في قلب الرَّحى
by
, 01/05/2010 at 10:41 PM (3937 Views)
في قلب الرَّحىإِشارة حمراء،صغيرة..ستكبر أَكثر..أمامك، لن تستطيع تخطيها، إشاراتٌ حمراء تحيط بك، مُعبَّأٌ أنت... معبَّأٌ بكلِّ شيء و مُقيَّدٌ أَيضاً، مُقيَّدٌ في الخارج و حرٌّ طليقٌ بداخلك.. ستهرب من أهلك و ستجتاز الممرَّ الضَّيق لتجلس في الحديقة الخضراء الرَّحبة تحت أَشعَّة الشَّمس الصفراء تكلِّم الطُّيور والأعشاب..وحيداً في الحقيقة الوحيدة..يُلمح منك بوادر التفكير..التعمق فيه،خائفٌ أَنت و حائرٌ..ستحول أَدقُّ دقائقك إلى زلزال وستصرخ.
- خائنةٌ.. تنظر منحول حديقتك لا أحد يسمع صوتك أو يكترث بوجودك ، تتابع.. خائنة.. لكنَّني اكتشفتُ ذلك متأخراً
- ردّ علي السيد أنا : دائماً تكون متأخراً.
- كان عليَّ أَن أَعلمَ بذلك.
- بأنك متأخر.
- بأنها خائنة، كنت على الأقلِّ سأُحاول معالجة الأمر .
- ستحاول!
- سأحلُّه.. لم أَكن لأَدَعَها تستمرُّ في ذلك.. إِنَّها رغم كلِّ شيء امرأة و المرأة ضعيفةٌ بطبعها و عاطفيَّة.
- لكنَّها أقوى منك.
- تتمتم..
- أقوى منك وأعقل
- يُزبد فمك،تحرِّكُ رأسَك لن تنكرَ ذلك و تستعيدُ لحظة خيانتها
- هلِ الخيانةُ قوَّةٌ؟!.
- أَنتَ تعتبرُها خائنةً،هي لا تقولُ ذلك،لا تقوِّلْها ما لا تقول.
- لقد صارحتها بكلِّ شيء..كلُّ شيء فأخذتْ حقيبَتَها و غادرتِ المنزلَ.
- و لماذا تركْتَها تغادر؟
- لأَنِّي..
- لأَنَّك ضعيفٌ لا تقدر أن تحسِمَ أُمورَك..بل تترُكُها حتَّى تُفاجأَ بتراكمِها و تحاولُ دفعَها مرَّةً واحدة.. و كعادتِك تحاولُ صنعَ المعجزات و لمَّا تعرفْ بأنَّ زمانَ المُعجزاتِ ولَّى.
- هناك خطأٌ في الموضوع ،أنا أعرِفُ أَنَّها ليستْ كذلك و أُدركُ حقيقةَ شعورِها و أَثقُ بها ثقةً عمياء..كانتْ ليَ الصَّديقةَ و الحبيبةَ و الأُمَّ و الزوجةَ، أَتعرفُ ذلك أمْ فؤادُك غيرُ عارف..كنَّا كطيرٍ واحدٍ، كغيمةٍ ماطرة..كسماء زرقاء..حياتنا
كلُّها زرقاء..واسعة رحبة،تعرّفْتُ إليها في السَّنة الرَّابعة و أخذَتِ الأيَّامُ تنسابُ كشلَّالِ ماءٍ باردٍ يُسكبُ من أعلى السَّماء،حيثُ كنَّا نطيرُ بالرَّغم من أصدقائي المتزوِّجين قد حذّروني منَ الزّواج من طالبةٍ جامعيَّةٍ وخاصَّةً منَ السَّنة الدِّراسيَّةِ ذاتِها ، و أَكَّدَ لي صحَّةَ تحذيراتِهم نسُبُ الارتباطِ القليلةُ جدَّاً في السَّنواتِ الأخيرةِ منَ الدِّراسة..لكنِّي لم أعبأْ بهم...
لعلي أدفع الثمن الآن... كانت أيام الخطبة أياماً هبطت علينا من السماوات العلى ...
كيف قلبت حياتي مخملاً و زنبقاً وياسمين كيف أصبحت حياتي عينين ناعستين جميلتين
يا لتينك العينين الناعستين...يذهب فكرك إلى أول لقاء بها... من بين جميع الحاضرين كانت هي بهدوئها و رصانة كلماتها وإيمانها نظراتها تشكل لحناً ينساب إلى قلبك ليملأه لؤلؤاً وعطراً وبنفسجاً.. لكنك لمّا تثمل وتملأً المكان بتحصيناتك المثقفة وغير المثقفة وما تنفعك الثقافة الآن وفي لحظة الميعادكانت الأرض تعلن ولادتها ....
التفت العيون بالعيون ...عينان ناعستان جميلتان حدوبتان ...لم أشعر بأي شيء لحظتها.
- وما يشعر الثمل بأي شيء لحظتها
- كنْتُ مذهولاً.
- كنتُ ثملاً.
- في المساء كانت أحشائي تضطربُ.
- شعور ما بعد الثَّمل.
- لم أعدْ للطَّعام و الشَّراب.
- تريدُ إعادةَ الكرَّة..تحسبُها خيالاً.. ما زلْتُ صغيراً ولمَّا تعرفِ بأنَّ الرِّجالَ جميعَهم أطفال
-أريدُ رؤيةَ تلك العينين النَّاعستين، و تلك الابتسامة الرَّقيقة و ذلك الوجهِ المليح ،قلْ للمليحةِ في الخمارِ الأَسودِ ماذا فعلتِ بطالبٍ متحصِّنِ، قُلِبَتْ حياتي و تزوَّجْتُ بعدَها،بالرُّغم من أُمَّك عارضَتِ الأمرَ لأنَّها تريدني لابنة خالتي كعادة كلِّ الأُمَّهاتِ ،ترضي أُختَها وأتعذَّبُ أنا.
-لكنَّك تتعذَّبُ الآن..
-ربَّما كان عليَّ أُرضي والدتي.
- لن تستطيعَ،فابنةُ خالتك تزوَّجت.
- تلك الخائنة.
- عدْنا.
- لعلَّها الآن معه رتَّبتِ الأُمورَ بدهاءٍ و خبثٍ كأفعى رقطاء.
-بل قلْ كلبوة مثقَّفةٍ.
- لم تجعلْني أُحِسُّ بشيء..موت بطيء حتى اكتشفت أنها تراه من وراء ظهري ،لعله أحد الزملاء،و لربما كانت لها علاقة غرامية معه فمن يدري ماذا كان في حياتها من غراميات .
- أين أصبحنا ...لا تظلمها .
- هكذا هن كل الفتيات يركضن وراء نصيبيهن والنصيب يفر منهن .
- وتقع أنت.. أنت نصيبها .