Printable View
http://bp0.blogger.com/_y5zSpgEfUbk/...9%8A%D8%A9.jpg
صفحة من حياتي
محمود البدوي
(1)
وصلت إلى مرحلة من حياتي أجد فيها نفسي مسوقة بدافع من الواجب المريح للنفس إلى الحديث في إيجاز عن الأساتذة والصحاب الذين ساعدوني في مستهل حياتي الأدبية على النشر وفتحوا أمامي الآفاق ..
وهذا بعض الاعتراف بالجميل .. قبل أن أعجز حتى عن الشكر والوفاء ..
***
نشأت في قرية صغيرة بقلب الصعيد تقع على النيل مباشرة وقريبة من الخزان .. فى جو تتجلى فيه الطبيعة بأجمل مظاهرها .. الماء والخضرة ويسوده الهدوء .. فعشت عيشة هادئة لم يعكر صفوها أي شيء ..
وأحسست بالحزن لأول مرة فى حياتى عند موت والدتى، وكنت فى السابعة من عمرى، ولأن جنازتها كانت مفجعة .. كرهت من بعدها كل الجنائز وحتى الأفراح، كرهت كل التجمعات ..
ولم أشعر بزوجة الأب فى حياتى، لأنى لم أحس بوجودها قط، ولذلك لا أثر لها فى قصصى ..
ولكن فقدان الأمومة وحنانها، يظهران من حيث لا أشعر، فى بطلات القصص وغالبيتهن فى سن الثلاثين ..!
وليس فى أسرة والدى من تعلق بالأدب من قريب أو بعيد، ولكن أسرة والدتى فيها أكثر من أديب عشق الأدب إلى حد الوله ..
وألفيت نفسى أتجه إلى الأدب، وأنا فى مرحلة الدراسة الابتدائية .. وكان أستاذ اللغة العربية هو الذى نتلقى عليه حصة الدين .. فبدأ بسيرة ابن هشام فى توسع وفهم .. فحبب إلينا الاستماع والتلهف على ما يأتى من الدروس ..
ولما انتقلت إلى القاهرة فى الدراسة الثانوية شغفت بالمنفلوطى .. وكانت العبرات تثير فى مآقينا الدموع ..
ولقد سيطر المنفلوطى بروائعه على جيلنا بأجمعه، وكانت كتبه تتداول بين الطلبة، وتخفى فى بطون الأدراج، لتقرأ خفية فى حصص الجبر والهندسة ..
وفى نهاية الدراسة الثانوية وبداية الدراسة الجامعية التى لم تتـم .. قرأت الأدب القديم والحديث .. ونوعت وسائل الاطلاع .. وساعدنى على ذلك ذهابى إلى دار الكتب يوميا ..
قرأت فى دار الكتب مجلة "البيان" لعبد الرحمن البرقوقى، وكان يكتب فيها محمد السباعى وعبـاس حافظ والعقـاد والمازنى .. مقالات وترجمات عن أدب الغرب، فى كل ألوان الأدب وفنونه ..
ثم قرأت مؤلفات الزيات والمازنى والعقاد وتوفيق الحكيم وزكى مبارك وصادق الرافعى وطه حسين وعلى أدهم وسلامة موسى وحسين فوزى وشوقى وحافظ وطاهر لاشين وابراهيم الحصرى ويحى حقى ومحمد تيمور ومحمود تيمور ..
كما قرأت فى دار الكتب عيون الأخبار وصبح الأعشى والأغانى .. والبيان والتبيين .. ودواوين المتنبى والبارودى وابن الرومى ومهيار ..
واستأثر بلبى كتاب الأغانى، فكنت أطلبه من مخزن الدار فى كل صباح .. وهو الذى أبقانى أثناء عطلة الدراسة الصيفية مقيما فى صالة الدار طول النهار، لأن الاضاءة كانت معطلة فى الليل ..
وكانت الجلسة فى دار الكتب مريحة وتساعد على طول المكوث .. ونسيان المرء أوقات الطعام ..
وفى دار الكتب تعلمت من الحكمة المسطرة على الجـدران "كل كتاب تقرأ تستفد"، فكنت أقرأ كل كتاب يقع تحت يدى حتى ولو لم يكن هو الذى طلبته .. كما تعلمت "وخير جليس فى الأنام كتاب" ..
ولقد عشت وحيدا، ولست اجتماعيا بطبعى .. وقد جعلنى الخجل الفطرى، أستطيب الوحـدة، وأحن إليها، وأنفر من المجتمعات والناس ..
ولقد كرهت السياسة، وكل مشتقات الكلمة، ولعنتها كما لعنها وكرهها الامام محمد عبده ..
ولكن الوحدة وسكنى فى الغرف المفروشة فى القاهرة والسويس، جعلانى أعيش عن قرب مع خليط غير متجانس من البشر ..
وأفادتنى هذه التجارب كثيرا عندما سافرت بعد ذلك إلى الخارج، وتجولت فى كثير من البلاد ..
وكان محمد السباعى وعباس حافظ يترجمان كثيرا من روائع الأدب الروسى .. فشغفت بهذا الأدب الواقعى، لأنه يصور الحياة بصدق ويصف حياة الانسان المطحون الذى لاحول له ولا قوة ..
ثم بدأت أقرأ هذا الأدب مترجما من الروسية إلى إنجليزية من ترجمـة الكاتبة الإنجليزية كونستانس جارنت .. وكانت تحـب الأدب الروسى وعاشت لتنشره بلغتها ..
وبهرنى تشيكوف .. ودستوفسكى .. ومكسيم غوركى، وبهرنى الأخير أكثر لعصاميته وصلابته، ولأنه شق طريقه فى الحياة بأظافره ..
ولكن تشـيكوف كان أستاذ كل من كتب القصة القصيرة، وتفرغ لها .. ومنـه تعلمـت أن أكتب القصـة القصيرة فى صفحة "هاجر" (العربة الأخيرة) ..
وعندما صدرت مجلة الرسالة عام 1933 دفعنى عشقى لتشيكوف وحبي لأستاذي الزيات، أن أترجم لتشيكوف قصة .. فترجمـت قصـة "الجورب الوردي" فنشرها الزيات ونشر غيرها ..
وبعد رحلة طويلة إلى أوربا الشرقية .. على متن باخرة رومانية .. وعلى الظهر "الدك" بسبعة جنيهات مصرية ذهابا وإيابا، ولكنى لم أنم على ظهر السفينة، فقد استأجرت "قمرة" بحار فى السفينة طول هذه الرحلة بجنيهين، وكنت أنزل إلى القاع وأختلط بالبحارة والوقادين وهم يجرفون الفحم ويغذون النار "كانت كل المراكب في وقتها تدار بالفحم"، ويقصون عليّ حياتهم في البحار ..
ورجعت من الرحلة فكتبت قصة "الرحيل" 1935 ثم "رجل" 1936 وفي مجموعة رجـل قصة اسمها "الأعمى" فتوجهـت ومعى الكتاب إلى الرسالة لأنشر عنه اعلانا صغيرا فى المجلة .. وتناول أستاذى الزيات الكتاب الصغير في يده .. وقلبه .. فلما وقع نظره على هذه القصة .. سألنى عنها .. ووجد فيها جديدا، وطلب منى نشرها فى الرسالة .. ونشرها فعلا على عددين ..
ولقد لمست صفات هذا الرجل الكريم وقلبه .. لما حدثنى بعد ذلك عن كل المكالمات التليفونية التى تلقاها اعجابا بهذه القصة ..
وشجعنى بهذا وفتح قلبى على مواصلة الطريق .. فأخذت أتابع النشر فى الرسالة .. وانقطعت عن الترجمة لأنى وجدتها ستقتل موهبتى ..
وطبعت كتب الرحيل .. ورجل .. وفندق الدانوب .. والذئاب الجائعة .. والعربة الأخيرة .. وحدث ذات ليلة .. على حسابى ومن قوتى اليومى .. وأنا موظف صغير .. ولم أستفد من هذه الكتب أية فائدة مادية .. بل سببت لى جميعها خسارة محققة ..
ولما توقفت مجلة الرسالة بسبب الحرب .. أخذت أنشر فى بعض الصحف اليومية .. وعرفت عاشور عليش وبعده سليمان مظهر وعبد العزبز الدسوقى .. وكان الثلاثة فى جريدة الزمان يشرفون على الصحيفة الأدبية ..
وقد قضيت معهم صحبة طيبة عامرة بالنشاط .. فالثلاثة أدباء قبل أن يكونوا صحفيين، وخلت نفوسهم من العقد ..
ومع أنى كنت أنشر فى الزمان من غير أجر اطلاقا .. ولكن وجود هؤلاء فى الصحيفة جعلنى فى أتم حالات الرضى النفسى ..
ثم كتبت فى مجلة الجيل .. وكان موسى صبرى رئيس تحرير المجلة ، وفى الوقت عينه رئيس تحرير الأخبار .. وهو أنشط من عرفت فى حياتى من البشر .. ويستطيع أن يعمل عشرين ساعة متصلة .. وعنده خاصية مفردة فى استقبال الناس بوجه بشوش، ونفس ضاحكة .. مهما كانت متاعبه ..
وبمثـل هذه البشاشة الطبيعية والتى تجرى فى دمه استقبلنى وأنا أنشر ..
وكنت أقدم له القصة، وهو فى الصالة الرحبة فى الدار .. فيقرأها وأنا جالس بجواره مهما كانت مشاغله ثم يسقطها على التو فى الشريط النازل إلى المطبعة ..
وفى مجلته نشرت مقالاتى عن الصين وهونج كونج واليابان .. ونشروا صورتى مع كل مقالة ..
وكنت أكتب هذه المقالات فى مقهى بضاحية مصر الجديدة .. اعتدت أن أقضى فيه النهار بطوله من الثامنة صباحا إلى الخامسة أو السادسة مساء لأسجل كل ما فى خاطرى فى جلسة واحدة .. ثم أنقحه بعد ذلك على مهل فى يومين أو ثلاثة ..
وبعد نشر صورتى فى المجلة .. غيرت المقهى لأنى ضقت بنظرات الناس وأسئلتهم ..
وفى الفترة التى بعد فيها موسى صبرى عن الدار عرفت حسين فريد وهو انسان طيب دؤوب على العمل فى صمت وأحمل له مودة صامتـة مثل صمته ..
وعندما تولى عبد الرحمن الشرقاوى الصفحة الأدبية فى الشعب .. وهو شاعر نابغة وأديب عظيم .. نشرت فى صفحته أكثر من قصة بقلب متفتح .. وقد أهدانى عبد الرحمن الشرقاوى كتابه " أحلام صغيرة " وكنت أود أن أرد له هذا الجميل فى كتابى التالى له مباشرة .. ولكن الاهداء سقط من المطبعة .. ولم أستطع أن أوفيه حقه إلا فى كتاب " السفينة الذهبية " سنة 1971 وهو الذى حمل المخطوط إلى الدار وأنقذنى من ضيق مالى شديد ..
ولقد سافرت إلى الخارج فى رحلة طويلة، سافرت إلى الهند والصين واليابان .. والفضل فى هذه الرحلة إلى يوسف السباعى ومازلت أذكر له هذا الجميل فى أعماق نفسى وسأظل أذكره ..
وكذلك الأخ زكى غنيم الذى مازال يحاورنى حتى قبلت السفر ..
وأعتقد كما يقول المثل الصينى "إن مشاهدة واحـدة خير من الف كتاب" وهذا حق .. فقد أثرت فىَّ هذه الرحلة تأثيرا بليغا ووسعت من أفق حياتي وزادت من تجاربى .. بل وخلقت منى انسانا جديدا ..
وكان غرضى من تصوير المدن وما فيها من نظام وأمانة ونظافة وبهجة .. أن نحتذى ونستفيد، ولكن مع الأسف هيهات ثم هيهات ..
وذات ليلة زارنا الدكتور عبد الحميد يونس فى نادى القصـة بميـدان التحرير ومعه صديقه ورفيقه محمد حمودة .. وطلب من الحاضرين جميعا قصة قصيرة .. لأنه تولى الصفحة الأدبية فى الجمهورية، وكان ذلك فى سنتها الأولى ..
وقد لبيت طلبه بحماسة .. ونشرت "لجنة الشباك" وهي قصة أعتز بها .. ولا زالت هذه اللجنة تنخر فى جسم هذه الأمة، وستظل تنخر .. واستجاب لطلبه أيضا .. أمين يوسف غراب وعبد الحليم عبد الله .. وسعد حامد .. وغيرهم ..
ولقد قضيت مدة طويلة موظفا فى وزارة واحدة، ومع ذلك فكلما دخلت من الباب كانوا يحسبوننى زائرا ..!
ولقد لقيت السماحة والتعاون من كل الذين عملت معهم من الموظفين .. الرؤساء والزملاء .. وكثيرا ما تجاوزوا عن أخطائى .. ولهذا فأنا أحمل لهم دوما ذخيرة من الأخوة الصادقة .. وأبعدتهم عن قصصى عامدا، لأنه يكفيهم ما يلاقونه من متاعب الحياة ، وأعباء الوظيفة .. وتعقيدات من يصفون أنفسهم بالعبقرية ويفرضون عليهم ..
ولقد بدأت الكتابة مع صديق العمر .. هلال شتا .. الذى عصرته الوظيفة فتوقف بعد " الشفق الأحمر " وهى قصص واقعية متفتحة وتدل على مواهب أدبية أصيلة .. وآن لهذه المواهب الكامنة فى أعماق النفس أن تنفجر بعد أن تحرر صاحبها من اسار الوظيفة .. كما آن لهذا النبوغ أن يلقى من يتجاوب معه ..
ولابد أن أذكر هنا كل الأساتذة الذين كتبوا دراسات مستفيضة وموجـزة عن قصصى فى الكتب والصحف ، ولم أوفهم حقهم من الشكر ، وبعضهم لم أقابله اطلاقا إلى الآن .. وهذا ما يحز فى النفس ..
والذين كتبوا دون سابق معرفة (وسأذكر الأحياء فقط مد الله في عمرهم) ..
د . محمد عبد المنعم خفاجى .. ثروت أباظه .. رجاء النقاش .. فؤاد دوارة .. محفوظ عبد الرحمن .. ماهر شفيق .. ماهر خزام ..
والذين كتبوا بعد المعرفة حسب الترتيب الزمنى للكتابة ..
الدكتور عبد الحميد يونس .. وديع فلسطين .. محمد حمودة .. محمود الشرقاوى .. محمود يوسف .. عبد الرحمن فهمى "كاتب القصة" .. محسن الخياط .. محمد تبارك .. محمد جبريل .. مأمون غريب .. فاروق خورشيد .. فاروق شوشة .. أبو المعاطى أبو النجا .. أدوارد خراط .. سعد حامد .. الدكتور سيد النساج .. نبيل فرج ..
وإنه ليثلج صدر كل كاتب قصة قصيرة أن يتفرغ لها أديب ناضج متمكن مثل الدكتور سيد النساج، فيظل يبحث وينقب في دار الكتب على مدى ثمانى سنوات متصلة .. ثم يخرج بعمل شامل دقيق يستوفى على الغاية، ويسجل فيه اسم حتى من كتب قصة واحدة طول حياته ..!
وغالى شكرى كتب دراسة متأنية وقيمة دون أن يوجه إلىّ سؤالا واحدا .. ولذلك أدركت مقدار ما بذله من جهد وأكبرته ..
وادوارد خراط .. القى ضوءا باهرا، وهو يحمل فى يده مصباحا سحريا فى قوة قلمه .. وفنه .. فغمرنى فى فيض من الرضى النفسى الذى تشعر به بعد عذاب طال أمده ..
