رد: أدب الرحـــــــلة ...
رد: أدب الرحـــــــلة ...
http://www.as44.com/vb/images/smilies/013.gif
http://img176.imageshack.us/img176/4...noos9ktsx4.gif
الرحلة الأوربية
للشيخ
محمد رشيد رضا
رحمه الله
منشورة في مجلة المنار: المجلد 23 الجزء 2 جمادى الآخرة 1340/ 1922، في سبع حلقات على التوالي في المجلد 23 الصفحات: 114 ـ 306 ـ 383 ـ 441 ـ 553 ـ 635 ـ 696.
وهذا بعض مما جاء في مقدمة الرحلة
كادت أوربة تسود العالم الأرضي، وتستعبد جميع شعوب البشر، وتسخرها لخدمتها، ولولا أن تفلَّت جل العالم الجديد في غربي الكرة (أميركة) من قبضة يدها، وتلاه الشعب الياباني في شرقيها، فساوى الشعوب الأوروبية في العلم، والصناعة، والنظام، وإتقان فنون الحرب وآلات القتال، ووسائل الثروة وتدبير المال، وأما سائر بلاد المشرق من آسيوية وإفريقية، فكانت خاضعة خانعة لدول الاستعمار الأوروبية على تفاوت بينها في هذا الخضوع، فمنها ما يعد مُلكًا خالصًا لهن، ومنها ما يسمى التصرف فيه حمايةً أو احتلالاً، ومنها ما يسمى مناطق نفوذٍ سياسية أو اقتصادية أو امتيازات دولية، دَعْ النفوذ العلمي الذي سيطروا فيه على الأفكار بتأثير مدارسهم، وانتشار لغاتهم، وبثّ مطبوعاتهم، والنفوذ الديني الذي سيطروا فيه على القلوب، والأرواح ببعثاتهم الدينية، وما أُنشِئ لها من المدارس، والمستشفيات، والأندية، وما يطبع لها من الكتب، والصحف المنشرة، ولا تنس في هذا المقام تأثير تجارهم وسيَّاحهم، ولا تأثير عاداتهم وأزيائهم، ولا أتحامى ذكر تأثير بغاياهم، وفواجرهم في إفساد الأخلاق، وحاناتهم ومقامرهم، واستنزاف الأموال.
فبهذه المزايا، والصفات، والمظاهر، والأفعال (حسنها وقبيحها) - تنجذب قلوب الناس إلى رؤية بلاد هؤلاء الناس على اختلاف المقاصد، والنيات؛ فهي كعبة طلاب العلوم والفنون والصناعات، كما أنها هيكل عُباد الشهوات، والتمتع باللذات، فترى الناس يرحلون إليها من جميع أقطار الأرض، أفرادًا وثُبَاتٍ وأكثرهم يبتغون بالرحلة إليها التمتع بمشاهد عمرانها، واحتساء كؤوس لذاتها، ومنهم من يؤمها للاستشفاء بهوائها ومياهها المعدنية، أو لِعرْضِ نفسه على أطبائها أُولِي الأخصاء في فروع الطب والجراحة، ومنهم مَن يلمّ بها لاستبضاع عروض التجارة أو غير ذلك من الأعمال المالية، ومنهم من يهاجر إليها لطلب العلوم الكونية والقانونية، والفنون والصناعات المختلفة ، ومنهم من يتسلل إليها للقيام بأعمال سياسيةٍ.
ولعل أقل زائريها مَن ينوي تكميل عقله، وتجارِبه بالاختبار، والاعتبار بما يرى، ويسمع، وأرجو أن أكون من هذا القليل، وإن كان المحرك لهذه الرحلة، والداعي إلى جعْلها في الزمن الذي وقعت فيه، وإلى المكان الذي كان جلها فيه - ليس إلا الخدمة السياسية لوطن المولد والتربية.
http://www.kaanz.com/vb/up/uploads/48f8023902.gif
د. أبو شامة المغربي
http://aklaam.net/aqlam/images/e_mail.gif
kalimates@maktoob.com
رد: أدب الرحـــــــلة ...
*الرحلة والرحلات تعد سمة بارزة من السمات الحضارية بين شعوب الارض في قاراتها المأهولة، ولعل رحلة كريستوف كولومبس الى القارة الامريكية واكتشافها تعد من اكبر الرحلات الجغرافية.
أما في مجال البحار والمحيطات، فقد جاب ماجلان أرجاء المحيطات، وكذلك الإدريسي الرحالة العربي الذي اكتشف كروية الأرض من خلال رحلاته وتجواله في محيطات القارات وبحارها.
