل هذا الصغير الكبير لا ينبغي ان يموت واعتقد بانه مات من الموقف
    وشكرا عزيزي طارق
    نشكر اخونا وحبيبنا طارق حقي على هذا الموقع الجميل
    ونحب ان نتعرف دائما على اصدقاء جدد
    رد مع اقتباس  
     

  4. #4 Re: الصغير الكبير 
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,619
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة احمد الهادي
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    بصراحه قصتك جميله اخي طارق وشعرت بشيء من الكبرياء لروح هذا الطفل الصغير ولان في عالمنا هتاك اناس كثر يعيشون بمثل هذا الطفل الكبير بكبريائه برفض النقود من الجار غير المبالي بأنسانيت هذا الطفل اما وفاته فكانت صدمه لي لان مثل هذا الصغير الكبير لا ينبغي ان يموت واعتقد بانه مات من الموقف
    وشكرا عزيزي طارق
    [align=center:98a07e6f23]
    سلام الله عليك

    العزيز احمد لم نرحب بعد بك في المربد

    قد شغلنا فقط عنك أمور الصيانة

    ربما تختفي بعض الردود الأخيرة والمواضيع أثناء الصيانة

    رغك ذلك سنعود بهدها للترحيب بك
    وأهلا بك جميلاً مشاركاً في المربد
    لك تحياتي[/align:98a07e6f23]
    رد مع اقتباس  
     

  5. #5 رد : البائع الصغير 
    كاتب مربدي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    الدولة
    الأردن
    العمر
    58
    المشاركات
    136
    معدل تقييم المستوى
    19
    أخي طارق : نص جميل كجمال شمعة تخترق الظلام

    تحياتي
    رد مع اقتباس  
     

  6. #6 رد : البائع الصغير 
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,619
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خالد القيسي
    أخي طارق : نص جميل كجمال شمعة تخترق الظلام

    تحياتي

    هو من النصوص المتواضعة

    سارفع لك قصة الغريب

    تحياتي لك
    رد مع اقتباس  
     

  7. #7 رد : البائع الصغير 
    كاتب مسجل الصورة الرمزية محمود الحسن
    تاريخ التسجيل
    Jan 2006
    الدولة
    الجحيم
    العمر
    41
    المشاركات
    503
    معدل تقييم المستوى
    19
    أنا أعجبني كبرياء الطفل و أيضا اللغة و المفردات الأدبية الجميلة التي انتقاها الكاتب
    محجوب بأمر من السيد الوزير
    رد مع اقتباس  
     

  8. #8 رد : البائع الصغير 
    ...... الصورة الرمزية د.ألق الماضي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    الدولة
    بين الكتب
    المشاركات
    10,196
    مقالات المدونة
    12
    معدل تقييم المستوى
    31
    لا يملك الفقير إلا كبرياؤه وكرامته إزاء أولئك المتعالين الذين يقفون خلف زجاج شديد اللمعان يحدقون بمن يمر حولهم ويحجزون أنفسهم بالزجاج الذي يقيهم من ذلك المجتمع الواطئ الذي يزكم أنوفهم ;)

    ألقٌ من السِحرِ ..أم سِحرٌ بـهِ ألقُ
    وفي حروفِكِ يأتي البدرُ والشـفقُ
    وحِـسُ قلبِكِ أثْـرَىَ لحنَ أغنيتي
    فصـار قلبي على كفَّـيْكِ ينطلقُ
    أأكتبُ الشّـِعرَ أم أُهـديكِ قافلةً
    من الورودِ عليها القلبُ والحَـدَقُ
    ورمزُ اسمـِكِ مكتُوبٌ على شَفَتي
    من قبلِ أن يُولدَ القِرطاسُ والوَرَقُ
    ثروت سليم
    رد مع اقتباس  
     

  9. #9 رد : البائع الصغير 
    [b]الله يا طارق
    هكذا أنت كما عرفتك منذ زمن بعيد
    بديعة هي الأفكار التي تسوقها على مضمار قلمك
    أتمنى لك التوفيق
    أخوك
    أحمد عبد الحميد ديب
    رد مع اقتباس  
     

  10. #10 رد : البائع الصغير 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jan 2006
    المشاركات
    45
    معدل تقييم المستوى
    0
    قطعة بحمولة جمالية كبيرة..
    تعجبني قوة الضعفاء
    مودتي
    عبدالسلام المودني
    رد مع اقتباس  
     

  11. #11 رد : البائع الصغير 
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,619
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المودني عبدالسلام
    قطعة بحمولة جمالية كبيرة..
    تعجبني قوة الضعفاء
    مودتي
    عبدالسلام المودني
    أهلا بك صديقي شكرا لك

    قوة الضعف قوتنا
    رد مع اقتباس  
     

  12. #12 رد : البائع الصغير 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jan 2006
    المشاركات
    102
    معدل تقييم المستوى
    19
    الاخ العزيز طارق
    قرات قصتك للمرة الأولى على استعجال لانني اتي الى مقهى الانترنت لوقت قصير احاول ان انجز خلاله اكبر قدر من المتابعة خاصة في مجال تخصصي ولكن مالفت انتباهي التعليقات التي كتبت والتي اشعرتني بان هناك شيئا جميلا داخل هذه القصة فقمت بحملها معي على ال(فلاش ديسك)الى البيت حيث جمعت كل حواسي(وهي ستة طبعا) لاقرا القصة
    بعد قراءتي للقصة اضم دموعي الى دموع كل من بكى تأثرا بهذه القصة لانني بكيت فعلا(دعك من الرجولة الان) فلقد اجدت يا اخ طارق بعزفك الجميل على وتر العاطفة الانسانية الذي يقبع داخل روحي (ولن اقول قلبي فالقلب في الطب مجرد مضخة عضلية) وهذا الوتر هو نقطة ضعفي
    لن اتكلم لا عن الاسلوب ولا عن جمال النص لان الفكرة وروح الكاتب طغت على كل هذا وجعلتني انسى ان هناك نصا واسلوبا(مع احترامي لحضورهما الجميل طبعا)
    ربما سلبت الحياة او الاقدار من هذا الصغير اشياء كثيرة لكنها اعطته كرامة هي كل حياته ولذلك فنزيف كرامته هو الذي اودى بحياته وليس الحمى

    بوركت يداك يا طارق
    وفقك الله للافضل
    أعدي لي الأرض كي استريح
    فـإني أحبـــك حتى التعـــــب
    صباحــك فاكـــهة للأغـــــاني
    وهـــذا المســـــــــــــاء ذهب
    رد مع اقتباس  
     

المواضيع المتشابهه

  1. مكتبة المربدي الصغير ...
    بواسطة أبو شامة المغربي في المنتدى المربدي الصغير
    مشاركات: 74
    آخر مشاركة: 21/01/2012, 10:40 PM
  2. منتدى المربدي الصغير
    بواسطة طارق شفيق حقي في المنتدى المربدي الصغير
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 09/05/2011, 11:15 PM
  3. أناشيد المربدي الصغير ...
    بواسطة أبو شامة المغربي في المنتدى المربدي الصغير
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 05/03/2011, 09:41 PM
  4. البحتري الصغير
    بواسطة بنت الشهباء في المنتدى قضايا أدبية
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 04/10/2010, 10:17 PM
  5. تمساحي الصغير
    بواسطة عبدالله البتيري في المنتدى الواحة
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 27/10/2009, 05:13 PM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •