• الأديب الساخر برناردشو و الإسلام - طارق شفيق حقي

    الأديب الساخر برناردشو والإسلام - طارق شفيق حقي


    الناجح هو الذي يسعى للبحث عن الظروف التي يريدها، وإن لم يجدها يصنعها بنفسه

    1- مقدمة عن حياة برناردشو.
    2- تصريحات ومواقف لشو .
    3- علاقة شو بالدين.
    4- قصة تدريس رواية جان دارك في مصر.
    5- أقواله عن الإسلام في مجلة الإسلام الحقيقي ولقاؤه بالشيخ الصوفي عبد العليم صديق.
    6- تعليقات على أقوال شو.
    7- المراجع

    مقدمة عن حياة برناردشو



    - ولد برناردشو في دبلن 1856م كان عبقرياً وقاد الذهن ،تعلم القراءة وهو في نحو الثالثة بل إن من أقواله المأثورة أنه ولد قارئاً، وأدمن المكتبات العامة والقراءة والاطلاع واستعارة المصنفات والكتب وتعلم اللاتينية والإغريقية والفرنسية وانتقل من نقد الموسيقى إلى كتابة القصة فالمسرح فالرواية ومن أهم أعماله " جان دارك " و وراية " الإنسان والسوبرمان " ورواية " أندروكليز والأسد "، منحته لجنة نوبل جائزتها في الأدب عام 1925 فرفض الجائزة وكتب إلى أمين السر في اللجنة يقول :
    - " إن المال كالعوامة التي ألقيت إلى السابح بعد وصوله إلى بر النجاة ".

    - الكاتب الإيرلندي ينحدر من عائلة نورماندية فقيرة متمردة كطبيعة الإيرلنديين المجدين في العمل والمتمردين على الاحتلال والمعروفين بميلهم للسخرية والفكاهة وربما يجسد ذلك المثل القائل " شر البلية ما يضحك " ، ولكون والده تعرض للإفلاس وكان فقيراً يعاقر الخمر ، فلقد تمرد برنارشو على ذلك وحرّم على نفسه المسكرات مثله مثل كثير من الأدباء والدعاة الاجتماعيين الغربيين، وعُرف بحبه للموسيقى فلقد ترعرع في عائلة تحب المرح والغناء، وربما كان ذلك قد عالج ألم الحاجة والعوز الذي ألم بهم لأنهم ينحدرون من أسرة نبيلة.


    - في عام 1870م حيث كان يعيش في لندن تعرف على مختلف الحركات الأدبية والفكرية والسياسية وتيارات المادية والإلحاد ، أوج انتشار نظرية لامارك ودارون ،و انتشار الحركات الروحية الذين يتدينون بالتصوف وتحضير الأرواح والاقتداء بالبراهمة في اجتناب اللحوم والاقتصار على النبات وإحراق جثث الموتى ،كان شو نباتياً ، تمرس بمراس والدته التي عانت مع والده السكّير وضاقت به ، وتمردت على هذا الواقع لتهرب للعمل في الميناء ، لكن الواقع هناك كانت أسوء مما تخيلت حيث الحانات والسكر ، فسلّمت بهذا الزوج وقبلت بواقعها ،وهي تنحدر من أسرة نبيلة كذلك وعائلة ثرية ، فإتقان الموسيقى والغناء والعزف على البيانو كانت عادات الأسر الراقية والتي ورثها برناردشو من أمه والتي كانت بعد وفاة ابنتها تحاول الاتصال بروحها عبر الموسيقى، وطالبت أن تحرق جثتها بعد موتها، وقد التزم شو بذلك وأحرق جثتها لكنه كذلك قام بالصلاة عليها ،كما التزم بذلك بعد وفاة أخته وكان يقول علينا أن لا نصدم من حولنا ونحترم رغباتهم.

    - يفخر شو أنه بروستانتي شديد التشيع إليه ، وجدته كانت رئيسة دير وعمه شنق مع الثوار وهو ذاته جمهوري مطالب بالحكومة الذاتية ( رغم أنه بروتستانتي لكنه وجماعته تعرضوا للاضطهاد مع الكاثوليك في إيرلندا من قبل الإنجليز).

    - في لندن احتك بالشيوعيين الماركسيين وكان له علاقة مع ابنة ماركس، وانضم إلى جماعة الفابيين وعمل معهم، والفابية تعود إلى القائد الروماني فابيوس المتوفي 203 قبل الميلاد وقد فوض إليه الرومان الحكم بأمره في سنة 217 ق م بلقب " ديكتاتور " مكافأة له على بلائه في خدمة الدولة ودعماً له في حرب ضد أعداء الدولة. لكن روحه الحرة لم تكن تقبل أن تنقاد حزبياً لأي حركة أو حزب وكان نصيب الأفكار الشيوعية في روايته أقل مما هو نصيب الدعوة للأخلاق والعقائد وإصلاح المجتمع والإنسان ، وقد تأثر بأدباء ومفكري عصره وسائر العصور : " فمن لامارك وبرجسون أخذ نظريته في التطور الخلاق ومن أبسن أخذ طريقته المسرحية ورأيه في البيت وحقوق المرأة العصرية ، ومن صمويل بتلر أخذ مقاييسه في نقده للفن ونقده لمذهب النشوء والارتقاء وأسلوبه اللاذع في كلماته الموجزة.

