• واشنطن تتحضّر لتكثيف الضغوط على دمشق بعد الانتهاء من ملف ليبيا دمشق كسبت نقاطاً ثمينة في رمضان وواشنطن تلوّح من العراق بالخراب على الجميع

    واشنطن تتحضّر لتكثيف الضغوط على دمشق بعد الانتهاء من ملف ليبيا
    دمشق كسبت نقاطاً ثمينة في رمضان
    وواشنطن تلوّح من العراق بالخراب على الجميع





    جوني منيّر

    تطابقت الحسابات الدولية على المسار الذي اخذته الاحداث في ليبيا حيث تبدو الصورة وكأن الزعيم الليبي بات على مسافة ساعات من خسارة موقعه.
    ففي اواخر فصل الربيع الماضي سمع الرئيس سعد الحريري من اوساط ديبلوماسية غربية خلال زيارته الى الخليج ان النظام في ليبيا قد يستطيع الصمود لبعض الوقت لكنه سيسقط حتما في ايلول المقبل.
    ويومها سمع الرئيس الحريري والذي كان مهتما بدرجة اولى بمستقبل النظام في سوريا، ان واشنطن التي ستتفرغ لوضعها بعد ايلول ستسير بمعركتها الفعلية مع النظام السوري تمهيدا لاسقاطه وان رحلة ما بعد ايلول ستكون ملائمة اكثر لهذا العمل كونها ستأتي بعد شهر رمضان الذي سيكون ملتهبا ومتعبا للنظام وحيث سيشهد فصل الخريف بداية ظهور عمق الازمة الاقتصادية في سوريا بعد كل ما حصل ومباشرة المحكمة الدولية بعملها، وكل ذلك اضافة الى الوضع الاقليمي الذي سترسو عليه الاحداث نتيجة التطورات الفلسطينية (الاعتراف بالدولة الفلسطينية) سيؤدي الى انهاك النظام في سوريا وبالتالي البدء فعليا بالعد العكسي لزواله.
    يومها سمع الرئيس الحريري نصيحة من الامير بندر بن سلطان تدعوه فيه للبقاء خارج لبنان حتى سقوط النظام ولو ادى ذلك الى بعض الوقت.
    وعمل الرئىس الحريري بهذه النصيحة وغاب عن لبنان ما عدا طلات اعلامية متقطعة.
    وصحيح ان الحسابات الاميركية تطابقت في ليبيا ليبدو القذافي على بعد ساعات من السقوط، الا ان الحسابات السورية تبدو مختلفة حتى ولو صحت الوعود ببدء مرحلة من الضغوط القوية على دمشق.
    فالسلطات السورية والتي كانت تشعر بخطورة ما يجري التحضير له في شهر رمضان، بادرت الى ضربة استباقية حين تحرك الجيش في حماه وحمص ودير الزور ودمشق وضرب التركيبات المسلحة التي كان يعوّل عليها لتشكل رأس حربة في اتعاب النظام وتقطيع اوصاله.
    وبدا شهر رمضان وكأنه يؤدي نتيجة عكسية حيث تراجعت قدرة الداعين لاسقاط النظام.
    وصحيح ان ذلك لا يعني انهاء قوة هؤلاء او القضاء عليهم لكنه يشكل واقعا عكسيا ولهذا السبب تدخلت تركيا وبدأت العمل على لم شمل المعارضين السوريين تمهيدا لمشروع اكبر، والعواصم الغربية لمست التشرذم بين المجموعات المعارضة بسبب الخلافات العنيفة بينها لا بل انها لمست ايضا ان معظم المعارضين الموجودين في الخارج انما لا يملكون تأثيرا قويا على الشارع السوري، على عكس ما يدعون. لذلك باشرت تركيا مشروع ترميم المعارضة السورية على اساس ضم معارضة الداخل التي تبدو اكثر تأثيرا بالشارع السوري مع معارضة الخارج ولو انها تتمسك بعدم عسكرة المعارضة كما هو حاصل مع بعض معارضي الخارج وهي التي دخلت في حوار مع السلطات السورية وتعتبر مقبولة منها.
    والواضح ان المجتمع الدولي يسعى لأن ينبثق عن هذا المشروع الذي جرى تلزيمه لتركيا، مجلس وطني على غرار ما حصل في ليبيا كي يشكل لاحقا بديلا عن النظام، أو على الاقل الجهة التي ستشاركه السلطة في المرحلة الاولى.
    لكن تركيا التي تلقت رسائل الاكراد الدموية فهمت جيدا انها لن تكون حرة التصرف في حال كان التوغل كثيرا في هذا الاتجاه. ولذلك شنت الطائرات الحربية التركية غارات كثيفة وقتالية على مواقع حزب العمال الكردستاني في شمال العراق ولعدة ايام في محاولة لإظهار انيابها، والتلويح بأنها ستكون قاسية بوجه الاكراد ومن يقف خلفهم.
    لكن للعبة الامم قوانينها الخاصة والتي لا تلحظ اي حسابات في ما خص الكلفة الدموية للمشاريع المطروحة.
    وصحيح ان ايران التزمت مساعدة الاقتصاد السوري وهو ما يعني عدم التوقف كثيرا امام رهان الغرب على ازمة اقتصادية في سوريا، الا ان واشنطن تبدو وكأنها تخفي اوراقا اخرى لاتعاب النظام في سوريا لا سيما على صعيد الاستقرار الامني.
    فهنالك من يتحدث عن اقحام العامل الفلسطيني في قلب الصراع السوري من خلال دفع المقاتلين الفلسطينيين لاخذ دور التيارات السلفية في مواجهة السلطة السورية امنيا. وهذا ما يفسر الامر بعيد المواجهات التي حصلت بين الجيش السوري والفلسطيني في اللاذقية.
    طبعا، كل ذلك معطوفا على بدء المحكمة الدولية عملها في ملف اغتيال الرئىس رفيق الحريري، ينبئ بأن المرحلة المقبلة ستكون مضطربة.
    لكن بموازاة هذه الحسابات هنالك قنوات مفتوحة وتتعلق بمستقبل الوجود العسكري الاميركي في العراق وهي نقطة تهم واشنطن جدا كونها تتعلق بالمصالح الحيوية الاميركية، في هذه المنطقة بعد كل ما حصل.
    وفي هذا الجانب تلوح بعض البوادر الايجابية، فمثلاً تتحدث أوساط ديبلوماسية اوروبية حليفة لواشنطن، ان العواصم الغربية تدرك جيداً ان النظام السوري استطاع تحقيق نقاط ثمينة، لا سيما خلال شهر رمضان، من خلال امساكه بالارض بشكل افضل، وخاصة بالقضاء على المجموعات المسلحة التي كانت تهدد استقراره، وصحيح أن الرئيس الاميركي دعا الرئىس السوري للرحيل، لكنه لم يبذل جهداً للضغط على موسكو لتعديل موقفها، كما انه ربما شجع تركيا على عدم مساندته في موقفه، وهو ترك سفيره في دمشق ولهذا الامر معانيه المعبرة.
    لذلك، قد تكون واشنطن تأمل ان يلعب الرئىس السوري دوراً ايجابياً ومساعداً على مستوى المشكلة الاميركية في العراق، اضافة الى تليين مواقف ايران في الملف النووي، واتخاذ خطوات مساعدة في الملف الفلسطيني.
    وحسب هذه الاوساط فانه لن يكون امام الرئيس السوري الكثير من الوقت، كما انه لم يعد امام واشنطن الكثير من الوقت في العراق، وانه اذا ما حل الخراب فهو سيصيب الجميع في لعبة الأذية المتبادلة. فلم لا تكون التسوية في مصلحة الجميع؟

    عن الديار
    تعليقات 1 تعليق
    1. الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
      طارق شفيق حقي -
      الأسد: اي عمل عسكري ضد سوريا ستكون تداعياته اكبر من ان يتحملها الغرب
    تعليقات كتابة تعليق

    اضغط هنا للدخول

    رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.