مشاهدة تغذيات RSS

د.ابتسام التميمي

فيهن يتجلى الوطن

التقييم: الأصوات 2, بمعدل 5.00.
[CENTER][SIZE=5][COLOR=darkorchid][B]فيهن يتجلى الوطن
بقلم : د.ابتسام بنت زيدان التميمي *
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
إذا كان الشعر ذكرا فالقصيدة أنثى ؛ ولا يستقيم أحدهما دون الآخر ، وما الشعر إلا قصائد تتوالد لتطربنا بفن جميل راق . هكذا نحن وهكذا هم ؛ فالمرأة منذ الأزل هي الأرض ، هي العطاء ، هي الأمن والأمان والحماية ، هي من تقف في الأمام وفي الخلف ، بل عن اليمين والشمائل ؛ محفزة ، ومحمسة ، وربما مؤلبة .
كل ذلك من أجل ماذا ؟! من أجل عاشق ؟! من أجل حبيب ؟! من أجل أب ؟! من أجل أخ ؟! من أجل ابن ؟! أو من أجل زوج ؟!
تفعل ذلك بنفس راضية تارة ، مولهة أخرى ، ثكلى ثالثة ، وجذلى رابعة ...
وهكذا هي تفعل كل ما تفعل من أجل حبيب ضم كل أولئك الرجال ، وسيضمها وأخواتها في منظومة فريدة .
الوطن ذلك الحبيب الذي يتماهى .. الذي يلوح .. الذي يبعد .. ويقرب ..
الحبيب الذي لا تحاسب أنثى على إعلانها حبه .. وتغنيها بعشقه .. بل يردد ذووها ما تغنت به فرحين .. لا ثأر .. ولا منع .. ولا عقوبة .. ولا حماية أو وصاية .. هو الحبيب الذي تناجيه .. وهو الطفل الذي تناغيه .. وتحمله في أحشائها مباهية به .. وراسمة له مستقبلا يفوق حاضره .. ومتأملة في ماض مجيد قد عاشته أو سمعت عنه.
هكذا هي الأنثى مذ نفخت فيها الروح وهي تعالج الوجد وتغني للوطن ، بل إن تلك الصرخة التي تطلقها حين تخرج من الرحم ما هي إلا صيحات شوق لم تستطع كتمانها : (1)
يــا أنــت مــا أحـــلاك أغنية راقصـتها فـي الـسـر والعـلـن
لي فيك سر الوَجْد مذ نُفِخَتْ روحي ، وحتى يُنْتَضَى كفني
ما صرختي لما ولدت سوى إجـهـاشـة بــالـشـوق تـخنقنـي
هل حــال فــيمـا بيننا رحــم وسنـاك فــي أقصاه يبلغني ؟!
وتنمو تلك الصغيرة .. وينمو معها ذاك الشعور الذي تطرز كل ما حولها به .. فتغزل اسمه مع الصغار ، وتنقش رسمه : (2)
قالوا :
غزلنا وجهه ،
من ضفة الشمس ..
كنا صغارا ،
نقرأ الألواح ،
نصطف كالأزهار ،
نكتب اسمه ..
وطني ..
تويجة النفس ..
و
ط
ن
ي
سحابة الطقس ..
و
ط
ن
ي
هدية الإله ..
وتكبر ويكبر الحلم ؛ فتصوغ صورة فارسها ، وترسم لوحات عشق سريالية تبث فيها ما تود قوله : (3)
ولأنت لــوحة عـاشـق مجنـونة ألـوانـهـا يبدو بـهـا التصـمـيـم
خـمـرية الألــوان لحظ عيـونها سحر وعطر الحب فيها شميم
وشذاها ممزوج بروعة حسنها فـاسـكـر بها فالسكر فيها نعيم
لكنها لا تكتفي بتلك المشاعر ، أو العبارات ؛ فتؤيد القول بالفعل ، ولا تثريب عليها ؛ فمعشوقها غير كل العشاق : (4)
أُغاويكَ .... ..
أعرفُ .. أي َّ الأغاني تَلهَّى ...
وأيًّا ... فَتنْ !!
ومن مثل المرأة في حسها ، وخبرتها بطرائق الحب العفيف ..!!
من مثلها حين تبوح بمشاعرها فتغمر الكون بحب هذا الحبيب على الرغم مما قد يعتريه من حالات تتقلب بين الرضا والغضب : (5)
أحبك حين تضجّ السماء !
ويهدر حب بذاك السحاب !
وينهمر السِّحْر فوق التراب !
بقطرات رحمة !
..
وحين يجف مداك ..
ويمتشق الكون سيف الغبار ..
ويغفو المحب ببوح النخيل ..
ليبدع حلمه !
وما زالت الأنثى تصوغ مظاهر عشقها التي تسربها لمن حولها ، ولمن سيصبح قطعة منها : (6)
قالت :
بشعري ضفائر ،
طرزتها ..
من سعف واحات الوطن ..
تلك الصحاري ،.
توسدت ..
ذهبا .
يزين معصمي ..
وأنا ،
وأطفالي ،
وتلكم جارتي ،
صغنا ليوم العشق ،
عطرا من دم ،،.
أهذا كل شيء !! لا .. فلم تنته تلك الملحمة العشقية ؛ فهذا المحبوب يعادل الروح ، ويفدى بكل شيء مهما غلا ؛ وليس لدى المرأة أغلى من ابنها ؛ لذا فهي تجاهد به عن طريق تربيته التربية الإسلامية القويمة التي يعرف بها ربه ورسوله ومن ثم وطنه: (7)
وأنت عندي عديل الروح يا وطني أحـمـي حمـاك وأفــديـها وذا قسـمـي
إمــا ظمئت فـعـهـد الله فـي عــنقـي أروي ثراك ومـا فـوق الثرى بـدمـي
إن كنت أنثى ولا أقــوى النزال فقد أرضعت طفلـي فـكـرا صـافـي القيم
عـلـمـتـه أن حـــــق الله خــــالــقــه والمصطفى فوق حق الأهل والرحم
وليس ثــم – ورب البيت - بعدهما إلاك يــا مـوطنا يـعـلـو علـى الـقـمـم
لك الـــــولاء فـــــلا أم ولا ولــــــد تغنـي شفـاعتـه عــن أوثــق الــذمــم
ويزدان العطاء حين يتوج بالفداء والتضحية وكتمان الأحزان والآهات حتى لا تتكدر صفحة الأحباب ، بل تزهر رياضهم ، وتمطر سماؤهم ، وتبسم شفاههم : (8)
أتيتك ..
خبَّأت كل عناوين حزني ..
لأمنحك الحب – يا موطني –
.
.
بأحضان بسمة !
بأحضان بسمة !
ويمتد نهر العطاء .. وتتنوع طرائقه .. وتتوشح بعقل الأنثى وقلبها .. بروحها وحسها .. فتنثال وتنثال .. ولا تتوقف إلى أن يشاء الله ..
ستغني للوطن .. وتغازله .. وتناغيه .. وتجاويه .. بل وتغاويه ...
ثم ستترك كل ذلك منتقلة إلى طور آخر ؛ فهي لم تعد – الآن – الأنثى المحبة فقط .. وإنما هي لمحة من ملامح ذاك الوطن .. بل هي الوطن : (9)
تُغنِّي ..؟!...
على الرِّسْل .. ما قلت : غَن ّ!
أُجاويكَ....!
أنَّى تُطوِّح ...وهما وَظنْ ؟!
أنا – فاتئدْ –
لستُ "أنثى" تُغَنِّي..
أنا..لمحة..من وطنْ!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحاشية :
(*) أستاذ الأدب المساعد بجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن.
(1) أماني الشيبان ، من قصيدة : غناء في حضرة الوطن.
(2)زينب غاصب ، من قصيدة : وجوه على ضفاف الوطن .
(3)مزنة المبارك ، من قصيدة : وطني .
(4) د.فاطمة القرني ، من قصيدة : صباحي ...وطن...!
(5)أحلام الحميّد ، من قصيدة : حنين بأهداب غيمة .
(6) زينب غاصب ، القصيدة نفسها .
(7) لمياء العقيل ، من قصيدة : عديل الروح .
(8) أحلام الحميد ، القصيدة نفسها .
(9)د.فاطمة القرني ، القصيدة نفسها .[/B][/COLOR][/SIZE][/CENTER]
الكلمات الدلالية (Tags): لا يوجد إضافة/ تعديل الكلمات الدلالية
التصانيف
غير مصنف

التعليقات

  1. الصورة الرمزية عابر سبيل
    [B][FONT=Franklin Gothic Medium][SIZE=3][COLOR=darkgreen]للمرأة حس متميز حتى وهي تتباها و تتحيز[/COLOR][/SIZE][/FONT][/B]
    [B][FONT=Franklin Gothic Medium][SIZE=3][COLOR=darkgreen]أدامه الله عليهن... تحايايا العاطرة ,, [I][COLOR=blue]العابر[/COLOR][/I][/COLOR][/SIZE][/FONT][/B]
  2. الصورة الرمزية د.ابتسام التميمي
    [CENTER][COLOR=indigo][SIZE=5]حياك الله عابر سبيل - وكلنا في الدنيا عابر سبيل - امتناني لهذا العبور[/SIZE][/COLOR]
    [/CENTER]
  3. الصورة الرمزية الجمانة
    مبدعة أينما كنت .

    الوطن ذاك الحبيب الذي حق لنا أن نتغزل به ، ونمتدحه .

    وحق لنا أن نتمتدح كاتب الكلمات لهذا الوصف البديع .

    فكاتب النص أنثى مبدعة حلقت بنا عاليا وأثارت عواطفنا .

    شكرا لك د/ إبتسام فأنت دوما مبدعة .

    طالبتك .
كتابة تعليق كتابة تعليق