الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: قصيدة التفعيلة في سورية في الثمانينيّات ـــ د. خليل الموسى

  1. #1 قصيدة التفعيلة في سورية في الثمانينيّات ـــ د. خليل الموسى 
    كاتب مسجل الصورة الرمزية عبد الله عبد الوهاب
    تاريخ التسجيل
    Feb 2004
    المشاركات
    26
    معدل تقييم المستوى
    0
    قصيدة التفعيلة في سورية في الثمانينيّات ـــ د. خليل الموسى

    -1-‏

    ازداد عدد شعراء التفعيلة من الشبّان في سورية بشكل لافت للنظر على اعتبار أنها تشكّل في نظر بعضهم مدخلاً إلى العصر والحداثة من جهة، وسبباً وجيهاً إلى أن يكون المرء أحد الشعراء من جهة ثانية، وبخاصة أن مفهوم الشاعر ما زال يرتدّ إلى أزمنة موغلة في القدم، ومع أنّ الحداثة في الغرب -وهي مصدر الحداثة عندنا- ألغت حداثة الشاعر واستبدلت بها حداثة النص، فإن مفهوم الشاعر ظلّ قديماً ورومانسيّاً، ففي دخيلة كلّ منا أنّ الشاعر أهمّ وأعظم عبقرية وخلوداً من الروائي المسرحي والناقد والفيلسوف والمفكّر والمؤرخ، وظلّت كلمة "شاعر" تشير من طرف خفي إلى مفهومها الأفلاطوني والرومانسي، وهي أنّ الشاعر يُوحي إليه، وهو مُلهم ومُختار ومُنتقى، وهذا ما يذكّرنا بما ذهب إليه العقاد من أنّ بيت شعر واحد أهم من أهمّ رواية.‏




    واستمرّت معظم الأصوات الشعرية التي عرفناها في الستينيات والسبعينيات في عطائها، وغدا بعض شعرائها من شيوخ القصيدة الحداثية في سورية، ومنهم محمد عمران وعلي الجندي وفايز خضور وشوقي بغدادي، واستمرّت الأصوات الشعرية الجديدة في التدفق والتجريب، ولكنّ الظاهرة اللاّفتة للنظر أن الساحة الشعرية في سورية قد شهدت تنافساً حادّاً في هذه الفترة بين شعراء التفعيلة، على اعتبار أنَّهم أقرب إلى التراث، وبين شعراء قصيدة النثر الجنس الشعري الوليد، وراح بعض شعراء التفعيلة يجرّب أيضاً في حقل قصيدة النثر، كما فعل الشاعر محمد عمران في أواخر السبعينيات، حين راح ينشر فصول كتابه "الملاجة" على صفحات "ملحق الثورة الثقافي" ثم تلاه ببعض أعماله الطويلة في قصيدة النثر، ولكن بعض شعراء التفعيلة كان لهم موقف آخر من قصيدة النثر، وكأنهم رأوا فيها خروجاً على الشعرية العربية، أو منافساً خطيراً لهم، فوقفوا ضدّها، وسخروا منها، مما جعل بعضهم يرتدّ عنها إلى قصيدة التفعيلة على الأقل، باعتبار أنها محمية تراثية.‏




    وينبغي أن نتوقف هنا أيضاً عند قضية هامة، وهي الحرب الأهلية في لبنان، فقلّت أهمية الدوريات اللبنانية في نشر النتاج السوري الجديد، صحيح أن مجلّة "الآداب" لم تتوقف، ولكنها كانت شبه غائبة، وكانت تصدر على خجل شديد، فتصدر مرّة فصلية، ومرّة نصف سنوية، أو ما شابه ذلك بأعداد فقيرة،‏




    وارتفعت أسعارها إلى حدّ بعيد، وغدت غير نفع، لأنّ القارئ في سورية التفت إلى سواها من الدوريات، التي تصدر في سورية أو خارجها. أما مجلة "شعر" فقد توقفت في النصف الأول من عقد السبعينيات عند عددها الرابع والأربعين، وكذا كان شأن مجلة "الأديب"، واقتصر منبر الشعر في سورية على الصفحات المخصّصة للثقافة في صحفنا اليومية الثلاث وعلي صفحات مجلتي "الموقف الأدبي" و "المعرفة"، وغاب "ملحق الثورة الثقافي" بحلّته القشيبة في أواخر السبعينيات، فخلّف فراغاً عظيماً في التجديد الحقيقي، فانحصر الشعر في سورية إلى حدّ ما في حدوده الرسمية، وتوجّه بعض الشعراء إلى صحف ودوريات خليجية، وكان هذا التوجه ذا طابع مادي في كثير من حالاته وأسبابه.‏




    وإذا تلمّسنا الحياة العامة في سورية والوطن العربي في الثمانينيات فلا نقع إلاَّ على ما هو سوداوي وانكساري، فقد استمرّ اتجاه كامب ديفيد بقوة، ودخلت دول عربية أخرى ضمن هذا الحلف سرّاً أو علناً، وتفكّك الصفّ العربي، وأصبحت جامعة الدول العربية اسماً لا مسمَّى أو فاعلية له، وغدت قراراتها حبراً على ورق، وغدا العرب تجمّعاتٍ، وهذا ما شجّع إسرائيل على أن تخترق الصف العربي، وتجتاح لبنان في الخامس من حزيران في عام 1982 من جهة، وتدخل إلى بيروت العاصمة اللبنانية، وعاصمة الثقافة العربية من جهة ثانية، وتستفرد المقاومة الفلسطينية تحت أنظار العرب واحتجاجاتهم الخجول من جهة ثالثة، فطُعن المثقف العربي في سورية في الصميم، لأن بيروت كانت وما زالت، بالنسبة إليه الرئة التي يتنفّس منها، وفرضت إسرائيل قبل خروجها من هذه العاصمة كثيراً من شروطها القاسية، وأهمّها خروج المقاومة الفلسطينية من لبنان، فتحطّم تمثال البطل الأسطوري الذي ظلَّ يغنّي له بعض الشعراء، وانكفأ الشاعر إلى ذاته ليتأملها، ويتأمل مصير أحلامه وطموحاته السالفة، فلجأ بعضهم إلى التيار الصوفي يناجي امرأة المثال برومانسية أليمة جارحة، وسخر بعضهم مما سلف من أحلامه بمرارة قاسية، وهو متيقّن من أنها غدت في علم الغيب، أو هي على الأقل من مخلّفات الماضي الذي غدا تاريخاً لأحلامه الشعرية المنكوبة.‏

    -2-‏


    يمكننا أن نذهب، هنا، إلى أن الاتجاه الحزيراني قد استمرّ في الشعر في سورية قويّاً، وأنّ القارئ ليجده فيما تلاه من أحداث في كامب ديفيد، واجتياح القوات الإسرائيلية لبيروت، وهذا ما عزّز الطلاق بين الشعر والسلطة، واتخذ الشاعر أحد موقفين: المواجهة، أو الانكفاء على الذات والغناء لها أو للقصيدة أو للحبيبة غناء رومانسيّاً صوفيّاً أو جسديّاً، وإن ظلّت هنا أو هناك أصوات شعرية تفتخر بالانتماء إلى العروبة، أو تغنّي للانتفاضة، أو ما شابه ذلك، ولذا فإننا نتوقف هنا عند أربعة مشاهد في شعر التفعيلة في سورية في عقد الثمانينيات:‏



