أطاريح ورسائــــــل جامعيــــــة ...
http://img252.imageshack.us/img252/917/12032jm3.gif
http://img176.imageshack.us/img176/4...noos9ktsx4.gif
رسائل دكتوراه
http://www.w6w.net/album/35/w6w20050...4660951e87.gif
جامعة سيدي محمد بن عبد الله شعبـــــــة اللغة العربية وآدابها
كـــــلية الآداب والــــــــعلـــــوم الإنسانيـــة
ظهــــــــر المهــــــــراز
فـــــــــاس
تقرير حول أطروحة لنيل الدكتوراه في موضوع:
"الشِّعرية الْعَربيَّة في المَغرب
خِلال الْقرن الْهِجْري الْحَادِي عَشر"
إعداد الطالب:
عبد الفتاح شهيد
تحت إشراف الدكتـور
أحمـد العراقـي
رقم التسجيـل: 99/4
السنة الجامعـية:
1428هـ
2007-2008م
العنوان والموضوع
عنوان هذه الأطروحة هو: "الشعرية العربية في المغرب خلال القرن الهجري الحادي عشر"، مما ينطوي على أبعاد ثلاثة، الأول منهجي خالص، يجد في الشعرية أداة فعالة في القراءة. تتجنب التنظيرات المعقدة والمقاربات المبسترة، والبعد الثاني ينحو إلى استشفاق العلاقة بالأصول العربية والتعلق بالتراث مع الحرص على التميز و الاجتراء على التجديد.
أما البعد الثالث فهو ذو طبيعة إجرائية يروم ضبط فترة زمنية محددة للدراسة، تساعد على تحديد الموضوع بحدود تحاول أن تكون واضحة في الزمان والمكان.
الإشكالية والأطروح
إن الأبعاد الإشكالية التي تشكل أطروحة هذا البحث تنطلق من المحددات السالفة المنبنية في تحديد العنوان والموضوع، فمن الناحية المنهجية الخالصة يسعى هذا البحث إلى تكوين أداة إجرائية قادرة على مقاربة هادئة وموضوعية دون الإغراق في الأبعاد الإيديولوجية خارج نصية، ودون أن ينحبس في الوقت نفسه داخل النص لا يتجاوزه في حركية دائبة نحو وضع الإبداع في وضعية مسائلة لإبراز اللبوسات الجديدة للوقائع و الحركات الأخرى للأفكار والمشاعر والتوجسات.
والإشكال الثاني الذي يكون هذه الأطروحة هو آفاق العلاقة بين الإبداع في المرحلة وأصوله العربية التراثية، والبحث يتجه في هذا الأفق إلى الثابت والمتحول على نطاق واسع، أما الإشكال الثالث والأخير فينطلق من مادة الدراسة نفسها وفترتها المحددة بين وفاة المنصور (1012هـ) والقيام الرسمي للدولة العلوية (1082هـ)، حيث غياب الدولة وحضور تيمةالصراع، والسؤال يظل مطروحا حول أفق الإبداع في هذه الظروف - في المغرب خصوصا – وفعالية البحث في هذه الفترات (المظلمة) على الأقل عموماً.
المنهج
العودة للحديث عن المنهج هي عودة إلى البعد الأول من أبعاد العنوان والموضوع، ومدى فعالية الشعرية أداة للقراءة، مما نوجزه في تأبيها المطلق عن الخندقة الإيديولوجية، وانفتاحها الدائم على مناهج مختلفة - وتجردها وباطنيتها وشموليتها واجرائيتها، مما لا يستنجز إلا في هذه المقاربة.
المدخل: أسئلة الإبداع والسياقات المتوترة
انطلقنا في هذا المدخل من بنية الشعر لمراقبة مواقف الشعراء ومن نافذة التاريخ لكشف شيء في علاقتهم بالسياسة الحامية وأهلها المتنامين.
المبحث الأول: الإقناع والاقتناع
وتم التركيز خلاله في العنصر الأول على الشعراء والسياسة، لما جند بعضهم قوافيه للدفاع عن زعماء نذر نفسه للنطق بلسانهم، وكان التمثيل في هذا المضمار بالتمنارتي في سوس الذي تراوحت مواقفه بين الضعف والتمهل (الاقتناع) في حكم شيخه يحيى الحاحي، وقوة الاندفاع (الإقناع) بعد ولاية أبي العباس أحمد الحاحي، ثم الاعتدال والنضج والجمع بين الإقناع والاقتناع تحت إمرة أبي حسون السملالي، وهي كلها لحظات حضرت كذلك على مستوى الإبداع، ثم الدغوغي في الدلاء الذي ارتبط من بين أمرائهم بمحمد بن أبي بكر الدلائي مقتنعاً بآرائهم ومواقفهم، مقتنعاً بمكانتهم وطول أيديهم مما تخلد في أشعارهم وكان له فيه "الباع المديد والقول العديد".
أما العنصر الثاني في هذا المدخل فخصص للسياسيين والشعر حيث أثار السياسيون أيضا التحلي بحلية الشعر للدفاع عن مواقفهم وتحصين مواقع نفوذهم: أبو محلي ويحيى الحاحي/ يحيى الحاحي وأبي حسون السملالي/ محمد الشيخ السعدي ومحمد بن الشريف العلوي، إلا أن السياسيين حين انخرطوا في إبداعية الشعر هرفوا بما لم يعرفوا، وخطبوا حين أخذوا على أنفسهم أن يشعروا، إذ لم يواز إدراكهم لأهمية الشعر في الصراع إحساس بضرورة تجويد قوافيهم، والبحث عما يحقق شعريتها.
وقد كانت أهواء الحكم والسياسة أولى لديهم من أن يخلدوا في سجل الشعراء، فكان الكثير من أشعارهم بعيداً عن الإبداع والطرافة مغرقاً في النظمية والمباشرة.
أما العنصر الثالث فأفرد لتوجه خاص عنون بالإضراب والتعالي حيث اختار مجموعة من الشعراء عدم تحديد مواقفهم من هذه الإمارة أوتلك وتعددت بدائلهم بين الاختيار العلمي والجهاد في مواجهة الجهل ونشر العلم والمعرفة وتصفية مياه العلوم الراكدة، والاختيار النبوي والانكفاء على الذات وبسط لواعجها وما خامرها من حب ديني أو دنيوي، وعلى كل حال فعدم الاستجابة لإغراءت السلطة وفتنة الثراء هو اختيار فني نرصصه إلى جانب المواقف السابقة لمراحل التحليل المقبلة.
المبحث الثاني: الأسيقة العلمية في مدارج الشعرية.
ونطرح خلال هذا المبحث العلاقة – هذه المرة – بين الشعراء والعلم، وفرقنا خلاله بين التوظيف الشعري؛ الذي يعمدون فيه إلى الانزياح واللامعيارية، قصد استكشاف معالم شعرية جديدة ارتبطت بهذا النوع من التوظيف وبآلياته العلمية.