*أما في المجالات العلمية والأدبية، فقد ذكر التاريخ أسماء كثيرة جاب أصحابها أقطاب العالم لتوطين نظرية علمية أو ترسيخ فكرة دينية أو زرع حضارة، ذلكم أن الرحلات على اختلاف أنواعها تعد من عناصر القوة حتى وإن كانت بقصد التجارة أو الإتجار، أو كانت بقصد السياحة والاستجمام.
*عرف العرب الرحلات منذ أقدم الأزمنة فزاروا واستقبلوا، رحلوا إلى حواضر بعيدة، واستقبلوا زائرين من مدن بعيدة عن أرضهم وحاضرتهم وحضارتهم.
وقد كان للعرب حواضر علمية وثقافية كبرى أعظمها شأنا في المشرق بغداد، وفي المغرب فاس ومراكش، فقد احتضنت بغداد علوم الأمة بأسرها دون منازع، وقد تمتعت بشهرة وسمعة علمية على مدى التاريخ فاقت حواضر الدنيا شرقا وغربا، مما منح العراق برمته وحواضره ومدنه كالكوفة، والبصرة، والموصل وواسط، وأربيل، والأنبار ثقلا في الحضارة الانسانية، وجعله امتحانا لطلبة العلم، واختبارا لما حملوه من فنون العلوم والآداب واجتيازه يعد تأهيلا للتصدر، وقد وصف ابن حزم الأندلسي بغداد بأنها حاضرة الدنيا ومعدن كل فضيلة، والمحلة التي سبق أهلها إلى حمل ألوية المعارف والتدقيق في تصريف العلوم، ورقة الأخلاق والنباهة والذكاء، وحدة الافكار ونفاذ الخواطر، وقال عنها ابن سعيد في مراكش: (ويكفي في الإنصاف أن أقول: إن حاضرة مراكش هي بغداد المغرب).
أما المراكشي، فقد قال عند ذكره لمدينة فاس: (ومازلت أسمع المشايخ يدعونها بغداد المغرب).
الموصل
المدينة الراعية للعلوم
*ومدينة الموصل التي احتفظت قبل تأسيس بغداد بمقومات المدينة الراعية للعلوم والاداب، وامتلكت كما يشير الدكتور ناطق صالح مطلوب في بحثه عن الرحلة في طلب العلم، إرثا حضاريا عميق الجذور متنوع الأغراض تعزز بظهور العلوم الانسانية، غدت واحدة من أهم مراكز الاستقطاب في العالم الاسلامي، ومحطا لطلاب العلم والمعرفة، وموطنا لعلماء من المدن والبلدان كافة، وكذلك هي المعين الذي صب في حواضر المدن الكبرى مثل حلب ودمشق وأرض الكنانة، والحجاز، والأندلس، والمغرب العربي وتبريز وغيرها من مدن الشرق والغرب، حيث جاب رجالاتها من العلماء والادباء والفلاسفة والشعراء والمغنيين والموسيقيين والأطباء والحكماء حواضر تلك المدن المعروفة برقي علومها وعلو شأنها في الثقافة والاداب، فكان لحضورهم بين علمائها وأدبائها وفنانيها مكانة بارزة وتميزا شهدت له حوادث التاريخ على تعاقب العصور والاجيال.
*ففي بلاد الشام كان جمع من علماء الموصل قد تنقلوا بين حلب ودمشق، وبيت المقدس، وغزة وتصدروا للتدريس في المدارس المشهورة ، وتولوا القضاة والخطبة والحكم، ولعل عبد الله بن أبي حصرون ابو السعد الموصلي يعد في طليعة الرحالة الموصليين، وقد وصفه ابن الصلاح بانه افقه اهل عصره، رحل الى حلب سنة 545هـ ودخل دمشق بعدها باربع سنوات ثم تردد بين المدينتين متصدرا للتدريس، وكان مقدما في دولة نورالدين حيث بنى له المدارس بحلب وحماه وحمص وبعلبك وتولى القضاء في اماكن متعددة اخرها مدينة الشام سنة 573هـ وفيها توفي سنة 585هـ وهو المولود بمدينة الموصل سنة 492هـ وماتزال لمؤلفاته واحفاده شهرة واسعة في بلاد الشام ومكانة كبيرة لدى العامة والخاصة، توارثوا العلم وافادوا طلابه.
