الرد على الموضوع

أضف مشاركة إلى الموضوع: شاعـــــــر يرثي شاعـــــــرا

رسائلك

اضغط هنا للدخول

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

 

يمكنك إختيار أيقونة لرسالتك من هذه القائمة

الخيارات الإضافية

  • سيتم تحويلها www.example.com إلى [URL]http://www.example.com[/URL].

عرض العنوان (الأحدث أولاً)

  • 25/04/2006, 11:06 AM
    أبو شامة المغربي

    شاعـــــــر يرثي شاعـــــــرا

    (حافظ إبراهيم)
    شاعر النيل، توفي سنة 1932م، فرثاه شوقي بهذه القصيدة:

    يـا مُنْصِـفَ المـوْتى مـن الأَحيـاء


    ******
    قــد كـنتُ أُوثـرُ أَن تقـولَ رِثـائي//
    يـا مُنْصِـفَ المـوْتى مـن الأَحيـاءِ
    لكـنْ سـبَقْتَ، وكـلُّ طـولِ سـلامة//ٍ
    قـــدرٌ، وكــلٌ مَنِيَّــةٍ بقضــاءِ
    الحـقُّ نـادَى فاسْـتجَبْتَ، ولـم تَـزلْ//
    بــالحقِّ تحــفِلُ عنـدَ كـلِّ نِـداءِ
    وأَتيْـت صحـراءَ الإِمـامِ تـذوب من//
    طُــولِ الحـنينِ لسـاكن الصحـراءِ
    فلقيــت فـي الـدار الإِمـامَ محـمدًا//
    فــي زُمْــرَةِ الأَبــرارِ والحُنفـاءِ
    أَثَــرُ النعيــم عـلى كـريمِ جبينـه//
    ومراشـــدُ التفســـيرِ والإِفتــاءِ
    فشــكوتما الشَّـوْقَ القـديمَ، وذُقْتُمـا//
    طِيــبَ التـداني بعـدَ طـولِ تنـائي
    إِنْ كــانت الأُولــى منـازلَ فُرْقـةٍ//
    فالســمْحَةُ الأُخــرى ديــارُ لِقـاءِ
    وودِدْتُ لـو أَنـي فـداكَ مـن الـرَّدَى//
    والكـــاذبون المُرْجِــفونَ فِــدائي
    النــاطقونَ عـن الضَّغينـةِ والهـوى//
    المُوغِــرُو المَـوْتَى عـلى الأَحيـاءِ
    مــن كــلّ هَــدَّامٍ ويَبنـى مجـدَه//
    بكـــرائم الأَنقــاضِ والأَشــلاءِ
    مـا حَـطَّموكَ، وإِنمـا بـكَ حُـطِّموا//
    مــن ذا يُحـطِّم رَفْـرَف الجـوزاء؟
    اُنظُـره، فـأَنت كـأَمْسِ شـأْنُكَ بـاذخٌ//
    فـي الشـرقِ، واسْـمُكَ أَرفعُ الأَسماءِ
    بــالأَمسِ، قــد حَــلَّيْتَني بقصيـدةٍ//
    غــراءَ تُحــفَظُ كــاليدِ البيضـاءِ
    غِيـظ الحَسُـودُ لهـا وقمـتُ بشـكرها//
    وكمــا علمــتَ مَــوَدَّتي ووفـائي
    فــي مَحــفلٍ بَشَّـرْتُ آمـالي بـه//
    لمــا رَفعـتَ إِلـى السـماءِ لِـوَائي
    يــا مـانِحَ السُّـودانِ شـرْخ شـبابِه//
    ووَلِيَّــهُ فــي السّــلمِ والهيْجــاءِ
    لـمَّــا نـزلْت عـلى خمائلـه ثـوَى//
    نبْــعُ البيــانِ وراءَ نَبْــع المـاءِ
    قلَّدْتَــهُ الســيفَ الحُسـامَ، وزدْتَـهُ//
    قلمًــا كصــدرِ الصَّعْـدةِ السـمراءِ
    قلـم جـرى الحِـقبَ الطِّوالَ فما جرى//
    يومًـــا بفاحشـــةٍ ولا بهجــاءِ
    يكســو بِمدْحَتِــه الكِــرامَ جلالـةً//
    ويُشَــيِّعُ المــوْتى بحســنِ ثَنـاءِ
    إِسْــكَنْدَرِيّةُ يــا عــروسَ المــاء //
    وخميلـــةَ الحكمــاءِ والشــعراءِ
    نشــأَتْ بشــاطِئِكِ الفنـونُ جميلـةً//
    وتَرعــرعَتْ بســمائِك الزهــراءِ
    جــاءَتْكِ كــالطيرِ الكـريمِ غرائبًـا//
