رد: أدب الرحـــــــلة ...
http://img141.imageshack.us/img141/8740/15lv.gif
http://www.25q8.com/vb/uploaded/wrdaa.gif
ندوة
كلية الآداب - ظهر المهراز - مدينة فاس - المملكة المغربية
صورة المغرب بلغات متعددة
عبد اللطيف محفوظ
صبيحة ماطرة يوم ثامن أبريل بمدينة فاس، وتحديدا بكلية الآداب – ظهر المهراس، في قاعة المحاضرات انطلقت أشغال الندوة الوطنية التي نظمها مركز البحوث الأيبيرية والأيبيرو أمريكية، ومركز بحوث محمد أبو طالب والجمعية المغربية للبحث في الرحلة، في موضوع:
"المغرب في نصوص الرحلات الغربية"
وقد افتتحت الجلسة بكلمات رئيس مركز البحوثالأيبيرية والأيبيرو أمريكية ومنسق الندوة عبد المنعم بونو ورئيس جمعية المغربية، رئيس شعبة اللغة الأسبانية حيث أكدوا على أهمية دراسة صورة المغرب في الكتابات الرحلية الغربية نظرا لما توفره من معرفة عن الذات وفق تمثلات الآخر..
عيون .. تحدق وترى ما تريد
خلال الجلسة العلمية الأولى برئاسة أحمد صابر الذي أعطى الكلمة في البداية لخالد بكاوي، ركز هذا الأخير في مداخلته الموسومة بعنوان"الحريم الغربي في الخطاب البريطاني" على خصوصيات الصورة المنتجة في القرون الوسطى من خلال وعي أوروبي إلى إفريقيا، خصوصا ما يتصل بالرحلات ذات الصلة بالقراصنة والأسرى، موضحا كيف أن هذه الرحلات تختلف عن رحلات القرنين التاسع عشر والعشرين من حيث كونها رحلات قسرية، لأن الكاتب يكون مجبرا على ارتياد بلدان غريبة والعيش في عوالم محكومة بثقافة مختلفة، مشيرا إلى ظاهرة ملفتة ،تتمثل في كون الصورة المنتجة تتناقض مع الخطاب الاستشراقي عندما تتخلى بعض الذوات عن ثقافتها الأصلية وتفضل عن طواعية الانخراط في الثقافة الإسلامية.
أما المداخلة الثانية فقدمها شعيب حليفي وحملت عنوان "الصورة والوعي الدائري: في رؤية الآخر للمغرب" حيث افتتح ورقته بالإشارة إلى ضرورة بناء تصور نظري مرن وإطار تحليلي لقراءة النصوص التي رسمت صورا للمغرب خلال مختلف العصور، وحصر الباحث هذه الكتابات في الرحلات والمذكرات والتقارير والرسائل والشكاوى والاستعطافات ... لينتقل بعد ذلك إلى تحديد مفهوم الصورة في هذه الكتابات وفي السياقات التي أنتجت فيها (ثقافية ودينية وسياسية) ليخلص إلى وجود أشكال متغايرة لصورة المغرب حصرها في ثلاث لحظات: قبل مؤلف وصف إفريقيا للحسن الوزان وبعده إلى حدود نهاية القرن 18، ثم القرن 19 و20 وارتباط هذه اللحظات بخلفيات تجارية ودينية وإيديولوجية.
انتقل الباحث في سياق تحليلي إلى الرؤى التي أفرزتها اللحظات الثلاث للسفراء والسياح ورجال الدين والتجار والأطباء والصيادلة والعشابين والجواسيس والأدباء، ثم توقف عند الرؤية الغرائبية والرؤية الدينية – السياسية المرتبطة بالأطماع الاستعمارية.
ثم تدخل بعد ذلك عبد المنعم بونو بموضوع "صورة وخيال: المغرب بعيون إيبيرية" قدم من خلالها صورة المغرب كما يتبدى انطلاقا من نصوص رحلية إسبانية و برتغالية وقصص وتقارير لمقيمين .. موضحا مواقف الرحالة التي لا يمكن الكشف عن خلفياتها دون الأخذ بالاعتبار لخصوصياتها المتمثلة في كون الصورة تنبع من وعي بالذات وبالآخر بوصف هذا التقاطع مما يشكل بالضرورة علة لتغليب قيم وتمثلات الذات، الشيء الذي ينتج عنه تبخيس ثقافة الآخر، جراء المقارنات بين انساق الرؤية للظواهر والأشياء ومسارات الفعل، وسيادة الموقف الباني لصورة سلبية عن المغرب.
