مشاهدة تغذيات RSS

خاشع ابن شيخ إبراهيم حقي

اللغة العربية الفصحى تقول بلسان حالها :(( إنما أشكو بثي وحزني إلى الله ))

تقييم هذا المقال
[SIZE=5][B][FONT=&quot]بسم الله الرحمن الرحيم [/FONT][/B][B][FONT=&quot]اللغة العربية الفصحى تقول بلسان حالها :[/FONT][/B]
[B][FONT=&quot] (( إنما أشكو بثي وحزني إلى الله )) [/FONT][/B]

[B][FONT=&quot]كان من الأهداف التي وضعها رجال التعليم والحكم نصب أعينهم في بدايات الاستقلال تعميم اللغة العربية الفصحى والسعي على نشرها , وتوسيع آفاقها العلمية وميادينها التعليمية حتى تشمل جميع نواحي الحياة الاجتماعية والأسرية والفردية , ولاسيما في التعليم ومؤسساته , ودوائر الدولة كافة . [/FONT][/B]
[B][FONT=&quot]فتعال أخي القارئ الكريم :[/FONT][/B]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]للتطواف في أرجاء الوطن العربي الكبير نرى ما الذي تم تحقيقه في دنيا العروبة والعالم العربي والإسلامي للحفاظ على هذه اللغة , والإبقاء على أصالتها ورونقها وجمالها ونشرها في الوطن العربي وخارجه , إذ هي من أهم مقومات تكوين الأمة , كما يقول علماء الاحتماع .[/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[B][FONT=&quot] الحق يقال :[/FONT][/B] [/SIZE][FONT=&quot][SIZE=5] إن المجامع اللغوية في العالم العربي جادون في أبحاثهم , دائبون على علمهم في الميادين العلمية كافة , ترجمة , وتعريبا ً للمستجدات العلمية والتقنية المتطورة , وقد غطوا هذه المستحدثات والمستجدات بإيجاد أسماء وتسميات عربية فصيحة لها , ولاسيما في الميدان الطبي . [/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]أما في المجال التعليمي والتربوي – وهذا باب القصيد – أعني في المؤسسات العلمية من معاهد وجامعات ودور علم فلا يخالجني الشك أن التقصير فيه كبير , وكبير جدا ً , إذ لا تكاد تجد معلما ً أو أستاذا ً في مراحل التعليم الثلاث ( ابتدائي- إعدادي – ثانوي ) حتى الجامعي , يجيد التكلم بالفصحى بطلاقة , أو يبتدئ محاضرته ويستمر فيها إلى نهايتها دون أن يخلطها بالعامية .[/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[B][FONT=&quot]أقول هذا وقلبي يعتصر ألما[/FONT][/B] [/SIZE][FONT=&quot][SIZE=5] : إذ عانيت هذا الواقع المؤلم ربع قرن أو يزيد حين ممارستي لمهنتي في تدريس مادة التربية الإسلامية في المرحلتين الإعدادية والثانوية في سورية وخارجها .[/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]وكم كنا ننبه إخواننا المدرسين والمعلمين على ضرورة التزام الفصحى في دروسهم النظرية والعلمية ولكن ما كنا نجد آذانا صاغية .[/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]وكان خوفنا في هذا الجانب على الطلاب والتلاميذ , لأن إهمال الفصحى يرتد سلبا ً على ناشئتنا وأجيالنا الحاضرة والقادمة . [/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]ثم إن هذا التعمد أو التجاهل للفصحى أمر خطير ينبغي أن يكون التنبيه عليه مستمرا ً من الموجهين التربويين المتخصصين في المواد الدراسية كافة , وفي مجالات حياتهم الفردية والأسرية والاجتماعية , حتى في أحاديثهم العرضية , ليكونوا مربين عمليين وقدوة للعاملين .[/SIZE][/FONT][SIZE=5]


[B][FONT=&quot]واقع أليم :[/FONT][/B]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]واليوم وبعد مرور ثلاثين سنة لا ألمس إلا التدني سواء في المجالات العلمية ومؤسسات التعليم , أو دوائر الدولة ومخاطبات رجالاتها وكتاباتهم وتقاريرهم , فضلا ً عن وسائل الإعلام والصحافة التي تجاري السوقة وأبناء الشارع . [/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]بينما يزداد الاهتمام بالعامية واللهجات الإقليمية والمحلية , من السواد الأعظم من الناس ومن الطبقات كافة ...! وانتقلت عدواها من ثم إلى الدعايات على شاشات التلفزة . فبأي منطق تفعل هذا ؟ وكيف نرضى للغتنا العربية الجميلة , لغة القرآن , والعبادة , والعلم والحضارة , أن تظل مهجورة لا ينطق بها إلا على أعواد المنابر , ونتمسك باللهجات العامية والمحلية الدارجة على طول وطننا العربي الكبير , وأقطاره المختلفة , ولهجاتها المتباينة التي تعددت بتعدد الأقطار العربية , إذ لكل قطر عربي لهجته الخاصة به ...! بل لكل مدينة أو محافظة لهجتها الخاصة المتميزة .[/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]وما الذي كان يقوله أبو الأسود الدؤلي لو عاش واقعنا اليوم , ورأى هذا التكسير في لغته , والعجمة في لهجته ؟