مخيم الرباط و الصمود ..حينما يصبح أهل القدس يحيون في العراء
مخيم الرباط و الصمود ..حينما يصبح أهل القدس يحيون في العراء
بينما يزدحم الأفق بالسلام يظل ومنذ - 19 آب 1997 - أكثر من 400 ألف طفل وامرأة ورجل يعيشون في مخيم الرباط والصمود في حي الصوانة قرب منطقة واد الجوز في القدس , يأوون إلى الخيام و يستظلون بها من العنجهية العمياء والظلم , يزرعون أوتادا , ينتصبون رايات للنكبة والمعاناة , ...يذوبؤون في كل ذرة تراب , يكبرون مع كل نسمة هواء , يحرسون الأرض الوقف يسيجونها بأرواحهم قبل أن تمتد إليها يد الجامعة العبرية .
ومع كل فجر جديد يقرؤون الوطن رسائل شوق وعهد صمود , ...وحده من له يبتسمون ..ويعانقون شموخه بكل كبرياء ..
يقول حمزة الصغير , فتى مقبدسي مقيم في المخيم : " أعيش هون فخيمة ..وأشوف الأقصى كل يوم..ولا أروح أسكن بقصر مأششوفش الأقصى منو ّ.
وتقول كوثر :" لو إنو شو ما يصير مبطلعش من القدس أبدا ..هاي بلدنا والقدس قدسنا " .
في إحدى زوايا المخيم يقيم هؤلاء الصبية معرضهم " القدس في العيون " الذي يأتيه الزوار من كل مكان ...يتسامون فوق الأنا المطروح .. ويطرحون قضايا الوطن الموجود ....هم الوطن وإن غُـيبوا بالقوة ....
كثيرهم لا يحمل هوية ..سحيتها منهم الدائرة ..بعض أفراد أسرهم لا يملكون شهادات ميلاد وهم ممنوعون من الدراسة بحجة انعدام السكن ..
الشيخ موسى ..ساكن بالمخيم ..أخرجوه من بيته الذي يسكنه من 14 سنة بحجة انه غير صالح للسكن ...يقول :" تبني ممنوع , رخصة تصليح البناء ممنوع " ..تسحب منه الهوية المقدسية لمن يسكن خارج يسكن خارج البلدية ثم تسحب منه حقوق المواطنة ...تلك سياسة التفنن في صنع أزمة السكن وتعقيد حياة المقدسيين علهم يهاجروا من تلقاء أنفسهم .
تقوم وزارة الداخلية الاسرائيلية عن طريق مكتبها الكائن في القدس ..بالتربص للمراجعين لها يوميا بخصوص المعاملات اليومية المختلفة وبالتالي ترغمهم على مغادرة البلاد قصرا ....
وفي ترانسفير هاديء ...تفصل القدس عن مواطنيها ويفصل أبناء الأسرة الفلسطينية عن بعضهم لتتعقد المأساة وتكتمل فصول المؤامرة .
استطاعوا لحد الآن سسحب 3000 هوية من المقدسسيين وان رفضوا تسليمها استعملوا ضدهم القوة .
لماذا تسحب هوية القدس ...الفلسطينيون لا يعترفون بالجنسية الاسرائيلية ... لكنه شيء مفروض ... " بدك تاخدو وتعيش بيه "..
عايدة " أم مهند " حينما عرفت بنفسها قالت :
بسكن الخيمة رقم 46 " ... بعد سنين طويلة قضتها بين 11 بيتا بالإيجار ..قررت هي وزوجها أن يشتروا قطعة أرض في مخيم شغفاط لبناء بيت العمر ..جمعوا كل ما يمتلكون ..حرموا أبناءهم التسعة من كل شيء ..استدانوا قدر ما يستطيعون وكان ما كان ...بني البيت وكان السكن لمدة أسبوع وكل شيء رسمي ... وجاءت الجرافات للهدم ..يقول الحج موسى أعطونا إنذار 72 ساعة ..مكملوش 21 ساعة ..خطفوا ابني من يدي وأخرجوني وزوجي بالقوة " ...لم يسمحوا بإخراج أي شيء ..لا اثاث ..لا اوراق ولا حتى أغراض للأطفال :" قال معنناش وقت بدنا نهدم بسرعة ونروح " .
