مشاهدة تغذيات RSS

طارق فايز العجاوى

الفهم التاريخى والاشكالية ج 1 بقلم الكاتب / طارق فايز العجاوى

تقييم هذا المقال
[QUOTE=طارق فايز العجاوى;111658]بحث ودراسة


ان البحث فى التاريخ بكل ابعاد هذا العلم يحتم بالضرورة وجود المادة التاريخية وايضا التزام نهج معين وواضح المعالم فى البحث فى صلب التاريخ وتحديد المواضيع بصنفها ونوعها وقيمتها العلمية وهذا مدعاة لسبر غور الاشكال المتولد عن الطرح لتحديد مستوى المفهوم لدى المطلع او الباحث او القارىء كل هذه الامور متوقفة قطعا على مستوى ومؤهلات الباحث الذى تناول المادة التاريخية بالتحليل والبحث .
الواضح ان فهم الماضى وتصوره بالصورة التى كان عليها صعب ومتعذر نظرا لطبيعة المعرفة التاريخية التى تضعها ضمن اطار محدد وهذا الفهم هو واقعا نسبى يتفاوت من شخص لاخر وهذا بالضرورة يتولد عنه مستوى فى الفهم سواء على الصعيد الموضوعى او الشكلى بكافة ابعاده وعليه فان تحرى الموضوعية فى التزامنا وجدلية الحركة التاريخية هى المحدد للبحث فيها او التعبير عنها _ الواقعة التاريخية _ وبالتالى ظهور المادة التاريخية على ضوء المعطيات التىتخص ذات الباحث .
اذن ليس بالامر السهل تحرى الواقعة التاريخية وعلينا توخى اقصى درجات الحرص والحذر من اؤلئك الذين قد يقلبون الحقائق ويزوروها قصدا ام جهلا فالباحث فى التاريخ يجب ان يكون ثقة ومحايد وموضوعى وقوى لا يتنازل بالاغراء بكل صوره او بالتهديد والوعيد الذى يمكن ان يمارس عليه وكثر اؤلئك الضحايا الذين اسهموا وللاسف فى قلب الحقائق وتشويهها او اولئك الذين دسوا السم بالدسم قاصدين مع سبق الاصرار الاساءة للتاريخ وتشويهه بثمن بخس فخسروا انفسهم قبل خسارة احترام الناس لهم فمنهم من اغرى بالمال ومنهم من اغرى بالجاه والسلطة ولكن الحق بين وهو اولى بالاتباع فقد تصدت لهم اقلام وسيوف هدفها الذود عن الحق والحقيقة واعادة الامور الى نصابها .
حقيقة الواقعة التاريخية تتميز بكونها فعلا منفردا لا يقبل المعاينة او النظر فيها من طرف الباحث فهى حتما ظاهرة تحدث مرة واحدة فى ذات الزمان والمكان والظرف لا تعيد نفسها ولا تتكرر وغير خاضعة جكما للملاحظة او التجربة المباشرة فكل علمنا عنها باعتبارها مصدر غير كامل وغير مباشر نستطيع استخلاصه من سجلات مدونة او بقايا اثار مادية ملموسة او روايات تصلنا بطريق التناقل على الالسن بمعنى اخر شفاهة وعلى الاعم والارجح تصبح عرضه للضياع او التلف او التزوير وهذا بالضرورة يتعذر معه بالحكم والقطع تطبيق التعميم او القياس او التعداد اذن نملك نحن ازاء هذه الواقعة التاريخية فقط الملاحظة غير المباشرة ولم يتجاوز عندها مستوى التعميم او الفرضية خاصة فيما هو متعلق بملء تلك الفجوات او النواقص فى فهمنا ومعرفتنا للاحداث التاريخية ومعاينتها .