    - يقول له أينشتاين مهنئاً وهو في عامه التسعين : " إنك قد أدركت حب الناس وإعجابهم المرح بك من طريق قادت الآخرين إلى الاستشهاد ، ولم تعظ الناس بمواعظ الأخلاق وكفى ، بل اجترأت على السخرية من أشياء يحسبها غيرك فوق أن تنال . وما من أحد يقدر على عمل كعملك غير الفنان المولود لفنه . وقد فتحت صندوق لعبك فأخرجت منه دمى لا عداد لها ، تماثل الناس ولكنها مع هذه المماثلة ليست من لحم ودم ، بل من روح وجمال ، وهي في ناحية من النواحي الأخرى أصدق منا تمثيلاً للرجال والنساء ، حتى لتجعلنا ننسى أنها لم تكن من خلقة الطبيعة بل من خلقة برناردشو "

    - يقول شرشل السياسي : " أخذت أولادي يوماً لنشهد تمثيل ماجور برارا ، ومضت عشرون سنة منذ شهدناها، وهي أفظع عشرين سنة شهدتها الدنيا "

    - جرى الحديث عن غاندي فقال شو عن نفسه إنه هو مهاتما الغرب – وكلاهما كما هو معلوم لا يأكل اللحوم.
    - ثم قال عن غاندي: " لما لقيته في إنجلترا قضيت معه لحظة في حديث غاية في الطرافة ، وكان شديد التلطف بي ، فسألني عند انصرافي كيف أنوي أن أعود إلى منزلي ؟ فقلت : سأركب من سيارات الأجرة ! فلم يقبل وأصرَّ على أن يدبر لي طريق العودة بنفسه ، ودعا بسيارة فخمة يسوقها شاب أنيق جميل الهندام ، فحرت ماذا أعطيه حين وقف بي على باب داري ! وأحسست أنه جدير بهبة غير " نصف الشلن التقليدي" الذي ننفح به سائقي السيارات ، فاعتزمت أن أنفحه بخمسة شلنات ، وأدهشني أنه يرفضها ، وخيل إلي أنه يستقلها ، ولكنني لم أشأ أن أفسده بالسرف، وإذ به يعود في اليوم الثاني ليسأل عني ، فسبق إلى خاطري أنه جاء في طلب الهبة المرفوضة ، ولكنه أفهمني ونحن ندخل المنزل أنه جاء ليسألني عن راحتي في نقلة الأمس ، وأنه أمير صاحب الملايين ، وقضينا فترة من الوقت نتحدث عن السيارات ، وكل حديث عن المكنات يطيب لي على الدوام.

    حديث برناردشو عن الفقر:

    - (( لا أستطيع القول بأنني ذقت الفقر حقاً ، فقبل أن أستطيع كسب شيء بقلمي كنت أملك مكتبة عظيمة هي المكتبة العامة في المتحف البريطاني ، وكان لدي أكمل معرض للوحات الفنية قرب ميدان ترافالجار ، وماذا كنت أستطيع أن أعمل بالمال؟.. أدخن السيجارة ؟ إنني لا أدخن ، اشرب الشمبانيا ؟ إنني لا أشرب ، اشتري ثلاثين بذلة من آخر طراز إذن لأسرع بدعوتي للعشاء في قصورهم ، أولئك الذين اتحاشى رؤيتهم قدر ما أستطيع ، اشتري خيلاً؟ .. إنها خطرة .. سيارات ؟ إنها تضايقني ..، والآن ولدي من المال ما أستطيع أن اشتري به هذه الأشياء كلها فإنني لا أشتري إلا ما كنت أشتريه أيام كنت فقيراً ، وإن سعادتي هي في الأشياء التي كانت تسعدني وأنا فقير : كتاب أقرأه ، ولوحة أتمعن فيها ، وفكرة أكتبها ، من ناحية أخرى فإن لدي خيالاً خصباً ، لا أذكر إنني احتجت شيئاً أكثر من أن استلقي وأغلق عيني لأتصور نفسي كما أحب ، وأفعل في الخيال ما أريد ، وإذن ففيم كان ينفعني الترف التعيس الذي يزخر به شارع بوند؟"

    - وصفته للتعساء : (( يكمنُ سرُّ التعاسةِ في أن يُتاح لك وقتٌ لرفاهيةِ التفكيرِ ، فيما إذا كنت سعيداً أو لا ، فلا تهتمَّ بالتفكيرِ في ذلك بل ابق منهمكاً في العمل ، عندئذ يبدأُ دمُك في الدورانِ ، وعقُلك بالتفكيرِ ، وسرعان ما تُذهِبُ الحياةُ الجديدة القلق من عقلِك ! اعملْ وابق منهمكاً في العملِ ، فإنَّ أرخص دواءٍ موجودٍ على وجهِ الأرضِ وأفضلُه )) .

