• خطبة الأعرابي المسترفد في المسجد الحرام

    خطبة الأعرابي المسترفد في المسجد الحرام

    قال القالي في أماليه‏:‏ حدَّثنا أبو بكر بن الأنباري قال‏:‏ أخبرنا أبو حاتم قال‏:‏ أخبرنا أبو زيد قال‏:‏ بَيْنَا أنا في المسجد الحرام إذْ وَقَف علينا أعرابي فقال‏:‏ يا مسلمون؛ إنَّ الحمدَ للَّه والصلاةَ على نبيه، إني امرؤ من أهل هذا المِلْطاط الشَّرقي، المُواصِي أسيافَ تِهامةَ؛ عكَفَتْ علينا سِنُون مُحُشٌ؛ فاجْتَبَّتِ الذُّرَى، وهَشَمَت العُرَى، وجَمَشَتِ النَّجْم، وأَعْجَتِ البَهْمَ، وهَمَّت الشَّحْم‏.‏ والتَحَبَت اللَّحم، وأحْجَنَتِ العَظْم، وَغادرت التراب مَوْراً، والماء غَوْراً، والناسَ أَوْزَاعاً، والنَّبَط قُعاعاً، والضَّهل جُزَاعاً، والمَقام جَعْجَاعاً، يُصَبِّحُنا الهاوي، ويَطْرُقنا العاوي، فخرجت لا أَتَلَفَّعُ بوَصيده، ولا أتقَوَّت هَبيدَه، فالبَخَصات وقِعة، والرُّكبات زَلعة، والأطراف فَقِعة، والجِسْمُ مُسْلَهِمّ، والنظر مُدْرَهِمّ، أعْشُو فَأغْطَشُ، وأضْحَى فأَخْفَشُ، أُسْهِلُ ظالعاً، وأُحزِن راكعاً؛ فهل من آمر بِمَيْر، أو داعٍ بخير‏؟‏ وقاكم اللّه سَطْوَة القادر، ومَلكة الكاهر، وسُوءَ المَوارد، وفُضُوح المصادِر‏.‏

    قال‏:‏ فأعطيته ديناراً، وكتبت كلامه واستفسرت منه ما لم أعرفه‏.‏

    قال أبو بكر‏:‏ المِلْطاط‏:‏ أشَدُّ انخفاضاً من الغائط، وأوسع منه، وقال الأصمعي‏:‏ المِلْطاط‏:‏ كل شَفِيرِ نهر أو وَادٍ، والمُواصي والمواصِل واحد‏.‏

    وأسياف‏:‏ جمع سِيف، وهو ساحلُ البحر وعكفت‏:‏ أقامت، والسِّنون‏:‏ الجدوب ومُحُش‏:‏ جمع مَحُوش، وهي التي تَمْحُش الكلأ، أي تحرقه، واجْتَبَّت‏:‏ قطَعت، وهَشَمَتْ‏:‏ كسرَت، والعُرى‏:‏ جَمع عُروة وهي القطعة من الشجر، وجَمَشَت‏:‏ احْتَلَقَت، والنجم‏:‏ ما ليس له ساق من النبِت، وأعْجَت‏:‏ أي جعلتْها عَجَايا والعَجِيّ‏:‏ السيء الغذاء المهزول، وهمَّت‏:‏ أذابت، والْتَحَبَتْ‏:‏ عَرَقت اللحم عن العظم، وأحْجَنتِ العظْم؛ أي عوّجَتْه فصيَّرته كالمِحْجَن، والمَوْر‏:‏ الذي يجيء ويذهب، والغَوْر‏:‏ الغائر، وأوْزاع‏:‏ فِرق، والنَّبَط‏:‏ الماء الذي يستخرج من البئر أول ما تُحْفَرُ، والقُعَاع‏:‏ الماء المِلح المرّ، والضَّهْل‏:‏ القليل من الماء‏.‏

    والجُزَاع‏:‏ أشدُّ المياه مرارة، والجَعْجَاع‏:‏ المكان الذي لا يطمئن مَنْ قعد عليه، والهاوي‏:‏ الجراد، والعاوي‏:‏ الذئب، والتَّلَفُّع‏:‏ الاشتمال‏.‏

    والوصيدة‏:‏ كلّ نسيجة، والهَبِيد‏:‏ حَبُّ الحنْظَل يعالج حتى يطيب فَيُخْتَبَزَ‏.‏

    والبَخَصات‏:‏ لحم باطن القدم، وَوَقِعة‏:‏ من قولهم‏:‏ وَقِعَ الرجل إذا اشتكى لحم باطن قدمه، وزَلِعة‏:‏ مُتَشَقِّقَة، وقَفِعة‏:‏ قد تَقَبَّضت ويبست، المُسلَهِمّ‏:‏ الضامر المتغيّر، والمُدْرَهِمّ‏:‏ الذي ضَعُف بصره من جوع أو مرض‏.‏

    قال القَالِي‏:‏ ولم يذكر هذه الكلمة أحد ممن عمل خلق الإنسان‏.‏

    وأعشو‏:‏ أنظر، وأغْطَش‏:‏ من الغَطَش، وهو ضَعْف في البصر، وأُسهِل ظَالِعاً؛ أي إذا مَشَيْت في السهولة ظَلَعْت، أي غَمَزْت، وأُحْزِن راكعاً؛ أي إذا عَلَوتُ الحَزْنَ ركعت، أي كَبَوْت لوجهي، والمَيْر‏:‏ العطية، والكَاهِر والقاهر‏:‏ واحد، وقرأ بعضهم؛ ‏"‏ فَأمَّا اليَتِيمَ فَلاَ تَكْهَرْ ‏"‏‏.‏
    تعليقات كتابة تعليق

    اضغط هنا للدخول

    رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.