هل الموتى يسمعون يا فضيلة الدكتور الشيخ السعدي؟
by
, 14/04/2012 at 01:46 AM (6610 Views)
[B]هل الموتى يسمعون يا فضيلة الدكتور الشيخ السعدي؟[/B]
داود سلمان الشويلي
في برنامج افتائي بث على قناة بغداد الفضائية التي لها جمهور اسلامي عريض في العراق وفي الوطن العربي ، ومن يتكلم العربية من مسلمي العالم ، مساء يوم الاربعاء 11نيسان2012 ، وكان الضيف الدائمي لحلقات البرنامج الاسبوعي الشيخ الدكتور عبد الملك السعدي الذي يجيب عن كافة اسئلة المتسائلين ذات الطابع الافتائي ، وجه احد المشاهدين سؤالا عن شرعية قراءة سورة الفاتحة في مجالس العزاء وعلى القبور،واجاب فضيلته بأن ذلك وارد شرعا لان (الموتى سيسرون بذلك) خاصة ان السورة تقرأ من باب الدعاء كما هي في صلاة الميت (حسب قوله) ، وهم - أي الموتى - يسمعون القول.
هذه الاجابة – سماع الموتى للقول - وضعتني في حيرة من امري ، خاصة ان القرآن الكريم يقول عكس ذلك عندما يخاطب النبي في سورة النمل / 80 ،(( فإنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين)). عندها رجعت الى التفاسير المتيسرة بين يدي (في قرص الكتروني) وهي اكثر من خمسين تفسيرا، بين سني وشيعي وزيدي ، واخترت اربع تفاسيرخشية الاطالة، وكانت تلك التفاسير تذكر الاتي:
جاء في جامع البيان للطبري :
(( يقول تعالى ذكره : فإنك يا محمد لا تسمع الموتى يقول : لا تجعل لهم أسماعا يفهمون بها عنك ما تقول لهم ، وإنما هذا مثل معناه : فإنك لا تقدر أن تفهم هؤلاء المشركين الذين قد ختم الله على أسماعهم ، فسلبهم فهم ما يتلى عليهم من مواعظ تنزيله ، كما لا تقدر أن تفهم الموتى الذين قد سلبهم الله أسماعهم ، بأن تجعل لهم أسماعا . وقوله : ولا تسمع الصم الدعاء يقول : وكما لا تقدر أن تسمع الصم الذين قد سلبوا السمع الدعاء ، إذا هم ولوا عنك مدبرين ، كذلك لا تقدر أن توفق هؤلاء الذين قد سلبهم الله فهم آيات كتابه ، لسماع ذلك وفهمه . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : فإنك لا تسمع الموتى : هذا مثل ضربه الله للكافر فكما لا يسمع الميت الدعاء ، كذلك لا يسمع الكافر . ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين يقول : لو أن أصم ولى مدبرا ثم ناديته لم يسمع ، كذلك الكافر لا يسمع ولا ينتفع بما يسمع)) . ( جامع البيان - إبن جرير الطبري - ج 21 - ص 67.)
وقال الرازي في تفسيره:
(( حدثنا أبي ثنا هشام بن خالد ، ثنا شعيب بن إسحاق ، ثنا سعيد ، عن قتادة قوله : انك لا تسمع الموتى قال : هذا مثل ضربه الله للكافر ؛ كما لا يسمع الميت كذلك لا يسمع الكافر ولا ينتفع به)) . ( تفسير ابن أبي حاتم - ابن أبي حاتم الرازي - ج 9 - ص 2921).