ومن نتائج ذلك كون بعض الرحلات الإيبيرية إلى المغرب أفرزت توجها عدائيا يتضمن غياب التقاطعات الممكنة بين الثقافتين وهو وضع ينفي إمكانية الحوار، لأنه يضمر الموت للآخر، ويتجلى ذلك في عدة مظاهر من بينها الانطلاق من الأحكام العامة الجاهزة وغياب تفعيل المنطق في التمثيل والتقييم واعتماد المقارنة بين أشكال تمظهر نفس حالات الأشياء المؤسساتية أو الذهنية في المنطقتين بهدف ترجيح شكل حضورها في ثقافة الذات.
وأكد الباحث على نزوع تلك الرحلات نحو وسم المغرب بصورة البداوة والوحشية ورسم إسبانيا بالحضارة والحداثة، وخلص إلى القول بكون تشكيل الصورة الموضوعية للمغرب يجب أن تستنتج من دراسة تنخرط في سياق موسع هو الخيال السوسيو ثقافي مع ضرورة العودة إلى كل الخطابات ذات الصلة بالموضوع، منبها إلى أن صورة المغرب في الرحلات الإيبيرية يمكن أن تكون موضوعا لدراسة الخيال الثقافي للإيبيريين أنفسهم.
وقدم عبد الرحيم مؤدن مداخلة تحت عنوان "مستويات المكان في الرحلة الإسبانية إلى المغرب في القرن 19" مؤكدا في البداية تأثير هذه الرحلات المهم في هذه المرحلة وتأثيراتها السياسية. لينتقل إلى تحديد مفهوم المكان، الذي بدا عنده أقرب المكان الافتراضي بوصفه تحققا للفعل وتأويلا له في نفس الآن، وقد انطلق من رحلة خواكين كاتيل الذي قدم ترجمة له، قبل أن يحدد سياقات رحلته في ثلاثة، هي سياق استشراقي ينطوي على فكرة المركز والهامش، وسياق المتعة ممثلا بالتقاط الطرائف والعجائب والشوق إلى المكان، والسياق الاستعماري، حيث يمكن ربط هذه الرحلة بهزيمة إيسلي واحتلال تطوان.
ثم انتقل إلى وصف تجليات المكان، فحدد المكان البكر وربطه بما يظل راسخا في الذهن، وهو فضاء مرغوب دائما في ثباته، ثم المكان المعرفي، ويرتبط بالأمكنة الفعلية مثل التضاريس والجوامع والحومات والفنادق والخانات .. وأخير المكان الدموي ويرتبط بالأمكنة التي شهدت الفتن وشق عصا الطاعة وكانت ميدان قتال. وخلص إلى أن الرحلة وهي تحتفي أكثر بوصف الأسلحة الأوروبية وتظهر فعاليتها في كبح التمرد تشير إلى فعالية التقدم الأوروبي ونجاعة منتوجاته وتفوقه، وإلى أن المكان في هذه الرحلة يعكس أوضاع المغرب خلال الفترة المشكلة لزمن الرحلة، وأيضا صورة الآخر والوضع المريح الذي كان عليه.
وكان آخر متدخل في الجلسة الصباحية هو أحمد برمضان بمداخلة حملت عنوان "المغرب من خلال كتاب (رحلة إلى إفريقيا) في أواخر 1934"، وهي رحلة لصحفي أرسلته جريدة A.B.C للبحث عن أسرة من إسبانيا، موضحا أن هذه الرحلة قد احتفت بتصوير بطولات أسرى الحرب الأسبان في المغرب، انطلاقا من استجواب مغاربة، مشيرا إلى الفضاء العام الذي ميز هذه المحكيات هو النزوع الواضح نجو أسطرة أفعال الأسبان والأمكنة الموصوفة التي زارها من طنجة إلى الرباط، فالجنوب الذي غاب التعريف به كونه مجهولا من قبل الأسبان، كما أشار إلى أن وصف الرحالة قد تنوع بتنوع المدن التي زارها وبأثرها على تاريخ بلاده، وهكذا وصف مكناس بالوحشية تحت تأثير كونها في عهد المولى إسماعيل كانت فضاء لاعتقال أسرى أسبان، بينما أثرى على الدار البيضاء ووصف عمرانها بالمتأثر بالعمران الأوروبي، وأشاد بجمال أغادير، وجعل طنجة فضاء لتقاطع المتع والروائح والخطايا، واصفا سكانها بالمدمنين على الكيف والميل إلى الخمول، وانتهت الرحلة بتأكده من خبر إطلاق سراح الأسرى مباشرة بعد اعتقال بن عبد الكريم الخطابي، وخلص في الأخير إلى تقييم أسلوب الرحلة التي تبدت مؤشرة على ضعف صياغة الربورتاج، والسطحية في تمثل الموصوفات.
المغرب بعين ألمانية وكواتيمالية
أما الجلسة الثانية المسائية التي ترأسها شعيب حليفي، فقد تدخل فيها خالد لزعر بمداخلة عنونها بـ"من أجل تلق ألماني للمغرب: نموذج جيرهارد رولفس" موضحا أن هذا الرحالة يعتبر من أكثر العارفين بالواقع المغربي في القرن 19، ويعود ذلك إلى تكوينه الطبي الذي سمح له باقتحام مجامع العديد من الأوساط المغربية، ومن أهمها حريم السلطان المولى عبد الرحمن، مشيرا إلى أن رولفس قد دون أسفاره في المغرب في ثلاثة كتب أهمها " مقامي الأول بالمغرب والسفر جنوب الأطلس عبر واحات درعة وتافلالت" سنة 1873، وكلها تعبر عن التوجهات الاستعمارية التي شغلت فكر الأوروبيين تجاه المغرب خلال القرن 19، كما لاحظ أن هذا الرحالة قد حاول إضفاء صبغة علمية صرفة على أوصافه، حيث تحرى الدقة في أغلب الأحيان، وعمل على مقارنة بلده بالمغرب، الشيء الذي يوضح، يقول الباحث، مدى تأثر الرحالة بموروثه الثقافي وجعله مرآة لرؤية الذات، أما وصف رولفس لأوضاع المرأة واليهود والإسلام .. فإنه لم من الصور النمطية المكررة التي عادة ما نجدها عند أغلب الرحالة الغربيين، مشيرا في الأخير إلى أن علاقة رولفس بمولاي عبد السلام (وزان) كانت مفتاح أبواب إطلالته على المغرب من أجل سبر أغواره.
عبد الرزاق مسلك بمداخلة تحت عنوان"مغرب 1911 أو رؤية رحالة عسكري ألماني" وقد كانت عبارة عن تحليل لكتاب "المغرب: دراسات اقتصادية وسياسية" الصادر سنة 1911 لكروتير الذي هو ضابط ألماني متقاعد، وقد حاول الباحث تجلية صورة المغرب كما تتبدى في هذا الكتاب، خصوصا انطلاقا من خصوصيات وصفه للمدن المغربية ولسكنها ولتواجد الجيش الفرنسي، مشيرا في الأخير إلى أن ما يصبغ أهمية خاصة على هذا الكتاب هو إنتاجه في الليلة نفسها التي أعلن فيها المغرب محمية فرنسية.
أما مداخلة سعيد سبيعة الموسومة بـ"فاس لويس كاردوثا" وهي عبارة عن قراءة في كتاب "فاس مدينة العرب المقدسة" المكتوب سنة 1927، وهو كتاب ينقسم إلى جزأين، يركز الجزء الأول على الجوانب الروحية والدينية لأهل فاس، وعلى وصف المرأة العربية وعنف ودموية الرجال، وأيضا على الفن والشعر الفاسيين، وأهميتهما، وكذا اسم المدينة مع تعداد مختلف الروايات المرتبطة بهذا الاسم، مشيرا إلى أن هذا الجزء قد كتب بنفس شعري ملحوظ.
أما الجزء الثاني فيتعرض لوضعية اليهود في المدينة، بالتحولات السياسية العربية التي كانت تؤشر آنذاك على تحول عميق محتمل، وقد لا حظ الباحث أن الرحالة يبدو متأثرا بما سمعه أكثر مما رآه هو نفسه، وأنه يبالغ في تقدير معتقدات أهل فاس ومن ذلك على سبيل المثال تقريره أن المولى إدريس يعتبر من قبلهم في مرتبة إله، وينتهي إلى التأكيد أن هذا الجزء على خلاف الأول قد اتسم بقصور في التعبير، حيث يلاحظ أن الرغبة في التعبير كان يعوقها العجز عن إيجاد تركيبات مناسبة تجسدها، الشيء الذي دفعه إلى تركيبات لغوية مختلفة وغير متوائمة.
ثم تدخل عبد القادر الصنهاجي بورقة حول "الاستشراق والكولونيالية عند اوجين اوبان"مقدما قراءة مستفيضة وتحليلات معمقة لما خلفه اوبان الفرنسي أثناء تواجده بالمغرب 1902- 1904 والمعطيات التي جعلت من كل أحكامه تندرج ضمن سياق الكتابات الكولونيالية.
في نهاية اللقاء عرف النقاش مستوى علميا رفيعا، عكس التكامل المعرفي بين مختلف التخصصات العلمية المشاركة والحضور المتنوع، مع العلم أن المداخلات قدمت بالعربية والانجليزية والفرنسية والاسبانية من طرف باحثين من تخصصات متعددة بلغات مختلفة.
المصدر
حياكم الله
http://www.w6w.net/album/35/w6w20050...21b61726a0.gif
د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
aghanime@hotmail.com
رد: أدب الرحـــــــلة ...
http://img141.imageshack.us/img141/8740/15lv.gif
http://www.25q8.com/vb/uploaded/wrdaa.gif
أدب الرحلة الغربي نمّط الشرقيين
عبر صور دنيا
نواف الجحمة
http://www.awan.com.kw/files/imageca...9550656400.jpg
أجرت الحوار معه
أفراح الهندال
حصل الأستاذ المساعد في كلية التربية الأساسية على شهادة الدكتوراه في الآداب بتخصص التاريخ الوسيط من جامعة محمد الخامس بالرباط، وقدم العديد من البحوث والدراسات التي احتضنتها الدوريات والمجلات الثقافية الكبرى بحفاوة، وحاز كتابه:
«رحلة الغرب الإسلامي وصورة المشرق العربي، من القرن السادس إلى القرن الثامن الهجري(12-14م)»
جائزة ابن بطوطة للدراسات في الأدب الجغرافي من «دار السويدي» .. وتعد من الجوائز المهمة على مستوى الوطن العربي.
أفراح الهندال: أنت رحالة من نوع آخر ... يُرافق من يقرأ لهم، ويسافر معهم ويرى ما يرون لكن بعينين مختلفتين، فكيف ترى الرحلة؟
نواف الجحمة: مما لا شك فيه أن رحلة الذات هي سبر غوار النفس، ومدونات المسافرين الشخصية تشكل في الثقافات الأخرى مكتبة قائمة في حد ذاتها «الرحلة لا تنتهي إلا بموت العهد»، والرحلة متجذرة في الشخصية العربية الإسلامية، وهناك شواهد وقرائن رحلية وتاريخية وجغرافية، ومنها «ملحمة جلجامش» في العراق، وهي رحلة معقدة تتكلم عن طقوس وجنائز وأفراح وأحزان لتعبر عن كينونة الشخصية العراقية، وهذا ما نلحظه في تاريخ وادي الرافدين، المسألة تنتقل معنا إلى الرحلة اليونانية (هوميروس) في الأوديسة، وكيف استطاع هذا العبقري أن يجسد شخصيات رحلية، وكنت أود من النقاد أن يرجعوا إلى الشعراء الرحالة في الشعر العربي الجاهلي أو ما نسميه (بالشعر الجزيري) نسبة إلى جزيرة العرب، فقصيدة زهير بن أبي سلمى «ألا هل أبيتن ليلة بجنب الغضى* أزجي الغلاص النواجيا» تعبر عن اشتياق ذاك الرجل الذي كان في بلاد فارس إلى نجد، وإلى النوق البكر، فهناك شعراء رحالة استطاعوا أن يتكلموا عن الرحلة ولكن بلغة جزيرية عربية وهذا ما يدخل في دائرة «تاريخ الأيام».كذلك الفينقيون وهجراتهم وتأسيس مدينة قرطاج في تونس وإفريقية نفاجأ بأن البحر الأبيض المتوسط كان بحيرة يونانية ثم كانت (بحيرة رومية) ثم أضحت لنا بحيرة عربية إسلامية، وحملت هذه البحيرة رحلات ملحمية وسفارية وتجارية واستكشافية ودينية.
هذا بالإضافة إلى اكتشاف «أميركا» عن طريق الرحلة أيضًا، ومن خلال كريستوف كولومبس باعتماده على خريطة الشريف الإدريسي «نزهة المشتاق في اختراق الآفاق»، أما نزوح الأروربيين واليهود إلى أميركا فهي رحلة مهجرية خطيرة جداً، يقول تعالى: «إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد».
- إن كان «علم الآثار» هو «رحلة للبحث عن الإنسان»؛ فأين تجد آثار الإنسان في «أدب الرحلات»؟
- هناك رحلات ذكرت في كتاب الله عز وجل وهذا يدخل في علم القصص، مثل أصحاب الكهف يقول تعالى:"نحن نقص عليك نبأهم بالحق"، ومنها رحلة الملك «ذي القرنين»، ورحلة موسى عليه السلام في طلب العلم، وأدب الرحلة من أمتع المؤلفات وأكثرها رواجاً على اختلاف قيمتها الأدبية وتنوع موضوعاتها، ونتبين آثار الإنسان فيها في المقارنة ما بين نظرة المسافر بوسائل حديثة؛ وبين رحالة عرب قدامى وصلوا إلى المدن بشق الأنفس، ودونوا أحوال الإنسان ونشاطه الاجتماعي وعاداته وتقاليده وحياته الروحية بما يجدد دم الرغبة في استكشاف الآخر ويردم الفجوة الكبيرة بين الأزمنة.
- ولم اخترت «أدب الرحلات» بلغتها وزخرفتها البلاغية دون التقارير ومدونات السير التقريرية؟
- أدب الرحلة يشكل ثروة معرفية كبيرة ومخزناً للمشاهدة والقصص والوقائع والمعلومات، وهو مصدر من مصادر الجغرافيا والتاريخ فضلاً عن كونه مادة سردية شائعة تحتوي على العجيب والمدهش والغريب، بلوحات فنية شكلتها مشاعر حميمة، وخلجات وجدانية وأخيلة متعانقة، وفيها يتقمص الرحالة شخصية الراوي ليمزج بين الرصد التأريخي والأدب، وبذلك يتميز «أدب الرحلة» ليكون مادة معرفية جغرافية أو مصدرا تاريخيًا إلى جانب إبداعه اللغوي ومتعته في القراءة، ومن أجل ذلك اخترت أدب الرحلة في دراستي.
- أتظن أنه بالإمكان استمرار أدب الرحلات بدهشة الاكتشاف الأول في ظل رفاهية السفر دون مناكفة ما مر بالرحالة القدماء؟
- استكشاف طبيعة الوعي بالذات والآخر تشكل طريق الرحلة، والأفكار التي تسربت وميزت النظرة إلى المظاهر والأفكار والناس والدول ممكن أن تخرج من الصورة القبلية إلى الصورة البعدية، ومازال شغف الرحال يبحث في المجهول عن الجديد، فابن بطوطة -على سبيل المثال لا الحصر- عندما يسلك طريقاً من القسطنطينية يسلك معبرًا لم يمر به من قبل، وإذا رجع قافلا فإنه يأخذ معبراً آخر! وهذا هو «الشغف البطوطي» في الاستكشاف، واستطاع الأدباء والباحثون أن يقرؤوا رحلة ابن بطوطة كأنموذج فريد في النظر إلى استراتيجية العجيب والغريب فهو شيخ الرحالين، وأفضل من كتب في المجال البحثي عن العحيب الغريب من الاوروبيين هو الفرنسي «تودوروف» في كتابه «العجائبية».
- وهل يمكن إعادة خلق «أدب الرحلات» في عصرنا؟
-ممكن باستثمار الرحلات كما فعل ابن بطوطة؛ فهذا الرجل قد حج ست مرات على مدى 30 سنة قبل أن يقفل إلى بلده ويلقى عاهل المغرب (أبا عنان)، لينطلق نحو الأندلس وإفريقية، ورحلته جمعت غرضين:النسك والحج إلى بيت الله الحرام، واستكمال المعرفة وطلب العلم والبحث عن العلماء في السياحة الصوفية.بين الاستشراق و«الاستغراب»
- ما الفرق بين تدوينيّ الرحالة العرب والرحالة الغرب كلاهما عن الآخر؟
- أدب الرحلة الغربي مكـّن من تنميط الشرق والشرقيين عبر صور دنيا بوساطة مخيلة متعطشة إلى العجيب والغريب الشرقي، بينما أدب الرحلة العربية إلى الغرب مختلف تماماً، فهو يلحق أو يتبع ملامح النهضة العلمية الصناعية وتطور العمران والعصرنة وهذا يدخل في الفضول المعرفي، واستطاع من باب طلب العلم واقتفاء الأثر الخروج من الشلل الحضاري.
الظاهرة الغريبة هي أن قراءة الآخر الشرقي وتأويله شكلت دافعاً ومحرضاً لأفراد النخب لمواجهة صور غربية لمجتمعات جديدة، وهو ما ولد لديهم دوافع لشد الرحال نحو الآخر الغربي «لأي شيء تقدموا وتأخرنا؟»، وظاهرة الاستعمار كانت سببًا من أسباب اهتمام الرحالة العرب من مثل: الفاسي، الكردودي، جرجي زيدان، محمد كرد علي، محمد رشيد رضا، محمود تيمور.. وغيرهم، كل هؤلاء تكلموا عن هذا الموضوع واشتركوا فيه.والاختلاف ما بين رحالة الغرب إلى المشرق العربي؛ أو رحالة عرب كتبوا عن الآخر الغربي تكمن في «الوظيفة» التي تكون للرحلة من هؤلاء، و«السبب الداعي» إلى رحلاتهم ووجهاتهم ومراحل الاستكشاف؛ فالرحلة الوسيطية (في العصور الوسطى) لم تكن فيها روسيا ولا أي من بلاد أوروبا تحمل أيًا مظاهر الحداثة لحظة الوعي بالتفاوت
- تبرز الكتابة عند العربي بمزيج الرصد والمقارنة والحسرة والانبهار؛ بينما يكتب الغربي متجردا من كمّ المشاعر بملاحظات دقيقة ومجردة غالبًا. كيف تفسر ذلك؟
- الرحلة المعاصرة هي لحظة الوعي بالتفاوت «روح الانهزام والانكسار والحسرة (هم ونحن .. لأي شيء تقدموا وتأخرنا؟)، وهي نظرات رحلية ليست بعيدة عن الأوضاع السياسية التي كانت تمر بها المنطقة، وهنا يدخل الباحث التاريخي فيجد ظاهرة التواكب، وما يحصل في المشرق نجد انعكاسه وصداه في المغرب العربي .. فالأمة الإسلامية واحدة وهذا سر قوتنا وضعفنا في تلك اللحظة، وأغلب الرحالة الغربيين جاؤوا ضمن وظائف عسكرية استخباراتية، لذلك برزت مدوناتهم ومذكراتهم التاريخية.
- تقصد أنهم جواسيس؟
- لا أستطيع أن أدعي أنهم جواسيس، ولكن أغلب ما كتبوا كان عبارة عن تقارير كتبت عما يحصل في المشرق – ليست بالشكل الاستخباراتي - وذلك بما يعود عليهم بالنفع، فأغلب الرحلات الغربية تخرج من الحكومات ولا تخرج من دائرة الأفراد، (ماركوبولو) هل هو شخصية أرادت أن تتكلم مثلاً عن بلاد الصين أو بلاد البرتغال بطريقة ابن بطوطة؟ أم هي عبارة عن تقارير كتبها للحكومة الإيطالية؟
المصدر
حياكم الله
http://www.w6w.net/album/35/w6w20050...21b61726a0.gif
د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
aghanime@hotmail.com
رد: أدب الرحـــــــلة ...
رحلاته ثلاث استغرقت كلها زهاء تسع وعشرين سنة، أطولها السفرة الأولى التي لم يترك فيها ناحية من نواحي المغرب والمشرق إلا زارها.
وأكثر ما كانت إقامته في الهند حيث تولى القضاء سنتين، ثم في الصين حيث تولى القضاء سنة ونصفا، فوصف كل من شاهده وعرفه فيهما من سلاطين وخواتين، وأناسي رجالا ونساء، ووصف ملابسهم وعاداتهم وأخلاقهم وضيافاتهم، وترتيب مآكلهم ومشاربهم، وما حدث في أثناء إقامته من حروب وغزوات وثورات وفتك بالسلاطين والأمراء ورجال الدين، وكانت عاطفته الدينية تدفعه إلى زيارة المساجد والزوايا، فلم يترك زاوية إلا زارها ونزل ضيفا عليها، حتى إنه زار من جبل سرنديب المكان الذي يقال إن فيه أثر قدم آدم أبي البشر.
ومهما كان من أمر فإن قصة رحلاته من أطرف القصص وأجزلها نفعا، لما فيها من وصف للعادات والأخلاق، ولما فيها من فوائد تاريخية وجغرافية، ومن ضبط لأسماء الرجال والنساء والمدن والأماكن.
المصدر
حياكم الله
http://www.w6w.net/album/35/w6w20050...21b61726a0.gif
د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
aghanime@hotmail.com
رد: أدب الرحـــــــلة ...
رد: أدب الرحـــــــلة ...