[/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]لقد تأثر من كلمة واحدة قالها بالفصحى , ولم يفهمها عليه صاحبه , إذ روي أن الدؤلي كان يمشي خلف جنازة , فسأله أحدهم : من المتوفي – بكسر الفاء – فقال : الله تعالى , فاستغرب الرجل ولم يفهم عليه , ومضى لشأنه , لأن العوام يقولون عن الميت (( متوفي )) – بكسر الفاء- وهذا غلط , والصواب : [B]متوفـَّى , بفتح الفاء[/B] .[/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]وكان هذا أحد أسباب وضع قواعد اللغة العربية أو فيما سمي (( علم النحو )) بعد ذلك .[/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]ولما كانت اللغة هي أهم مقومات الأمة – أية أمة – وجب أن تكون في مكان الصدارة من اهتماماتنا , ولا يتوانى فيها البتة , ولأنها لغة القرآن الكريم , قال تعالى : [B]( إنا أنزلناه قرآنا ً عربيا ً لعلكم تعقلون ) يوسف /2/[/B] .[/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]وهي لغة العبادة , يتعبد بها في الصلاة , ولغة العلم والحضارة رغم أنف الحاقدين والمتربصين والمتآمرين , من مبشرين ومستشرقين ومن دار في فلكهم سار في مخططاتهم , وبهذه الفصحى تفهم الأجيال تراث الأجداد , وتقرأ مؤلفاتهم , وتطلع على تاريخهم وحضارتهم منذ عهد الجاهلية قبل الإسلام وإلى اليوم ... وما بعد اليوم . [/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]وبذلك تستمر الصلة بين الأبناء والآباء والأجداد , وتزداد الرابطة متانة ورسوخا ً على مر الزمن .[/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]وقد حفظ أجدادنا الفصحى من تسرب أي ضعف إليها , ووضعوا لها من الأسس والقواعد والضوابط ما يضمن استمرارها , ويكفل بقاءها وسلامتها , وخدموها , بل تفانوا في خدمتها لأنها لغة القرآن أولا ً والصلة بين الأجيال ثانيا ً , والحفاظ على التراث ثالثا ً .[/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]ولولا تلك الجهود المضنية في تقعيد قواعدها لما استمرت الصلة بين الأجيال المتعاقبة , ولما فهم جيل لاحق عن جيل سابق , ولطرأ عليها التغير والتبديل , لأن اللغة كأي كائن حي تموت منها كلمات وتتجدد فيها كلمات .[/SIZE][/FONT][SIZE=5]

[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]وهكذا تم الحفاظ عليها في الصدور والسطور , وعلى الألسنة نطقا ً وشعرا ً , إلى اليوم إذ بإمكان أي قارئ عربي أن يستخرج أي كتاب من المكتبة العربية ويقرأه بسهولة ويفهمه تماما وكأنه ألف اليوم وإن كان من العهد الجاهلي الذي يفصل بيننا وبينه خمسة عشر قرنا ً , في حين ان غيرها من اللغات تلاشت واندثرت في تضاعيف المستجدات ( كاللغة اللاتينة ) , ومثلها اللغة الإنكليزية المعاصرة التي تطورت تطورا ً كبيرا ً وواسعا ً حتى لم يعد الإنكليزي اليوم يفهم عن شعر شكسبير شئيا ً إلا إذا ترجم شعره إلى لغة العصر , علما أن المسافة الزمنية التي تفصل بين شكسبير والجيل الحاضر , ليست ببعيدة إذا ما قيست بالزمن الذي يفصل بين العربي اليوم وبين العهد الجاهلي .... فأين أربعة قرون من خمسة عشر قرنا ً ....!؟ .[/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]والسبب في ذلك تطور اللغة وعدم الحفاظ على الصلة بين القديم والحيث . وقد جرت محاولات كثيرة ولا تزال لاستبدال العامية بالفصحى , وجعل اللهجات الإقليمية بدلا ً عنها منذ ما يزيد على قرن , وظهرت الدعوة إليها من كتاب وأدباء وشعراء , لهم وزنهم في الوطن العربي , متأثرين بالدعوات التي أطلقها المستشرقون والمبشرون من أمثال : [B]( سلامة موسى , وسعيد عقل , وأنيس فرنجية , وعبد العزيز فهمي)[/B] , بدعوى أن الفصحى لايفهمها العامل والفلاح والسوقي ورجل الشارع , وكسبوا إلى جانبهم وسائل إعلامية قوية وكثيرة على أعلى المستويات والأصعدة وعقدت ندوات وجرت مقابلات مع كبار دعانهم لهذه الغاية . [/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[B][FONT=&quot]سقوط الاقنعة :[/FONT][/B]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]ولنستعرض أقوال بعض أولئك المبشرين والمستشرقين لنعلم الخلفية الاستعمارية وراء تلك العامية واللهجات المحلية والأقليمية , بعد أن سقطت الأقنعة عن وجوههم الكالحة , فظهرت أهدافهم جلية واضحة . [/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]-[/SIZE][/FONT][SIZE=5][B][FONT=&quot]هذا وليم ولككس المهندس كان مقيما ً في مصر[/FONT][/B][/SIZE][FONT=&quot][SIZE=5] , والذي قال عنه سلامة موسى : (( والهم الكبير الذي يشغل بال ( السير ولككس ) بل يقلقه هو هذه اللغة التي نكتبها ولا نتكلمها , فهو يرغب في أن نهجر ونعود إلى لغتنا العامية فنؤلف بها وندون علومنا وآدابنا )) .