وعلاء الدين وحيد .. الذى لم أذكره حتى الآن .. لأنه يخجلنى بكل ما فعله من أجلى .. تفرغ لى بكل طاقته الفنية، وكل مواهبه .. ليكتب ويبحث فى صمـت .. ولما بينى وبينه من صداقة متمكنة على مدى الزمن ، فهو يبالغ فى ذكر الحسنات ويتجاوز عن السيئات ..
وسعد حامد الزميل فى مهنة الشقاء .. والذى يتحرك معى فى نفس الأمكنة بصبر وجلد الفنان .. أرجو ألا يكون حظه في حياته الأدبية مثل حظي ..
***
نشرت في مجــلة الثــقافة ـ العــدد 18 ـ مـارس 1975 وأعيد نشرها فى كتاب "ذكريات مطوية" من اعداد وتقديم على عبد اللطيف و ليلى محمود البدوى ـ مكتبة مصر - طبعة سنة 2000م
http://www.w6w.net/album/35/w6w20050...21b61726a0.gif
د. أبو شامة المغربي
aghanime@hotmail.com
http://abeermahmoud2006.jeeran.com/485-Bismellah.gif
http://www.25q8.com/vb/uploaded/wrdaa.gif
http://bp0.blogger.com/_y5zSpgEfUbk/...9%8A%D8%A9.jpg
ذكريات في الأدب والحياة
محمود البدوي
(2)
رواية " ماجدولين " هى أول رواية قرأتها فى حياتي .. وأعجبت بعد قراءتها بالمنفلوطى اعجابا شديدا .. فقرأت جميع مؤلفاته ..المؤلف منها والمترجم .. وأنا ازداد اعجابا بالرجل وتعظيما له ..
وكانت صورة المنفلوطى فى زيه الشرقى الجميل ووجاهته ، تتصدر المكتبات والصحف ، كان ملكا متوجا على عرش الأدب ..
وكنت أذهب إلى دار الكتب " بباب الخلق " وأنا مازلت طالبا بالمدرسة السعيدية الثانوية ، لأنى أجد فى الدار ، مكانا هادئا للمطالعة والمذاكرة أحسن من البيت ..
وكان قد أعد بها مكان جديد مريح سمى " مكتبة الطالب " يختار فيه الطالب الكتاب الذى يرغب فى مطالعته ، من صفوف الكتب التى حوله فى المكتبة ، حسب تصنيفها .. ويتناوله بيده دون الحاجة إلى كتابة استمارة ، وانتظار الكتاب من المخزن ..
وفى سبع حالات من عشر يكون رد المخزن .. لايعار .. بالخارج .. به تمزيق ..!
ومع رغبتى الشديدة فى المطالعة كنت أحب الموسيقى .. وذات يوم سألنا الاستاذ الابحر مدرس الرياضة بالسعيدية .. قبل أن يبدأ الدرس :
ـ من منكم يود أن يدرس الموسيقى مجانا .. ؟
فرفعنا أيدينا فرحين ..
ـ أين يا أستاذ ..؟
ـ فى معهد فؤاد الأول للموسيقى العربية .. وعسكر .. يكتب اسماء الراغبين فى آخر الحصه ..
فتقدمت مع من تقدم من الطلبه .. وكان الاستاذ الأبحر هاويا للموسيقى ومن أساتذة المعهد ، وكان المعهد فى حاجة إلى معونة سخية من وزارة المعارف .. فرأى أن يضم لفصوله الدراسيه ، بعض طلبه المدارس الثانويه الأميرية .. ليعزر طلب المعونة ..
وتتلمذت على أساتذة أجلاء .. مصطفى رضا بك .. وصفر على بك والعقاد الكبير عازف القانون المشهور .. وأمين بك المهدى أعظم عازف على العود فى الشرق ..
وكان أمير الشعراء شوقى بك .. يزور الفصول يوميا .. ويقف على باب الفصل صامتا دقيقه واحده وفى فمه السيجار .. وندر ما كان ينطق أو يوجه الينا سؤالاً .. ثم يذهب سريعا كما جاء ..
وبعد الدراسة التمهيديه الطويله .. اخترت الكمنجه كآلة .. وكان هذا من سوء إختيارى لأن دراستها صعبه .. وكنت استعد للبكالوريا بكل جهودى فأهملت الموسيقى .. وإنقطعت عن المعهد ..
ونجحت فى امتحان البكالوريا ، ودخلت كلية الآداب واتجهت بكليتى إلى الأدب ..
وكنت أذهب إلى دار الكتب لأقرأ كل ما يقع تحت يدى من الكتب .. وشغلنى " الأغانى " للأصفهانى عن كل كتاب ..
وقرأت الف ليلة وليلة بالإنجليزية .. والمترجم مستشرق كبير .. وكنت أقرأ الكتاب بالعربية أولا ثم أطويه وأبدأ بالنسخة الإنجليزية .. ووجدت نفسى بعد شهور طويلة استغنى عن النص العربى ..
وعلى الرغم من أننا كنا ندرس فى البكالوريا وفى كلية الآداب شكسبير ودكنز .. وتوماس هاردى وملتون وجولدسميث .. وجويس .. وغيرهم من الكتاب والشعراء الإنجليز .. ولكن قراءة الكتب المقررة غير القراءة بالاختيار ..
فقد اخترت دافيد كوبر فيلد لدكنز .. وصورة دوريان جراى لأسكار وايلد .. والحلم لزولا .. كما اخترت الديكاميرون والهيبتمرون ..
***
وعندما انتقلت من القاهرة إلى مدينة السويس .. حدثنى أديب فى المصلحة التى أعمل فيها عن كاتب إنجليزى من طراز جديد ، وأطلعنى على مقال نشر عنه فى جريدة كوكب الشرق . فقرأت المقال وازددت شغفا بالكاتب ، فقد كان كما صوره المقال نفسانيا يحلل أعماق النفس البشرية ، ويصل بتحليله إلى أغوارها البعيدة . ولم أجد له مؤلفات فى مدينة السويس ..
فلما ذهبت إلى القاهرة فى أول إجازة ، وجدت فى مكتبة ألمانية بشارع عماد الدين كل مؤلفات د . هـ . لورنس .. فى طبعات ألمانية " الباتروس " فأخذت منها ما أستطيع دفع ثمنه ..
وأخذت أقرأ لورنس بنهم .. وكان معى فى مدينة السويس من الكتب العربية البيان والتبيين للجاحظ .. وكليلة ودمنة لابن المقفع ..
وأستطيع أن أقول أن أى أديب ملهم يستطيع أن يستغنى بواحد من هذين عن كل قراءة وكل كتاب .. كما قد يستغنى بكتاب الأغانى .. عن كل كتاب .. مادام يعيش مع الكتاب بتجاربه الحية فى قلب الحياة ، يخالط الناس ويعاشرهم ، ويتلقى الخير والشر منهم ..
***
وصدر أول عدد من مجلة الرسالة للزيات وأنا فى مدينة السويس ، فسررت بها للغاية .. وكنت معجبا بالزيات وقرأت له آلام فرتر لجوته ورواية لامرتين .. قبل صدور الرسالة .. فلما صدرت الرسـالة زادت الفرحة فى قلب عشاق الأدب الرفيع ..
فى ذلك الوقت كنت قد أخذت أقرأ الأدب الروسى مترجما إلى الإنجليزية بقلم كاتبـة إنجليزية اسمها كونستانس جارنت .. سلسة العبارة ، رشيقة الأسلوب .. وسألت نفسى وأنا أقرأ قصة لتشيكوف .. لماذا لا أترجم هذه القصة وأبعث بها لمجلة الرسالة ..؟
وترجمت القصـة .. الجورب الوردى .. ونشرت .. ثم ترجمت غيرها .. وغيرها ..
***
وغادرت مدينة السويس ورجعت إلى القاهرة ..
وحدث ماشجعنى على السفر إلى الخارج .. فسافرت إلى أوربا الشرقية قبل الحرب العالمية الثانية ..
وعدت من هذه الرحلة متفتح المشاعر للكتابة .. فكتبت رواية قصيرة باسم " الرحيل " وطبعتها على حسابى فى مطبعة الخرنفش ..
وبعد هذا أخذ ذهنى يفكر .. ويشغل بتأليف القصص ..
وكنت أعمل فى ميدان لاظوغلى .. وأسكن فى الحلمية الجديدة .. وأقطع المسافة بين هاتين الجهتين بأقصر الطرق .. فأخرج من ميدان لاظوغلى وأمشى فى حوار متعرجة .. حارة عمر شاه .. حارة قوارير .. حارة .. وهكذا حتى أخرج إلى درب الجماميز .. ومنه اتجه إلى الحلميـة الجديدة ..
وذات يوم فى ساعة العصر .. سمعت الأذان .. وأنا فى قلب هذه الحوارى .. وجاء فى مواجهتى أعمى .. ذكرنى بأعمى فى قريتى كان يعمل على بئر المسجد " ملا " كما كان مؤذنا .. والمسجد كنت أدرس فيه فى الكتاب ، وأنا صبى وأصلى فيه الفجر .. وأرى فيه النساء فى ساعة الفجر يملأن الجرار من بئر المسجد قبل أن يطلع النور ..
عادت هذه الصورة إلى باصرتى .. وابتدأ ذهنى يعمل وأنا فى هذه الحوارى رائحا غاديا كل يوم .. وبعـد أسبوعين اكتملت القصة فى ذهنى .. ونشرها استاذنا الزيات بعد جمعها فى كتاب .. وكانت بداية اتصالى به ومعرفتى له عن قرب .. وعلى الأخص بعد أن انتقل من شارع حسن الأكبر إلى ميدان العتبة فوق محل الفرنوانى ، وأخذ فى اصدار مجلة " الرواية " بجانب الرسالة ..
وكان يعمل وحده إلى ساعة متأخرة من الليل .. الواحدة صباحا .. يحرر .. وبصحح بروفات المطبعة .. ويقرأ ما كتب فى المجلتين سطرا سطرا .. ويعمل هذا فى جلد عجيب وقوة احتمال خارقة .. مع أنه كان فى سن عالية ، ومثيله أراح نفسه من كل مشقة ..
وكان من الشبان المترددين عليه فى ذلك الوقت الدكتور حسن حبشى أستاذ التاريخ ، والأستاذ أحمد فتحى مرسى الشاعر .. والأستاذ إبراهيم طلعت المحامى والشاعر الثائر ..
وكنا صحبة فى غاية الصفاء والمودة جمعتنا الرسالة .. وقد عشانا الزيات ذات ليلة ، بعد أن نزلنا من دار المجلة فى مطعم قريب فى نفس الحى .. وخرجنا من المطعم بعد منتصف الليل ، والباعة ينادون فى حماس على مجلة الرسالة ..
وشاهدت بعد ذلك فى المجلة من جاء ليعاون أستاذنا الزيات .. فى عمله الذى اتسع .. وكان منهم الصديق الكريم الأستاذ عباس خضر ..
ثم توقفت الرسالة بسبب الحرب ..
***
وكنت فى ذلك الوقت أتوقف عن الكتابة تماما .. ثم أعود ..
وقد تعودت على الكتابة فى المقهى .. ومن هناك يجىء الوحى ! .. وأشرع فى الكتابة بعد أن تكون القصة قد اكتملت فى رأسى تماما .. ولابد أن يكون المكان مفتوحا على الطريق .. لأشاهد منه المارة .. ولا أستطيع أن أكتب فى مكان مغلق كلمة واحدة ..
ولابد أن تكون الشخصية صورة من شخصية التقيت بها وعشت معها .. وقد أغير وأبدل ، ولكن فى أقل الحدود ..
وقد توحى إلىَّ قصة قرأتها لتشيكوف أو غوركى أو دستويفسكى أو همنجواى أو موبسان بقصة .. ثم قصة .. ولكن لابد أن يكون الجو قد لمسته وعرفته .. والشخصية قد التقيت بمثلها فى الحياة .. وقد يذكرنى حـادث قرأته فى الصحف بشىء مستقر فى أعماقى .. ويخيل إلىّ أنى نسيته .. ولكن نشره فى الصحف يحركه ..
فعندما نشر حادث " الخط " تذكرت على الفور رجلا فى قرية مجاورة لقريتى .. كنت ألتقى به كل مساء وأنا أتمشى على الجسر ..
وكان الرجل مشهورًا فى المنطقة كرجل ليل ليس له من ضريب .. وكان أبرع من يصوب فى فحمة الليل ويصيب الهدف على بعد أميال .. لأن عينيه تخترقان حجب الظلام بشكل خارق ..
وقد التقيت بهـذا الرجل بعد أن قضى مدة العقوبة .. وتاب وأناب .. فوجدته قصيرا نحيفا ، خافت الصوت .. هادئ الطبع .. لا تنبئ ملامحه عن إجرام أو شر .. ولم يبق فيه إلا عينان حادتان متوهجتان كعينى الصقر .. وقلب شجاع لا يهاب الموت ..
تذكرت هذا الرجل بعد أن قرأت حوادث "الخط" .. وأخذت أكون على مهل قصة " الشيخ عمران " ..
وكتبت القصة فى مقهى " سفنكس " بشارع طلعت حرب .. ولما فرغت من كتابتها ، فكرت فى نسخها على الآلة الكاتبة لأن خطى ردىء للغاية ، وغلط المطبعة يشوه القصة تماما مهما كانت براعة الكاتب فى التصوير والسرد ..
ومر أمامى فى لحظة التفكير هذه الأستاذ عاشور عليش ، وكنت قد عرفته بعد نشر كتابى " فندق الدانوب " وتوطدت بيننا صداقة قوية .. فسلم وجلس وقرأ القصة وأعجب بها ..
ولما حدثته عن كتابتها على الآلة الكاتبة .. قال على الفور .. فى شهامة ..
ـ خطى أحسن من الماكينة .. فهيا وأملى ..
وهو سريع الحركة ..
وأخرجنا الورق وجلس يكتب بخطه الجميل حتى دخل علينا الليل ونحن على " القهوة " دون طعام أو شراب .. نسينا ذلك واستغرقتنا القصة حتى انتهينا من كتابتها .. ومزقنا المسودة التى كنت أملى منها .. وطوينا الورق والصحف .. وسرنا إلى مكان نأكل فيه ..
وفى المطعم ، وضعت الأوراق والمجلات التى أحملها فوق كرسى .. فسقطت مجلة وتكشفت الأوراق .. ونظرت فيها فلم أجد القصة ، فشعرت على التو بخنجر يمزق قلبى ، واسودت عيناى من الحزن .. وخرجنا من المطعم دون أن نأكل ، نبحث فى الشوارع التى سرنا فيها عن القصة .. وقلبى بعد كل خطوة يزداد غما وكربا ..
شعرت بأن كنزا من كنوز الدنيا فقد منى فى لحظة نحس .. لا يد لى فيها.. وما كتبته لا أستطيع أن أعيد كتابة سطر واحـد منه .. فالحـالة النفسية للكاتب لها الاعتبار الأول فيما يكتب ..
وظللنا نحدق فى الأرصفة بعيون مفتوحة ، كأننا نبحث عن جنيهات من الذهب قد سقطت منا .. حتى وصلنا إلى " القهوة " وهناك وجدنا " القصة " تحت المنضدة التى كنا نجلس إليها .. وشعرت بفرحة لم أشعر بمثلها فى حياتى ..
وأعطيت القصة للأستاذ محمد على غريب رحمه الله فنشرها فى " أخبار اليوم " ..
وقد يعجب القارىء إذا علم أن رجل الليل لايغدر ولا يخون من أمنه .. ويعتبر الغدر خيانة تصمه بالعار ، وتجرده من صفاته كرجل .. " انقرض هذا الرجل الآن .. وبقى ظله ، وفبه كل صفات الخساسة والوضاعة " .. ويدفعه إلى القتل والشر ، حوادث فردية تصيبه بمثل القارعة ، فتغير من نظام حياته .. وكل إنسان فيه الخير والشر .. وتبعا للظروف والأحوال تبرز هذه الصفة وتضعف تلك .. والشر أكثر الطباع ضراوة عند الاحساس بالظلم ..
***
وأثناء عملى فى مدينة السويس شاهدت رجلاً كهلاً يجلس على حافة القناة فى بورتوفيق وبجانبه كلبه .. وهو فى جلسته هذه لا يغير مكانه ، ولا نظرته إلى السفن العابرة ..
وحدثت حادثة فى منارة من منائر " مصلحـة الموانى والمنـائر " إذ تعارك ملاحظان فى تلك المنارة حتى سالت منهما الدماء ، وسافرت الباخرة " عايدة " ( ضربت فى الحرب العالمية الثانية ) لإحضارهما ..
وسمعت بالحادثة وأنا أعمل فى المصلحة .. فأخـذ ذهنى يعمل بسرعة .. وتذكرت صورة الرجل العجوز الذى أشاهده كل صباح وأنا ذاهب وراجع من المكتب .. وتكونت قصة " رجل على الطريق " التى سرقت وتغير اسمها وأصبحت فيلما..
***
وفى اتحاد الكتاب بمدينة طوكيو .. كنت أتطلع من الشرفة إلى الشارع الزاهى بالأنوار والبالونات المضيئة .. وتنبهت على صوت سيدة تقول بإنجليزية سليمة :
ـ هل تسمح بأخذ صورة لك مع زوجى ..؟
وتلفت فوجدت شابة فى صدار واسع الكمين .. وبيدها كاميرا .. فقلت بخجل ..
ـ تفضلى ..
وصورت .. وصورت ..
ولما رجعت إلى القاهرة كانت صورة هذه السيدة تبرز فى ذهنى بوضوح كامل .. وبكل التفاصيل الدقيقة فى الملامح .. ولون الشعر .. والرداء .. وبحة الصوت .. كانت صورتها تبرز وتحتل مسالك تفكيرى ، كلما شرعت فى كتابة قصة جوها فى طوكيو ..
ولا أدرى السبب مع أنى رأيت ما هو أجمل وأنضر منها فى تلك المدينة ..
***
وكنت أصلح حذائى عند " حذاء " فى حى شعبى بالقاهرة " طولون " وكان أعور قصير القامة قبيح السحنة .. ولاحظت كثرة زبائنه من النساء المترددات على المحل .. ومنهن الجميلات إلى حد الفتنة .. وهذا الحى مشهور بجمال نسائه ..
وذات يوم ، وكنت فى دكان ذلك الرجل .. جاءت سيدة تطلب حذاء لها كان يصلحه .. وحدث بينهما كلام تطور إلى شجار .. وحاولت انهاء الخصومة .. ولكن المرأة ذهبت غضبى ..
وأخذت بعد ذهاب هذه الجميلة أحس بشىء يتفتح فى رأسى .. وكونت قصة " الدوامة " ..
***
ولم تكن القصة هى أول شىء نشر لى ورأيته مطبوعًا .. فإن أول ما نشر لى مقالة قصيرة عن الموسيقى نشرت على عمود فى مجلة " الرسول " سنة 1930 على ما أذكر .. وصاحب المجلة هو الأستاذ محمود رمزى نظيم .. رحمه الله ، وكان يتخذ من مطبعة صغيرة فى باب الخلق مقرا ومكتبا .. ويعاونه فى تحرير المجلة من الغلاف للغلاف .. الأستاذ غريب .. ولا ثالث لهما ..
وكنت أنزل من دار الكتب وأذهب إليهما فى المجلة وأراهما فى عمل متصل ، فأجلس لأقرأ أو أكتب .. وأنا مفتون بحروف الطباعة ، وما تخرجه على الورق من ضروب الكلام ..
وكتبت مقالة عن الموسيقى والغناء وتركتها على المكتب فى المجلة .. خجلت أن أقدمها لواحد منهما ..
ونشر المقال فى العدد التالى ، وفرحت به كثيرا .. فرحت عندما رأيت اسمى مجموعًا لأول مرة بحروف الطبع فى ذيل المقال ..
وفى اليوم التالى لصدور المجلة دخل علينا فراش أسمر يحمل هدية للمجلة .. مسرحيات أمير الشعراء شوقى بك .. مجنون ليلى .. مصرع كليوباترا ..
وقال رمزى نظيم ضاحكا .. ؟
ـ هذه الهدية لك أنت ..
ـ لماذا ..؟
ـ لأنها بسبب مقالك ..
ونظرت إليه متعجبا ..
ـ لم أذكر شوقى بك فى مقالى ولم أتعرض للشعر ..
ـ ولكنك ذكرت موسيقيا يحبه ..
ـ وكنت قد ذكرت بالخير موسيقيا شابا من طلبة المعهد ..
***
والمرحوم رمزى نظيم من ألطف الناس وأكثرهم مرحا .. وكان كلما التقى بى فى الطريق عرضا ، يقول وهو يبتسم :
ـ أبسط كفك ..
ـ فأبسط له كفى ..
ـ عمرك طويل .. وستعيش إلى ما فوق السبعين ..!
ـ ألا ترى شيئا فى كفى غير العمر الطويل ..؟!
ـ لا أقرأ فى الكف سوى خط العمر ..
ويضحك ويمضى ..
وقابلته مرة فى مسجد الإمـام الشـافعى يوم الجمعة من صلاة الظهر .. وكان قد ترك الصحافة وتوظف وتصوف ..
وسألنى :
ـ هل تصلى هنا دائما ..؟
ـ نعم .. ظهر الجمعة دائما .. واستمع إلى الشيخ عبد الباسط ..
ـ ولماذا لا أراك اذن ..؟
ـ لأنى أجلس وحدى فى المقصورة فوق .. عندما لاتكون هناك اذاعة من المسجد .. فإذا جاءت الاذاعة .. نزلت إلى صحن المسجد مضطرا لأنها تشغل المقصورة ..
ـ ولماذا تجلس وحدك ..؟
ـ لأكون قصة ..! أجىء مبكرا من الساعة التاسعة صباحا .. قبل أن بجىء إنسان .. وفى هذا الهدوء الشامل أفكر .. واتأمل .. فإذا بدأ القرآن أنصت خاشعا .. واتجهت إلى المحراب ..
ـ الله يعينك ..
وأتركه داخل المسجد يتعبد وأخرج من الباب لألحق مكانا فى الأتوبيس ..
***
وقد أوجد عندى الإنسان العظيم الشيخ محمد رفعت قيثارة السماء .. أوجد عندى الرغبة الشديدة فى سماع القرآن .. أوجدها منذ كنت أسمع صوته الخاشع فى مسجد " القاضى " وأنا فى ريعان الصبا .. وظلت هذه الرغبة متأصلة فى أعماق نفسى إلى اليوم ..
وعندما أسمع الشيخ رفعت وهو يرتل سورة الرحمن .. أعرف أن الله موجود وهو الخالق والقادر سبحانه ..
***
ولم أكتب القصة وأتفرغ لها لأشتهر ويعرفنى الناس .. فما فكرت فى هذا قط .. ولاحلمت بمثله .. وعندما طبعت الذئاب الجائعة لم أكن أفكر فى أكثر من ألف قارىء .. وان كان الوضـع قد جـاء على خـلاف ما قدرت .. ولكنه لم يسرنى .. فالأمر واحد ..
وأنا أكتب فى الاعتبار الأول لأروح عن نفسى .. ولأطرد الخوف والقلق والخـوف من شىء مجهول لا أعرف كنهه ولا أستطيع أن أحدده ..
وشبح الخوف المسيطر على مشاعرى هو الذى يجعلنى أكتب .. وأكره السياسة .. وكل مشتقات الكلمة البغيضة كما كرهها الامام محمد عبده .. وهناك فرق كبير بين الوطنية والسياسة .. فحب الوطن فى لحمى ودمى وعظامى .. وما أكثر القصص الوطنية التى كتبتها ..
وقد جعلتنى الكتابة على صلة بزملاء كرماء غمرونى بفضلهم ومعروفهم ، ولم أستطع فى أية مرحلة من مراحل حياتى الأدبية أن أرد لهم بعض الجميل ..
وهذا ما يجعلنى أحس دوما بأسى أخرس ..
***
نشرت فى مجـلة الثقــافة ـ العـدد 49 ـ أكتــوبر 1977 وأعيد نشرها فى كتاب " ذكريات مطوية " من اعداد وتقديم على عبد اللطيف و ليلى محمود البدوى ـ مكتبة مصر ط 2006
http://www.palintefada.com/upload/pic/beesssss.gif
د. أبو شامة المغربي
http://aklaam.net/aqlam/images/e_mail.gif
kalimates@maktoob.com
http://abeermahmoud2006.jeeran.com/485-Bismellah.gif
http://www.mowjeldoha.com/mix-pic/bo...orders-150.gif
لمحات في أدب السيرة الذاتية
http://www.25q8.com/vb/uploaded/wrdaa.gif
http://www.alriyadh.com/2008/03/25/img/263667.jpg
شهد الأدب العربي في العصر الحديث اتساعاً كبيراً في فنونه وأغراضه وتفاعل بشكل ملحوظ مع آداب الأمم الأخرى، وأضحت هذه الفنون جزءاً مهماً من الأدب العربي، ومرد ذلك إتقان الأديب العربي وتجويده لهذه الفنون كالقصة والرواية والسيرة الذاتية التي ذهبت تشكل ملمحاً مهماً في أدبنا العربي.
وإذا كان الحديث هنا عن فن "السيرة الذاتية" الذي اتخذه نادي جدة الأدبي محوراً لملتقاه لهذا العام، فذلك يعني أن هناك جمهرة من المشتغلين بالأدب قد مارسوا كتابة هذا الفن وأخرجوا للمكتبة العربية طائفة من المؤلفات في هذا التخصص.
ولو عدنا قليلاً إلى تاريخ هذا الفن لوجدنا أن أول من كتب فيه الأديب الفرنسي الشهير جان جاك رسو الذي أرسى قواعد هذا الفن معلناً ريادته له عام 1700م حين صدور الاعترافات وتبعه بعد ذلك زمرة من الأدباء والشعراء في أوروبا حتى إذا نفذت إلى أدبنا العربي وتمثلت في كتاب "الساق على الساق في ما هو الفرياق" للشيخ أحمد فارس الشدياق الذي صدر في باريس عام 1855وحمله كثير من سيرته وملاحظات لغوية وسرعان ما ولج من هذا الفن لفيف من أدبائنا، فكتب الأديب المصري عبد الرحمن شكري كتابه "الاعترافات" عام 1916م وطبعه في الاسكندرية، لكن يبقى للدكتور طه حسين ريادة من نوع آخر، فهو الأب الروحي لهذا الفن في الأدب العربي الحديث، وذلك حينما صدر الجزء الأول من كتابه "الأيام" عام 1926م، وتبعه الجزء الثاني الذي صدر عام 1939م، وهي أشهر سيرة ذاتية في الأدب المعاصر.
ولعل هذا النجاح الذي حققه "الأيام" دفع كثيراً من الأدباء لتسجيل حياتهم ونقل تجربتهم إلى الآخرين ولا سيما الأجيال القادمة، ولعلي أكون صائباً أن كتابة السير الذاتية تأتي من باب التحدث بنعم الله وفضائله، ونقل تجارب مهمة عاصرها صاحب السيرة إضافة لتسجيل نقل النوعية التي عاشها في مجتمعه.. لذا فقد استهوى هذا الفن من غير الأدباء كثيراً من الوزراء والعسكريين والساسة والأطباء والتجار والمربين.
وامتد هذا الفن فكتب الأديب المصري أحمد أمين "حياتي" 1950م، وكتب إبراهيم المازني "قصة حياة" عام 1961م، ثم كتب لطفي السيد "قصة حياتي" عام 1962م، وآخرهم عباس العقاد "أنا" عام 1964م، وكتاب "حياة قلم" عام 1965م، وها هو ذا توفيق الحكيم يكتب "سجن العمر" عام 1967، وتصدر نوال السعداوي كتاب "مذكرات طبيبة" عام 1965م وهي أول امرأة تكتب سيرتها الذاتية.
أما المفكر المصري الكبير الدكتور زكي نجيب محمود فقد كتب ثلاث سير ذاتية وهي "قصة نفس" و"قصة عقل" و"حصاد السنين" وسرعان ما انتشر هذا الفن في البلاد العربية فهذا الأديب المهجري ميخائيل نعيمة يصدر سيرته الذاتية في ثلاثة أجزاء حملت عنوان "سبعون"، ويكتب نزار قباني "قصتي مع الشعر"، كما يصدر سهيل إدريس روايته الشهيرة "الحي اللاتيني"، التي هي جزء من حياته.. كما يسجل المفكر المغربي محمد عابد الجاري سيرته في "حفريات في الذاكرة"، ويخرج الباحث والمحقق المعروف إحسان عبد القدوس سيرته "غربة الراعي" إلى جانب كتابه المهم عن فن السيرة الذاتية، كما تكتب الشاعرة الفلسطينية فدوى طوقان سيرتها "رحلة جبلية.. رحلة صعبة"، كما روت الشاعرة نازك الملائكة سيرتها الذاتية للكاتبة حياة شرارة وجاءت بعنوان "سيرة من حياة نازك الملائكة" وكذلك دوَّن الأديب الفلسطيني جبرا إبراهيم جبرا سيرته في "البئر الأولى".
لكن الأدب العربي في المملكة لم يكن بمعزل عن الأدب العربي في البلاد العربية، بل كان جزءاً منه، ومتفاعلاً مع قياداته متماشياً مع كل ما استجد في الفنون ويؤكد ذلك الأديب أحمد السباعي في كتابه "بوزومل" الذي صدرت طبعته الأولى عام 1376ه، ثم غير عنوانه إلى "أيامي"، فتبعه الأديب محمد عمر توفيق بتسجيل سيرته في كتاب حمل عنوان "46 يوماً في المستشفى" ويكتب الأديب حسن محمد كتبي سيرته في "هذه حياتي" عام 1379ه، وفي عام 1959م يصدر الشاعر الحلمنتيشي ووزير الصحة السابق حسن نصيف كتابه "مذكرات طالب سابق"، ثم يصدر الناقد عبدالعزيز الربيع سيرته الذاتية في كتاب "ذكريات طفل وديع" عام 1397ه عن نادي المدينة المنورة الأدبي، أما محمد حسين زيدان فقد سجل سيرته في كتاب "ذكريات العهود الثلاثة" وصدر عام 1408ه، وينشر عزيز ضياء سيرته الذاتية بعنوان "حياتي مع الجوع والحب والحرب" في ثلاثة أجزاء عام 1410ه، ويدون الشاعر حسن قرشي أيامه مع الشعر في كتابه "تجربتي الشعرية" عام 1392ه وهو ما شجع الشاعر غازي القصيبي ليدون تجربته هو الآخر في كتابه "سيرة شعرية" ثم يسجل تجربته العملية والإدارية في كتابه الشهير "حياة في الإدارة".
أما التجارب الصحفية فقد وجدت من يسجلها ويحتفي بها: فهذا الكاتب الصحفي حسن قزاز يصدر سيرته في جزءين بعنوان "مشواري مع الكلمة" يشارك هذا التخصص الأديب والصحفي عبد الفتاح أبو مدين في كتابه "وتلك الأيام" بل أخرج سيرته كاملة في كتاب "حكاية الفتى مفتاع" عام 1416ه، كما أصدر الناقد علي العمير سيرته في كتاب "بداياتي في الصحافة والأدب" عام 1413ه، ويعقبه الروائي عبد العزيز مشري بكتابة سيرته في كتاب "مكاشفات السيف والوردة"، وكذلك الشاعر الكبير يسجل جزءاً من حياته في كتابه "ترجمة حياة" ويصدر الشاعر عبد الله بلخير كتابه "عبد الله بلخير يتذكر" عام 1419ه.
ومن السيرة الذاتية التي لها حضورها في السياق منها ما كتبه الأديب عبد الكريم الجهيمان عن سيرته في "مذكرات وذكريات من حياتي"، و"ذكريات باريس" الذي صدر عام 1400ه، ويصدر كذلك العلامة أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري سيرته "تباريح التباريح" عام 1412ه، وتممه بكتاب "شيء من التباريح" عام 1415ه.. أما علامة الجزيرة الشيخ حمد الجاسر فقد دوَّن سيرته في كتاب "من سوانح الذكريات" عام 1415ه، كما أخرج الأستاذ منصور الخريجي كتاباً عن سيرته العلمية والعملية وجاء بعنوان "ما لم تقله الوظيفة: صفحات من حياتي" عام 1417ه، ثم أصدر الوزير الأديب الدكتور عبد العزيز الخويطر سيرته الذاتية في أكثر من جزء وجاء بعنوان "وسم على أديم الزمن"، كما أصدر الكاتب محمد القشعمي سيرته الذاتية في كتاب "بدايات"، أما الأستاذ عبدالرحمن السدحان فقد دوَّن سيرته في "قطرات من سحائب الذكرى".
ولعل هناك كتباً كثيرة دوَّن الأدباء والمثقفون سيرتهم وتجاربهم الذاتية فيها ولم أقف عليها، إلا أننا لا ننسى الدراسات القيمة التي عملت على دراسة هذا الفن ونقده وأبرزت أهميته، ويأتي في مقدمتها ما كتبه الباحث الدكتور عبدالله الحيدري في كتابيه المهمين "السيرة الذاتية في الأدب السعودي" و"إضاءات في أدب السيرة الذاتية"، وكتابا الدكتورة عائشة الحكمي "السيرة الذاتية عند أدباء المملكة في مرحلة الطفرة إلى الوقت الحاضر"، و"تعالق الرواية مع السيرة الذاتية في الإبداع السردي السعودي".
أما الكاتب أحمد آل مريع فقد أصدر كتاب "ذكريات علي الطنطاوي: دراسة فنية" وكتابه الآخر "السيرة الذاتية .. الحد والمفهوم"، وأتوقع أن يُثري هذا اللون الأدبي في ظل طفرة كبيرة ممن اشتغلوا عليه سواء ممن كتبوا عن أنفسهم أو من درسوا هذه السيرة وحللوا دوافع كتابتها، هذا أكبر دليل على تفاعل الأدب العربي مع الفنون والتيارات الأجنبية الأخرى.
محمد باوزير
المصدر
http://home.att.net/~scorh3/Flower04a4.gif
حياكم الله
http://www.palintefada.com/upload/pic/beesssss.gif
http://www.mowjeldoha.com/mix-pic/bo...orders-150.gif
د. أبو شامة المغربي
http://aklaam.net/aqlam/images/e_mail.gif
kalimates@maktoob.com
http://abeermahmoud2006.jeeran.com/485-Bismellah.gif
http://www.mowjeldoha.com/mix-pic/bo...orders-150.gif
السيرة الذاتية في الأدب السعودي
http://www.alriyadh.com/2008/03/25/img/263199.jpg
الدكتور عبد العزيز السبيل
http://www.25q8.com/vb/uploaded/wrdaa.gif
تحت رعاية معالي وزير الثقافة والإعلام الأستاذ إياد بن أمين مدني، يفتتح مساء اليوم الثلاثاء 17 ربيع الأول 1429هـ - 25 مارس 2008م الدكتور عبد العزيز السبيل وكيل الوزارة للشؤون الثقافية فعاليات ملتقى قراءة النص الثامن الذي يحمل عنوان "السيرة الذاتية في الأدب السعودي" الذي يقيمه نادي جدة الأدبي من ( 17- 1429/3/19ه) وذلك بقاعة النور بفندق المريديان. هذا وقد وجَّه رئيس النادي الدكتور عبد المحسن بن فراج القحطاني دعوات الملتقى للمشاركين من المختصين في هذا المجال وإلى الأدباء والمثقفين والإعلاميين بهذه المناسبة وذلك للحضور والمشارك في هذا العرس الثقافي.
هذا وسينطلق الملتقى في حفل رسمي، يلقي فيه القحطاني كلمة النادي الأدبي الثقافي، كما سيلقي معالي الأستاذ عبد الرحمن السدحان أمين عام مجلس الوزراء كلمة صاحب السير الذاتية، في حين تلقى كلمة المشاركات الدكتورة عائشة الحكمي، يعقبها عرض مصور عن السير الذاتية، فكلمة المشاركين التي سيلقيها الدكتور حسن حجاب الحازمي، فقصيدة ترحيبية بهذه المناسبة يقدمها الشاعر حسن الزهراني، ويختتم الحفل بكلمة سعادة وكيل الوزارة للشؤون الثقافية الدكتور عبد العزيز السبيل.
يذكر أن عنوان الملتقى الذي خصصه النادي عن السيرة الأدبية في الأدب السعودي يعد جديداً لم يناقش من قبل المؤسسات الثقافية والأندية الأدبية، وذلك لجدته وحداثته في الأدب السعودي، وسيشارك في ملتقى قراءة النص لهذا الموسم أكثر من أربعة وعشرين باحثاً وباحثة بأوراق متنوعة ومتعددة حول السيرة الذاتية في أدبنا المحلي، كما تتخلل الأوراق المشاركة مداخلات والحضور ونقاشاتهم وهذا ما يعطي الأبحاث المشاركة أهمية وفاعلية ويلقي الضوء على فحواها.
وفي ختام حفل الافتتاح سيوزع على الحضور إصدارات النادي الجديدة والمكونة من دورية "علامات في النقد" دورية "عبقر" ودورية "الراوي" ودورية "جذر التراثية" ودورية "نوافذ" وكتاب جديد بعنوان "السير الذاتية في الأدب السعودي" للباحث الدكتور عبد الله الحيدري.
هذا وفي نهاية الحفل سيلقي رئيس النادي الدكتور عبد المحسن القحطاني كلمة النادي الختامية، ثم كلمة رئيسة اللجنة النسائية الدكتورة فاطمة الياس، بعدها سيستمتع الحضور بمشاهدة عرض مسرحي ستقدمه جمعية الثقافة والفنون بجدة بالتعاون مع النادي.
المصدر
http://home.att.net/~scorh3/Flower04a4.gif
حياكم الله
http://www.palintefada.com/upload/pic/beesssss.gif
http://www.mowjeldoha.com/mix-pic/bo...orders-150.gif
د. أبو شامة المغربي
http://aklaam.net/aqlam/images/e_mail.gif
kalimates@maktoob.com
http://abeermahmoud2006.jeeran.com/485-Bismellah.gif
http://www.mowjeldoha.com/mix-pic/bo...orders-150.gif
نادي جدة
23 باحثاً وباحثة يناقشون بنادي جدة السيرة الذاتية في الأدب السعودي
http://www.25q8.com/vb/uploaded/wrdaa.gif
تنطلق فعاليات ملتقى النص في دورته الثامنة بنادي جدة الأدبي الثقافي الثلاثاء المقبل تحت عنوان"السيرة الذاتية في الأدب السعودي" بمشاركة 23 باحثاً وباحثة من المملكة وخارجها.
وقال رئيس نادي جدة الأدبي الثقافي الدكتور عبدالمحسن القحطاني إن الملتقى الذي ستسمر فعالياته 3 أيام سيفتتح بحفل يشتمل على كلمة أصحاب السير يلقيها صاحب كتاب "قطرات من سحائب الذكرى: سيرة ذاتية" عبد الرحمن السدحان، ثم كلمة الباحثين يلقيها عميد كلية المعلمين بجازان الدكتور حسن حجاب الحازمي، فكلمة الباحثات تلقيها الدكتوره عائشة الحكمي، تعقبها قصيدة شعرية يلقيها الشاعر حسن الزهراني، ثم عرض فيلم وثائقي عن السيرة الذاتية في الأدب السعودي.
أما عن البحوث المشاركة فقال القحطاني إن اللجنة أقرت بحوثا هي "قراءة في حاطب ليل ضجر" لعبد العزيز التويجري، يقدمها الدكتور صالح معيض الغامدي، وقراءة في كتاب "رحلة العمر" لمحمد عبد الحميد مرداد، تقدمها الدكتورة صلوح السريحي، و"أسلوبية السيرة الذاتية: سيرة عزيز ضياء نموذجا" للدكتور حمد السويلم، و"قراءة في سيرة عبد الرحمن السدحان "قطرات من سحائب الذكرى" لسحمي الهاجري، و"روائية السيرة الذاتية: قراءة في نماذج سيرية سعودية" للدكتور حسين المناصرة، و"التكوين الجمالي للسيرة الذاتية في الأدب السعودي الحديث: حياة في الإدارة لغازي القصيبي نموذجا" لمنصور المهوس، و"خليل الرواف: قراءة في مذكراته" للدكتور محمد الربيّع، و"حكاية الفتى مفتاح: كفاية الميثاق بين القارئ والنص" للدكتورة عائشة الحكمي، و"غزاة القصيبي .. الغزاة القصيبيون: الذات البروتياتية وإشكالية كتابة السيرة الكاملة" للدكتور مبارك الخالدي و"الإنشائي يشكل الإنشائي" للدكتور محمد رشيد ثابت، و"وسم على أديم الزمن لعبد العزيز الخويطر: قراءة في تفاصيل البوح واستدعاء الذكريات" للدكتور عبد الله الحيدري و"تجنيس السيرة الذاتية" للدكتور عادل الدرغامي و"التقاطعات بين بطل شقة الحرية وكاتبها" لإبراهيم مضواح الألمعي، و"التماس الفني بين السيرة والرواية" للدكتور سلطان القحطاني و"تشكيل الزمن السردي في السيرة الذاتية السعودية" للدكتور أسامة البحيري، "الكونتية (كان/ كنت): المصطلح والتأويل ورقة في خطاب السيرة" لأحمد آل مريّع و"مفهوم السيرة الذاتية المعاصرة في الأدب الإعلامي المرئي" لأمل التميمي و"شذرات السيرة الذاتية: بحث من منظور التلقي" للدكتور أيمن بكر و"على ضفاف بحيرة الهايد بارك مذكرات ضد الذكورة" للدكتور مصطفى بيومي عبد السلام و"من السيرة الذاتية إلى السيرة الجماعية: (بدايات) محمد القشعمي أنموذجا" للدكتور حسن حجاب الحازمي و"استراتيجية التحزيم المخروطي في كشف الذات الروائية عند أحمد أبو دهمان" للدكتورة لمياء باعشن و"الذاتي والموضوعي في السيرة الذاتية: قراءة في سيرة عبد الرحمن منيف" لمحمد القشعمي و"كيف تكتب المرأة السعودية سيرتها: طريق الحرير لرجاء عالم نموذجا" للدكتور معجب العدواني.
من جهة أخرى أنهى النادي طباعة كتاب بعنوان "السيرة الذاتية في المملكة العربية السعودية: ببليوجرافيا" من تأليف الدكتور عبد الله الحيدري، وسيقوم النادي بتوزيعه على ضيوف الملتقى، وسيقام على هامش الملتقى معرض يضم كتب السيرة الذاتية والدراسات.
المصدر
http://home.att.net/~scorh3/Flower04a4.gif
حياكم الله
http://www.palintefada.com/upload/pic/beesssss.gif
د. أبو شامة المغربي
http://aklaam.net/aqlam/images/e_mail.gif
kalimates@maktoob.com
http://abeermahmoud2006.jeeran.com/485-Bismellah.gif
http://www.mowjeldoha.com/mix-pic/bo...orders-150.gif
الحيدري يرصد السيرة الذاتية وإنتاج ابن حسين
ببليوغرافيتين
http://www.25q8.com/vb/uploaded/wrdaa.gif
يعد الدكتور عبد الله الحيدري رائد دراسات أدب السيرة الذاتية في الأدب السعودي وذلك لاختصاصه العلمي والبحثي في هذا الشأن بل تشكل هاجساً له في معظم دراساته وأبحاثه، قد صدر له مؤخراً كتابان هامان في هذا الاختصاص يأتيان في مجال الببلوجرافيا.
جاء الأول بعنوان:
"السيرة الذاتية في المملكة العربية السعودية .. ببليوجرافيا"
والذي أصدر نادي جدة الأدبي، وجاء متزامناً مع انعقاد ملتقى قراءة النص الثامنة التي يعقدها نادي جدة الأدبي، ويضم بين صفحاته كل ما صدر من كتب في لون السيرة الذاتية في المملكة وكذلك ما نشر من أعمال "سيرة ذاتية" في الصحف والمجلات لكتاب سعوديين، إضافة إلى ما نشر من نقود ودراسات أو عروض كتب عن تلك الأعمال، سواءً بأقلام السعوديين أم بأقلام غيرهم من الكتاب العرب.
وقد رتب الكتاب هجائياً مبدوءاً بالمؤلفين حسب اسم العائلة، ثم عنوان الكتاب أو المقالة إلى جانب المعلومات الخاصة باسم الكتاب ورقم الطبعة ومكان النشر وتاريخه وعدد صفحاته، والكتاب في مجمل، يتضمن ثمان وأربعين كتاباً مطبوعاً في مجال الأعمال وستة كتب في مجال الدراسات خمسة عشر مبحثاً من كتب وأربعاً وسبعين مقالة في الرويات وخمس اطروحات جامعية اضافة الى تسع عشرة مادة في مجال الاستطلاعات والتقارير وثلاثة اعمال ببليوجرافية، وهو جهد كبير وشاق ازعم انه كلف مؤلفه كثيراً من الوقت والبحث.
أما الكتاب الثاني فقد حمل عنوان:
"الأستاذ الدكتور محمد بن سعد بن حسين"
والصادر من دار عبد العزيز بن حسين للنشر والتوزيع، وهو في مجمله رصد لبعض ما نشره الأديب والباحث ابن حسين من عام 1379ه حتى طباعة هذا الكتاب وبخاصة ما ضمته صحيفتي الرياض والجزيرة، ومجلتي الحرس الوطني، والمجلة العربية وغيرها من الصحف والدوريات، وهو جاد لا يستغني عنه أي باحث يود إعداد بحث أو دراسة عن ابن حسين.
ويذكر الحيدري أنه تردد كثيراً على مكتبة ابن حسين الخاصة وعلى أقسام الدوريات بالمكتبات للتأكد من كل معلومة، وذلك لتنبت من نسبة الأعمال إليه. هذا ويدور هذا الكتاب على أربعة مواضع، وهي آثار ابن حسين المطبوعة من دواوين وكتب وتحقيق وتقديمه للكتب، وكذلك المقالات والبحوث والقصائد أيضاً الحوارات الصحفية، كما ألحق بالكتاب ما كتب عن ابن حسين في آثار الدارسين ضم ترجمته والدارسين ضم ترجمته والدرسات والكتب الخاصة والدراسات العامة والمقالات، وقد توصل المؤلف إلى أن الأديب ابن حسين له من الدواوين ثلاثة، ومن الكتب واحد وثلاثين كتاباً، ومن الكتب المحققة والمصححة خمسة.
أما تقديمه للكتب، فقد قدم عشرة كتب، في حين بلغت مقالاته ثلاث مئة وأربعاً وثمانين مقالة، وجاء عروض الكتب في مئة وعشرين، وذلك على مدى نصف قرن، أما الحوارات الصحفية فقد وجد المؤلف ثمانية وأربعين حواراً، وأحد عشر كتاباً تترجم له كما نجد ثلاثة كتب خاصة تصدر عنه، على حين نجد ستاً وعشرين مادة تتحدث عنه كالمقالات والدراسات والقصائد في الكتب والصحف.
محمد باوزير
المصدر
http://home.att.net/~scorh3/Flower04a4.gif
حياكم الله
http://www.palintefada.com/upload/pic/beesssss.gif
د. أبو شامة المغربي
http://aklaam.net/aqlam/images/e_mail.gif
kalimates@maktoob.com
http://abeermahmoud2006.jeeran.com/485-Bismellah.gif
http://www.mowjeldoha.com/mix-pic/bo...orders-150.gif
ملتقى النص يعيد الروح للسيرة الذاتية
المنتدون يباركون اختيار نادي جدة لهذا المحور
http://www.25q8.com/vb/uploaded/wrdaa.gif
تنطلق مساء اليوم فعاليات ملتقى قراءة في دورته الثامنة بنادي جدة الأدبي عن: السيرة الذاتية في الأدب السعودي.
هذه التظاهرة الثقافية السنوية أصبحت مرجعاً للباحثين والدارسين من خلال (علامات) التي تنسق البحوث وتنشرها، كما أن عدداً من الأندية الأخرى أصبحت تنحو هذا الاتجاه من خلال إقامة ملتقى سنوي. هذه الملتقيات ظاهرة صحية بالإجماع وإن كان هنالك من يأخذ عليها إغراقها في المحلية وإقصاء الآخر. وكانت هذه الملتقيات إحدى انعكاسات توجه وزارة الثقافة والإعلام في عهدها الجديد الذي يعد بحق العصر الذهبي للثقافة في المملكة بإشراف من الوزير المثقف الأستاذ إياد أمين مدني وبمتابعة من وكيل الوزارة للشؤون الثقافية د. عبد العزيز السبيل. القريب من كل مثقف.
«الجزيرة» رصدت ما يأمله المنتدون في هذه المناسبة الثقافية إضافة إلى إلماحات سريعة عن البحوث التي سيشاركون بها. حيث اعتبر د. عبد الله عسيلان رئيس نادي المدينة المنورة الأدبي قيام الملتقيات الثقافية من شأنها أن تُحدِث حراكاً ثقافياً وأدبياً شاملاً وعاماً، ذلك أنها تختار موضوعات مهمة وحساسة قد يكون بعضها طرق من قبل بشكل غير كاف وعندما يتناول الباحثون هذه الموضوعات غالباً ما تكون البحوث جادة وفيها شيء من الخبرة والشمول والموضوعية.
فإقامة مثل هذه الملتقيات ظاهرة صحية وتحدث حراكاً ثقافياً، والأندية الأدبية في عهدها الجديد في ظل وزارة الثقافة والإعلام ركزت على إقامة ملتقى سنوي وهذا أمر مطلوب من الأندية إلى جانب ماتقوم به من الأنشطة والمحاضرات والندوات والأمسيات. ويرى د. عسيلان أن نادي جدة قد وفق في اختيار موضوع السيرة الذاتية لأن الدراسات قليلة حول السيرة الذاتية وأراد النادي أن يستثير همم الباحثين ليلقوا مزيداً من الضوء عن هذا الموضوع وأهم ما يجب أن يدرس:
- التجارب في السيرة الذاتية التي نجدها عند الأدباء والمثقفين السعوديين فالإفصاح عن قامات وتجارب كتبوا سيرهم لاشك أن لها مردوداً كبيراً.
في حين يوضح د. محمد الربيع رئيس نادي الرياض الأدبي سابقاً من خلال بحثه المقدم (خليل إبراهيم الرواف - قراءة في مذكراته وسيره) أن البحث سيكون دراسة لهذه السيرة التي كتبها الرواف في محاولة لكشف خصائصها الفنية والموضوعية من خلال عدة محاور أهمها:
- تعريف بالمؤلف خليل الرواف - الدراسات السابقة - الأحاسيس والعواطف. ويؤكد د. الربيع على أهمية مثل هذه الملتقيات وكونها ظاهرة صحية، وقال: أتمنى أن يتبنى كل ناد فناً من الفنون حتى يتم التركيز عليه، فملتقى قراءة النص في جدة أصبح معروفاً وأهدافه معروفة واستمر، وعندنا في الرياض عندما كنت رئيساً للنادي أنشأنا ملتقى النقد الأدبي وعقدت الدورة الأولى عن بدايات النقد والآن ستعقد الدورة الثانية عن تطورات النقد الحديثة والنقد الأكاديمي وأتمنى من الأندية الأخرى أن تأخذ جانباً آخر مثلاً: القصة - الشعر - وغيرهما ويتابع النادي باستمرار وانتظام مثل نادي جدة الذي لم يتخلف لأن ذلك يؤدي لتراكم معرفي، ويمكن أن تستفيد الأندية الأخرى من نادي جدة وكذلك الدوريات بحيث تكون متخصصة فمثلا دورية علامات أصبحت علامة في النقد وإصدار دورية واحدة متخصصة أفضل من دوريات.
ويعبر د. أحمد الزيلعي - عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود وباحث الآثار المعروف عن إعجابه بنادي جدة الأدبي على نشاطه واستمراره في أنشطته من خلال النشر الكبير الذي يضطلع به ومن خلال حفاظه على استمرارية ملتقى النص.
أما اختيار السيرة الذاتية كمحور لهذا العام فهو موضوع مهم ويأسف د. الزيلعي لأن السيرة من المحاور التي لم تأخذ حيزاً من الاهتمام في الأدب العربي ولا تزال الدراسات حولها قليلة وربما المجتمع لا يشجع على السيرة الذاتية ولا يمكن مقارنتها عندنا بما في الغرب.
وأضاف د. الزيلعي أن على الأندية أن لا تحصر نفسها على الأدب فقط وإنما تنفتح على العلوم الأخرى التي هي جزء من الثقافة وأخذ على بعض الأندية التي تلجأ إلى المسابقات وهذا أقل من مسؤوليتها فهناك جهات تقيم مسابقات أما النوادي فنحن بحاجة لملتقيات وطرح جيد بما يهم المتلقي. و ينفي د. سلطان القحطاني- عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود والأديب المعروف من خلال بحثه (التماس الفني بين الرواية والسيرة الذاتية) ينفي جملة وتفصيلاً أن تكون الرواية سيرة ذاتية والعكس.
ويشيد في ذات الوقت بهذه الملتقيات حيث يقول إنها ظاهرة صحية وواجب الأندية الأدبية أن تقيم ملتقيات تعمل حراكاً ثقافياً ولا تكتفي بكتاب أو بأمسية أو محاضرة، فالأساس أن تكون هناك ملتقيات ليست لتقديم أوراق فحسب بل إنها تحدث احتكاكاً ومناقشة وتجديد المعلومة.
أما عن الخلط بين السيرة والرواية فالعمل تكاملي وليس تشابها والفنون يستقي بعضها من بعض. ويؤكد الأستاذ محمد علي قدس - أمين سر نادي جدة الأدبي السابق والأديب والقاص المعروف أن محور هذا العام عن السيرة الذاتية مفصل مهم في ظل التعاطي مع الروايات والكم الهائل منها التي تصدر في الوسط الثقافي، وهناك كما نعلم خلط بين السيرة الذاتية والرواية والسرد، وستكون هناك أوراق تغطي جوانب حول السيرة والسيرة في تاريخنا الأدبي وكنوع من الأدب والسرد الذي يحتفي به الأدب العربي، ومن المؤكد أن أوراقاً عديدة ستضاف من خلال المداخلات.
ويوضح د. صالح معيض الغامدي - عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود أن مشاركته حول كتاب الشيخ عبدالعزيز التويجري - رحمه الله - (حاطب ليل ضجر) عبارة عن كونه استخدم الكتاب ككتاب تطبيقي لطرح مفهوم السيرة الذاتية من جديد.
أما عن الخلط بين السيرة الذاتية والرواية فسق الحديث عنها في بحثين نوقشت القضية من خلالهما. ومن خلال البحث التطبيقي سيتناول د. الغامدي مفهوم السيرة الذاتية تحديداً.
وعن ظاهرة الملتقيات الثقافية قال إنه من خلال ظروفنا الثقافية فإن إيجابياتها تفوق سلبياتها وتعددها مدعاة للتنافس فكل ناد يحاول التفوق في جانب سواء في اختيار الموضوع أو غيره وهذا التنافس جيد ونادي جدة له الريادة ومازال. ويشارك د. الغامدي من سبقوه في حسن اختيار نادي جدة لمحور هذا العام عن السيرة الذاتية وبخاصة أنه بدأت تنتشر عندنا في المملكة حيث نجد الآن الإقبال على كتابة السيرة وقراءتها فهي من النصوص المقبولة والمتداولة.
ويصف اللقاء بأنه من أهم العوامل التي ستروج لهذا الفن ليس في المملكة فحسب بل العالم العربي أجمع فيما يؤكد د. عبد الله الحيدري أن بحثه سيتوقف بتمعن أمام المقدمة التي كتبها د.عبد العزيز الخويطر في كتابه (وسم على أديم الزمن) وتحاول الورقة مناقشة دلالة العنوان أولاً ومن ثمّ تحلل أبرز الأفكار التي وردت في التقديم لهذا العمل ومنها الدافع الفني للكتابة وأبرز العوائق التي تعترض كاتب السيرة أيا كان، وتناقش ثنائية البوح في هذا الكتاب سلباً وإيجاباً وتتوقف الورقة عند دلالة الفن الجمعي الذي يستخدمه د. الخويطر بديلاً عن الأنا في انعكاس في شخصيته التي تميل إلى التواضع.
ووصف الملتقيات بأنها ظاهرة صحية ومبشرة بالخير وهي انعكاس مباشر لنشاط الوزارة التي بدأت ترتب الأوراق من جديد وترتب الأندية من خلال مجالس الأندية الجديدة وانتشار الملتقيات في كل تلك الأندية ظاهرة صحية والجميل أنها ليست تكراراً.
د. حسين المناصرة عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود سيتحدث في بحثه المقدم عن تحول السيرة الذاتية إلى بنية روائية وتوظيف جماليات الرواية، ويتعامل في بحثه مع ثلاثة نصوص: - حكاية صحارى للغذامي -أيام في القاهرة وليال للدميني - وسيف بن أعطى لفيصل أكثر، وكلها سير وظفوا فيها تقنيات الروائي.
أما عن مشاركاته فهذه هي المشاركة الثالثة حيث شارك عن الأدب السعودي وعن حمزة شحاتة وكانت المحاور تتناول قضايا ثقافية، متمنياً أن تحظى السيرة بهذا الكم من القراءات، ويضيف أن الملتقى سبق وأن طرح قضايا أدبية في السابق.
وستقدم د. لمياء باعشن من خلال رواية الحزام لأحمد أبو دهمان بحثاً عن استراتيجية التحزيم المخروطي في كشف الذات الروائية عند أبو دهمان. وقالت إنها تنظر إلى رواية الحزام كسيرة ذاتية روائية.
أما الملتقى سيما وأنها سبق وأن شاركت في ملتقيات سابقة له فتقول إنه كان متألقاً في السابق وكان الوحيد من نوعه والآن أصبحت معظم الأندية لها ملتقيات وذلك فيه خلق نوع من النقد بين الأندية والآن المهمة أصعب وفي ذات الوقت فإن د.با عشن ضد تكرار الأنشطة بحذافيرها فهي إنهاك لقوى المثقفين رغم أن المنافسة مفتوحة.
ويتوقف د. حمد السويلم - عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم - من خلال بحثه على التشكيل الجمالي للغة من خلال ما تجود به اللغة مبرزاً خصوصية التعبير عند عزيز ضياء، وسيتحدث عن محاور ثلاثة: - أسلوبية السيرة بشكل عام - أسلوبية السيرة عند عزيز ضياء - المحاور التي حددها عزيز ضياء (الجوع والحب والحرب).
د. السويلم يوضح أنه حاول أن يبرز هل كل محور له نمط أسلوبي معين.
ويشيد د. السويلم بظاهرة الملتقيات الثقافية التي برأيه أنها مؤشر حيوي وحراك حيوي وفكري يؤهل السعودية أن تتبوأ مكانة في العالم العربي وقد كنا ننظر إلى مصر أنها المثال ونحن على الهامش فهذا مؤشر أن السعودية ستتبوأ مكانة ثقافية تليق بها بوصفها مصدراً للأدب العربي.
وتعتبر د. فاطمة إلياس - الأديبة المعروفة أنه من الجميل تعدد الملتقيات وهي دليل على الحراك الثقافي ولكن المهم أن تكون فعالة وستكون كذلك عندما تخرج بمواضيع ظاهرة جميلة وقد بدأنا نشعر بنهوض الحركة الثقافية ولم تعد الملتقيات خاصة بنواد معينة خصوصاً تلك الأندية التي لم تكن في مناطق رئيسة أسوة بالأندية الأخرى.
وملاحظة د. إلياس أن الأنشطة أصبحت كلها قاصرة علينا فالملتقيات السنوية على غرار ملتقى النص أصبحت قاصرة على الأدب المحلي ومعظم الأسماء مكررة، وتتمنى د. إلياس أن السيرة الذاتية والتنوير لا تقتصر على المحلي، لأن فيه نوعاً من الإقصاء.
وقالت إن اختيار محور هذا العام عن السيرة الذاتية كان اختياراً موفقاً، ففي كل محور كنا نعرج على ملمح من السيرة الذاتية ونبحث عن الكاتب في جميع الأعمال، وهي تؤطر تجربة الكاتب.
وتضيف: الآن حان الأوان أن نكتب عن السيرة الذاتية نفسها لأننا دائما نلمح ملامح سيرية خصوصاً في الكتابة النسوية.
وهناك بحث للدكتور صالح الغامدي يحذر من الذهاب في تقصي حياة الكاتب، ولا يحبذ تقصي وجودها، وتضيف: وأعتقد أنها في أي نص توجد، ولكن كيف وجدت الذاتية، وهناك كتب خاصة عن السيرة الذاتية، لأن الإشكالية في الأعمال.
الأستاذ سحمي الهاجري - الروائي المعروف - قال إن من ضمن المحاور قراءة في سيرة ذاتية وقد خصص في بحثه أمكنة الحكاية وزمن المحكي - قراءة في سيرة عبد الرحمن السدحان (قطرات من سحائب الذكرى) في البحث يتحدث عن بنية النص ركزت على أمكنة الحكاية لما كان المكان مسيطراً على الطفل ثم تفلت منها ووصل إلى وقت يقول الحكاية.
زمن المحكي بعد أن ابتعد عن زمن الحكاية، ونقل التجربة والهدف تحقيق الشباب لمقتضى النصيحة.
ويعتبر الأستاذ الهاجري أن الملتقيات الثقافية بمنتهى الأهمية ويجب النظر لها من زاويتين حتى لا يحدث الخلط: الأول: جوهري مهم جداً لأنها تشحذ همم الباحثين للدرس وعمل البحوث فكما هو معلوم أن عصرنا الآن عصر مشاغل وبالتالي عندما يلتزم الشخص يجد نفسه ملتزماً ولو لم يكن مشاركاً في ملتقى ربما لا يقدم شيئاً وتحديد مجالات بحوث معينة تهم الساحة الثقافية السعودية وتغطي كامل الجوانب فالملتقيات فيها تنوع ولو أضيفت القضايا العربية لكان أفضل ولكن المحلية لا تقلل من شأنها. الثاني: تفصيلي: يمكن مناقشتها ومعالجة الخلل.
في حين سيقدم الأستاذ: إبراهيم الألمعي - رئيس لجنة السرد في نادي أبها قراءة موازية لرواية شقة الحرية ولشخصية فؤاد الطارف والكاتب وكتاباته السردية.
وأضاف أنه أورد في بحثه مقالة لكليف جمس يقول فيها إن كل رواية أولى هي سيرة ذاتية، لأن كاتب الرواية في الغالب يتناول الشخصيات الأكثر التصاقاً بذاته وقد يكسر القاعدة بعض الروائيين.
وأضاف أن المقصود من بحثه أن هناك ظروفاً نفسية وشخصية ودرامية تكون في حياة البطل وحياة الكاتب ما لم يكن الكاتب تناوله في كتاباته.
ويضف أن الملتقيات الثقافية بعضها يرفد بعض ولا مانع أن تقام ملتقيات في أندية أخرى فالبلد واسع والمثقفون كثر.
ويشيد الأستاذ - أحمد علي آل مريع - عضو نادي أبها الأدبي وعضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد بنادي جدة الأدبي حيث أراد النادي أن ينتقل نقلة خاصة في أنشطته إلى دائرة الأبحاث العلمية المتخصصة في مجال معين، وقد اعتدنا منه طرح موضوعات نقدية مميزة وقد اتجه في الآونة الأخيرة إلى الباحثين المنشغلين بهذه الموضوعات الدقيقة وهي تجربة صعبة الاتجاه والاتجاه نحو التخصص ليس سهلاً ويحتاج لقاعدة بيانات.
أما عن بحثه فسيقدم الكنتيه (كنت +الياء والهاء) وهو موضوع في التراث العربي وظاهرة شفاهية قبل التدوين والورقة تحاول رصد هذا النشاط الإنساني والبعد من حيث وجود مصطلح في التراث ومن خلال تلقي هذا النشاط (تلقي مضاد للسيرة الذاتية) والمشاركة تمتاز أنها المشاركة الأولى وتستخدم آليات التأويل وآليات الخطاب.
صالح الخزمري
المصدر
http://home.att.net/~scorh3/Flower04a4.gif
حياكم الله
http://www.palintefada.com/upload/pic/beesssss.gif
د. أبو شامة المغربي
http://aklaam.net/aqlam/images/e_mail.gif
kalimates@maktoob.com
http://abeermahmoud2006.jeeran.com/485-Bismellah.gif
http://www.mowjeldoha.com/mix-pic/bo...orders-150.gif
أدبي جدة يحتفي بالسيرة الذاتية في تظاهرة ثقافية
http://www.alriyadh.com/2008/03/27/img/283722.jpg
الدكتور عبد العزيز السبيل
http://www.25q8.com/vb/uploaded/wrdaa.gif
تساءل الدكتور عبد العزيز السبيل وكيل وزارة الثقافة والإعلام في كلمته التي ألقاها في افتتاح ملتقى قراءة النص (8) عن عدم وجود اسم نسائي واحد في الكتب التي طرحت في العرض المرئي وقال:
هل تختفي المرأة من السيرة الذاتية لتحتفي المرأة بالرواية، وتكون موجودة من خلالها؟
هذا ما سيتحدث عنه الباحثون بدءاً من سميرة خاشقجي في رواياتها المختلفة ووصولاً إلى أميمة الخميس في بحرياتها وما صدر بعد هاتين الروايتين من أعمال كثيرة؟
وامتدح السبيل ما يقوم به النادي من نشاط ثقافي متعدد الصور والأشكال حيث قال: إننا نجتمع اليوم في مؤسسة أصبحت ذات "جذور" ثابتة في عالم الثقافة وأصبحت دورياتها "علامات" في عالم الثقافة العربية بشكل أجمع وتحدت أنشطة هذا النادي "نوافذ" تشع في الحقيقة الكثير من الإضاءات في الفكر والأدب.
ومن يزور هذا النادي يتحول إلى "الراوي" الذي يحكي مسيرة الثقافة العربية من خلال نادي جدة الذي تحول إلى "عبقر" في الإبداع الفكري بشكل عام، ويعود ذلك إلى دور رئيس النادي الدكتور عبدالمحسن القحطاني الذي قدم جهداً كبيراً كما نتذكر من أسس هذا الملتقى وفعل دوره وهو الأستاذ عبد الفتاح أبو مدين الرئيس السابق للنادي حتى إن أعماله ستكون من بين الأعمال التي يتم تناولها في هذا الملتقى.
كما قدم الدكتور عبد العزيز السبيل شكره للحضور، ولا سيما الإخوة العرب المشاركين في اجتماع اللجنة الدائمة للثقافة العربية القادمين من ثمانية عشر بلداً عربياً ليناقشوا الهم الثقافي العربي، وليناقشوا موضوعاً مهماً يتعلق باختيار القدس عاصمة للثقافة العربية لعام 2009م إلى جانب العديد من البرامج التي ستنفذها هذه الدول.
يأتي ملتقى قراءة النص (8) الذي ينظمه الأدبي الثقافي لهذا العام ليدرس محور السيرة الذاتية في الأدب السعودي، هذا وقد رحب رئيس النادي الدكتور عبد المحسن القحطاني بأصحاب المعالي والسادة الحضور، وقال: إننا حين وجهنا الدعوات وجهناها إلى أصحاب هذا التخصص (السيرة) الذين وصل عددهم إلى ثلاثة وعشرين باحثاً وباحثة.
بعد ذلك ألقى معالي الأستاذ عبد الرحمن بن محمد السدحان كلمة أصحاب السير، والذي ذكر أن أدب السيرة الذاتية أمر تباينت حوله الآراء وتبارت المواقف بين المهتمين بالمشهد الأدبي ممارسة وتنظيراً، ويمكن إيجاز نماذج من ذلك الجدل في السرد التالي:
المؤيدون لهذا الأدب يرون أنه وسيلة بوح مشروعة يطل منها كاتب السيرة على مخزون النفس الإنسانية من مواقف وأحداث، في حين يرى الآخرون أن السيرة الذاتية في أحسن أحوالها تدوين شخصي لأحداث ومواقف وانطباعات تتعلق بصاحبها، وتبقى ترجمة خاصة لحياة كاتبها في زمان ومكان وظرف ما، وهناك رؤية أخرى تهمش هذا الطيف الأدبي وتصفه بالهرطقة أو اللامعنى وأنه ضرب من الترف.
ويمضي السدحان قائلاً: إن كاتب السيرة ليس مؤرخاً بالمفهوم السائد الذي يرصد ويدون أحداثاً ومواقف عاشها، كذلك لا يحق إقصاء أو تهميش هذا الفن لكونه يرصد حراك ذات إنسانية معينة في زمن معين أو مكان معين، إضافة إلى أن الذات الإنسانية ليست جزيرة مقطوعة الأصول من حراك المجتمع بل هي جزء منه.
كما تحدث عن المشاركين الدكتور حسن حجاب الحازمي الذي نعت الملتقى بأنه ناجح لكون الأبحاث المشاركة تصل إلى خمسة وعشرين بحثاً لأسماء لها وزنها النقدي محلياً وعربياً، والعناوين مغرية، والحضور النوعي المتخصص سيكون من خلال الحوار والتفاعل الذي يؤمله الباحثون، في حين ألقت كلمة المشاركات الدكتورة عائشة الحكمي، التي قالت بدورها: إننا نعيش مناخاً نتفيأ ظلاله على امتدادات الزمن القادم الذي تشير ملامحه على المستوى الثقافي إلى الاهتمام بالإبداع في كل مجال لا سيما مجال السيرة الذاتية التي سيسهم هذا الملتقى في هيكلة هويتها، لأننا لم نعد نهتم بمساءلة الذات الكاتبة، ذات الشخصية الإشكالية، لقد أصبحت السيرة الذاتية في أدبنا تمارس سلطات إغراء واسعة ما فتئت تتعاظم بحكم اتساع الترحيب بهذا الجنس الأدبي على مستوى الإبداع والدراسة، وعلى مستوى الشرائح الاجتماعية، وذلك لتجاوب السيرة مع الهموم الإنسانية ذات الخصوصية المنفردة.
هذا واختتم حفل الافتتاح بقصيدة متميزة للشاعر حسن محمد الزهراني نائب رئيس نادي الباحة الأدبي وجاء فيها:
أيها المبدعون طبتم مساء
جئتكم من (ذرا الجمال) رسولا
جئت أشكو حال المثقف لما
صار في أعين الرعاع عميلا
قام يدعو إلى السمو بقلب
مخلص لم يجد لدينا خليلا
لو أقمنا قدر المثقف فينا
لبلغنا في العز شأواً جليلا
من حناياه يخرج النور بكر
وعلى مقلتيه خط السبيلا
نقش الحلم في جذور الأماني
ثم زف الرشاد غيماً هطولا
أيها المبدعون طبتم مساء
من هنا نبدأ الكفاح الأصيلا
من هنا نحتفي (بسيرة حرف)
كان في (أخمص المداد) كليلا
امتطى (مهجة اليراعة) فجراً
وتدانت منه السهى تبجيلا
محمد باوزير - صلاح الشريف
المصدر
http://home.att.net/~scorh3/Flower04a4.gif
حياكم الله
http://www.palintefada.com/upload/pic/beesssss.gif
http://www.mowjeldoha.com/mix-pic/bo...orders-150.gif
د. أبو شامة المغربي
http://aklaam.net/aqlam/images/e_mail.gif
kalimates@maktoob.com
http://www.zmzm.net/images/bsmlah.gif
http://img176.imageshack.us/img176/4...noos9ktsx4.gif
http://www.mowjeldoha.com/mix-pic/bo...orders-153.gif
الكتابات الذاتية
المفهوم، التاريخ، الوظائف والأشكال
صدر في طبعة أولى هذه السنة عن دار أزمنة للنشر والتوزيع كتاب:
"الكتابات الذاتية: المفهوم، التاريخ، الوظائف والأشكال"
لمؤلفه توماس كليرك وقد قام بترجمة الفصلين الأولين الشاعر والمترجم المغربي محمود عبد الغني الذي أكد في تقديمه للكتاب أنه "مرافعة نظرية من أجل قول الحقيقة، ولا شيء غير الحقيقة، في التصاق تام بقضايا السيرة الذاتية وما تطرحه من رؤيات وبنيات نصية في معرض تقديمها لصورة الذات والآخر".
كتاب الناقد والباحث الفرنسي توماس كليرك ضم في الأصل ثلاث مباحث أساسية:
- الكتابة الذاتية : إشكالية المفهوم والتاريخ.
- أشكال ووظائف الكتابات الذاتية.
- كيف نحلل الكتابات الذاتية.
وقد اعتبر المترجم محمود عبد الغني الفصل الأول مدخلا نظريا هاما مطبوعا بالفهم الدقيق لجنس السيرة الذاتية نصا وتاريخا "إضافة الى ارتكازه النظري على ما يمكن تسميته بالثقافة النظرية لصنوف الأدب الذاتي"بالتالي لا ينفي المترجم الحس الديداكتيكي على هذا الفصل الذي كرس من خلاله توماس كليرك جهده لإضاءة السيرة الذاتية.
ويعود الدافع الى ترجمة فصلي هذا الكتاب الى "الفقر النظري والنقدي الذي يطبع تلقي السيرة الذاتية في الأدب المغربي والعربي "فإضافة الى قلة الإصدارات في هذا الباب، تظل الرؤية العالمة لهذه النصوص مرتبطة بمبدأ الاستصغار الجمالي، وقد أكد المترجم محمود عبد الغني أن فصلي الكتاب الأول والثاني يعتبر" مرافعة شيقة عن مفهوم، تاريخ، أشكال ووظائف الكتابات الذاتية التي بقيت طيلة تاريخ الأدب معرضة للإدانات الأدبية والثقافية والدينية".
1- الكتابة الذاتية: إشكالية المفهوم والتاريخ
ينطلق توماس كليرك من المفهوم الإشكالي للمصطلح ، فهو يعتبر أن السيرة الذاتية مفهوم ملتبس، ليقدم جرذا يتأمل من خلاله ولادة وتطور المفهوم، فالوجود الكلي لـ "السير ذاتي" يقدم مفهومين استطاع توماس كليرك تحديدها في اعتبار السيرة الذاتية جنسا أدبيا، والسيرة الذاتية قادرة أن تتحدد "كنموذج للقراءة بطبيعة النصوص".
يستخلص توماس كليرك أن المصطلح يطرح مشاكل، مادام يتم خلطه بفكرة عامة جدا عن الأدب، ورغم جدة وحداثة هذا الجنس الأدبي إلا أن التأمل النظري كان موجودا حتى قبل اجتهادات فيليب لوجون، ولو أنه بقي محصورا في دراسات ذات طبيعة موضوعاتية أو تاريخية لكن تحديد فيليب لوجون الذي أمسى كلاسيكيا تحديد يكشف أهمية تاريخية.
ويتابع توماس كليرك تدقيق هذا التحديد مع إدخال التصحيحات التي وردت عند لوجون نفسه، ولعل أولاها أن السيرة الذاتية حكي "تمنح لذة شبيهة بلذة الرواية الكلاسيكية حيث يتناوب السرد والوصف، والمشاهد والتحليلات، البورتريه والتحقيقات" بالتالي لكلمة حكي معنى يضعها كمقابل ل"الرواية" مع اختلاف الحس التخييلي الغائب في الأولى، وإضافة للحكي فهي فعل استرجاعي والطابع "الاسترجاعي للسرد يشكل إحدى مفاتن الحكي السير ذاتي".
النقطة الثالثة هي النثر والتي تشكل علاقتها مع السيرة الذاتية نقطة تقاطع أخرى مع الرواية، ويعتبر توماس كليرك السيرة الذاتية " أكثر من جنس أدبي إنها نمط من الخطاب"، لكنه يتساءل في تثبيته لهذا المفهوم عن الحد لملاءمته، ما دام سؤال الهوية السردية يظل مطروحا ، واعتبارا أن السيرة الذاتية جنس أدبي "مرجعي" فإن اختلافها الجوهري عن التخييل يمر "عبر الإحالة على ضمير متكلم ملموس، وليس على شخصية متخيلة"، مما يفرض اعتبارات حاسمة في عملية تلقي الأدب.
لكن ثمة صعوبات يطرحها توماس كليرك حول عملية "التلوين الذاتي"، ويقترح خلالها قراءة "النص الموازي" كاسم علم مؤسس، كما أن اعتبرا السيرة الذاتية جنس أدبي له قصد مرجعي ولعل هذا الميثاق كفيل بفهم طبيعة الميثاق الثالث الذي يتمثل في مشكل الحقيقة.
إن المرجعية وتطابق السارد – المؤلف – الشخصية الرئيسية إضافة للحقيقة التي تتخذ عدة أشكال، لكن، انطلاقا من أي تاريخ يمكن أن نبدأ الحديث عن السيرة الذاتية ؟ إن توسع الكتابة الذاتية كشكل عام "لمركزة الفرد في ذاته"، ولعل إصرار توماس كليرك على جرذ ومناقشة هذه المنظورات المختلفة والمرتبطة أساسا بالسيرة الذاتية جعله يتجه لمختلف الانتقادات التي وجهت لهذا الجنس "الغير تخييلي" كمقولة العجز الجمالي، ويفرد الباحث بابا لهذه الانتقادات التي أطر مرجعياتها داخل النقد الفكري والايديولوجي والنقد الجمالي.
2- الكتابات الذاتية: أشكال ووظائف
يعتبر توامس كليرك الكتابة الذاتية أوسع وأشمل من السيرة الذاتية وفي دراسته لأشكالها ووظائفها تأكيد لأحقيتها الأجناسية الأدبية وفي وظائفها المتعددة تمظهر لهذه المقولة، من خلال الطرق التي تضيء هذا الفعل الأجناسي متمثلة في قول الصدق ، جعل الخطاب ممكنا بحكم التركيز على قول الحقيقة التي "تعتبر أفضل وسيلة لاستضافة القارئ"، ومن مظاهرها أيضا وظيفة فضح الأوهام، وبعدها الخطابي وقهرها للزمن.
إن معرفة الذات هي أحد الأهداف الرئيسية المتبعة من طرف الكاتب كتاب السيرة الذاتية، وتمثل وظيفة التواصل بعدا آخرا يفيد في إيصال التجربة الخاصة الى الآخر، ويركز توماس كليرك على دور القارئ كبعد "بلاغي وتحديد قانوني للنص".
ويختتم الفصل الثاني بتحديد مختلف أشكال الكتابة الذاتية رغم أنها لا تستجيب جميعها لنفس أنماط الكتابة ، ويركز توماس كليرك هنا على المذكرات، اليوميات، والتخييل الذاتي، وإذا كان الشكل الأول قد اعتبره مالرو "مذكرات مضادة" بحيث اعتبر السيرة الذاتية "ركام بئيس من الأسرار"، فإن اليوميات journal intime هي "نصوص موضوعية في المظهر"، الشكل الثالث اعتبره الباحث مزجا بين السيرة الذاتية والتخييل.
عموما يشكل كتاب توماس كليرك "الكتابات الذاتية: المفهوم التاريخ الوظائف والأشكال"، والذي قدمه الى اللغة العربية الشاعر والكاتب محمود عبد الغني مدخلا عميقا لإعادة إضاءة هذا الجنس المثير للجدل الذي هو السيرة الذاتية.
المصدر
http://www.al-wed.com/pic-vb/239.gif
http://www.palintefada.com/upload/pic/beesssss.gif
د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
aghanime@hotmail.com
http://www.zmzm.net/images/bsmlah.gif
http://img176.imageshack.us/img176/4...noos9ktsx4.gif
http://www.mowjeldoha.com/mix-pic/bo...orders-153.gif
ظاهرة استعجال الأدباء الشباب في كتابة سيرهم الذاتية..!!
علي بن سعد القحطاني
http://www.al-jazirah.com/images/logo_cult.jpg
السيرة الذاتية تعد وثيقة مهمة يحررها المبدع في مراحل متأخرة من حياته، وفيها يرصد تجاربه المبكرة والمواقف السلبية أو الإيجابية التي تعرض لها طيلة عمره، وعن الخلاصة التي توصل إليها من خلال عكوفه في محراب العبقرية والإبداع، إلا أن القارئ يلحظ وعلى وجه أخص ظهور المدونات في العالم الرقمي واستعجال الأدباء الشباب في تدوين سيرهم الذاتية سواء كانت منجمة أو فصولاً كما هو مشاهد في بعض المواقع الثقافية على شبكة المعلومات (الإنترنت)، وهناك من ينوي كتابتها بشكل مفصل في كتاب مستقل.
و(الثقافية) تطرح هذه القضية على الأكاديميين والمثقفين للاستئناس برؤاهم حول مغامرات الأدباء الشباب لخوض غمار السيرة الذاتية واستعجالهم تدوين ذكرياتهم.
المصطلح
في البداية أحالنا الدكتور صالح بن معيض الغامدي في مناقشاتنا ل(ظاهرة استعجال الأدباء الشباب لكتابة سيرهم الذاتية) إلى تعريف مصطلح السيرة الذاتية، وكونها تعني الكتابة عن الحياة أو حول جزء معتبر من سني الحياة، وظاهرة التعجل في كتابة السيرة الذاتية معروفة في الثقافات على المستوى العالمي، وليست خاصة بأدبائنا في العصر الحديث، بل هناك في تراثنا القديم من كتب سيرته مرتين: مرة موجزة ومرة مطولة كالسيوطي وهناك نماذج أخرى.
انفعالية
وعن تقييمه لتلك السير أشار الدكتور صالح الغامدي إلى أن الكتابة المبكرة عن تلك التجارب من قبل الأدباء الشباب قد تكون كتابة انفعالية بالحدث، أما لو كتبت في مراحل متأخرة من حياتهم؛ أي بعد عشرين أو ثلاثين سنة من تلك الأحداث والتجارب التي عاشوها فإنها سوف تكتب بطريقة موضوعية وناضجة، وأوجز الدكتور صالح بن معيض الغامدي ملاحظته لتلك السير المبكرة في ثلاث نقاط:
1 - من أهمها أن كون المبدع لا يستطيع أو غير مقتنع أو راضٍ بما وظفه من حياته في إبداعه الأدبي سواء أكان من خلال الشعر أم القصة أم الرواية..؟ ويرى المبدع أن السيرة قد تكون أكثر تعبيراً عن حياته وعن شخصيته.
2 - تبدو لأبعاد (السير ذاتية) للشخصية الأدبية في الشعر أقل وضوحاً وبروزاً منها في الرواية والقصة، ولذلك عندما تكتب رواية فيقال أحياناً: إنها (رواية سير ذاتية) لكن لا يقال: (قصيدة سير ذاتية)، وأغلب من يتورط في هذه الظاهرة هم الشعراء.
3 - السيرة الذاتية في وقتنا الحاضر من أكثر الأشكال الأدبية إغراءً وتشويقاً وانتشاراً (موضة) وجاذبية للقراء، وهذا يغري الأدباء بالتعجل في كتابة سيرهم الذاتية.
الإرهاصات
فيما يرى الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن الحيدري أن تلك المقالات الذاتية لبعض الكتاب لا يمكن تصنيفها في مصطلح (السيرة الذاتية) بل يمكن وصفها بأنها نواة للسيرة الذاتية المقبلة للأديب، ودعا إلى تشجيع الأدباء الشباب والأخذ بأيديهم لمزيد من التجويد والإتقان، فقال:
تطرح (المجلة الثقافية) سؤالاً مشروعاً عن مغامرات الأدباء الشباب لخوض غمار السيرة الذاتية، واستعجالهم تدوين ذكرياتهم وتجاربهم في هذا الصدد، وقد وصفت السؤال بأنه مشروع؛ لأن كتابة السيرة الذاتية أو أجزاء منها ترتبط في الأذهان بكبار السن والمشاهير، ويكاد يوصف العمل السيري بأنه العمل الأخير للأديب والمتوج لأعماله.
وهذه الخصيصة للسيرة الذاتية بوصفها جنساً أدبياً هي التي تميزها عن باقي الأجناس الأخرى التي نستنكر الإبداع فيها من الشباب، بل نشجعهم ونأخذ بأيديهم لمزيد من التجويد والإتقان.
ومع اهتمامي بجنس السيرة الذاتية، فإنني لم أقرأ عملاً حتى الآن لأديب شاب، وربما قصدت (الثقافية) بعض المقالات الذاتية لبعض الكتاب التي تنشر هنا أو هناك، وفيها قص لبعض التجارب والمواقف، وهذه لا يمكن أن نصنفها في حقل السيرة الذاتية التي تعني التأريخ لحياة إنسان وفق تسلسل زمني مع العناية بالشرط الأدبي.
على أنه يمكن وصفها بأنها نواة للسيرة الذاتية المقبلة للأديب، وبوابة أولى للولوج في إطار السيرة الذاتية إذا تمكن كاتبها في المستقبل من تطويرها وإضفاء لحمة على أجزائها، بحيث تشكل سيرة ذاتية مترابطة.
وليس لنا أن نستنكر على الأدباء الشباب أن يخوضوا هذا اللون من الأدب، ويمكنهم أن يستفيدوا من شكل اليوميات لتكون أساساً متيناً لسيرهم الذاتية في المستقبل دون تخمين واعتماد على الذاكرة التي يصفها حمد الجاسر - رحمه الله - بأنها خوانة!!
السيرة الذاتية في المملكة منطقة لا تزال بكراً أو أشبه بالبكر، وأراهن شخصياً على كتاب الرواية والقصة المبدعين في أن يقدموا لنا في القادم من الأيام أعمالاً تضاهي الأعمال العربية المتميزة، أو تتفوق عليها.
السيرة التخييلية
يتحدث القاص سعيد الأحمد عن تجربته في كتابة السيرة التخييلية، إذ ما يزال يصر على رأيه أنه من المبكر جداً على أدبائنا أن يكتبوا سيرهم الذاتية، ويقول: أعتقد أن أدباءنا غير مهيئين لكتابة السيرة الذاتية في الوقت الحالي، وتجاربهم التي خاضوها لا تستحق التوثيق كسيرة مستقلة، ولدينا إشكالية تكمن في جُبن الكُتاب المحليين في كتابة سيرهم الذاتية وتحسسهم من المجتمع الذي ربما يحاكمهم ويدينهم في بعض المواقف الصريحة والمعلنة، بالإضافة إلى تخبط الأكاديميين واختلافهم في ماهية المصطلحات وتعريفها.
وأشار القاص سعيد الأحمد إلى تجربته في مجال (المدونات) وقال: أنا أؤمن بكتابة السيرة التخييلية، ولدي عملان في مسودتين في ذلك، الجزء الأول: تتناول سيرة حياتية لشخص متخيل من صباه إلى عجزه، تحكي عن شخص يتلقى تعاليم ربانية في البيت ثم يصادف الشيطان في مدرسته على باب فصل أولى جيم الدراسي، وتبدأ تلك الشخصية في خوض هذه المعركة ما بين الله بكل جمالياته وما بين الشيطان وما يحمل من قبح في داخله، ويبدأ يكتشف الفتى أن هناك كثيراً من الأشياء لا تنتزع إلا بالقوة، وهذا الجزء يقع في خمسين صفحة.
أما الجزء الثاني من السيرة التخييلية، فهو تنقل الشخصية ما بين الحياة المعاشة اليومية والحياة المتخيلة في ذهنه، لذلك يتخيل أنه يمر بتجارب حياتية ومواقف حدثت في أكثر من عصر.
اللحظة الإبداعية
ويرى الأستاذ عبدالله السمطي أن كتابة الأدباء الشباب لسيرهم الذاتية يعد أمراً طبيعياً في هذا العصر الذي يموج بوفرة شبكات الاتصال وانتشار وسائط المعرفة، كما أن تلك السير تعبر عن اللحظة الإبداعية الآنية، ويقول:
يتمثل توجه بعض الأدباء الشباب إلى كتابة سيرهم الذاتية في هذا البحث الذاتي، والتأمل الذاتي الكثيف الذي أخذ يطغى بوجه عام على مختلف الكتابات الإبداعية في الشعر والقصة القصيرة والرواية.. إن هذا التوجه يأتي بوصفه صدى للكتابة الذاتية التي تنأى عن القضايا الكبرى، وعن سطوة الإيدلوجيا، والدعاية الحديثة العابرة، والمناسباتية. من هنا فإن كتابة السيرة الذاتية تعد تعبيراً عن هذه اللحظة الإبداعية التي نحياها، إن هذه الكتابة تأتي لأن التجربة الذاتية التي يعايشها المبدع اليوم حافلة بمختلف الأحداث المتدفقة، لقد منحت التقنية وعصر الاتصال اللحظة الراهنة عشرات الأحداث اليومية، ثمة تدفق للأحداث والوقائع والأخبار بشكل طاغ، ثمة تنقل للأمكنة والأزمنة والهواجس عبر المخيلة والحواس، وعبر القراءة والاطلاع الذي بات ميسراً جداً من خلال وسائط المعرفة والاتصال المتعددة، هذا كله جعل الثقافة تتسم بالكثافة، وبالوفرة المعلوماتية، وجعل الكاتب والأديب والمثقف محملاً بعوالم من الرؤى والتأملات والأسئلة، ومن هنا فإننا لا نستغرب هذا التوجه لدى الشباب لكتابة تجاربهم الذاتية، أو سيرهم الذاتية، فما يتم تلقيه وتحصيله اليوم أكبر وأكثف وأوفر مما تم تلقيه وتحصيله لدى أجيال سابقة، ووفرت شبكات الاتصال وانتشار وسائط المعرفة في الصحف والدوريات والكتب والمطبوعات عوالم شتى من المعارف.
إن ما يحدث من كتابة مبكرة للسير الذاتية هو أمر طبيعي، ومحبب خصوصاً أنها تطلعنا على تجارب شابة مكثفة في قراءة الحياة الشخصية المبدعة للمجتمع، وللمواقف، والأحداث المختلفة، بغض الطرف عن نوعية هذه القراءة أو تلك، كما أن عهد السير مهمة للكشف عن العناصر الإبداعية والثقافية التي يسعى القارئ أو الناقد للوصول إليها لدى مبدع ما، أو تضيء له أسئلة عن مرحلة محددة.
السير الذاتية التي قد يكتبها الشباب أمر طبيعي، بل وضروري في هذا العصر المتسارع، بأحلامه، وخيالاته، واختراعاته، وثقافاته.
الذاكرة
كانت للشاعر أحمد اللهيب تجربة في كتابة السير الذاتية بعنوان: (أنا والرحيل والرياض) نشرت في الموقع الإلكتروني (جسد الثقافة)، والذي دعاه إلى كتابتها كما يقول: ربما أخشى أن تنخرم الذاكرة، وأن تتساقط أوراق العمر دون أن أسجل شيئاً من حياتي!! كانت (أنا والرحيل والرياض) المنشورة في جسد الثقافة تاريخاً زمنياً مختلفاً من حياتي، الزمان والمكان والأحداث كلها مختلفة عن سابقها وعن لاحقها، ولذا كانت الكتابة عن تلك المرحلة التي قضيتها في الرياض وهي تمتد إلى (عشر سنوات) ضرورة ملحة في نظري، لأن الأحداث التي عشتها بين متناول ذاكرتي، وعهدي بها قريب، ولذا بادرت بتسجيلها، وهي أيضاً تنفيس لخواطر ومشاعر أحببت أن أذكرها، وأن أقدمها لقارئ كما هي بصدق وشفافية، دون أن يأكل الدهر عليها ويشرب، أو يطمرها سريان العمر والنسيان، فتصبح أثراً بعد عين. ومن جانب آخر كانت تلك السنين العشر مسرحاً لأعمال كثيرة وأدوار متباينة، وهي جديرة بالحضور والتسجيل، ولعلها تكون نواة لسيرة ذاتية كاملة أكتبها عن مراحل مختلفة وأضعها فيما بعد بين دفتي كتاب.
الإنترنت
يشير الأستاذ صلاح القرشي إلى أن انتشار المواقع الثقافية في شبكة المعلومات أسهم في نشر كثير من السير والمدونات، إذ يقول:
ربما يتبادر إلى الذهن للوهلة الأولى أن مسألة كتابة السيرة الذاتية أو كتابة نتف من المواقف الشخصية والمشاعر والعواطف في مراحل مختلفة من العمر هو أمر له علاقة بانتشار الانترنت والمدونات وسهولة النشر.
لكنني لا أعتقد هذا.. بل أرى أن هذا النوع من الكتابة موجود منذ القدم.. بل إن وجود ما سمي باليوميات أو المذكرات هو أمر قديم جداً.
وعلى المستوى المحلي لعلي أتذكر بعض كتب الأديب والشيخ أبو عبدالرحمن بن عقيل.. (هكذا علمني وورد زورث) و(الفنون الصغرى)..
في مثل هذه الكتابات امتزجت السيرة الشخصية مع الطرح الأدبي والفكري فشكلت قيمة أدبية ممتعة وجميلة..
المسألة في نظري تكمن في الموهبة قبل كل شيء.. وفي كيفية تقديم السيرة نفسها.. رغم أنني أفضل أن يقدم الكاتب أو الأديب أو الفنان نفسه من خلال أعماله الأدبية، من خلال قصصه أو رواياته أو قصائده او أعماله الفنية. ثم يمكن له بعد ذلك أن ينشر سيرته الذاتية أو الأدبية كما فعل ماركيز في (عشت لأروي).
لكننا أيضاً يجب أن ننتبه إلى أن توفر وسيلة النشر السهلة والمباشرة لابد له أن يساهم في خلق أنواع ونماذج أخرى من الكتابة..
هكذا وجدت المدونات الشخصية وتحولت من خلالها تلك الدفاتر الشخصية التي يخبئها الإنسان في مكتبه إلى سير تنشر للجميع.. ولم تعد السيرة الذاتية مقصورة فقط على المشهورين والناجحين بل بإمكان أي شخص أن يسجل حكايته الخاصة.. وينشرها.
لكن كيف يمكن تقييم مثل هذه السير، وهل لها أن تشكل إضافة إلى الأديب أو إلى الأدب..؟ هذه في نظري مسألة أخرى يحكمها الزمن نفسه.
السيرة الافتراضية
كما يتحدث الأستاذ حامد بن عقيل عن تجربته في مجال (السيرة الذاتية) الذي يراها عملاً إبداعياً قابلاً للكتابة في أي عصر وعلى يد أي كاتب بغض النظر عن الفئة العمرية التي يكتب فيها ويقول:
لا أدري إن كانت تجربتي (سيرة افتراضية) التي نشرتها في كتابين هي ما يرشحني للمشاركة في هذا المحور. على أية حال، يبدو لي أن هناك علاقة وثيقة، في أذهان العامة، بين مفردة (سيرة) وبين التحولات الزمنية القابلة للرّصد. لكن هذه التحولات، حين ترتبط بدالة الزمن فحسب، تعطي معنى التاريخ الشخصي كفعل كتابي يتجه نحو نشر الأنا على الملأ بأسلوب تسويقي بحت.
بالطبع، مفردة السيرة تحتاج هنا إلى إخضاع طوعي لمعناها القاموسي، وهو ما سيخرجها من حيز ضيّق إلى حيز واسع يعطي عدّة معاني؛ من أهمها: الهيئة، الطريقة، المذهب، الحالة، السلوك. فلا تغدو السيرة مجرد أن يدوّن الكاتب تفاصيل حياته وأعماله، بل تتجه نحو تدوينه للراهن بوصفه حالة (هيئة) طريقة، وهو تدوين إبداعي يخرجها عن مجرد الحفر في الماضي الذاتي إلى تدوين الأنا الآن بكافة تجلياتها الفكرية والإبداعية. ولهذا، لن يكون من الملزم للكاتب أن يبلغ من الكبر عتيّا حتى يكون مؤهلاً لسرد أرشيفه الحياتي والإبداعي، بل سيصبح ملزماً له أن يرافق فعل السيرة مراحل متعددة من حياته فتغدو مراجعة ذاتية لكل مرحلة عمرية مر بها، مع كونها شاهداً على مرحلة اجتماعية وثقافية تتزامن مع وقت إنجاز الكاتب لسيرته.
وعليه، يكون فعل كتابة السيرة فعلاً إبداعياً قابلاً للكتابة في أي عصر وعلى يد أي كاتب بغض النظر عن الفئة العمرية التي يكتب فيها فرهانه هنا هو الإبداع وليس التسويق لذات قرب أفولها، فبالغت في استعادة ماض قد لا يعني للقراء الكثير.
فن وإبداع
ويرى الأستاذ بدر عمر المطيري أن السيرة الذاتية تأتي خلاصةً لمسيرة حياةٍ حافلة بالتجارب والأحداث المختلفة، وهذا ما لا يتوافر عند الأدباء الشباب الذين قد يستعجلون ويسارعون إلى كتابة مدوناتهم ويقول:
كتابة السيرة الذاتية فن وإبداع.. ومنذ القدم ومبدعو الكلمة يحرصون على إطلاع القراء على بعض الجوانب المهمة في حياتهم.. وحتى في عصرنا الحاضر لايزال الشعراء والأدباء.. والمبدعون بشكل عام يدوِّنون سيرهم الذاتية تماماً كما يفعله أساطينُ السياسةِ في كتابة مذكراتهم السياسية اللصيقة بتجاربهم الذاتية.
ومن المتعارف عليه أن السيرة الذاتية تأتي خلاصة لمسيرة حياةٍ حافلةٍ بالتجارب والأحداث المختلفة لهذا تأتي في نهاية المطاف أو حين يشارف العمر على نهايته وقد رأينا بعض المبدعينَ في مشهدنا الثقافي الحاضر يسارعون إلى تسجيل سيرهم الذاتية وهم لمّا يزالون شباباً أغراراً برغم عدم اكتمال نضجهم الثقافي وربما لا يملكون أصلاً شروط وأدوات الكتابة الذاتية و(السِّرُّ) في هذا - كما يظهر لي - (النرجسية) التي تتلبس صاحبها إضافةً إلى شعوره الجاد بضغط الظروف المحيطة به وإحساسه بمضيِّ العمر واقتراب النهاية دون أن يعرف القراء عنه شيئاً.. لهذا يسارع المبدع في الحديث عن سيرته إمَّا على شكل روايةٍ أو قصصٍ قصيرة أو حتى شعراً وقد يكون في هذا الاستعجال فائدة للقراء لكنها فائدةٌ مبتورةٌ إذا لا تكتمل الصورةُ في النهايةِ إلا حين تكتمل قدراتُ المبدع.. القدرات العقليةِ والروحيةِ والتجارب الحياتية التي هي أساس كل سيرة إنسان عظيم يستحق الخلود في فنه وإبداعه.
البوح
ويرى الأستاذ عواض العصيمي أن السيرة الذاتية كان ضمن ما اتهمت به الرواية المحلية في بداية انتشارها ويلحظ أن شبكات الانترنت تحتفي بالمدونات والسير الذاتية للأدباء والكتّاب الشباب ويقول:
موضوع السيرة الذاتية، كان ضمن ما اتهمت به الرواية المحلية في بداية انتشارها، أي منذ سنوات قليلة من الآن، حيث وصف بعضها بأنها مجرد سير ذاتية، وأن كتابها إنما كانوا يكتبون فصولها من تجاربهم الشخصية. غير أن هناك فرق بين كتابة السيرة الذاتية بمعنى الترجمة الذاتية لحياة المؤلف، والسيرة الروائية النصف صادقة كما عبر أندريه جيد، وكما ذكر في كتاب (السيرة الذاتية في الأدب العربي) للدكتورة تهاني عبدالفتاح شاكر. الأولى عرفها الباحث محمد عبدالغني حسن، وهي (أن يكتب المرء بنفسه تاريخ نفسه، فيسجل حوادثه وأخباره، ويسرد أعماله وآثاره ويذكر أيام طفولته وشبابه وكهولته، وما جرى له فيها من أحداث تعظم وتضؤل تبعاً لأهميته). أما الثانية فهي بحسب التعريف الذي نسب إلى أندريه جيد (: لايمكن ان تكون المذكرات إلا نصف صادقة، ولو كان هم الحقيقة كبيراً جداً، فكل شيء معقد دائماً أكثر مما نقوله، بل ربما تقترب الحقيقة أكثر في الرواية). هناك بالطبع تداخل بين السيرة الذاتية، كما تقول المؤلفة، وبين غيرها من الأنواع السيرية، كالتأريخ، والسيرة الغيرية، والمذكرات، واليوميات، والرواية، غير أن هذا ليس موضوعنا في هذه المشاركة المتواضعة.
بناءً على التعريفين السابقين، يمكن تقسيم الكتابات المحلية إلى ثلاثة أقسام. القسم الأول، سيرة ذاتية حافة ومعلنة وظاهرة كما جمعها الدكتور الخويطر في كتابه (وسم على أديم الأرض)، وهذه لا تسمى رواية بالمعنى الحديث للرواية، وإن كانت تدخل في باب الحكي الأدبي. أما القسم الثاني، فيستدعي الكاتب فيه جزءاً من سيرته وجزءاً من خياله فيؤلف من الاثنين تركيبة سردية تقترب من الحقيقة تارة، وتبتعد تارة أخرى، ما يجعلها غير خاضعة بشكل كبير لمفهوم السيرة الذاتية المتعارف عليه، إذ تتداخل الحدود الواقعية والحدود المتخيلة فتبدو كتابة اتكأت في تحبير أحداثها على ذاكرة قد تكون عاشت الوقائع المسرودة، ولكن من دون أن تتنكر لسلطة الذاكرة الروائية القائمة على التخليق الفني وإيقاد المخيلة في عتمة البوح الواقعي. أما القسم الثالث، فشأنه شأن الرواية المنتمية إلى حقل الرواية بمفهومه الإنسان العام، مع التأكيد على نقطة مهمة وهي أن الروائي لابد أن يتسلل منه إلى روايته شيء من ذاته سواء تنبه لذلك أم لم يتنبه له، لكن هذا لا يضع العمل في الإطار السيري الذي نتحدث عنه.
* لماذا الكتّاب الشبان عندهم ذلك الاستعجال في كتابة سيرهم الذاتية؟
- في الواقع، لم ألحظ ذلك الآن، وإن بدت العملية على شكل محاولات قليلة متفرقة (في الانترنت مثلاً)، فإنها على المستوى التأليف الورقي ماتزال غير موجودة، أو هذا ما وصل إليه اطلاعي.
الأصوات الجديدة
ويشير الأستاذ محمد المنقري إلى أن من حق كل شخص أن يعلق صفحات حياته على نوافذ الضوء لاسيما أن رويت بصدق ويقول:
يبدو لي أن الظاهرة انعكاس لكثير من التحولات التي طرأت على مجريات الحياة المعاصرة حيث أصبح الفرد ضمن منظومة من الصراعات المتشابكة متعددة الأطراف لا يعرف بالضبط من يقبض على دفة السفينة، ويدعي كل شخص - مهما صغر دوره - مزيداً من المهام، ويؤدي مجموعة من التحركات لصالح البشرية جميعها فكل فرد يدفع أجزاء من حياته لتحسين فرص الحياة، وتنويع المشهد الجماعي.
وتبعاً لذلك من حق كلِّ شخص أن يعلق صفحات حياته على نوافذ الضوء، ويمنح روحه أشكالاً من الشراكة الجماعية والتآزر مع الآخرين حين تغدو النفس بعيشها ونجاحها وشطحاتها وعنفوانها ونزقها، وربما خيباتها جزءاً من عالم أشمل وأجمل يتدثر بأيقونات الكتابة وفوانيسها.
المرء المعاصر والكاتب على وجه الخصوص خرج من ربقة المؤسسات التقليدية مستفيداً من تقاليد جديدة وافتراضية لتحقيق ذاته بعيداً عن الصواية والتنميط والقولية، وهي إسهامات خدمت الإبداع والمبدعين إلى حد كبير وربما كان من إفرازاتها تعميق ثقة الكاتب بنفسه، ومنحه الفرصة لتقديم ذاته والاعتماد على منجزه الحياتي والفني.
والعالم التقني والالكتروني الراهن يسمح بتعدد الأصوات لكنه في اللحظة نفسها يجعل النبت الأكثر بهجة أمام تحدٍ صعب يتمثل في قدرته على لفت الأنظار في ظل تزاحم شديد وغوغائية أحياناً تدفع إليها حالات الفرحة بالانعتاق من قيود الرقيب وتزايد خفق الأجنحة المحتفلة بالحياة الجديدة.
لا أعرف بالضبط من قال ذات يوم (إن حياة كل إنسان مهما كانت تافهة ستكون ممتعة إذا رويت بصدق) غير أنها شهادة عظيمة في سبيل ترويض الأصابع النقدية التي تصنع القوالب أحياناً، وتبرع في ترويج النجوم، وتصنع التماثيل الثقافية والقمم الأدبية في سياق صناعة النجم وليس الاحتفاء بالنص البارع والأنيق والمحرِّض على الحياة.
التقنين النقدي الجاهز قد يرفض الأصوات الجديدة، أو يرى في حياة الأسماء المغمورة مضيعة للوقت، لكن الكاتب البارع في خلق الفضاءات حين يمتلك القدرة على استضافة الآخرين إلى خزائن ذكرياته وطرقات رحلته اليومية متحرراً من النسق التوثيقي والتاريخي الذي فُرِضَ عليه من بعيد ليتدخل حيناً في إضفاء طعم خاص على بعض التفاصيل،أو تحريك الشخوص باتجاه الحياة التي فقدت منه أو حُرِم منها، أو يترك صفحات عمله فسحة لأشخاص يتوق إليهم يرى فيهم بعض ملامحه الضائعة أو عمره المفقود فيحتفي بهم من جديد وهم يتخلقون في عالمه السردي الذي قد يرى فيه البعض تقريراً نمطياً، أو يوميات عابرة في حياته منشغلين بالتلصص بين الكلمات لإشباع نزوات الترصد لديهم، أو امتثالاً لرؤية تقتدي بالصحافة الصفراء في عَقْد مقارنات بين الحياة اليومية للكاتب وبين نَصّه الإبداعي بهدف الإدانة أو التصنيف، وليس التعامل مع النص باعتباره حياة جديدة تتقلص فيها الفواصل العام والخاص والسري والمعلن والحلم ووعثاء الواقع.
باختصار يمكننا القول: إن كثيراً من الأعمال السردية الجميلة نبعت من السيرة الذاتية وأطيافها، وفي هذه اللحظة وقع بين يدي خبر عن رواية جديدة للمصري علاء الأسواني تحمل عنوان (شيكاجو) وهي امتداد ل(عمارة يعقوبيان) روايته الأولى التي فاضت بكثير من تفاصيل تعكس قدراً من حياة كاتبها وسيرته الشخصية الأمر الذي دفع بعض ساكني العمارة الفعليين إلى رفع قضية عليه ذات يوم بعد كشفه أسراراً من حياتهم اليومية.
فلاشات قصيرة
ويلحظ القاص عبدالواحد الأنصاري إلى أن هناك نزوى لدى الأدباء وعلماء العربية منذ القدم إلى تدوين بعض مشاهد حياتهم مما يروى عن أبي الوفاء بن عقيل الحنبلي وأبي حيان التوحيدي، كما يلاحظ أن هناك نزوعاً بشكل عام لدى المثقفين والأدباء في شتى العصور إلى تدوين مذكرات عن صباهم وأسفارهم مثل كتابات رفاعة طهطاوي وطه حسين وقبلهما في الأدب الفرنسي جان جاك روسو وغيرهم من معاصريه، كما أن هناك كتابات مماثلة في السيرة الذاتية لمحمد شكري (الخبز الحافي) وعبدالفتاح أبومدين (الفتى مفتاح) وما كتبه (القشعمي) عن سنوات طفولته في كتابه (بدايات).
ونستنتج من كل هذا الركام إن التأخر في تدوين السيرة الذاتية لم يكن من أولئك الكتاب بسبب انتظار منهم متعمد حتى يصلوا إلى مراحل عمرية متقدمة بل الدافع الحقيقي في كتابته هو شيوع الأفتتان بهذا الجنس السردي أو الشبه سردي في العقود الأخيرة.
لذلك لا أستغرب أن يقبل الشباب على حميا هذا الأمر وبخاصة أن كل من كتبوا ذكريات صباهم وشبابهم تمنوا لو أنهم كتبوها قبل ذلك بفترة طويلة.
أما بالنسبة لي فلا يمكن أن أسمي المقالات الأدبية أو المقالات التي كتبتها في مناسبات خاصة لا يمكن أن أعتبرها سيراً ذاتية حتى وإن تضمنت تطويلاً أو تركيزاً على فترة معينة من عمري الماضي (القصير جداً) ومع ذلك فلدي الآن كُتيّب صغير بعنوان (شرفات) عن بعض مشاهداتي التي أعتقد أنها استحقت التدوين، وكل ما تستحق تسميته أنها فلاشات من الذاكرة فقط وليسة كتابة سيرية مقننة أو مقصودة.
المصدر
http://www.al-wed.com/pic-vb/239.gif
http://www.palintefada.com/upload/pic/beesssss.gif
د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
aghanime@hotmail.com