رد: حوار المربد الأول : ما يسمى شعر النثر
[quote=مريم احمد;27712]الأمر الجوهري هو أن القصيدة عبارة عن وحدة لغوية تتكون كما هو معروف من ألفاظ ينظر إليها على أساس قدرة التداول و الفصاحة و السلاسة فبالنسبة لعبد القادر الجرجاني في كتابه منهاج البلغاء وسراج الأدباء "الوزن ليس هو الفصاحة و البلاغة في شيء... فليس بالوزن ما كان الكلام كلاما ولا به كان كلام خير من كلام" و أضاف "أفضل الشعر ما حسنت محاكاته وهيئته, و قويت شهرته أو صدقه أو خفي كذبه و قامت قرابته" وقول الجاحظ في " البيان والتبيين " إن الشيء من غير معدنه أغرب وكلما كأن أغرب كان أبعد في الوهم وكلما كان أبعد في الوهم كان أطرف وكلما كان أطرف كان أعجب وكلما كان أعجب كان أبدع "و قصة الآمدي مع أبي تمام في( الموازنة بين شعر أبي تمام و البحتري) معروفة عندما وصفه بالجهل و الخبل.و نحن نعرف قول ابي تمام المشهورحين سئل لم لا تقول ما يفهم؟ فرد: لم لا تفهم من الشعر مايقال؟انظر كتاب المرزباني "الموشح في مآخد العلماء على الشعراء".
أظن أن اقتراب القصيدة من روح الموسيقى أو اللوحة تدخل في إطار التفاعل مابين الأشكال التعبيرية الإنسانيةخاصة وأننا بصدد النظر في جنس لغوي إبداعي ذو طبيعة انسانية مما يجعله قابل للاختلاف ليس فقط على المستوى الآني وإنما كما أدرجت أعلاه على مر العصور وحتى في المواقف النقدية قديما وحديثا .
ولن أجد أعمق مما جاء في التراث العربي من خلال قول جلال الدين السيوطي لأختم به فقد ورد في كتابه "المزهر في علوم اللغة وأنواعها" (قال الأصمعي: اختلف رجلان في الصقر فقال أحدهما : بالصاد و قال الآخر بالسين فتراضيا بأول وارد عليهما فحكيا له ما هما فيه فقال :لا أقول ما قلتما إنما هو الزقر).
[/quote]
الأخت الكريمة مريم أحمد
سعيد جداً بهذه المقبوسات المفيدة, وأجدها تصب تماماً فيما نتكلم عنه، حيث إن الجرجاني أو الجاحظ كما أوردت لهما شواهد لا يعتبران شعراً بلا وزن، بل الوزن أصبح بديهياً، لكن المفاضلة بين قصيدة وقصيدة يجب أن تكون بين النسيج والصور والسبك والخيال وما شابه من أركان القصيدة، وأجد أن الأمر لا بد أن يستقيم بالنقد , وقد وصلنا إلى ما وصلنا إليه من الخلاف( بشكل عام في الشارع الأدبي) وبعد الهوى من خلال تقصير النقاد
ولم أتوقع أن يأخذ هذا الموضوع حظه من القراء وما كان ذلك إلا لقلة المعلومة , وفقر الساحة من النقد
وبذلك نفتح الأبواب أمام تصحيح مسيرة طال آوان تصحيحها
وعودة الشعر لألقه وجوهره وعودة جمهوره العريض
كما نجد في قسم المنتدى الشعري الذي يعتبر أكثر قسم شعبي في المربد
وذلك أن صوته الأصيل قد عاد
نكمل مسيرة الحوار
ولو تباعدت الردود
حياك الله
رد: حوار المربد الأول : ما يسمى شعر النثر
الأخ الفاضل طارق شفيق حقي
المدير العام.
سلاماتي وتحياتي ينقلها إليكم توق النفس إلى التفيؤ بظلال وطننا العربي.
بهذه الرسالة وددت أن أشير إلى متابعتي لتفاعل الكتاب من شعراء وناثرين مع السؤال المتعلق بالشعر المنثور أو شعر النثر أو قصيدة النثر.
سأتناول قريبا هذا الموضوع.
مع مودتي واحترامي.
رد: حوار المربد الأول : ما يسمى شعر النثر
جميل جميل جدا هذا الطرح وهذا التفاعل.
ولكن لماذا لم اجد نازك الملائكة من بين تلك المداخلات والتعقيبات، ثم ما سر تمسك اهل النثر بقولهم ان نثرهم شعرا بل هو لدى البعض منهم شعرا راقي .
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طارق شفيق حقي
المفاضلة بين قصيدة وقصيدة يجب أن تكون بين النسيج والصور والسبك والخيال وما شابه من أركان القصيدة، وأجد أن الأمر لا بد أن يستقيم بالنقد , وقد وصلنا إلى ما وصلنا إليه من الخلاف( بشكل عام في الشارع الأدبي) وبعد الهوى من خلال تقصير النقاد
ولم أتوقع أن يأخذ هذا الموضوع حظه من القراء وما كان ذلك إلا لقلة المعلومة , وفقر الساحة من النقد
وبذلك نفتح الأبواب أمام تصحيح مسيرة طال آوان تصحيحها
وعودة الشعر لألقه وجوهره وعودة جمهوره العريض
كما نجد في قسم المنتدى الشعري الذي يعتبر أكثر قسم شعبي في المربد
وذلك أن صوته الأصيل قد عاد
نكمل مسيرة الحوار
ولو تباعدت الردود
حياك الله
اخي طارق شكرا لك وللجميع
تحيتي
رد: حوار المربد الأول : ما يسمى شعر النثر
الأخ السيد الفاضل طارق شفيق حقي
ألف تحية طيبة وأمل أن تكون في تمام الصحة وحسن الحال.
لقد أحسنت الاختيار باختيار هذا الموضوع - موضوع الشعر - الذي يشغل بال كثيرين من الكتاب والشعراء العرب.
ثمة قيود على التناول الدقيق لهذا الموضوع لأسباب منها وجود الخلط البين أحيانا لدى الكتاب بين مصطلحات "الشعر الحر" و"شعر التفعيلة" و"قصيدة النثر" وغيرها من المصطلحات. ونظرا إلى هذا الخلط لا يقع التحليل في السياق المقصود الذي ينبغي أن يقع فيه. وهذا يوجد حالة تشبه حالة الرجل الذي يقول "هذا ثور" فتقول زوجته "احلبوه"، وهو قول يشيع في بعض الأراضي العربية.
ولا يوجد جوشاف عن السؤال: هل الشعر الحر أقل أم أكبر قدرة من الشعر العمودي على رسم الوجود الذي يحياه الشاعر. معاني الشاعر وأسلوبه اللغوي ومشاعره وتصوراته وطيقته في التعبير تقرر إلى حد بعيد مدى نجاحه (نجاحها) في رسم الوجود الذي يحياه الشاعر. وعلينا ألا نصفي المثالية على غرض الشاعر. لعل الشاعر لا يريد أن يرسم الصورة كاملة. لعله يكتفي برسم بعض الصورة. لعله يريد أن يسند إلى القراء المشاركة في رسمها.
أعتقد أنه ثمة حاجة إلى كتابة شعر التفعيلة أو الشعر الحر. هذه الحاجة نابعة من الرغبة في الفكاك من بنية القصيدة العمودية (الكلاسيكية) التي تسبب - بسبب التقيد ببحورها - التكرار والرتابة وتضييق هامس الإعراب عن المعنى والمشاعر. ولا يعني هذا الكلام ويبنبغي ألا يعني عد الإقرار بعظمة بحور الشعر العربي وعبقريتها وجمالها. ولكن الإقرار بهذه العظمة ينبغي ألا نتغاضى عن أنها تسبب أيضا تكرارا ورتابة وتصييقا لهامش الإعراب عن المعنى والمشاعر.
ولمن يريد كتابة الشعر العمودي أن يفعل ذلك، ولمن يريد كتابة الشعر الحر أو شعر التفعيلة أو الشعر المرسل أو الشعر الحديث أن يفعل ذلك. ولا يحق لمن يكتب الشعر العمودي أن ينتقص من شاعرية الذي يكتب شعر التفعيلة لمجرد أنه يكتب هذا النوع من الشعر. هناك قصائد (و"القصيدة" مشتقة من قصد المرء لكتابة الشعر) من شعر التفعيلة تفضل قصائد من نوع الشعر العمودي. وقد يحب نفس الشاعر أو الشاعرة قصيدة كتبتها من نوع الشعر الحر أكثر من محبتها لقصيدة عمودية كتبتها.
وإذ أعود إلى بحور الشعر العربية أعتقد أن البحر العربي المأثور رائع وذو وقع وجميل. والذوق البشري تحدده الظروف القائمة التي تكيفه. أتى الشعراء العرب خلال ما لا يقل عن ستة عشر قرنا من الشعر ما لم يأت به - حسب التاريخ المدون - ما لم يأت به ولن يأتي به أي شعب في العالم. قد تكفي الإشارة إلى شعر ابي الطيب المتنبي (الخيل والليل ...)وأبي العلاء المعري (اللزوميات وغيرها) وأبي تمام والبحتري وجرير والفرزدق وابن الفارض وأحد شوقي وحافظ ابراهيم وأبي القاسم الشابي ونزار قباني ومحمود درويش ومثات غيرهم.
وعظمة الشعر العمودي ينبغي ألا تجعل الزهو مسيطرا حيال الذين يكتبون شعر التفعيلة. الزهو لا يتمشى مع الشعر أو العظمة أو الإنسانية.
وأرى أن الفن هو وينبغي أن يكون للحياة بالمعنى الأكثر عموما للكلمة. ألبيس الفن جزءا من الحياة. وما معنى عبارة الفن للفن إن لم يكن معناها أن الفن للحياة. إن لم توجد الحياة قُتل الفن واندثر. لمن يضع الفنان قطعته الفنية. هل يضعها أو ينتجها حتى يراها الحخائط أو الغرفة أو الغابة أو القطة؟ ألا يتوق الفنان إلى مشاهدة الناس لفيض فنه؟ الحياة ليست جزءا من الفن. الفن ابن الحياة. فلمَ لا يكون البن حريصا على أمه.
هذا ما تيسر. مع مودتي.