    1- الإدانة والرفض والاغتراب.‏

    2- الانكفاء على الذات والغناء الرومانسي الصوفي أو الجسدي.‏

    3- الافتخار بالانتماء إلى العروبة.‏

    4- الغناء للانتفاضة.‏



    ظلّ الشاعر فايز خضور صاحب الرؤيا الحادة، وهو شاعر الرفض والإدانة والاتهام والمواجهة في الشعر السوري، ظلّ صاحب الموقف الواحد والرؤيا الواحدة، فهو يجول في الواقع المعاصر، فلا يرى أيّ بريق للأمل، وأن الأمة تسير نحو الوراء، وأن الإنسان فيها يدجّن ويعلّب ويُسيّر من الخارج، ولذلك يرى أننا لا نمثّل أيّ شيء في هذا الوقت العصيب، فحضورنا في الحياة كعدمه، ولذلك أيضاً يُقيم موازنة بين ماضينا المشرق وحاضرنا المدلهم، فيقول في قصيدته "إنجيل الأنهار":‏



    كفرتْ باسمنا المدنْ‏

    ومحتْ لوننا القرى‏

    بعدما أحرقوا السُّفُنْ‏

    لم يَعُدْ مُبْصِرٌ يرى..!!‏

    قيل: صِرْنا (....) ولم نكنْ..!!‏

    مَنْ تُرى نحنُ، يا تُرَى؟!


    1-‏

    والنص الحاضر في شعر خضور ثري مكثَّف، يقول غير ما يقوله، وهو يستدعي دائماً النّص الغائب أو المخفي أو المسكوت عنه، فهو يدين واقعنا المعاصر، ويسميّه زمان الولادة بالقوة المخبرية، ويتوجّه بالخطاب إلى طبيب هذه الولادة أو مهندسها:‏

    سيّدي‏

    يا زمان الولادة بالقدرة المخبرية،‏

    ما نفعُ نسلٍ ضريرٍ، قعيدٍ، مُهانْ؟

    2-‏

    إذا استقرأنا هذا النص أو المقطع القصير التهكمي أدركنا أنه يخفي وراءه أو بين سطوره نصّاً آخر أو دلالة أخرى، لأن الشيء لا يظهر إلاّ بضدّه، والضد أو الدلالة المسكوت عنها هي الدلالة الحقيقية، فالشاعر يتساءل بمرارة عارمة عن جدوى هذا التفريخ المخبري للكائنات الممسوخة المتشابهة التي تتناسل وتلد ما يشبهها، ولا دور لها في الحياة سوى أن تأكل وتشرب وتمارس الجنس ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً، وهي شخصيات ذات أدوار سلبية، بل هي عالة على المجتمع، وتقتصر طموحات هذه الكائنات على ما هو تافه.. أما الحرية.. أما الكرامة.. أما التضحيات والبطولات فقد تنازل عنها هؤلاء إلى الأبد.. هذه الدلالة السطحية، إذاً، تُخفي وراءها دلالة أخرى نقيضة لها تمام التناقض.. هذه الولادة المخبرية تُخفي وراءها صورة للولادة الطبيعية، حيث تكون العزائم على قدر عزائم الرجال، وحيث تكون البطولات والتضحيات على مقدار همم الرجال، وحيث يكون الرفض للمهادنة والمصالحة، وحيث تُرفع رايات الكرامة فوق كلّ الرايات الأخرى.‏



    ويدين الشاعر مصطفى خضر الواقع العربي المعاصر، ولا يرى في هذه الخيول العربية الهرمة سوى أدوات وهمية مركِّبة تركيباً كاريكاتوريّاً، ولا فضاء لها، وكأنّ فارسها دونكوشوتي السمات، وليس ذلك وحسب، وإنما يذهب إلى أبعد من ذلك في سوداويته التي يقرؤها من الواقع المعاصر، فلا رجاء لمن لا رجاء لهم، وقد مضت أيام الشهادة والشهداء، ولذلك جاء بكل أسى يرثي عصر الشهداء والبطولات، وهو يرثي معها زمن التفتّح والتألّق والأمجاد في قصيدته "المرثية الدائمة":‏

    أين الشهادةُ والشهيدُ‏

    وراءَ أغنيتي هياكل، أو أباطرةُ الطلولِ‏

    تنوءُ ضائعةً، وتشخصُ!‏

    كيف يسقط فوقها مطرٌ،‏

    يردُّ صباحَهَا العربيَّ، يصنعُ من كواكبه عيوناً للخيولِ،‏

    ومن سلاحفِهِ دروعاً للغبار‏

    ومن معادنِهِ سنابلَ أو سلاحاً للنهارِ،‏

    ومن نهاره أغنياتٍ للفصولِ،‏

    وكأنّ أجنحةً ترفرفُ في سماءٍ من ترابْ
    !3-‏

    وينظر مصطفى خضر من نافذته الشعرية إلى المستقبل، فلا يرى إلاَّ الليل ممتدّاً، وفي أثناء هذا الليل المدلهمُ يُدفن ما هو حيٌّ وإيجابي، ويُستبدل به ما هو موات وسلبي، فينهض عالم غريب وميت مكان عالم حيّ وحيويّ، ولا رجاء لهذا الشاعر الذي لا يرى وافداً إلاَّ العتمة والدم:‏

    هو الليلُ يمتدُّ، يا أبتاهْ‏

    ويُدفنُ شيءٌ، أليفٌ وحيٌّ‏

    ويُبْعَثُ شيءٌ غريبٌ ومَيْتُ!‏

    ولم يبقَ إلاَّ الصَّدَى والنزيفْ‏

    وجِنَّيتي وَحْدَها شاردهْ‏

    وظلٌّ من الدمِ، ظلٌّ لطيفْ‏

    يشاركُنا العتمةَ الوافدَهْ! 4-‏
    ويشارك الشاعر حسين حموي في التعبير عن هذا الواقع الفاسد ورفضه وإدانته بأسلوب آخر، فهو يتقنّع بوجه عروة بن الورد العبسي أمير الصعلكة في العصر الجاهلي، ولهذا التقنّع بهذا الوجه دلالته العميقة، فالشاعر، وإن رفض الواقع والفساد، لا يتخلّى عن اتجاهه المعروف به، فهو يلتزم بخطّ الجماهير المتعبة والمغلوب على أمرها، وكذا شأن عروة في عصره عصر السادة والطبقات العليا في محاربتها للطبقات المسحوقة واستغلالها، ويتوجّه الشاعر حموي بالخطاب إلى قلبه المفعم بالحزن نتيجة لخيبة طموحاته الطويلة مما يجري في هذا العالم من فساد، وقد كان الشاعر لا يتوقع حدوثها إلى حدٍّ ما في السبعينيات، ولذلك يطلب من قلبه أن يكفّ عن الخفقان، ما دام لا يخفق إلاّ بمثل هذه الأحزان التي تورث السقم، وكأن الموت غدا أمنية هذا الشاعر في مثل هذا الظرف، وخفقان القلب دليل على الحياة، ولكنَّ خفقان قلبه لا يحمل إليه إلاَّ الشعور بالقهر والذلّ والمهانة والخيبات المتتالية:‏

    أيُّها القلبُ‏

    المعبّأ بالحزن حتى الوريدْ‏

    كُفَّ عن الخفقانْ‏

    أيُّها الشقيُّ‏

    المحاصر من ستِّ الجهاتْ‏

    كُفَّ عن الخفقانْ‏

    يكفي احتمالاً وقهراً‏

    أما حانَ‏

    أن تستريحَ قليلاً‏

    كلُّ الأشياء في النهاية،‏

    تخلد للراحة،‏

    ترجو السكينة،‏

    فلماذا وحدَكَ‏

    أنتَ المدنفُ بالحبِّ‏

    تصرُّ على الخفقان؟!
    5-‏

    وليست خيبة الشاعر ناجمة عن خيبة أمله بالطموحات العظيمة التي كان يطمح لها مع أمثاله من الشعراء من أبناء جيله، وإنما تكمن خيبته في تعطيل القيم والأخلاق في النفوس في مجتمع بدا له متشابهاً، فلا يحيط بالشاعر سوى نفوس تخبّئ المنفعة الشخصية وتسعى إليها بأيّ وسيلة، ويرتدي أصحابها ثياب الحملان، ولكنهم في حقيقتهم ذئاب كاسرة، ولذلك يفضحهم الشاعر في "اكتشافات عروة المتأخرة":‏

    وجوههم مومياء‏

    عيونهم نحاس‏

    قلوبهم رجراجة‏

    كالقصدير‏

    حياتهم مطلية بالزرنيخ‏

    محقونة بالزيف والرتابة 6-‏

    وثمة شاعر يختصر لنا معاناة الشاعر السوري في أوائل الثمانينيات من خلال قصائد غنائية وجدانية للمرأة وللنّاس والهمّ العربي، فيقول في أول مقطع من مجموعته:‏

    موجعٌ‏

    في الضباب العريقْ‏

    والقيود التي أينعت‏

    في انكسار الخطى‏

    وانتحار الطريق7-‏

    ويعبّر الشاعر وليد مشوّح عن خيبات أمل هذا الجيل الذي خذلته القيم التي تربّى ونشأ عليها، فكبرت معه، ثمّ خلّفته وحيداً يطاردها دون جدوى، ولذلك كان الشاعر مباشراً وغنائيّاً وصريحاً في قصيدته "تحوّلات الزمن الصعب" فقال في نهاية المقطع الثالث منها:‏

    وتذكّرنا بأنّ الصبر مفتاح الفرجْ‏

    وانتظرنا..‏

    وانتظرنا..‏

    وانتظرنا علّه يأتي الفرج‏

    وعرفنا أنّ للقمّة تاريخاً طويل‏

    قد درسنا كلّ ثورات الشعوب‏

    وتأكّدنا بأن الرفض مفتاح الفرج‏

    ورفضنا ما تعلّمنا صغاراً‏

    ورفضنا‏

    ورفضنا‏

    ورفضنا‏

    عندها طالت أيادينا النجوم 8-‏

    وثمة اتجاه رؤيوي آخر نجده في قصيدة التفعيلة في هذا العقد الثمانيني، وهو الانكفاء على الذات والغناء الرومانسي الصوفي المشوب أحياناً بلمسات واقعية، أو الغناء للجسد والجسدية حتى يصل الأمر إلى وصف مدارج الشهوة قطرة قطرة، أما الشقّ الأول ففيه يتأمل الشاعر ذاته والعالم الذي يحيط به دون الاقتراب منه اقتراباً مباشراً، وكأنّ القارئ الضمني يتدخّل هنا ليردّ الشاعر إلى خطّه الذي يسير عليه كلما حاول أن يتخطّاه أو يتجاوزه إلى الواقع، ويمثّل هذا الشقّ بعض الشعراء في مدينة حمص إضافة إلى شعراء آخرين هنا وهناك، وبدأ هذا الاتجاه الرؤيوي يتزايد يوماً في إثر يوم، وبخاصة عند الشعراء الشباب، ويمكننا أن نعدّ مجموعة "من أين تبتدئ القصيدة؟" لمصطفى خضر مثالاً على ذلك، ونضرب مثلاً عليها بقصيدة "القصيدة المضادّة"، وهو يصف فيها ولادة القصيدة العصيّة:‏

    من هذه الطالعةُ الآن بلا استئذانْ‏

    تدخلُ في المكانْ‏

    تجمعُ بين الحلمِ القصيِّ‏

    والسلالة القصيّة‏

    تنفخ في رماد ليلِ الشعبِ‏

    مليئةً بالعشبِ‏

    فتبدأ القصيدة العصيّهْ 9-‏

    إن مثل هذا الموضوع كان في بدايات الرومانسية، إذ كان الشاعر يبحث في ليل أحلامه عن الفضاء البديل للواقع المرفوض، فلا يجد غايته إلاّ في الشعر، فينكفئ على نفسه وقصيدته يسلّيهما بهذا الفضاء في وحدةٍ بعيدة عن المنغّصات والمكّدرات في المجتمع الموبوء، فعالم الشاعر عالم الإلهام والوحي، ولكنّه الإلهام المتعسّر أو الولادة العصية، وكأننا أيضاً إزاء طبيب يتأمل ولادة متعسّرة في القصيدة الرمزية.‏

    ويمكننا أن نتوقف هنا أيضاً عند البحث عن الحبيبة في عالم صوفي، فالبحث عن القصيدة هناك، يقابله البحث عن الحبيبة هنا، وجماليات القصيدة متساوية مع جماليات الحبيبة أيضاً، وإذا كانت القصيدة غائبة هناك بولادتها العصية، فإن الحبيبة غائبة هنا بحضورها وهويتها، غائبة بصفاتها والإفصاح عن زمن مجيئها:‏

    هواءٌ لغائبةٍ حاضرهْ‏

    هواءٌ تخضّبه بالغيابِ،‏

    فتصحبُهُ جمرةٌ في اللقاءْ‏

    وما بيننا تنزف الذاكرهْ‏

    وما بيننا لحظةٌ للحنونْ!‏

    ***‏

    هواءٌ أليفٌ لنا، للجميعِ‏

    تعطّرُهُ دعوةٌ أو نداءْ‏

    وجنيَّتي لم تزل تتخفّى،‏

    وما زلتُ أحمل للأصدقاءْ‏

    هواءً لأغنيةً في البكاءْ!‏

    وأسأل جنيّتي من تكونْ؟ 10-‏

    إن الارتداد إلى القصيدة الرومانسية الجديدة لا يقتصر على الرؤيا، ولكنه ارتداد أيضاً إلى الشكل الرومانسي الذي لاحظناه إلى حدٍّ ما عند جماعة أبولو وبعض الشعراء اللبنانيين الذين توسّطوا بين الرومانسية والرمزية، كيوسف غصوب وصلاح لبكي وأمثالهما، مع تعميق صوفي شديد للحظة الشعرية الراهنة.‏

    ويجد القارئ مقابلاً لذلك وصفاً حسياً لمدارج الشهوة في كثير من مقاطع قصيدة "فصول الجسد" لممدوح السّكاف، ففي المقطع 39 "أنين الجمر" يقول:‏

