• المغرب في محكمة سيبويه

    قامت محكمة سيبويه النحوية بوصفها الوصي الشرعي على حفظ قواعد اللغة العربية وعدم خرقها من أية جهة كانت برفع دعوى تاريخية ضد ظاهرة فريدة في المغرب تمثلت في رفع الأسعار وخفض القدرة الشرائية خلافا لما تقتضيه مصلحة البلاد وقواعد النحو.

    الأسماء في اللغة العربية معربة ومبنية، والنوع الأول يقبل الحركات الإعرابية الثلاث كما تقبل الحكومة المغربية الزيادة في الأسعار بذريعة وبغير ذريعة، لكن الذي لا تقبله اللغة العربية هو أن تأخذ الأسعار الحركات الإعرابية الثلاث في جملة الكلام، أما في كلام الجملة والتقسيط فلا تستقر إلا على حركة واحدة هي الرفع في جميع الجهات والمناسبات مع أنها غير مبنية على أساس اجتماعي معقول يرفع من مستوى عيش السكان وولوجهم إلى الخدمات الاجتماعية. موازاة مع ذلك تقتصر حركة القدرة الشرائية على الخفض أو الكسر حيث تخفض وتكسر معها سواعد الأمة وتخرق جيوبها عن بعد دون أن يكون أي منها خارج التغطية كما تجيب الرسالة اللبقة في المناطق المصنفة خارج جغرافيا التنمية الانتقائية، لترفع الفاتورة التي يؤديها المواطن لشركات الاتصالات وهي المرفوعة أصلا في وقت يرفع فيه الحساب والنقد عن هذه المفترسات والضواري الاقتصادية، وبين الرفع والخفض يتأرجح النصب كحركة إعرابية وكجريمة اقتصادية تستهدف ملازمة الشعب المسحوق في حين تبقى الأقلية الساحقة مرفوعة على الفاعلية لأنها تفعل بنفسها وبغيرها ما تريد ولا حساب عليها لأن الرفع يقتضي أيضا رفع الحساب عنها.
    وهكذا تتعسف الجهات المسؤولة ولا تنضبط بضابط من نحو أو غيره وهي لا تنفك تدعو المواطنين للانضباط للقانون معطية في ذلك دروسا نظرية هي أبعد ما تكون عن التطبيق.
    وقد أصدر المدعي العام بمحكمة النحو أمرا باعتقال الجاني وجره بحروف الجر، وتقييده بحروف الجزم وأسماء الشرط، حتى يعترف بالمنسوب إليه أمام هيأة مكونة من الأسماء والحركات الإعرابية وشهود من المفعول به والمفعول المطلق والحال والتوكيد، وقرئ صك الاتهام وتكلم الشهود بما علموا وما كانوا للغيب حافظين فأكد المفعول به أنه رأى علامة الرفع على الأسعار وأكد الحال أنه خاف من أن تنتقل إليه عدوى الرفع ففضل متابعة القضية عن بعد، فيما جاء التوكيد معززا شهادة زميليه في العمل القضائي وزاد بأن القدرة الشرائية تعسف عليها الخفض فلم يفارقها، وهي التي تشترك معه نظريا في نفس الحكم الذي هو الفتح إلا أنه لم يفتح عليها إلا باب الرفع في انتظار أن تفتح الحكومة عقولها وقلوبها.
    مهما كان موقعها من جملة القرارات الحكومية المختلة الشكل والمعنى فقرارات الزيادة في الأسعار ترفع من رصيد الحكومة في بنك العجز عن التسيير الناجع للبلاد بعيدا عن الخطب الجوفاء التي لا يفرق بينها وبين الأحلام إلا كونها لا تتحقق مطلقا في حين أن بعضا من الأحلام يتحقق، ولا أدري لماذا لا تكون مصدر إلهام للمبدعين لأنها تتفوق على الخيال.
    والأهم من خرق القانون اللغوي للسان العربي هو خرق القانون الإنساني والاجتماعي واتخاذ الشعب المغلوب دروعا بشرية في مواجهة الفقر وترك هذا الأخير يجرب أسلحته الفتاكة والمدمرة على أفراد لا ذنب لهم إلا أن طريق الوصول إلى السلطة لم يعبد ولم يفتح أمامهم. أما الفقر فهو يقتحم الحدود بلا تأشيرة ولا جواز سفر في وقت تغلق فيه الحدود وتضاعف الإجراءات أمام المساعدات والاستثمارات التي لا تكون حصة المسؤولين فيها أكبر من حصة الأسد الذي استقال من منصبه كملك للغابة حين لم تعد الغابة ملكا وله ولعائلته بفعل سطو الغير عليها ليعطي درسا للمتمسكين بمناصبهم والتي يعضون عليها بالنواجذ.
    وفد حكمت الهيأة القضائية بإدانة المسؤولين وتثبيت التهم الموجهة إليهم مع إلزامهم بحضور دروس أولية في النحو، وإلا سلبت منهم حرية رفع أجورهم وخفض ضرائبهم حتى يتساووا مع السكان في هذين الدرسين النحويين.
    عبد الرحمن احميداني
    إعلامي/الرشيدية
    هذه المقالة نشرت أصلا في المدونة : المغرب في محكمة سيبويه كتبت بواسطة احميداني
    تعليقات كتابة تعليق

    اضغط هنا للدخول

    رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.