واذا سلمنا بان مواصفات الواقعة التاريخية شيئا متعذرا لذات الطبيعة اى طبيعة الحادثة التاريخية فان ذلك يجعل لزاما علينا فى تحديد النص التاريخى ان نضع نصب اعيننا ابعاد الحركة التاريخية لكى لا تتحول دراستنا للنص التاريخى الى عرض اشبه ما يكون للقصة وبالتالى لا ياخذ بعين الاعتبار ذلك التفاعل الانسانى مع البيئة التى حصلت وحدثت بها وذلك من خلال استجابته لحاجاته وتجاوبه مع متطلبات عصره .
بالمجمل يجب ان نبعد عن السرد التاريخى صفة الجمود والثبات التى قد تصور الاحداث التاريخية مجرد مشهد جامد لا حياة فيه .
فالفعل الانسانى بصفته نبضا حيا لسلوك الافراد وحياة الشعوب فى التفاعل بكل ما يحيط بهم من مظاهر وحتى الطارىء منها يتصور ويتحقق من خلال جدلية الواقعة التاريخى على اعتبار انها بالمجمل حصيلة تفاعل عناصر ثلاث لا رابع لها :
** الانسان وهو الصانع الحقيقى للحدث .
** البيئة وهى مسرح الحدث .
** الزمن وهو الوعاء الذى تتحقق فيه الواقعة التاريخية وهو بالفعل ذو اثر فعال فى صناعة الاحداث .
وانا اقول فى الحقيقة التاريخية انها حكما نسبية وذلك نظرا لطبيعتها التى لا تكرر نفسها وتصلنا من خلال بقايا ملموسة مادية او ما هو مكتوب من التسجيلات او الشفوى المتناقل على السنة الناس وهى رغم اتصافها بالاصالة ورغم تناولنا لها بالبحث والتمحيص تظل قطعا عاجزة عن اخبارنا عما كان يدور فعلا بالصورة الحقيقية فى تلك الحقبة بجميع ابعادها ودلالاتها وجوانبها .
لذلك قولنا ان الحقيقة التاريخية الشاملة التامة حكما متعذرة ولا يمكن ان نعلم ما كان يدور فى تلك الحقبة بحذافيره لذلك قلنا ان الاحاطة بجميع ابعاد المعرفة التاريخية والتعرف على اسبابها وظروفها امرا نسبيا _ نقطة غاية فى الاهمية والمتابعة _ .
يتضح لنا وبشكل جلى ان هناك فرقا بين الاعمال التى تمت فى الماضى وبين رواية تلك الاعمال او المنجزات رغم سعى المنهج التاريخى لمعرفة ادق تفاصيل الحادثة او الواقعة التاريخية .
اذن رسم صورة عن ما دار فى الماضى يتدخل فى تشكيلها المؤرخ وبما دار فى ذهنه ورسم عن تلك الحقبة التى يبحث فيها .
فذات الباحث او المؤرخ وظروفه وشروطه الزمانية والمكانية تؤثر قطعا فى تصوير الحادثة او الواقعة التاريخية .
وانا اعتقد جازما ان وضعه النفسى ومزاجه له ايضا دور فاعل وفعال فى سرد الاحداث او نقل ما وصل لعلمه وكيفية معالجتها رغم انه قد يبذل قصارى جهده لتصوير الواقع بادق التفاصيل فى كل ما يحيط به له شديد الاثر اى على نفسية المؤرخ .
وفى هذا دلالة قطعية بان الحقيقة التاريخية امرا مستحيلا لان مقاربتها للماضى نسبى لان المصادر المتناولة والمنهج المتبع للتقصى مهما بلغ فهو قاصر حتى ونحن نتوخى اقصى درجات الحذر فالوثائق مهما بلغت من الدقة لا يمكن لها نقلنا لما حدث فعلا باى حقبة من الزمن .
والى الجزء الثانى باذنه تعالى[/QUOTE]
الكلمات الدلالية (Tags): لا يوجد إضافة/ تعديل الكلمات الدلالية
التصانيف
غير مصنف

التعليقات

كتابة تعليق كتابة تعليق