    لِسَيِّدةِ الجمرِ تُلْهبُ جمري بنارٍ من النّار والعاصفَهْ‏

    بنارٍ تأجَّج فيها شبابٌ لسيّدة الرعشةِ الواجفهْ‏

    شبابٌ من النُّورِ يُزْكيهِ نُورٌ‏

    تقطَّر بالرغبةِ الجارفَهْ‏

    ونورٌ من الجسمِ فاحَ كلَيْلٍ‏

    لسيّدة اللحظةِ النازفهْ‏

    هو الليلُ يدنو على شفَتَيْنِ إلى مَوْقدِ الشّعلةِ الرَّاعِفَةْ‏

    ويحنو عليَّ كطفلٍ وديعٍ‏

    ويرضعُ ظلمتَهُ الرَّاجفَهْ‏

    لسيِّدةِ الجمرِ هذا الأنينُ، تُضَرِّجُهُ اللهفةُ الخائفَهْ 11-‏

    إن الشهوة الجارفة تتقطَّر من هذه الأبيات، وهي شهوة يصفها الشاعر بإجادة ويدعو إليها، على نقيض أبي شبكة في أفاعيه حين وصفها وحذّر منها على سبيل نظرية التطهير الأرسطية.. فالشهوة هنا تتقطّر من هذه الفاء المفتوحة المتبوعة بهاء ساكنة، وكأنَّها تمثّل الاندغام الجسدي في ألق توحّده وتوهجه وتجمّره وانطفائه، وقد كان للشاعر نفسه وقفة أخرى مع هذا الوصف قبل أن يخرج من فصول الجسد في المقطع 241 "سرر الخديعة" يقول:‏

    كُنَّا على سُرُر الخديعةِ والخديعةُ غافِيَهْ‏

    صَلَّتْ صليلَ الرَّهزِ‏

    أقدامٌ‏

    وأَوْمأَ ناهدٌ لشقيقهْ‏

    باللَّهْثِ‏

    وانتفض الجسدْ‏

    وابتلَّ من عرق الخديعةِ مسْدَلٌ باكٍ‏

    وسائدُ باكيهْ‏

    والليلُ كان بلا ظلامٍ عندما هَمَلَتْ عيونْ‏

    تستعدُّ لغاشِيَهْ‏

    وأنا وذكراها‏

    يُفرِّقُنا‏

    ويَجْمعنا‏

    نشيدٌ راعفٌ للحزنِ يوغِلُ في نشيدٍ كالأبدْ‏

    يا أيّها الصبحُ السّخيُّ بدمعه،‏

    كَفّنَ بَقَايانا بصبحٍ مُضْطَهَدْ..!! 12-‏

    ويمكننا أن نجد شاعراً التزم منذ بداياته الشعرية بقضايا الجماهير يلتجئ هو الآخر إلى صورة المرأة الرومانسية المثال، وكأنّ هذا الالتجاء غدا دُرجةً درج عليها الشعراء، فغنّى لها الشاعر ميخائيل عيد بعد‏

    أن غنّى في مجموعاته السابقة للشعوب والثورات والإنسان، فربما ملّ هذا الشاعر هو الآخر من الغناء دون جدوى، فعاد إلى الحبيبة الوديعة، ليحتمي بها من تخيّلاته:‏

    التفتّ إليكِ هاتفاً‏

    تعالي إليَّ يا حبيبتي‏

    أيتها الوديعةُ الحالمةُ‏

    يا ذات العينين المحيرتين كالزمن!‏

    تعالي إليّ‏

    لأحتمي بك من تخيّلاتي‏

    فقد يكون الزمن العجيب‏

    هو الذي أرسلك إليّ‏

    ليرتاح من لجاجتي‏

    ويريحني. 13-‏

    وثمة اتجاه آخر يتمثّل في التمسّك بالجذور البدوية والحضارة العربية الأصيلة، وكأن أصحاب هذا الاتجاه يستعيدون التيار السلفي الذي وقف أصحابه في بدايات عصر النهضة موقفاً رافضاً من الحضارة الأوروبية، ولذلك يفتخر الشاعر مروان الخاطر، في قصيدته "بدوي في الزحام"، بأنه بدوي يعيش وسط هذه الأمة الضائعة، وهو يردّ فيها على ما أصاب البلاد من بهرجات استهلاكية وميول جارفة إلى محاكاة الإفرنج في كل شيء في العقود الأخيرة؛ ولذلك يرسل صوته بين الزحام:‏

    من يسمع صوتي بين طواحينْ‏

    أو يذكر وجهي بين وجوه المنفيينْ‏

    بدويٌ..‏

    أعرف هذا.. أعرفه‏

    ومضاربُ أهلي تعرفني‏

    بدويٌّ..‏

    أمتلكُ الدنيا 14-‏

    ويقدّم هذا الشاعر المضمون على الشكل، ويعبّر عن تجربته الشعرية تعبيراً مباشراً، وهو يحمل أولاً هموم بيئته الفراتية، ويحمل ثانياً هموم الأمة العربية المعاصرة ضمن اهتمام شديد بخطابية الوزن وتجليّاته وسلاسة العبارة واندفاع الحركة ضمن موجات شعرية متتابعة.15-‏

    ولموضوعة الانتفاضة وحجارتها في الأرض المحتلة نصيب وفير في الشعر السوري في الثمانينيات، وقد ترك هذا الحجر بصماته الشعرية بعد أن غدا رمزاً من رموز الشعر المعاصر، وقد عاد الشاعر ميخائيل عيد إلى اتجاهه الذي عرفناه عليه سريعاً بعد أن قامت الانتفاضة، فتحوّل إلى قيثارته المعهودة،‏

    ليغنّي للانتفاضة والمنتفضين غناء عاشق ملتزم، وعاد إلى أسلوبه ورؤاه اللذين عهدناه عليهما، فإذا هو يخصّ الانتفاضة بمجموعة كاملة بعنوان "قمر المخيّم لا يساوم" ويُغَنّي في نهاية القصيدة التي تسمّت المجموعة بها:‏

    قمران لي‏

    قمر المخيم والوطن‏

    جرحان لي‏

    جرح المخيم‏

    والوطن‏

    وأنا الوفيّ المؤتمن‏

    أنا لن أبيع‏

    ولن أساوم‏

    يا وطن 16-‏

    ولا يعود الشاعر ميخائيل عيد إلى اتجاهه الالتزامي وحسب، وإنما يعود أيضاً إلى المباشرة والتصريح والخطابة، فيخاطب هؤلاء المنتفضين بلغة بسيطة قريبة من لغة النثر، بعيدة كلّ البعد عن الانزياح والمداورة التي نعهدها في الشعر المعاصر، وإن كان يعتمد على التكرار، فيقول:‏

    أيّها الطالعون من غضب الأرض‏

    أيُّها المعبّرون عن إرادة الشعب‏

    ليتني‏

    أحد الأحجار‏

    التي‏

    ترمون بها‏

    وجوه الغاصبين!‏

    وليت كلَّ العرب‏

    يتقنون‏

    لغتكم الرائعة! 17-‏

    ويتقدّم مصطفى خضر برموزه الشعرية ليعبّر هو الآخر عن هذه المناسبة بلغة وأسلوب مختلفين في قصيدته "قصيدة مريم الأولى"، فيتجه بخطابه إلى السيدة العذراء التي قدّمت ابنها المخلّص الأول، ينهض من رفاته، ليُقيم وجه العدالة، وإذا مريم في فلسطين مريمات، وها هي ذي أمّهات الأبطال والشهداء يفعلن ما فعلت، وإذا الأرضُ الفقيرة بحجارتها تحتضن الجهات في ثورة واحدة عارمة:‏