أما التوظيف الثاني: فمعياري خالص لحصيلة الذاكرة من المعارف والعلوم، تسببت فيه أعراف وتقاليد خاصة بين العلماء حيث يغلب الاحتفاء بالمعاني والدلالات ولا ينتبه لباقي الآليات الشعرية باستثناء الوزن والقافية، دون أن يعني التمييز بين التوظيفين تمييزا بين الشعراء وتصنيفا لهم في هذا الاتجاه أو ذاك، إذ يحض الاتجاهان لدى الشاعر الواحد وفي الديوان الواحد، وأحيانا في القصيدة المفردة ثم ركز النظر من زاوية أخرى على العلماء والشعر، حيث كشفنا نوعا من التطاول على الشعر عن غير استجابة للواعج ذاتيه يرغبون في انطلاقتها أو بلوى أصيبوا بها، وإنما قد يرغمون على ذلك في بنيات محددة، وقفنا عندها مثل: الأعراف العلمية (الإلغاز والتعمية وتبادل التقاريظ) ثم تناولهم للأغراض الشعرية حيث التصنع والتكلف حيث ينعدم الإحساس الصادق والشعور الحقيقي، وقد تم ختم هذا المدخل بخلاصة تركيبية لممنا خلالها أهم النتائج المتحصلة، وعرضنا للآفاق التي تنظمه، في علاقتها بالفصول المقبلة.
الفصل الأول: الشعر .. بنيات المفهوم وتداخلات الوظيفة
ويرتبط سؤال ما الشعر؟ الذي يسعى المبحث الأول من هذا الفصل إلى مقاربة من خلال أراء ومذاهب شعراء فترة الدراسة، سؤال لا يقل صعوبة وأهمية هو: لماذا الشعر؟ حيث يسعى المبحث الثاني إلى استنطاق بنيات الكتابة الشعرية والموازية من أجل محاصرة ـ ما أمكن ـ غايات الشعراء ومقاصدهم.
المبحث الأول: بنيات المفهوم
حدد في عنصره الأول: إواليات التناول، وضعنا فيها مجموعة من المحددات بمثابة مرتكزات ترسم الحدود وتوضح العلاقات والآفاق، من قبيل العلاقة مع التراث انطلاقاً من سؤال العلاقة بنظرية الشعر والنقد العربيين، على مستوى الإضافة والتوسيع أو الاختيار والنقد، ثم بين التنظير والإنجاز، حيث إن الشاعر يحاول أن يرسم في تنظيراته حدود القصيدة الأنموذج التي يسعى إليها في شعره، وقد يصل إلى شيء منها دون أن يدركها كلها، ثم بين الوحدة والتعدد حيث إن الكشف عن مكامن الاتصال والانفصال والوحدة والتعدد هو منهج علمي له ما يبرره، والبحث في شعرية الإبداع لدى مجموعة من الشعراء، تبدو إجرائيته حين تعضد التحليلات بخلاصات مركزة، ترصص التطورات وتنبه على مواقع الائتلاف والاختلاف، ثم بين الثابت والمتحول: الذي يقارب المواقف والكتابات التي تحمل التصورات الرؤيوية والنقدية في المرحلة، فالذي يصدر عن موقف تأليفي أو تعليمي ثابت يسمح بالمساءلة والمقارنة والتتبع والاستدلال، يختلف على من يصدر عنده عن موقف شعري منبث في ثنايا القصيدة، مما يستحضره البحث ويعد له تخريجات خاصة.
أما في العنصر الثاني: علمية الشعر، فبعد التأصيل النظري ألفينا أن مصطلح "العلم" كان حاضرا القوة في تنظيرات شعراء الدراسة للقصيدة الأنموذج في مختلف مواقفهم التأليفية والتعلمية أو الإبداعية، وخصوصا لدى اليوسي وأبي سالم العياشي ومحمد أمحاولو الأيسي.
ويبقى أن اقتران صفة العلم بالشعر في فترة الدراسة لم يكن يعني تغييب أدوات الشعرنة الكثيرة مما لا يدرك بالثقافة والتعلم، فالشعر"سليقة" تقدر على الصياغة لدى اليوسي، و"طبع" و"فطنة" مركوزان في دواخل النفس الإنسانية لدى العياشي، وممارسة مصقولة تبقي ما أمكنها عن المعارف والعلوم لدى الرسموكي.
وفي العنصر الثالث، الطبع المهذب والصغة المفوقة / فرغم ما نجد لدى بعضهم من إعجاب بشعر البديهة والارتجال، فقد ركز شعراء الفترة على ضرورة التمهل والتجويد الفني والتهذيب المقارن بصناعات بعينها، واشترطوا أن ينصرف اهتمام الشعراء إلى ما يفيد إتقان الصنعة إلى جانب التنميق والتزيين، وهم في كل ذلك يتكئون على موروث نقدي وشعري عربي أحسنوا اختيار عيونه بما يتوافق ومنظومتهم الرؤيوية وطريقتهم في التعبير عنها.
وفي العنصر الرابع: الوزن والقافية وطرب الانشاد، يظل الإيمان ساريا بأن هذين العنصرين ـ سواء عن طبع أو تعلم ركنان أساسيان من أركان الشعر، قد يتجاوزان به السلامة والقبول لدى أهل الصناعة إلى تطريب المتلقي وتعجيبه أثناء الانشاد، لكن ذلك لا يعني اختصاص هذين العنصرين لدى شعرائنا ـ بالعملية الشعرية وانفرادهما بنسج خيوطها، فليس كل كلام موزون مقفى شعرا، وإن كان كل شعر يجب أن يكون موزونا مقفى.
وخلال العنصر الخامس: اللفظ والمعنى بين المفاضلة والتلازم، انتهى البحث إلى جدولة الشعر في اتجاهات مضبوطة فتتبع آراء العياشي في مختلف المظان يبين عن احتفاء كبير بالمعاني ونزوع إلى تفضيلها عن الألفاظ من خلال ثلاثة مظاهر مهمة: الوضوح والإجرائية، الإبداع والطرافة، الشرف والسعة، وأحمد الدلائي يبدو محتفيا بالألفاظ نزاعا إلى اعتبارها مبرزة للمعاني ومحلية لها في أبهى صورة، أما اليوسي فيدعى التلازم بين المكونين ويرى أن لكل صنف من المعاني أصنافا خاصة به قوة وجزالة أو رقة ولطافة.
وفي العنصر السادس: الفكر وتهذيب الصناعة، نجد لدى بعض شعراء المرحلة ما يفيد أهمية العمق الحكمي في الشعر حيث يظل ليدهم الإحساس القلبي إلى جانب الفكر والجمال أضلاعا لمثلث العملية الشعرية.
المبحث الثاني: تحولات الوظيفة.
انطلق بالعنصر الأول: الغاية الأخلاقية والقوالب الفنية، وإذا كنا لم نصادف توجهات جمالية خالصة على حساب الوظيفة الأخلاقية، إذ إن الأخيرة حاضرة بقوة في كافة تنظيرات شعراء المرحلة وإنجازاتهم؛ فقد صادف البحث اختلافاً بينهم في مدى العناية بفنية النص من أجل خدمة مضامينه وقيمة السامية ، بين موقف تعضيدي سعى إليه بعض شعراء الفترة من العناية الكبيرة بشعرية النصوص إلى جانب الاهتمام بمضامينها وغاياتها السامية، وموقف تغليبي، قصد إليه بعض الشعراء والمتعاطون حديثا للصناعة من تغليب للمهمة السامية للشعر في جانبه المضموني الغائي على المهمة الفنية في أبسط صورها ، وهي سلامته من اللحن والكسر. وموقف ثالث توفيقي اهتم خلاله بعض شعراء الفترة بالوظائف الأخلاقية النفعية إلى جانب جماليات النصوص ووظائفها الفنية.
أما في العنصر الثاني فقد وقف البحث عند "الوظيفة التكسبية" حيت يظهر التكسب في مظهرين أساسيين.
الأول: دنيوي حيث كان لكل أمير شاعر أو شعراء في مرحلة الدراسة، ضمن حاشيته فينشرون مآثره ويردون كيد أعدائه مقابل صلتهم بما تمن أيديهم عليهم. الثاني: ديني يسمو خلاله الشعراء بأشعارهم عن المنافحة عن هذه الإمارة أو تلك إلى التعلق بالعطاء الذي لا يفني من قبيل: الشفاعة والمغفرة، والعفو وتفريج الكرب، والوجد وعمق المحبة.
وقد أنهينا هذا الفصل بخلاصة تركيبية جمعنا خلالها النتائج المتوصل إليها وطرحنا أسئلة إشكالية بمثابة معبر إلى الفصول اللاحقة، تتمحور حول حدود العلاقة بين التنظير والانجاز.
الفصل الثاني: فعالية الايقاع
بعد تحديد مادة الدراسة الإيقاعية و المرتكزات التي تنطلق منها، والغاية التي تحددها لهذا الجانب من البحث وقفنا في المبحث الأول عند: البحور وتغييراتها، حيت تم الانطلاق من اشتغال البحور، ويسعى البحث خلالها إلى المتابعة النصية، والكشف عن محاور هذا الاشتغال وتوجهاته وقوة عناصر التميز والإبداع، ومدى حضور النظمية والبرودة فيه، فبدأنا بالطويل الذي وجد له مكانة أثيره في فترة الدراسة ثم الكامل الذي تلا الطويل في درجة التوظيف، ثم البسيط، والذي لولا العياشي لتدحرج إلى مرتبة أقل من الثالثة التي صنف فيها في المرحلة، ثم الخفيف الذي ظل محتفظا بمكانته ضمن البحور الخمسة الأولى التي تحرك على محاورها الشعراء، ثم الوافر الذي تميز في النظم عليه محمد بن محمد المرابط بنفسه الطويل، ثم الرمل الذي اكتفى بالمرتبة السادسة ولم يحفل به الكثير من الشعراء، فالسريع الذي ظلت وتيرة استعماله بسيطة في فترة الدراسة مما يذكر بحركته خلال العصور الشعرية الأولى، فالرجز الذي لم يكن كذلك في أفضل أحواله خلال الفترة باستثناء الموضوعات التعليمية التي تقع خارج اهتمام الدراسة و الإحصاء. ثم المتقارب الذي لم يتجاوز استعماله ست مرات في المجامع والدواوين المعنية بالإحصاء أما المنسرح/المجتث/المضارع/المديد/الهزج/المقتضب، فتشترك جميعها في أنها لم تحض بفرص كبيرة للتوظيف في الشعرية العربية و كذا في شعر الفترة، وتبقى النسب دالة على مستوى تفاعلها المتدني مع ميولات الشعراء واختياراتهم الإيقاعية.
وخصص العنصر الثاني: لتطويع الأوزان: الزحافات والعلل حيت تركنا جانبا التقسيمات المدرسية العروضية واتبعنا خطى البصيرين بالعلم في نظرهم الوظيفي لهذه التغيرات، فتم الربط بين التعبيرية عن ذوات الشعراء وإحساساتهم والتغييرات الحسنة والصالحة مثل: الخبن والإضمار والوقص والطي والقبض والعقل والعصب، والكف، ثم الربط بين توجيهات العلم والتغييرات القبيحة، مثل الخبل والشكل والخزل.
المبحث الثاني: تشاكلات القوافي
ولم يهتم كذلك هذا المبحث بالتحديدات النظرية للقافية وتفاصيل أبنيتها ومختلف إطلاقاتها بل تم العكوف على تتبع تعالقاتها الأفقية وثم التركيز في العنصر الأول على التشاكلات الأفقية مع الأبنية النحوية والذي تشكل فيها حركة الروي، العنصر الذي سرق الاهتمام في هذا المستوى. فوقف البحث عند: - القوافي المطلقة وتكريس التنوع: إذ لم تفاجئنا الإحصاءات كثيرا؛ فقد تقدمت القوافي المطلقة في الدواوين والمجاميع المعنية بالإحصاء على المقيدة بنسبة كبيرة تقدم خلالها الروي المجرور بما يقارب النصف يليه الروي المرفوع ثم المنصوب. وفي بعث ملامح التميز بين الشعراء ألفينا لدى الدغوغي واليوسي نزعة إحيائية خالصة بتقدم الروي المجرور لديهم بوتيرة كبيرة لا تصل إليها نسبها لدى باقي الشعراء، ونزوعاً واضحاً للتغيير لدى التمنارتي حيت تجاوزت عنده الأرواء المرفوعة النصف، بينما وجدنا نزوعا تنويعيا لدى العياشي ومحمد المرابط وابنه محمد، تميز بتقارب كبير في النسب بين الحركات الثلاث.
أما القوافي المقيدة فهي تجربة شعرية متميزة ارتاد أفقها محمد بن محمد المرابط، حيث تشاكلت لديه بغير قليل من الوضوح الإمكانات الإيقاعية لبحر الرمل مع يسر حرف الراء واللام و خفة القوافي المجردة، لتؤلف خمسة نصوص تتجاوز ثلاثة منها المائة بيت.
أما في التشاكل مع الأبنية البلاغية، فقد وقف البحث عند اللحم حيث يمتد الاشتغال الأفقي للقافية في فضاء البيت بكامله، وتم التركيز خلال هذا العنصر على بعض الآليات البديعية مثل الإيغال الذي أغنى مجموعة من بيانات التجربة الشعرية للمرحلة، ثم التو شيح الذي يجعل القافية خيطا دقيقا ينظم مكونات البيت ويربط أجزائه، ووقف البحث في الإغناء عند التجنيس الذي يمس القافية ويغني اشتغالها بأنواعه المختلفة.
وفي عنصر التشاكلات العمودية وقفنا عند التماثلات الصوتية وتصنيف أحرف القوافي وقد وجدنا أن الشعرية العربية في المرحلة وافقت إلى حد كبير الشعرية العربية عموما في توجهاتها إلى الحروف المجهورة ذات المخارج المتقاربة وباستثناءات بسيطة جداً، وتغييرات موقعيه غير ذات أهمية، نسجل انخراط الشعراء في توجهات شعرية عامة اختلفت تأويلاتها وقراءاتها، ثم فتح البحث أفقا جديداً تناول التماثلات الدلالية، حيث أنبأت البحوث في التشاكلات المعجمية العمودية بين الكلمات والقوافي عن تواشجات عامة ومهمة تستدعيها آليات معجمية متنوعة.
المبحث الثالث: ظواهر ايقاعية موازية.
تناولنا بعض الظواهر الإيقاعية الموازية للاشتغالات السابقة، وأولها التكرار، الذي يصعد إلى أن يكون آلية مهمة تغني الإيقاع وتقوي الدلالة أو هما معاً، كما ينزل إلى أن يكون إيطاء حين يمن القوافي.
والعنصر الثاني "التصريع" الذي يسعى إليه شعراء الفترة التماسا للإجادة لقصائدهم وخصوصا في مطالعها، وظلت الوظيفة الصوتية ملتصقة بهذا العنصر إلى جانب وظائف أخرى كثيرة ترتبط بطرق تشغيله ومواضع استحضاره أو الاستغناء عنه، سواء على مستوى المطالع أو في ثنايا النصوص.
وقد ختم هذا الفصل بخلاصة تركيبية رصصت خلالها أهم الخلاصات، كما ذيل بملاحق لاستعمالات البحور لدى الشعراء المعنيين بالإحصاء.
- وحركات القوافي لدى الشعراء المعنيين بالإحصاء.
- واستعمال الأرواء لدى الشعراء المعنيين بالإحصاء.
الفصل الثالث: شعرية الأغراض وأبنية القصيدة
يعرض المبحث الأول: تشكيل الإغراض ورصف المعاني، وتم التمييز في هذا السياق بين الموضوع والمعني والدلالات، إذ الموضوع تصور ذهني أو مرجع واقعي، يصير معنا بعد أن يتشكل جماليا في النص الأدبي بينما يضفي المقام والتلقي دلالات متنوعة متناهية، وقد سمح تتبع بنيات شعر المرحلة إلى
1-المديح: من خلال دلالاته المباشرة والمتداولة، وبنياته المتجددة وأهمها: المديح السياسي، والتي تتعاضد في نسجه شبكة من العلاقات والبنيات، يتشكل اغلبها من الصفات النفسية وبعضها من الصفات الجسمية الظاهرة في مراوحة دائبة بين المتداول المطروق والمختلف الجديد، كالشجاعة التي شكلت أهم بنيات المديح في هذه المرحلة المفعمة بالصراع في مناطق البؤرة والمنافسة، والعقل كبنية عامة تندرج تحتها معان كثيرة، مثل الحياء والبيان والعلم والحلم وغيرها، ثم العدل تعبيرا عن مكانة الممدوحين ودفاعا عن أحقيتهم بالإمارة في معركة الإقناع والاقتناع التي اشتد أوارها في قصائد الشعراء قبل أن تشهدها ساحات الوغى، والعفة، يضفي بها الشعراء على ممدوحيهم هيبة وجلالا يستمدان من سمو عمايدنس النفوس و حزم المروءات، والإمامة المحدثة لتفاعلات جديدة يحتضنها الشعر بما أوتي من قدرة على تحمل الأحداث والصور المتأبية على الواقع، والشرف الذي لم يبق له ذكر ألا في ايليغ، بعد إن استمكن فيها لأميرها حفيد أحمد بن موسى السملالي الذي ينتمي بنفسه إلى علي بن ابي طالب، ويعتبر المديح النبوي من أقوى أنماط المدائح التي اشتغلت في شعر الفترة.
وبعد تمهيد مناسب لمكانة هذا النمط في بنيات شعر فترة الدراسة وامتداداته التاريخية والفنية إلى الحدود التي وقفنا عندها فتوجه البحث رأسا إلى البنيات المشكلة لمدائح الفترة لتحديد مكامن الإتباع ورصد مواطن الإبداع والخصوصية، مستهلا بالصفات النفسية والتي رغم ان بنيات العقل والشجاعة والعدل والعفة كانت محورها فان طرق اشتغالها اختلف باختلاف أطوار المدائح وأنماطها وبتنوع توجهات الشعراء ومرجعياتهم، فلم تكن الصفات النفسية في شعر شعرائنا مجردة إعادة إنتاج لسابقهم بل حرصوا على بعتها في حلة جديدة تستمد من القصيدة العربية أصالتها واجرائيتها، ومن التصوف الإسلامي رقتها وانفتاحها ومن وقائع السيرة النبوية تحققها وواقعيتها في قالب فني واضح المعالم، ثم الصفات البدنية التي أبنيتها السيرة النبوية، وكتب الشمائل، فالصفات الصوفية باعتبارها بنيات متفردة في النور المحمدي أكثرها بروزاً، ودورات في بنية شعر الفترة.
وبالإضافة إلى الصفات المحورية السابقة وظف شعراءنا في المديح النبوي صفات أخرى منبثقة عن الصفات السابقة، وتلتقي معها في توحد مصادرها وتماثل عناصرها، وتعتليها الشفاعة التي خض بها الله نبيه ثم بيان فضل الرسول صلى الله عليه وسلم على كل ما في الكون ومكانته من باقي الأنبياء.
وبالإضافة إلى هذه الصفات جميعها فقد شكلت بنيات السيرة النبوية خلفية نظرية اشتغلت بفعالية وبطرق فنية متباينة، وقد جدد البحث النظر إلى هذه البنية وقاربها من زاوية تبغي الكشف عن شعرية جديدة تزخر بها قصيدة المديح النبوي واختار بتتبع بنيات السرد المستحبة لفعل الحكي ومثل بقصدها المولد والرضاعة التي خصها جل شعراء المديح النبوي في الفترة بمقطع خاص سيرد فيه حداتها، ويعرضونها في قالب قصصي مشوق حيث التركيز على عنصر الصراع، ونموذجية البطل الممدوح وفعله الايجابي وسلطاته اللامحدودة، ورؤية الكفار لكل تناقضاتها وسلبياتها، ثم تتبع بنيات التعجيب وبعد مجموعة من التمديدات الاصطلاحية اعتنى البحث بشعرية الموضوعات "العجيبة"، والتي تتراوح في مقطع السيرة النبوية في قصيدة المديح النبوي بين التعجيب والإقناع وبين العقل الملموس والروحاني المحسوس، من أجل تنامي عملية الخرق وتيسير سلبها.
وبعد المديح النبوي المحور يأتي مديح الإخوان والعلماء، الذي تندرج ضمنه المدائح الصادرة عن شعراء الفترة في الشعراء والشيوخ والعلماء وغيرهم من الاخوان الذين يقاسمونهم نفس الهموم العلمية والأدبية، وبغض النظر عن المناسبات التي كانت تصدر فيها ،فقد تميز بنمطية الموضوعات والدلالات المترددة فيها، وسيطرة الروح العلمية والأدبية، وهم في ذلك ينحتون صورهم من الموروث الشعري الدائر في قصيدة المديح السياسي، إلى جانب واقع النخبة بكل اعرافه وخصوصياته.
أما في مديح الأولياء والتوسل بهم، فيتوجه شعراء الفترة إلى الأولياء والصالحين من رجال التصوف أحياء وأمواتا، يذكرون محاسنهم، ويستجلبون من الأوصاف ما يناسب مقاماتهم، وقد تميز اليوسي بالباع المديد في هذا الصنف، وقد جاءت أغلب بكثافة لديه ولدى غيره مصبوغة بالكثير من خصوصيات المرحلة، وأبرزها الخصوصية العلمية والدينية التي تشكل المجال التداولي الضيق للشعر في الفترة، رغم طغيان النفس النظمي ثم يختم الشعراء مرئياتهم بالدعاء للمرثي وطلب الرحمة والمغفرة له، فيلقي الشاعر فرصة سانحة لجعل هذه الدعوات قاعدة القصيدة وخاتمتها، الشاملة للمغفرة والرحمة والشفاعة والأمان.
4 ـ أغراض أخرى: فبالإضافة إلى الأغراض السابقة التي شكلت محاور الشعرية العربية في المغرب، فقد توارد الشعراء موضوعات جديدة أخرى قد لا تغطي نسبة كبيرة من الأشعار، لكن لا يمكن اهمال دورها في توجيه شخصية الشعراء باعتبار أن أغلبها فيه نوع من على الذات وعرض إكراهاتها الخاصة أكثر من الرجوع إلى البنايات النموذجية للشعر العربي، وأهم هذه الأغراض:
ـ الشكوى والحنين: وهي بنيته يضرب فيها الواقع المعيش بقوة ليخرج هذا لاصنف من الشعر في شعر الفترة في نفس تقطيعي محدود ذي دلالات مقيدة، وقد غلب هذا التوجه على شعراء الدلاء بعد هدم زاويتهم ونزحيلهم عن مشعرهم، كما عرض له شعراء سوس في ظل التغيرات السياسية والاجتماعية المستمرة التي عرفتها المنطقة، ورغم ما تمتلكه هذه النوعية من النصوص في شعر الفترة من صدق فني، وتعبير جمالي في الآن نفسه ظل الكثير منها مشدود إلى النفس النظري بفعل تأثيرات الواقع والارتباط باليومي، وقد اختلفت أشعار الشعراء تبعا لذلك بين التمويد وغيرها، تبعا لحالات النفس وظروف القول.
ـ الأمثال والحكم: وقد تابع الشعراء المغاربة سابقيهم وتنكبوا عن تخصيص نصوص كاملة لهذه المعاني إلا بما تقتضيه مقامات القول وسياقات الوعظ خصوصا، مما هو أقرب إلى توجهاتهم واهتماماتهم.
المبحث الثاني: الهياكل ـ التوجيه والتعلق .
وانصب الاهتمام في هذا المستوى على البنايات النمطية التي تستمد من مدونة نظرية مجردة تسعى إلى الوضوح والتنظيم الذاتي ويبقى الفعل الداخلي على جانب من الأهمية بسعيه إلى إعادة تشكيل البنيات الصغرى أفقيا وابتداع تعالقات جديدة بيتها عموديا:
1- المقدمة: وسنهتم هنا بالحركة الشعرية و بالبنية الهيكلية لما وقفنا في السابق عند البنيات ولدلالية و من أهم مكونات هذه المقدمة العنصر الطللي: إلا أن الشعراء المغاربة في الفترة تميزوا على هذا المستوى بالتمسك بما يعطي للقصيدة العربية نظارتها لما تدحرج البديل النواسي إلى مجالس الخمر ومجون حراقاته، فوجدوا في الاتجاهات البدوية أصلاً فنيا تزيده العفة كمالا وجلالا، مع الاصطباع بخصوصيات العرض وتأثيرات تكويناته مما شكل معه المقدمة الطللية بين تقطع أخر أواصلها بالعرض الأساس، فالمحبوب مثلا الذي يغادر مكان الطلل هو في نوبات شعرائنا لا يزال موجودا يحقق متعة الوصال، فيصير الطلل مجالا للخصب والنماء بعد ان كان قفراً لا يلوي فيه الشاعر على نفسه، بينما يظل في الرثاء وأغراض أخرى ذلك المكان المقفر الذي لا يقف ولا سيتوقف إلا لأداء طقس أداه قبله سابقوه وسيؤديه بعده لاحقوه.
وبعد الطلل يأتي ذكر الشباب والشيب، حيث الاشتغال من بقاء الطلل بكل تاقفاته إلى التغزل بكل انساطاته وتوقفاتها، فشكلت هذه البنية أداة فتنة ناجحة تظم برقة ودهاء اطراف القصيدة، ثم التشبيب وذكر النساء من خلال بنياته الأساسية كالشوق ومعاناة البعد والأثري وتجدد الوصال الذي اشتركت فيها المقدمات مهما اختلفت أغراض القصائد وتباينت مقاصد الشعراء مستثمرين في ذلك اصول القصيدة العربية مصبوغة بالطابع الذاتي والحالة الوجدانية الخاصة أثناء الكتابة ثم يتم التركيز على بنية "الرحلة والراحلة" التي اشتركت مع عناصر أخرى في نسج مقدمة تلتقي مع أخواتها في الأصول المحملة وتفترق في التفريقات ذات الارتباط بالعرض المقطروق واختلف خلالها شعراء الفترة مسارب جديدة في مسار الرحلة الشعرية في مقدمة القصيدة العربية ،تعاضد في رسمها الواقع بالمثال، والقناعات الفكرية بالتوجهات الفنية في إيطار الوظيفة المنبتة في أنفاس القصائد المتمكنة من أنفس الشعراء.
2- المزوج/التخلص: استرسل الشعراء في ترصيص هذا المكون باعتباره مظهرا واضحا من مظاهر التجربة النمودج، بموقعه الشفاف وبنيته المتميزة، وعمدوا إلى إبراز الانتقال واختيار التصريح ببيان موقعه فيما يعرف بالطفر والقطع والاقتضاب، كما سلك شعرائنا سبل المحدثين في الخروج السهل اللطيف واختلاسه اختلاسا لعبور هذه اللحظة التراكمية الدقيقة من سيرورة القصيدة باختلاف ادوات لغوية واضحة ترددت في اغلب القصائد.
3-الخاتمة - حسن المقطع: لم خرج شعراء الفترة عن التوجهات الكبرى للشعرية العربية، فتغنوا بخواتيمهم وسعوا إلى إحكامها، ووفروا لكل غرض وأحيانا لكل موضوع ما يناسبه، وحرصوا على التوفيق أو التلفيف بين قوالب الفن المتوافرة في محفوظهم الشعري وخصوصية الذات الشاعرة في حرصها على انفعالاتها وانشغالاتها الاكثر حساسية و خطورة، لتعكس هذه الرغبة في الجمع بين المتعة و التوفيق بين المختلف في تركيز كبير للمعاني، ليتلائم الاستجداد وطلب النوال مع التصليات المتوالية على الرسول عليه السلام، كما استدعى الشعراء ما عرف بين الباحثين بمقطع البطولة الشعرية في التفاخر بالقصائد و ذكر فضائلها ومبلغ جودتها .كما ختم هذا الفصل كذلك بخلاصة تركيبية لتجميع النتائج والتذكير باهم ما تحصل خلالل رحلة البحث فيه
الفصل الرابع: بلاغة التراكيب.
فقد حضي التركيب بمكانة خاصة في البحوث الشعرية،كما للتعالقات بين الكلم دور في المفاضلة أجناس الكلام والارتقاء به في مدارج الإحسان والكمال.
المبحث الاول: تحولات التعبير.
1-التحول بالتغيير: مما ينصرف الى تغيير الرتب النحوية داخل الجملة، دون أن يكون الشاعر مدفوعا اليها فقط سلطة التحويل بفعالية القول الشعري، وقد بين البحت فيما انتهينا.
1)تصنيفه ضمن"التقديم والتأخير" نحو بيان امتداداته المختلفة في حيثيات الإبداع والتلقي أو ما اطلعنا عليه البيان والإبداع، وفي خصوصية الصياغة والتعبير أو ما نطلق عليه لرص والأحكام، رغم انه يصعب في أحيان كثيرة الفصل بين هذه وتلك.
وفي صنف البيان والإبلاغ يحتكم إلى إجادة التعبير على ما تنطوي عليه النفس وما ينشئ داخلها من نوازع وإحساسات ،مما نلمسه لدى شعرائنا في مختلف أعراضهم و مقاصدهم ومثلنا له بوضوح في مقاطع من قصائد لمحمد بن محمد المرابط الدلاني وعبد الرحمان التمنارتي و الدغوغي وهو ما يعبر بكثير من الوضوح عما يعتمل في نفوس الشعراء من اضطرابات الوجدان وتقلبات الواقع إلى يجنمون إلى تلقيها إلى القارئ بكلام تحتمله من تجاوزات.
أما في شق الرص والأحكام فتم التركيز على ما درج عليه الشعراء من أحكام لأبنية تراكيبهم و ترصيصها حتى لا ينصرف إليها دخل او عيب فتعبر عن جمالية و كثافة مما مثلنا له بمقاطع طويلة من قصيدة لمحمد المرابط الدلاتي على سبيل التمثيل مما يعكس ما يعتل في ذهن المبدع و نفسه من صراعات و ما تستدعيه مقامات التلقي من تبريز لمركبات على حساب أخرى.
2-التحول بالحذف:و ينصرف إلى أضار جزء من الكلام على سبيل التوسع الذي لا يصل إلى درجة الاختلال في التراكيب و الاستشكال في المعاني مما لا يكاد يخلو منه نص واحي بيت و من خلال نماذج محددة فقد ساهم الحذف في خلق انفتاح للدلالة و اتساع في التصوير دون ان يؤدي الى الكمية الممجوجة هذا وقد اختلفت المركبات المحذوفة باختلاف الإغراض من الحذف بين ما يقتصر على التراكيب في حد ذاتها، وبين ما يتجاوزها إلى مقاصد محددة تتحاكم فيها فعاليات الإبداع ومقاصد التلقي.
3-التحول بالزيادة: تختلف أبنية الزيادة في تراكيب شعرائنا بين ترصيص الدلالة وتفصيلها وتتبع جزئياتها، وبين التركيب الأفقي - أحيانا - الذي يروم ملئ قوالب الأوزان وتبليغ التركيب إلى الزاوية المغلقة للبيت والتي يشكلها موقع القافية،و بعد تتبع نماذج متنوعة من بنيات الزيادات فقد انتهينا إلى إن هذه الأداة بفعاليتها في توسيع الدلالة وتعميقها أحيانا، بالإضافة إلى دورها الخفي في ملئ القوالب الفارغة للأوزان والقوافي.
المبحث الثاني: محسنات الصياغة
وأمام تعدد محسنات الصياغة في اللغة العربية وتنوعها إلى درجات كبيرة، مما عرضنا بشيء من التفصيل، لما له وظائف إيقاعية خالصة في مباحث سابقة فإن التركيز قد انصرف إلى قطبين من أقطابها، يشكل الأول منهما مبدأ التقابل، ويشكل الثاني مبدأ التماثل.
1-التحسين بالتقابل: مما تحقق في الدرس البلاغي بتشغيل آليتي الطباق والمقابلة اللتين تبعدان الخطاب الإبداعي عن الملاءمة الكلية إلى تحقيق منافرة تخلق نوعاً ما الحوار يغني ويبعد عن الرتابة، ومراقبة هذا الاشتغال على مستوى النص يعكس رؤية الشاعر الشمولية وتصوره للوجود وعلاقاته المختلفة مما هو مركوز في الأذهان و واضح في الأعيان، فثقف المطابقة والمقابلة لتشكل بخطوطها المتراكبة والمتدابرة جانبا اساسيا من جوانب اللوحة الشعرية التي يرسمها الشاعر مع كل نص جديد من خلال ثنائيات الحياة والموت مثلاً في المراسي (نوذج العربي الفاسي - عبد الرحمان الفاسي) ثنائية الواقع والأمل في المديح النبوي (أبو سالم القياسي – محمد بن محمد المرابط – الدغوغي )و ثنائية الخير و الشر( اليوسي /محمد المرابط الدلائي )، وتبقى المقابلات الطربية مظهرا للمقابلة اللغوية الظاهرة في النص،وتجليا لتناقضات الذات وصراع المعيشة والاختلاف المبتوت في جوانب هذه الحياة، والذي لا يقاسمه فيها إلا الائتلاف الذي سيعرض له في العنصر اللاحق.
2-التحسين بالتماثل :وهو خاصية لضرى إلى جانب التقابل أصيلة حيث يندفع العمل الإبداعي نحو التوالي والتعاليق الظاهرة والخفية مما يمهد فعالية التعاضد و قوة الدفع إلى الإمام بحذف توقيع القارئ و ملاعبات قدراته التو ليفية و إعادة بنائها باعتماد محور التكرار الذي يشكل محور التماثل الأساس،إذ يشتغل التكرار على نطاق واسع في ذهن المتلقي لتثبيت مجموعة من المعاني بواسطة التأثير عليها في النص، ولذلك استفاد من إمكانياته المختلفة شعراء المرحلة في حرص على خلق نوع من الجلبة والاحتفالية الدلالية إلى جانب الجرس والقعقعة أللفضية مما مثل له البحث بقصيدة الدغوغي ثمامية النفس بينا من خلالها علاقات الانسجام الأفقي على كثرتها وعلاقات الانسجام العمودي على قلتها بالإضافة إلى التمثيل بنماذج قلة من الشعراء الذين استفادوا من إمكانيات التكرار الكثير والواسع مثل المكلاتي والمرعني وعبد الوهاب الفاسي وعبد الرحمان الفاسي لتساهم اللغة بفعالية بواسطة التكرار لملله من بعد ترصيصي لأداء مهمة الانتقال باللغة من مستواها السطحي إلى امتداداتها العامقة، المسكونة بمتمثلات الذات الشاعرة في مختلف مراحل العملية الإبداعية.
المبحث الثالث: أفانين التصوير
أمام تنوع الأطر المفهومية للصورة واختلاف الباحتين في وصف مكوناتها بين الضيق والاتساع، اختار البحث منهجا أكثر وضوحا وإجرائية يدرس وسائل الصور وسبلها من خلال علم البيان والذي يضم بين دفتيه التشبيه والاستعارة مما ينبني على المشابهة، ثم المجاز المرسل والكناية المعتمدين على مبدأ المجاورة.
1-التشبيه :و أمام تعدد الواجهات التي يمكن من خلالها وصف علية التشبيه ،اثر البحث ولوج عالمه عبر بوابة (الوضوح-الاحتمال )ثم (الحسمية – المعقولية ) لأنها الاغلق بالاشتغال الجمالي للشعرية .فيقوم الفصل بين الطرفي التشبيه على ذكر الأداة . و لازم الوضوح من حيث وجدانيته أفراده و انتقاء الاحتمال في تقديره .و من حيث طرفاه الخروج من المعقول إلى المحسوس أو من المحسوس إلى المحسوس زيادة في التقييد و البيان وتلافيا للتجربة والتعميم ، وبين الفصل والوصل تصعد التعابير المتوسلة بالتشبيه إلى أن تخلق نوعا من التداخل بين الطرفين دون أن يصلا إلى مرتبة التجانس التام ،وتفتح باب الاحتمال في العلاقة بينهما دون أن تسرعه طرا ،ومن خلال تتبع مجموعة من الأمثل و نلاحظ تراوح تشبيهات شعرائنا بين التعليمي البسيط المعتمد على الفصل و التقييد و الوضوح ، و الجمالي المركب المبني على الوصل و الاحتمال ،و الغموض أحيانا فذكرت الأداة ووجه الشبه و حذفا ،و جاء التشبيه بسيطا و مركبا ،و تمثيلا و مفرقا ،و رغم ورود الطرفين المعقولين فقد طبعا عموما حسبة ظاهرة في أكثر أشعار المرحلة .و عمل التشبيه في أحيان كثيرة على صياغة كبرى تتجاوز فضاء البيت والتشبيه الواحد إلى البيتين و المقطع ،بالربط بينهما بروابط دقيقة ،تكشف النظرة العمودية العامة الحاضرة ضرورة.
2-الاستعارة: و في تناول البحث لفعالية التصوير من خلال الاستعارة في التجارب الشعرية موضوع الدراسة أولى أهمية خاصة للاستعارة التصريحية بما فيها من تعميق لفعالية المشابهة ،و المكنية بحرص الشعراء فيها على التداخل و لتمويه التشابه ثم الترسيمية لامتداداتها الايجابية بالاستعارة في أطراف الكلام .
فقد ترددت الاستعارة التصريحية بشكل واسع في شعر الفترة ، وتوزعت من خلال استعارات مكرر ترددت كثيرا في الشعر العربي و أعاد الشعراء إنتاجها في ظروف وسياقات جديدة واستعارات متجددة مصدرها الواقع المعيشي المستسري في النفوس والخمولات الفكرية المتمكنة من الأذهان و في الاستعارة المكنية نجد شعرائنا يجتهدون في إعادة توزيع الأدوار بين الاستياء وتمديد التداخل بينها بالتجسيد والتشخيص أو بالتكوين والتحريك، يوجههم في ذلك محفوظ ثر ،كما تحمل الكثير منهم على صوغ عوالم جديدة، مهما كانت مغرقة في الحسية، أشد قرباً وحميمية من الشاعر فإنها تعبر عن وعي شعري يتسلل إلى لغة الشاعر و تصوره إلى العناصر المشكلة للعالم الصغير و الكبير المحيط به ، ويظهر الشعراء بين الحين و الأخر جموحا عن صبغة العلوم الصارمة ،و المبادئ العقدية الراسخة في الأذهان.
و بذلك تكشف فنون التصوير عن بعد أخر من أبعاد الشعرية العربية في المغرب يفرق في بعت الأصول و الكون بمختلف حيثيات الواقع.
المبحث الرابع : تصديات الاقتفاء
مما يجعل العملية الإبداعية من الإثبات غير مقطوع الأواصر بواقعها و مجتمعها و ثقافتها ،و من الاختلاف ما يحيلها قطعة فسيفساء فريدة تتاعكس إعادة الإنتاج والتكرار المتماهي مع الأخر، وعليه فإن ما قد بين لنا فيه الشاعر سارقا أو متناصا، قد يكون موقفاً فكرياً يفيد صياغة نظرة محايدة لوقائع سابقة، أو تلاحما جديدا مع زمان ومكان يريد الشاعر أن يحقق من خلاله أماله وتخفيف ألامه.
1- المقفوات الدينية أو سلطة المقدس، ورغم اختلاف المقفوات الدينية، فقد توجه البحث نحو أهمها وأكثرها شيوعاً، وخصوصاً القرآن الكريم الذي يعتبر في الغالب أول محفوظ يلج على أجواف الشعراء المغاربة، فضلاً على المداومة على تلاوته و التقيد به فيسارع الشعراء إلى إظهار انتمائهم إلى هذه الثقافة الدينية لعلهم يستمدون شيئا من عمقه الدلالي وجمال عباراته وأبعاده المقدسة، فكان هذا الاستعمال كبيرا جدا وران قصائد كاملة دلالات القران وعباراته دون تهيب أو استغلال.
*الحديث النبوي: رغم أن توظيفه لم يصل إلى مستوى توظيف القرآن، فانه مع ذلك حضر بشكل واسع في شعر الفترة تقديرا للفظ النبوي ومكانة الرسول (ص) في النفوس مستحضرين أمثلة الجمالية لهذا التوظيف.
2-المقفوات الأدبية: وركز البحث خلالها على الشعر والأمثال إذ لم تنطلق شعرائنا من فراغ لتسيطر شعريتهم اذ ظلت المقفوات الأدبية القوة الفنية التي تمد الإبداع بقوة ورسوخ، فإذا كان القرآن الكريم والحديث النبوي بمثابة الصكوك التي تولج الشاعر عالم الخاصة والعامة، فإن التراث الأدبي المجود هو الذي يضمن للشعر التداول في عصره وفي العصور اللاحقة عليه، مما لا يدرك مساره إلا خاصة الخاصة.
وهذا وختم هذا الفصل أفكاره من الفصول نجد في تركيبته على سبيل الختم والاستخلاص.
الخاتمة
حاول البحث خلالها عرض النتائج وحصيده والإشكاليات التي استطاع مقاربتها والأسئلة التي طرحها و الإجابة عنها، والأسئلة التي كانت بمثابة انفتاحات وامتدادات تضمن للبحث صيرورته وتفتح أمامه أفاقا أخرى يريدها أن تكون بالتأكيد واسعة وكبيرة أو ليس هذا البحث نهاية أمسار علمي بل هو بمثابة مرحلة تتوج بمراحل أخرى كثيرة في مسيرة البحث العلمي والأكاديمية الطويلة.
المصدر
http://www.uaelove.net/romantic/images/backbghearts.gif
د.عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
http://www.maktoobblog.com/userFiles...ages/email.gif
aghanime@hotmail.com
رد: أطاريح ورسائــــــل جامعيــــــة ...
رد: أطاريح ورسائــــــل جامعيــــــة ...
السلام عليكم
اتمنى مساعدتي في الحصول على رسائل في التربية الفنية باسرع وقت
التربية الفنية .. رسالة جامعية ...
ملخص رسالة ماجستير في مناهج وأصول التربية الفنية
الموضوع: تحليل برنامج إعداد معلم التَّربية الفنَّية في كليات المعلمين وفق الاتجاه التنظيمي في التَّربية الفنَّية (DBAE)
أسم الباحث: قمّاش علي آل قمّاش
الجهة: جامعة أم القرى
أهداف الدراسة وأداتها وعينتها: هدفت الدَّراسة إلى تحليل برنامج إعداد معلم التَّربية الفنَّية في كليات المعلمين وفق الاتجاهات الحديثة للتربية الفنَّية، الممثل في الاتجاه التنظيمي في التَّربية الفنَّية (DBAE) عن طريق قائمة صممها الباحث كأداة لتحليل مقررات البرنامج الذي بلغ عددها ثلاثة وعشرين مقرراً، مستخدماً بذلك الأسلوب الوصفي التحليلي، وذلك للتعرف على مقررات برنامج التَّربية الفنَّية من حيث (الأهداف -المفردات - طرق التَّقديم والعرض-طرق التقويم المستخدمة) ومعرفه مدى مسايرتها للاتجاه التنظيمي في التربية الفنية.
أهم محاور الإطار النظري:
- أهم مشاريع ومناهج التَّربية الفنَّية المعاصرة.
- مكونات تصنيف آرنون لوظائف العمليات العقلية في التَّربية الفنَّية.
- مكونات مصفوفة ديتمرز.
- مخطط لورا تشابمان لمنهج الفن.
- مكونات مصفوفة لورا تشابمان.
- الاتجاه التنظيمي في التَّربية الفنَّية.
- إعداد المعلم في كليات المعلمين.
- تصنيف المقررات حسب (المستوى التخصصي - طبيعتها (نظري / عملي ) - دراستها في الخطة الفصليَّة الدراسية)
- جوانب الاتجاه التنظيمي في التَّربية الفنَّية في برنامج أعداد المعلم بكلية المعلمين في المملكة.
أهم النتائج:
- إمكانية تحليل برنامج إعداد معلم التَّربية الفنَّية بكليات المعلمين وفق الاتجاه التنظيمي في التَّربية الفنَّية (DBAE).
- مثل الإنتاج الفني المجال الأكثر سيطرة في أهداف ومحتوى البرنامج، يليه في التَّرتيب التَّذوق الفني فتاريخ الفن، ثُمَّ نقد وتحليل الأعمال، وهنا يجب الإشارة إلى أن مجالي تاريخ الفن والنَّقد الفني يمثلان النَّسبة الأقل في البرنامج.
- أساليب العرض والتَّقديم غير محددة في ستة من مقررات البرنامج، حيث شكَّلت (26.1%) من نسبة عرض وتقديم البرنامج. كما لم تذكر ثُمَّانية مقررات أية إشارة في طرق عرضها وتقديمها على المهارة، فشكَّلت (34.8%) من مجمل طرق عرض وتقديم البرنامج. بينما لم تشر ثلاثة مقررات في طرق عرضها وتقديمها على المعرفة، فشكَّلت (13%) من مجمل طرق عرض وتقديم البرنامج.
- عدم وجود طرق للتدريس و تنوع فيها في خمسة عشر مقرر، وهو ما نسبته (65.2%) من مجمل البرنامج، بينما نجد طرق التدريس والتنوع فيها في ثُمَّانية مقررات، بحيث كانت طرق التدريس في هذه المقررات طريقتين أو أكثر، حيث مثَّلت نسبة وجود طرق للتدريس والتنوع فيها (34.8%).
- يحتل التَّركيز على الاختبارات (الفصليَّة – النهائية) النَّسبة الأعلى من طرق تقويم البرنامج، تلا ذلك التقويم عن طريق البحوث العلمية، ثُمَّ الزَّيارات الميدانية في المركز الثالث من طرق تقويم البرنامج، ثُمَّ النَّصيب الأقل للتقارير من طرق تقويم البرنامج.
أهم التوصيات والمقترحات:
- ضرورة تطوير برامج إعداد معلم التَّربية الفنَّية بشكل دوري ومستمر، وذلك وفق الاتجاهات المعاصرة في مجال الفلسفات التربوية الحدُّيثة ومجال التَّربية الفنَّية.
- ضرورة فصل مقرر التاريخ والتَّذوق الفني إلى مقررين هما تاريخ الفن العام ويدرس فيه موجز عن تاريخ الفن العام من البدائي حتى الفنون المعاصرة، ومقرر النَّقد الفني ويدرس فيه نظريات النَّقد الفني وطرقه بواقع ساعتين لكل مقرر، وذلك على حساب مقرري فن الخزف والنسجيات بتقليص كل مقرر من هذه المقررين ساعة واحدة.
- يوصي الباحث بزيادة نصاب مقرر تاريخ التَّربية الفنَّية ونظرياتها من ساعة واحدة إلى ساعتين، لأهميتها وإدراج النَّظريات الحدُّيثة في محتوى ذلك المقرر.
- يقترح إجراء بحث مماثل لهذا البحث لبرنامج إعداد المعلم في (جامعة الملك سعود –جامعة طيبة – جامعة أم القرى).
المصدر