نصف ساعة واصبح الحلم مجرد ركــــــــــــــام والإسمنت المسلح مكسور على الأرض ...
وضحكت دزفيتزي إيف مطولا ..هدم بيت الحاج عبد الغني وبيتا ابنيه الاثنين ..وبيت أم مهند وبيتين آخرين ... لم ولن يعطوا تعويضا للرخص رغم الوعود ..يعلمون أن المنطقة ستكون امتدادا للمستعمرة , إنهم يخططون ل100 عام للأمام ....
ما بين مخيم شعفاط والصمود..ألف حكاية وحكاية ..هنا تألقت صاد
الصبر , وهنا ارتقت ألف الإنتماء ....
سنعود يا قدس ..يا وعد السماء
سنعود يا قدس ..يا وعد السماء
لا يمكن أن تكون لإسرائيل الشراكة في القدس ولا حتى أن تكون عاصمة مشتركة لدولتين ... بل في فلسطين عامة وليس فقط في القدس .
كما لا يحق لأي مسلم او عربي أن يتصرف أو أن يبيع و يشتري أو أن يتنازل عن أي شبر ,لأنها ملك عام وهي خراجية وقفية.
والأمة الاسلامية بأكملها ستجمتع ..ولن تجتمع هذه الأمة عن ضلال أبدا ..ستدافع عن أرض الاسراء والمعراج ..سستدافع عن أرض الرباط والجهاد ..ستدافع عن المدينة الثالثة في الاسلام ولن تبخل عليها بدم ...
في زمن ضاعت فيه الذاكرة من الأمة ..ضاعت القدس , 100 عامك حول فيها المسجد الأقصى الى مكاتب , وقبة الصخرة الى كنيسة , والمصلى المرواني الى إسطبل وغاب الآذان ....
حتى شاء الله لهذه المدينة العزيزة أن يخلصها من براثن الظلم والاحتلال ..وجاء صلاح الدين الأيوبي وحررها بعد معركة حطين عام 1187م وهو يرفع راية التوحيد ..ليسجد ويسجد معه الجيش الفاتح الذي يرفل بالحديد على عتبات الباب الذي استقبل محمد صلى الله عليه وسلم ومجده التليد .
الحاج موسى لا يزال يذكر أصدقاء الجرح ..المجاهدون الأوائل الذين دافعو معه عن ثرى القدس الطهور " عبد القادر , عز الدين , الحج فرحان .."
ولا يزال الحاج عثمان يحمل مفتاح بيته القديم ويلقن أحفاده درس الثقة بالله وهو يراقب مدينة القدس من خيمته على رأس الجبل يقرأ على مسامع هذا الوطن :" ان شاء الله عن قريب , ندعي ربنا يصلح الأحوال ويرجعو الأطفال هادول على دورنا وعلى أراضينا وبيوتنا " ..
وقبل أن تمتد معاول الشر لهدم مخيم الرباط , وقبل أن تنتقل روح الشهيد البريء محمد الشراونة إلى بارئها عند الحاجز الأمني الذي يقتل ولا يسلم منه أحد ..وُلـد ابنه " صامد" ...وغدا سيولد صامدون كثيرون ..قد لا يحملون نفس الإسم لكنهم سيولدون ..
من روح الروح ..من رحم الثرى يخرجون ..في لون الشفق , في شكل الشهاب ..في اتساع المدى ..في لحن السحاب ...مثل ششعاع النور يتواصلون .. بذات الدم وذات الوعد الكريم ....
بسم الله الرحمن الرحيم :" فإذا جاء وعد الآخرة ليسوموا وجوههم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة "
يوما ما سيدخلون القدس من جميع بوابات الوطن وهم يرددون :
إسلمي يا قدس إنا للفدا ...... بيدي إن مدّت الدنيا يدا
أبدا لن نستكين أبدا ... إنني أررجو مع اليوم غدا
ومعي قلبي وعزمي للجهاد
لا أميل ..لا أمل ..لا أميل
لك يا قدس السلامة ... وسلاما يا بلادي
إن رما طغيُ السهام ...أتقيها بفؤادي ....واسلميلي في كل حين
------------------------------------
تحية عطرة للمخرج إياد الداود ..... وانحناءة لـ" القدس : وعد السماء "