    يا مريمَ اللغة الأخيرهْ:‏

    هو ذا الدمُ‏

    يخضّر في الأشياءِ، ينهضُ في الرفاتْ‏

    يا مريمُ:‏

    ماذا تُربيّ المريماتُ‏

    ووردةُ الأرض الفقيرهْ‏

    كبرت لتحتضنَ الجهاتْ! 18-‏

    ويمكننا أيضاً أن نتوقف في هذا الاتجاه الرؤيوي عند إحدى قصائد الشاعر نزار بريك هنيدي في مجموعته "جدلية الموت والالتصاق في قصيدته "فاتحة" التي يعبّر فيها عن الرؤيا- القيامة، فيقول:‏

    أتسلّل بين صخور الرعبِ‏

    إلى الكهف الورديِّ‏

    وأُضرم نيراني‏

    في موقدهِ المدفونِ‏

    كأوصالي‏

    في أحلام الموتى‏

    الآتينَ مع الفجرِ‏

    أحسّ دبيبَ الرعشةِ‏

    ألمح عشقي 19-‏

    -3-‏

    صار من المألوف في الشعر السوري أن يلتفت الشاعر إلى التراث يستلهم منه بعض صوره أو مواقفه للتعبير عن حالة معاصره، والالتفات إلى التراث مختلف بين شاعر وآخر، فبعضهم يعود إلى بيت شعري قديم يحوره ويُعيد كتابته، ليختلف معه في الرؤيا أو التجربة، أو يأتلف ويندمج معه في كل ذلك، ويتخذ بعضهم وجهاً من التراث قناعاً، ويعبّر من خلاله، وهذا ما فعله الشاعر حسين حموي في مجموعته "مكاشفات عروة بن الورد الدمشقي"، ويتضح من عنوان المجموعة أن الشاعر اتخذ من وجه عروة أمير الصعلكة في العصر الجاهلي قناعاً للتعبير من خلاله، والعنوان يشير إلى ما هو مفقود ومسكوت عنه من جهة، وهو علامة على قصدية المؤلف من جهة أخرى، ولذلك تتعانق فيه دلالتان تأتلفان أو تختلفان، فالعنوان معطى دلالي "يحدّثنا عن مضمون القصيدة"20-، ثم هو يتوافق معها في الشكل 21-، وليس ذلك وحسب، وإنما نجد أن الدراسات الشعرية المعاصرة أخذت تهتّم اهتماماً ملحوظاً، بعد جيرار جينيت في كتابه "عتبات" "seuils" ، بدراسة عتبات النص ومفاتيحه، وأهمها شعرية العنوان الذي "أصبح حلقة أساسية ضمن حلقات البناء الاستراتيجي النصّيّ. وأصبح بالإمكان أن نتحدث عن شعرية للعنوان كحديثنا عن شعرية النصوص المعروضة بعد العنوان"22-، صحيح أن العنوان جزء مصاحب للنص الشعري، وهو‏

    عتبة من عتباته، ولكنّه "في استراتيجية التسمية منبثق من المتن الشعري، وهو دالّ عليه في معظم الأحيان، أو هكذا ينبغي أن يكون، وإن كان بعض الشعراء يسمّون مجموعاتهم أحياناً بعناوين مخاتلة ومخادعة، أو يكون قسم من القصائد مرتبطاً بالعنوان دون آخر، ويظلّ العنوان في كلّ الأحوال عتبة من عتبات النص ومفتاحاً من أهمّ مفاتيحه، ويستطيع الدارس في كثير من الشعر الجيّد أن ينطلق من العنوان وينتهي به في دراسة رفيعة"23-.‏

    ولو حاولنا تفكيك عنوان المجموعة "مكاشفات عروة بن الورد الدمشقي" لوجدنا فيه ثلاثة أقسام، يعود الأول منها إلى التراث الشعري في العصر الجاهلي، وهو اسم "عروة بن الورد"، وهو شاعر فحل من شعراء العصر الجاهلي معروف عند المتلقي والشاعر، واسم الشاعر عروة يستدعي قضية هامة، وهي قضية ذات موقف إيديولوجي واضح، وهي أنّ هذا الشاعر قد قاد ثورة حقيقية ضدّ السلطة القبلية الظالمة لتحرير الصعاليك من العبودية والرّق والذلّ الذي كانوا يعيشون فيه، وهذا تلميح إلى موقف الشاعر المعاصر الذي تبنّى هو الآخر قضية عروة وسار على نهجه في الثمانينيات من هذا القرن... إلخ.‏

    ويأتي القسم الثاني في العنوان بكلمة "دمشقي" وهو اسم نسبه إلى دمشق، وهي عاصمة سورية، ولذلك تنطبق نسبة "دمشقي" على "سوري"، وهذا يعني أن الشاعر المعاصر تلاعب في الوجه القناع أو الرمز، ونقله مكانيّاً وزمانيّاً، وعروة في القصيدة غير عروة في التراث، فهو عروة الدمشقي، لا عروة العبسي، فلم يعد الانتماء مقتصراً على القبيلة، وإنما غدا انتماءً وطنيّاً أو قوميّاً إذا شئت، وهو انتماء أوسع أفقاً وأبعد فضاء ودلالة...‏

    وإذا كان عروة الوجه والقناع ينتمي إلى قبيلة عبس في شبه الجزيرة العربية، فإننا، هنا، إزاء عروة آخر، وهو ينتمي إلى دمشق الشام، وهكذا أخرج الشاعر الوجه أو القناع من مكان إلى مكان، والإخراج من المكان يستدعي هو الآخر إخراجاً من الزمن، لأن عروة التراث مقترن بالعصر الجاهلي، وعروة القصيدة غير ذاك، ولذلك صار الزمن (الجاهلي) المحدّد بلا تحديداً أو مائعاً، ولم يعد للزمن الذي ولد وعاش فيه عروة الوجه أيّ قيمة دلالية سوى ما يتصل بالذاكرة الواحدة (التراثية)، ولكن لعروة أو العنوان في القصيدة عدّة ذاكرات، الذاكرة الأصلية التراثية بما تبثّه من إيحاء رمزي يقتضيه اسم عروة الثائر في مجتمع ذي صفات محدّدة، والذاكرات الأخرى وليدة من هذه الذاكرة، ولكنها ذات خصوصية مكانية وزمانية، وهي تختلف قليلاً أو كثيراً عن الذاكرة الأصلية لاختلاف الزمان والمكان والمجتمع، وهكذا يصبح للعنوان دلالة حاضرة بقوة، وهي دلالة التراث، ودلالات حاضرة بوجودها، وهذا ما يتّصل بالقسم الثالث من العنوان.‏

    والقسم الثالث في العنوان هو "مكاشفات"، وهو جمع مؤنث سالم، وجمع المؤنث السالم على الأغلب للقلّة، ولكنّ التأنيث علامة على الولادة والإنجاب، ومن هنا فإن المكاشفة تلد مثلها، وهكذا، وقد أُضيفت "مكاشفات" إلى "عروة"، وعروة هو الدمشقي المعاصر الذي يعيش إحساساتنا في عقد الثمانينيات زمن إنجاز المجموعة.‏

    إنّ عروة الصعاليك حمل همومهم في العصر الجاهلي، وهذا ما يتسم به وما يدلّ عليه الاسم والتاريخ الأدبي والذاكرة الماضية الواحدة، وهذا ما اتسم به عروة الدمشقي الذي اتخذ اسمه الأول وجهاً "عروة بن الورد"، وافترق عنه في النسب، وهو يحمل هموم الطبقة الكادحة ذات النبل الجديد وحاملة القيم والمبادئ‏

