مشاهدة تغذيات RSS

داود سلمان الشويلي

الشاعر البصري فائق الخالدي - والقصيدة الملمعة

تقييم هذا المقال
الشاعر البصري فائق الخالدي
والقصيدة الملمعة
داود سلمان الشويلي

مساء ‏الثلاثاء‏ 22‏ /11 / 2011 ، وفي برنامج ظهيرة الجمعة على قناة الشرقية ، حاورت السيدة رقية حسين - مقدمة البرنامج - الشاعر البصري فائق الخالدي ، المقيم في الامارات العربية ، ومن خلال هذا الحوار تعرفنا على شاعر رقيق ، مقتدر من ادواته الشعرية ، من حيث الافكار و الصور ، واللغة ، والبناء الشعري.
ومن ضمن ما قدمه هذا الشاعر (القصيدة الملمعة )، التي هي مزيج من الشعر المكتوب باللغة العربية الفصحى ، والشعر المكتوب باللهجة العامية العراقية.
وهذا النوع من الشعر لم يكن حديث النشأة ، وانما انتشر في العراق – على حد علمي المتواضع - في النصف الاول من القرن الماضي ، الا انه لم يكن بالصورة التي كتب فيها الشاعر الخالدي قصائده الملمعة ، وانما كان – وقتذاك وما يزال – يكتب بطريقة الشطرين ، شطر باللغة العربية الفصحى والشطر الثاني يكتب باللهجة العامية .اما الخالدي فهو يكتب هذا النوع من الشعر بتقسيم القصيدة الى قسمين ، قسم يكتب باللغة العربية الفصحى ، والقسم الثاني باللهجة العامية.
هذ النوع من الشعر اول من كتب فيه الشاعر العراقي القدير المرحوم رشيد مجيد ، ابن مدينة الناصرية ، مركز محافظة ذي قار ، المدينة المبدعة التي رفدت الحركة الفكرية والثقافية والفنية والسياسية في العراق برجال كثيرين.
الشاعر رشيد مجيد - ودون ان نبخس الشاعر الخالدي حقه الابداعي – هو صاحب اول قصيدة كتبت بهذا النوع من الشعر ، وقد قدمت دراسة عن تجربته هذه في كتابي المعنون (رشيد مجيد ... انسانا وشاعرا – ودراسات اخرى) المنشور على موقع الشبكة العنكبوتية ، وفي هذه السطور سأعيد نشر تلك الدراسة خدمة لحركة هذا النوع من الشعر ، ولاعطاء الناس حقهم في الريادة.
***
* وحشتيني ، وحشتيني،
عمر واتعدت ايامه وجيتيني،
اجيتيني على غفلة 00 وندهتيني
مثل تايه لكه دربه 000 لكيتيني
بعد ما ضاعت سنيني
لكيتيني 000 على تراب العمر لَمّن
جِزَ وكتي ، و لمّن ذِبلَت رياحيني
اجيتيني وانا احلم 00 يناسيني
اجيتي و الصبا موَذّح(1)
و لا واحد يواسيني
تراني شاعر ملوّع
تعالي 000لو ذكرتيني
زماني العَرَّفج بيَّ وعرفتيني
بعد ما عتكت (2) ايامي 000 لكيتيني
مثل طير اهتده إلوِكره
اهتديتي لي 00 بعد غربه وبعد هجره
اهتديتي لي 00 وانا مسودن (3) كضت (4) عمري سواديني(5)
اهتديتي للهوه ، وإذعنتِ لامره
وهذاك آنه لَمَن جيتي
ويا محله حنين الحلوه للعشره
" تمايزتي " بقاياي واشفقتِ(6)
على ما فاتني منها لتغريني
فأسلمتِ لسلطاني
وفي عينيك الحاحٌ00 ترى ماذا
وراء الناس في هيكلها الطيني؟
وهذا المنزوي خلف حناياه؟
اذا حنّ000 فلا طهري يزكيه
ولا رجس الشياطين
وقد جئتِ كمن يبحث عن شيء
توارى في دجى الماضي
وفي اشلاء سبعيني
وها قد مرت الايام 00 لا انتِ
ولا صوتك يأتيني
فأين الالق الساجي؟
وتلك الاعين الوسنى؟
............
.............. الخ (7)
***
طلب مرة مني – الشاعر رشيد مجيد - ان اكتب مقدمة لقصيدته (اسم الله) ذات النمط الشعري الجديد (لغة وافكارا وبناء)0
كانت القصيدة تنتقل فيها اللغة - اذا جاز لنا ان نسمي اللهجة المحكية ايضا لغة - (والافكار) بين مقطع شعري واخر بسلاسة فنية، ودار نقاش طويل بيني وبينه ، كنت من مشجعيه في ابداع مثل هذه النصوص ، وكان هو مهووسا بها ، واكبر همّ كان يشغله ان لا يرى مشروعه هذا النور قبل وفاته 000 وعدته ان اكتب تلك المقدمة 000 ومما كتبت في شهر ت1 من عام 1992:
((يستدعي - النوع الجديد - الذي بدأ يكتبه الشاعر رشيد مجيد اكثر من وقفة ، ويطرح اكثر من سؤال 0
فالشاعر رشيد مجيد ، له تجربة طويلة تمتد على مساحة خمسين عاما من الشعر ، وله دواوين ستة مطبوعة ، وضعف العدد مخطوطا 0
اذكر انه سألني قبل اكثر من اربعة اشهر عن كيفية كتابة (الشعر العامي) 000 وقد دار حديث بيننا بهذا الخصوص ، وقتها سألته ان كان يزمع كتابة (القصيدة العامية) فأجابني قائلا : انتظر 0
وانتظرت اياما ، حتى فاجأني بقصيدة تجمع بين اللغة الفصحى ، وبين اللهجة العامية التي هي الاخرى تتصف بقربها من الفصحى والتي اثير حولها قبل اكثر من عقدين من السنين نقاشا طويلا ، وسميت وقتها بـ (اللغة الثالثة) ، او لغة الصحافة ، او لغة المثقفين ، والتي تتصف ببعدها عن حوشي الكلام واعجمية اللفظة والمفردة ، وتركيبها (النحوي والصرفي) القريب من التركيب اللغوي الفصيح 0
انه (نوع جديد) يختلف عن النوع الذي سمي بـ (الشعر الملمع) ، اذ ان هذا النوع يستدعي عمود الشعر الذي يبدأ صدر بيته فصيحا ، فيما يكون عجزه باللهجة العامية ، ومثل هذا الشعر له غاية محددة ، هي (الهزل)0
ان قصيدة رشيد مجيد (الجديدة) والتي يحاول نشر بعض نماذجها على اساس انه اول من كتبها - كما يقول - ستبقى مجالا لابداء الرأي حولها 000 ونحن في هذه السطور اذ نقف عند هذا الحد ، فأننا نطالب الزملاء الشعراء والنقاد والمهتمين بالادب الى دراسة هذه (القصيدة الجديدة) وابداء الرأي والملاحظة حولها)) 0
سألته مرة عن مشروعه هذا ، فأجاب قائلا : (( لا ادري هل يحق لي ان اسميه مشروعا ؟او انها محاولة قد يكتب لها البقاء ، او انها تموت ساعة ميلادها ؟ ومع هذا ، فهي لا تخلو من انها محاولة كبقية المحاولات التي استطاعت ان تقف على قدميها رغم كل المعوقات وهذا ما اتمناه ، واذا لم يتحقق ذلك ، فهي على الاقل لا تخلو عن كونها محاولة ، وانها ستبقى من خصوصيات الشاعر ، ومع الايام فقد تجد لها منفذا لتطل به على القراء، علما بأن للادب الشعبي ، كما للادب العربي قراؤه ، وقد يلتقي القارئان مع هذا النموذج من الشعر )) 0
وظل الشاعر يكتب هذا النوع من الشعر ، حتى اصبح له منه اكثر من ديوان مخطوط 0
***
((اسم الله ، اسم الله))
(( ما اسرع ما تتردد على فمنا هذه الكلمة عندما
يتملكنا الخوف على من لا نريد ان ينتابه اذى ،
او يصيبه مكروه 000 ))
*( اسم الله 000 اسم الله )
كلمة خوف تنسل الى شفة امرأة
يتملكها الاشفاق ، فلا تتذكر ((غير الله))(8)
من غير استئذان خرجت ،
وبغير استئذان دخلت ،
قلبا اغلقتُ منافذه ،
تلك الكلمة ، ما اعذبها؟
وهي تطل على شفتيك 00 ((اسم الله ، اسم الله))
***
يا محلاها من تتخطى ابخوف ورغبه
يا محلاها بياقوت الفم ،
خمره بكاس القبله العذبه ،
يا محلاها ، ويا مِسعَد ذاكَ اليشربها ،
ويطفي النار المستعره ابكلبه وملتهبه ،
يمته اشوفج يمته؟ واشوف الدنيا ابعينج؟
***
هذا الصوتُ الدافئُ والهمسة والنجوى،
والبوح المتلفتُ في شفتيك 000
---------------------------------
الهوامش:
1 - موذّح : مسرع 0
2 - عتكت : عتقت ، اصبحت قديمة 0
3 - مسودن : مجنون 0
4 - كضت : انتهت 0
5 - سواديني : جنوني 0
6 - وضعت كلمة تمايزتي بين قوسين لانها حلقة الانتقال من اللهجة العامية الى اللغة الفصيحة 0
7 - جزء من قصيدة (بعد ان غاب القمر ) نقلتها عن مسودة للقصيدة التي كتبها الشاعر بتاريخ 25 / 2 / 1994 0
8 – (غير الله) تلفظ كما تلفظها العامة ، بجر حرف الغين ،وبدون لفظ الف اسم الجلالة0
‏الاربعاء‏، 23‏ تشرين الثاني‏، 2011
الكلمات الدلالية (Tags): لا يوجد إضافة/ تعديل الكلمات الدلالية
التصانيف
غير مصنف

التعليقات

كتابة تعليق كتابة تعليق