مشاهدة تغذيات RSS

مصطفى الحمداوي

قراءة في قصة وجه للكاتب عبد الحميد الغرباوي

تقييم هذا المقال
[QUOTE=مصطفى الحمداوي;107144]
[FONT=Times New Roman]قراءة في قصة ) * وجه ( للقاص والروائي عبد الحميد الغرباوي[/FONT]
[FONT=Times New Roman][IMG]http://www6.0zz0.com/2010/11/23/16/643187514.jpg[/IMG][/FONT]
[FONT=Times New Roman]مصطفى الحمداوي [/FONT]
[FONT=Times New Roman]كاتب مغربي[/FONT]



[FONT=Times New Roman]قصة ) وجه ( القصة القصيرة التي أبدعها الكاتب المغربي عبد الحميد الغرباوي تحيلك بصيغة مباشرة وأنت تقرأها إلى ثلاثية متناغمة ومنسجمة إلى حد بعيد . القطار بدلالاته التي تعني حركية مستمرة ومتواصلة ، المجلة التي تؤشر على خيال وفضاء معرفي متدفق ، ثم وجه الفتاة الذي يقود حتما إلى الصورة بالشكل الدقيق الجميل الذي رسمه الكاتب عبد الحميد الغرباوي ببراعة لا تخطئها العين .[/FONT]
[FONT=Times New Roman]السفر عبر القطار ، ولحظة الانتظار التي تسبقه ، وصدفة وجود الفتاة بجانب الراوي الأنا في حالة انتظار قد تتعدى انتظار روتيني لقطار عادي قادم ، انه انتظار لحالة انتقال من مكان لآخر . هذه الحالة تدفعنا حتما إلى سفر من نوع خاص في أغوار حكي لم يكن لنا مناص فيه كقراء إلا الانجرار خلفه وتتبع كل كلمة وكل جملة وما قد يتبعها من حدث مثير مشوق .[/FONT]
[FONT=Times New Roman]نسق السفر الذي كتبت به القصة تجعل القارئ يعيش السفر قصصيا بين الكلمات والعبارات وأحاسيس الراوي الذي يشغله وجه الفتاة الاستثنائي ويدفعه لتدوين شيء ما عنها يحفظه في نفسه معلقا على لوحة أو قصة قصيرة ما في لحظة إبداعية معينة . تستمر القصة بتماوج ساحر يختلج به خيال الراوي الذي تفرضه عليه الفتاة ، أو بالأحرى يفرض وجهها عليه جبروتا طاغيا لا يستطيع الانفلات منه إلا عند احتكاك الحديد بالحديد على حسب وصف الراوي الذي يتخذ صيغة الأنا على مدار القصة ، في إشارة لوقوف القطار . لكن القصة لا تتوقف بوقوف القطار قبل الإقلاع مجددا ، تستمر القصة بتشكلات معقدة وجذابة من خلال النظرات التي ظلت تفرض نفسها بين الراوي والفتاة طيلة الوقت بشكل متواطئ في تلازم وتبادل للابتسام ، تلك النظرات والابتسامات التي توحي بمضامين شتى ومتنوعة ، لعل الراوي وهو يسرد تفاصيلها باختزال دلالي ، أراد بتحيز مقصود أن يلغي ويزيل عنها بطريقة ذكية ، معادلة انجذابه العشقي لذلك الوجه المدور الجميل ، رغم إغراق القصة بوصف غزلي مشبع بالإعجاب الذي لا يمكن بالضرورة إرجاعه أو تفسيره على أنه إعجاب يترجم حالة آنية عاجلة . وكأني هنا بالكاتب يطرح بخطاب سردي أنيق إشكالية جمالية تعترض سبيل الراوي = الإنسان ، حتى وهو منهمك في ممارسة حياته اليومية العادية . [/FONT]
[FONT=Times New Roman]حالة السفر التي تفيض بدلالات فلسفية عميقة ، وبأبعاد قد تتجاوز مفهوم السفر الذي يقودنا فيه واليه الكاتب عبر قطار يتحرك من محطة إلى أخرى ، بينما القطار لا يتغير ، والطريق الحديدي لا يتغير ، إلا أن الركاب يتغيرون باستمرار في كل محطة ، بل يتغيرون حتى داخل القطار= السفر ذاته ، وهنا ينبغي أن نشير إلى الحركية المستمرة التي ظلت تحفل بها نظرات الراوي ونظرات الفتاة والخلفيات التي كانت تحرك كل تلك النظرات .[/FONT]
[FONT=Times New Roman]الراوي يواصل سرد القصة عن نفسه ، بينما القطار يواصل المسير ، وفي الوقت ذاته تظل الفتاة تفرض بوجهها الجميل حضورا قويا على الأحداث التي تدور داخل مخيلة الراوي بدون أن تغادرها ، وبدون أن تنحو منحا مختلفا عن الشكل الذي قدمه لنا به الكاتب الذي ندخل معه في حالة التباس متواصلة ، هل الكاتب هو الراوي ذاته ، أم أنه يجسد واقع متكرر كلما تمت الكتابة بصيغة الأنا ، وهي إشكالية مستمرة ، ونقاش لا ينتهي حول العلاقة المباشرة للكاتب بالمادة التي يكتبها خصوصا حينما يتعلق الأمر باتخاذ الكاتب للراوي الأنا كوسيلة لتوصيل الحكاية إلى القارئ .[/FONT]
