• فلسفة اللون في إخراج ديوان ( أنا من خيال )



    للمولود البكر فرحة لا تضاهى ؛ حتى إن كان في زمن يمثل للإنسان فترة البدايات التي قد لا تحوي خبرات كافية تعادل الخبرات التي ستكتسب من خلاله لتكون رافدا لمن يأتي بعده..لكن هذا المولود يستحوذ على الفكر والشعور قبل قدومه بزمن قد يطول ؛ فيخطط له ويختار كل ما يتعلق به ..وهنا نستطيع القول إن ذاك الوليد مثل شخصية من أسهم في إيجاده بشكل واضح – على الأقل في تلك المرحلة ؛ إذ الإنسان مستمر في التطور والتغير فيما هو قابل لذلك بعيدا عن الثوابت التي قد ينالها جانب من ذلك بحسب قوة المؤثرات - ...

    ومصداق ذلك باكورة أعمال الشاعرة أحلام الحميد التي وسمتها بـ ( أنا من خيال ) ؛ إذ إن الشاعرة قد عمدت إلى إطالة فترة الإعداد لإخراج هذا الديوان على الأصعدة كافة من إبداعية فنية ، إلى تقنية إخراجية بصورة تحسن تمثيلها لدى المتلقي..
    ولعل المدخل الحسي الأول لعالم الشاعرة يتمثل في غلاف الديوان وصفحاته وذاك البذخ الذي نم عنه اللون ووشت به الأوراق ؛ إذ عن طريقه نستطيع معرفة أسرار ذات الشاعرة ، وسبر أغوارها ، والوقوف على طبائعها ، والمؤثرات فيها ..وإضاءة شمعة في دهاليز النفس الإنسانية التي لا يعرف أسرارها إلا خالقها ...
    فلون الغلاف ( الأرجواني ) لون يرتبط بحدة الإدراك والحساسية النفسية ، وهو لون ينم عن إنسان مثالي يميل إلى الأفكار الإبداعية ، ويملك ثقة نفسية لا يستهان بها ؛ قد تجعل من حوله يرونه سريع الخاطر وذكيا وكثير الفخر...هذا اللون يوحي بالبراءة والشباب ؛ إذ إنه يملك خصائص الألوان التي شكلته ؛ فهو لون مزيج ليس بصاف...ومن هنا جمع بين الموضوعية والذاتية... اختيار هذا اللون - الذي يعد من الألون الثانوية - يرمز إلى العاطفة ، ويشير إلى الطموح والعملية والنشاط والانبساطية ، لون يعكس قدرة على التأمل والتفكير...
    ويأتي ما نقش على الغلاف من رسم أو كلمات ليكون معززا لهذه التفسيرات...
    أما اللون الداخلي للديوان ( صفحاته ) فهو لون يعزز اللون السابق ويكمله وينسجم معه ؛ إذ جاء لإحداث بعض التوازن ، كما أنه يفيد في حال سيطرة المشاعر على الأفكار ، وهنا نلحظ المفارقة الجميلة في اجتماع الألوان...الصفحات الداخلية صفحات جاءت بلون المرح والذكاء والإبداع ، حملت روح التحفز والنشاط ، وسكبت ضياء النهار وإشراقته ، وأثارت الانشراح...مع جنوح لسفر روحي تجاه أجواء هاطلة تضفي جمالا وتومئ لطاقة قوية وتفكير كثير ونفس مرهفة...
    لعل ما تقدم من تحليل رسم أبرز سمات شخصية الشاعرة التي حكاها تصميم الديوان ووشى بها ، وشرع الأبواب لدراسات أدبية نفسية أو غيرها تستطيع الولوج إلى صومعة الشاعرة وطرق عالم النص الذي ما هو إلا انعكاس لتلك الذات الشاعرة بكل ما تحمل من سمات إنسانية ...
    هذه المقالة نشرت أصلا في موضوع المنتدى : فلسفة اللون في إخراج ديوان ( أنا من خيال ) ودلالته على ذات الشاعرة كتبت بواسطة د.ابتسام التميمي مشاهدة المشاركة الأصلية
    تعليقات كتابة تعليق

    اضغط هنا للدخول

    رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.