... وأرسله على جناح السرعة ليأتيه من الحدث بما يشفي الغليل، وليعود إليه دون إبطاء أو تثاقل بحقيقة ما يجري هناك، فانطلق الخادم مسرعا إلى حيث أمر، وعندما صار قريبا من الساحة المقصودة، وقف يرصد بناظريه كل حركة مضطربة نشيطة، ويقتفي أثر كل سكون مثير غريب، ثم إنه لم ينس أن يجتهد في أن لا يخطئ بهما أي حركة مألوفة رتيبة أو سكون معتاد غير شاذ، يتخللان صخب أهل الحي، وما يجري بينهم من تعامل، وما يتجاذبونه بينهم من حديث...
لم يلبث الخادم إلا قليلا حتى رجع إلى من أرسله بما لم يحدث به نفسه يوما، وبالذي لم يكن في الحسبان، فما إن تراءى له حتى أشار إليه مناديا بإحدى يديه، وهو يواري صريح الخبر في تلميحه باليد الثانية: أن اركض سريعا ولا تقف إن قدرت، وانج بنفسك إن استطعت...