    والأخلاق بعد أن كانت الطبقة العليا تتّسم بهذه الصفات في التراجيديا الإغريقية والكلاسيكية، والطبقة الكادحة هي التي وهبت نفسها وحياتها للدفاع عن هذه القيم خارجيّاً وداخليّاً.‏

    ويشترك العروتان في عملية الرفض للواقع الراهن في الوصول نهائيّاً إلى انكسار طموحيهما على الصعيدين الخارجي والداخلي، وهما يشتركان معاً في عملية الرفض، فقد رفض عروة التراث المبادئ التي فرضتها عليه وعلى صعاليكه قيم القبيلة المقدسة، ورفض عروة الحاضر هو الآخر المبادئ التي فرضتها عليه وعلى رفاقه الحياة الاستهلاكية وقيمها الجديدة من نفاق وزيف..‏

    إنّ كلاًّ منهما يرى أحلامه تتراجع وتتهاوى إزاء ناظريه، ولذلك يشعر بالمرارة والخيبة والاغتراب، ولكن الذي يقدّم المكاشفات في هذا النص هو عروة الدمشقي، وإن كان حاضر هذه المكاشفات متصلاً بماضيها، فالعنوان الحاضر في النص المنجز يدلّ على الغائب وثوابته، والغائب وثوابته يدلّ على الحاضر بتحولاته وتجاربه ورؤاه.‏

    ويمكننا أن نتوقف في هذا المجال عند قصيدة "الرحلة" لمحمد عمران"، فهو يستعير فيها وجه امرئ القيس من خلال رحلته إلى القسطنطينية، ليبحث عن وسيلة للخروج من هذا الزمن العقيم، ويعبّر بوساطة ضمير مفرد المتكلّم (أنا)، ويسرد ما جرى معه في رحلته هذه عن طريق تقانة المونولوغ الداخلي قناعيّاً، فيقول:‏

    نفضْتُ دمي من دمي‏

    لا أحاول ملكاً‏

    أحاول ألاَّ أموتْ 24-‏

    وينهي الشاعر عمران قصيدته، كما أنهى حياته امرؤ القيس، بالوصول إلى طريق مسدودة، ونلاحظ أن الشاعر عمران استبدل ضمير مفرد الغائب (هو) بضمير مفرد المتكلم، ليوهم القارئ أن المتحدّث هو الوجه القناع (امرؤ القيس)، وأنه خرج على تقانة القناع التي اختارها منذ العنوان "الرحلة"، ولكنّ هذا الاستبدال لا يغيّر شيئاً من المتحدث الذي يحدثنا عن تجربته المعاصرة؛ ويظل ضمير مفرد الغائب مساوياً لضمير مفرد المتكلم (هو= أنا)، وتظلّ التجربة واحدة والمناخ واحداً:‏

    يمرّ الطريقُ إلى ملكه بالوجوه تهاجرُ،‏

    قال: "أُشَظِّي مرايايَ فيها" وقال:‏

    "أمزّقها"‏

    مزَّقته شظاياهُ، حاصره‏

    صوتُهُ وصداهُ، وحاصرَهُ ظلُّه، فاستقالَ‏

    من الحلمِ.‏

    قال لأغنيةٍ في الطريق:‏

    "اهجعي في فمي!"‏

    هجعتْ‏

    ولزنبقةٍ تتنزّهُ:‏

    "نامي!"‏

    ونامتْ‏

    وقال لأيَّامه:‏

    "انكسري!"‏

    انكسرتْ‏

    ... ثم ماتْ 25-‏

    وقد نجد تقانة السرد المتمدّدة طوليّاً بالوصف عند مصطفى خضر، وبخاصة في عمله "رماد الكائن البشري"، وشاعريته هنا قريبة إلى شاعرية الروائي الغنائي الذي يُعنى بالتفاصيل الدقيقة والصور المتلاحمة والمناخ الشعري، ومن ذلك مثلاً قصيدته فضاء للحبّ العلني" التي يفتتحها بالسرد الوصفي الشعري الروائي:‏

    كان الصباح ينامُ في صحن الحليبِ،‏

    وكانت الأمّ الصغيرةُ ترشفُ النحلاتِ في عينينِ من ذهبٍ،‏

    وبين وسادة الزهرِ الجديدة والستارهْ‏

    يتنفّس العسل الهواءَ، ويظلم الحقل القريب،‏

    وتظلم الشجراتُ بالثمر الغريبِ؛‏

    تبوحُ للماءِ المراكبُ والمجاذيفُ الصغيرةُ للسماءِ،‏

    وكانتِ الأسماكُ تهربُ من الموانئِ..‏

    تستجيبُ ضفادعُ الأعشابِ في صمتِ الضفافِ،‏

    غداةَ تركضُ في عذاب النهر أفراسٌ،‏

    فيخفي النهرُ أقماراً ملوَّنةً،‏

    ويقبرُ في رماد الماء أزياءً وأصواتاً،‏

    ويخرجُ من فضيحته البعيدةِ،‏

    ثمّ تطرقُ زهرة الشبّاكِ حائرةٌ،‏

    وتجهشُ رغبة الأنثى، وتقطنُ في محارهْ! 26-‏

    وبدأنا نلاحظ في هذا العقد على عبارات بعض شعرائنا، ومنهم محمد عمران، اتجاهاً واضحاً إلى التصوّف، وإذا توقفنا عند مجموعته "اسم الماء والهواء" وقفنا على غير قصيدة تقترب من هذا الاتجاه، ومنها قصيدته "نشيد لسيّدة الدفء"، ويبدؤها الشاعر بهذا الاتحاد والحلولية بينه وبين عناصر الطبيعة:‏

    ينبغي أن أُعيدَ الدموعَ التي هاجرتْ في النَّهارِ،‏

    إلى بيتِها المخمليْ‏

    ينبغي أن أُعيد السواقي إلى نبعها،‏

    والجذورَ إلى دفء تربتها‏

    مطرٌ،‏

    والمساءْ‏

    يرتدي معطفَ الريحِ،‏

    والفصلُ قبل الشّتَاءْ‏

    ينبغي أن أنادي دمي المتشرّدَ‏

    في الطرقاتِ، فقد صار وقتُ العشاءْ 27-‏

    أما قصيدته "اسم الماء والهواء" فهي طويلة مؤلفة من 63 مقطعاً، امتزج فيها الشعر بالصورة الصوفية الشفافة، وحلّ فيها العاشق في عناصر الطبيعة، وحلّت فيها، فحدث من خلال هذه الحلولية شيء كثير من التحوّل في صورة العاشق والمعشوق، فهو يقول في المقطع الرابع والعشرين:‏

    قيل: يمشي على الهواءْ‏

    رافلَ الخطوِ بالضبابْ‏

    هو في قُبَّةِ الترابْ‏

    تحت قوسٍ من الغناءْ 28-‏

    أصبح العاشق روحاً بلا جسد، وبلا وزن، وغدا الغناء جسداً شبيهاً بقوس، ولذلك صار الجسدي روحيّاً، وصار الروحي جسديّاً، ويقول في المقطع الرابع والأربعين:‏