    كلامه عن الشيخوخة والصين:

    - يمدح برنارد شو حكمة الشرق بخصوص الشيخوخة حين قال عن أهل الصين إنه يحسبهم مستطيعين أن يحاربوا أبداً ولا يفقدوا ما جبلوا عليه من روح الفكاهة. ثم قال إن عبادات الصين تحفُّ بها السكينة ، لأن المعيشة هناك محورها السن لا الشباب ، ولست أخالف القائلين إن اليونان هم المسؤولون عن هذه العبادة للشبيبة . وقد حاولها هتلر... وها أنت ذا ترى مصير قومه ، ونحن في الغرب نخجل من التقدم في العمر أما الشرقي فإنه يقول لك إذا أراد أن يسترضيك إنك تبدو أكبر من عمرك . وحذار – بعد – أن تهرف بهذا في محضر سيدة من سيداتنا ، فقد ترى قبل أن تشعر أن سقف الدار منطبق على أذنيك.
    - حدثوه عن رسم العرايا فأنكره وقال : لعمري ماذا يتعلمون من هذه التجربة ؟ إن الحياة لا تفشي أسرارها بدريهمات في الساعة يدفعونها لهذه المخلوقات التي ليس فيها حياة. وقال ذلك لأنهم يطلقون على حجرة الرسم العاري عنوان " حجرة الحياة".
    - و كأنه يستشرف المستقبل ويرى تحكم أمريكا بالعالم وطغيانها:
    - لما دار الحديث عن القذيفة الذرية قال : " إن لم نتفق على الحكومة العالمية ، فسوف تأتي الحكومة العالمية بغير اتفاق على نحو أخطر وأعنف ، ستأتي بطغيان دولة واحدة على العالم بأسره ، ولن تكون إنجلترا هي تلك الدولة".

    (الكوخ المتحرك في حديقة شو حيث كتب معظم أعماله بعد عام 1906 بما في ذلك «بجماليون».)



    علاقة برنارد شو بالدين

    يقول شو في وصاياه التي أسماها دليل المرأة الذكية : " كل شجاعة متدينة ، وبغير الدين نحن جميعاً جبناء "
    ويقول في مقدمة روايته " أندروكليز والأسد : " إن الحكومة بغير دين مستحيلة و إن الرجل الذي يريد أن يعقل كل شيء يموت ولا أثر له ولا صيت بعده "
    ويقول في كتابه " مرجع السياسة للجميع " إنني بما أعلمه من الدنيا أرى أن السياسي ينبغي أن يتدين ،ولكنه ينبغي كذلك أن ينبذ من ديانته كل تخصيص لا يصلح للتعميم"
    " يقول شو عن ديانته :إنها لا تشيع بين جمهرة الناس حتى تنشأ حولها أساطيرها وأماثيلها ومعجزاتها ، ولكنها مع هذا خير من الديانات العتيقة ، وخير من الشكوكية ، وخير من المادية العمياء ، ومن مذهب داروين القديم والحديث.

    على أن " شو " يحترم الديانات التي يسميها بالديانات العتيقة ، ويتكلم عن أنبياء الأمم بلهجة الإعجاب والتوقير ، ويقول في مقدمة " مسرحياته السارة " : " هناك ديانة واحدة وإن تعددت منها مائة نسخة "
    " يتردد اسم الله كثيراً في كتابات شو على اختلاف موضوعاتها ، ولكنه لا يؤمن بإله مطلق الإرادة خالق لجميع الأشياء كذلك لا يؤمن بالمادية المطلقة ولا يقول بأن الوجود كله مادة مسيطرة على الفكر والحياة.
    وهو يدين بالعقل وسيلة لفهم الحقائق لكنه لا يدين بالعقل وحده لفهم جميع الحقائق لأنه في نظره قاصر عن فهم الحقائق الأبدية التي تتعلق بأصول الأشياء.

    - إن كلامه الذي ورد في رسائله التي جعل عنوانها " ستة عشرة صورة ذاتية " هي أقرب للنتائج العلمية التي توصل إليها العالم بنفيلد بأنه لم يعثر في العقل على مكان الإرادة وهي نسفت لديه معتقداته المادية التي بالأصل بدأ تجاربه ليثبتها، ولننظر ماذا يقول شو : " إن العقل يستطيع أن يبين لك خير طريق – طريق الحافلة أو الترام أو السرداب أو سيارة الأجرة – للوصول من بيكادللي إلى بونتي ، لكنه لا يستطيع أن يبين لك لماذا ينبغي أن تطلب الذهاب إلى بونتي بدلاً من البقاء في بيكادللي " .

    - فالعقل وفق شو يبين لك الطريق ولكنه لا يبين لك البواعث التي تحركك لذلك الطريق، وهذه الفلسفة هي عين النظرية العلمية الحديثة التي تمردت على النظرية المادية و دحضتها في ميادين عديدة.



    - وقد كان الفيلسوف (برنارد شو ) يسخر من المدنية الغربية وتقدمها، بل يعلن أن البشرية ستعود إلى الوثنية والبدائية يومًا ما، ولا يتوقع أن تحقق الإنسانية تقدمًا أكثر مما عرفت.
    - حتى قال عن الشعب البريطاني: (إن الشعب البريطاني يعبد الله يوماً في الأسبوع) ويعبد (بنك باركليز) ستة أيام.

    - ورد هذا الكلام لبرنارد شو في مسرحية الزواج ترجمه لنا المترجم الأستاذ طارق آغا : "صادف أني، مثل نابليون، أفضل المحمدية. [السيدة جورج - وهي تربط المحمدية بتعدد الزوجات - ترمقه بريبة سريعة]. أعتقد أن الإمبراطورية البريطانية بكاملها ستتبنى محمديةً خضعت لعملية إصلاح قبل نهاية القرن. إن شخصية محمد متوافقة معي. أنا معجبٌ به وأشاركه نظراته إلى الحياة إلى قدرٍ كبير."
    ,ولعل الإشارة إلى نابليون ستدفعنا لكتابة مادة عن علاقة نابليون بونابرت بالإسلام.



    قصة تدريس رواية جان دارك في مصر

    - في عام 1928 عقد مجلس النواب المصري جلسة وكان من بين أعضاء لجنة استجواب مسألة تدريس رواية جان دارك الكاتب محمود عباس العقاد ، حيث تم الاعتراض على تدريس رواية جان دراك في مقررات الجامعة المصرية ،وكان الانتقاد لذكر برناردشو النبي محمد صلى الله عليه وسلم ب" راعي الأبل " وقد ذكر العقاد في المجلس بأن الكاتب ذكر هذه الجملة على لسان أحد الشخوص ثم ذكر رده المفحم على لسان شخصية أخرى فقال : ( إن أتباع محمد عليه السلام أوفر أدباً من هذا في كلامهم عن السيد المسيح ، وإنهم يوقرون الحواريين ، ولا يقولون عن واحد منهم أنه صياد سمك )، وذكّر العقاد المجلس موقف برناردشو الموقر من حادثة سجن وتعذيب الفلاحين المصرين من قبل الاحتلال البريطاني في قضية دنشواي والتي أسفرت جهود شو عن عزل الضباط والافراج عن الفلاحين المصريين.
    - ونُمي الخبر إلى شو فقال : " إن ما جاء في الرواية لم يكن رأيي أنا ، بل هو رأي الكنيسة في القرون الوسطى "
    - هذه التصريحات بلسان شو عن نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم ستتكامل مع آراء أخرى له.

    أقواله عن الإسلام في مجلة الإسلام الحقيقي ولقاؤه بالشيخ الصوفي عبد العليم صديق.



    جاء في “موسوعة مقدمات المناهج والعلوم” للعلامة أنور الجندي (مجلد 8/211) يقول برناردشو:
    “لقد درست محمداً باعتباره رجلاً مدهشاً، فرأيته بعيداً عن مخاصمة المسيح، بل يجب أن يدعى منقذ الإنسانية، وأوربا في العصر الراهن بدأت تعشق عقيدة التوحيد، وربما ذهبت إلى أبعد من ذلك فتعترف بقدرة هذه العقيدة على حل مشكلاتها، فبهذه الروح يجب أن تفهموا نبوءتي"
    يقول كذلك:
    "إذا حكمنا على العظمة بما كان للعظيم من أثر في الناس ، قلنا إن محمداً رسول المسلمين أعظم عظماء التاريخ ، فقد كبح جماح التعصب والخرافات ، وأقام فوق اليهودية والمسيحية ودين بلاده القديم ديناً واضحاً قوياً ، استطاع أن يبقى إلى يومنا هذا قوة ذات خطر عظيم"
    "لم يسجل التاريخ أن رجلاً واحداً ، سوى محمد ، كان صاحب رسالة وباني أمة ، ومؤسس دولة … هذه الثلاثة التي قام بها محمد ، كانت وحدة متلاحمة ، وكان الدين هو القوة التي توحدها على مدى التاريخ

    - الذين يشككون بما قاله شو حول الإسلام يقولون وماذا في مدحه للإسلام فهو مدح موسوليني والفاشية ، ثم يعرجون بطريقة مختلفة ليقولون وهو مدح الإسلام ومدح الهندوسية كذلك ، ويقولون وربما قال شو ذلك من باب التهكم والسخرية فهو حين يمدحك فعليك أن تتوقع السخرية اللاذعة منه ، وربما هناك من يعترض أن مدح شو للإسلام ولمحمد لم يرد إلا في مجلة تصدر في سنغافورا وربما يلمح أنها نسبت لشو كذباً ، وذهب البعض حين تم العثور على نسخ من المجلة ليقول إننا لا نعرف إذا كانت أصلية وهي غير واضحة ، والبعض الآخر ذهب لتحريف معاني جمله عن كون الإسلام سيحكم بريطانيا في أنه لا يقصد بذلك صحة هذا الدين .
    - هذا التخبط في نقد ما قاله شو يمكن تفهمه بشكل طبيعي بحكم اختلاف المعتقدات وتعصب المريدين لأهوائهم وصدمتهم بآراء أديب ساخر واضح يتقدم نحو هدفه بأقصر الطرق ويقول فكرته دون مجاملة.
    - ولنتذكر ماذا قالت سيمون ديفوار عن جان بول سارت حين تراجع عن الوجودية ،وماذا قال دوكنز عن صديقه أنتوني فلو جين تراجع عن إلحاده .

    - لكن المجلة التي نشرت آراء برنارد شو حول الإسلام لم تكن مجلة وهمية كما يدعي البعض ولقد كان "الإسلام الحقيقي" مجلة في ثلاثينيات القرن العشرين أنتجتها جمعية التبشير الإسلامية الملاوية (المعروفة الآن باسم الجامعة) ، تحت رعاية الشيخ عبد العليم صديق وسيد إبراهيم بن عمر الصقوف. كان مكتبهم التحريري في 742 طريق نورث بريدج .

    - وبالفعل لقد التقى برناردشو الشيخ الصوفي عبد العليم صديق ،(ولد عبد العليم صديق في ميروت – الهند عام 1892 )

    - عندما التقى الاثنان ، كان قد عمر الشيخ 43 عامًا ، بينما كان شو نفسه يبلغ من العمر 79 عامًا.

    - جرت المقابلة في مومباسا – كينيا في وقت ما بين 10 -20 من إبريل عام 1935 ونشرت في عام 1936 في مجلة الإسلام الحقيقي عدد يناير.