ومن اشهر ابناء ابن ابي عصرون الموصلي اولاده واحفاده احمد عبدالسلام المتوفي سنة 695هـ ويعقوب بن عبدالرحمن وعبدالملك بن زيد الدولعي الموصلي ومحمد بن عروة شهاب الدين ويوسف بن رافع بن تميم الاسدي (أبو المحاسن) الذي ولد في الموصل عام 539هـ ولازم ابن سعدون الأندلسي نزيل الموصل مدة ثلاث عشرة سنة ورحل الى بغداد واقام فيها اربع سنوات ثم عاد الى الموصل لينتقل الى الحجاز ثم القدس فدمشق وهناك لقي صلاح الدين الايوبي سنة 584هـ فولاه قضاء العسكر ثم حكم القدس وسافر في مهمات رسمية الى مصر ثم تولى في عهد الظاهر سنة 591هـ قضاء حلب، وكانت داره ملتقى كبار الدارسين من اهل المشرق والمغرب.
*ويعيش بن علي بن يعيش الموصلي المعروف بابن الصائغ ومحمد بن أبي بكر الموصلي وإبراهيم بن عبد الرزاق الموصلي وعبد الرحيم بن عمر بن عثمان الباجريقي الموصلي ومحمد بن محمد بن عبد الكريم الموصلي، وموهوب بن ظافر أبو الفضل الذي مارس الطب ثم ابنه جابر الذي ورث عن ابيه مهنة الطب.
*أما في الديار المصرية، فأبرزهم علي بن الحسن بن الحسين الخلعي، وولده الحسن، وداؤد بن محمد بن الحسين الأصيلي الموصلي، ومحمد بن علي ابو البركات الموصلي، ومحمد بن ابي بكر المعروف بابن الخباز.
*ويعقوب بن عبد الرحمن بن عبد الله حفيد بن أبي عصرون، وعلي بن عدلان الموصلي، وعمار بن علي الموصلي.
*وفي بلاد الحجاز اشتهر رحالة موصليون كثر من أبرزهم إسماعيل بن محمد أبو الطاهر الموصلي، وجعفر بن أحمد الغنائم الموصلي، وإبراهيم الموصلي المالكي.
أما في بلاد الأندلس فقد ذاع صيت الرحالة من أبناء الموصل، أبرزهم صاعد بن الحسن الربعي الموصلي، وإبراهيم بن أبي بكر.
أما في بلاد المغرب، فقد اشتهر أبو زكريا المرجاني الموصلي، وتقي الدين الموصلي، وفي تبريز الحسن بن الحسين الموصلي وعبد اللطيف بن يوسف المعروف بابن (اللباد).
*إن مدينة الموصل قد امتلكت إرثا في علم الحديث لم يبلغه المغرب ولا الأندلس إلا في عصور متأخرة، فقد نزل الموصل، ومنذ وقت مبكر، مشاهير الصحابة والتابعين، الذين نشروا بذور العلم.
رد: أدب الرحـــــــلة ...
منذ خمس سنوات يدير الشاعر السوري نوري الجراح من أبو ظبي مركزا للبحوث في أدب الرحلة "المركز العربي للأدب الجغرافي"، وقد انطلق بمعية مجموعة من زملائه ومن الباحثين الأكاديميين في التنقيب داخل مكتبات العالم عن نصوص رحلات عربية قديمة والعمل على نشرها.
جوليا غرلاخ أجرت الحوار التالي مع الشاعر نوري الجراح.
"ارتياد الآفاق" هو الإسم الذي تحمله هذه السلسلة من المنشورات التي تعد الآن خمسين عنوانا من يوميات وقصص مغامرات ودراسات وبحوث. من خلال هذه السلسلة يريد الجراح أن يثبت بأن العرب كانوا منذ القدم منشغلين بمغامرة ارتياد الآفاق.
كما يطمح إلى إعطاء دفع إضافي إلى الجدالات الإصلاحية الحالية عن طريق هذه الإصدارات الجديدة لكتب الرحلات القديمة.
أستاذ الجراح، ما هو الهدف الذي تسعون إليه من وراء هذا المشروع؟
نوري الجراح: بطبيعة الحال نحن نأمل في شيء من التنوير لمجتمعنا. إنه أمر ذو أهمية ملحة حاليا، ذلك أن الرحالة - والكثيرون منهم قد زاروا أوروبا - قد طرحوا آنذاك أسئلة ما تزال محافظة على صلاحيتها إلى اليوم.
ما الذي يميز الغرب عن العالم العربي؟ ما الذي ينبغي علينا القيام به من أجل تدارك تخلفنا؟ ماذا نريد أن نأخذ من الغرب وماذا نترك؟ كما تكشف لنا هذه النصوص أن أغلب العرب، وإلى حد قريب كانوا
معجبين بالغرب ويرون إليه بعين الرضا، ولم تتغير نظرتهم الإيجابية هذه إلا ابتداء من القرن العشرين.