    في النحلةِ الزرقاء،‏

    في الأيدي التي تلد المزارعَ،‏

    في الحجرْ‏

    يمشي،‏

    ويتبعهُ السَّفرْ 29-‏

    ولا يكتفي الشاعر محمد عمران في قصيدته هذه بالنزوع إلى الصورة الصوفية، وإنما يسعى إلى استخدام غير تقانة في سبيل الوصول إلى النضج الشعري، فهو يستخدم، مثلاً، في المقطع الأخير (63)، تقانة الصلاة، ويحاول استلهام "الصلاة الربيّة" فيقول:‏

    يقول في صلاتهِ:‏

    "أبي الذي في الأرضِ مُدَّني‏

    بالزيتِ لأضيءَ خَلْقَكَ‏

    اسندني‏

    لأرفعَ الخبزَ إلى الجياعِ،‏

    والخمرَ إلى العطاشِ‏

    املأ يدي‏

    بغبطة العطاءْ"‏

    يقولُ في صلاتِهِ:‏

    "أبي الذي في الماءْ‏

    هبني سريرَ ملككَ الفضّيَّ‏

    لأهزَّ للسّماءْ"30-‏

    وما دمنا في صدد الشاعر محمد عمران، فلنتوقف أيضاً لنشير إلى أنَّ قصيدته بدأت تميل إلى التصوّف والغموض، فاستدعى ذلك منه أن يلجأ إلى تقانة الرمز، وهذا ما نجده في مجموعته "الأزرق والأحمر"، وهما رمزان لونيّان، فالأحمر في المجموعة رمز الدم العقيم، والأزرق رمز الحلم، ولكن الأحمر الدميم يبتلع الأزرق الجميل 31-، يقول في قصيدته "الأزرق والأحمر":‏

    ومشى إلى الثمر الشجرْ‏

    وإلى العناقِ العاشقانِ‏

    ... فجأةً ينفجرُ الأحمرُ،‏

    يغشى معطف النار المدنْ‏

    ويطوفُ الموتُ في الأعيادِ: هذي‏

    شفةٌ، هذي ذراعٌ، هذي جمجمةٌ،‏

    ساقٌ، بقايا رئةٍ، هذي شظايا‏

    جسدٍ كان، هنا دفتر طفل رسم‏

    البحرَ، هناك القلم الأزرق والممحاة،‏

    والوردةُ، تلك الخصلةُ الشقراءُ،‏

    ذاك الدمُ،‏

    ذاكَ الدمُ،‏

    ذاكَ الدمُ،‏

    .. الأحمرُ ينداحُ على صدر الوطنْ 32-‏

    وتقانة التكرار ملازمة للشعر، ولا سيّما في الشعر الغنائي، والتكرار علامة على أهمية اللفظة أو العبارة أو السطر المكرّر، وهو يشير ضمناً إلى أهمية دلالة المكرّر، وقد يكون ذلك مفتاحاً من مفاتيح الدخول إلى النص، هذا إضافة إلى الناحية الإيقاعية التي يهبها التكرار لبنية القصيدة، وقد يولّد التكرار تواتراً متتالياً متماوجاً في بنية النص فيمنحها الحركة الدافعة من الداخل، ومن أمثلته:‏

    عبر ماء القبر أخرج من رمادِكْ‏

    عبر أهراء الرماد أهبُّ، أنهضُ في حصاركِ،‏

    ثمَّ أسقط في فضائِكِ نحو بئرٍ من مدائنَ أو مدائنَ من عظامٍ،‏

    أو عظامٍ من حناجرَ، أو حناجرَ من ترابٍ‏

    ثمَّ أشرعُ في نشيدي والبرايا في غيابٍ‏

    آهِ! يا شعبي! 33-‏

    ومن هذا التكرار الواضح قول أحدهم:‏

    أحلمُ عند الرابيةْ‏

    بالرابيهْ!‏

    أحلم عند المقبرةْ‏

    بالمقبرةْ‏

    أحلم عند الملكةْ!‏

    بالملكةْ!‏

    أحلمُ في عرضِ البَحر‏

    "بالبحرْ".‏

    أحلمُ في أحلامكمْ‏

    بأغنيةْ.. 34-‏

    ويمكن أن نشير أخيراً إلى أنّ القصيدة ظلّت تتراوح بين حجمين مختلفين جدّاً، بين القصيدة الكتاب أو الطويلة وبين القصيدة القصيرة جدّاً، فمن الأولى، مثلاً، قصيدة للخوف كل الزمان" لممدوح عدوان، و "آداد" لفايز خضور.. أما القصيدة القصيرة جداً، فقد تجلّى فيها الشاعر شوقي بغدادي في مجموعته "قصص شعرية قصيرة جدّاً"، ومنها قصيدته "الاغتصاب":‏

    مدَّ إليها يدَهُ‏

    ومسَّ شعرها‏

    فهجموا عليه يضربونَهُ‏

    حتى هوى كالميتْ‏

    فصرختْ‏

    فالتفتوا‏

    يغتصبون الصوت 35-.‏

    واضح أن الشاعر يهتمّ هنا باللقطة أو المشهد الشعري من خلال تسريع السرد، ومن ذلك أيضاً قصيدته "جنازة الفقير":‏

    سيّارةُ نقل الموتى واقفةٌ‏

    لا تجد سبيلاً ينفذُ في الشارعْ‏

    سيّارةُ نقل الموتى صائحةٌ‏

    تستجدي الرحمة والغفرانَ‏

    ولا سامِعْ‏

    سيّارةَ نقل الموتى ضائعةٌ‏

    تبحثُ عن أثر مشيِّعها الضائعْ‏

    والقبرُ قريبٌ‏

    والدنيا وحشٌ‏

    يلتهم الصوتَ على الدربِ الواسعْ 36-‏

    -4-‏

    إنّ الترجرج والتخلخل والتفكّك الذي أصاب الحياة العربية في الثمانينيات رافقه تخلخل وترجرج في القصيدة الشعرية المعاصرة في سورية، فقد استمرّ الاتجاه الحزيراني، لأنَّهُ، واجه رياحاً مواتية وملائمة لنموّه وازدهاره واستمراره، وبخاصة فيما تلاه من أحداث جسام، كمعاهدة كامب ديفيد، واجتياح الثكنة الإسرائيلية لبيروت عاصمة الثقافة العربية، وهذا ما عزّز اتجاه الانكفاء على الذات، وإيمان بعض الشعراء بعدم جدوى الشعر، فنمت موضوعة الالتفات إلى ولادة القصيدة العصية، والغناء الرومانسي الصوفي الجديد، والبحث عن حلول ميتافيزيقية، وإن كان هذا لا يمنع حضور بعض الأصوات العنيدة التي ظلّت واقفة في وجه العاصفة تدين الواقع وترفضه بشدّة، أو تفتخر بالانتماء إلى العروبة والبداوة، وظلّت هذه الأصوات واضحة في المآسي والمسرّات، وهي أكثر وضوحاً وتصريحاً ومباشرة، تأخذها الذات الشاعرة إلى الغناء الشجي، وظلّت بعض الأصوات الأخرى تترنّم بالبطولة الأسطورية في غياب ما هو بطولي وأسطوري، وظلّ ذلك في حدود ضيّقة، لأن بعض شعراء هذا الاتجاه مالوا إلى الاتجاه الآخر، فأخذوا يبحثون عن شكل عصيّ لولادة قصيدة عصية تأخذ شكلاً نبويّاً مختلفاً.‏

