رد: أطروحــــات ورسائــــــل جامعيــــــة
الصمّة القشيري : شاعر عذري يتشابه مع الكثير من أمثاله الذين اكتووا بنار الحب ولوعته ، وعانوا الغربة والضياع بسبب الفشل في لقاء المحبوبة الذي تفرضه عليهم القوانين الدينيّة والسياسيّة والاجتماعيّة ، وتفرضه أنفسهم عليهم بسبب العفّة والفضيلة التي يتحلّون بها . فراح الأسى والشوق ينعكس على أشعارهم ، ويخلف لنا شعراً يبين ما عانوه في حيلتهم من عذاب البعد وحرارة الأشواق.
إنّ الحالة التي يعانيها الشاعر قد انعكست على قصيدته واتّضحت فيها بشكل ملتمس ومحسوس ، فقد هاجر الشاعر الى أرض خراسان محبطاً بسبب زواج محبوبته ريّا التي وحّدها بحبّه وأخلص التوحيد ، وهو بعد ذلك عانى الغربة المكانيّة ، وكذلك الغربة العاطفيّة التي كانت السبب الحقيقي وراء تعدّد اغتراباته :
خليليّ في طيّا أقلاّ ملامتي فقد بخلت طيّا علينا وضنّت
لعمري لئن أحببت طيّا وآثرت عليّ العدا ما سنّت العدل سنّت
أظلّ أمنيها الفؤاد سفاهة إذا ما انطوت نفسي على اليأس ملّت
فالشاعر هنا يريد التنفيس عمّا بداخله من هموم بسبب عدم مبالاة ريّا به ، فراح يشكو لرفيقيه ، واستخدم أسلوب النداء والطلب منهما أن لا يلوماه بحزنه على فراق ريّا وتغربه عن بلادها ، لأنها هي السبب في غربته ، فقد بخلت وصاله ، وذكر ذلك باستخدام حرف التحقيق (قد) الذي يؤكّد بأنها السبب بهذا الفراق ، وقد حرص الشاعر على تحويل اسم محبوبته ريّا الى طيّا في حديثه عنها لأنّ حرف الطاء حرف انفجاري شديد يناسب الحالة التي يعيشها الشاعر وهي حالة الغضب .
وفي البيت الثاني والثالث يتضح حبّه لريّا مع حزنه ويأسه من التعلّق بها ، فهو يقسم بمدى الظلم الذي أصابه لتفضيل ريّا الأعداء عليه .
ويؤكّد يأسه بقوله ( أظلّ أمنيها الفؤاد سفاهة ) فالفعل أظل يفيد الاستمراريّة بحبه لها مع عدم الفائدة ، ومجرّد التفكير لا بها لا يجدي نفعاً لأن الشاعر قد أصابه الإحباط واليأس والملل ، وانطوت نفسه على هذه الأحاسيس . وهو رغم هذا اليأس يذكر عدّة لوحات لوجده بحبّها ، وهذه اللوحات جميعها هي إسقاطات لنفسيّة الشاعر المصابة بالإحباط واليأس على أبياته الشعريّة ، وجميع هذه اللوحات نتيجتها واحدة وهي الفشل والحرمان .
اللوحة الأولى : صورة شيخ كهل مات ابنه الوحيد الذي يرعاه ، فأصابه روع وحزن شديد .
اللوحة الثانية : يقابلها الشاعر باللوحة الأولى وهي لوعة الابنة ب6قدان والديها ، وكلا الصورتين توضح الحزن المرير المفجع الذي يحسّ به الشاعر بسبب الغربة والفراق ، والشاعر بتكراره الصّور المأساويّة
أحدث زيادة في الموسيقى الشعريّة .
اللوحة الثالثة : يزيد الشاعر من تفصيلاتها والحديث عنها حتّى تتضح صورتها ، فقد تحدّث عنها بأربع أبيات ، وهي صورة ناقة هيماء أصابها المرض لشدّة عطشها، فالشاعر يناسب بين صورته وصورة الناقة الهيماء ، وهذا يدل دلالة عميقة على ما يعانيه الشاعر من إحساس بالإحباط والفشل والحزن الشديد الذي يجتاح وجدانه ، وكأنّ فشل الناقة في الحصول على الماء هو فشل لذات الشاعر ، فالناقة متلهّفة على قطرة الماء ولا تحصل عليها ، لأن ولي الماء رجل قاس لا يشفق عليها ، وكذلك الشاعر متلهّف بحبّه لريّا لكنه فشل وأحبط لبعدها وقسوتها في وصاله.
إنّ الشاعر العذري في العادة لا يلجأ الى التصوير ، لكن الصمّة لجأ إليه هنا حتى يخفي عالمه النفسي وراءه .
اللوحة الرابعة : ومرة أخرى يصوّر الشاعر فجيعته بفقده ريّا ، بصورة أم تفقد طفلها ، وهذه الأم بكر ترعى أوّل أطفالها لذا فتعلّقها به شديد ، فراحت فراحت تدور حوله وترعاه ، وألفاظ الشاعر هنا تدل على الطمأنينة والسلام ، والأصوات مهموسة والحروف ليّنة ، وبعد ذلك تحوّلت الى الأصوات الى مجهورة كصوت الراء والعين والميم ، وتحوّلت الألفاظ الى ألفاظ غير مألوفة وغريبة وخشنة ( خشارم ، اشمعلّت ) والتضعيف يفيد الفزع والرعب الذي أصاب الأم عندما سمعت صوت الذئبة التي فتكت بطفلها ، وتركت أشلائه المسلوخة ، وراحت الأم تبكي على أجزاء طفلها وهي لا تصدق ما حدث . وكذلك الشاعر فهو يعاني من فقده لريّا لكنه لا يملك إلاّ الاستسلام للبكاء ترويحاًُ وتخفيفا من حالة التوتر النفسي.
اللوحة الخامسة : وهذه اللوحة مكتملة فنياً ، حيث يقدّم الشاعر فيها الزمان والمكان والشخصيّات والحدث ، فالأم تحنو على طفلها قبيل طلوع الشمس ، وهو زمن يوحي بالحياة والأمل ، والمكان هو السليل الوادي الواسع الذي تتوافر فيه صفات المرعى الجيّد ، فراحت الظبية ترعى مع طفلها في هذا المكان الآمن حتى إذا حلّ الظلام فقدت طفلها ولم تجده.
إنّ الألوان التي يقدمها الشاعر متباينة في الدلالة على الحالة الفتي يعيشها الشاعر ، فلون المرعى الأخضر ولون الطفل الأسمر فوقه ، كلها ألوان تريح النفس ، لكن حلول الظلام الأسود الحالك حوّل المشهد الى مفزع والحركة من هدوء الى عشوائيّة سريعة .
إنّ الشاعر يطابق الصورة حتى يبيّن مدى تأثير الحدث على صاحبه ، فالظبية كانت في جو من الهدوء والأمان ، وانتقلت الى جو آخر مباين له ومختلف تماماً ، فكان لهذا الوقع أثراً كبيراً على صاحبه ، لسرعة الانتقال من الشيء الى الضد ، وهذا يبيّن شدّة العذاب بسبب الفرق الكبير الواقع بين الحدثين .
اللوحة السادسة :
يرسم الشاعر صورة امرأة ويبين مشاعرها عندما انتقلت الى بيت زوجها وتركت حياتها بين أهلها وربعها ، فسقطت بين أحضان الغربة والألم والإحساس بالوحدة ، وزاد ذلك قسوة أنّ زوجها رجل شديد بخيل ، شدّ عليها الباب ، وبذلك لم يكتب لها ما كانت تحلم به من العيش في ضيعة نجد ، حيث تحلب النوق في المراعي الواسعة، وحيث لا قيود ولا أبواب ، فراحت تبكي كلّما تذكّرت ذلك .
الشاعر هنا يرسم صورة لامرأة ضعيفة كانت تحلم بحياة متواضعة ضمن حدود البادية التي تعيش بها ، لكنها فشلت في تحقيق حلمها ، وأصابها الإحباط من هذه الحياة الجديدة الغير مألوفة لأنها لم تستطع التكيّف معها .
لقد اختار الشاعر الشخصيّة لهذه اللوحة امرأة ، لأنّ المرأة في حياة البادية فاقدة لكرامتها ، ولا تصلح إلا للرعي والإنجاب ، ولا تستشار حتى في أمر زواجها فهي لا تملك ردّا لأمر والدها .
المرأة عاجزة عن رد القضاء في البعد عن قبيلتها ، فهي في غربة مكانيّة أورثت في قلبها غربة نفسيّة ، وكذلك الشاعر عاجز عن رد القضاء عن في غربته عن أرضه وبلاد محبوبته ، فانتهت اللوحة بالبكاء المستمر .
البيت الأخير :
بأكبر من وجد بطيّا وجدته غداة ارتحلنا غدوة واطمأنت
لقد فاق حزنه ووجده بفقدانه ريّا أحزان الجميع ، وهنا التكرار لتأكيد المعنى ( وجد ، وجدته ) ، ( غداة ، غدوة) ، وقد رحل وعانى الغربة وبقيت محبوبته مطمئنّة في نجد .
إنّ الصور التي رسمها الشاعر ما هي إلاّ إسقاطات نفسيّة لما يدور بقلبه من حزن بسبب الفشل والإحباط الذي تعرّض له ، وجميع هذه الصور تنتهي نهاية واحدة وهي الفشل والإحباط في الوصول الى الشيء المطموح ، لأنّ الشاعر أراد تحقيق توازن نفسي بين لوحاته وبين نفسيّته ، فهو يعاني الغربة بأنواعها بسبب بعده عن ريّا.
رد: أطروحــــات ورسائــــــل جامعيــــــة
هل أستطيع تحميل رسائل من هذه الصفحة
؟وبالذات رسالة النثر الفني وقضاياه الموضوعية والفنية,للمختار النواري
رد: أطروحــــات ورسائــــــل جامعيــــــة
جزاك الله خير يا مغربى ممكن تضيف عليها بعض رسايل الماجستير والدكتوراة فى الجامعات المصرية
جامعة الملك سعود تناقش قلق "السياب"
الدمام - منير النمر
ناقشت جامعة الملك سعود أخيرا دراسة ماجستير وصفت ب"جديدة الرؤيا في شعر بدر شاكر السياب" الذي تناوله باحثون كثر على مدى عقود عدة، والدراسة التي منحت طالبها الشيخ علي علي محمد آل موسى درجة الماجستير في الأدب العربي أشرفت عليها لجنة، أعضاؤها الدكتور حافظ المغربي (مقرّرا)، والدكتور أحمد حيزم (مناقشاً)، والدكتور صالح الغامدي (مناقشاً).
وقال الباحث الاكاديمي ل"الرياض": "سعت الدراسة لتلمس آثار القلق في شعر السياب"، مشيرا إلى أنها تشكلت من ثلاثة فصول، وتحمل الدراسة عنوان "شعرية القلق عند بدر شاكر السيّاب"، وخلص الباحث في رسالته إلى أن هناك آثاراً بارزة في شعر السيّاب خلّفها القلق، ومع غناها وعمقها في ديوانه، إلا أنّه لم يتم تناولها في دراسة جامعية مستقلة، ما يشكل شيئاً من أهمية سبر هذا الموضوع لدى السيّاب، كما يشكل شيئاً من مشكلات البحث التي ستجعله مع شعر السيّاب مباشرة لتلمّس تلك الظواهر، وستوقفه مع صعوبة الفرز بين الظواهر النفسية المتشابكة لتتبع القلق.
وأضاف آل موسى "إن كان ثمة دراسات سابقة للتعرف الأثر الفني للقلق يتكئ عليها البحث، فإنّما هي دراسات عن شعراء آخرين غير السيّاب، كبعض الشعراء الجاهليين، وأبي القاسم الشابي". في إشارة منه إلى أسبقية البحث.
وتطرح الدراسة أسئلة عن قلق السياب في جوانب عدة، منها الموضوعية والفنية، ف"ما دوافع القلق في شعر السيّاب وما ملامحه" كما تساءل الباحث الذي استفاد من المنهج الوصفي، والتحليلي، والنفسي، والفني؛ بما يتطلبه النص.
وتناول الفصل الأول أسباب القلق في شعر السيّاب، مسلطا الضوء على الدوافع الذاتية (الشخصية) من شكل يخلو من الوسامة، ويتم مبكرا، وبحث دائب مخفق عن الحبّ، وشعور بالنقص، وريبة وشكّ فاعلين، وتمزّق داخلي وتناقض في الرؤى والمواقف، وبساطة وانقياد للآخرين، وحدّة في الانفعال، ومرض مزمن متمادي، وحضور ضخم لهاجس الموت.
كما ناقش البواعث الخارجية من ثقافية - كالمرجعية الفكرية المتقلبة، والمرجعية الأدبية غير المستقرة. مضافا لذلك بواعث اقتصادية - كالطبقية المرخاة على المستوى الاجتماعي العراقي آنذاك، والفقر المدقع الذي غرس مخالبه في حشاشة السيّاب، وسلطان المال الذي أركع الضمائر واشترى المواقف. واجتماعية - كالأعراف والتقاليد الاجتماعية المستحكمة، وضغط المدينة الذي لم يتأقلم السيّاب الرّيفي معه، والسجن والنفي والتشرد الذي كابد آلامه، والسفر وراء العلاج الذي لم ينبلج له فيه خيط من النور يناغي روحه المرهقة. وسياسية جرت في العراق، كالانتداب البريطاني الذي سامه الذل، وسرق خيراته، والتحولات السياسية الكثيفة في الحكومات المتعاقبة في العراق، وثورة رشيد الكيلاني التي أُعدم بعض قادتها الذين عشقهم السيّاب، وتجرّع بعضٌ آخر منهم مرارة العيش في المنفى.
وجاء الفصل الثاني؛ ليتكلّم عن مظاهر القلق لدى السيّاب، وناقش موضوعات عدة، أهمها قلق الامتحان، والقلق الزماني، والقلق المكاني، وقلق الغربة، وقلق الجنس، والقلق الديني والإيديولوجي، وقلق المصير، وقلق الموت، وقلق الدلالة.
فيما سلط الفصل الثالث الضوء على بعض الظواهر التي ارتبطت بالقلق في شعر السيّاب، منها التشاؤم، والسوداوية، والاغتراب، والخوف، والشكّ والحيرة، والاضطراب، والكآبة، والحزن والأسى، والسأم، والوحدة، والشحوب، والحنين، والألم، والأوهام، والحسرة، والسهر والأرق، واليأس، والتمركز حول الذات. ويوغل الفصل الثالث في عمق الرسالة، ودرس الباحث فيه "شعرية القلق عند السيّاب"، وهو عنوان الرسالة، مدونا فيه ثلاثة مباحث (أثر القلق في اللغة، أثر القلق في الصورة الشعرية، أثر القلق في الموسيقى الشعرية بشقيها الداخلي والخارجي).
المصدر
رد: أطروحــــات ورسائــــــل جامعيــــــة