[/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]ويتوجه هذا المبشر بالحديث إلى القائمين بالبعثات التبشرية والاستشراقية , فيرى أن عشر سنوات في التعليم كافية لإبعاد الفصحى من حياة الناس , وتتخلص الطبقات المثقفة من السخرية العقلية التي دامت أربعة آلاف من السنين .[/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5] ويضيف قائلا ً : فمنذ أربعئة سنة تخلصت إنكلترا من اللغة اللاتينة الأكاديمية نهائنا ً, واستخدمت لغتها القومية , ونهضت الأمة كماينهض رجل قوي بعد سبات .[/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[B][FONT=&quot]-[/FONT][/B][B][FONT=&quot]ويقول زويمر المستشرق والمبشر الإنكليزي :[/FONT][/B] [/SIZE][FONT=&quot][SIZE=5] تبشير المسلمين يجب أن يكون بلسان رسول من بين صفوفهم , لأن الشجرة ينبغي أن يقطعها أحد أبنائها .[/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[B][FONT=&quot]-[/FONT][/B][B][FONT=&quot]أما وليم جيفور دبلجراف : [/FONT][/B][/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]فإنه يدعو صراحة إلى إبعاد القرآن عن حياة المسلمين والقضاء على مكة فيقول : [B](( متى توارى القرآن ومدينة مكة عن بلاد العرب يمكننا عندئذ أن نرى العربي[/B] [B]يتدرج في سلم الحضارة التي لم يبعده عنها إلا محمد وكتابه ))[/B][/SIZE][/FONT][SIZE=5]

[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]ويضيف قائلا ً : [B](( والتقسيم السياسي الذي طرأ على الإسلام سيمهد السبيل لأعمار المدينة الأوروبية ولا يمضي غير وقت قصير حتى يكون الإسلام في حكم مدينة محاطة بالأسلاك الأوروبية )) [/B][/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]وقد استجاب لهذه الدعوة عدد غير قليل من الكتاب والأدباء العرب من أمثال : [/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]-[/SIZE][/FONT][FONT=&quot][SIZE=5]محمد عياد الطنطاوي صاحب كتاب (( أحسن النخب في معرفة كلام العرب )) [/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]-[/SIZE][/FONT][FONT=&quot][SIZE=5]حفني ناصيف صاحب كتاب (( مميزات لغات العرب )) [/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]-[/SIZE][/FONT][FONT=&quot][SIZE=5]ميخائيل الصباغ صاحب كتاب (( الرسالة التامة في كلام العامة )) و (( المنهاج في أصول الكلام الدراج )) .[/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]-[/SIZE][/FONT][FONT=&quot][SIZE=5]سلامة موسى أحد أبرز تلامذتهم حيث ذهب إلى أبعد من هذا حين صرح بقوله : [B]الرابطة الشرقية[/B] [B]سخافة , والرابطة الدينية وقاحة , والرابطة الحقيقية هي رابطتنا بأوروبا .[/B][/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]-[/SIZE][/FONT][FONT=&quot][SIZE=5]عبد العزيز فهمي الذي اقترح على غرار أساتذته من الأوروبيين أستبدال الحروف اللاتينية بالحروف العربية متعللا ً بصعوبتها قائلا ً : (( وهذه المشقة تحملني على الاعتقاد بأن اللغة العربية من أسباب تأخر الشرقين , لأن قواعدها عسيرة ورسمها مضلل ...! )) .[/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]ترى ماذا يقول عبد العزيز فهمي عن اللغة اليابانية التي يصل عدد حروفها إلى عشرة آلاف حرف , ولم يستطع اليابانيون على الرغم من تقدمهم العلمي والتقني اختراع آلة للغتهم حتى اليوم , وإن المسؤولين الكبار في الوزارة أو في السفارات في الدولة اليابانية , إذا أراد أحدهم أن يكتب تقريرا ً كتبه بيده ثم سلمه إلى النساخ , وإن كل مراحل التعليم ,على ذلك , باللغة اليابانية , فإن اليابان على الرغم من كل ذلك تسابق وتنافس أرقى دول العالم , وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية ماذا يقول عبد العزيز فهمي وأمثاله من الزاعمين صعوبة اللغة العربية الفصحى والداعين إلى تسهيلها أو هجرها واستبدال العامية أو اللهجة المحلية بها لتحل محل لغتهم للانسلاخ كليا ً من تاريخنا وأمجادنا وأصالتنا وتراثنا !؟ !! إن أحداً من اليابانيين – على حد علمنا – لم يقل إن حروفهم الكثيرة معقدة ومتشابكة وصعبة على الفهم والحفظ , وعسيرة في الكتابة , فهي لذلك لا تواكب الحضارة , ويجب إبعادها واستبدال غيرها بها . إن ما نراه اليوم من الإقبال الشديد على اللغات الاجنبية وتعلم مصطلحاتها واستخدامها في النداءات والمكالمات ولا سيما في المطارات والشركات الكبرى , وإهمال الفصحى دليل خطير وبرهان واضح على استهواء الإنسان العربي للغة الأجنبي , وتعشق قيمه وعاداته وكيفية معيشته وحتى لغته ....! .[/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]ويرحم الله القائل : [/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[B][FONT=&quot]أمة قد فت َّ في ساعدها بغضها الأهل وحب الغربا [/FONT][/B]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]وفي هذا ما فيه من الخطورة على الأجيال ومستقبل الأمة الذي اؤتمنا عليه .[/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]وأنا هنا لا اهون من شأن اللغات الأجنبية فإن تعلمها واجب و ضرورة عصرية ودينية [B](( فمن تعلم لغة قوم[/B] [B]أمن شرهم ))[/B] لكنني أعتب على الداعين إلى التوهين من شأن الفصحى واستبدال العامية أو اللغات الأجنبية بها .[/SIZE][/FONT][SIZE=5]


[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]ثم ماذا يقول فهمي وأمثاله في اللغة الصينية أيضا ً التي عدد حروفها [B]( 4444)[/B] حرفا ً , وأن الآلة الكاتبة الصينية تتكون من [B]( 2200 )[/B] حرفا ً فقط . [/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]وأن الصينيين على الرغم من ذلك لايدعون إلى تسهيل لغتهم كما يدعو هؤلاء بحجة أنها صعبة تعوق التقدم والتطور ومواكبة الحضارة .[/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]ولكن لاغرو ... إذا علمنا أن الدعوة إلى العامية في العالم العربي بدأت على يد مبعوث بريطانيا وليم ولككس عام /1883م/ في مصر .[/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]وفي لبنان على يد المستشرق الفرنسي لويس ماسينيون مستشار الخارجية الفرنسية لشؤون المستعمرات في الشرق , وأنه لا يزال إلى اليوم من يجتر هذه الدعوة الهدامة , ويحاول النفخ فيها بين حين و آخر , مستهدفين تمزيق الأمة وعزلها عن قرآنها الذي وحدّهم وجمع كلمتهم ذات مرة . [/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[B][FONT=&quot]فضل القرآن الكريم : [/FONT][/B]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]وليعلم الجيل الحاضر أن الرد على هؤلاء ينبغي ان يكون جديا ً وجماعيا ً يتمثل بزيادة الاهتمام بالفصحى والتركيز في دراستها دراسة واعية مستفيضة , واستعمالها في مجالات الحياة كافة , لنفوت على المتآمرين من المبشرين والمستشرقين وأذنابهم في شرقنا هذا غرضهم القريب , و هدفهم البعيد . [/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]ولتعلم أجيالنا أيضا ً أن الفضل في الحفاظ على اللغة يعود إلى القرآن الكريم , فهو الذي صانها من التفكك والانقراض الذي أصاب غيرها من اللغات .[/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]هذه اللغة التي هي أكثر لغات العالم ثراءً وجمالا ً وعطاء ً وقدرة عل استعاب المصطلحات العلمية الجديدة تتعرض اليوم للانقراض والقضاء عليها بالسجن المؤبد أو الموت إن أمكن ...! فماذا أنتم فاعلون تجاه هذا الخطر الداهم يا بناة الأجيال ...! ويا سياج الوطن ... ويا حماة الديار وحراس القيم والعقيدة ...! لقد اتخذ الأوروبيون عداوة هذه اللغة طريقة انتحلوها ومذهبا ً انتسبوا إليه , كما اتخذت محاولات الطعن على اللغة العربية الفصحى أشكالا ً ومظاهر شتى فهي عندهم ميتة كاللاتينية وعاجزة عن مواكبة الحضاري , فقيرة من الناحية الإصلاحية , متحجرة التراكيب , عميقة الكتابة مشوهة الحروف , يجب دفنها والتفكير في استبدال غيرها بها , واصطناع حروف غير حروفها , ومن هنا كانت الدعوات المتتالية لإثارة اللهجات المحلية وتشجيع العامية , وفسح المجال أمام اللغات الاستعمارية من فرنسية وإنكليزية وروسية وإسبانية قصد التضييق على اللغة العربية وإحلالها محلها . [/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]إن هذا التصور المشحون بالعداء للغة العربية يحمل دون شك خلفية استعمارية ظهرت معالمها بوضوح في الدعوة إلى العامية التي كانوا يطمحون أن يترجم بها القرآن الكريم . كما حدث للإنجيل في مصر , وهو صادر عن قوم معروفين بالعداء للإسلام الذي يتمثل باللغة العربية , ومعظمهم في الوطن العربي , وتقلدوا مناصب سياسية مرموقة ودينية عالية , فالدكتور[B] ولهم سبيت [/B]الألماني كان مديرا ً لدار الكتب المصرية , [B]وكارل موكرس[/B] الألماني أيضا ً كان مديرا ً لدار اكتب واحد كتاب [B](( داصرة الكتب[/B] ا[B]لإسلامية))[/B] وسلدن ولمور , وباول الإنكليزيان كانا قاضييم بالمحاكم الأهلية بالقاهرة , ووليم ولككس الإنكليزي كان مهندسا ً للري بالقاهرة . وقد جردوا لهذه الحروب السياسية التي اتخذت الدعوة إلى العامية سلاحا ً يراد به تفتيت قوة كانت مجتمعة , أو تفتيت قوة هي طريقها إلى التجمع .[/SIZE][/FONT][SIZE=5]