    - كان برنارد شو وقتها يحل ضيفًا على المندوب السامي البريطاني هناك، ودار بين الأثنين حوار حول الإسلام، يُمثل نموذجًا عاليًا ومثاليًا لأسلوب الحوار بين الحضارات والثقافات المختلفة.

    - تميز الحوار بنوع من القبول والتوافق الفكري بين الطرفين المسيحي والمسلم، واستقبل برنارد شو المعروف عنه الدبلوماسية الشديدة والفلسفة، نظيره الشيخ صديقي قائلًا :”عندما سمعت بجهودك في مجال الدعوة للإسلام تحمست لمعرفتك، وتحمست أكثر لحضور محاضرتك عن فلسفة السلام التي ألقيتها الليلة الماضية لولا ارتباطات”.

    - ثم بدأ الحوار وقام الشيخ صديقي بتوضيح العديد من النقاط التي تتعلق بموضوع الإسلام، والتي كانت محل تساؤل برنارد شو خاصة فيما يتعلق بموضوع انتشار الإسلام بحد السيف، حيث قال موضحًا حقيقة الصورة :”إن التدوين الموثق لتعاليم الإسلام يبين دون أي شك أن الإسلام يبيح استعمال السيف فقط عند الاضطرار دفاعًا عن النفس في مواجهة هجوم جائر أو اعتداء آثم، وأن هناك أمراً صريحاً في القرآن الكريم يقول «لا إكراه في الدين»، ثم أضاف:

    "وبالنظر إلى تعاليم المسيحية الحقة نجد أنها نفس الشيء، لأن المنطق أن العقيدة الإلهية ترفض أي مسلك من مسالك العنف فيما يتعلق بالدين، والفصل في القرآن الكريم في قوله «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن»"، وتقبل برنارد شو هذه الآراء بهدوء شديد، وذلك نابع من إيمانه بأن جميع الأديان تدعو للسلام.

    - "أعتقد أن السير جورج برنارد شو لم يدحض هذه المقابلة ، ولم يعارضها أحد ، حتى وقت قريب ، عندما شكك فيها عضو زائف في "جمعية شو الدولية". ، عدم إعطاء أي دليل أو أسباب وجيهة لشكوكه"

    - بعد ذلك انتقل الحوار بين الطرفين إلى موضوع الحروب الصليبية والتي أرجع صديقي أسبابها إلى مكائد الميكافيلية، ورجال الكنيسة الذين أدركوا أن الإسلام مثلَ عقبة كبيرة في طريقهم، وفي وجه سلطة الكهنة الدينية التي صنعوها لأنفسهم، لذلك أطلقوا حملة ضد الإسلام والمسلمين وصوروهم كأعداء لعقيدتهم، وهنا وعند هذه النقطة بالذات لم يستخدم برنارد شو لغة الهروب ولغة المقاطعة، أو البحث عن بعض الأسباب والمخارج المزورة، أو بتكذيب رؤية الطرف المسلم حول هذا الموضوع، بل إنه وبكل وضوح أكد على صدق هذه الأسباب قائًلا:

    - “ليس هناك شك في أن تعصب الكنيسة الرومانية كان مسؤولاً إلى حد كبير عن الحوادث المحزنة، وإن تعاليم المسيحية ليس لها علاقة بحدوثها، وأن هناك قدر كبير من الاتفاق والتشابه بين تعاليم الإسلام والمسيحية، ومما لاشك فيه أن أهداف الحملات الصليبية كانت سياسية في المقام الأول بعيدة عن الدين، والحقيقة أنني في كتاباتي واستنتاجاتي حول هذا الموضوع وجدت العديد من الأسباب الإضافية أهمها أن تقديس العهد القديم، واعتباره جزءاً لا يتجزأ من الكتاب المقدس، قد لعب دوراً مؤثراً في زرع العقلية العسكرية في نفوس العالم الغربي قديماً، حيث كانوا يمسكون بالبندقية في يد وبالعهد القديم في اليد الأخرى”

    - ماذا سيقول برناردشو اليوم حين يرى تيار المسيحية المتصهينة ؟ وتجنيد الصهاينة لأوربا في آتون حروبها ؟ وماذا سيقول عن حقبة الحروب القذرة التي أدخلت أمريكا والصهيونية العالمية الدين أداة وقناعاً لقتلها الأطفال والنساء ؟

    تعليقات على أقوال شو

    - هذه التصريحات لشو التي بدأت من اتهام الكنيسة وانتهت بالسبب الرئيس لها وهو العهد القديم ليس عزفاً منفرداً ، بل هو ينسجم مع تاريخ تراكمي لآراء كثير من الفلاسفة منذ القرن السابع عشر ، وهذا يذكرنا بنقد الفيلسوف جون لوك (ولد عام 1632) للإنجيل وطرحه جانباً اللاهوت في المواد 39 ومذهب أثناسيوس وأقر بأن كل المخلوقات تشعرك بوجود الله ، ويقول لوك : " إن كل ما أوحى به الله حق على وجه اليقين " وإن كل التعاليم في العهد الجديد من الله ، وكان يقول بأن المسيح رسول الله وحيث اقتبس فقرة من الإنجيل تطلب من المسيحي أن يؤمن بالله وبأن المسيح رسول من عند الله وكان ضد الكثلثكة ومع حرية بقية المذاهب ( يشابه ما ذهب إليه ملتن )، لكنه كفيلسوف يقدس العقل رفض التناقضات الموجودة في الإنجيل والتي هي حتماً ليست كلام الله ، يقول : لكن لا يمكننا تقبل أن ما يوجد في الأسفار المقدسة هي كلمة الله لأنها تناقض معرفتنا الأكيدة البيديهية " .