    واستمرت ظاهرة تسمية الشاعر لمجموعته باسم إحدى قصائد المجموعة، وهذا ما فعله، على سبيل المثال لا الحصر، الشاعر محمد عمران في مجموعتيه "الأزرق والأحمر" و "اسم الماء والهواء"، ومصطفى خضر في "المرثية الدائمة"، وميخائيل عيد في "قمر المخيّم لا يساوم"، وسواهم.‏

    وهكذا بدأت القصيدة التفعيلية تتجه في سورية في الثمانينيات إلى التراكمية والنمذجة والتشابه أكثر مما تتجه إلى التمدّد والتنوع والانسياح والتفرّد، وقوى الاتجاه إلى التصوّف، حتى عند بعض الشعراء الرواد، فأدى ذلك إلى العودة إلى رومانسية جديدة أدّت بدورها إلى فيض في الإنتاج على حساب الغنى والثراء والاستقلالية.‏



    qq‏

    n الهوامش:‏

    1. خضور، فايز- نذير الأرجوان- دار فكر للأبحاث والنشر- بيروت- ط1- 1989م- ص 35. وللتوسع انظر: الموسى، د. خليل- قراءة في "نذير الأرجوان" -المعرفة- س32- ع 358- تموز 1993م- ص ص (208-224).‏

    2. المصدر نفسه- ص 9.‏

    3. خضر، مصطفى- المرثية الدائمة- منشورات وزارة الثقافة- دمشق- 1984- ص23.‏

    4. خضر، مصطفى- طفولة هذا المكان- دار الذاكرة- حمص- ط1- 1991م- ص9.‏

    5. حموي، حسين- مكاشفات عروة بن الورد الدمشقي- اتحاد الكتاب العرب- دمشق- 1987- ص ص 13-14.‏

    6. المصدر نفسه- ص 105.‏

    7. كمال الدين، وليد- والريح تدخل عصرها الذهبي- اتحاد الكتّاب العرب- دمشق- 1980م- ص6.‏

    8. مشوح، وليد- تمتمات إلى سيّدة الحزن والفرح- دار المجد- دمشق- ط1- 1985- ص88.‏

    9. خضر، مصطفى- من أين تبتدئ القصيدة؟ -اتحاد الكتاب العرب- دمشق- 1983- ص 48.‏

    10. خضر، مصطفى- طفولة هذا المكان- ص ص 3-4.‏

    11. السكاف، ممدوح -فصول الجسد- اتحاد الكتاب العرب- دمشق- 1992- ص ص 52- 53.‏

    12. المصدر نفسه- ص ص 200-202.‏

    13. عيد، ميخائيل- أغنيات لقمر الطفولة- منشورات اتحاد الكتّاب العرب- دمشق- 1984م- ص 14.‏

    14. وللتوسع انظر: الموسى، خليل- الغنائية في "أغنيات لقمر الطفولة" -المعرفة- س24- ع283- آب 1985- ص ص 177-184).‏

    15. الخاطر، مروان -الأعمال الشعرية- المطبعة العلمية بدمشق -ط1- 1994م-ص 125.‏

    16. للتوسع انظر: الموسى، د. خليل -قراءة في الأعمال الشعرية لمروان الخاطر- الموقف الأدبي- س28- ع 326- حزيران 1998م- ص ص 49-61.‏

    17. عيد، ميخائيل -قمر المخيم لا يساوم (من وحي الانتفاضة) - دار الشيخ- دمشق- ط1- 1988- ص 13.‏

    18. المصدر نفسه- ص 23.‏

    19. خضر، مصطفى- طفولة هذا المكان- ص27.‏

    20. هنيدي، نزار بريك- جدلية الموت والالتصاق- اتحاد الكتاب العرب- دمشق- 1980م - ص9.‏

    21. ريفاتير، مايكل- دلائليات الشعر- تر. محمد معتصم- منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط- 1997م- ص 252.‏

    22. المرجع نفسه- ص177.‏

    23. يحياوي، رشيد- االشعر العربي الحديث (دراسة في المنجز النصي)- أفريقيا الشرق (الدار البيضاء- بيروت) 1998- ص110.‏

    24. الموسى، د. خليل -في شعرية الشعر السعودي (دراسة في العناوين)- قوافل (النادي الأدبي بالرياض)- س6- م6- ع12- 1999م- ص287.‏

    25. عمران، محمد -الأزرق والأحمر- منشورات اتحاد الكتّاب العرب- دمشق- 1984م- ص18.‏

    26. المصدر نفسه - ص ص24- 25.‏

    27. خضر، مصطفى- رماد الكائن البشري- منشورات اتحاد الكتاب العرب- دمشق- 1985- ص 27.‏

    28. عمران، محمد- اسم الماء والهواء- منشورات وزارة الثقافة- دمشق- 1986م- ص 27.‏

    29. المصدر نفسه- ص 109.‏

    30. المصدر نفسه- ص 125.‏

    31. المصدر نفسه- ص ص 142- 143.‏

    32. للتوسع انظر: الموسى، خليل -بين الأزرق والأحمر- المعرفة- س 23- ع 276- شباط 1985- ص ص 151- 158).‏

    33. عمران، محمد -الأزرق والأحمر- ص 32-33.‏

    34. خضر، مصطفى- رماد الكائن البشري- ص 30.‏

    35. كمال الدين، وليد -البارقات- منشورات وزارة الثقافة- دمشق- 1982م- ص 15.‏

    36. بغدادي، شوقي- قصص شعرية قصيرة جدّاً- اتحاد الكتاب العرب- دمشق- 1981م- ص9.‏

    37. المصدر نفسه - ص 35.‏

    - الموقف الأدبي‏



    الموقف الأدبي - 7‏

    رد مع اقتباس  
     

  2. #2 رد: قصيدة التفعيلة في سورية في الثمانينيّات ـ 
    كاتب مسجل الصورة الرمزية كوكب السحر
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    المشاركات
    60
    معدل تقييم المستوى
    15
    تحية طيبة أستاذنا الفاضل
    هل نستطيع أن نعتبر هذه القصيدة قصيدة التفعيلة
    تعبَ مني بدني
    صوتي مشلول
    مجهولاً دربي.. وجهه..
    شائك محفور
    أبحث عن عزٍِ وحضور
    أمضي..غصصي أحملها
    دمعي من عيني منثور
    المر في حلقي.. أمضغه
    منذ أزمان ودهور
    هل سأعيش دوما منفي
    تقذفني بحوراً لبحور؟
    هل يمضي عمري وأنا
    ذاك المطرود المجهول؟

    ................
    ................
    ولك الشكر
    سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
    رد مع اقتباس  
     

المواضيع المتشابهه

  1. حنين الى عين جيم مدينة جنين / د. لطفي الياسيني
    بواسطة الشاعر لطفي الياسيني في المنتدى الشعر
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 19/09/2014, 03:46 PM
  2. مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 24/06/2011, 08:41 PM
  3. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 12/06/2011, 11:25 PM
  4. الموشح الأندلسي ونماذج منه.
    بواسطة د.فادي محمد سعيد في المنتدى قضايا أدبية
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 20/12/2010, 07:57 AM
  5. تجربتي في تعريب الفلسفة ـــ خليل أحمد خليل
    بواسطة عبد الله عبد الوهاب في المنتدى مكتبة المربد
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 20/09/2004, 07:07 AM
ضوابط المشاركة
  • تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •