• وقفة في دار المتنبي - ماجد الراوي




    أمام دار المتنبي في حلب
    وقفة في دار المتنبي
    شعر : ماجد الراوي من ديوان ( شموس القوافي ) ومجلة منارة الفرات
    اكتشف الباحثون وبعد دراسات دقيقة موقع دار الشاعر المتنبي في مدينة حلب قرب قلعتها الشهيرة
    ورغم أنه في موقع الدار سكن أشخاص كثيرون وأصبح الموقع مقرا لدوائر حكومية على مر الزمن
    إلا أنه لم يعرف ساكنوه المتعاقبون أنه دار الشاعر المتنبي حتى أثبت ذلك أحد الباحثين وبدلائله الدقيقة
    وكان الشاعر من أول القادمين لزيارة الدار بعد اكتشافها والتي يشغلها الآن مركز الرعاية الأسرية في حلب
    وحين وقف فيها وتأمل ترجم مشاعره في هذه القصيدة

    وقفتُ في الدارِ لكنْ لم أجدْ فيها
    من كان بالفكرِ والأمجادِ يبنيها
    ولا دواةً تحوكُ الحُسْنَ ريشتُها
    ولا روائعَ تسبينا معانيها
    مضيتُ أسألُ كلَّ العابرينَ بها
    عنهُ وكلَّ جدارٍ في نواحيها
    فثارَ صوتُ حنينٍ وسْطَ باحتها
    كأنما رجّعتْ أصواتَ أهليها
    مشيتُ في الدارِ أقفو للأبيِّ خُطاً
    راح التقادمُ عن عيني يُواريها
    وأرفع السترَ عن وجه الزمانِ بها
    فيرجعُ الدهرُ للأنظارِ يُبديها
    كأنما صوتُهُ قد رنَّ في أُذُني
    ونبَّهَ القلبَ قبلَ السمعِ تنبيها
    سرتْ إلى مسمعي أصداءُ قافيةٍ
    - راحت تردّدُها الأزمانُ في فيها
    جاء البيانُ بها يزهو بتوريةٍ
    وراقني بخيالٍ ضمَّ تشبيها
    فكم لهُ حكمة أعيتْ مقلّدَها
    مثل الربيع قِفارَ الروحِ تُحْييها
    وكمْ شمائلَ أرساها بمنطقِهِ
    تبيتُ ألسنةُ الأزمانِ ترويها
    يا باحةَ الدارِ روحي فيكِ قبَّرةٌ
    تظلُّ تهتفُ والتذكارُ يُشجيها
    تُسائلُ النجمَ عنهُ فوق منزلِهِ
    والشمس غائبة والبدرُ يبكيها
    سبحانَ من علّمَ الإنسانَ فانبعثتْ
    منهُ قرائحُ في الميدان يُجريها
    تبيتُ تنسجُ أبراداً مذهّبَةً
    من البيانِ موشّاةً حواشيها
    إنّ البيانَ لسحرٌ قَلَّ مدركُهُ
    وحكمةُ القولِ ما شيءٌ يُضاهيها
    الشعرُ ديوانُنا المعروفُ من قِدَمٍ
    وكم وقائعَ أبداها لقاريها
    فلا تلُمْني إذا ما زرتُ دارَ (أبي
    مُحَسّدٍ ) أتغنّى في نواحيها (1)
    كم عُجْتُ فيها وأشواقي تُناديها
    والروحُ صارتْ فراشاتٍ تناغيها
    أحجارُ جدرانها كالسِفْر أقرؤُهُ
    حتّى يعودَ من الأيّام خاليها
    ظلّتْ على دورة الأيام واجمةً
    إذْ ماتَ مُنشِئُها قِدْما وبانيها
    فإنْ أردتَ وجوها منهمُ غربتْ
    رأيتَ في وجهِها أشخاصَ أهليها
    مشيتُ في ( حَلبَ ) الشهباءَ أسألُها
    عمّنْ شخوصهُمُ ضمّتْ روابيها
    كأنّ قلعَتَها في الأفقِ باخرةٌ
    في البحر والريحُ همسَ الحُبِّ تُهديها
    أو أنّها في رياضِ الحُسْن غانيةٌ
    والطيرُ من حولِها صُبحاً تناجيها
    فإن سجا الليلُ لاحت كالعروس وقد
    تخفى ولكنْ عقودُ الماسِ تُبديها
    يا أرضَ قومي لقد أطربتِنا زمناً
    برائعاتِ الليالي أو شواديها
    يا واحةً بهُدى الإيمان عامرةً
    الخُلْدُ أعطتْكِ شيئاً من معانيها
    ----------------------
    1ـ أبو مُحَسّد : هو الشاعر المتنبي
    ========================
    هذه المقالة نشرت أصلا في موضوع المنتدى : وقفة في دار المتنبي --- شعر : ماجد الراوي كتبت بواسطة ماجد الراوي مشاهدة المشاركة الأصلية
    تعليقات 3 تعليقات
    1. الصورة الرمزية الدكتور طاهر سماق
      الدكتور طاهر سماق -
      لله درُّكَ يا أنت ..!!
      إيقظتَ بي لهفةً لزيارة الدار

      وما أكثر من أثارت لديهم زيارة الديار شجوناً ولوعات وتأسّيات؟

      أتذكّرُ وقفة نزار أمام مُدخَل الحمراء وما ألهمتُ وقفَتُهُ تلك من مطالعة أمجاد الماضي

      فكيف إذا تحسستَ روح أبي الطيب في دارِه؟؟؟

      لله أنت يا ماجد!
    1. الصورة الرمزية ابو مريم
      ابو مريم -
      الله عليك يا أستاذ ماجد
      نعم ماتكتب
    1. الصورة الرمزية ماجد الراوي
      ماجد الراوي -
      الدكتور طاهر سماق
      أبو مريم
      حضوركما المشرق وكلامكما الطيب وحسن انطباعكما أسعداني وأسعدا شعري
      أعتز وأفتخر بكما مع أجمل تحياتي وتقديري
    تعليقات كتابة تعليق

    اضغط هنا للدخول

    رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.