• أسقط كل إدعاء بأنها ثورة شعبية...المعارضة الليبية تطلب من الناتو احتلال وطنها!!

    تابعت باهتمام زيارة مصطفى عبد الجليل رئيس ما يسمى المؤتمر الوطني الليبي المعارض لفرنسا، واستمعت لتصريحاته هناك وخاصة ما يرتبط منها بطلب زيادة دعم الحلف الأطلسي لقوات المتمردين في بنغازي عبر القيام بعمليات برية تمكنهم من الانتصار على الجيش الليبي وتمنعه من استهداف المدنيين (على حد قوله)، وفي المقابل استمعت لتصريحات السيد غوقة المتحدث باسم المعارضة في بنغازي الأربعاء الماضي حول العنوان ذاته، لكن بوضوح لا يخلو من تبرير ملتو بعد أن رفض بشدة أي وجود أطلسي على الأرض الليبية ليعود فيطلب التدخل ذاته الذي طالب به مصطفى عبد الجليل بفرنسا في اليوم ذاته، وكأن المستمعين بلهاء أو لا يفهمون معاني الكلمات أو مراميها.
    التحذير الذي أطلقناه وغيرنا منذ قرار مجلس التعاون الخليجي حول حظر الطيران وما أعقبه من قرار خطر لجامعة عمرو موسى الخليجية تطلب فيه حظر الطيران فوق ليبيا لحماية المدنيين تحت زعم أن القذافي يقصفهم من الجو، هذا التحذير أشار بوضوح إلى أن قراراً كهذا سيعني حتمية التدخل الأجنبي واحتلال ليبيا وتقسيمها.
    كما نبهنا، ونبه كثيرون غيرنا، إلى أن التدخل الأجنبي في ليبيا والتحريض على الاقتتال الداخلي والعنف الذي قادته بعض الدول العربية عبر قناتي الجزيرة والعربية إنما يستهدف حصار ثورة مصر وتونس ووقف مفاعيلها على الصعيد العربي، وبالخصوص دول الخليج التي كانت النار تقترب منها بسرعة عبر انتفاضة اليمن والبحرين. وقد أضيف لهذا ما تمارسه هاتان الفضائيتان وغيرهما تجاه سورية في هذه الفترة بعد أن ترددتا في البداية بسبب علاقة سورية بكل من قطر والسعودية.
    ليس هناك معنى للخيانة الوطنية أكبر من طلب احتلال الوطن بذريعة التخلص من حاكم غير عادل أو بسبب البحث عن الحرية، حيث لا يمكن أن يكون المرء حراً وبلده مستعمر.
    إن انتقال الانتفاضة الليبية إلى العنف والقتال ضد الحكومة بالسرعة التي شاهدناها وانتشار الأعلام الملكية ووجود وزيري الداخلية والعدل في بنغازي في التوقيت نفسه، كما التصريحات التي رافقت الحدث من خارج ليبيا جعلتنا نتشكك في شرعية هذه الحركة وندقق في أمرها لكننا لم نقطع معها وساندناها وطالبنا برحيل القذافي وأولاده تمهيداً للتحول الديمقراطي في بلد ظل يحكمه العقيد طوال 42 سنة وحان الوقت للتغيير، وكان شعارنا هو الحرية لشعب ليبيا في اختيار قيادته وأسلوب حياته دون أي تدخل أجنبي، حتى إننا دعمنا تدخلاً عربياً لدعم الانتفاضة والتسريع بانتقال سلمي للسلطة يجنب ليبيا أزمة تطيح بها كبلد وتقضي على وحدتها الوطنية.
    بعد هذا تطور الأمر من جانب المعارضة باتجاه خلق بدائل لمؤسسات الدولة وانتقالها للهجوم على المدن الأخرى باتجاه الغرب واستيلائها على مدن حساسة وبها مصافي النفط والتصدير كالبريقة وراس لانوف وصولاً لسرت أحد معاقل السلطات الليبية المهمة.
    هذا التطور كان يمكن النظر إليه في سياق المعركة والصراع الطبيعي بين السلطة والنظام من جهة والمعارضة من جهة أخرى، غير أن ارتباط هذا الهجوم والمواقف المتشنجة للمتمردين وقيادتهم السياسية بقرار استدعاء الناتو لقصف المدن الليبية وليس لحظر الطيران كما نصت عليه قرارات الأمم المتحدة، وتدخل قطر بهذه الطريقة المشبوهة والمدانة جعلنا نعيد النظر في كل المسألة باتجاه التركيز على وقف العدوان الأطلسي ومنع تقسم ليبيا أو احتلالها كما حدث في العراق.
    إن هزيمة معمر القذافي على يد حلف الناتو بإنزال بري سيرهن ليبيا والمعارضين زمناً طويلاً لحساب دول الحلف وتحديداً الثلاثي «الفرنسي البريطاني الأميركي»، ولا يمكن للمعارضة أن تدعي جهلها بتداعيات طلب التدخل البري من جانبها على صيرورة المستقبل ومآلاته النهائية في بلدهم، ولا أعتقد أن أي عربي يمكن أن يقبل بديلاً كهذا من حكم القذافي.
    إن الحماسة العاطفية والتأثر بأكاذيب الفضائيات حول المجازر من طرف واحد يمكن تفهمها قبل أن تبدأ الأمور بالانكشاف والوضوح كما نراها اليوم حيث الخبراء العسكريون ورجال المخابرات من كل لون وصنف يتوافدون على بنغازي، والمعارضة تكذب وتعد الشعب الليبي منذ اليوم الأول أن نهاية نظام القذافي ستكون خلال أسبوع، وتعود لتكرر هذا بين حين وآخر كلما توغلت فضائيات الخيانة العربية في دم الشعب الليبي والسوري واليمني تحت شعارات مزيفة ومضللة بدلاً من التهدئة والتحريض على وقف الدم والبحث عن حلول سلمية ومنصفة للجميع. إن طلب المعارضة تدخلاً برياً في ليبيا أنهى كل ادعاءات البعض بوجود ثورة شعبية في ليبيا، وحتى هؤلاء الذين انتفضوا على الظلم وطالبوا بإصلاحات جدية وبرحيل القذافي على خلفية وطنية تم تحويلهم إلى مجرد أدوات لتحقيق مطامح القيادة السياسية للتمرد، وهي قيادة من ألوان مختلفة لا رابط بينها جميعاً سوى المصلحة الشخصية في الاستيلاء على مقاليد الأمور في بلد غني بالنفط ومترامي الأطراف حتى لو كان ذلك بثمن تقسيم ليبيا واحتلالها من دول الغرب الطامعة. إن فرنسا وبريطانيا وأميركا وغيرها ليست جمعيات خيرية أو مغرمة بالعرب وحريصة على حريتهم، والمعارضة وكل الدنيا تعرف هذا، فلماذا ولأي هدف تقوم هذه الدول بالانحياز للمعارضة التي لولا هذا الانحياز ما بقيت يوماً واحداً؟
    إن استغلال أميركا وحلفها الشيطاني الإرباك الذي تعيشه بعض الدول العربية لضرب المنطقة وتخريبها لمصلحة العدو الصهيوني يجب أن تدفع المعارضة الليبية للتفكير مجدداً في الأمر والاستجابة لنداء وقف النار والحوار مع طرابلس الغرب قبل فوات الأوان.
    زياد أبو شاويش
    تعليقات كتابة تعليق

    اضغط هنا للدخول

    رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.