هل ينتظر أن يدرك القراء: إلى أي مدى قد مضينا في ما مضى؟
الجراح: نعم، لكن الأهم هو أننا نضع الفرد في مركز الاهتمام. فنحن نعيد نشر نصوص ذات طابع ذاتي واضح. هناك شخص يقدم من خلال ما رأى بعينيه رؤيته الخاصة للأشياء التي يصفها.
هذا النوع من المعاينة قد فقد الكثير من شعبيته خلال العشريات الأخيرة داخل البلاد العربية، حيث غدت مؤسسات الأمة والشعب والعائلة هي التي تحتل موقع الصدارة. ولم يعد للفرد من دور يذكر.
أصدرتم أخيرا كتابا لعالم عربي قد سافر إلى ألمانيا في نهاية القرن التاسع عشر. كيف وجد هذا الرحالة بلادنا؟
الجراح: لقد سافر حسن توفيق علي العِدل سنة 1889 من برلين، مرورا بمقاطعة ويستفاليا وكولونيا وفرانكفورت، إلى سويسرا، ومنها عاد إلى برلين مرورا بلايبزغ، ووصف بدقة كل ما عاشه أثناء رحلته، كانت ألمانيا بالنسبة لرحالة ذلك الزمن عبارة عن بلاد غرائبية.
الكثير من الرحالة كانت وجهتهم باريس ولندن، فهاتان المدينتان كانتا تمثلان بالنسبة إليهم عاصمتين للتقدم، والكثير من الرحالة الذين اتجهوا إلى أوروبا خلال القرن التاسع عشر- أي بعد حالة الذعر التي أثارتها حملة نابليون على مصر- قد ذهبوا إلى هناك بدافع الرغبة في معرفة ما الذي جعل أوروبا تبلغ ذلك التقدم، أما ألمانيا فكانوا في أحسن الأحوال يعرجون عليها في زيارة سريعة لا غير.
هل كانت ألمانيا تبدو لهم مملة ومتخلفة؟
الجراح: لا أعتقد أن المسألة على هذا النحو، كان الناس معجبين بفرنسا وإنكلترا بسبب تقدمهما، لكن قد لحق هذا الإعجاب منذ منتصف القرن التاسع عشر شعور بالاحتقار تجاه المستعمرين. وعلى العكس من ذلك كان لدى الناس تعاطف مع ألمانيا، ولا ينبغي أن ننسى مدى الأهمية التي كان يمثلها التاريخ المعرفي الألماني بالنسبة للعالم العربي؛ ديوان غوته على سبيل المثال. ولقد كانت قراءة كارل بروكلمان، وإلى حد قريب تعد ضرورية لكل من يود فهم التاريخ العربي.
وبالمقابل كان الناس ينظرون إلى الاستشراق الفرنسي والبريطاني نظرة الريبة والحذر، فقد كان هؤلاء يتناولون المشرق بالدراسة بهدف السيطرة عليه، بينما كان الناس ينظرون إلى المستشرقين الألمان بثقة في ما يحدوهم من اهتمامات علمية نزيهة. وبالمناسبة فإن رحالتنا حسن توفيق العدلي قد مارس لمدة من الزمن تدريس اللغة العربية ببرلين. كان يدرّس المستشرقين.
لكنه لم يكن أول من زار ألمانيا من الرحالة العرب، فقد كان هناك أيضا كتاب ابن يعقوب و، بطبيعة الحال، ابن فضلان...
الجراح: هذه كتب رحالة من القدماء الذين انطلقوا في سفراتهم خلال القرون الأولى للإسلام، كان العلم العربي آنذاك في عصر ازدهاره بينما أوروبا - لنقل ذلك بوضوح - لم تكن قد عرفت من التقدم شيئا ذا بال.
ونحن بصدد نشر كتب هذه الرحلات القديمة أيضا، لكن لدي شخصيا اهتمام أكثر بما عاينه وعايشه رحالة العصور الحديثة. هناك ما يقارب الثلاثمائة كتابا لرحالة عرب قد سافروا في رحلات استطلاعية عبر العالم، الكثير منهم قد اتجهوا إلى أوروبا، وكان هؤلاء من العلماء الذين أرسلتهم حكومات بلدانهم، لكن كان هناك أيضا رجال أعمال وسياح أوائل.