    فجمعتِهـــا كـــالرَّبْوَةِ الغنَّـــاءِ
    قـد جـمَّلوكِ، فصِـرْتِ زِنْبَقَـةَ الثرَى//
    للوافـــــدين ودُرَّةَ الدَّأْمــــاءِ
    غرَسُـوا رُبـاكِ عـلى خمـائلِ بـابلٍ//
    وبَنَـوْا قصـورَك فـي سَـنا الحمراءِ
    واســتحدثوا طُرُقًـا مُنـوَّرة الهـدى//
    كسـبيلِ عيسـى فـي فِجـاجِ المـاءِ
    فخُــذي كـأَمِس مـن الثقافـة زينـةً//
    وتجـــمَّلِي بشـــبابكِ النُّجَبــاءِ
    وتقلَّــدي لغــةَ الكتــابِ، فإِنَّهــا//
    حَجَــرُ البنــاءِ، وعُــدَّةُ الإِنشـاءِ
    بَنَــتِ الحضـارةَ مَـرَّتيْن، ومهَّـدتْ//
    للمُلــكِ فــي بغــدادَ والفَيْحــاءِ
    وسَــمَتْ بقرطبـةٍ ومصـرَ، فحلَّتـا//
    بيـــن الممـــالكِ ذِرْوَة العَليــاءِ
    مـاذا حشـدتِ مِـن الدمـوع لحافظٍ//
    وذخـرْتِ مـن حـزنٍ لـه وبُكـاءِ؟
    ووجــدْتِ مِـن وقـع البـلاءِ بفقـدهِ//
    إِن البــلاءَ مَصــارِعُ العظمــاءِ
    اللــهُ يشــهدُ قــد وَفيْـتِ سـخيَّة//ً
    بــالدَّمع غــيرَ بَخيلــةِ الخطبـاءِ
    وأَخـذتِ قِسـطًا مـن مَناحـةِ مـاجد//ٍ
    جَــمِّ المــآثِرِ، طيِّــبِ الأَنبــاءِ
    هَتــف الـرُّواةُ الحـاضرون بشـعره//
    وحــدا بــه البـادون فـي البَيْـداءِ
    لبنــانُ يَبكيـه، وتبكـي الضـادُ مـن//
    حَــلبٍ إِلـى الفيْحـا إِلـى صَنْعـاءِ
    عـربُ الوَفـاءِ وَفـوْا بذمّـةِ شـاعرٍ//
    بــانى الصفـوفِ، مُـؤلفِ الأَجـزاءِ
    يا حـافظَ الفصحـى، وحـارسَ مَجْدِهـا//
    وإِمــامَ مَــنْ نجَـلتْ مـن البُلغـاءِ
    مــا زِلْـتَ تهتـفُ بـالقديم وفضلـهِ//
    حــتى حَــمَيْت أَمانــةَ القُدمــاءِ
    جــدّدت أُســلوبَ (الوليدِ) ولفظَــه//
    وأَتيْــت للدّنيــا بســحر (الطائي)
    وجـريْت فـي طلـبِ الجديدِ إِلى المدى//
    حــتى اقـترنْت بصـاحب البُؤسـاءِ
    مـاذا وراءَ المـوت مـن سَلْوَى، ومن//
    دَعَـةٍ، ومـن كـرَمٍ، ومـن إِغضاءِ؟
    اشـرحْ حقـائقَ مـا رأَيْـت، ولم تزل//
    أَهــلاً لِشــرْح حقــائِقِ الأشـياءِ
    رُتـبُ الشـجاعةِ فـي الرِّجـالِ جلائلٌ//
    وأَجَـــــلُّهُنَّ شــــجاعةُ الآراءِ
    كـم ضِقـتَ ذَرْعًـا بالحيـاة وكيْدِهـا//
    وهتفــت بالشــكوى مـن الضَّـراءِ
    فهلُــمَّ فـارِقْ يـأْسَ نفسِـك سـاعةً//
    واطلُـعْ عـلى الـوادي شُـعاعَ رجاءِ
    وأَشــرْ إِلـى الدنيـا بوجـهٍ ضـاحكٍ//
    خُــلِقتْ أَسِــرَّتُهُ مــن السَّــراءِ
    يــا طالمــا مَـلأَ النَّـدِيَّ بشاشـة//
    ً وهــدى إِليــك حــوائجَ الفقـراءِ
    اليــومَ هـادنْت الحـوادِثَ، فـاطَّرِحْ//
    عِـبْءَ السـنين، وأَلْـق عِـبْءَ الداءِ
    خــلَّفْت فــي الدنيـا بيانًـا خـالدًا//
    وتــركْت أَجيــالاً مــن الأبنــاءِ
    وغـدًا سـيذكرك الزمـانُ، ولـم يَزل//



    للدِّهــرِ إِنصــافٌ وحسـنُ جـزاءِ




    د. أبو شامة المغربي

ضوابط المشاركة

  • تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •