مشاهدة تغذيات RSS

خيرة خلف الله

يقاع الجماعة وصوت الفرد من خلال" بلا مدينة

تقييم هذا المقال
[RIGHT][FONT=&quot][SIZE=5] إ[/SIZE][/FONT][/RIGHT]
[RIGHT][FONT=&quot][SIZE=5]نستطيع تحديد المكان والزّمان لموضوع ما حتّى نستدعي له شخصيّة أو مجموعة من الشّخصيّات نهبه نمط تحرّكها وتفاعلها داخله فيتخذ طابع الحكي وما يسوّغه من مستلزمات العمليّة الإبداعيّة وتشكّلها وفق منظومة ما متّفق عليها سلفا فنعدّه جنسا إبداعيّا دون غيره[/SIZE][/FONT][/RIGHT]
[RIGHT][FONT=&quot][SIZE=5] و"بلا مدينة "ومن خلال تواتر العناوين في أفقها وإيجازها في الكمّ النّثريّ حسب تمفصلها الشّكليّ تعدّ مجموعة قصصيّة تتّخذ الأبعاد الاجتماعيّة مزلاجا تأخذنا على متنه وتحاذر بنا السّقوط في لهبة صورة معيّنة أو إيقاعا مميّزا وإنّما هي من شقّي المكان تقطف علاوة على التزامها بقضايا الطّبقة المكدودة فترد سلسة العبارة واضحة تروم طابع الانصهار في جملة من الشّواغل تلبّست بذهنيّة المنشئ تروم به واقعا دونها[/SIZE][/FONT][/RIGHT]
[RIGHT][FONT=&quot][SIZE=5]تظاهرنا جملة من اللّوحات الاجتماعيّة الملحّة على كاتبنا ينسّقها في محاولة للتّلوين قصد ملامسة مختلف الحيثيّات الّتي استفزّته لإنشائه فنلمح معاناة الفرد متجلّية كأبهى ما تكون من خلال نماذج يحوّطها النّسق الجماعيّ[/SIZE][/FONT][SIZE=5] [/SIZE][FONT=&quot][SIZE=5]و ماحاكه من شتّى الصّروف الّتي زجّت بهذا الوعي الفرديّ في خضمّ الظّروف المجتمعة ...[/SIZE][/FONT][/RIGHT]
[RIGHT][FONT=&quot][SIZE=5]إيقاع الجماعة في بلا مدينة [/SIZE][/FONT] [/RIGHT]
[RIGHT][FONT=&quot][SIZE=5]يطالعنا هذا الإيقاع من خلال ما يدور من أحداث في علاقة وطيدة بالمكان والفضاء المسقّف للأحداث من حيث هو كمّ تنصهر ضمنه الذّوات وهو ممثّلها إنّه القرية الشّاهدة في "رجل خذل نفسه "وإن أفرزت سلوكا فرديّا معارضا للجماعة وهو أخلاقيّة عرف بها بعض متساكني الرّيف وبهم عرفت وهي التّطاول والتّجبّر لكن "الشّيخ ضوّ" الممثّل لهذه الشّريحة هزمته نيّة الجماعة في مقابل تعنتره وبالتّالي نقف على حاجة الفرد إلى مساوقة الجماعة لا إلى احتكارها أو التّطاول على مشيئتها [/SIZE][/FONT][/RIGHT]
[RIGHT][FONT=&quot][SIZE=5]يتعالى هذا النّسق الجمعيّ في "صلاة الغائب "المتمثّل في ثني الابن عن التّغرّب من قبل والدته الرّامزة إلى البلد الأم والمنطق المناهض للضّعف [/SIZE][/FONT][/RIGHT]
[RIGHT][FONT=&quot][SIZE=5]الفرديّ أمام صعاب الحياة ،يعلوا هذا الهمّ الجمعيّ ليطال مدينة بكاملها في "الموت لفترة قصيرة "حيث تغدو المشاكل متداخلة تداخل المجتمع نفسه ويخيّم على المجموعة عامل الوقت والتّهديدات الخارجيّة حتّى ينفجر أحدهم قائلا "ضغط دمي ارتفع وقد أصاب بأمراض يصعب الخلاص منها " في الواقع هذا النّسق المتدهور هو لسان الجماعة في مواجهة الحياة وحدّة تحوّلها الجنونيّ السّريع ليشرّع باب الأسئلة من قبيل :هل نحن مساكين ؟ليميط اللّثام عمّا ترزح تحته العاصمة من مشاغل جماعيّة يفرزها الحوار العموديّ لعربيّ وأجنبيّة لتفتّح عينيه وأعين مجتمعه عن سرّ تخلّفهم غاضّة الطّرف عمّا يكنّه ويكنّونه من أحلام "جنّاويّة" حول عالمها خلف البحار الباسطة ذراعيها للشّباب العاطل عن العمل والمختنق في بلاده دون أمل يربطه بالدّنيا ذلك ما يعكسه الطّابع الإجماليّ ل"لابدّ وأنّها ستنفرج "[/SIZE][/FONT][/RIGHT]
[RIGHT][FONT=&quot][SIZE=5]هذا الحسّ الجماعيّ الّذي يطال مواضيع الأقصوصة مشتّت الثّنايا يحرّك الشّخصيّات فرادى وجماعات في سبيل امتلاك عصا سحريّة تقلب الموازين وتعيدها إلى نصابها ولعلّ كاتبنا خيّر الأدب هذه العصا الطّيّعة تطأ المراح وتجوب الأفاق في سبيل إيجاد البديل وإحداث التّغيير فتتراصّ المواضيع ليحتشد الكلام ترجمان الجماعة وأداة تواصلهم ليصبح ثورة في وجه تحدّيات الحياة ذلك ما عشناه مع " يوم في مدينتي "[/SIZE][/FONT][/RIGHT]
[RIGHT][FONT=&quot][SIZE=5]حيث تتكثّّف الحركة وتلتحم السواعد والآلات في سبيل الوقوف في وجه الغزو المفروض من المركز على الأحواز لتكون الكلمة في الآخر للأقليّة في وجه الكلّ و للأعزل ضدّ القوّة المدجّجة [/SIZE][/FONT][/RIGHT]
[RIGHT][FONT=&quot][SIZE=5]لا يفارق إيقاع الجماعة المجموعة القصصيّة مندسّا بين أصوات شخصيّاتها سواء في الوسط القرويّ أو الحضريّ يظلّ الإيقاع الأقوى تشكّيلا لأغلب إمداداتها انظر الأرملة وبناتها في "أشباح في الشّارع " حيث يتعطّل القيمي في وجه المجتمعي ويعسر التّواصل في ظلّ المقتضيات الماديّة وطرقها لرأس هذه الفئة [/SIZE][/FONT][/RIGHT]
[RIGHT][FONT=&quot][SIZE=5]يلتحم الهمّ الجماعيّ الدّاخليّ بالآخر في محاولة طوباويّة لإيجاد مسرب للحبّ في حال انعدام التّوازن الإنسانيّ المرجوّ بالرّجوع إلى الأصل الكونيّ الواحد .[/SIZE][/FONT][/RIGHT]
[RIGHT][FONT=&quot][SIZE=5]يتخلّل الصّدى الجمعيّ الأثر ممرّرا تصوّرات الكاتب وما استوقفه من هذا الزّخم الوجوديّ المضني لذات لها امتداد حسيّ ومعنويّ في فضاء يطفح بالمشاغل يحاول أن ينهض بمخزون ذاته الآملة في امتطاء قارب النّجاة لسلامة أطرافه الفاعلة والّتي يتهدّدها الفقر وتنهش البطالة أحلامها فسهدت وتمرّدت على واقعها المعيش ترمي بآمالها في لجّ البحر حينا وعلى أجنحة الأوهام أحيانا أخرى تتخيّل ،تسعى ،تحاول مجرّد العيش في غير الموجود لتؤسّس لكيانها ...[/SIZE][/FONT][/RIGHT]
[RIGHT][FONT=&quot][SIZE=5]هذا النّفس البسيط المسيطر على هذا اللّون الإبداعيّ يكسبه سلاسة ومرونة تجعلنا والأثر في سفر مريح يرتئي للقصّ عبر بعض أساليبه المتاحة تشويقا لا يكدّ ذهن القارئ بقدر ما يسرّ عنه في مقوّمات سهلة ممتنعة تمنح الإبداع على طريقة موجدها حيث يعود بنا إلى الفضاء الواضح النّمط يتلبّس بالكتابة عبر شكلها المنجز "الأقصوصة "فتكون صرخة جماعيّة مناهضة للمركّب والمعقّد تستنهض البساطة في شتّى أبعادها تؤمّن للقارئ رحلة ذهنيّة آمنة لا إجهاد فيها وإن كان فيها من العمق القصّ الشّديد [/SIZE][/FONT][/RIGHT]
[RIGHT][FONT=&quot][SIZE=5]2-صوت الفرد[/SIZE][/FONT][/RIGHT]
[RIGHT][FONT=&quot][SIZE=5]لأنّ العصر نسج لفرديّة الذّات وتقوقعها حول ذاتها ولأنّ التّكنولوجيا والثّورة الّتي أحدثتها العولمة كرّست هذا الشّعور الأنانيّ للفرد وإن كان المزمع من وراء ذلك جعل العالم قرية صغيرة فإنّ هذا الاحتواء النّسقيّ للوجود غذّى شعور الأنانيّة لدى إنسان العصر الحديث [/SIZE][/FONT][/RIGHT]
[RIGHT][FONT=&quot][SIZE=5]فأدّى إلى الصّراع الطّبقيّ والجنون العبقريّ للأدمغة إلى تعميق الهوّة بين الذّات والأخرى وفق تصاعد إحداثي يبجّل الفرد في مقابل المجموعة ويعزّز من فردانيّته على حساب القيم والمعايير الجماعيّة لذلك كان صوت الفرد يعلو ثمّ يعلو في سبيل الإعلاء من قيمته في كلّ مقابل له بما في ذلك جملة المقوّمات الحياتيّة الضّامنة لبقائه .نجد هذا التّصوّر أيضا أ لدى مفكّري القرن 20"لوكاتش"و"فياخته" وغيرهما ...[/SIZE][/FONT][/RIGHT]
[RIGHT][FONT=&quot][SIZE=5]نعود لأثرنا لنجد صوت الفرد منبعثا من كلّ تفاصيل الكتاب يعلو صوت الجماعة فيطغى ويتجبّر منذرا أنّه مردّ العالم وقوّامه يرى بعين النفعية أحقيّته في البقاء ولو كان ذلك على حساب الغير انظر الشّيخ ضو في "رجل خذل نفسه " هذا الصّوت الّذي يتمادى في توقيع محموم متغاض عن حدود الحريّة الفرديّة المسموح بها وحيث تبدأ حريّة المجموعة لينال جزاءه في نّهاية الأقصوصة بأن يقتصّ منه الكاتب بلسعة أفعى نكاية به لتطاوله على من هم دونه [/SIZE][/FONT][/RIGHT]
[RIGHT][FONT=&quot][SIZE=5]ولكن يخنس جبروت هذا الصّوت فيكاد لا يسمع ،يضرب في التّدنّي ليدرك قاع البحر حيث لا صدى وتتبخّر معه كلّ الآمال والأحلام إنّها انكسارات الإنسان المعاصر في وجه الحداثة الهدّامة وعجلة المفارقات الدّوّارة ذلك ما شعر به "محمّد" حيث يقول في آخر فراره من المدينة في "صلاة الغائب ":سمعت قرقرة ،رأيت يدا ترتفع في الفضاء ثمّ تغيب في الماء .فارت موجة هادرة ونعق طائر في الظّلام الدّامس". وبين ارتفاع الصّوت الفرديّ في اتّجاه عموديّ ماحقا كلّ ما يصدّه وبين خنوسه حتّى أسفل القاع نراه يتّجه في كلّ اتّجاه شاهرا صوته المجّانيّ ليسرد ما كان من الشّأن الجماعيّ المحبط وما تتنازعه من آلام إقليميّة وقوميّة دامية فيصاب بنوبات الجنون الّتي ليس منها شفاء ليجد الفرد صوته مرآة للمعتوهين ذلك ما كان من صرخة حميدو في "أحلام لذيذة" يقول في الصّفحة48"أمّا حميدو فواصل يتلو ما يحلو له لا يشعر بمن حوله وقد انساب الزّبد الأبيض على أطرف شفتيه واسودّ وجهه وتخشّبت أطرافه..."يتواصل هذا الصّوت مثقلا بهموم الفرد في وجه العمل والغربة والفقر ليجعل من هذه المشاغل اليوميّة نوتات تعدّل مزاج التّفكير الفرديّ المعاصر وتزنها بحسب تلوّناتها المتفاوتة كميّا و نسقيّا فيستحيل الفرد شاهد زور على عصره المدقع فضاعة وغربة عن ذاته بل يقف غالبا و على حدّ تعبير الكاتب متعجّبا ممّا يدور حوله يقول ص88في "عدّاد الأزرار ":عجبت من أمر ذلك المقبور الباحث عن حظّه اليوميّ والّذي سيكون دون شكّ تعيسا "[/SIZE][/FONT][/RIGHT]
[RIGHT][FONT=&quot][SIZE=5]إذا هي غربة الذّات تجاه موضوعها حيث للعجز عن تحقيق ما تطمح إليه صرخة مدوّية في وجه واقع جاحد أصمّ...[/SIZE][/FONT][/RIGHT]
[RIGHT][FONT=&quot][SIZE=5]وهذا ينسحب تقريبا على أقاصيص المجموعة إنّه انكسار الفرد وقد ألجمت صوته العراقيل المطوّقة لحركته فتشلّه عن أهدافه ومراميه فيصيبه التّيه والغربة وتبتلعه المآزق فتتشرذم أفكاره و يطاله الجنون [/SIZE][/FONT][/RIGHT]
[RIGHT][FONT=&quot][SIZE=5]مرض العصر. [/SIZE][/FONT][/RIGHT]
[RIGHT][FONT=&quot][SIZE=5]خلاصة: [/SIZE][/FONT][/RIGHT]
[RIGHT][FONT=&quot][SIZE=5]إنّ صوت الحياة الدّامي فوق صوت الجماعة والفرد كما تمثّلته هذه المجموعة من خلال تواتر الأصوات وتكاثفها عبر طيّاتها في محاولة جادّة مبسّطة ...دعوة إلى معالجة هذه الآلام الممضّة الّتي تواجه الفرد والمجموعة .[/SIZE][/FONT][/RIGHT]
[RIGHT][FONT=&quot][SIZE=5] بقلم :خيرة أولاد خلف الله[/SIZE][/FONT][/RIGHT]
[RIGHT][FONT=&quot][SIZE=5] نادي :النّجم الثّقافي الأدبي[/SIZE][/FONT][/RIGHT]
[RIGHT][FONT=&quot][SIZE=5] المطويّة[/SIZE][/FONT][/RIGHT]

تم تحديثة 24/01/2010 في 11:07 PM بواسطة طارق شفيق حقي

الكلمات الدلالية (Tags): لا يوجد إضافة/ تعديل الكلمات الدلالية
التصانيف
غير مصنف

التعليقات

كتابة تعليق كتابة تعليق