لكن ألا يجد المرء لدى هؤلاء الرحالة الكثير من الكليشيهات أيضا؟ فالشيخ الطهطاوي الذي سافر إلى باريس سنة 1832 قد ركز اهتمامه على تناول نفس المواضيع: القيم، والأخلاق، والنظافة، وصورة المرأة، ففي هذه النصوص المبكرة للرحالة يجد المرء بالفعل كثيرا من الكليشيهات حول الغرب ما تزال عالقة بأذهان الناس إلى اليوم، مثلا أن المرأة الغربية سهلة المنال.
الجراح: لا، إنني على غير هذا الرأي، فمن من الناس يعرف كتب هؤلاء الرحالة القدامى؟ يمكن أن نقول أن ابن بطوطة قد غدا إسما معروفا لدى العرب من ذوي التكوين التعليمي العادي.
لكن رفعة الطهطاوي، هنا تنتهي معرفة الناس بأدب الرحلة، ونحن نحاول من خلال مشروعنا أن نعيد إحياء هذه الكتابات داخل وعي الناس.
إنها جزء من تاريخنا، جزء ذو أهمية خاصة، فهذه الكتابات تكشف بأنه قد مر علينا زمن طرحنا فيه أسئلة مشابهة لهذه التي نطرحها اليوم وكنا نبحث خلاله عن إجابات فيما نحن نسافر عبر العالم. هذه هي نقطة الوصل التي نسعى إلى إيجادها، لكنني لا أستطيع أن أصدق بأن الكليشيهات خول أوروبا قد انتشرت عن طريق كتابات الرحالة.
وفي رأيي: إن نجوما من نوع بريتني سبيرز تساهم بأكثر قسط وبأكثر قوة من كل كتابات الرحلة مجتمعة في جعل الناس في البلاد العربية يعتقدون بأن النساء الغربيات سهلات المنال.
إن الكثير من الرحالة قد سافروا إلى أوروبا لأنهم كانوا يسعون إلى اكتشاف السر الذي يكمن وراء تقدم أوروبا، بل إن البعض منهم قد جعلوا من الوضع المغاير للمرأة هناك سببا في هذا.
كيف نشأ مشروع "ارتياد الآفاق"؟ ومن يموله؟
الجراح: لقد كان لدي على الدوام ولع بأدب الرحلات، وقد وافق هذا ولعا مماثلا لدى صاحب مبادرة هذا المشروع، الشاعر والمثقف الإماراتي محمد أحمد السويدي (أمين عام المجمع الثقافي في أبو ظبي)، ثم إنه سألني إن كانت لدي رغبة في تأسيس هذا المركز، كان ذلك قبل خمس سنوات، وقد بلغ عدد إصداراتنا 50 كتابا إلى حد الآن.
ومن أين تأتيكم هذه المخطوطات؟
الجراح: زرنا مكتبات في كامل المنطقة من طهران إلى القاهرة وكذلك في لندن، وقد ذهبت إلى بغداد قبيل الحرب، من حسن الحظ، ذلك أن المكتبات قد دمّرت في الأثناء.
كما زرت مكتبات في ألمانيا أيضا، نقوم بتحقيق المخطوطات وإضافة هوامش توضيحية، وإلى جانب ذلك ننظم ندوات دورية، وفي الفترة الأخيرة شرعنا أيضا في تنظيم سفرات لكتاب عرب معاصرين، وها هو الشاعر العماني محمد الحارثي يعود مؤخرا من الهند، فهناك أيضا بلدان مثيرة للاهتمام خارج أوروبا يمكننا أن نتعلم منها الكثير.
هل هناك خلاصات توصلتم إليها من خلال دراستكم لنصوص الرحلات الكثيرة؟
الجراح: لكل نص خصوصياته ومقاربته الخاصة، لكن بإمكاننا أن نقول بصفة عامة بأن الرحالة العرب كانوا يقفون موقفا إيجابيا جدا من الغرب، كانوا يشعرون بأنفسهم مرتبطين ارتباطا وثيقا بأوروبا، ولم يبدأ شعورهم بالنفور منها إلا بسبب الازدواجية الأخلاقية وسياسة الهيمنة التي يمارسها الغرب.
وبالمناسبة فإن هذه المواقف الإيجابية هي ما يميز الرحالة العرب عن نظرائهم من الأوروبيين، ذلك أنه، وبالرغم من كل مظاهر الانبهار بالمشرق، فإن الرحالة الأوروبيين غالبا ما يقدمون صورة سلبية، وغارقة في الكليشيهات في كل الأحوال عن العالم العربي. فكتاب فلوبير عن رحلته المصرية يعج فعلا بالكليشيهات والمعلومات الخاطئة.