ويقول الفخر الرازي في تفسيره:
(( وأما قوله ( والموتى يبعثهم الله ) ففيه قولان : الأول : أنه مثل لقدرته على إلجائهم إلى الاستجابة والمراد : أنه تعالى هو القادر على أن يبعث الموتى من القبور يوم القيامة ثم إليه يرجعون للجزاء ، فكذلك ههنا أنه تعالى هو القادر على إحياء قلوب هؤلاء الكفار بحياة الإيمان وأنت لا تقدر عليه . والقول الثاني : أن المعنى : وهؤلاء الموتى يعني الكفرة يبعثهم الله ثم إليه يرجعون ، فحينئذ يسمعون وأما قبل ذلك فلا سبيل إلى استماعهم ، وقرئ ( يرجعون ) بفتح الياء . وأقول : لا شك أن الجسد الخالي عن الروح يظهر منه النتن والصديد والقيح وأنواع العفونات ، وأصلح أحواله أن يدفن تحت التراب ، وأيضا الروح الخالية عن العقل يكون صاحبها مجنونا يستوجب القيد والحبس والعقل بالنسبة إلى الروح كالروح بالنسبة إلى الجسد ، وأيضا العقل بدون معرفة الله تعالى وصفاته وطاعته كالضائع الباطل ، فنسبة التوحيد والمعرفة إلى العقل كنسبة العقل إلى الروح ، ونسبة الروح إلى الجسد فمعرفة الله ومحبته روح روح الروح فالنفس الخالية عن هذه المعرفة تكون بصفة الأموات ، فلهذا السبب وصف الله أولئك الكفار المصرين بأنهم الموتى . والله أعلم)) . ( تفسير الرازي – الفخر الرازي - ج 12 - ص 209).
وقال القرطبي:
(( ( إنك لا تسمع الموتى ) يعنى الكفار لتركهم التدبر ، فهم كالموتى لا حس لهم ولا عقل . وقيل : هذا فيمن علم أنه لا يؤمن . ( ولا تسمع الصم الدعاء ) يعنى الكفار الذين هم بمنزلة الصم عن قبول المواعظ ، فإذا دعوا إلى الخير أعرضوا وولوا كأنهم لا يسمعون ، نظيره " صم بكم عمى " كما تقدم . وقرأ ابن محيصن وحميد وابن كثير وابن أبي إسحاق وعباس عن أبي عمرو " ولا يسمع " بفتح الياء والميم " الصم " رفعا على الفاعل . الباقون " تسمع " مضارع أسمعت " الصم " نصبا . مسألة : وقد احتجت عائشة رضي الله عنها في إنكارها أن النبي صلى الله عليه وسلم أسمع موتى بدر بهذه الآية ، فنظرت في الامر بقياس عقلي ووقفت مع هذه الآية . وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ما أنتم بأسمع منهم " قال ابن عطية : فيشبه أن قصة بدر خرق عادة لمحمد صلى الله عليه وسلم في أن رد الله إليهم إدراكا سمعوا به مقاله ولولا إخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم بسماعهم لحملنا نداءه إياهم على معنى التوبيخ لمن بقي من الكفرة ، وعلى معنى شفاء صدور المؤمنين)) . ( تفسير القرطبي - القرطبي - ج 13 - ص 232)
ويمكن مراجعة الكثير من التفاسير التي سأشير لبعضها لا على التعيين:
- زاد المسير – ابن الجوزي – ج6 – ص 79 .
- معاني القرآن – النحاس – ج5 – ص 271 .
- مفردات غريب القرآن – الراغب الاصفهاني – 242 .
- تفسير النسفي – ج3 – ص222 .
- تفسير البيضاوي – ج4 – ص277 .
- ... الخ.
فهل يريدنا فضيلة الدكتور الشيخ السعدي ان نصدقه ، ام نصدق قول الله في كتابه ؟
وكذلك لمن يريد ان يعتمد حادثة اسماع النبي لموتى بدر ، فإن السيدة عائشة جنبتنا الرد ، اذ انكرت الحادثة كما ذكر القرطبي في تفسيره.
فيما ذكر القرطبي عن ابن عطية ان هذا الامر – ان صح - هو خرق للعادة (معجزة للنبي).
وبعد القرآن الكريم ، ورد السيدة عائشة ، لا يمكن ان نصدق الخبر الذي ينقل من ان النبي قال: بأن الميت يسمع قرع النعال إذا انصرفوا عنه ، مهما كان المصدر الذي ورد فيه.
فلماذا يا فضيلة الشيخ نترك قول الله الصريح البين الواضح ونعتمد قول البشر؟ ولماذا نثقف الناس على مثل هذه الاقوال في الفضائيات؟