[FONT=Times New Roman]نجد في الأخير القطار يتوقف في محطة ما ، كما يمكن أن يحدث لأي قطار سواء على المستوى المجازي أو المستوى الواقعي . وبينما الراوي يستعد للركوب ، يكتشف أنه يقف أمام النافذة وليس أمام الباب ، وهنا كان عليه أن يهرول لكي يلحق الباب = المدخل إلى القطار ، القطار الأداة الناقلة من مكان إلى آخر . هنا إحالة عميقة حول تيهان ذهني للراوي عقب انشغاله بالوجه الذي استحوذ على اهتمامه قبل ركوبه القطار وخلال عملية الركوب أيضا . [/FONT]
[FONT=Times New Roman]حتى هنا يبدو المشهد في القصة منتظرا ، لكننا نفاجأ إذ نجد الراوي يبحث في نفسه عن ذلك الوجه الأنثوي الذي ركب معه نفس القطار ، وبينما انشغل بتصفحه المجلة وقراءة القصيدة ، يباغت ) أحسست بظل يملأ فضاء بصري ( طبعا الظل هنا يمكن تأويله بشكل مختلف ومغاير عن الظل النمطي المعروف ، انه ظل مجازي ، انه تجسيد للأنثى المفترضة التي كان يبحث عنها الراوي منذ زمن تلاشى واندثر منذ أمد طويل ، أكثر من بحثه عن الأنثى ذاتها التي ركبت معه القطار . بمعنى آخر أن ظل الفتاة كان أقوى حضورا في ذهنية الراوي من شخصية الأنثى ذاتها ، وسنكتشف ذلك لاحقا في نهاية القصة . [/FONT]
[FONT=Times New Roman]لعل قوة قصة ) وجوه ( تتجلى أساسا في ذلك الإحساس الفياض الذي ينبع من مخيلة الراوي نحو الفتاة ، وليس من مشاعره وقلبه . مخيلته التي رسمت بدقة وبتفصيل شديد كل تقاطيع وجه أنثوي جميل عبق بكل ألوان الطيف والأجناس بتعبيره الواضح الذي يشير إلى آسيوية وجه الفتاة وغيرها من الأوصاف المثيرة التي أغرقها بها الكاتب .[/FONT]
[FONT=Times New Roman]وبينما يكون الراوي الأنا منهمكا في تدوين صور كتابية عن ملامح الفتاة حسب تعبيره ) علها تكون مدخلا لقصة، أو نقطة محورية في لوحة من لوحاتي ( يتواصل تبادل النظرات بطريقة متواطئة كما يخبرنا الراوي ، وبجرأة أيضا لم يتوقعها الراوي نفسه ، تسأله الفتاة عما كان يكتب طيلة الوقت وهو ينظر إليها ، يصارحها بأنها ستكون مشروع قصته المقبلة ، ترغب الفتاة في الحصول على القصة بعد النشر . يتفاهمان حول الطريقة التي يمكن أن تتلقى بها الفتاة القصة ، تسلم الراوي ورقة ، لكنها تشترط عدم اطلاعه عليها إلا إذا افترقا .[/FONT]
[FONT=Times New Roman]حين تتم عملية الوداع الذي يصفه الراوي بطريقة ) تشف عن ذبول وحزن ( يخرج هذا الأخير الورقة ليقرأ ) شبيهتك، التي أتعبها البحث عن والدها.. ( عبارة مشفوعة برقم الهاتف .[/FONT]
[FONT=Times New Roman]يبدو أن الكاتب يفاجئنا بالمراوغة الذكية التي جرنا من خلالها في دهاليز تخمينات متعددة ، قبل أن يكشف شيئا صغيرا من فحوى خطابه للقارئ ، هذا الخطاب القابل لأكثر من تأويل ، وأكثر من مفهوم . تنتهي القصة القصيرة المعنونة ب ) وجه ( بصورة فلسفية تتعبنا ونحن نلحق دلالتها بالدقة الممكنة ، لذلك نستطيع فقط أن نستمتع بقصة تجذبنا من أول حدث إلى آخر حدث فيها ، بدون أن نتمكن من استرجاع أنفاسنا طيلة استغراقنا في القراءة ، وهو أمر بالتأكيد يحسب للكاتب عبد الحميد الغرباوي . [/FONT]




[FONT=Times New Roman][FONT=Times New Roman]*[/FONT][FONT=Times New Roman]قصة [/FONT][FONT=Times New Roman])[/FONT][FONT=Times New Roman] وجه [/FONT][FONT=Times New Roman]([/FONT][FONT=Times New Roman] منشورة بالموقع الإلكتروني للكاتب عبد الحميد الغرباوي [/FONT][/FONT][/QUOTE]
الكلمات الدلالية (Tags): لا يوجد إضافة/ تعديل الكلمات الدلالية
التصانيف
غير مصنف

التعليقات

كتابة تعليق كتابة تعليق