صـرخـة غـضـب وكـلـمـة هـجـاء فـي وجـه بعض الـكـُـتـّاب والأدبـاء


أ . تحسين يحيى حسن أبو عاصي * غزة – فلسطين




*** *** *** ***

فرق كبير بين من يشعر بمرارة الألم ، وبين من يُشَخّص الألم ، فالمثل الشعبي الفلسطيني يقول (( إللي إيدو في النار مش زي إللي إيدو في الميّة واللي بينحرق في النار مش زي اللي بيتفرج عليها )) .
فمن العجيب أن يمر بعض الأدباء الفلسطينيين ، في ظروف قاسية ومحن صعبة ، ثم تؤثر عليهم بالسلب والذاتية واللامبالاة ، فبدلا من أن تختزل أقلامهم المعاناة والجراح والآلام ، حدث العكس من ذلك ، فقد اختزلت المعاناة والجراح والآلام أقلامهم .
ومن المتعارف عليه ، أن تشحن المحن والمصائب صاحب القلم ، فتشعر وأنت تقرأ له ، أن نارا تشتعل من وراء كلماته ، أو جنانا يعيش القارئ في رياضها ، ويتفيأ ظلالها ، وأنه يكتب بمداد من الدم والحرقة ، وليس بمداد من الكذب والرياء والنفعية واللامبالاة .
الكتابة تعبير عن نبض القلب الخافق بدم العزة والكرامة والحياة ، لا ينبغي أن تتحول إلى ذاتية متقوقعة ، فمن كان قلمه ذاتيا ، باتت معالم ذاتيته واضحة كل الوضوح ، ومن كان قلمه متفانيا من أجل غيره ، وسباقا لخير ومصلحة الأمة ، شممت رائحة ذلك من بين كلماته وسطوره وصفحاته ، وأيقنت حينئذ أن هذه هي الكتابة الحقيقية ، لا الكتابة الزائفة المخادعة ، كما هو حال كذب وزيف معظم الأدباء والكتاب اليوم ، إلا من رحم ربي ( وقليل ما هم ) .
أليس من العجيب أن أطرق بنفسي أبواب صوامع بعض الكتاب والأدباء هنا في غزة ؛ من أجل مشاورتهم والاستفادة من خبراتهم ، والاستعانة بطاقاتهم ، ثم لا يحترمون توجهي إليهم فيوصدون أبوابهم دوني .
لو عرف القلم لحظة واحدة أن إبداعاتهم ستكون ذاتية محضة ، ولأهداف في نفس يعقوب ( كما يقول المثل الشعبي ) ، لذاب القلم من بين أصابعهم خجلا ولتحطم أدبا وذوقا .
ولو عرفت الأوراق التي يكتبون عليها ، أن كتاباتهم سوف تكون شهرة ورياءً ؛ لتمنت شرف حرقها ؛ لتتحول إلى رماد كما تتحول الموتى إلى رماد في بلاد الهند والصين واليابان ، وفق ديانات السيخ والهندوس وعُبّاد البقر !!! .
لا أعلم إن كان مثل هؤلاء الكتاب والأدباء كما يُسمّون ، ينتمون إلى تلك الديانات ، أم إلى ديانات أخرى تنتمي إلى قبائل زحل والمريخ والمشتري من فوق الأرض ومن أسفل منها ؟ .
ولو علمت مطبوعاتهم أنها ستكون من أجل ( شوفيني يا مرت خال ) كما يقول المثل الشعبي أيضا ، شُهرة وسُمعة ورياءً ؛ لجفَّ مداد كتابتها حزنا ، ولتفجرت آلات طباعتها حُرقة ، مُعبرة عن غضبها وسخطها ، متمردة ولو بكلمة واحدة : عيب ... عيب ...
فهل الإبداع في نظر أدباء الأبراج العاجية ، والأرائك النعامية ، قاصر فقط على جيل العشرينات ومن حولهم ؟ .
ولماذا تفتقرون يا معشر الأدباء والكتاب ، وأصحاب أبراج الحظ والنجوم إلى وضع الخطط ، لتنمية مواهب وإبداعات كل الأعمار ؟ .
أين دور منتدى أمجاد الثقافي المتقوقع على جيل الشبان والشابات فقط ،!!! ؟ ليس تشكيكا بأحد ( معاذ الله ) إنما غضبا واحتراقا.
ولماذا التقوقع على مثل هذه الأعمار تحديدا ؟ .
هل من الممكن أن يجيبني رئيس المنتدى المحترم ، بإجابة علمية تبرهن على وعيه وعمق رؤيته وانتمائه ؟
لماذا يغيب غيابا تاما دور اتحاد الكتاب الفلسطينيين ؟
ولماذا يغيب تماما واجب وزارة الثقافة ؟
أم أنها لا تعدو على أن تكون أشكالا كرتونية ، أو أجساما هلامية مشلولة إلا من تحقيق الامتيازات الشخصية ، من مكتب مكندش ، وكرسي يهز من فوقه مؤخرته ، واضعا قدميه فوق مكتبه ، يتمايل مثل تمايل ذكر طائر البجع المنتفخ غرورا ؟
أيجوز لكم أن تتركوا المبدعين هملا ؟
أم أن الإجابة المتوقعة هي أنكم لا ترغبوا في من ينافسكم ، وأنكم تتمتعون بالراحة المطلقة ، من تحت رداء ذاتيتكم الممقوتة ، فلا ترغبون في كل من يحاول التعبير عن نبض الأمة بشكل مبدع من دونكم ، وليتكم صادقون !!! .
ماذا يعني تراخيكم ، بل فشلكم ؟
إذا كان انتماؤكم هو ورقة وقلما فقط ، فقد أبحرتم عميقا بالخطيئة .
لأن الرجولة في الأدب العربي ، وفي هذه المرحلة تحديدا من حياة الأمة المعذّبة ، هي عطاء الكتابة في عنفوان لحظة العَرَق والألم والتعب والمرارة ، وليست الرجولة في الكتابة من فوق كهنوتكم المقدس الذي يجب ألاَّ يُمس ، ولا من وراء التراخي الآسن ، والذاتية الممقوتة ، والنفعية الضيقة ، ولا من فوق أريكة أو وسادة ما بعد السهرة ، معذرة يا سادة فلا تلوموني !!!.

زيارتكم وتعليقاتكم شرف كبير لي
www.tahsseen.jeeran.com مدونتي : واحة الكتاب والأدباء المغمورين