هل هناك إذن، في مقابل هذا الاستشراق حركة استغراب؟ فهناك حاليا كلام كثير في أوروبا عن: صورة أوروبا من وجهة نظر أعدائها.
الجراح: إن هذا الكلام لغو حقا. الاستشراق منظومة فكرية، ومفهوم موجه بغاية السيطرة على المشرق. قد تكون هناك تصورات تطغى عليها الكليشيهات لدى العرب حول الغرب، ولدى الرحالة القدماء أيضا بكل تأكيد، لكن هؤلاء كانوا لا يستندون إلى نظرية وإلى نظام هيمنة كيما يتحول إلى نظرية استغرابية.
أجرت الحوار جوليا غرلاخ
ترجمة علي مصباح
حقوق الطبع قنطرة 2005
جوليا غرلاخ صحفية ألمانية مقيمة في برلين، مختصة بقضايا الشرق الأوسط
المصدر
http://www.kaanz.com/vb/up/uploads/48f8023902.gif
د. أبو شامة المغربي
http://aklaam.net/aqlam/images/e_mail.gif
kalimates@maktoob.com
رد: أدب الرحـــــــلة ...
http://www.as44.com/vb/images/smilies/013.gif
http://img176.imageshack.us/img176/4...noos9ktsx4.gif
ناصر خسرو البلخي البارز في أدب الرحلات
رحالة إيراني نقل التجربة الثمينة بلغة شاعرية
يوسف عزيزي
شهدت الحضارة الإسلامية وفي ذروتها، رحلات لأدباء وعلماء وجغرافيين غادروا ديارهم، وجازفوا بأرواحهم ليسيروا في أطراف الأرض وأكنافها ليكشفوا عن المجهول، خدمة للعلم والمعرفة.
فالكتب التي الفها ابن جبير، وابن بطوطة، وياقوت الحموي، والإدريسي، وأبو ريحان البيروني، وناصر خسرو البلخي، وسعدي الشيرازي ليست إلا النزر اليسير من الكثير.
إذ تحتوي كتب هؤلاء الرحالة على معلومات جغرافية وتاريخية وسوسيولوجية وأدبية لم تستغن عنها اليوم أية مؤسسة علمية أو موسوعة جغرافية في العالم بسبب دقتها وأهميتها العلمية.
لا شك بأن الحضارة المتقدمة والمزدهرة هي التي تنتج مثل هؤلاء الرحالة والعلماء والأدباء حيث انمحى أثرهم عقب الانحطاط الذي أصاب الحضارة العربية ــ الإسلامية.
وقد خلفت الحضارة الغربية، الحضارة الإسلامية، بعد النهضة الفكرية التي شهدتها الحضارة الأوروبية في القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلاديين.
وقد قام الرحالة الأوروبيون، ومنذ القرن الثامن عشر بالسير في الشرق، وخاصة في العالمين العربي والإسلامي، حيث أصبحت الكتب التي كتبوها في هذا المجال مصادر هامة للتعرف علي أوضاعنا الاجتماعية والسياسية الجغرافية في العصر الحديث.
ويكمن سر الرحلات القديمة المكتوبة بالفارسية أو العربية، ليس في أهمية معلوماتها، بل وفي فخامة لغتها وسلاسة نثرها، حيث كان الكاتب ــ الرحالة يكتب ملاحظاته وخبراته بلغة جميلة نابضة بالحياة، وهذا ما يميزه عما يكتبه اليوم بعض الصحفيين عن البلدان التي يزورونها بلغة صحفية ركيكة سريعة الاستهلاك.
كما هناك فرق أيضا بين الرحلات القديمة نفسها، حيث إذا قارنا كتاب (ماللهند) للبيروني مثلا - رغم أهميته العلمية ــ مع كتاب رحلة ناصر خسرو او مع (غولستان) سعدي الشيرازي وهو مجموعة حكايات معظمها ترتبط برحلاته العديدة؛ فاذا قارنا هذه الكتب نرى أن الإثنين الأخيرين هما الأكثر رواجا بين فئات الشعب المختلفة، والسبب يكمن في اختلاف النثر واللغة بين هذه الكتب الثلاث حيث يعبئ شخص كناصر خسرو، أو سعدي الشيرازي، مفرداته بشحنة عاطفية قوية، فيما يعامل البيروني الألفاظ كمواد علمية صلبة غير منعطفة.
وتنشأ أهمية (رحلة) ناصر خسرو من أنها مصدر جغرافي وتاريخي، وعلم اجتماعي ليس للإيرانيين فحسب، بل للعرب والغربيين أيضا.
وهاهي الموسوعات البارزة كموسوعة فلسطين والموسوعة البريطانية والموسوعة الفارسية اللواتي ينهلن من معلومات هذه الرحلة القيمة. كما وانها منهل للالفاظ والمفردات الفارسية، وقد أبدى ناصر خسرو إبداعا وبراعة في معرفة البلدان والمدن التي زارها، ومنها آسيا الصغرى - تركيا الحالية - ولبنان والشام ومصر والحجاز والعراق والاهواز وسائر المناطق الإيرانية.
وقد ركز ناصر خسرو على معرفة العمارة والمواقع الأثرية والطبيعية، بل والسيكولوجية الاجتماعية للشعوب التي زارها في رحلته المعروفة في القرن الرابع الهجري.
فيقول مثلا حول مدينة تبريز الإيرانية : (مدينة، عامرة، قست طولها وعرضها بقدمي، كان كل واحد منهما ألف وأربعمائة قدم). أو أنه يعطينا معلومات دقيقة حول المسجد الأقصى وساحته وسقفه وأعمدته، حيث تنقلها، وبعد 11 قرنا، الموسوعة الفلسطينية لتشرح لنا مميزات المسجد ووضع مدينة القدس انذاك.
يقول ناصر خسرو في قسم من رحلته: (عند وصولنا البصرة كنا متعبين، شبه عرايا، كالمجانين، حيث كنا لم نفتح شعر رؤوسنا منذ ثلاثة أشهر.
فقررنا أن ندخل حماما للتدفئة حيث الطقس كان باردا، ولم نرتد الكساء، فكل ما في الأمر هو إزارين عتيقين كنا نرتديهما أنا وشقيقي، ورقعتي قماش تحفظ أقفيتنا من البرد.
فتساءلت: من الذي يسمح لنا للدخول الي الحمام في هذه الحالة؟ وكان لي خرجا صغيرا أحتفظ بكتب فيه؛ فبعته وحصلت على بضعة دراهم سوداء لفيتها في ورقة لأعطيها إلى صاحب الحمام لربما يسمح لنا بالبقاء مدة أكثر في الحمام كي ندفع الوسخ من أجسادنا، فعندما أعطيته الدارهم حدق بنا متصورا بأننا مجانين).
فهي بالتأكيد تجرية شاقة وصعبة ترافقت مع هذه الرحلة التي قطع فيها الشاعر والداعية والرحالة ناصر خسرو، مئات الفراسخ حيث نقل هذه التجربة الثمينة بلغة شاعرية، لا يزال وبعد مرور عشرات القرون لم تندرس، وهي في ذروة النثر الفارسي.
إذ نشاهد حتى في عصرنا الحاضر كيف تأثر كتاب وروائيون بنثره السلس والفني؛ وها هو الروائي والمفكر الإيراني جلال آل أحمد وفي القرن العشرين يجدد في النثر الفارسي متأثرا بنثر ولغة ناصرخسرو، ويقدم لنا نثرا أدبيا جديدا في الأدب الفارسي الحديث.
ففنية ناصرخسرو لا تكمن في شاعريته ولغته الأدبية وزخرفته للألفاظ والمفردات في النص الأدبي، كما هو نثر الحريري أو الحميدي وما لف لفهما، بل إن نصوص ودواوين البلخي تحمل في طياتها، خبرات وتجارب سربها الكاتب الموهوب في دماء النص بذكاء وبراعة خاصة به.
ويتعرض ناصر خسرو في البصرة لرجم الحجارة من قبل أطفال كانوا يلعبون في الشارع، وذلك بسبب شعره الأشعث ولباسه المندرس، حيث يجلس في مكان ما، ويتأمل في أمر الدنيا، وكيف فعلت به؛ لكن وبعد أيام يراه ملك الأهواز صدفة، ويعرفه، ويبدي احترامه لفضله وعلمه، وينقذه من تلك التعاسة.
ويقول ناصر خسرو في هذا الشأن (لم تتجاوز الفترة بين هاتين الحالتين إلا عشرين يوما) إذ ذكرت هذا الفصل ليعلم الناس أنه لا يجب أن يشكو المرء إثر شدة في الحياة، ولا تصيبه خيبة أمل من فضل ربه ورحمته جل جلاله، وهو رحمان رحيم.
كما لا بد وأن نذكر أن ناصر خسرو كان مواليا للضعفاء ومعارضا للخلفاء والأباطرة، فعليه اعتنق المذهب الإسماعيلي ــ الذي كان يمثل الإيديولوجيا الثورية والمعارضة في عهده ــ وزار الفاطميين في مصر حيث أصبح داعية لهذا المذهب طيلة حياته.