    - رغم أن البعض اتهم جون لوك بأنه ملحد لهذه الآراء لكن علينا أن نحدد الجهة التي أطلقت هذا الاتهام ضده، ولعل كل مؤمن بآراء أثناسيوس والتثليث سيقول بأن لوك ملحد، وهذا طبيعي وهي حرية معتقد في النهاية، لكن كلام جون لوك حول المسيح بأنه رسول الله يتفق مع التوحيد ومع المذهب الآريسي الذي كان يؤمن به نيوتن والذي انتشر في اسكتلندا.


    - إذن علينا أن نعيد فهمنا لوصف بعض فلاسفة الغرب بالإلحاد وأن نفهم ذلك في سياق الديانة المسيحية وعلاقة ذلك بتصرفات الكنيسة والتحريفات المنافية للعقل الموجودة في الأناجيل المحرفة ، والتي دفعت كثيراً من الفلاسفة للربوبية التي تؤمن بالخالق لكنها ترفض ما جاء في الإنجيل وما تقوله الكنيسة ، لكننا لن ننكر بأن هذه الربوبية المؤمنة بالله حين هبطت للعامة تحولت لنزعات إلحادية صدمت الفلاسفة أنفسهم كما ساد في إنجلترا في القرن الثامن عشر.
    - بالعودة إلى لوك نعرف أنه لم يتسامح مع الملحدين : " حيث رأى أنهم غير أهل للثقة ما داموا لا يخشون إلهاً ولا ديانة توقع عذاباً مادياً" وهذا الموقف هو ذاته موقف الفيلسوف بييربيل ( 1647 م ) الذي يقول بأن الملاحدة لا تظهر من نفوسهم خشية الله ومن ثم قد يجعلون من الصعب تطبيق القانون وهو كذلك شكك بالتثليث وبقصص الإنجيل.

    - كما دافع لوك عن التسامح وكتب حوله رسالة ، دافع كذلك عن حرية المعتقد الخاص لأن التسامح برأيه يشجع على المعرفة والحق بينما الاضطهاد يشجع على النفاق" كما طالب الفيلسوف بيير بيل بالتسامح حتى مع اليهود والمسلمين .
    - لكنه لو طرق سؤال في بالنا من أين جاء فلاسفة الغرب بهذه النظرات الشكوكية واعتماد مسلك العقل والدعوة للتسامح وحرية المعتقد وحتى الآراء السياسية حول الدولة في ظل مجتمع غارق بالحروب الأهلية ومحاكم التفتيش ورفض الآخر ؟
    - ولأصل هذه الفكرة الفلسفية أساس علمي وهو مبدأ من مبادئ نيوتن ( لنتذكر تأثر نيوتن وسرقاته من العالم المسلم أبو البركات ملكا) يقول نيوتن : " بأن أي جسم ساكن سيبقى ساكناً ما لم يحركه شيء آخر فإنه سيظل ساكناً للأبد " فمن حرك المجتمع الساكن في أوربا ؟ .

    - لا بد أن يخطر لنا الثقافة المشرقية آريوس وموسى بن ميمون وابن رشد والغزالي وابن الجزري وابن سينا والفارابي، وآريوس كان مشرقياً قبل أن ينتصر قسطنطين لأثناسيوس ضد آريوس في أول مجمع مسكوني في نيقية ورغم انتصار آريوس في حججه العقلية التي ساقها حيث كانت ثقافة المشرق وقتها أرفع شأناً من الغرب وكانت مدنها تتمتع بحرية دينية ، لكن قسطنطين انتصر لأثناسيوس لأسباب سياسية رغم أنه لم يكن وقتها معمداً وهنا نفهم الأبعاد السياسية التي تقف خلف الخلافات الفكرية والتي كانت ذاتها خلف حرب روما الوثنية ( فكرة الثالوث نابعة من وثنية روما ) ضد زنوبيا الآريوسية ( ويقال بأن قسطنطين مات على دين آريوس).

    - ربما ابتعدنا عن فكرتنا حول الكاتب الساخر برناردشو لكن أقوال شو لن تفهم بغير الإضاءة القريبة والبعيدة على التاريخ العقلي والفلسفي لتيار تأثر بأفكار من خارج الثقافة الغربية وحاول المضي نحو العقل والحرية، والغريب أننا لو طالعنا ثقافة جون لوك لعرفنا أنه تعلم لغات عديدة كالعبرية واليونانية واللاتينية وكذلك العربية ( كما كان العالم هابل يدرك اللغة العربية وعن علومها وصل لأشهر نبوءاته حول المذنبات وكما كان بيير أوويه يتقنها )

    يصف ول ديورنت في موسوعة الحضارة حركة الترجمة عن العربية يقول:



    لقد مدّ " توماس ستانلي آفاق الذهن البريطاني بأول كتاب إنجليزي في "تاريخ الفلسفة" (1655 )، وأدهش قراءه بتخصيص آخر مجلداته الأربعة للفلسفة الكندية (العربية).
    - لقد أخذ العلم يجرؤ على تجاوز روما القديمة واليونان إلى الشرق الأدنى والأوسط، وكان لهذه الجرأة نتائج مزعجة. فاكتشف إدورد بوكوك وحقق أربع ترجمات سريانية لرسائل العهد الجديد (1630)، وأنشأت أكسفورد لأجله أول كرسي للغة العربية فيها، وفتحت محاضراته فيها عيون الإنجليز على الحضارة الإسلامية. أما في فرنسا فإن الموسوعة التي أفنى فيها بارتلمي دير بيلو عمره، وهي "المكتبة الشرقية" الضخمة (1697) -التي وضع لها عنواناً فرعياً هو "قاموس عالمي شامل بصفة عامة لكل ما يتصل بمعرفة .... الشرق"-هذه المكتبة كانت كشفاً عن التاريخ والعلم العربيين، ولعبت دوراً في توسيع الأفاق الفكرية توسيعاً حطم كل القيود في حركة تنوير القرن الثامن عشر. وتعجب الطلاب من ذلك الغني في شعر العرب وتاريخهم وفلسفتهم، وعلومهم، ولاحظوا كيف حافظ العرب على علم اليونان وفلسفتهم في الوقت الذي طواهما فيه النسيان إبان عصور غربي أوربا المظلمة، وعرفوا أن محمداً لم يكن مجرد دجال أفاك بل كان حاكماً ذكياً وسياسياً أريباً، وحيرهم ألا يجدوا في العالم الإسلامي جرائم أكثر ولا فضائل أقل مما في العالم المسيحي. وأصبحت نسبية الأخلاق واللاهوت خميرة مذيبة في الذهن المسيحي.
    "
    - وسنبقى في إشارة شو ونقده للعهد القديم ونذكر انتقاد بييربيل للعهد القديم وقصص داوود ، كما نتذكر انتقادات إسبنوزا
    ( وفي معرض ذكرنا للاثنين نذكر أن الفيلسوف بيير بيل تعمد اتهام إسبنوزا بالإلحاد)
    وكيف يقبل عقل إسبنوزا المتنور بعلوم ديكارت ونيوتن وكوبرنيكس ما جاء في العهد القديم من أن يوشع أوقف دوران الشمس حول الأرض.
    بذلك نفهم نفور إسبنوزا من العهد القديم وتصريحه بأن أسباب الخلاف بين رجال الدين هو اختلاف النصوص.
    كمثال ساقه إسبنوزا حيث" كانت هناك استحالات وتناقضات من حيث التوقيت الزمني، وفي رسالة بولس الرسول إلى الرومان لقنهم أن خلاص الإنسان يمكن أن يكون بالإيمان وحده لا بالعمل، ولكن رسالة بولس جيمس أوردت نقيض هذا على خط مستقيم، فأيهما تتفق مع "كلمة الله وتوجيهه"؟ وأشار الفيلسوف إلى أن مثل هذه النصوص المتباينة قد خلقت بين رجال اللاهوت صراعات مريرة أشد المرارة، بل دامية، بدلاً من السلوك القويم الذي يحث عليه الدين.
    وكما كان لبرناردشو معتقداته الخاصة ولباقته في احترام معتقدات الناس كما احترام آراء الناس حين ماتت أخته ، يذكرنا ذلك بمرافقة إسبنوزا لجاره في الذهاب للكنيسة رغم معرفتنا بمعتقداته الخاصة التي تختلف كلياً بل تفترق عما كانوا يؤمنون به .
    ونفهم رفض عقل إسبنوزا لشكلانية التعاليم الطقوس الدينية المناقضة لسلوك الناس ولذلك تأصيل ودافع ديني بأن العقيدة تقتصر فقط على الإيمان لا على العمل لكن التعليم الديني وفق فهم إسبنوزا يجب " أن يتركز على السلوك لا على العقيدة. ويكفي أن تقتصر العقيدة على الإيمان "بوجود الله، كائن أسمى يحب العدل والإحسان"، وخير عبادة له هي معاملة الجار بالعدل والانصاف وحبه " .
    " إن سبينوزا تنبه إلى صعوبة فهم لغة العهد القديم العبرية وضرب لذلك أمثلة، فإن النص المازوري-الذي زود بالحروف اللينة وحركات النطق التي أهملها ناسخو التوراة الأصليون كان حدساً وتخميناً إلى حد ما، ولا يكاد يوفر نموذجاً أصلياً موثوقاً لا يقبل الجدل، واستفاد في الفصول الأولى من هذه الرسالة كثيراً من رسالة ابن ميمون "دليل الحيران". وحذا حذو إبراهام بن عزرا وآخرين في الارتياب في تأليف موسى للأسفار الخمسة الأولى. وأنكر أن يشوع هو الذي ألف سفر يشوع، ونسب الأجزاء التاريخية في العهد القديم إلى القسيس الكاتب عزرا في القرن الخامس قبل الميلاد. أما سفر أيوب فقد ذهب إلى أنه من عمل الأمميين (الكفار) ثم ترجم إلى العبرية. ولم تلق كل هذه النتائج قبولاً لدى الباحثين المتأخرين، ولكنها كانت خطوة جريئة نحو التعرف على ريتشارد سيمون 1678 تحت عنوان "نقد العهد القديم". وأوضح سبينوزا أنه في حالات كثيرة، تكررت نفس القصة أو القطعة في مواضع مختلفة من الكتاب المقدس، بنفس الألفاظ أو في روايات محرفة، توحي إحداها بالاقتباس العادي من مخطوطة قديمة، وتثير أخرى التساؤل عن بيان "كلمة الله"
    ( لكن رغم ذلك فلقد كان إسبنوزا متعصباً لقوميته وكان يحلم بأن اليهود سيقيمون دولتهم الجديدة وأن الله سيختارهم للمرة الثانية ، وهذه الآراء كانت سبباً في تعظيم الكيان الصهيوني له رغم أنه مطرود من اليهودية ولإشادة بن غورين به.

    وقد ذكر كتاب لدونر 1955 بأن إسبنوزا يفيد أمريكا في محاربتها للشيوعية وأن تعليمه يمكن أن تقتبس أثناء وضع الخطط اللازمة للدفاع ضد العدوان السوفيتي في مجال الفكر ، ويجد في بعض نصوصه ما يعتقد أن يؤيد الرأي القائل بوجب حل المنازعات بين الدول بالالتجاء إلى الأمم المتحدة " ولنتذكر عقد أو مجمع مسكوني من قبل قسطنطين لفض الخلاف بين آريوس وإثناسيوس وما ترتب عليه ولنتعظ من ذلك.
    ويقول لوكاس عن إسبنوزا :
    "كان أنيقاً غاية الأناقة في مظهره، ولم يغادر قط بيته دون أن يرتدي من الثياب ما يميز السيد المهذب الماجد عن المتحذلق . واتسم سلوكه بالرزانة والوقار مع الظرف والرقة. وقال أولدنبرج "أن علمه الراسخ اقترن بالروح الإنسانية والدماثة ". وكتب بيل "أن كل الذين تعرفوا على سبينوزا يقولون بأنه كان اجتماعياً لطيف المعشر، أميناً، ودوداً حسن الخلق ". ولم يتحدث إلى جيرانه بأية هرطقة، بل على العكس شجعهم على الاستمرار في الذهاب إلى الكنيسة، ورافقهم من آن لآخر ليستمع إلى موعظة، وكان أكثر من أي فيلسوف حديث آخر يتمتع بالهدوء الناجم عن ضبط النفس، وقلما رد على النقد، وتناول في رده الأفكار والآراء، لا الأمور الشخصية.

    ربما استطردنا في حديثنا عن إسبنوزا لكن هذا المقالة دحرجت من معلومة لأخرى وكانت غايتنا الوقوف فقط عند دقة قول برنادشو وتصريحاته حول الإسلام ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، لكن مراجعتنا لسيرة أديب ساخر وأقواله العميقة جعلتنا نتوسع في هذه المقالة وصولاً لتأثر أوربا بالثقافة الإسلامية
    وأخيراً نعرض أقوالاً لبرنارد شو عن الإسلام يقول:

    " لقد وضعت دائماً دين محمد موضع الاعتبار السامي بسبب حيويته العظيمة ، فهو الدين الوحيد الذي يلوح لي أنه حائز على أهلية العيش لأطوار الحياة المختلفة بحيث يستطيع أن يكون جذاباً لكل زمان ومكان ، لقد صور " أكليروس القرون الوسطى " الإسلام بأحلك الألوان إما بسبب الجهل وإما بسبب التعصب "
    ثم يضيف قائلاً :

    " لقد درست محمداً باعتباره رجلاً عظيماً فرأيته بعيداً عن مخاصمة المسيح ، بل يجب أن يدعى " منقذ البشرية " وإنني لأعتقد أن رجلاً مثله لو تولى حكم العالم الحديث لنجح في حل مشكلاته بطريقة تجلب إلى العالم السلام والسعادة اللذين هو في أشد الحاجة إليهما ، وفي الوقت الحاضر دخل كثير من أبناء قومي من أهل أوروبا في دين محمد حتى ليمكن أن يقال إن تحول أوربا إلى الإسلام قد بدأ ، لقد بدأت أوروبا الآن تعشق الإسلام ، ولن يمضي القرن الحادي والعشرين حتى تكون أوروبا كله قد بدأت تستعين به في حل مشاكلها




    ويقول الفيلسوف جورج برناردشو :
    "الإسلام هو الدين الذي نجد فيه حسنات الأديان كلها ، ولا نجد في الأديان حسناته ! ولقد كان الإسلام موضع تقديري السامي دائماً ، لأنه الدين الوحيد الذي له ملكة هضم أطوار الحياة المختلفة ، والذي يملك القدرة على جذب القلوب عبر العصور ، وقد برهن الإسلام من ساعاته الأولى على أنه دين الأجناس جميعاً ، إذ ضم سلمان الفارسي وبلالاً الحبشي وصهيباً الرومي فانصهر الجميع في بوتقة واحدة " .

    George Bernard Shaw :
    I have very carefully studied Islam and the life of its Prophet (PBUH). I have done so both as a student of history and as a critic. And I have come to conclusion that Muhammad (PBUH) was indeed a great man and a deliverer and benefactor of mankind which was till then writhing under the most agonising Pain.

    I have always held the religion of Muhammad in high estimation because of its wonderful vitality. It is the only religion which appears to me to possess that assimilating capability to the changing phase of existence which can make itself appeal to every age... I have studied him - the wonderful man, and in my opinion far from being an Anti-Christ he must be called the Saviour of Humanity.
    Interview (April 1935), as quoted in "The Genuine Islam", Vol. 1, January 1936.


    المراجع
    مسرحية الزواج – برنارد شو
    قصة الحضارة – ول ديورنت
    كتاب برنارشو - عباس محمود العقاد مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة - القاهرة – مصر
    مواقع إلكترونية
    www.azquotes.com

    طارق شفيق حقي
    تعليقات كتابة تعليق

    اضغط هنا للدخول

    رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.