• حب في المطعم الصيني - طارق شفيق حقي

    حب في المطعم الصيني


    في كل مرة أنتظرها ، كنت أحاول أن أكتب شيئاً ما، تعلمت أن الكلمات إذا ضلت الطريق عني كنت سألهو بالرسم، كان الرسم منقذي الوحيد بينما كانت الكلمات تعذبني كثيراً خاصة حين كنت أعود إليها بعد رحيلها.

    لازلت أذكر السجن الذي بنيته لحواسي الخمس
    وحده قلمي حين الرسم كان يحررني
    في دائرة الساعة الرتيبة تبقى عيناي تلاحقان العقارب في دورانهم ، كم كنت غبياً إذ فكرت في جدوى الصبر على امرأة تتذاكى حيث تطيل انتظاري.

    - بين همهمات رواد المطعم من حولي كانت أذناي تسترقان السمع تحاولان تمييز صوت خطواتها رغم ارتفاع صوت الموسيقا.

    - بين شتى أنواع العطور كان أنفي يتحسس كل عطر، ربما يتحسس عطرها فور دخولها فأبادرها بالتفاتي نحوها معلنا تصفيق روحي لحضورها.

    - ربما ملني النادل وأنا أطلب منه فنجاناً جديداً من القهوة أعلن استنفاراً بكثرة المنبهات، وحدها تلك الخطوط والدوائر التي كنت أرسمها كانت تعيدني لذاتي فلا أشعر إلا وهي أمامي بنظرتها المحيرة، فأطيل تأملها ثم أقف وأسلم عليها وأسحب الكرسي بكل لطف حتى تجلس.

    - طوال مدة جلوسنا الطويلة كنت أحبس يدي بمسك أطراف أصابعها.

    - انظر في عينيها أقول: يا ملاكاً ضائعاً بين البشر ، تبتسم نصف ابتسامة ثم تغيض روحها عني.

    - نظرت خارجاً كنا نجلس بجانب النافذة دائماً، قلت لها هل أفتح النافذة حبيبتي؟

    - - هزت برأسها ببرود.

    - عاجلتنا نسمات الشتاء الباردة، سارعت بالإشارة للنادل فأطلق أغنية يتكرر فيها اسمها أكثر من مرة.

    - ثم أشرت له فجلب طاقة زهر تسحر الألباب ، وضعها على الطاولة ...، نظرت فيها وأخذت تلمس أطرافها.

    - بعد برهة افترشت المأكولات الصينية الطاولة ، فأشعلت شمعتين وبدأت أقرأ لها بصوت مرتفع القصيدة التي كتبت وعلى مسمع الجميع.

    -
    أنهيت قصيدتي بقولي : اشهدوا أيها الكرام أني أحبها أحبها أحبها.

    - قالت لي حين جلست : يا مجنون.
    - رن هاتفي ، كان صديقي من مكتبه السياحي.
    - قلت بسرعة، أين تريدين قضاء شهر العسل حبيبتي ؟.
    - قالت لم أفكر بعد.

    - قلت : ما رأيك أن نسافر إلى هاوي ، ثم نستقل مركباً لمدة أسبوع في قلب المحيط.
    - قالت: جميلة هي هاوي.

    - حسنا لتكن إذن هاوي صديقي.

    - كان الهواء يتسلل بارداً جداً وحبات المطر بدأت تهطل، حينذاك جلس شاب وفتاة أسفل النافذة على الرصيف.
    - بعد لحظة قالت الفتاة : هيا لندخل لهذا المطعم، أنا جائعة لم أتناول طعام الغداء بعد.

    - قال الشاب: يا كاذبة ألم تقولي أن حماتي طبخت لكم الرز بالفول، ضحكت الفتاة ملياً.

    - لكن لا بأس هيا لنأكل قرنين من الذرة المسلوقة، ثم انصرفا.
    - نظرت فيَّ خطيبتي طويلاً وقالت: حبيبي قل لي ولو مرة واحدة كلمة صادقة.

    - نظرت فيها وقلت: يا كاذبة.
    - فما كان منها إلا أن احمرت ورمت الخاتم في وجهي وانصرفت معلنة إطلاق سراحي منها ومن الطعام الصيني.

    طارق شفيق حقي
    1/4/2009
    تعليقات كتابة تعليق

    اضغط هنا للدخول

    رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.