[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]يقول محمود شاكر صاحب كتاب [B]( أباطيل وأسمار )[/B] في مؤلفه هذا : [B](( وكل الذين يغلفون عن هذه[/B] [B]المعارك , ويهدونها معارك أدبية أي معارك ألفاظ كالدكتور مندور وأشباهه إنما يخاطرون بمستقبل أمة[/B] [B]قد ائتمنوا عليها )) . [/B][/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]هذا الاهتمام لم يكن من أجل البحث العلمي كما يزعمون , ولا من أجل حاجتهم إلى معرفة لهجات البلاد العربية التي تقتضي مصالحهم أن يعيشوا فيها ويتعاملوا مه أهلها , وغنما من أجل القضاء على الفصحى [/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[B][FONT=&quot]أنانية [/FONT][/B]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]كما أن فعل هؤلاء لم يكن انسياحا ً حضاريا ً , ولا رغبة في توسيع رقعة الحضارة , وتعميم إشعاعها , ولكن كان يتسم بطابع الأنانية القارية تضع القارات الخمس , بكل ما تحفل به من طاقة بشرية في خدمة الإنسان الاوروبي , والقارة الاوروبية . وأنانية الفكر الأوروبي هذه تجرد الفكر الحضاري من مقولته النظرية التي تستهدف إقامة حضارية واحدة ووحيدة في العالم , إذ يلغي من حسابه خصوصيات الشعوب وطبيعة الارض والانتماء العرقي والحضاري في الوقت ذاته .[/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]وهي بذلك تشد آفاق الحوار الحضاري والتكامل الثقافي بين الأمم الذي من أهم وسائله اللغات التي تمثل الخصوصيات الحضارية للأمم , والتي تتنازع القومية , وبعد فرضها احتلالا ً عقليا ً في الشعوب التي ضعفت عصبيتها , وهذا الصنيع يتناقض تناقضا ً صاروخا ً مع ما أقروه في بلدانهم فقد ظل الأوروبيون يحاربون اللهجات والعاميات في أوطانهم ويدعون إلى الوحدة اللغوية في البلاد . [/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]يقول الراهب غريغوار مبدأ المساواة الذي أقرته الثورة يقتضي بفتح أبواب التوظيف أمام جميع المواطنين ولكن تسليم زمام الإدارة إلى أشخاص لا يحسنون الللغة القومية يؤدي إلى محاذير كبرى ..! [/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]فيترتب على الثورة , والحالة هذه أن تعالج المشكلة جدية , بمحاربة اللهجات المحلية , وتنشر اللغة الفرنسية الفصيحة بين المواطنين .[/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[B][FONT=&quot]كما جاء في بيان الثورة الفرنسية :[/FONT][/B] [/SIZE][FONT=&quot][SIZE=5] أيها المواطنون , ليدفع كلا ً منكم تسابق مقدس للقضاء على اللهجات في جميع أقطار فرنسا , لأن تلك اللهجات رواسب الإقطاع والاستعباد وبقاياها ...! [/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]وهم يدركون تمام الإدراك أنها لا تعني قوميا ً وسياسيا ً غير تفكيك وحدة الامة وتمزيق شعوبها والإكثار من كياناتها المتجزئة . [/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]ولا تعني اسلاميا ً غير خلق جيل بلا قرآن ، وإن من المبادئ وعي الامة الإسلامية بذاتها أن تعي لغتها ، وتحرص على رعايتها ، إذ ما ذلت لغة قوم ٍ او شعب ٍ إلا ذل ، ولا انحطت إلا كان امره في ذهاب و إدبار .[/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]ولهذا كان الاوربي يفرض لغته فرضا ً على الأمة المستعمرة , ويشعرهم عظمته فيها ويستلحقهم من ناحيتها ، فيحكم عليهم أحكاما ً ثلاثة : [/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]ــ حبس لغتهم في لغته سجنا ً مؤبدا ً .[/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]ــ الحكم على ماضيهم بالقتل .[/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]ــ تقييد مستقبلهم في الأغلال التي يضعها عليهم فأمرهم من بعدها لأمره تبع .[/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]هذا نزر يسير مما أطلعتك عليه ، مما يدبره اعداء هذه الأمة واعداء لغتها من الاوربيين ، ولا يزالون يحيكون المؤامرات ويجندون الطاقات للظفر بما يريدون ، وتحقيق ما يستهدفون للقضاء على الإسلام ذاته وإخراج أهله منه وهو الهدف الأبعد الذي لايصرحون به ، لكنه احيانا يظهر في فلتات أقلامهم وأقوالهم كما جاء في قول وليم جيفورد بلجراف السابق ، حين دعا إلى إبعاد القرآن من حياة المسلمين ، والقضاء على مكة ..... ![/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]وما أصدق القرآن حين قال : (...[B] ولا يزالون يقاتلوكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا [/B])البقرة217 [/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]ولقد خاب فألهم وطاش سهمهم ، فإن الفصحى باقية ، وسوف تبقى خالدة ، محافظة على أصالتها وجمالها ورونقها ، وعذوبة ألفاظها إلى ماشاء الله لها أن تبقى .... إلى أن يرث الله الارض ومن عليها .[/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]لأنها لغة القرآن الكريم ، جعلها الله لغة كتابه ، واختارها من بين اللغات أجمع ، فانتقى رب العزة اللغة العربية الفصحى للقرآن العظيم ، واصطفى لرسالته محمدا ً نبيه الامين والقرآن محفوظ بحفظ الله قال تعالى : ( [B]إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون [/B]) الحجر 9 .[/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]وعليه فإن اللغة العربية كذلك هي محفوظ بحفظ القرآن .[/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]هذه حقيقة قرآنية , وحقيقة تاريخية , وواقع نعيشه , وإن كان الناطقون بها أقل ممن ينطقون بالعامية .[/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]فهي خالدة و؟إن تنكر لها المتنكرون أو تجاهلها المكابرون , فلتع الأجيال هذه الحقيقة وليفهم المتآمرون إنهم إنما يرقمون على الماء ....! [/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]ثم إن القرآن اساس كيان هذه الأمة , ومصدر عزتها , وعنوان كرامتها , ومبعث مجدها , ومحقق سؤددها , ( [B]نحن قوم قد أعزنا الله بالإسلام[/B] ) قالها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه العربي الأصيل العريق في أصالته ، ثم كانت كلمة باقية على مر العصور والدهور ... الى اليوم .[/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]أنى لهذه الامة ان تتخلهى عن دينها وكتاب ربها ، وقد قال تعالى : ( [B]وانه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون[/B] ) الزخرف 44 .... وإلا فقل لي بربك ما الذي يحفظ على الأجيال تاريخ أمجادهم الطويل الحافل [/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]بالأمجاد ... وما الذي يضمن فهمهم لتراثهم وفخرهم بمجدهم التليد وصلتهم بماضيهم المشرق الوضاء. !؟ ورحم الله شاعرنا الذي لخص ماضي هذه الامة وأمجادها وبطولاتها في وطنها الكبير في أبيات عبر فيها عن لسان الشباب المتقذ حماسة وشموخا ً فكان مما جاء فيها : [/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[B][FONT=&quot]لنــــا العــراق والشــــــام ومصـــــر والبيــــت الحـــــــــرام [/FONT][/B]
[B][FONT=&quot]نمشي على الموت الزؤام إلى الامـــــــــام إلـــــــى الامــــــام[/FONT][/B]
[B][FONT=&quot]نبنــــــــــي ولا نتكـــــــل ُ نـفنــــــــــــى ولا ننخـــــــــــــــــذل[/FONT][/B]
[B][FONT=&quot]لنـــا يـــــــــد ٌ والعمــــل لنــــــــا غــــــــــد ٌ والأمــــــــــــــل[/FONT][/B]
[B][FONT=&quot]وقال آخر : [/FONT][/B]
[B][FONT=&quot]نفوس أباة وماض ٍ مجيد وروح الأضاحي رقيب عتيد [/FONT][/B]
[B][FONT=&quot]فمنا الوليد ومنا الرشيــد فلـــم لا نسود ولـــم لا نشيــد[/FONT][/B]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]وما أكثر ماتغنى به شعراء هذه الامة مشيدين بعزم الشباب وعنفوانه وإقدامه , فأين حصيلة تلك الامجاد والآمال العراض التي بنوها وتاملوا أن تكون الأجيال القادمة على مستوى المسؤولية لتحقيق تلك الطموحات والآمال ...!؟ .[/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]أعود لأقول : كان من مزاعم دعاة العامية واللهجات المحلية والاقليمية : أن العامل والفلاح والسوقي لا يفهمون الفصحى , وأن هذه اللغة لم تعد وافية بحاجات الناس ومتطلبات العصر الحديث , بل هي عاجزة عن مواكبة الركب الحضاري الناجم عن التطور السريع ..![/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]نقول لهم : على رسلكم يا دعاة العامية لندعولكم من سويداء قلوبنا ( أن يكسركم الله ويكسر أمسالكم ؟ بالسين لا بالثاء حيث تقتضيه الفصحى , وبذلك يكون الدعاء عليهم لا لهم , ترى هل يرضيكم هذا الدعاء باللهجة العامية التي تدعون إليها ...! ثم إن اتهامكم اللغة العربية بالقصور وعدم قدرتها على الوفاء بمتطلبات العصر وعجزها عن مواكبة التطور العلمي والحضاري , اتهام باطل لا يستند إلى واقع أو منطق ..![/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[B][FONT=&quot]أسباب القوة :[/FONT][/B]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]يمكن أن يوجه هذا إلى أي لغة أخرى ما عدا اللغة العربية لعدد من الأسباب أجملها فيما يأتي :[/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]-[/SIZE][/FONT][FONT=&quot][SIZE=5]إن اللغة العربية اليوم هي اللغة العربية بالأمس , وما قبل الأمس , بل ما قبل آلاف السنين لغة جميلة رقيقة حلوة , عذبة الوقع على الاسماع كما يقول الشاعر :[/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[B][FONT=&quot]لغة إذا وقعت على أسماعنا[/FONT][/B] [/SIZE][FONT=&quot][SIZE=5] [B]كانت لنا بردا ً على الاكباد[/B][/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[B][FONT=&quot]ستظـل رابطة تـؤلف بيننـا[/FONT][/B] [/SIZE][FONT=&quot][SIZE=5] [B] فهي الرجاء لناطق بالضاد [/B][/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]تعشقها الأذن وتستمتع بها حروفا ً وكلمات , نظما ً ونثرا ً لوقعها الموسيقي العذب لغة بليغة تؤدي معاني كثيرة بألفاظ قليلة وعبارات موجزة مفهومة , حتى شهد لها رسول الله صلى الله عليه وسلم – أفصح من نطق بالضاد – فقال : [B](إن من الشعر لحكمة وإن من البيان لسحرا) [/B][/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]-[/SIZE][/FONT][FONT=&quot][SIZE=5]عاصرت هذه اللغة الجاهلية والإسلام , وكانت قادرة على الوفاء بمتطلبات العصرين على الرغم مما بينهما من مسافات زمنية , وعلى الرغم مما بين العصرين من تفاوت في جميع جوانب الحياة العملية , سواء منها ما يتعلق بالإنسان أو الحياة أو بالكون , وما أحدثه الإسلام من تغير في هذه الثلاثة أي : ( الإنسان , والحياة , الكون ) من حيث نظرته إليها , وما عجزت في العصر الإسلامي الذي تطور تطورا ً عظيما ً وكبيرا ً على الجاهلي في كل شيء , ولا سيما في العقيدة والعبادة والنظام الاجتماعي والأخلاقي والسياسي والاقتصاري . بكلمة مختصرة : قلب الجاهلية رأسا ً على عقب , وأدت اللغة دورها في كل ذلك أتم ما يكون وأحسن ما يراد . هذا الكم الهائل من التراث الذي خلفه أجدادنا العظام , من شعر ونثر وخطب ومقالات في مناسبات شتى , وأحكام فقهية وتشريعية وتاريخ وأدب وجعرافيا ..الخ , كيف تم ذلك كله لولا قدرة اللغة على الوفاء بحاجاتهم , والاستجابة لمتطلباتهم العلمية تلك ؟ لقد كان الواحد منهم إذا أراد أن يشعر ( يقول شعرا ً ) كان يقول : إن الكلمات لتزدحم في ذاكرتي حتى لأحار في أيها آخذ , وذلك لغزارة الألفاظ المترادفة التي تؤدي معنى واحدا ً في هذه اللغة دون غيرها , رحم الله شاعر النيل حافظ إبراهيم الذي رد على هؤلاء الادعياء أول نشأتهم على لسان اللغة العربية المظلومة حين قال :[/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[B][FONT=&quot]وسعــت كتــاب الله لفظــا ً وغايــة وما ضقت عن آي به وعظات [/FONT][/B]
[B][FONT=&quot]فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة وتنسيق أسمـــــاء لمخترعــــــات [/FONT][/B]
[B][FONT=&quot]أنا البحر في أحشائه الدر كامن فهل سألوا الغواص عن صدفاتـي [/FONT][/B]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]-[/SIZE][/FONT][FONT=&quot][SIZE=5]اللغة التي استوعبت منهج الله لعباده في كتابه الكريم وقرآنه العظيم بألفاظه ومعانيه , وأدت المطلوب منها في بلاغة واضحة وبيان تام وإعجاز نادر , سواء في الايجاز , والاختصار , أو في الإسهاب والإطناب , حسبما يقتضيه الموضوع .