-
حكي أن رجلين تنازعا في أرض فأنطق الله تعالى لبنه من جدار تلك الارض فقالت إني كنت ملكا من الملوك ملكت الدنيا ألف سنة ثم صرت رميما ألف سنة ثم أخذني خزاف وعملني إناء فاستعملت ألف سنة حتى تكسرت وصرت ترابا فأخذني طواب وعملني لبنا وأنا في هذا الجدار كذا وكذا سنة فلم تتنازعان في هذه الأرض وأنتم عنها زائلون وإلى غيرها منقلبون والله سبحانه وتعالى أعلم
-
وروي أن ملكا بنى قصرا وقال انظروا إن كان فيه عيب فأصلحوه فقال رجل أرى فيه عيبين
فقالوا له وما هما ؟ قال يموت الملك ويخرب القصر
قال صدقت ثم أقبل على الله وترك القصر والدنيا
-
وقال عيسى عليه الصلاة والسلام أوحى الله الى الدنيا من خدمني فاخدميه ومن خدمك فاستخدميه يا دنيا مري على أوليائي ولا تحلي لهم فتفتنيهم وقال بعض الحكماء الدنيا كالماء المالح كلما ازداد صاحبها شرابا ازداد عطشا أو كالكأس من عسل وفي أسفله سم فللذائق منه حلاوة عاجلة وفي أسفله الموت أو كحلم النائم يفرح في منامه فإذا استيقظ زال فرحه او كالبرق يضيء قليلا ثم يذهب
-
ولو قيل للدنيا صفي نفسك ما عدت ما وصفها به أبو نواس بقوله
( وما الناس إلا هالك وابن هالك ... وذو نسب في الهالكين عريق )
( إذا امتحن الدنيا لبيب تكشفت ... له عن عدو في ثياب صديق )
-
وروي أن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه لما رجع من صفين ودخل أوائل الكوفة رأى قبرا فقال قبر من هذا ؟ فقالوا قبر خباب ابن الارث فوقف عليه وقال رحم الله خبابا أسلم راغبا وهاجر طائعا وعاش مجاهدا وابتلي في جسمه آخرا ألا وأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا ثم مشى فإذا هو بقبور فجاء حتى وقف عليها وقال السلام عليكم أهل الديار الموحشة والمحال المقفرة أنتم لنا سلف ونحن لكم تبع وبكم عما قليل لاحقون اللهم اغفر لنا ولهم وتجاوز عنا وعنهم طوبى لمن ذكر المعاد وعمل ليوم الحساب وقنع بالكفاف ورضي عن الله تعالى ثم قال يا أهل القبور أما الأزواج فقد نكحت وأما الديار فقد سكنت وأما الأموال فقد قسمت وهذا ما عندنا فما عندكم ثم التفت إلى أصحابه وقال أما أنهم لو تكلموا لقالوا وجدنا خير الزاد التقوى والله سبحانه وتعالى أعلم
-
( يا من سقامي من سقام جفونه ... وسواد حظي من سواد عيونه )
( قد كنت لا أرضى الوصال وفوقه ... واليوم أقنع بالخيال ودونه )
-
( صبحته عند المساء فقال لي ... تهزي بقدري أو تريد مزاحا )
( فأجبته إشراق وجهك غرني ... حتى توهمت المساء صباحا )
-
( وأجيل فكري في هواك ... بلا لسان ناطق )
( أدعو عليك بحرقة ... من غير قلب صادق )
-
( يا ويح من خبل الأحبة قلبه ... حتى إذا ظفروا به قتلوه )
( عزوا ومال به الهوى فأذله ... إن العزيز على الذليل يتيه )
( أنظر إلى جسد أضر به الهوى ... لولا تقلب طرفه دفنوه )
( من كان خلوا من تباريح الهوى ... فأنا الهوى وحليفه وأخوه )
-
( أما ترى الأرض قد أعطتك زهرتها ... بخضرة واكتسى بالنور عاريها )
( فللسماء بكاء في جوانبها ... وللربيع ابتسام في نواحيها ) وقال غيره
( إن السماء إذا لم تبك مقتلها ... لم تضحك الأرض عن شيء من الزهر )
( والأرض لا تنجلي أنوارها أبدا ... إلا إذا رمدت من شدة المطر )
-
( ومما قيل في البنفسج ) قال ابن المعتز
( ولا زوردية وافت بزورتها ... بين الرياض على زرق اليواقيت )
( كأنمل فوق طاقات صففن بها ... أوائل النار في أطراف كبريت )
-
( للورد فضل على زهر الربيع سوى ... أن البنفسج أزكى منه في المهج )
( كأنه وعيون الناس ترمقه ... آثار قرض يد في خد ذي غنج )