أولويّة التراث
أولويّة التراث وسمته المطلقة أو كيف يحكم الماضي على الحاضر
يمثّل "حزب التحرير" التعبير الأكثر غلوّا للتيّار الديني المحافظ. وقد تكوّن هذا الحزب بعد سقوط السلطنة العثمانيّة وبعد الإحتلال الإستيطانيّ لفلسطين، فكان ردّ فعل على هاتين الصّدمتين إذ أضفى صفة المثل العليا على أساليب الحكم والنظم الإقتصاديّة والإجتماعيّة التي كانت سائدة قبل السقوط المدوّي، فجاء مفعما بالحنين إلى الماضي لدرجة تقديسه واعتبار الرّجوع إليه خشبة الخلاص للأمّة الممزّقة وللأرض المستباحة.
على غرار مكوّنات التيّار المحافظ الأخرى، لا يعترف "حزب التحرير" بأثر الزّمن على المجتمعات البشريّة، ولا يقرّ بأثر البيئة المادّية على تصوّرات النّاس ونظم العلاقات والأحكام والمؤسّسات.
فلئن قرّرابن خلدون أنّ "اختلاف الأمم في أحوالهم إنّما هو باختلاف نحلتهم من المعاش " (1) فإنّ التصوّر المحافظ ينفي ذلك نفيا تامّا ويضفي القداسة على التراث، فالنصوص بمعناها الواسع، المتضمّنة للقرآن والحديث وأقوال الصحابة و التّابعين وأحكام الفقهاء، هي نُصوص مطلقة لا ترتبط بسياق معيّن، بل تتعالى على الزمان و المكان، وتشمل جميع مناحي الحياة لا فرق في ذلك بين العبادات والمعاملات.
إنّها كلّ لا يتجزّأ، وملزمة بذاتها وليس بالمصلحة التي قد تُجنى من ورائها، إذ هي عامّة شاملة ومطلقة، فما أنتجه واقع القرون الأولى من التّاريخ الإسلاميّ كأحكام و مؤسّسات ونظم إقتصاديّة ليس تاريخا مضى وانقضى، بل هو نموذج على الأجيال التّالية أن تحاكيه، وكل ما خالفه مرفوض جملة وتفصيلا.
واستنادا إلى ثنائيّة الحقّ و الباطل، الهدى و الضّلال، الإسلام و الكفر، يغدو كلّ ما هو غريب عن تاريخ المسملمين أمرا مقرونا بالكفر، لذلك لا يمكن للرأسماليّة أو الإشتراكيّة إلآ أن تكون أنظمة كفر، والأخذ بشيء منها فسق أمّا إتّباعها فكفر محض !
إنّ الخلط بين المعتقد الدّينيّ و النّظام الإجتماعيّ يبلغ ذروته لدى التيّار المحافظ، الذي يستوحي تصوّراته من الإرث الفقهيّ الأكثر نصّية و تشدّدا، فينظر إلى الملكيّة نظرة فقهيّة تؤدّي إلى تحريم الجمعيّات التعاونيّة وشركات الاسهم والتأمين وجميع أشكال الملكيّة المستحدثة لعدم وجودها ضمن المدوّنة الفقهيّة !
أولويّة التراث وسمته المطلقة أو كيف يحكم الماضي على الحاضر
يمثّل "حزب التحرير" التعبير الأكثر غلوّا للتيّار الديني المحافظ. وقد تكوّن هذا الحزب بعد سقوط السلطنة العثمانيّة وبعد الإحتلال الإستيطانيّ لفلسطين، فكان ردّ فعل على هاتين الصّدمتين إذ أضفى صفة المثل العليا على أساليب الحكم والنظم الإقتصاديّة والإجتماعيّة التي كانت سائدة قبل السقوط المدوّي، فجاء مفعما بالحنين إلى الماضي لدرجة تقديسه واعتبار الرّجوع إليه خشبة الخلاص للأمّة الممزّقة وللأرض المستباحة.
على غرار مكوّنات التيّار المحافظ الأخرى، لا يعترف "حزب التحرير" بأثر الزّمن على المجتمعات البشريّة، ولا يقرّ بأثر البيئة المادّية على تصوّرات النّاس ونظم العلاقات والأحكام والمؤسّسات.
فلئن قرّرابن خلدون أنّ "اختلاف الأمم في أحوالهم إنّما هو باختلاف نحلتهم من المعاش " (1) فإنّ التصوّر المحافظ ينفي ذلك نفيا تامّا ويضفي القداسة على التراث، فالنصوص بمعناها الواسع، المتضمّنة للقرآن والحديث وأقوال الصحابة و التّابعين وأحكام الفقهاء، هي نُصوص مطلقة لا ترتبط بسياق معيّن، بل تتعالى على الزمان و المكان، وتشمل جميع مناحي الحياة لا فرق في ذلك بين العبادات والمعاملات.
إنّها كلّ لا يتجزّأ، وملزمة بذاتها وليس بالمصلحة التي قد تُجنى من ورائها، إذ هي عامّة شاملة ومطلقة، فما أنتجه واقع القرون الأولى من التّاريخ الإسلاميّ كأحكام و مؤسّسات ونظم إقتصاديّة ليس تاريخا مضى وانقضى، بل هو نموذج على الأجيال التّالية أن تحاكيه، وكل ما خالفه مرفوض جملة وتفصيلا.
واستنادا إلى ثنائيّة الحقّ و الباطل، الهدى و الضّلال، الإسلام و الكفر، يغدو كلّ ما هو غريب عن تاريخ المسملمين أمرا مقرونا بالكفر، لذلك لا يمكن للرأسماليّة أو الإشتراكيّة إلآ أن تكون أنظمة كفر، والأخذ بشيء منها فسق أمّا إتّباعها فكفر محض !
إنّ الخلط بين المعتقد الدّينيّ و النّظام الإجتماعيّ يبلغ ذروته لدى التيّار المحافظ، الذي يستوحي تصوّراته من الإرث الفقهيّ الأكثر نصّية و تشدّدا، فينظر إلى الملكيّة نظرة فقهيّة تؤدّي إلى تحريم الجمعيّات التعاونيّة وشركات الاسهم والتأمين وجميع أشكال الملكيّة المستحدثة لعدم وجودها ضمن المدوّنة الفقهيّة !
حدثت الأخطاء التالية عند الإرسال