[/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]ونحن نعلم أن القرآن الكريم طرق في بيانه المعجز موضوعات شتى : عقيدة , وعبادة , ومعاملات , وتشريع , وتاريخ , وبيئة إنسانية ونفسية أي ( الكلام الذي في الإنسان أو يقوله في نفسه دون أن تسمعه أذناه ) كما قال تعالى : (ويقولون في أنفسهم .... ) المجادلة :8 , وذكر القرآن فضلا ً عما تقدم مخلوقات مادية مرئية محسوسة كالأرض وما عليها من جبال وأنهار وبحار , وإنسان , وحيوان وأنهار , وبحار , وجماد وأخرى غيبية غير مرئية ( ميتافيزيك ) أي تجاوز عالم الإنسان والعالم المرئي المحسوس أو لايقع تحت الحس , فتحدث عن عالم الجن , وعالم الملائكة , وإلى أبعد من هذه العوالم , مما يتعلق بعالم الموت الذي يسميه القرآن حينا ً ( عالم البرزخ ) وحينا ً ( عالم الآخرة ) وفرق بين العالمين بألفاظ دقيقة لأنهما عالمان مختلفان كاختلاف الجنين في بطن أمه عن عالم الإنسان في هذه الحياة الدنيا , ووصف كل ذلك وصفا ً دقيقا ً لم يسبق إليه , وما كان للغة العربية أن تبلغها لولا الوحي الذي أنزله الله على رسوله محمد – صلى الله عليه وسلم – ( وهذا تشريف للغة العربية وأي تشريف ...! ) [/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]هذه اللغة العظيمة وسعت كتاب الله لفظا ً وغاية ً ووسعت تلك العوالم العجيبة بما فيها عالم الغيب والشهادة في ألفاظ دقيقة معبرة , وبلاغة واضحة , وإعجاز نادر . كيف استوعبت ألفاظها وقوالبها تلك المناظر الغريبة العجيبة ( في الجنة والنار ) لاغرو ... إذا علمنا أنه كلام الله عز وجل الخالق العظيم [/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]الذي قال : ( [B].... وعلم آدم الأسماء كلها[/B] ) [B]البقرة 32[/B] فصب تلك المعاني والمرائي في قوالب لفظية [/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]بديعة رائعة حلوة عذبة رقراقة كالماء السلسبيل حتى لتكاد تعيشها وأنت في عالم الشهادة , لقد كانت هذه [/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]اللغة يوما ً هي اللغة العالمية , وكانت المؤلفات لا تكاد تنشر إلا بها , كانت دولية ( بمصطلح اليوم ) [/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]والاولى في العالم أجمع . [/SIZE][/FONT][SIZE=5]


[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]فما الذي حصل حتى صارت لغة مهجورة , متخلفة سبقتها لغات لم يكم لها وجود .....!؟ [/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]علينا أن نراجع حساباتنا مع أنفسنا ونوازن بين ماضينا الناصع , وحاضرنا المؤلم , ومستقبلنا الغامض الداكن ... لعلنا نتدارك تفريطنا فنؤدي بعض حقوق هذه اللغة علينا فنكون من أبنائها البررة .[/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]ترى ماذا أعددنا للغتنا العربية الجميلة , نحن أبناء اليوم , وقد دخلنا القرن الحادي والعشرين عصر الانترنت , والحاسوب , والإنسان الآلي , والأقمار الصناعية , وقنوات التلفزة , عصر السرعة والانفتاح على العالم في نظام عالمي جديد ؟[/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]وماذا فعلنا لإدخال الفصحى في هذه البرامج الإلكترونية , والأقراص المجمعة لأنواع العلوم ومختلف اللغات والفنون ؟[/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]وهل أخذت العربية الفصحى حقها وافيا ً من تلك البرامج , وتبوأت مقعدها المناسب ومكانتها الجديرة بها بين لغات العالم ...؟ [/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]وهل استوفت نصيبها من هذه الأقراص التي يضم كل قرص منها مكتبة كاملة وموسوعة علمية ؟ [/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5]لنا وطيد الامل في القائمين على المؤسسات العلمية , والمجامع اللغوية , ومن لهم الصدارة و بيدهم القيادة والتوجيه أن يفكروا في هذا الأمر بجدية أكثر , ويعملوا بإخلاص وصدق , فإن ناقوس الخطر يدق , والفصحى تستغيث , وترنو ببصرها إليكم يا حماة الديار وحراس الوطن , ويا أيها الامناء على مستقبل الامة ولغتها ... فإن اديتم واجبكم نحو امتكم ولغتها فبها ونعمت وأنتم الاوفياء حقا ً , وإلا فإن اللغة العربية ترفع شكواها ومعاناتها إلى الله تعالى العلي القدير قائلة بلسات حالها : [/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[B][FONT=&quot](( [/FONT][/B][B][FONT=&quot]إنما أشكو بثي وحزني إلى الله ))[/FONT][/B] [/SIZE][FONT=&quot][SIZE=5] يوسف /86 وهو سبحانه وتعالى خير الفاصلين [/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[/SIZE] [FONT=&quot][SIZE=5] والحمد لله رب العالمين . [/SIZE][/FONT][SIZE=5]
[B][FONT=&quot]ذو القعدة /1423هـ[/FONT][/B]
[B][FONT=&quot]يناير /2003/ م
[/FONT][/B]
[B][FONT=&quot]خاشع ابن شيخ إبراهيم حقي [/FONT][/B]














[/SIZE][/QUOTE]
الكلمات الدلالية (Tags): لا يوجد إضافة/ تعديل الكلمات الدلالية
التصانيف
غير مصنف

التعليقات

كتابة تعليق كتابة تعليق