• ما قصة المثل العربي : " وافق شن طبقة"

    ما قصة المثل العربي : " وافق شن طبقة"

    رغب شن أن يكمل نصف دينه بالزواج، فأخذ يبحث عن شريكة لحياته تتمتع بالعقل الراجح؛ فتاة لمّاحة ثرّية بالمعرفة والقدرة، أن تكون شريكة لحياته، فقيل له إنه سيجد حاجته في أهل المدينة المنوّرة، فقرر السفر إليها، وفي بداية الطريق لقي شن رجلاً مسنّاً فسأله: هل أنت في طريقك إلى المدينة؟ ثم سأله بعد أن ردّ عليه المسن إنه من أهل المدينة ومتجه إليها: هل تركب، أم أركب أنا؟ فاستغرب الرجل المسن سؤاله وقال: كلنا راكب، ماذا تسال؟

    في اليوم الثاني شاهد شن أناساً يحصدون الزرع، فسأل الرجل المسنّ: يا تُرى هل أكلَ الناس زرعَهم؟ فأجابه: كيف أكلوا الزرع وهم ما زالوا يحصدونه؟!
    وفي عصر ذلك اليوم مرا بجنازة، قال شن لرفيق دربه: رحمة الله عليه، هل تعتقد أنه حي؟ رد المسن باستغراب: هو في كفنه محمول، فكيف يكون حياً؟
    وقبل الوصول إلى المدينة بانت مشارفها فسأله شن قائلاً: كيف حال البعيد، هل أصبح قريباً؟ استغرب المُسنّ مره أخرى ولم يكلّف نفسه عناء الرد.
    أيام مضت وهاهما في المدينة المنورة، وعندما وصلا الدار قال له شن: دعني أحمل عنك متاعك، وكيف حال الاثنتين؟
    بالرغم من أن المُسنّ كان يظن أن شن أبله، إلا أن كرم الضيافة حتّم عليه أن يدعوه إلى داره لتناول العشاء؟ ثم كان سؤاله: كيف حال الجماعة؟ هل تفرقوا؟ ومرة أخرى يستغرب المُسنّ، ولم يكلف نفسه عناء الرد.
    ثم دخلا الدار، فقصّ المسنّ على ابنته حديث ضيفه غريب الأطوار، كما حدّثها عن بلاهة وغرابة طبعه، وأخبرها عن حُسن أخلاقه وشكله، وأردف: لكنني أظنه أبله، ولما استفسرت ابنته عن سبب ظنه هذا، أعاد لها أسئلته الغريبة التي طرحها عليه في الطريق، فقالت له ابنته: بل إنه رجل ذكي يا والدي؛ فعندما سألك: هل تركب أم أركب؟ قصد به هل تبدأ الحديث أم أبدأ أنا؟ وحينما سألك عن الزرع، كان يقصد هل باعه أصحابه قبل حصاده وصرفوا قيمته؟ أما سؤاله حول الجنازة والميت هل هو حي؟ قصد هل له ابن يخلفه ويحيي ذكره؟
    ولدى سؤاله عن حال الاثنين هل أصبحوا ثلاثة، أراد الاستفسار عن قدميك؛ هل أنت بحاجة إلى رجل ثالثة، وهي العصا، لتستعين بها في المشي.
    أما قصده بسؤاله عن الجماعة تفرقوا أو تجمعوا، فكان غرضه الاطمئنان عن أسنانك هل تفرقت أم مازالت قوية؟
    وعندما سألك عن البعيد، فكان يقصد الاستفسار عن بصرك؛ هل ضعفت رؤيتك للبعيد..
    فعندما سمع الشيخ المسنّ شرْح ابنته وتفسيرها للأسئلة التي كان يطرحها عليه شن أثناء الطريق، عرف قيمته، وقال بلهجة تشوبها السماحة والاعتذار: لقد ظلمتك يا سيدي قبل أن أعرف تفسير أسئلتك، وأخبره أن ابنته هي التي كشفت له غموض هذه الأسئلة.
    وعندما قدّمت ابنة الشيخ المُسنّ الطعام، وجدها ممشوقة القوام، جميلة الملامح، ناصعة البياض، تشعّ من عينيها ملامح الفطنة والذكاء، فقال شن لمضيفه: أنا يا سيدي من أسياد قبيلة طي، إذا كانت ابنتك تقبل بزواجي فأنا أطلب يدها.
    فتمّت الموافقة وأصبح المثل ينطبق عليهما تماماً: "وافق شنّ طبقة".
    تعليقات كتابة تعليق

    اضغط هنا للدخول

    رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.