مشاهدة تغذيات RSS

طارق شفيق حقي

الفوضى الفكرية

تقييم هذا المقال
الفوضى الفكرية
إن كثيراً من خلافتنا الفكرية نابع من فوضى في استخدام اللغة العربية وفوضى في استخدام المصطلحات
نختلف رغم أننا متفقون ونتفق رغم أننا مختلفون
الفوضى الفكرية أساسها فوضى لغوية واصطلاحية
ولذلك كان تعلم اللغة العربية فرضاً على كل مسلم
لا يمكن تعلم الدين الإسلامي بدون تعلم اللغة العربية
ونحن العرب لا نعرف لغتنا بكل أسف
حادثت بدوياً وسألته عن اسمه فقال : " هيكل " وهم يلفظونها " هيجل " بالجيم أسفلها ثلاث نقاط
فقلت له : هل تعرف معنى هيكل ؟
فقال : لا
قلت له رغم أنك بدوي وأعلم الناس بالعربية ، فالهيكل هو البناء الضخم ، وفي الإنسان يقال لكل ضخم الجثة هيكل، ويقال للحصان الضخم هيكل
يقول امرؤ القيس :
وَقَـدْ أغْــتَـدِي والــطَّـيْـرُ فِـي وُكُـنَــاتِـهَا
بِــمُــنْــجَــرِدٍ قَــيْـــدِ الأَوَابِــدِ هَــيْــكَــلِ
أنا لا أقول أني أعلم من البدوي في كل الأمور بل هو مثال سقته ، ولقد تعلمت كثيراً من الكلمات العربية من البدو.
وهذا البدوي يفهم من إعفاء اللحية تركها كيفما اتفق
لقد سقنا شرحاً جديداً للعلامة المحدث الشيخ الشريف محمد عبد الباعث وهو يتكلم عن معنى إعفاء اللحية وتسريحها بعكس ما نفهم بكل أسف وبعكس ما يروج البعض .
ثم تجاوز الشيخ محمد عبد الباعث وهو علامة بحق، تجاوز قضية الفهم الخاطىء للغة ، إلى النقد الجوهري لفهمنا للحديث الشريف كقضية تقصير الثوب
فحين يقف البعض عند المنى الظاهري للحديث، يتجاوز الشيخ المعنى الظاهري للمعنى الجوهري وهو الخيلاء في كل شىء، فجر الثوب كان عادة أهل قريش حيث كانت الطبقية فهناك علية القوم وهناك أراذل وسفهاء القوم ، ولقد قال الله تعالى في كتابه الكريم وهو يشرح هذه الطبقية بقوله
: " فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ"

وهنا وقف الشيخ الشعراوي وقال ولذلك كان هذا المجتمع بحاجة ماسة إلى الإسلام الذي ساوى بين الناس، انظروا كيف يقول علية القوم على الفقراء بأنهم أراذلنا
وهذه الطبقية في المجتمع كانت تؤدي إلى تفاوت في الملبس وتميز اجتماعي ولذلك كان إرخاء الثوب علامة للتميز الاجتماعي ، وهذا موجود في كل المجتمعات ففي الغرب كان هناك طبقة النبلاء واللوردات والدوقات والأمراء والإقطاعيين
وكان يمنع على عامة الشعب ارتداء الملابس التي تخص هذه الطبقات الراقية
بل كانت القفازات والنقاب والثوب الطويل هو لخاصة الخاصة ويمنع للفقراء والعامة الاختلاط بل حتى رؤية بنات الطبقة الراقية، وربما القصص والروايات الرومانسية كانت تجسد التمرد على هذا التفاوت وتطرح قضية الحب المختلط بين شاب من عامة الشعب وفتاة من الطبقة الراقية، وحتى الشعراء تغنوا بالفتيات من الطبقة المخملية والراقية فيقول نزار قباني " وحلمت بأن تتزوجني بنت السلطان"
لكن الأديان والدين الإسلامي عزز العدالة الاجتماعية ومبدأ المساواة، ونحن اليوم اعتدنا عليها ربما، لكن تجاوزها كان يعد قنبلة اجتماعية في زمن الجاهلية.
أما اليوم فلم يعد هناك طبقية ولا تميز طبقي عبر اللباس، فالوقف عند تقصير الثوب على أنه تجاوز للطبقية فيه سوء فهم عميق، بل علينا البحث عن جوهر القضية والبحث عن التمييز الاجتماعي المعاصر عبر السيارات والجوالات والجواهر والمنازل وما نعرفه من أساليب معاصرة للتميز الاجتماعي والاستكبار والخيلاء والترفع الشكلي عن الناس، والبحث عن العبودية المعاصرة، والوأد المعاصر ، هذا الفهم العميق لجوهر الأشياء يساعد العقل على الفهم، قبل الانتقال للتفكير، فلا تفكير من دون فهم.
رابط محاضرة الشيخ عبد الباعث في الرد الأول
طارق شفيق حقي
الكلمات الدلالية (Tags): لا يوجد إضافة/ تعديل الكلمات الدلالية
التصانيف
غير مصنف

التعليقات

كتابة تعليق كتابة تعليق

Trackbacks