جريدة (الزمان) - العدد 1636
التاريخ: 2003-10-15
المصدر
http://www.kaanz.com/vb/up/uploads/48f8023902.gif
د. أبو شامة المغربي
http://aklaam.net/aqlam/images/e_mail.gif
kalimates@maktoob.com
رد: أدب الرحـــــــلة ...
رد: أدب الرحـــــــلة ...
http://group.eqla3.com/01/44444.gif
جوائز ابن بطوطة للأدب الجغرافي للعام
2006
فاز مغربيان، وسوريان، ومصري، وعراقي، وكويتي، وأميركية بجوائز ابن بطوطة للأدب الجغرافي لعام 2006، التي يمنحها سنوياً «المركز العربي للأدب الجغرافي ـ ارتياد الآفاق» في أبو ظبي.
وأعلن راعي الجوائز الأمين العام للمجمع الثقافي في أبو ظبي محمد أحمد السويدي ... جوائز الدورة الرابعة للمسابقة، وقد فاز بها عن «تحقيق المخطوطات الكلاسيكية» أربعة محققين هم الأميركية سوزان ميلار، والمغربي خالد بن الصغير عن تحقيقهما «رحلة الصفار إلى باريس 1845 -1846» لمحمد الصفار الأندلسي التطواني. وفاز المغربي محمد الصالحي عن تحقيقه «النفحة المسكية في السفارة التركية ـ 1589» لعلي بن محمد التمكروتي، والسوري قاسم وهب عن تحقيقه «رحلة الأمير فخر الدين المعني الثاني إلى إيطاليا ...».
وفاز بجائزة «الرحلة المعاصرة» السوري خليل النعيمي عن كتاب «قراءة العالم.. رحلات في كوبا وريو دي جانيرو وماليو ولشبونة والهند الأوسط»، وفاز بجائزة «الدراسات في أدب الرحلة» الكويتي نواف الجحمة عن دراسته عن صورة المشرق العربي في كتابات رحالة الغرب الإسلامي في القرنين السادس والثامن الهجريين/الثاني عشر والرابع عشر الميلاديين».
وقال السويدي ...: إن جوائز ابن بطوطة التي تتواصل للعام الرابع على التوالي «مشروع تنويري عربي يستهدف إحياء الاهتمام بالأدب الجغرافي من خلال تحقيق المخطوطات العربية والإسلامية، التي تنتمي إلى أدب الرحلة والأدب الجغرافي بصورة عامة، وتشجيع الأدباء والكتاب العرب على تدوين يومياتهم المعاصرة في السفر، وحض الدارسين على الإسهام في تقديم أبحاث ودراسات رفيعة المستوى في أدب الرحلة».
وأضاف السويدي قائلاً: «إن نتائج الدورة الرابعة من جوائز ابن بطوطة تضمنت فوز جائزتين تمنحهما دار السويدي للمرة الأولى هما جائزة «الرحلة الصحفية» وفاز بها الشاعر المصري إبراهيم المصري عن كتابه «رصيف القتلى.. مشاهدات صحافي عربي في العراق» وجائزة «أدب اليوميات» التي فاز بها العراقي فاروق يوسف عن كتابه «لا شيء لا أحد.. يوميات في الشمال الأوروبي».
وقال الشاعر السوري نوري الجراح، المشرف على المشروع إن الأعمال الفائزة سوف تنشر في السلاسل التي تصدر عن دار السويدي حيث تنشر الرحلات الثلاث المحققة في سلسلة «ارتياد الآفاق» والكتاب الفائز بجائزة الرحلة المعاصرة في سلسلة «سندباد الجديد» والكتاب الفائز بجائزة ابن بطوطة للدراسات في سلسلة «دراسات في الأدب الجغرافي»، والكتاب الفائز بجائزة الرحلة الصحافية في سلسلة «أرض الحدث» والكتاب الفائز بجائزة «اليوميات» في سلسلة «يوميات».
تأسست الجائزة عام 2003 بهدف تشجيع أعمال التحقيق والتأليف والبحث في أدب السفر والرحلات، وتقيم دار السويدي ندوة سنوية عن أدب الرحلة في إحدى العواصم العربية أو الأجنبية، وقال الجراح: إن سراييفو ستكون مقراً للندوة المقبلة التي سيتحدد موعدها لاحقاً.
المصدر
حياكـــــــــــــــم الله
http://www.kaanz.com/vb/up/uploads/48f8023902.gif
د. أبو شامة المغربي
http://aklaam.net/aqlam/images/e_mail.gif
kalimates@maktoob.com